هــرطقـات ضد ناسـوت السيد المسيـح – الأستاذ بيشوي فخري

كارت التعريف بالمقال

اضغط هنا لقراءة الفهرس

هــرطقـات ضد ناسـوت السيد المسيـح

ناسوت السيد المسيح له المجد، ناسوت كامل، من جسد بشري كامل وروح بشرية ناطقة، فاللاهوت لم يحل محل الروح البشرية الناطقة، والجسد البشري هو جسد حقيقي من لحم وعظام مثلنا قابل للجوع والعطش، وخاضع للتعب، ويحتاج للراحة، ويشعر بالآلام الجسدية والنفسية، ويمكنه أن يموت بانفصال الروح البشرية عنه، فربنا يسوع هو إله كامل، وإنسان كامل، له جسد حقيقي وكامل. ودافع آبائنا القديسين عن لاهوت المسيح وناسوته بالتساوي.. كما أعلن الكتاب المقدس عن الطبيعة الناسوتية الكاملة للسيد المسيح في أكثر من موضع:

على جبل التجربة "جاع أخيرًا" (مت 4: 2).

على بئر السامرية "تعب من السفر" (يو 4: 6).

في السفينة تعب ونام (لو 8: 23).

وفي البستان قال "نفسي حزينة جدًا حتى الموت" (مت 26: 37، 38).

- وعلى الصليب "نكس الرأس وأسلم الروح" (يو 19: 30).

- تغافل هؤلاء الهراطقة أن: والكلمة صار جسدًا "(يو 1: 14).

- فهو الذي جاع (مت 4: 1)؟ وعطش (يو 4: 7)؟ ونام (مر 4: 38)؟ وتألم؟ وكيف صار عرقه يتصبب كقطرات دم نازلة على الأرض (لو 22: 44)؟ وخرج من جنبه دم وماء عندما طعِن بالحربة (يو 19: 34)؟ ومات (مت 27: 50)؟ ودُفِن (مر 15: 46)؟

والهرطقات التي أثارها المبتدعين حاربت الطبيعة اللاهوتية للسيد المسيح (أريوس)، وبدع أخري حاربت أتحاد الطبيعتين في طبيعة واحدة لله الكلمة المتجسد (مثل بدعة نسطور)، كما حارب بعض منها الطبيعة الناسوتية وهى ما سوف نتعرض لها:

الغنوسية والمانوية:

ليست الغنوسية مذهباً واحداً، ولكنها مذاهب شتى تجمع بين المسيحية واليهودية والوثنية والأفكار الفلسفية الهيلينية، ولكن جميع هذه المذاهب تنظر للمادة على أنها شر ونجاسة وخطية، والإله العظيم منزَّه عن الاتصال بالمادة، لذلك فهو لم يخلق العالم إنما صدر منه آلهة أخرى، وأكثر هذه الآلهة بعداً عنه هو الإله الذي أتصل بالمادة وخلق العالم.

وعندما دخل بعض الغنوسيين إلى المسيحية وقف أمامهم التجسد حجر عثرة، إذ كيف يتحد اللاهوت المنزَّه عن المادة بالجسد المادي، ولذلك إدّعوا بأن جسد المسيح ليس هو جسداً مادياً إنما نزل من السماء، وبذلك أنكروا التجسد، وفصلوا السيد المسيح عن بشريته، وابعدوا الله عن الاتصال بالعالم.

من أتبـاع الغنوسيـة:

 ماركيون:

تربى ماركيون داخل أسرة مسيحية، وكان شعلة من الذكاء، بالإضافة إلى محبته للزهد والتقشف وحياة التأمل... تأثر ماركيون بالغنوسية ولكنه لم يكن غنوسياً...

فبينما نادى الغنوسيون بأن الخلاص ليس للكل بل لأصحاب المعرفة فقط، نادى هو بأن الخلاص للكل، ولم يشغل ماركيون فكره بمشكلة الخير والشر والمادة، ولكن ما شغل فكره هو الفرق الشاسع من وجهة نظره بين إله يسوع المسيح، وإله العهد القديم، وبذلك ظهرت الثنائية في فكر ماركيون في الإله العظيم السامي الذي لا يعرفه أحد من العالم، لأنه لم يخلق العالم ولا صلة له بالعالم. إنما ظهر فجأة في كفر ناحوم في شكل المسيح، وإن عملية التجسد لم تتم بالولادة من بطن العذراء إنما تمت في وقت العماد. أما الإله الثاني فليس هو الإله الشرير لكنه الإله العادل القاسي سريع الغضب إله اليهود، وهو الذي أثار شعبه على المسيح فقتلوه... ورفض أسفار العهد القديم وعمل لنفسه قانون خاص من أسفار الكتاب المقدس يحوي 11 سفرا من العهد لجديد فقط عبارة عن إنجيل لوقا (بعد أن شوهه)، و10 فقط من رسائل بولس الرسول!

فالنتينوس

وهو من الغنوسيين، وفي الغالب هو مواطن مصري من أصل يهودي، ودرس الفلسفة في الاسكندرية / وكان رجلاً مقتدراً في الكلام ويمتاز بالفصاحة بحسب شهادة ترتليان، وفي روما طمع في الأسقفية، وعندما لم يحصل عليها أنشق عن المسيحية، وفالنتينوس له فلسفته الغنوسية في الإنبثاقات الإلهية ووحدة الوجود.

وأنكر فالنتينوس التجسد وقال إن جسد المسيح نزل من السماء ومرَّ بجسد العذراء مثل مرور الماء من الثوب أو مرور النور من الأجسام الشفافة فأدعى إن جسد المسيح لم يكن جسداً مادياً لكنه كان من جوهر سماوي من المناطق العليا.

ويقول القديس إيريناؤس أسقف ليون: "أولئك الذين يتبعون فالنتينوس يستخدمون الإنجيل للقديس يوحنا بوفرة لشرح أفكارهم التي سنبرهن أنها خاطئة كلية بواسطة نفس الإنجيل".

مــانـي:

نظرت المانوية للمادة على أنها شر، ولذلك نادوا بأن جسد المسيح خيالي، وعندما صُلِب لم يلحق به أي ضرر، وبعد أن أتم المسيح رسالته عاد إلى السماء.... ومنع ماني الـزواج، لإعتبار الجسد شر!.

الــرد:

عندما أنتشرت بعض الأفكار الغنوسية في كنيسة كولوسي ركز بولس الرسول في رسالته إليهم على كل من الطبيعة الإلهية والناسوتية للسيد المسيح فأكد على حقيقة اللاهوت عندما قال عن المسيح أنه هو صورة الله غير المنظور (كو 1: 15) وهو مذخَّر فيه كل كنوز الحكمة والعلم (كو 2: 3) وفيه حلَّ كل ملء اللاهوت جسدياً (كو 2: 9) كما ركّز أيضاً على حقيقية الناسوت بقوله "بدم صليبه" (كو 1: 20) و "جسم بشريته" (كو 1: 22).

أما يوحنا الحبيب فقد أكد على حقيقة التجسد حتى أنه قال "والكلمة صار جسداً" (يو 1: 14) وذكر لمس توما لجسد المسيح بعد القيامة (يو 22: 27) وقال عن السيد المسيح "الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا" (1يو 1: 1)، وأكد أن كل من ينكر التجسد فهو ليس من الله "كل روح يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فهو من الله. وكل روح لا يعترف بيسوع المسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله. وهذا هو روح جسد المسيح" (1 يو 4: 2، 3)، وأشار للغنوسيين قائلاً "لأنه قد دخل إلى العالم مضلُّون كثيرون لا يعترفون بيسوع المسيح آتياً في الجسد. هذا هو المضل والضد للمسيح" (2يو 7).

وقال عنه القديس أثناسيوس الرسولي: "ألم يقل ماركيون بأن جسد الكلمة ظهر ونزل من السماء في شكل إنساني، وانه لم يكن جسداً حقيقياً؟ وماذا قال ماني؟ ألم يقل أن الجسد لم يكن جسداً بشرياً بل له صورة إلهية، وإن ملامحه كانت فقط إنسانية، ولكنه لم يكن جسداً بشرياً، بل غريباً عن الطبيعة الإنسانية تماماً؟ لقد اخترع هؤلاء كل هذه التصورات، لأنهم يعتقدون أن مصدر الخطية هو الجسد وليس الإنحراف الذي أصاب الإرادة. لقد انحدر هؤلاء إلى هذا الكفر".

ورد البابا أثناسيوس عليهم قائلاً "الذي يقول أن جسد الرب نزل من السماء وليس هو من مريم العذراء، أو أنه استحال اللاهوت إلى الناسوت، أو اختلط معه أو تغير، أو أن لاهوت الإبن تألم، أو أن الجسد الذي للرب غير مسجود له كأنه جسد إنسان فقط، ولا يقول أنه مسجود له لأنه جسد الرب الإله، فهذا الكنيسة المقدسة تحرمه«.

يكمّل البابا اثناسيوس: "أن جسده هو جسد حقيقي، وهو حقيقي لأنه هو نفس جسدنا.. ولا يجب أن يرتاب أحد في هذا"..

يقول القديس غريغوريوس: "عندما بلغ الشر إلى أقصى مداه حينئذ لكى يحطم الله الخطيئة، امتزج بالطبيعة الأنسانية، مثله مثل الشمس اذا سكنت في كهف مظلم، فحضورها يبدد الظلام بفعل ضيائها، لأنه وأن كان قد وضع قذرنا على نفسه، لكنه هو نفسه لم يتنجس بالدنس، وإنما هو ذاته يطهر القذر، لأنه قيل أن النور أضاء في الظلمة لكن الظلمة لم تغلبه".

الـدوسيـتيـة = الخياليـة:

وظهرت الدوسيتية Decestiom كأحدى الطوائف الغنوسية وهي مشتقة من كلمة Dekeo  أي (يظهر)، فادَّعوا أن جسد المسيح ليس جسداً حقيقياً ولكنه ظهر مثل جسد حقيقي له لحم وعظم، وظهر كأنه يجوع ويعطش ويشعر بالألم والحزن، ولكن في الحقيقة – بحسب تصورهم – هو مجرد خداع، وإنه جسد شبحي مؤقت... إله تام لم يأخذ جسدًا حقيقيًّا من المادة التي هي شر لكي لا يفسد كمال لاهوته، ولكنه جاء في شبه جسد، كان جسده مجرد شبح أو خيال أو مجرد مظهر للجسد، بدا في شبه جسد، ظهر في شبه جسد،، ظهر كإنسان، بدا كإنسان، وبالتالي ظهر للناس وكأنه يأكل ويشرب ويتعب ويتألم ويموت، لأن الطبيعة الإلهية بعيدة عن هذه الصفات البشرية. بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه، هم أكدوا على الطبيعة اللاهوتية للسيد المسيح على حساب الطبيعة البشرية، وظّنوا أن الرب يسوع الذي بهذه الدرجة من القداسة لا يجوز أن تنسب له أشكال الضعف الانساني... فمن الواضح أنهم كانوا ينظرون نظرة وضيعة للأنسان!

الـرد:

حذر القديس أغناطيوس الإنطاكي المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلا: "إذا كان يسوع المسيح - كما زعم الملحدون الذين بلا إله - لم يتألم إلا في الظاهر، وهم أنفسهم ليسوا سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد"، "وهو إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن خيالا، كما أدعى بعض غير المؤمنين، الذين ليسوا سوى خيالات"، "لو أن ربنا صنع ما صنعه في الخيال لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا".

يـقول القديس كيرلس الكبير:

"لو كان تدبير التجسد خيالا وظلا، فأنه لا يكون قد تجسد حقًا، ولا تكون العذراء قد ولدت حقًا، ولا يكون قد تشبه بإخوته لأن حالتنا الجسدية – دون شك – ليست ظلالا، ولا هى نتاج خيال، بل نحن نملك أجسادنا ملموسة ومنظورة، لأننا لبسنا جسدًا ترابيًا ونعاني الفساد والآلآم.

أى ظهر قبل السياط لأجلنا؟

أى خد سُلّم لضاربيه وقت أن كان يتحمل بصبر ضربات اليهود؟

كيف سمرت الأيدي بالمسامير، وأرجل من لم يظهر متجسدًا؟ بأى طريقة يعقل المرء هذا؟

أخبرني أى جنب طعنه جنود بيلاطس؟

وبأى طريقة يمكن للظل أن يموت؟

كيف اقام الآب المسيح، أن كان المسيح ظلالا وخيالا؟!!

أن لم يكن قد صار المسيح إنسانا، وإن لم يكن قد صعد بالجسد إلى الآب السماوي فلا يمكنه أن يرجع من السماء متشبها بنا، أى إنسانا يمتلك جسدًا "(عن كتاب: حوار عن تجسد الأبن الوحيد).

بدعة أبوليناريوس

كان أبوليناريوس والده ناظراً لمدرسة بيرتيوس ثم أصبح قساً في اللاذقية، وساعد أبوليناريوس والده في تأليف بعض الكتب للرد على يوليانوس الجاحد وأريوس الهرطوقي وغيرهما، وكان أبوليناريوس من أشد المقاومين للأريوسية، وقد صار أسقفاً لللاذيقية. أدّعى ابوليناريوس أن لاهوت اللوغوس حلَّ محل الروح البشرية.. لماذا؟ لأن الأريوسيين قالوا بانه كان هناك إمكانية للسيد المسيح لإختيار الخير أو الشر، وبما أن المسئول عن هذا الإختيار هو الروح الناطقة العاقلة. أما الجسد فهو أداة تحركه النفس العاقلة مثل قطعة الشطرنج، فلذلك أنكر أبوليناريوس وجود هذه الروح البشرية في السيد المسيح ليؤكد أن اللاهوت هو المسئول الأول والأخير في سلوك السيد المسيح.!!

ما هي خطورة بدعة ابوليناريوس؟

أ - أن السيد المسيح ليس إنساناً كاملاً لكنه مجرد جسد فقط لاغير.

ب - الفداء الذي صنعه السيد المسيح ليس كاملاً، وعلى حد تعبير القديس أثناسيوس بأن السيد المسيح لم يُخلّص من الإنسان إلاَّ بمقدار ما أخذ من الإنسان، فلو أخذ جسداً بدون نفس بشرية فهو يخلص أجسادنا دون أرواحنا، وعلى حد تعبير القديس غريغوريوس النزينزي "مالم يتحد به الرب عندما تجسد هو ما بقى بدون شفاء. أما ما أتحد بألوهيته فقد خلص" وبالتالي فإن فداء السيد المسيح يكون فداءاً ناقصاً وغير كامل.

ج - في ضوء بدعة أبوليناريوس يكون اللاهوت إنفصل عن الناسوت (الجسد البشري) على الصليب، والحقيقة التي نؤكد عليها دائماً أن لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.

ولذلك عُقِد مجمعاً في الاسكندرية سنة 362 م وحكم على تعاليم أبوليناريوس بالهرطقة، وفي سنة 363م كتب القديس أثناسيوس كتابين ضد أبوليناريوس.

د - يسقط مركز المسيح كوسيط وشفيع وكاهن تدخل به صلوات الكنيسة للآب. وذلك لأن العنصر المشترك بيننا وبين المسيح هو ناسوته وليس لاهوته.

ولذلك فأن كهنوته يتوقف على حقيقتين:

1 - أنه نائب عنا أمام وجه الآب، قائم بدلاً عنا يشفع فينا بحضوره، لأنه يحمل كل ما في الأنسان، الجسد والأرادة والعقل والنفس ولكنها صارت ممجده فيه.

2 - ينوب عنا المسيح كآدم الثاني الذي قهر الخطية في جسده. وما أحرزه من أنتصار على الشيطان كان نصرًا للإنسانية. وأن هذا الأنتصار وتجديد الخليقة تم فيه أولاً، فالذي جُرّب هو الناسوت، وبدون ناسوت كامل لا تكون الخطية أُبيدت فينا بالمسيح.

لذلك رأى آباء مجمع القسطنطينية أن السيد المسيح له نفس إنسانية عاقلة لأنه جاء لخلاص البشر وليس لخلاص الحيوانات. وأنه كان ينبغي أن تكون للمسيح إنسانية كاملة لكي يتم افتداء الطبيعة الإنسانية. وأن الروح البشرية مثلها مثل الجسد في حاجة إلى الفداء وهي مسئولة عن سقوط الإنسان. فبدون الروح البشرية العاقلة كيف يكون الإنسان مسئولًا مسئولية أدبية عن خطيئته؟ فالروح البشرية أخطأت مع الجسد وتحتاج إلى الخلاص.

الــرد:

قال بطرس الرسول عن السيد المسيح "مماتًا في الجسد، ولكن محييً في الروح. الذي فيه أيضًا ذهب فكرز للأرواح التي في السجن" (1بط3: 18، 19). ولذلك نصلى في القداس ونقول {نزل إلى الجحيم من قبل الصليب}. أي أن روحه الذي سلمه في يدي الآب حينما قال "في يديك أستودع روحي" (لو 23: 46) قد ذهب متحدًا باللاهوت ليحرر الذين في السجن بعد أن يكرز لهم بإتمام الفداء، وجسده المتحد باللاهوت قد وُضع في القبر ولم ير فسادًا. وعندما عاد روحه واتحد مع جسده قام من الأموات في اليوم الثالث بقوة لاهوته.

يقول غريغوريوس النزينزي "ما لم يتحد به الرب عندما تجسد هو ما بقى بدون شفاء. أما ما اتحد بألوهيته فقد خلص. إذا كان نصف كيان آدم فقط (أي الجسد) قد سقط فان ما اتحد به الرب هو نصف آدم وبالتالي خلص هذا النصف.. فإذا كان الرب قد اتحد بما هو وضيع (أي الجسد) لكي يقدّسه، فهل لا يتحد بما هو سامي (أي النفس)؟.. لقد سقط آدم بعقله أولاً ولذلك كان على المسيح أن يأخذ عقلاً إنسانياً لكي يقدّس العقل الإنساني“.

البابا كيرلس عمود الدين: قال "أننا لا نقبل رأي الذين يظنون أن هذا الهيكل الإلهي المولود من القديسة العذراء، والذي حمله الله الكلمة كان خلواً من نفس عاقلة، ولكن كما كان كاملاً في لاهوته كذلك كان كاملاً في ناسوته"، وقال في الرسالة رقم 39 "نعترف أن ربنا يسوع المسيح، إبن الله الوحيد، هو إله كامل وإنسان كامل ذو نفس عاقلة وجسم".

وقال أيضاً: "كيف صار شبهنا؟! ذلك لما أخذ جسداً من العذراء القديسة، وليس هو جسداً بغير نفس كما ظن بعض الهراطقة، بل بالأفضل له نفس وهي ناطقة".

كتب البابا ديسقورس في رسالة من منفاه إلى سافوندينا يقول: "لا يقولن أحد أن الجسد المقدس الذي أخذه ربنا من العذراء هو غريب عن جسدنا.. انه لم يأخذ بعض كياننا، بل أخذه كله بكل ما فيه، وخلاصة القول: أن كل كياننا أخذه ربنا بما فيه النفس. انه الجسد المولود من العذراء بنفس ناطقة عاقلة.. فقد صار مثلنا من أجلنا، وظهر لنا ليس خيالاً أو ظناً، كما يدعي أصحاب ماني. بل وُلِد حقيقة من مريم والدة الإله، لكي يحيينا رحمة بنا، ويصلح الإناء الذي تحطم فينا ويجدده".

أدانت عدة مجامع مكانية في روما (377 م.)، والإسكندرية (378 م.)، وأنطاكية (379 م.) تعاليم أبوليناريوس. ثم أدين في المجمع المسكوني الثاني الذي انعقد في القسطنطينية (381 م.).

الأوطاخـية

كان أوطاخى أرشمندريت أى رئيس دير فى احد الأديرة بالقسطنطينية، وكان يقاوم النسطورية فسقط فى بدعة , فأنكر أن المسيح له جسداً وأن شكل المسيح الجسدى ليس مثل إنسانيتنا ولا من ذات جوهرها , وأن الطبيعة اللاهوتية أبتلعت الطبيعة الناسوتية , وضاع الناسوت تماماً , وذاب جسده فى ألوهيته. مثلما تذوب نقطة الخل في المحيط. ويقول البابا شنودة الثالث: "أوطاخي هذا حرمه القديس ديسقورس. وعاد فتظاهر بالإيمان السليم، فحالـله القديس ديسقورس على أساس رجوعه عن هرطقته. ولكنه بعد ذلك أعلن فساد عقيدته مرة أخرى فحرمه مجمع خلقيدونية سنة 451 م كما حرمته الكنيسة القبطية أيضًا".

يقول مار إفرآم السرياني:

لو لم يكن جسـدًا، فمريم لمن كانت ترضع اللبن.. - لو لم يكن جسـدًا، فيوسف لمن أخذ وهرب لمصر.. - لو لم يكن جسـدًا، فيوحنا المعمدان لمن عمّد... - لو لم يكن جسـدًا، ففي السفينة من الذي نام... - لو لم يكن جسـدًا، على البئر من الذي جلس واستراح... - لو لم يكن جسـدًا، عبد قبر لعازر من الذي بكى...

لو لم يكن جسـدًا، من كان راكبًا على جحش بن أتان...

لو لم يكن جسـدًا، فالبصاق من الذي قبله...

لو لم يكن جسـدًا، فالحربة في جنب من طُعنت...

لو لم يكن جسـدًا، على الصليب من كان مصلوبًا..

لو لم يكن جسـدًا، يوسف ونيقوديموس لمن حنطوا وكفنوا...

لو لم يكن جسـدًا، الرسل لمن أبصروا وفتشوا...

المسيـح جسـد وإله معـًا:

لو لم يكن جسـدًا، فسمعان الشيخ لمن حمل على ذراعيه، ولو لم يكن إلهًا، لمن قال سمعان: أطلق عبدك...

لو لم يكن جسـدًا، فعلى الأرض من كان يبصق، ولو لم يكن إلهًا، فالطين لعين الأعمى كيف كان يضعه ليبصر...

لو لم يكن جسـدًا، من كان على الصليب معلقًا، ولم لم يكن إلهًا، كيف أظلمت الشمس في وقت الصلبوت..

لو لم يكن جسـدًا، على بحيرة طبرية من الذي أكل، ولو لم يكن إلهًا، فالشبكة بأمر من أمتلأت...

لو لم يكن جسـدًا، كان خلاصنا باطلاً، ولو لم يكن إلهًا، كان رجاؤنا كاذبًا..