الأصحاح الخامس – تفسير رسالة تيموثاوس الأولى – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1لاَ تَزْجُرْ شَيْخًا بَلْ عِظْهُ كَأَبٍ، وَالأَحْدَاثَ كَإِخْوَةٍ، 2 وَالْعَجَائِزَ كَأُمَّهَاتٍ، وَالْحَدَثَاتِ كَأَخَوَاتٍ، بِكُلِّ طَهَارَةٍ.".

علي الرعاة أن يكونوا حكماء في معاملتهم مع كل فئة وكل فرد من أفراد الرعية، حتي يكسبوا الكل، علي الراعي أن يكون رحيما لكن حازماً، ولكن لكل واحد معاملة تختلف عن الآخر، مع ملاحظة أن الرعاية ليست سلطة بل حب، ولاحظ أن التعامل مع الحدثات يكون بكل طهارة حتي لا يتعثر أحد. وعلي ألا تكون في المعاملة مجاملة أو مداهنة علي حساب الحق وخلاص النفوس.

الأعداد 3-8

الآيات (3 - 8): -

"3أَكْرِمِ الأَرَامِلَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ. 4 وَلكِنْ إِنْ كَانَتْ أَرْمَلَةٌ لَهَا أَوْلاَدٌ أَوْ حَفَدَةٌ، فَلْيَتَعَلَّمُوا أَوَّلاً أَنْ يُوَقِّرُوا أَهْلَ بَيْتِهِمْ وَيُوفُوا وَالِدِيهِمِ الْمُكَافَأَةَ، لأَنَّ هذَا صَالِحٌ وَمَقْبُولٌ أَمَامَ اللهِ. 5 وَلكِنَّ الَّتِي هِيَ بِالْحَقِيقَةِ أَرْمَلَةٌ وَوَحِيدَةٌ، فَقَدْ أَلْقَتْ رَجَاءَهَا عَلَى اللهِ، وَهِيَ تُواظِبُ الطِّلِبَاتِ وَالصَّلَوَاتِ لَيْلاً وَنَهَارًا. 6 وَأَمَّا الْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ. 7فَأَوْصِ بِهذَا لِكَيْ يَكُنَّ بِلاَ لَوْمٍ. 8 وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ.".

الرسول هنا يعالج موضوع الأرامل، ويقول أنه عوضاً عن أن تعيش الأرملة بعد وفاة زوجها في تعاسة، فليكن لها عمل روحي أو خدمة في الكنيسة، وبهذا صارت الأرامل تمثل طغمة معينة لها كرامتها وعملها الإيجابي في الكنيسة، لا تتلمس الأرامل عطف الجميع، بل وضعهم الرسول هنا في تنظيم كنسي مرتب بخدمة لها أجر.

أَكْرِمِ الأَرَامِلَ = أي ينفق عليهن من صندوق الكنيسة بكرم،.

اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ = هو يميز بين من لهن من يعولهن وبين من ليس لهن. فالكنيسة تنفق علي من ليس له مصدر دخل، وآية 4 نري فيها أن أبسط مبادئ القواعد الإنسانية أن يعول الإنسان أمه أو جدته والكنيسة تلتزم بمن ليس لها أحد يعولها علي أن توفر لها أيضاً خدمة إيجابية. وفي آيات 5، 6 يحدد شروط الأرملة التي تعولها الكنيسة:

  1. فقدت رجلها وصارت وحيدة، إذاً ليس لها أولاد أو حفدة.
  2. ألقت رجائها علي الله، مثل هذه تحتضنها الكنيسة.
  3. تواصل الصلوات.
  4. لا تعيش حياة مترفة مدللة.

وَأَمَّا الْمُتَنَعِّمَةُ فَقَدْ مَاتَتْ وَهِيَ حَيَّةٌ = أي تحيا في المسرات (ترجمة أخري) متلذذة بلذائذ الحس في مغالاة، والحياة في الملذات تهدم الحياة الروحية، ومن يحيا في لذة هو روحياً ميت ولكنه حى جسدياً، فهو يعيش من أجل بطنه.

7فَأَوْصِ بِهذَا = أي لا يكن لهن حياة متنعمة، وإلا فلا يصلحن أن يكن أرامل بالحقيقة الأرامل = أي أرامل لهن مرتبات ولهن خدمة فى الكنيسة.

وفي 8 نري المؤمن ملزم برعاية أهله = بِخَاصَّتِهِ.

الرسول إستغل الكلام عن الأرامل ليعلن مبدأ هام، فإذا كان المؤمن عليه الإهتمام بكل إنسان فالأولي أهل بيته.

الأعداد 9-16

الآيات (9 - 16): -

"9لِتُكْتَتَبْ أَرْمَلَةٌ، إِنْ لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً، امْرَأَةَ رَجُل وَاحِدٍ، 10مَشْهُودًا لَهَا فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ، إِنْ تَكُنْ قَدْ رَبَّتِ الأَوْلاَدَ، أَضَافَتِ الْغُرَبَاءَ، غَسَّلَتْ أَرْجُلَ الْقِدِّيسِينَ، سَاعَدَتِ الْمُتَضَايِقِينَ، اتَّبَعَتْ كُلَّ عَمَل صَالِحٍ. 11أَمَّا الأَرَامِلُ الْحَدَثَاتُ فَارْفُضْهُنَّ، لأَنَّهُنَّ مَتَى بَطِرْنَ عَلَى الْمَسِيحِ، يُرِدْنَ أَنْ يَتَزَوَّجْنَ، 12 وَلَهُنَّ دَيْنُونَةٌ لأَنَّهُنَّ رَفَضْنَ الإِيمَانَ الأَوَّلَ. 13 وَمَعَ ذلِكَ أَيْضًا يَتَعَلَّمْنَ أَنْ يَكُنَّ بَطَّالاَتٍ، يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ. وَلَسْنَ بَطَّالاَتٍ فَقَطْ بَلْ مِهْذَارَاتٌ أَيْضًا، وَفُضُولِيَّاتٌ، يَتَكَلَّمْنَ بِمَا لاَ يَجِبُ. 14فَأُرِيدُ أَنَّ الْحَدَثَاتِ يَتَزَوَّجْنَ وَيَلِدْنَ الأَوْلاَدَ وَيُدَبِّرْنَ الْبُيُوتَ، وَلاَ يُعْطِينَ عِلَّةً لِلْمُقَاوِمِ مِنْ أَجْلِ الشَّتْمِ. 15فَإِنَّ بَعْضَهُنَّ قَدِ انْحَرَفْنَ وَرَاءَ الشَّيْطَانِ. 16إِنْ كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَوْ مُؤْمِنَةٍ أَرَامِلُ، فَلْيُسَاعِدْهُنَّ وَلاَ يُثَقَّلْ عَلَى الْكَنِيسَةِ، لِكَيْ تُسَاعِدَ هِيَ اللَّوَاتِي هُنَّ بِالْحَقِيقَةِ أَرَامِلُ.

هنا يعالج الرسول موضوع إختيار الشماسات، ولاحظ أنه ليس كل أرملة تصلح أن تكون شماسة، والشماسات كان لهن تنظيم كنسي وكانوا في الترتيب بعد الأسقف والكاهن والشماس، هن بلا رتبة كهنوتية لكن لهن نصيب في التنظيم الكنسي، وكان لهن مرتب من الكنيسة وشروط الشماسة:

  1. لَمْ يَكُنْ عُمْرُهَا أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً: حتي لا يتعثر أحد بتنقلاتها بين بيوت الفقراء والمرضي لخدمتهم، وأيضا مرافقتهن الأسقف والكاهن عند زيارة بعض البيوت لخدمة نساء أو فتيات أو عند عماد فتيات.
  2. امْرَأَةَ رَجُل وَاحِدٍ = أي لا تكن قد تزوجت بأكثر من رجل واحد.
  3. 10مَشْهُودًا لَهَا فِي أَعْمَال صَالِحَةٍ.
  4. تَكُنْ قَدْ رَبَّتِ الأَوْلاَدَ.
  5. أَضَافَتِ الْغُرَبَاءَ.
  6. غَسَّلَتْ أَرْجُلَ الْقِدِّيسِينَ = أي قامت بأحقر الخدمات لهم، لمن هم في ضيقة من أخوة الرب (مت 25: 40).

أَمَّا الأَرَامِلُ الْحَدَثَاتُ فَارْفُضْهُنَّ = يخشي الرسول من العثرة التي تصدر عن الأرامل الحدثات لئلا يبطِرْنَ عَلَى الْمَسِيحِ = أي يتمردن علي ناموس المسيح الذي سبق وإلتزموا بطاعته وخدمته، بطرن هنا أي تمردن علي حياة التكريس للمسيح.

الإِيمَانَ الأَوَّلَ = أي وعدهن بالتكريس وأن يكن عرائس للمسيح العريس الواحد. وهذا الرجوع عن التكريس بتكرار زواجها كأنه رجوع عن الإيمان.

إذاً الإِيمَانَ الأَوَّلَ = العهد الأول. هؤلاء كان الأفضل لهن أن يتزوجن قبل أن يكتتبن فى قوائم الأرامل فيتكرسن ثم يرتدوا عن العهد. مثل هؤلاء الحدثات، إذ يتركن عريس نفوسهن يدخلن في حالة من البطالة.

يَطُفْنَ فِي الْبُيُوتِ = كانوا يطفن للوعظ والإفتقاد فصارت الزيارات للكلام الفارغ، وهن يدخلن البيوت ويعرفن أسرار البيوت وتكون مادة للحكايات في بيوت أخري = فضوليات = يتكلمن بما لا يجب.

وَلَهُنَّ دَيْنُونَةٌ = لأنهن فقدن الثقة بالله والإتكال عليه في تكريس ذواتهن للمسيح، وهن كسرن نذر تكريسهن وكسر النذر خطية (تت 23: 21 –23).

بَطَّالاَتٍ = البطالة هي معلم كل خطيئة. فالله لا يهان بزواج الأرامل وإنجابهن أولاداً، بل يهان ببطالتهن الروحية وفراغهن الداخلي. إذاً فالأفضل للحدثات أي الأرامل صغيرات السن أن يتزوجن ويلدن فالزواج حصن لهن.

الأعداد 17-18

الآيات (17 - 18): -

"17أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَنًا فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ، 18لأَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ: «لاَ تَكُمَّ ثَوْرًا دَارِسًا»، وَ«الْفَاعِلُ مُسْتَحِق أُجْرَتَهُ».".

هذه الآيات خاصة بالإهتمام بالكهنة = الشُّيُوخُ.

لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ المعنى ليس تمجيد الخدام بل الإهتمام وإلتزام الكنيسة بسد إحتياجاتهم المادية، حتي يتفرغوا للخدمة دون إرتباك من جهة ضروريات الحياة. راجع (تث4: 25) + (1كو7: 9 - 14) + (لو5: 10 - 7) + (مت10: 10)، ومن الآية تفهم أن الكاهن لا بد أن يعمل ويخدم بقوة كالثور وليس في كسل وترف.

العدد 19

آية (19): -

"19لاَ تَقْبَلْ شِكَايَةً عَلَى شَيْخٍ إِلاَّ عَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ.".

هذه الوصية ليست بجديدة، فقد ألزمت الشريعة الموسوية عدم إدانة إنسان بدون شهادة شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ.

شَيْخٍ = تعني الكاهن الشيخ.

ويري ذهبي الفم أن الرسول يقصد الشيخ كبير السن لا الوظيفة الكهنوتية. المهم ألا نتسرع في تصديق إتهام ضد كبار السن حتي لا نجرحهم.

العدد 20

آية (20): -

"20اَلَّذِينَ يُخْطِئُونَ وَبِّخْهُمْ أَمَامَ الْجَمِيعِ، لِكَيْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَاقِينَ خَوْفٌ.

إن ثبت شئ علي الكاهن يمس التعليم وكان له خطورته علي إيمان الشعب وجب توبيخه علناً حفاظاً علي سلامة إيمان الكنيسة. وعلي من كان خطأه علناً أن يُوبَّخ علناً، ومع قسوة هذا إلا أنه للصالح العام، وهذا ما عمله بولس مع بطرس نفسه (غل2: 11، 14)، أما لو كان الخطأ سراً فلتكن العقوبة سراً. ولخطورة هذا الأمر علي الإيمان يُشهد عليه الله والرب يسوع والملائكة فى الآية التالية.

العدد 21

آية (21): -

"21أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ، أَنْ تَحْفَظَ هذَا بِدُونِ غَرَضٍ، وَلاَ تَعْمَلَ شَيْئًا بِمُحَابَاةٍ.".

هو يشهد الله والرب يسوع حتي لا تكون المحاكمات حسب الأهواء الشخصية، أو بمحاباة تحت ستار الحق، فهذا يغضب الله ويشق الكنيسة وينزع نعمة الله.

وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ = هم من حفظوا رياستهم فى مقابل الشياطين الساقطين، وهناك تفسيراً آخر أنهم الملائكة المختارين للتعامل مع البشر وقيل في تفسير آخر، الملائكة المختارين لحراسة تيموثاوس وكنيسة أفسس وقيل في تفسير آخر الملائكة المختارين إشارة لرفعة أماكنهم.

العدد 22

آية (22): -

"22لاَ تَضَعْ يَدًا عَلَى أَحَدٍ بِالْعَجَلَةِ، وَلاَ تَشْتَرِكْ فِي خَطَايَا الآخَرِينَ. اِحْفَظْ نَفْسَكَ طَاهِرًا.".

تكلم عن محاكمات الكهنة فيما سبق، وهنا نتحدث عن إختيار الكهنة أو الأساقفة، وأنها يجب أن تكون بلا تسرع، فهو سيقدم حساباً أمام الله عن كل من يختاره، وإذا إختار شخص خاطئ يشترك في خطاياه لأنه يقحم علي الكهنوت وعلي المقدسات شخص شرير. إذاً ياتيموثاوس إحفظ نفسك طاهراً من دماء الناس الذين سيعثرهم هذا الشرير.

العدد 23

آية (23): -

"23لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.".

واضح أن تيموثاوس كان مريضاً بتليف الكبد أو الإستسقاء. وشرب الماء يضاعف المرض وغالباً فإن القديس لوقا الطبيب كان وراء هذه المشورة الطبية، فالماء يتجمع في بطن المريض ويضاعف من آلامه، بولس هنا نراه أباً حانياً متسع القلب في محبة للجميع بلا إستعباد للحرفية القاتلة. وواضح أن بولس لم يستطع عمل معجزة لشفائه كما لم يستطع شفاء أبفرودتس من قبل، فالمعجزة إن لم تكن تمجد الله فلا داع لها. ولو شفي كل أسقف مثل تيموثاوس وكل كاهن وكل خادم فكيف يشعرون بآلام الناس.

الأعداد 24-25

الآيات (24 - 25): -

"24خَطَايَا بَعْضِ النَّاسِ وَاضِحَةٌ تَتَقَدَّمُ إِلَى الْقَضَاءِ، وَأَمَّا الْبَعْضُ فَتَتْبَعُهُمْ. 25كَذلِكَ أَيْضًا الأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَاضِحَةٌ، وَالَّتِي هِيَ خِلاَفُ ذلِكَ لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى.".

خطايا بعض الناس واضحة والأعمال الصالحة واضحة فعليك يا تيموثاوس ألا تختار للسيامة من أخطاؤه واضحة، بل من أعماله الصالحة واضحة تزكيه.

وَاضِحَةٌ = من السهل الحكم عليها.

تَتَقَدَّمُ إِلَى الْقَضَاءِ = لن يجدوا صعوبة في إكتشافها. إلا أن هناك أخطاء وعيوب غير واضحة لذلك فمن المهم أن يلازم إختيار أي مرشح للكهنوت الصلاة والصوم.

No items found

الأصحاح السادس - تفسير رسالة تيموثاوس الأولى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الرابع - تفسير رسالة تيموثاوس الأولى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير رسالة تيموثاوس الأولى الأصحاح 5
تفاسير رسالة تيموثاوس الأولى الأصحاح 5