الأصحاح الثالث – تفسير رسالة تسالونيكي الأولى – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1لِذلِكَ إِذْ لَمْ نَحْتَمِلْ أَيْضًا اسْتَحْسَنَّا أَنْ نُتْرَكَ فِي أَثِينَا وَحْدَنَا. 2فَأَرْسَلْنَا تِيمُوثَاوُسَ أَخَانَا، وَخَادِمَ اللهِ، وَالْعَامِلَ مَعَنَا فِي إِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى يُثَبِّتَكُمْ وَيَعِظَكُمْ لأَجْلِ إِيمَانِكُمْ.".

بلغت بولس أخبار الإضطهاد في تسالونيكي فلم يحتمل وأراد الاطمئنان علي ثباتهم في الإيمان، وإذ كان غير قادر علي الذهاب بنفسه بسبب شغب اليهود أرسل تيموثاوس. وإرساله تيموثاوس جاء ثمرة طبيعية لما تحدث عنه قبلاً في الإصحاح السابق أي أبوته ومحبته لهم فهو أرسل لهم أغلي ما يمكن تقديمه، فأعظم من لدي بولس هو تيموثاوس. وبولس محتاج إليه جداً ولكن مع هذا أرسله لهم، وهو يقول هذا ليهدئ ثورتهم إذ أشيع عنه أنه لا يحبهم إذ لم يأتي هو بل أرسل تيموثاوس، مفضلاً إياهم علي نفسه. ولاحظوا الصفات التي أطلقها علي تيموثاوس بمعني أنه نظيري قادراً أن يثبتكم علي الإيمان.

العدد 3

آية (3): -

"3كَيْ لاَ يَتَزَعْزَعَ أَحَدٌ فِي هذِهِ الضِّيقَاتِ. فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا.".

الرسول لم يطلب رفع الضيقة عنهم، فهو يعلم أن الضيقة لا بد وستحدث، كما قال في (2تي3: 12) "إن كل الذين يريدون أن يحيوا في المسيح يسوع بالتقوي يضطهدون"، ولكنه يطلب لهم الثبات في الضيقة هذا معني قوله = أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا.... "في العالم سيكون لكم ضيق" (يو 16: 33).

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

"4لأَنَّنَا لَمَّا كُنَّا عِنْدَكُمْ، سَبَقْنَا فَقُلْنَا لَكُمْ: إِنَّنَا عَتِيدُونَ أَنْ نَتَضَايَقَ، كَمَا حَصَلَ أَيْضًا، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. 5مِنْ أَجْلِ هذَا إِذْ لَمْ أَحْتَمِلْ أَيْضًا، أَرْسَلْتُ لِكَيْ أَعْرِفَ إِيمَانَكُمْ، لَعَلَّ الْمُجَرِّبَ يَكُونُ قَدْ جَرَّبَكُمْ، فَيَصِيرَ تَعَبُنَا بَاطِلاً.".

لكي يعزيهم يعود بذاكرتهم إلي أحاديثه معهم حين كان في وسطهم يكرز لهم بالإنجيل، إذ حدثهم عن ضرورة الصليب والتجارب والآلام كأمور مرتبطة بالإيمان. بولس الرسول حدثهم كأب روحي لا يخفي شيئاً عن أولاده، وهذا ما فعله السيد المسيح حين قال لتلاميذه ولنا "في العالم سيكون لكم ضيق" ومما يثبت الإيمان أن المسيح عالم بما سيحدث ويخبرنا به، فهو بهذا يظهر معرفته وأن الأمر خاضع لسيطرته.. فلماذا الخوف (يو 14: 29). الْمُجَرِّبَ.. جَرَّبَكُمْ = الشيطان المجرب له وسائل متعددة، فهو إما يثير حرباً علي الكنيسة وإضطهاد روحي وإما أنه يثير هرطقات وتعاليم مشوشة داخل الكنيسة. والهدف إفساد عمل الله ورسله. وبولس إذ يحسب أن أي ضعف وإرتداد لتلاميذه هو ضياع لإكليله، يهتم بـأن يرسل لهم تيموثاوس. وكأن الرسول يريد أن يقول هنا لماذا تحسبون أن إرسالي تيموثاوس هو استهانة بكم ألا تعرفون أنني مهتم بخلاصكم حتي لا يضيع إكليلي، نجاحكم هو نجاحي.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَأَمَّا الآنَ فَإِذْ جَاءَ إِلَيْنَا تِيمُوثَاوُسُ مِنْ عِنْدِكُمْ، وَبَشَّرَنَا بِإِيمَانِكُمْ وَمَحَبَّتِكُمْ، وَبِأَنَّ عِنْدَكُمْ ذِكْرًا لَنَا حَسَنًا كُلَّ حِينٍ، وَأَنْتُمْ مُشْتَاقُونَ أَنْ تَرَوْنَا، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَرَاكُمْ.

حمل له تيموثاوس أخبار ايمانهم ومحبتهم ففرح بهذا بل حمل له اشتياقهم إليه حتي وهو محتمل لضيقات وألام، أي أن فرحهم به ليس راجعاً لمعجزاته فقط.

العدد 7

آية (7): -

"7فَمِنْ أَجْلِ هذَا تَعَزَّيْنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَتِكُمْ فِي ضِيقَتِنَا وَضَرُورَتِنَا، بِإِيمَانِكُمْ.".

تَعَزَّيْنَا: في اليونانية تحمل معني الراحة وأيضاً القوة، فأخبارهم الحلوة منحته قوة في ضيقاته ولم يعد يشعر بالآمه.

الأعداد 8-9

الآيات (8 - 9): -

"8لأَنَّنَا الآنَ نَعِيشُ إِنْ ثَبَتُّمْ أَنْتُمْ فِي الرَّبِّ. 9لأَنَّهُ أَيَّ شُكْرٍ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُعَوِّضَ إِلَى اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ عَنْ كُلِّ الْفَرَحِ الَّذِي نَفْرَحُ بِهِ مِنْ أَجْلِكُمْ قُدَّامَ إِلهِنَا؟".

الآنَ نَعِيشُ = هذا تعبير عن أسمي درجات الفرح، كأنه استرد أنفاسه ولم يعد بعد يشعر بالألام، كأن نجاح أولاده هو سر حياته، هو يعيش لهذا "أن أبقي ألزم لأجلكم" (في 1: 24) فإن ثبتوا فى الإيمان يحيا هو، أما تعثرهم فيحسب بالنسبة له كفقدان لحياته. وهو لأجل ثباتهم يقدم الشكر لله لأجل صنيعه معهم. أَيَّ شُكْرٍ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُعَوِّضَ إِلَى اللهِ مِنْ جِهَتِكُمْ = الرسول يُدرك تماما أن إيمانهم الذى سبب له كل هذا الفرح راجع لعمل الله فيهم وليس فقط بسبب كرازته لهم، هو زرع كلمات زالله هو الذى نماها فى قلوبهم. وهو لا يجد كلمات تعبر عن شكره لله عن عمله معهم.

الأعداد 10-11

الآيات (10 - 11): -

"10طَالِبِينَ لَيْلاً وَنَهَارًا أَوْفَرَ طَلَبٍ، أَنْ نَرَى وُجُوهَكُمْ، وَنُكَمِّلَ نَقَائِصَ إِيمَانِكُمْ. 11 وَاللهُ نَفْسُهُ أَبُونَا وَرَبُّنَا يَسُوعُ الْمَسِيحُ يَهْدِي طَرِيقَنَا إِلَيْكُمْ.".

إلتهاب قلبه بالحب لهم جعله يشتاق لرؤيتهم ليكمل نقائص إيمانهم، ربما في موضوع ما بعد الموت، وهل الموتي يكونون في سرور كالأحياء، وربما هو يريد أن يشارك في نموهم نحو الكمال بغير توقف، ويصلي ليرفع الله العقبات التي وضعها إبليس ليعوق الزيارة، ويترك موضوع الزيارة بين يدي الله.

الأعداد 12-13

الآيات (12 - 13): -

"12 وَالرَّبُّ يُنْمِيكُمْ وَيَزِيدُكُمْ فِي الْمَحَبَّةِ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ، كَمَا نَحْنُ أَيْضًا لَكُمْ، 13لِكَيْ يُثَبِّتَ قُلُوبَكُمْ بِلاَ لَوْمٍ فِي الْقَدَاسَةِ، أَمَامَ اللهِ أَبِينَا فِي مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ.".

الرسول يصلي إلي الله لينميهم فى المحبة تجاه الجميع حتي غير المؤمنين، فإن المحبة تجاه جميع البشر أمر جوهري في تقديس القلب بالروح القدس في عيني الله، المحبة هي التي تجعلهم بلا لوم. غاية إيماننا هي الحياة المقدسة فى الرب التي بدونها لا نقدر أن نعاين الرب (عب12: 14) ولا أن نوجد فيه ومعه. وهذه الحياة عمادها المحبة، فإن كانت الحياة المقدسة هي تمتع بالشركة مع الله وممارسة حياته فينا، فإن الله ذاته إنما هو المحبة (1يو4: 8) وفي يوم مجيئه العظيم يعتز بسمة الحب التي يجدها فى أولاده. والرب نفسه هو الذي ينمي فينا هذا الحب. مَعَ جَمِيعِ قِدِّيسِيهِ = ملائكة وبشر قديسين (زك 14: 5) + (تث 33: 2) + (مز 68: 17) + (دا 7: 10) + (يه 14) + (مر 8: 38) + (مت 25: 31) + (2تس1: 7، 10).

ملحوظة.

المسيحية نمو في:

  1. المحبة: - راجع (1تس4: 10). والمحبة تزداد بزيادة التعب وخدمة الإخوة والصلاة عنهم والكلام عنهم حسناً (مت5: 44).
  2. الإيمان: - راجع (2تس1: 3) وهنا نري أن الإيمان يزداد والمحبة تزداد. ولكن كيف يزداد الإيمان؟ بالشكر راجع (كو2: 7).
  3. القداسة: - راجع (1تس4: 1 – 3) وهنا نسمع أن قداستنا هي إرادة الله، فالمسيحي دائماً في نمو نحو السماويات وهذه علامة أن المسيحي يسلك سلوكاً صحيحاً.

No items found

الأصحاح الرابع - تفسير رسالة تسالونيكي الأولى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني - تفسير رسالة تسالونيكي الأولى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير تسالونيكي الأولى الأصحاح 3
تفاسير تسالونيكي الأولى الأصحاح 3