مقـدمات مبسطـة في رسائل بولس الرسول – الأستاذ بيشوي فخري

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
2MB

مقدمة في الرسالة إلى أهل رومية

كاتب الرسالة:

هو القديس بولس الرسول أكثر كتّاب العهد الجديد حديثًاً عن قضية التبرير وأكثر من قاوم قضية التهود.. وهذا ما تناقشه الرسالة بأستفاضة.

زمن وكتابة الرسالة:

كتبها بولس الرسول أثناء رحلته التبشيرية الثالثة من كورنثوس في بيت رجل أسمه غايس.

كتبها وهو يتوقع زيارته لروما وذلك بعد سفره إلى أورشليم حاملاً إليها الصدقات سنه 58م (15: 25، 26).

أملاها بولس الرسول على ترتيوس (16: 22) وحملتها إلى روما الشماسة فيبى خادمة كنيسة كنخريا (15: 1).

غرض الرسالة:

هناك ثلاثة آراء لهذا الموضوع:

أنها كتبت لأغراض عقائدية تضمن عرضًا لموضوع الخلاص.

أنها رسالة جدالية لعرض الحقائق الايمانية مع توضيح وضع اليهود بالنسبة للأنجيل الذي يكرز به.

أنها رسالة مصالحة قصد بها الرسول التوحيد بين اليهود المتنصرين والأمم المتنصرين.

وأخيرًا نقول أن الرسالة تحمل هذه الأتجاهات الثلاثة معًا.

قانونية الرسالة:

أقتبس من الرسالة بعض آباء القرون الأولى مثل:

رسالة القديس اكليمنضس الروماني الاولى الى اهل كورنثوس.

رسائل القديس اغناطيوس الى سميرنا.

رسالة القديس بوليكاربوس.

وردت في وثيقة موراتورى.

وردت في كتابات يوسابيوس القيصري المؤرخ في القرن الرابع، أنها ضمن كتابات بولس الرسول، وضمن أسفار العهد الجديد.

أعترف بها مرقيون الهرطوقي في النصف الأول من القرن الثاني... بالأضافة أن الرسالة لم يلحقها الشك في قانونيتها عبر العصور....

أهميـة الرسالــة:

تظهر أهميتها في الكنيسة الأولى ما جاء عن القديس يوحنا ذهبي الفم انه كان يقرأها مرتين أسبوعيًا وأنها كانت سببًا في توبة القديس أغسطينوس.

في الوقت الذي ظهر فيه المسيحيون في روما من أصل يهودي المعتزون ببنوتهم لأبراهيم، وأنهم أصحاب الموعد وانهم في مرتبة أعلى من غيرهم حتى بعد دخولهم المسيحيه، ظهر المسيحيين من أصل أممي الذين نادوا بأب الباب أَغلق في وجه اليهود ليفتح لهم على مصرعيه.... وهنا جاء صوت بولس ينادي بعمومية الخلاص للكــل ومحاربته لأعمال الناموس التي تبرر.. وكانت رسالة رومية هي البوق الذي سمع منه المسيحيين من أصل يهودى وأممى، الفكر المستنير والخلاص المقدم للكل.

دعيت رسالة رومية "أنجيـل بـولـس" لأنها جاءت بدستور إيمان يضع الحد الفاصل والقاطع لقضايا تمس الكنيسة بالدرجة الأولى وليس مجرد فض نزاع بين تعصب لهذا وذاك.

تسمى رسالة رومية "كاتدرائية الإيمان المسيحي" فهى تحتوى على عقائد للإيمان المسيحي الأساسي ومبادئ عملية واضحة تترجم العقائد المسيحية بصورة عملية ملموسة في الواقع العملي حتى لا تصير الحياة المسيحية مرد لاهوتيات جافة غير مرتبطة بالحياة الواقعية.

مدينــة رومــا:

سميت "روما" هكذا نسبة إلى "رومليوس" الذي أسن سها عام 753ق. م. وهى كلمة من أصل يوناني تعنى "قوة"، وكانت تستخدم بمعنى "مع السلامة" إذ تعني "ليكن لك صحة قوية"..

يرى البعض أنها دعيت هكذا نسبه لموقعها على مكان مرتفع على أكمه من الأكام السبع هناك لأن "روما" تعني "مرتفع".

أتسعت روما أرضًا وسكان وفنًا وأدب وثقافة وقانون، وعلى الجانب السلبي أنتشرت القباحة والأثم والوثنية كما ظهر في الأصحاح الأول من الرسالة.

بلغ عدد سكانها 2 مليون – وأن كان عددًا مبالغ فيه - ثلثهم من الرقيق و1600 يهودي في عهد بولس الرسول.

أستقرت أوضاع اليهودى في روما إلا عهد طيباريوس 19م، وعهد كلوديوس قيصر 4م الذي أمر بطردهم من روما (أع 18: 2). وكان لهم أكثر من 13 مجمعًا وكانوا طائفة تميل إلى إحداث الفتن والثورات.

المسيحية فـي رومــا:

يرى جميع المفسرين ان الكنيسة في روما نشأت عى يد بعض ممن قبلوا الايمان من الرومانيين اليهود الذين حضروا يوم الخمسين (أع 2: 10) ورجعوا الى روما وبشروا فيها بالمسيحية.

أيضًا بعض من سمعوا تعاليم بولس الرسول وآمنوا هم أيضًا فنقلوا الايمان عن طريق التجارة والتنقل بين البلدان بدليل أن بولس الرسول كان يعرف أشخاص رومية معرفة شخصية دون ان يذهب اليها مثل اكيلا وبرسكيلا الليذن ألتقيا مع الرسول بولس في كورنثوس (أع 18: 1، 2).

إذن كنيسة روما أساسا لم يؤسسها الرسل، بل هى نتاج عمل الله في المؤمنين الذين حضروا يوم الخمسين (يهود أو أمم)، حتى بولس بفسه ذهب اليها بعد شوق اليهم اذ كان فيها مسيحيين يعرف بعضهم، وكتب لهم الرسالة ليس لتعريفهم بالمسيحية أنما لحل بعض قضايا وأسئلة أرسلوها ممع أكيلا وبرسكيلا بهدف تنقية الفكر المسيحي - الموجود أصلا - من التهود.

بــولس ورمــا:

كان الرسول بولس يشعر أنه رسول الأمم (غل 2: 7، 11) لذا أحس بالمسؤلية تجاه هذه المدينة العظيمة كعاصمة العالم الأممي في ذاك الحين... لذا أرادها مركزًا من مراكز خدمته، وإنه مدين لهم بالكرازة (1: 13، 14).

أشتاق بولس لزيارة رومية وظهر ذلك في رسالته (رو 1: 9، 10)، (15: 22 - 24) رغم أنه منَع من زيارتها مرارًا.

بطــرس ورومــا:

يبني الكاثوليك رأيهم في أن بطرس الرسول هو مؤسس كنيسة روما على أساس أن إيمان هذه الكنيسة كان حيا، بحيث يفَترض أن شخصية عظيمة هى التي أسستها وأن هذه الشخصية هى بطرس الرسول الذي أرسلته جماعة الرسل إلى روما على غرار إرسالهم بطرس ويوحنا قبلا إلى السامرة (أع 8: 14).... كما يقولون أن بطرس بعد خروجه من السجن عام 42م "خرج وذهب إلى موضع آخر" (أع 12: 17)... وهذا الموضع هو روميه.

ولكن من المؤكد إن بطرس الرسول لم يزر روما إلا قبيل إستشهاده سنه 67م فيها بدليل:

بطرس الرسول لم يفارق أورشليم إلا بعد مجمع أورشليم عام50م.

ثم تقابل مع بولس في انطاكية بعد سنوات قليلة (غل2: 11) عام 55م.

وكان بعدئذ في بابل حيث كتب رسالته الأولى حوالي عام 60م (1بط5: 13).

ليس من المعقول ان يكون بطرس في رومية ولم يذكر بولس اسمه مع الذين ذكر اسمائهم في الاصحاح الاخير من الرسالة.

قول بولس الرسول "كنت محترصًا إن أبشر هكذا ليس حيث سمي المسيح لئلا ابنى على اساس آخر" (15: 20).

كذلك لم يكن بطرس في روما من (62 - 64م) حيث كان الرسول بولس في السجن هناك، ولم يذكر أسمه في أى من رسائل الأسر (أفسس - فيلبى - كولوسي - فليمون).

مسيحيون رومـا:

مسيحيون من أصل أممي: أحتقروا اليهود ونظروا إليهم كشعب جاحد أغلق الله الباب في وجوههم وفتحه لهم.

مسيحيون من أصل يهودي: يشهرون بالأمتياز كأولاد إبراهيم، وأنهم مستلمو الشريعة، أحتقروا الأمم وتأصل فيهم الكبرياء.

هاجم بولس كلاهما إذ أظهر أحتياج الكل للمسيح وطالب الجميع بالمحبة وأظهر أشتياقه لخلاص الكل، إلا أنه يريد لهم خلاص لا بأعمال الناموس التي لا تخلص. كما حاول شرح: لماذا جاء المسيح؟ ولماذا جاء الناموس كمرحلة تمهيد تكشف للإنسان حاجته للمسيح المخلص الوحيد.

أقســام الرسالة:

تنقسم الرسالة إلى قسمين:

القسم الأول: تعليمي يشمل من الأصحاح الاول إلى الحادى عشر، ويعرض طريق الخلاص. وهو مبني على التبرير بإلايمان بالمسيح لا على الناموس الطبيعي "بالنسبة للأمم"، ولا الناموس الموسوى "بالنسبة لليهود".

الأصحاح الأول: مقدمة أفتتاحية.... أشواق رسولية... خطايا بشرية.

يقدم بولس الرسول نفسه كعبد ليسوع المسيح، مفرز لخدمة بشارة الخلاص، ويقدم لهم الرب يسوع ابن الله الذي نقلنا من العبودية إلى البنوية بالمعمودية...

يشكر الرسول الله من اجل إيمان أهل رومية، ويذكر اشواقه لكى يزورهم لكن الظروف منعته.

ويختم الرسول الأصحاح الأول من الرسالة بالأخطاء التي وقع فيها الشعب مظهرًا أحتياجهم للخلاص.

الأصحاح الثاني: الناموس والدينونة... الناموس واليهود... الناموس والتعليم.

ليس من الممكن أن يدين اليهودي الأممي بسبب سقطاته لذلك بدأ الرسول حديثه بحزم مع اليهود لأنه أن كان أخطأ الأمم بدون الناموس المكتوب فاليهودي بالناموس تعدوا الوصية.

ولكن من جهة اخرى كيف يحاسب الله الأمم رغم انه لم يكن لديهم ناموس مكتوب؟ الأجابة أنهم تحت الدينونة بسبب عدم طاعتهم للناموس الداخلي "ناموس لأنفسهم..

يرجع بولس ليفند أخطاء اليهود وظاهرية عبادتهم وسطحية طقوسهم، فليت المختون (اليهودى)، يعيش كما لو كان أغلف (أممي) أى كما لو كان أكتسى باللحم الذي أقتطع منه فلم يعد يهوديًا (بسلوكه) كما قال القديس أغسطينوس.

الأصحاح الثالث: نحن خطاة... الكل خطاة... برالله للخطاة.

يتساوي اليهودى مع الأممي في أنهما خطاة ولكن عدم أمانتنا لا يبطل أمانة الله... فجاء رب المجد ليفدي البشرية وظهر بر الله في تجسده بدون اعمال الناموس العاجزة عن تجديد الطبيعة البشرية مرة أخرى....

ما معنى متبررين مجانا بنعمته "(3: 24)؟

يجيب قداسة البابا شنودة الثالث "أننا لا ندفع ثمنًا لهذا التبرير، ذلك لآن" أجرة الخطية هى موت "(رو6: 239).. وهذا الثمن دفعه المسيح بموته، بسفك دمه على الصليب.

ونحن نتبرر بدون دفع هذا الثمن، أى مجانًا.

أما المعمودية فهى ليست الثمن، أنما الوسيلة... والايمان أيضًا وسيلة ضرورية ولازمة لنوال التبرير الذي تم بدم المسيح...

إذن ينبغي أن نفرق بين الثمن والوسيلة.

ثمن التبرير هو دم المسيح وحده...

والوسائل الضرورية اللازمة هى الايمان والمعمودية والتوبه... ".

الأصحاح الرابع: إبراهيم تبرر بالأيمان.... الختان ختمًا لبر الأيمان... إبراهيم وإيماننا.

تبرر إبراهيم بالأيمان لا بأعمال الناموس بل أنه تبرر وهو لم يختتن وبهذا المثل أوضح بولس الرسول عدم جدوى التمسك بالنسب الابراهيمي والطقوس الناموسية... بل أن إبراهيم أباهم تبرر بالأيمان لا بأعمال الناموس.

وكما لم يتبرر إبراهيم بالختان لم يتبرر إيضًا بالناموس لأنه لم يكن ناموس مكتوب! فما الداعي للأفتخار إذن!... فالخلاص مستحيل بالناموس لآننا جميعا خطاة ومحكوم علينا، ولكنه ممكن بالأيمان بالمسيح سواء كنا يهودًا أو أممًا، مادمنا سنؤمن على مثال "إبراهيم الذي هو أب لجميعنا يهودًا أو أممًا".

الأصحاح الخامس: ثمار بر المسيح... الموت بآدم... الحياة بالمسيح.

إذ تبررنا بالأيمان ننال ثمر بر هذا الأيمان: السلام مع الله، نعمة حاضرة ورجاء أبدي، إرتفاع فوق الضيقات، عطية الروح القدس، أختبار محبة الله بالصليب....

أعطى بولس الحكيم مثالاً آخر عن التبرير بالأيمان هو آدم فيقول أن الخطية دخلت إلى العالم بإنسان واحد، وبالخطية دخل الموت، وإجتاز الى الجميع ليس لمجرد وراثة الفساد والحكم بل "إذا أخطأ الجميع"... على نفس المقياس، كما أن خطية واحدة أماتت كثيرين... بالأولى أعطيت النعمة التى بالمسيح يسوع ستحيي الكثيرين. لآن "الحكم من واحد للدينونة وأما الهبة فمن جرى خطايا كثيرة للتبرير". فآدم الأول عصى وجلب لنا الموت.. أما آدم الثاني أطاع فوهبنا البر والحياة الأبدية.

الأصحاح السادس: الاتحاد بالمسيح.... السلوك في المسيح... الحرية فى المسيح.

نتحد بالمسيح في المعمودية التي هى دفن وقيامة في حياة جدييدة... وهكذا يموت الأنسان العتيق بخطيته التي ورثها من آدم الأول.. ليحيا جديدًا في آدم الثاني...

وليزم الاتحاد بالمسيح سلوكًا جديدًا إذ صارت "أعضائنا آلات برلله"..

بسلوك الانسان في المسيح يتحرر من سلطان الخطية والموت لينمو في حياته مع الله حتى الأبدية...

الأصحاح السابع: التحرر من الناموس... غاية الناموس... صراع الناموس.

يوضح بولس ضرورة التحرر من الناموس رغم أنه يجيب على سؤال "هل الناموس خطية"؟ بأجابة صريحة وسريعة "حاشا" أنما يفرح بتحرره من الناموس للأسباب الآتية:

الناموس يفضح الخطية وللكن لا يعالجها... هة عرفنّى على الخطية التى أرتكبها وربما لم لن أكن أدركها (ع7).

لآن الناموس إذ قدم لي الوصية يثير فيّ طبيعتي (كل شئ ممنوع مرغوب)... هنا العيب لا في الوصية وانما في طبيعة العصيان الخفية داخلى والتى لم يكن لها أن تظهر ما لم توجد وصية.

يوضح بولس أيضًا الصراع الداخلى بين الأنسان الطبيعي مع الانسان العتيق.. فكل ما يريد ان يفعل خير لا يستطيع بسبب الطبيعة الفاسدة فيه ولكن علينا أن لا نفهم أن الأنسان يمارس الشر إلزامًا. وإلا كان سقوطة تحت الدينونة غير عادل. ولا أن الرسول ينكر حرية الأرادة كمن يخطئ قسرًا وجبرًا... بل أنه لا ينكر ما للخطية من سلطان أفقده ٌوة الأرادة لكنه في نفس الوقت لا يتصرف جبرًا بغير أرادته.

الأصحاح الثامن: ناموس الروح... عمل الروح... المسيح مبررنا ومحبتنا له.

إذ يحسب البعض أن الرسالة هى "كاتدرائية الإيمان المسيحي" فيرى البعض أن هذا الأصحاح هو "قدس الأقداس" أو المذبح الروحي، عليه يقدم المؤمن الحقيقي ذبيحة الحب والفرح والشكر وسط مصارعته ضد الشر وضيقاته الزمنية.

يعلن بولس هنا أن الخلاص عملية طويلة تشمل الحياة كلها مهما طالب أو قصرت، فهو يبدأ بالمعمودية ويكمل بالتوبة ويختم بخلع الجسد. وكل مرحلة من هذه المراحل دعيت خلاصًا، ولكن (الخلاص) مع أداة التعريف يشمل الركائز الثلاثة معًا:

لا خلاص بلا معمودية.

لا خلاص بدون توبة.

لا خلاص بدون تغيير الجسد.

يحدد بولس الرسول سلسلة حلقات توضح إرتباطنا بالمسيح المحب الذي يبررنا وهى:

الله سبق فعرف أولاده: بحكم معرفته للمستقبل.

وإذ عرفهم عينهم: بمقتضى معرفته لسلوكهم في المستقبل لا بطريقة عشوائية.

وإذ عينهم دعاهم: أى أرسل لهم بشارة الأنجيل حيث أنهم سيقبلونها ومشتاقون إليها.

وإذ دعاهم بررهم: إذ آمنوا بالأنجيل وبالمسيح الفادي الذي يبرر الخطاة.

وإذ بررهم مجدهم: أى أعطاهم عربون المجد الداخلي (لو17: 21) تمهيدًا لعربون المجد الكامل والأبدى.

يختم معلمنا بولس كلامه بأنشودة حب أعلن فيها ما من شئ يستطيع يفصلنا عن من نحبه.

الأصحاح التاسع: أختيار الله لليهود.

الأصحاح العاشر: رفض الله لليهود.

الأصحاح الحادي عشر: وعد الله بإرجاع اليهود.

مــلاحظـات هـامة:

لا ننسى أن القضية الأساسية هى معالجة مشكلة التهود وقطع بولس الرسول شوطًا هائلا ً في الأصحاحات السابقة لمعالجة ما يعتز به اليهود (نسبهم لأبراهيم، أنهم مستلمو الناموس).

يأتي بولس هنا لمشكلة الأختيار، هل الله أختار شعب بعينه ثم رفضهم؟ وما المقصود بالأختيار وهل يعتبر الأختيار تفضيل عن باقي الأمم؟ وهل الأختيار يلغي حرية الأرادة؟

نوضح أن أختيار الله هو على حسب علم الله السابق والذي يرجع لنوع الأختيار الذي سوف يختاره الأنسان لنفسه أما آناء للكرامة وإما إناء للهوان.

كان الأختيار ضرورة لأن يتم ليعلن الله ذاته وسط الجماعة المختارة ولكى يتجسد من عذراء تنتمي لهذه الجماعة، وإذا أختار أمه أخرى لقالوا أيضًا لماذا أختار هذه الأمه؟!

هكذا أيضًا أختار الله ورفض إسماعيل وأنه أختيار زمني للتجسد وليس أختيار أبدي للخلاص، فأختيار يعقوب وعيسو من خلال معرفة الله بما سوف يفعله عيسو من شر فلذلك فضّل يعقوب على عيسو، وفرعون أظهر الله مجده فيه وقسّى قلبه ليس بمسؤلية مباشرة من نحو الله بل بمسؤلية فرعون الذي لم يسمع صوت الله وأصر على الرفض!، وأيضًا عن الخزاف فأنه يتصرف وفق نوع الطين الذي بين يديه فيختار الأفضل ليصنع منه إناء للكرامة والآخر إناء للهوان رغم سلطان الخزاف المطلق على الطين.

يعلم بولس الرسول أن الخلاص لابد أن يتم بالإيمان بالمسيح وهذا هو سر رفض الله لليهود الذين تمسكّوا بظاهرية أعمال الناموس ظانين أنهم يخلصوا بالناموس دون الحاجة للناموس.. ورغم هذا يظهر الرسول العطوف شوقه لخلاص بني جنسه الذين شهد بغيرتهم ولكنها كانت غيرة بغير معرفة! إذ جهلوا أمرين:

أولا ً: برّ الله: فطلبوا بر أنفسهم لا بر الله فصار ذلك عائقا ً لخلاصهم.

ثانيًا: غاية الناموس فتمسكوا بالحرف القاتل دون الروح الذي يحيي.

إلا أن رفض لإسرائيل هو رفضًا جزئيًا أى لا يعتبر رفض أبدي، بل سيرجع منهم من آمن إيمان إبراهيم، ولكنه بإتزان وحكمه أوضح أن من يتمتع بالخلاص يتمتع به خلال نعمة الله المجانية وليس خلال حرفية أعمال الناموس ولا أعمال البر الذاتي..

أوضح أيضًا بولس الحكيم محبة الله وعظمة حكمته فهو يستخدم عثرة اليهود لخلاص الأمم، ويستخدم خلاص الأمم لإغارة اليهود ليرجعوا إليه بالتوبة... أنه صانع الخيرات، يحول الشر كما الخير لبنيان البشرية فيه.

وهذه الأنشودة الرائعة في حب وحكمة ولطف وصرامة الله، أجمل ما يختم به بولس قضيته الشائكة..

"يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه! ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء! لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرًا؟ أو من سبق فأعطاه فيكافأ؟ لأن منه وبه وله كل الأشياء. له المجد إلى الأبد أمين".

القسم الثاني: عملي وهو عبارة عن نصائح تصلح لجميع المسيحيين، وإرشادات تتعلق بسلوكنا في المجتمع.

الأصحاح الثاني عشر: ذبيحة حية... مواهب روحية... مسيحية عملية.

بدأ بولس في هذا الجزء توضيح نفس الفكرة ولكن بصورة عملية واقعية معاشة ليعلن أن للمسيحية روح وحياة وليس مجرد فلسفة ونظريات بعيدة عن الواقع...

وأعطى أمثلة للوزنات والمواهب الروحية التي يتمتع بها أولاد الله ليعملوا بها من أجل ملكوت الله.. ومبادئ روحية سامية تشهد لمسيحها وتسمو بالأنسان بالحب إلى الحب اللانهائي.

الأصحاح الثالث عشر: المسيحي والسلاطين... المسيحي وحب القريب... المسيحي والوطن السماوي.

يتعمق بولس في الناحية العملية لتشمل معاملات الله من الحكومة والمسؤلين.... إلا أن الطاعة للدولة والحكام ليست مطلقة ولكنها جزئية مشروطة في حدود ما لا يغُضب الله.. فالمسيحية إيجابية تدعو للمشاركة والمواطنة والممارسة والدعوة إلى كل ما هو خير وبنّاء...

يعلن بولس عن ان المحبة هى جوهر المسيحية وأساس المعاملات والوصية الشاملة.

ثم يتدرج بولس بعد خضوعنا للسلطات ومحبتنا للقريب، إلى الأستعداد للملكوت الأبدي والوطن الحقيقي.

الأصحاح الرابع عشر: قبول الضعيف... عدم إدانة الأخوة... عثرة الضعفاء.

أعلن بولس لبعض المتنصرين في رومية أن لا يعزلوا الضعفاء من المؤمنين الذين لا زالوا متمسكين بطقوس ومواسم وأطعمة تحرمها اليهودية، إذ بمرونته جعل الكل ينمو تدريجيًا، إذ كيهودي يعرف عقلية اليهود المتمسكة بما كانوا فيه... أما القوي فلا يدن الضعيف.. ويحذرّنا من العثرة... ويحكمنا بالأفراز حتي لا نقع في وسوسة حرفية، إذ بدء عهد النعمة بالروح وأنتهى عهد الحرف والرمز.

الأصحاح الخامس عشر: نصائح.... تشجيعات.... أشواق.

ينصح بولس أولاده بأحتمال الضعفاء، عدم أرضاء النفس، العمل لأجل البنيان، الألتزام بالكتاب المقدس، وقبول بعضنا البعض.

يشجع بولس أولاده ليزدادوا في النعمة ويسترسل صفاتهم ويمدح صلاحهم وعلمهم..

يلتهف بولس شوقًا لآولاده ليزورهم وهو في الطريق إلى إسبانيا..

وفي الختام يطلب من أولاده أن يجاهدوا معه في الصلوات إلى الله.

الأصحاح السادس عشر: توصيات... تحذيرات... تحيات.

يوصي الرسول بالأخت فيبي خادمة كنخريا... ويحذرهم من الأنقشاقات والأنقسام ويحيي العاملون معه ويختم رسالته بالدعاء لأولاده..

مشكلة الأصحاح الأخير؟

يدّعي البعض بأن الأصحاح الأخير غير منسجم مع الرسالة خاصة وأنه ختم الرسالة بعبارة "آمين" في الأصحاح الخامس عشر، وأن هذا الأصحاح ضمن رسالة أخرى لأفسس؟!

الــرد:

أن القديس بولس ذكر الأسماء المعروفة لديه فقط في رومية ولو كان لكنيسة أفسس لعرف كل أعضائها.

أن أكيلا وبريسكلا الذين كان بينهما في كورنثوس كانت لهما أعمال تجارية ولذلك كانا ينتقلان من مكان لآخر بسبب تجارتهما.

أبنتبوس الذيمن أخائية فأنه رحل من أسيا إلى رومية ولذلك أرسل إليه الرسول ليشجعه على الكرازة بقوة.

أما عن توصية أهل رومية بفيبي خادمة كنخريا فهو بسبب دالة المحبة وأيضًا معرفة الكثيرين وسماعهم عن بولس الرسول. وأيضًا كثيرون قد آمنوا بسبب كلامه أثناء تنقلاتهم بين البلاد بسبب التجارة.

أما ختامة الأصحاح الخامس عشر ثم كتابةالأصحاح السادس عشر فلأنه أراد أن يختم الجانب التعليمي والعملي ليقدم امور خاصة بكنيسة رومية. وهناك رآى بأن أستعمال كلمة "آمين" لتمجيد الله وليس فقط للخاتمة فلقد أستعملها في الرسالة سبع مرات.

وجود هذا الأصحاح ضمن الرسالة في بعض المخطوطات منها مخطوط سيناء ومخطوط الفاتيكان.

أن أفسس كانت ضمن الكنائس التي شاركت في تقديم العطايا لأورشليم وكان ضمن مندوبيها تروفيمس، تيخكس (أع 20: 4)، فلو كان الخطاب إلى أفسس لأرسل تحياتهما داخل الخطاب إلى الكنيسة هناك.

نركيسوس

نرجس

الكائنين في الرب

تريفيا

تريفوسا

لطيفة او ظريفة

التاعبتين في الرب

برسيس

فارسية

المحبوبة

هرماس

من الاله هلامسيس

روفس وأمه

أحمر

المختار من الرب وأمه أعتبرها بولس أمه

جوليا

مشتق من يوليوس

بتربوس

اله البحر

أولبماس

عطية تريوس

تيموثاوس

عابد الله

كواراتس

الرابع

ترتيوس

الثالث

الأسمـاء التـي ذُكرت في الأصحاح الأخير:

الأسم

معناه

وصفه في الرسالة

إكيلا

نسر

المبارك الخادم العامل مع بولس

بريسكلا

عجوز

العاملة مع اكيلا وبريسكلا

مريم

عصيان

تعبت لأجلنا كثيرًا

أندرونيكوس

يونياس

يهزم الرجال

مختصر

نسيبى بولس

أمبلياس

متسع

حبيبه في الرب

أوربانوس

مؤدب

العامل معه

إستاخيس

سنبلة

حبيبه

أبلس

مشهور

الزكى في المسيح

هيروديون

هيودس

نسيبه

أرستوبولوس

مشير ممتاز

مقدمة في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس

كاتب الرسالة:

هو بولس الرسول المدافع الأول في قضية قبول الأمم للأيمان المسيحي، وصاحب الفكر المنفتح لربح كل نفس للمسي والراعي الأمين الذي يفتقد ويكرز ويرعى ويهتم بمشاكل الكنائس وحلها.

زمان ومكان كتابة الرسالة:

كتبها بولس الرسول حوالي عام 57م، في نهاية خدمته التي أستغرقت ثلاث سنوات في مدينة أفسس أثناء رحلته التبشيرية الثالثة.

قانونية الرسالة:

ذكرها أكليمندس الروماني بالأسم في رسالته الى نفس الكنيسة قبيل أنتهاء القرن الأول.

هناك أقتباسات كثيرة في هذه الرسالة في رسالة برنابا وكتابات هرماس وأغناطيوس وبوليكاربوس وإيريناؤس.

ووجدت في وثيقة موراتوري.

مدينة كورنثوس:

مدينة كورنثوس مدينة يونانية متميزة قيل عنها أنها "نور كل اليونان"، بها مينائين يطلان على بحرين تربط بهما الشرق بالغرب، وتشتهر ببناء السفن وصناعة النحاس والفن المعماري.

وهى مدينة مفتوحة على العالم في التجارة والدورات الرياضية، وكمدينة مفتوحة ضمت ديانات كثيرة مملؤة آلهة مصرية ويونانية ورومانية بجانب هياكل الآلهة الأغريقية ومعبد أفروديت إلهة الحب الوعشق عند اليونان، وصارت مضرب الأمثال في الخلاعة وتكرس فيها حوالي 100 كاهنة للفساد وصار في اللغة اليونانية "كورنثاسين" تعني "عش كورنثوسياً" = "عش فاسدًا"!.

وكان اليونانيون والوثنيون عمومًا يعتبرون العبيد أفضل قليلاً من البهائم وكان من حق السيد أن يقتل عبده دون مسائلة.

كل هذه الخلفية الثقافية والحياتية أثرت في مسيحيي كورنثوس والتى حاول بولس الرسول علاجها في رسالته وأثناء وجوده فيها لمدة 18 شهر بأمر من الرب (أع8: 9، 10).

المسيحية في كورنثوس:

أسس بولس الرسول الخدمة في كورنثوس خلال رحلته البشيرية الثالثة مبتدئًا –كعادته - من مجمع اليهود في المدينة من بيت إكيلا وبريسكلا ونجح في أجتذاب كريسبس رئيس المجمع، وأهل بيته (أع18: 8)، ثم قام عليه اليهود فأتجه إلى الأمم لكنه وجد الفساد منتشر والصراع مشتد فشرع على مغادرتها إلى تسالونيكس إلا أن خطته تغيرت بأعلان ألهى (أع 18: 9 - 10).

ونجح بولس في خدمته رغم صعوبات الكرازة وسط شعب يعتبر رمزًا للفساد والتدني الأخلاقي، إذ وضع في قلبه أن النجاح في كورنثوس نجاح في الخدمة بين الأمم، وجذب بولس للسيد المسيح من العبيد الذين زاد عددهم عن ضعف الأحرار، وجذب الشرفاء ومنهم تيطس يسطس (11: 21 - 32).

وبعد أن تركها بولس زارها أبلوس، وكان يهوديًا إسكندريًا مثقفًا وحكيمًا، قبل الأيمان بالمسيحيه وصار كارزًا فيها ونجحت خدمته جدًا (3: 5 - 9)، غير أن البعض أساء أستخدام أسمه وأنقسم المؤمنين إلى أربع فرق:

أتباع بولس رآوا فيه أول كارز للمدينة وتشددوا للجانب الصوفي في المسيحية.

أتباع أبلوس رآوا فيه الفيلسوف الحكيم وتشددوا للجانب العقلي.

أتباع صفا (بطرس) ورآوا فيه الرسول الذي يرجع اليه الفضل في تعميدهم في أورشليم وتشددوا للجانب الشخصي.

أتباع المسيح هؤلاء أرادوا إلا يتبعوا شخص ويؤمنوا بالمسيح مباشرة، ونادوا بأنهم رأوا المسيح بالجسد!

غــرض الرسـالة:

وصلت أخبار محزنة من كورنثوس إلى بولس الرسول بعد خدمته الناجحه فيها فأرسل إليهم ردًا على كل ما وصل إليه، ويرى البعض أن بولس كتب لكورنثوس 4 رسائل:

رسالة سابقة عن الرسالة الاولى (1كو5: 9) ويبدو أنها فقدت وهذه الرسالة وصلت قبلها.

الرسالة الأولى.

الرسالة الحزينة (2كو2: 4).

الرسالة الثانية.

ناقش بولس الرسول المشاكل الموجودة في كورنثوس ومنها:

عالج مشكلة الأنقسامات والتحزبات التي ظهرت في المدينة.

حذرهم من الفساد الأخلاقي وخطية الزنا.

تباهت النساء بمراكزهن الأجتماعية وأردن أن يرفعن أصواتهن في الكنيسة ويرفعوا غطاء رؤسهن فأرسل بولس الرسول نموذج لسلوك المرآة في الكنيسة.

أراد الرجال أن يطلقوا شعورهم فناقش بولس الرسول هذا الموضوع بحزم.

أساء البعض إستخدام المواهب الروحية كالتكلم بألسنه وأوضح لهم بولس الرسول المفهوم السليم لهذه الموهبة.

ناقش أمور عقائدية خاصة بالقيامة من الأموات.

ثبّت مبادئ هامة في البتولية والزواج والحياة الأسرية.

وضع نظامًا متكلام عن الولائم الروحية والطعام المقدم للأوثان.

سمــات الـرسـالة:

رسالة تحمل فكر بولس الرسول المتسع لقبول الكل على المستوى الأجتماعي والثقافي، وهى ضمن الرسائل الأساسية الأربعة (رسالتى كورنثوس، رومية، غلاطية) الذين يحملون دفاعا لقبول الأمم.

رسالة كنسيـة تحمل نظما متكاملاً لحياة الأنسان المسيحي التعبدية والأخلاقية والسلوك الروحي في حياتهم الأسرية وعلاقتهم الأجتماعية ويهتم بولس الرسول بذكر كلمة "كنيسة" 18 مرة في الرسالة.

رسالة عقائدية تخص أقنومى الأبن والروح القدس وتشير إلى الفداء والصليب والقيامة والأفخارستيا.

رسالة "حكمة الله" حيث يركز الرسول على الحكمة الألهية وليست الأنسانية ليبطل فكر اليونانيين المعتزين بحكمتهم الزائلة ويذكر بولس فيها كلمة "حكمة" 31 مرة.

رسالة "قوة الصليب" فهو قوة الله وحكمة الله، وبه تم العمل الخلاصي والكرازى، وهو القوة المغيرة في العالم وبه تتصالح الشعوب وتتوحد بالأيمان في المسيح المصلوب.

رسالة "الدينونه" إذت تدين بقوة وحزم كل سلوك فاسد ونتحدث عنها من جوانب كثيرة ".

+ دينونة الأخرين قبل الوقت (4: 5) + دينونة الانسان لنفسه (11: 31).

+ دينونة الله لنا (11: 32) + سندين العالم (6: 2).

+ سندين ملائكة (6: 3).

أقسام الرسالة:

الجزء الأول: أنقسامات وأضطرابات في الكنيسة (ص1 - 6).

الأصحاح الأول:

يبدأ الرسول رسالته بالشكر لله لا لأجل إيمانهم –كما في رسالته روميه - ولكن لآجل عطايا ونعمة الله لهم ثم يدخل بولس في أولى وأخطر قضايا الرسالة وهى الأنقسامات الحادثة بينهم ويعلن رفضه عن هذه الأنقسامات، فالله أختار الضعفاء والجهلاء لكى لا يفتخر أحد أمامه.... فالكرازة بالمسيح وللمسيح ومن أفتخر فليفنخر بالرب!

الأصحاح الثاني:

يذكرهم بولس بأنه أتى إليهم لا بقوة وحكمه عالميه بل بأرشاد الروح القدس فالفضل لا يرجع إلى أثباتات عقليه بل الى القوة الالهيه فألامور الروحية لا تعلن إلا بالروح، فالأنسان الطبيعى الذى يحكم عقله ويقيس الروحيات بالأمور المادية تعتبر التعاليم الروحية بالنسبة له غير سليمة ذلك لآن الأمور الروحية تحتاج الى معرفة روحية تفوق حدود المعرفة البشرية وهذا لا يتم إلا بأن يكون لنا فكر المسيح!.

الاصحاح الثالث:

لم يكن الكورنثيون "طبيعيين" كما كانوا قبل الايمان، ولم يكونوا "روحيين" كما يجب، بل كانوا "جسديين" فلم يستطع بولس أن يكلمهم كروحيين بل كمسيحيين ذوى أفكار جسدية أحتاجوا إلى أبسط الأطعمة –طعام الأطفال - فتسائل من هو بولس ومن هو أبلوس إلا عامليين مع الله ولولا عمل الله ما نفع جهد بولس أو خدمة أبلوس... وإذا تسرب روح الأنقسام والتحزب بين الخدام فإنهيمزق الجسد الواحد - جسد المسيح - الذي هو الكنيسة ويلقي دينونته الشديده من الله.

وإذا تعرض المخدومون للضيقات ولم يثبتوا، ضاعت أتعاب الخادم وخسر آجر الخدمة لآن خدمته سطحية، ولكنه يخلص إذا كانت حياته صالحة.

يعود بولس ينهيهم عن تبعيتهم لآشخاص معينين لآن مواهبهم من نعم المسيح عليهم.

الاصحاح الرابع:

لكي يحسبوا بولس وأبلوس وسائر الكهنة خدام ووكلاء الله يجب أن يكونوا أمناء على وكالة الله، ثم يكتب لهم بولس كأبناء وينذرهم إلا يتبعوا سوى إباهم الذي ولدهم في المسيح ويتمثلوا به مهما كثر المرشدين، ولكى يتذكروا خدمته أرسل لهم تيموثاوس الحبيب لينوب عنه ويؤكد تعاليمه.

الاصحاح الخامس:

ينتقل بولس من حزنه بسبب الانقسامات إلى خجله بالحديث عن خطية الزنا التى كانت بينهم، الأمر الذي لم يكن له مثيل حتى بين الأمم، بل أمتد الخطأ إلى القديسين بصمتهم عن خطأ ساكن في وسطهم بل وأفتخارهم بحكمتهم ومواهبهم غير مباليين بمن في وسطهم، وأعطاهم نثل بأن خميره صغيرة تؤثر في العجين كله فأعزلوا الخبيث من بينكم!. ذلك من حقهم بل ومن واجبهم أن يفرزوا الذي يخطئ وهو داخل جماعة المؤمنين لتطهر نفوسهم ويتقدس مجتمعهم.

الأصحاح السادس:

يوبخهم بولس الرسول لأنهم أشتكوا أخواتهم عند الوثنيين الذين يسميهم الرسول ظالمين لأنهم خالفوا الشريعة وإنكروا الحق.... فأن كام المؤمنون أهل للدينونة في يوم الدينونة فبالأولى يحكمون في الأمور الصغيرة. ويسرد بولس قائمة من الخطايا التى تمنع من دخول الملكوت والتى كان يمارسها الوثنيين، ولأن المؤمنين تقدسوا بحلول الروح القدس وسكناه فيهم فلا يصح أن يأخذوا أعضاء المسيح ويجعلوها أعضاء زانية، ويضع معلمنا بولس معيار لفعل ماهو مناسب وغير مناسب بأن:

لا نفعل ما لا يوافق لا نفعل مالا يبني لا نفعل ما يتسلط علينا.

الجـــزء الثاني: أسـئلة الكنيسـة (7 - 16).

الأصحاح السابع:

يجيب بولس الرسول على اسئلتهم بخصوص الزواج، فالزواج ترتيب ألهي مقدس ومع ذلك فالبعض لهم أن يعيشوا بتوليين مثل بولس، ويعطي للمتزوجين نصائح لتصحيح مفاهيم أساسية في علاقتهم ببعض:

ليس للمرآة سلطان على جسدها بل للرجل والعكس صحيح.

لا يمتنع آحد الزوجين عن الطرف الآخر إلا بموافقة هذا الآخر.

إن الزواج ليس للأنجاب فقط بل لحفظ الحياة طاهرة بعيدًا عن الدنس.

إن المضجع غير دنس والله الذي أسس الزواج، وفي موضع آخر شبّهعلاقة الرب بالكنيسة بالزواج.

يمتنع الطرفين عن علاتهما في الصوم ليتفرغا للصلاة والصوم ويعودا مرة أخرى حتى لا يتعرض أحد الطرفين لتجربة من الشيطان بسبب الأمتناع عن هذه العلاقة، على أن الأمر متروك لمستوى النضج الروحي، حتى لا يتسبب لغير القادرين على كسر الوصية.

يوصي الرسول بولس، المرآة بألا تنفصل عن زوجها إلا في حدود ما علم به المسيح (الزنا)، فبولس لم يقدم موضوعًا تفصيليًا. وعلى الرجل أن لا يترك أمرآته تفارق بيتها بل عليه أن يحاول أن يرضيها.

ويختم الفصل بالأشارة إلى هذا المبدأ وهو أن للمؤمن غير المتزوج والأرمل، الحلق في أن يتزوج بمن يريد في الرب فقط.

الأصحاح الثامن:

من جهة الأكل مما ذبح للأوثان يشير الرسول إلى بطلان الأوثان، ويحذر من أن يكون مسيحي في هيكل وثني فهو بهذا يعثر الضمير ويخطئ إلى الأخوة والمسيح.

الاصحاح التاسع:

يعلن بولس عن حقوقه الرسولية ويكشف عن جهاده في نشر الأيمان وزهده في أن يثقل على أحد بنفقات معيشته كمبدأ سامي في التنازل عن أبسط حقوقه ويجاهد من أجل تحقيق هدفه في الوصول إلى كسب النفوس للمسيح، فهو لا يجاهد باطلاً بل يقمع جسده ويستعبده حتى لا يصير مرفوضًا.

الأصحاح العاشر:

يذكر بولس الرسول إسرائيل مثالاً لآهل كورنثوس لئلا يفتخروا بمواهبهم، فإسرائيل أكلوا من المن السماوي، وشربوا شرابا روحيًا ومع ذلك هلك معظمهم... فالله يرفض من لا يجاهد... زكما أشتهى بنى إسرائيل العودة لمصر للتمتع بقدور اللحم، هكذا يحذرهم من العودة للملذات ولعبادة الأوثان ليصلوا إلى أورشليم السماوية... فليس معنى أننا أعتمدنا وتناولنا أننا ضمنا دخول السماء، بل علينا أن نجاهد لئلا نصير مرفوضين، فكل ما نعمله يكون لمجد الله وبغير عثرة لأحد.

الأصحاح الحادي عشر:

يقدم الرسول حلولا ً لمشاكل خاصة بالعبادة الكنسية، فيذكر أنه يجب على المرآة أن تغطى شعرها وهى تصلي ولا تتشبه بالرجال في قص الشعر، والرجل لا يغطي شعره لآنه يحمل صورة الله ومجده وهذا ليس من باب التمييز بين الرجل والمرآه بل هو شكل العبادة الذي يخدم وحدتهما ويزيد أرتياطهما ببعض.

ثم ينتقل للحديث عن مائدة الرب ووجوب الاستعداد والتقدم بتمييز لجسد الرب ودمه، وأن لا يخجلوا الفقراء بتناولهم أطعمتهم الفاخرة، وأن لا يستهينوا بكنيسة الله، ويأتي إيضًا الحديث عن سر الأفخارستيا الذي أستلمه الرسول بولس من رب المجد شخصيًا.

الأصحاح الثاني عشر:

ينتقل الرسول بولس للحديث عن المواهب في الكنيسة ويقدم قائمة بالمواهب المتنوعة إلا أن الروح واحد، فالموهبة هى عمل الروح القدس في الكنيسة فلا يحق لصاحب الموهبة أن يفتخر بها ولا من داعي لصغر النفس للذين بلا مواهب، فالكل يخدم كأعذاء في جسد واحد كل منهم يخدم ويحتاج الأخر.

الاصحاح الثالث عشر:

يعزف بولس الرسول في هذه الاصحاح أنشودة المحبة ويشرح صفات وكمال المحبة المسيحية فهى الفضيلة التى بدونها لا نفع لكل المواهب... هى هامة لكل مسيحي ليس لأنها أعظم الفضائل فقط بل لأنها الله ذاته... فالله محبه!

الاصحاح الرابع عشر:

يعالج بولس الرسول موضوعا من أخطر الموضوعات في الكنيسة الأولى وهو "التكلم بألسنه" ويعقد مقارنة بين موهبة التكلم بألسنه والتنبؤ وأيهما أكثر نفعل لبنيان المؤمنين وهى موهبة أنتهت بإنتهاء كنيسة الرسل. ويضع بولس قواعد يجب على المؤمنين وذوى المواهب والنساء مراعتها فكل شئ بحسب النظام وفي حدود اللياقة.

الاصحاح الخامس عشر:

بعدما آمن أهل كورنثوس عادوا للشك في قيامة المسيح مما جعل بولس يستطرد في أثباتات عديده لتأكيد القيامة، فأن لم يكن هناك قيامة فلا يوجد كرازة ولا إيمان، فإن كان رجاءنا في الأرض فقط فنحن أشقي جميع الناس. ويوضح بولس جهلهم بطبيعة أجساد القيامة التى تتغير عن أجسادنا المادية فجسد القيامة يصير في عدم فساد غير قابل للضعف والموت والأنحلال.

الأصحاح السادس عشر:

في نهاية الرسالة ينظم بولس جمع التبرعات لكنيسة أورشليم ويخطط زياراته وسفره، ثم يكمل نصائحهالختامية وتحياته.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس

كاتب الرسالة:

هو بولس الرسول كما أوضح منذ بدء الرسالة (1: 1)، وكماأوضحت الرسالة عن أفكار وأشواق وغيرة كاتبها، وكما كشفت عن أستكمال رسالته الأولى.

زمان ومكان كتابة الرسالة:

كتبها بولس الرسول بعد شهور قليلة من كتابة الرساله الأولى في نهاية عام57م مسرعًا إلى مكدونية من أفسس متشوقًا لملاقاة تيطس لمعرفة نتيجة رسالته الأولى.

قانونية الرسالة:

قبلت بالأجماع في الكنيسة الأولى.. وأقتبس منها بوليكاربوس. وشهد لها إيريناؤس وإكليمنضس الأسكندري وترتليانوس ووردت في وثيقة موراتوري وأعترف بها مرقيوس الهرطوقي.

غرض الرسالة:

عندما تقابل بولس الرسول مع تيطس الحامل أخبار تأثير الرسالة الأولى كتب رسالته الثانية معبرًا عن فرحة وإرتياحه لنجاح الرسالة الأولى.

إذ أستخدم بولس سلطانه الرسولي بقطع الأخ الزاني في كنيسة كورنثوس (1كو5)، فأرسل مستخدمًا سلطانه لحله حتى لا يقع في اليأس فهو قصد توبته لا تحطيمه فأوصى بقبوله بمحبة (ص 2، 7).

كتب بولس رسالته هذه ليشرح لماذا تعوق في حضوره إليهم حسب وعده في الرسالة الأولى (1كو 16: 2، 5، 7). فأتهموه البعض بالخوف من المواجهة (2كو10: 10) كما أتهموه بالخفه (2كو1: 17) أى يقول ولا ينفذ... فكان من الضروري أن يبرهن على صدق رسوليته وحبه الشديد لشعبه وغيرته عليهم (11: 29).

كتب بولس ليؤكد على الأهتمام بجمع الصدقات للمؤمنين في أورشليم لتكون الكنيسة في شركةحب وقلب واحد.

حّذر بولس الرسول من أصحاب البدع والهرطقات من أولئك الذين آمنوا وهم من أصل يهودي الذين أصروا على إتهام بولس بأنه مرتد ومقاوم للناموس.

أقسـام الرسالة:

الجزء الأول: الدفــاع عن رســوليــة بــولـس (ص1 - 7).

الأصحاح الأول:

يبدأ بولس رسالته بوصفه لنفسه "رسول يسوع المسيح" فهو يؤكد على رسوليته من أول الرساله... ثم يعزى المؤمنين بالتعزية التى له من الله والتى تكثر بالمسيح، وإن كان الشعب قد جاز آلام فهو إجتاز في الآلام فوق الطاقة... ويختم الأصحاح بعربون الفرح الذي أعطاه الله لنا.

الأصحاح الثانى:

بم يدرك الكورنثيون إلا القليل من حزن الرسول، فإنه كتب إليهم رسالته الأولى بدموع كثيرة لا لكى يحزنوا بل ليعرفوا المحبة التى عنده من نحوهم.

أما عن الخاطئ الذي أحزنهم فعليهم أن يقبلوه ويظهروا نحوه كل محبة لئلا يبتلع من الحزن المفرط. ويقدم بولس الشكر لله بعد سماعه أخبار النصرة فأن الله هو واهب النصرة وهو الذي أقامنا خدامًا له.

الأصحاح الثالث:

يؤكد بولس أنه لا يحتاج أن يمدح نفسه لدى تلاميذه، ولا يحتاج أيضًا إلى رسائل توصية لهم كما يفعل بعض المبشرين، ذلك لآنه معروف عندهم بأنه رسول مشهودله بأعماله.

يؤكد بولس أن المؤمنين هم رسالة الله إلى العالم كله ولكنها مختلفه عن رسالة الله في العهد القديم فهذه رسالة مكتوبة على ألواح قلب لحمية في المؤمنين.. وبمقارنة خدمة العهد الجديد بالقديم تظهر خدمة العهد الجديد بأكثر مجد فهى التى يعمل فيها الروح القدس فتغفر الخطايا وتبرر المؤمنين وتنظر إلى مجد الرب بوجه مكشوف ويتغيروا إلى تلك الصورة عينها.

الأصحاح الرابع:

إدّعى المعلمين الكذبة أن الضيقات التى تواجه بولس هى علامة عدم رضا الله عنه وفي المقابل نجد بولس يرى في الضيقة ثقل المجد الأبدي وإن كان الجسد يتألم من الضيقات الخارجية فأن الأنسان الداخلي يتجدد يومًا فيومًا.

الأصحاح الخامس:

يشير بولس إلى الجسد –الخيمة الأرضية - التي يمكن أن يُنقض في أى وقت، ولكنها إن أنقضت بالضيقات تنقلنا إلى بناء عظيم سماوي غير مصنوع بيد أنسان...

وأتهم البعض بولس بالأختلال العقلي بسبب كرازة الأمم.. وهو يقبل هذا الأتهام من أجل خدمة الله ولكن ينبه المؤمنين أنه عاقل في كل تعليم بشرهّم به... فكل كرازة من أجل المصالحة التى أتمها الله على الصليب.. ورسالتنا هى أن نصالح الناس مع الله بأن نشهد لله ولمحبته للبشر.

الأصحاح السادس:

هنا يبيّن الرسول بولس انه هو وشركاؤه في الخدمة يظهرون في كل شئ أنفسهم كخدام الله، وهذا ما يجب أن يراعيه كل خادم... ويوصي بولس بأن لا يجب أن يكونوا تحت نير غير المؤمنين، فأنهم هيكل الله الحى لذا يجب عليهم الأنفصال عن العالم وكل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله...

الأصحاح السابع:

يُناشد الرسول بولس بأن يقبلوه ذاكرًا كل ما أصابة لأجلهم. ثم يشير إلى تأثير رسالته الأولى فيهم، وأنها وإن كانت أحزنتهم إلا أن الحزن الذي بحسب مشيئة الله يُنشئ توبة لخلاص بلا ندامة، أما حزن العالم فينُشئ موتًا. أما المؤمنين في كورنثوس ففي النهاية قد تعزوا والرسول تعزّى بتعزيتهم، وفرح هو وتيطس الذي أستراحت روحه لهم جميعًا.

الجــزء الثــانــي: الدفــاع عـن شـركــة العطــاء (ص8 - 9).

الأصحاح الثامن:

أرسل بولس في رسالته الأولى يدعوهم لجمع الصدقات والآن يشجّعهم على العطاء بذكر عطاء كنائس مكدونية، فهم يعطوا فوق طاقتهم من تلقء أنفسهم عكس ما حدث في كورنثوس. فقد كلمهم تيطس عن خدمة العطاء عند زيارته لهم... ثم يرتفع بولس بمستوى التشجيع على العطاء لا على مستوى أهل مكدونية بل كما أعطى المسيح نفسه بتجسده وأفتقر وهو الغنى..

فأرسل بولس من تيطس ولوقا شخصًا آخر مشهودًا بنشاطه ليظهروا براهين محبتهم وعطاياهم.

الأصحاح التاسع:

يمتدح بولس أهتمام أهل كورنثوس بالعطاء حتى لو لم يبدأوا بجمع حقيقى للعطاء... ولكن إظها إستعدادهم عند سماعهم العام الماضي عن الأحتياج شجع الكنائس الأخرى على ذلك.. إلا أنه يّذكرهم بضرورة العطاء بفرح.

الجــزء الثــالث: الدفــاع عــن مـذلـة حضــرته (ص10 - 13).

الأصحاح العاشر:

يتكلم بولس بوداعة المسيح عن ضعفه كأنسان عادي ولكن في الرسالة كمن يتكلم بسلطان، لا يخش من مقاومة الأشرار بل بثقته في أسلحة الله الروحية القادرة على هدم حصون والظنون... فهو ليس كمن يقاوموه بل منهجه في الأتضاع والأفتخار بالرب.

الأصحاح الحادي عشر:

غار بولس عليهم غيرة الرب لأنه خطبهم كعذراء عفيفة للمسيح ولكنه يخاف لئلا تفسد أذهانهم عن البساطةالتى في المسيح يسوع... ويتكلم بولس عن معرفته الروحية التي أستقاها من الرب يسوع شخصيًا... وأنه ليس كما أدعّى المقاومين فهو خدمهم مجانًا مستكملاً أحتياجات الجسد الضرورية من كنائس أخرى كفيلبي.

ويعتبرها الرسول غباوة أن يتكلم عن تكريسه وأتعابه وآلامه في خدمة الرب ولكننا نشكر الله لأنه ذكرها إذ تضمنت أعمق معاني الخدمة والرعاية!.

الأصحاح الثاني عشر:

لتأكيد صدق رسوليته تحدث بولس عن الأعلانات الألهية التى تمتع بها، مؤكدًا أنه لا يفتخر بذلك. فقد سمح الله له بتجربة في جسده حتى لا يسقط في الكبرياء بسبب كثرة الأعلانات. أما ما يفتخر به فهو ما وهبه الله من إمكانية لأحتمال الضيقاات والتجارب والأضطهادات من أجل الرب. وأيضًا محبته الباذلة لشعبه كأولاد له. أخيرًا يطلب إليهم أن يستعدوا بالحياة المقدسة حتى يفرح بهم عند مجيئه إليهم.

الأصحاح الثالث عشر:

يختم بولس رسالته بأثبات رسوليته خلال أستخدامه لسلطانه الرسولي بحزم في التعامل مع الخطاه وفي المقابل يُظهر بولس مشاعر الأبوة في صلاته الحانية من أجل أهل كورنثوس ثم ينهي كلامه بالتشجيع وطلب العيش بسلام ببركة الثالوث القدوس.

مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية

كاتب الرسالة:

كاتبها هو القديس بولس الرسول (1: 1، 5: 2)، ويظهر فيها مفردات وأسلوب ومنهج بولس الرسول أكثر من دافع عن المسيحية ضد التهود - موضوع الرسالة - وأعتبرها البعض معيارًا تُقاس عليه الرسائل الأخرى المنسوبة للقديس بولس الرسول مما يؤكد أنتسابها له.

زمن ومكان كتابة الرسالة:

كُتبت الرسالة أما في أقاب رحلته الثانية (حوالي عام55م)، أو أثناء رحلته الثالثة عام 57م. وكتبها بولس الرسول في أفسس.

قانونية الرسالة:

قُبلت الرسال بإلاجماع كسفر قانوني بإجماع الكنيسة الأولى منذ عصرها المبكر.

هناك أشارة إليها في كتابات أكليمندس الروماني وأغناطيوس وبوليكاربوس، ويوستينوس الشهيد وميليتوس وأثيناغوراس.

شهد له آباء القرن الثاني مرارًا.

ومثبتة في وثيقة موراتوري.

مدينة غلاطية:

هى مقاطعة كبيرة في وسط آسيا الصغرى، سميت غلاطية لأن سكانها رحلوا إليها في سنه 280ق. م من غاله (فرنسا) وقد صارت بعدئذ مقاطعة رومانية وعاصمتها "أنقرة" (عاصمة تركيا الآن).

شعبها شعب عنيد ومحاربون أشداء، وصفهم أحد شعرائهم بالشعب الغبي، وذاعت عنهم هذه الصفة وأستعارها بولس الرسول في رسالته إليهم (غل 3: 1، 3: 3).

كنيسة غلاطية:

زارها الرسول بولس في رحلته التبشيرية الأولى ومن كنائسها: أنطاكية وبسيدية وأيقونية ولسترة ودربه 0أع13، 14)، ثم زارها بولس مع تيموثاوس (أع16: 6) وزارها مرةثالثة في رحلته التبشيرية الثالثه (أع18: 23) حيث جمع منها تقدمة مادية لأجل القديسين في أورشليم (1كو16: 1).

كان بعض سكانها من اليهود الذين صاروا مسيحيين وذكرها بطرس رسول الختان في رسالته الأولى (1بط1: 1)، وتمسكّوا بعبادتهم اليهودية القديمة وبشروا الغلاطيين بضرورة التمسك بالسبت والختان لآجل خلاصهم وأن بولس أخطأ حين تجاهل هذه الأمور، فأن بطرس ويعقوب ويوحنا لم يمنعوا هذه الممارسات، وبذلك سقطوا في بدعة التهود والتشكيك في رسولية بولس.

ولذا جاءت الرسالة حازمة تقطع الشك في رسولية بولس، وتدحض فكر التهود.

كيف هـاجم بولس الرسول فكرة التهود؟

يهاجم بولس الرسول الختان في (5: 1 - 4) ويؤكد عدم نفعة للخلاص.

يهاجم باقي أركان الناموس الطقسية (4: 9، 11).

يصف من يفعل ذلك ويلتزم بالناموس بالغباء (3: 3).

يحرم من يعلم بهذا (1: 9).

أكد على ان بشارته أخذها من المسيح مباشرة، وعلمّ سامعيه بسلطان المسيح وليس بسلطانه (1: 11 - 14).

أعلن بكل وضوح أنه إن كان الخلاص بالختان والطقوس اليهودية لكان موت المسيح بلا جدوى (2: 21).

أن الحياة المسيحية في الغلاطيين بدأت بأختيارهم بوجود وفعل الروح القدس وسطهم فكيف بعدما بدأوا بالروح يكملون بأعمال الناموس (3: 2 - 5).

أبطل حجتهم بأن إبراهيم تبرر بالأيمان ـ فأن أولاد إبراهيم يتبررون بالايمان كما تبرر إبراهيم، فبركات العهد في القديم يتمتع بها الآن من آمن بالمسيح وليس من يتمسك بحفظ الناموس (3: 6 - 9).

أعلن أن الناموس يوقع اللعنة على كل من يفشل في حفظ دقائق الناموس، فاللذين يتكلمون على الناموس يعرضون أنفسهم لخطر هذه اللعنة، ولكن المسيح –بموته على الصليب –حمل اللعنة عوضًا عن المؤمنين به، وهكذا خلصهم من لعنة الناموس، فأصبح الواجب على شعبه الآن عدم العودة لوضع أنفسهم تحت الناموس واللعنة المترتبة عليه (3: 10 - 14).

كيـف دافـع بولس الرسـول عن رسوليتـه؟

دافع بولس الرسول عن رسوليته من أول آيه في الرسالة، وأنها من الله "بولس رسول لا من الناس ولا بإنسان" (1: 1)، فهو لم يأخذ رسوليته من إنسان "بل بيسوع المسيح" (1: 1)، والروح القدس هو الذي قال "أفرزوا لي برنابا وشاول" (أع 13: 2).

أكد صدق إرساليته بأن التلاميذ الأعمدة أعترفوا برسوليته (2: 9).

أعلن بولس بسيرته الأولى ليؤكد عمل النعمه فيه (1: 13).

أورد بشاره الأبن له ليبشر للأمم (1: 16) ولم يستشر لحمًا ولا دم... فالدعوة واضحة ومؤكده لأنه إن سأل الرسل لكان في شك مما قاله له الله ويريد تأكيده!

ذكر زيارته لبطرس الرسول ومكوثه عنده خمسة عشر يومًا (1: 18) علامة المحبة وعدم أختلاف الرأى بل لتقسيم الخدمة إلى كرازة لليهود وكرازة للأمم.

يؤكد كل ما سبق بأنه "قدام الله.... لست أكذب" (1: 20) فكل ما ذكره حقيقة والله الذي هو أمامه شاهد عليه.

سمـات الـرسـالة:

تسمى رسالة "الحرية المسيحية"، إذ ذكرت الحرية 11 مرة في الرسالة، وهذه التحرر من أعمال الناموس فقد ذكر "الناموس" 32 مرة فيها.

هى الرسالة الوحيدة التى كتبها بولس الرسول إلى عدة كنائس وليس لكنيسة واحده (1: 2)، والملاحظ أنه أستخدم تعبير "كنائس غلاطية" وليس "الأحباء" أو القديسين "أو" كنائس الله "مما يدل على حزنه وقلقه عليهم ولينبههم إلى ضرورة الفكر الواحد حتى لا تصبح" كنائس "بل" كنيسة واحدة ".

هى الرسالة الوحيدة التي كتبها بولس بخط يده (6: 11) فالموضوع خطير يتعلق برسوليته وبأخطر بدعة في عصره (التهود).

هى رسالة شديدة اللهجة وحازمة، لم تفتتح ببركة ودعاء صلاة أو سلام على أحد معارفه في المدينة، وأستخدم تعبير "أيها الغلاطيون الأغبياء" (3: 1)، ورغم حبهم له لدرجة أنه قال "لو أمكن لقلعتم عيونكم وأعطيتموني" (4: 14، 15) إلا أن الأمر عندما يتعلق بالأنجيل فيظهر الحق بوضوح بجوار الحب.

أقتبس بولس الرسول من سفر حبقوق الآيه "البــار بالإيمــان يحيــا" (حب 2: 4) في ثلاث رسائل في (رو1: 17)، (غل3: 11)، (عب10: 38) وفي كل رسالة شرح كل كلمة منها:

رومية البار، غلاطية يحيا، العبرانيين بالإيمان.

من أكثر الرسائل التى تحدث فيها بولس عن حياته، فأهميتها التاريخية كبيرة إذ لم تقتصر على أحداث في حياة بولس بل أورد فيها تاريخ إبراهيم من الجارية للحرة، عهد الناموس من جبل سيناء الوالد للعبودية وعهد النعمة الوالد للحرية.

قيمتها الروحية كبيرة جدا بجانب القضايا اللاهوتية والتاريخيه إذ جاءت فيها ثمر الروح (5: 16 - 22).

أقسـام الرسالة:

رسولية بــولس ص1، 2.

تبدأ الرسالة بأعلان رسولية بولس الرسول المدعو من الله وليس من الناس.. ويدخل بولس مباشرة في صلب الموضوع متعجبًا من تحولهم السريع عن الأنجيل وينذرهم بأشد لهجة، وأستخدم أسلوب الحرم (أناثيما) مرتين في أصحاح واحد لكل من يبشرهم بغير ما بشرهم حتى ولو كان ملاك! فأن الأنجيل الذي بشرهم به ليس بحسب أنسان بل بإعلان يسوع المسيح، وأن اليهودية التى عادوا متمسكين بها هو أصلا ً كان من أشد المتعصبين لها ولكن نعمة الله أنارت له ليكرز بين الأمم.

ويوضح بولس صعوده إلى أورشليم ونواله يمين الشركة من الرسل المعتبرين أعمدة ليكرز بين الأمم وأما هم فللختان، كما أعلن مقاومته لبطرس الرسول في أنطاكية لأنه كان ملومًا من الجميع وليس من بولس فقط.. فليس صحيحًا أن بولس يتهم بطرس بالرياء وأراد إصلاحه وإنما قصد إصلاح تلاميذ بطرس.. فما حدث من بطرس والرسل في أورشليم هو تميم عملية الختان لأن إلغاء الناموس كليةً بطريقى فجائية لم يكن عمليًا – في أورشليم - لكنهم لما جاءوا إلى أنطاكية عاشوا في حرية، ولماجاء البعض من أورشليم ممن سمعوا التعاليم هناك كف بطرس عن هذا العمل خوفًا من أن يوقعهم في حيرة، وهكذا غيّر أسلوبه حتى لا يعثرهم ويعطى بولس فرصه لتوضيح الأمر... ومن الملاحظ أن بطر لم يعترضعلى بولس فهو مقتنع بعدم فائدة الختان ولكن ممارسته له في أورشليم من أجل النفوس الصغيرة المنتقلة للمسيحية... وقد أسمى بولس تغيير الأسلوب بين أورشليم وأنطاكية من جهة ممارسة الختان وعدمه (ريـاء)، ورضى بطرس بهذه التسمية وكأنه أخطأ ليصحح الأمر للمعترضين.. وصمت بطرس ساعد تلاميذه على الأقتناع بكلام بولس.

شرح مفهوم التبريــر ص3، 4.

يستعجب بولس من النقوص الذي حدث للغلاطيين وكأن أحد سحر لهم حتى يعودوا لفرائض الناموس بعد حياة النعمة؟! فالذين يبدأون بالجسد يكملون بالروح وليس العكس.. ومن بدء بالحرف يكمل بالروح وليس كما بشروهم؟! فالقوات والنعم التي حلت عليهم جاءت نتيجة الإيمان وليسالناموس والأدلة كثيرة من العهد القديم فها هو إبراهيم تبرر بالإيمان فكم بالحرى نحن؟ فالناموس لا يخلص أحد من الذين حفظوه فكم بالأولى الذين سقطوا تحت لعنته؟ لكن المسيح أفتدانا من هذه اللعنه؟... فالكل واحد في المسيح وأنتهى الماضي الذي دوره أن يوجهنا للمسيح، ونلنا التبني بالتجسد وتجاسرنا لنقول "يــا آبـا الآب"... فممارسة الطقوس اليهودية والأرتباط بالمناسبات اليهودية (4: 10) تضيع تعب بولس من أجلهم (4: 11).

ويأتي تضرع الراعي الذي يريد أن يكون أولاده مثله في ترك عادات وممارسات الماضي وتمثلهم به ليس عند حضوره فقط (4: 18) بل في كل وقت... ومرة أخرى هنا يعود ليستخدم الحب وعاطفة الأمومة الروحية (4: 19) ليعطيهم فرصة للعودة ونفض غبار تعاليم الكذبة، ثم يتكلم عن ابنى ابراهيم: واحد من الجارية وواحد من الحرة، فأحدهما ولد حسب الجسد وواحد حسب الموعد، وهما رمز العهدين أى عهد أورشليم في عبوديتها وعهد أورشليم الحرة أو العليا التي يجب أن تفرح. ونحن كإسحق أولادالموعد، وكما كان الذي وُلد حسب الجسد يضطهد الذي حسبالروح هكذا الآن إيضًا، لكن ماذا يقول الكتاب؟ أطرد الجارية وإبنها لأنه يرث ابن الجارية مع ابن الحرة. إذ إيها الأخوة لسنا أولاد جارية بل أولاد حرة.

تعــاليـم روحيـة ص5، 6.

أنهى بولس أصحاحه الرابع بأننا أحرار، وبحكمته شرح مفهوم الحرية التى حررنا بها المسيح، فهي ليست حرية إباحية يطلق فيها الأنسان العنان لشهواته... فأنساننا المصلوب مع المسيح لا يستعبده شئ في هذا العالم... فهو يسلك بالروح فتكون النتيجة أنه لا يكمّل شهوات الجسد... ويبدأ بولس يحذّرنا من تصادم الروح مع الجسد وتوضيح إن الفيصل في الأرادة القوية المسنودة بروح الله، وجهاد الأنسان ضد شهواته، ويعرض قائمة بأنواع الخطايا:

زنى: إلتصاق محرم بأمرآة.

نجاسة: مفهوم أوسع للخطية ويشمل الشذوذ الجنسي.

دعارة: تجارة الجنس.

عهارة: إظهار الجسد عاريًا.

عبادة أوثان: وتشمل الطمع ومحبة المال.

خصام: محبة النزاع.

حسد: روح الحقد.

بطر: الفرح المفرط من شرب الخمر.

سخط: قمة الغضب.

غيرة: حسد الآخرين.

تحزب: إتجاه مشاكس للتخريب.

بدعه: هرطقة.

وفي المقابل ينشد أنشودة ثمر الروح (5: 22).

ويشجعهم بولس في النهاية بالأستمرار في عمل الخير رغم الضيقات، ويشدد على أفتخارهم بالصليب الذي به نصير أموات عن العالم أحياء في العالم... ويختم بنعمة ربنا يسوع المسيح.

مقدمة في الرسالة إلى أهل أفسس

كاتب الرسالة:

كاتبها هو بولس الرسول "أسير المسيح يسوع" (3: 1)، وختم الرسالة ببركته الرسولية المعتادة (6: 23، 24).

زمن ومكان كتابة الرسالة:

هى ضمن رسائل الأسر التي كتبها بولس الرسول في سجنه في روما حوالي عام 61م.

غرض الرسالة:

جاءت رسالة أفسس هادئة وعميقة لم ترد على هرطقات أو تعالج مشكلات، ولكنها رسالة "مجد كنيسة المسيح" وتعليمات لأععضاء الجسد، فهى رسالة "كنسية" تحمل إعلان خطة الله في جماعة واحدة مقدسة.

قانونية الرسالة:

أستخدمها القديس أغناطيوس في رسالته إلى كنيسة أفسس، وفي رسالته إلى بوليكاربوس.

أقتبس منها أكليمندس الروماني، وهرماس في كتابه الراعي عام 148م.

شهد لقانونيتها إيريناؤس في كتابة "الهرطقات"، وأكليمندس الاسكندري وترتليانوس.

مدينة أفسس:

"أفسس" كلمة يونانية تعني "مرغوبة" وهى تقع في منتصف الساحل الغربي لآسيا الصغرى (تركيا). على الشاطئ الأيسر من نهر الكايستر.

أسسها "أندروكليس" وأتباعه الأثينيون.. وأشتهرت بهيكلها العظيم أرطاميس، تعرضت لعدة حرائق مدمرة وأعيد بنائها سبع مرات، وفي عام 26م تعرضت لزلزال مدمر فتولى الأمبراطور طيباريوس بنائها.

وهى أكثر بلد أحبها بولس الرسول فى زياراته.. وذلك لأنها أكثر مدينة مكث فيها (حوالي 3 سنين).

بها ملجأ للمجرمين الهاربين إلى هيكلها.. وذلك لكبر حجمها والازدحام الشديد بها.. وكان يوجد قانون في أفسس وهو أن من يذهب إلى هيكل أرطاميس ليحتمي به لا يتم القبض عليه.

في عام 431م أجتمع فيها 200 أسقف برئاسة البابا كيرلس عمود الدين لعقد المجمع المسكوني الثالث لمناقشة بدعة نسطور وحضر هذا المجمع الانبا شنودة رئيس المتوحدين.

سقطت أفسس في يد الأتراك فقتلوا بعض سكانها عام1308م، فتخربت تماما وتزحزحت منارتها (رؤ: 5).

كنيسة أفسس:

يعتبر بولس الرسول هو المؤسس الحقيقي لكنيسة أفسس، فقد قام بزيارة قصيرة لمدينة أفسس في نهاية رحلته التبشيرية الثانية عام 54م قبل عودته لقضاء عيد الفصح في أورشليم تاركًا إكيلا وبريسكلا اللتان كانتا معه واعدًا إياهن بزيارة قريبة (أع 18: 19 - 21).

بعد عودة بولس إلى أورشليم ومغادرته لأفسس جاء إليها رجل يهودي من الاسكندرية إسمه "أبلوس" وكان تلميذًا للقديس يوحنا المعمدان، عمد البعض بمعمودية يوحنا إلا أن إكيلا وبريسكلا علمّاه طريق الرب بأكثر تدقيق (أع 18: 24 - 26).

رجع بولس لأفسس حسب وعده في بداية رحلته الثالثه في خريف 54م ووجد بعضًا منهم معتمدين بمعمودية يوحنا فبشرهم بالسيد المسيح وعمدهم ووضع عليهم يديه فحل الروح القدس عليهم وبدأوا يتكلمون بلغات ويتنبأون (أع 19: 3 - 9).

ظل بولس يعلم ويبشر لمدة ثلاثة أشهر في المجمه اليهودي ولما أعترض البعض، أستأجر بولس مدرسة رجل أسمه "تيرأنس" وظل يعلم فيها لمدة سنتين فقبل كثير من اليهود والأمم الإيمان بالسيد المسيح (أع 19: 10). وبلغت الكرازة كل آسيا خلال عاصمتها أفسس (أع 19: 10)، وفي المقابل أنهارت عبادة أرطاميس مما جعل عابديها يقوموا بثورة ضد بولس (أع19: 24 - 29).

ترك بولس أفسس وأرسل إليها تلميذه تيموثاوس ليرعاها ولم ينساها الرسول الحكيم فبهث إليها برسالة على يد تيخيكس..

سمــات الرســالة:

رسالة أفسس هى "جوهرة الرسائل"، "والقلب الخافق لبولس الرسول" و "كلام بولس الأنيق".

هى رسالة "النعمة في المسيح" إذ تتكرر كلمة النعمة 12 مرة، و "في المسيح" 35 مرة في الرسالة.

هى رسالة "القديسين" إذ يتكرر لفظ القديسين 14 مرة.

هى رسالة "التسبيح والليتورجيا"... فتصلي بها الكنيسة في الأجبية في صلاة باكر (4: 1).. والقداس ضمن قراءات البولس... وفي صلاة الأكليل (5: 22)... وفي سر مسحة المرضى في الصلاة السابعة (6: 10).

هى رسالة "الكنيسة الجامعه" التى تجمع الكل ما في السماوات وما على الأرض في شخص الرب يسوع..

هى رسالة "العمل والفعل" فنجد فيها 231 فعلا ً مقابل 158 أسمًا، بينما في غلاطية 139 فعلا ً مقابل 202 أسمًا وفي رومية 363 فعلا ً مقابل 377 إسمًا.

هى رسالة "يسوع الممجد" لا "المتألم" وذلك لأنها رسالة الكنيسة الخفية التي وإن شاركت مسيحها آلامه لكنها ترجو التمتع بشركة أمجاده السماوية... لذا في الأصحاح الأول نجده يكرر "مدح مجده" ثلاث مرات.

هى رسالة "عمل الثالوث في الكنيسة":

الآب: المجيد (1: 17)، القدير (1: 19)، الرحيم (2: 4).

الأبن: الذي أختارها (1: 4)، باركها (1: 3)، فداها (1: 7).

الروح القدس: أُعلُن لنا به (3: 5)، يجب أن نمتلئ به (5: 18).

هى رسالة "البركة السباعية": 1 - مصدرها: الله (اف 1: 3) 2 - عددها: كل (اف 1: 3) 3 - نوعيتها: روحية (اف 1: 3) 4 - دائرتها: السماويات (اف 1: 3) 5 - نبعها ووسيلتها: فى المسيح (اف 1: 3) 6 - زمنها: قبل تاسيس العالم (اف 1: 4) 7 - غرضها: قديسين وبلا لوم فى المحبة (اف 1: 4).

أقسام الرسالة:

أولا ً: الجـزء التعليمـي (ص1 - 3).

الكنيسة والبركات في المسيح ص1.

أن كانت هذه الرسالة تتحدث عن الكنيسة كجسد المسيح، فأن الرسول يعلن أن كل مالنا إنما هو "في المسيح" نُحسب مؤمنون (ع1) وفيه صرنا مختارين (ع4) وفيه نلنا التبني لله (ع5) وفيه نلنا الفداء والتعرف على الآب ومشيئته، لم يقدم لنا معرفة كلاميه إنما حملنا فيه لندخل إلى حضن الآب لنعرفه معرفة الأتحاد معه والوجود فيه.

الكنيسة والقيامة في المسيح ص2.

ان أتحادنا بالمسيح يجعلنا نموت معه من الأموات، فالرأس القائم من الأموات يحمل جسد قائم إيضًا... ففى المسيح رأس الزاوية يتحد المؤمنون به فيشبهوا حجارة مركبة ومثبتة على الأساس رأس الزاوية أى المسيح. بل إن هذا البناء ينمو أى يتقدس كهيكل لله بسكناه فى كل واحد بروحه القدوس وسكناه فى كنيسته من خلال الأسرار المقدسة.

الكنيسة والقيامة في المسيح ص3.

أن الإيمان هو المدخل لحياة المسيح فينا، وبه يحل إيضًا في قلوبنا فنمتلئ ونتأصل في المحبة حتى ندرك ما هو:

العرض.... كل البشر.

الطول...... المحبة الأزلية الأبدية.

العمق..... عمق المحبة المتأصلة الحقيقية.

العلو....... علو محبة الله هو عرشه في السماء.

ثانيًا: الجزء التطبيقي (ص3 - 6).

الوحدة في المسيح ص4.

ان كان الله يقدم لنا ذاته دون تمييز فيليق بنا أن نسلك بروح الوحدة النابعة عن الحب ولا تكون الوحدانية شكلية أنما على:

وحدة الإيمان (1 - 6).

وحدة العمل (7 - 12).

وحدة العناية (13 - 16).

الحياة العملية في المسيح ص5، ص6.

ينصح بولس الكل بإن يتمثل بالله، وصونوا لسانهم عن كل كلمة بطالة، ويحّذر إيضًا من الطمع إذ يعتبره عبادة أوثان، ويطالب الكل بالتدقيق وإفتداء الوقت، وأن نمتلئ بالروح ونحذر شرب الخمر، وأن يكون حديثنا روحي مسبحين ومرتلين، ويعطي توصيات للأسرة والعبيد، وأخيرًا أن نتقوى في الرب وفي شدة قوته والثبات ضد مكايد إبليس مذكرنا بأسلحتنا الروحية.

مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي

كاتب الرسالة:

بولس رسول الأمم وعبد يسوع المسيح (1: 1)، ويذكر تيموثاوس تلميذه ورفيق خدمته لآجل الأنجيل (2: 22).

زمان ومكان كتابة الرسالة:

يرجح كتابتها في عام 63م قرب نهاية سجن بولس الرسول في روما حيث كان يتوقع الأفراج عنه (1: 13، 25)، (2: 23، 24). ولذا أعتبرها الشراح آخر الرسائل التي كُتبت في السجن.

غرض الرسـالـة:

كان أخوة فيلبي فقراء ماديًا ولكنهم أسخياء جدًا فأرسلوا لبولس مساعدات مادية وهدايا حتى صاروا مثال رائع للعطاء (2كو 8: 1 - 2) ولما أرسلوا له الخدمة المادية مع أبفرودتس (في4: 18) مرض أبفرودتس وقارب الموت فسمع أهل فيلبي وحزنوا جدا، وحزن أبفرودتس أيضًا وأعتم لآجل حزنهم عليه (في 2: 25 - 30)، فأرسل الرسول إليهم هذه الرسالة المفرحة ليعبر لهم عن شكره وفرحه بهم وليسجعهم على أن يفرحوا في الرب، فوضح دستور للفرح يوضح كيف نسير في العالم بعضنا مع بعض فرحين في الرب.

أرسل بولس هذه الرسالة ليطمئن أهل فيلبي على أحواله في السجن ويرشدهم ويحذرهم من المعلمين الكذبه.

أرُسلت الرسالة لعلاج أختلاف وجهات النظر بين خادمتين في الكنيسه هما (أفودية، سنتيخي).

قانونية الرسالة:

أقتبس منها أكليمنضس السكندري وإيريناؤس وترتليانوس.

أشار إليها الشهيد يوستين وثاؤفيلس الانطاكي كما توجد أشارات إليها في الرسالة إلى ديوجينيس.

أدرجت ضمن وثيقة موراتوري.

مدينة فيلبي:

إسم فيلبي معناه "محب للخيل أو للحرب"، وأعتبرت المدينة الأولى من حيث الأهمية لأنها أول مدينة يصلها المسافر بحرًا على مكدونية، ويعود هذا الأسم إلى "فيلبس الثاني" ملك مكدونية والد الأسكندر الأكبر الذي أسسها وأستغل معادن الذهب الموجودة فيها.

كانت لها نفس الحقوق التي لروما وتعتبر أول مدينة في أوروبا زارها بولس سنة 51م حيث أسسه فيها بولس كنيسة وآمن على يديه كثيرون منهم ليديه، والفتاة التي بها روح عرافه (أع16).

كانت الديانة السائدة فيها هى الوثنية وكان هناك مذبح لإله وثنى قائم على جبل قرب المدينة.

المسيحية في فيلبي:

ظهرت لبولس رؤيا في اللليل، رجلا ً مقدونيًا يطلب اليه "أعبر إلى مكدونية وأعنا" فللوقت طلب بولس أن يخرج إلى مكدونية وكان معه سيلا ولوقا الأنجيلي وتيموثاوس وبالطبع كانت فيلبي أول مدينة في مقاطعة مكدونية ولذا صارت فيلبي الشرارة التي منها أشتعلت أوروبا بالمسيحية.

كانت ليديه قد سمعت بولس وهو يعظ أول عظة في أوروبا فتابت وأعتمدت هى وأهل بيتها وصار بيتها كنيسة ألزمت الرسل بالمكوث فيه.

بينما كان بولس وسيلا يسيران عند النهر أعترضتهما جارية بها روح عرافه طرده منها بولس، فآمنت وأعتمدت هذا ما أثار بلبلة حولهما وضربهما، وأحتد الولاه على بولس وسيلا وألقوهما في السجن الداخلي الذي تزلزل نتيجة صلوات وتسابيح ورجاء الرسولان، وجاء ملاك الرب وفتحت لهما باب السجن فهرب الحارس لآن عقوبة هروب المسجون هى إعدام الحارس، لكّن بولس طمآنه وسعى لخلاص نفسه حتى تاب وأعتمد هو وأهل بيته.

طرُد بولس وسيلا من فيلبي وتركا لوقا وحده يكرز ويبشر ثم عاد بولس إليه بعد خمس سنوات، وزارها مرة ثالثة سنه 58م حيث كتب فيها الرسالة الثانية لأهل كورنثوس (2كو 2: 12).

سمات كنيسة فيلبي:

كانت كنيسة فيلبي لها مكانة خاصة في قلب القديس بولس لأنه ذهب إليها بموجب رؤيا سماوية، وتميز شعبها بمحبته العظيمة لبولس الرسول وأرسلوا له المعونة أكثر من مرة.

كانت كنيسة متألمة إذ كان اليهود يعيرونهم بأنهم يعبدون إنسانًا حكم عليه بالموت.

وكانت الكنيسة بمثابة بيت بولس يذهب إليه بولس ويستريح.

كانت حالتها جيدة من جهة الإيمان إذ تخلو الرسالة من التوبيخ والعتاب أو تعليمًا عقيديًا للرد على هرطقة.

لفت الرسول بولس أنظارهم شعبها إلا يفتخروا برعويتهم الرومانية بل يفتخروا برعويتهم السماوية.

سمات رسالة فيلبي:

هي رسالة الفرح إذ يذكر فيها كلمة "فرح" أو "سرور" 16 مرة، الفرح في الصلاة (1: 4)، في الأنجيل (1: 18)، في الشركة (2: 1)، في الرب (3: 4).

هي رسالة الشركة: في الأنجيل (1: 5)، في النعمة (1: 7)، في الروح (2)، في آلام المسيح (3: 10)، في الضيقات (4: 14)، في العطاء (4: 15).

هي رسالة الحب إذ وردت كلمة "الحب" 11 مرة فهي لها مكانة في قلب بولس الرسول وأهلها يحبون بولس وأبفرودتس مرسلهم لبولس.

هى رسالة الإيمان بالرب يسوع إذ يعطي بولس الرسول 49 لقب لرب في المجد في رسالته ولا تعبر عن إيمان نظري بل أعلن أن أمتيازاته هي نفاية من أجل ربح المسيح، وأمتيازاته هى:

مختون في اليوم الثامن.

من جنس إسرائيل.

من سبط بنيامين.

عبراني من العبرانيين.

غيور مضطهد الكنيسة.

من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم.

ولكن هـذا نفـايــة من أجل إيمــانه بالمسيـح (في 3: 5 - 8).

أقســام الـرســالة:

المسيــح حيــاتنــا ص1.

يبدأ بولس كعادته بالبركة الرسولية ثم يشكرهم معه في البشارة ويدعو لهم بدعواته الروحية... يطمئنهم بأن كلمة الأنجيل لا تقيد بل أن هذه القيود أثمرت وأتت بالسجان وأهل بيته إلى الإيمان... كما أن الموت لا يمثل خطر على بولس بل هو شهوة قلبه إذ تغير مفهوم الموت بعد قيامه المسيح وأصبح... المسيح حياتنــا.

المسيــح مثــالنــا ص2.

ينشد بولس الرسول أنشودة التجسد ويضع دُرّة فريدة من التعبيرات البسيطة الممتئلة عمق وأتضاع... فها هو الأبن يتجسد بأتضاع ويطيع حتى الموت ويقدم لنا الخلاص بذبيحة نفسه.... فيليق بنا أن نسلك كأبناء نضئ للعالم بسلوكنا... ويعلن لهم بولس بعودة أبفرودتس لهم حتى يطمئنوا عليه بعد مرضه... ويرسل لهم أيضًا تيموثاوس الذي يغير على خلاصهم ويرعاهم حتى يسلكوا حسنًا لأنهم أولاد الله فأن.... المسيح مثــالنـا.

المسيــح غرضنــا ص3.

كراعي صالح يخشي على رعيته من الذئاب الخاطفة والمعلمين الكذبة، ويحّذر بولس أحباؤه من هؤلاء الكذبة المعاندين... ويحدثهم عن ماضيه وأضطهاده لكنيسة المسيح لكن كل هذا نفاية من أجل معرفة المسيح... ويحذرهم من الأرتداد كما فعل البعض... فلا شئ نسعى إليه سوى الملكوت لآن.... المسيح غـرضنــا.

المسيــح فــرحنــا ص4.

كمرشد حكيم وطبيب روحاني يرسل بولس أعذب الكلمات لمحبيه.. ويدعو أفوديه وسنتيخي لترك الخلافات وليكون لهما فكر المسيح الواحد المفُرح... ولا ينس بولس الرسول برقيات الفرح والشكر والسلوك في الفضيلة... ويدعو أخيرًا الله أن يملأ أحتياجهم حسب غناه في المجد ويملأهم من فرحة فأن... المسيح فـرحنــا وكفـايتنــا.

مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي

كاتب الرسـالـة:

كاتب الرسالة هو بولس الرسول كما هو واضح في أول آية من الرسالة، كما ظهرت في الرسالة خدمته وأتعابه وسجنه ورفقائه، وسلامه على أهل كولوسي بيده (4: 18).

أعتراضـات علـى كـاتب الرسـالة:

يعترض البعض على كاتب الرسالة - بولس - بسبب ورود 34 كلمة جديدة لم يستخدمها في باقي رسائله.

الــرد:

لابد أن نُسقط الكلمات الضرورية التي تشترك في تتميم غرض الرسالة.. وباقي الكلمات الجديدة لا يتعدى الكلمات الجديدة المتفردة في رسائلة الأخرى.

يعترض البعض بأن أسلوب الرسالة مختلف عن أسلوبه في الرسائل الأخرى.

الــرد:

هذا طبيعي لآن الرسالة تعالج قضايا منفردة لا يوجد مثيلها في باقي الكنائس.

يعترض البعض بأن الغنوسية التي تفندالرسالة منهجها لم تكن قد ظهرت بعد.

الــرد:

أن الغنوسية كانت موجودة منذ القرن الأول بل أنها موجودة حتى قبل المسيحية ولكنها ظهرت في القرن لثاني كفرق مستقلة أدّعت أنها مسيحية تحت قيادة شخص معين.

يعترض البعض بأن الرسالة هاجمت فكر التهود بدون أقتباسات من العهد القديم وهذا ما لم يحدث في رسالة غلاطية.

الــرد:

أن أسلوب رد بولس مختلف في الرسالتين مختلف في الرسالتين لأن البدعتين الموجودتين في المدينتين مختلفتين، ففي غلاطية كانت بدعة اليهود، أما في كولوسي كانت بدعة مزج بين التهود والغنوسية لذا أختلف أسلوب رد بولس، فأقتبس من العهد القديم في واحدة ورد بدون أقتباس في الأخرى.

يعترض البعض بأن تعليم الرسسالة عن لاهوت السيد المسيح مختلف بل تفوق عن التعاليم عنه في باقي رسئل بولس.

الــرد:

لم تكن هذه هى المره الأولى التي عّلم فيها بولس بلاهوت المسيح، فقد أورد في فيلبى وجود السيد المسيح السابق (في2: 9 - 11) وأوضح في كورنثوس الأولى دوره في الخلقة (1كو8: 6)، وتركيز بولس الرسول على لاهوت السيد المسيح الخالق وصانع الصلح ورأس الكنيسة ضروري للرد على الغنوسيين.

زمان ومكان كتبة الرسـالة:

تعتبر رسالة كولوسي واحده من رسائل الأسر الأربع (أفسس. فيلبي. كولوسي. فليمون) الذين كتبهم بولس الرسول في سجنه الأول في روما حوالي عام62م بيد تيخيكس وأنسيموس.

غــرض الـرسـالة:

ذهب أبفراس إلى روما لبولس يحمل له أخبار طيبه عن كولوسي فرد بولس ليشجعهم على الثبات في الإيمان ورفض البدع المنتشرة حولهم.

كتب بولس الرسول إلى كولوسي ليقبلوا أنسيمس، ليس كعبد ذليل خائن بل كأخ محبوب منهم (4: 9).

ظهرت بدع في المنطقة المحيطة لكولوسي، ويبدو أن أبفراس كارزها لم يستطع مواجهتها منفردًا فلجأ لبولس للرد عليها وهـى:

التهـود:

فكــر التهــود

كيف عالجه بولس في الرسالة

نادى فكر التهود بأن الخلاص بأعمال الناموس (2: 11) وأن التقشف يشبع أحتياجات الأنسان الروحية ويحقق مصالحة مع الله

أوضح بولس في رسالته أن الخلاص والصلح لا يمكن بالممارسات الحرفيه الناموسية، وأن أعمال النسك لا تجدد الطبيعة الفاسدة بسبب الخطية لكن بالإيمان بدم المسيح والموت والدفن معه في المعمودية.

"عاملا الصلح بدم صليبه" (1: 14)

"الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (1: 14)

"مدفونين معه في المعمودية التى فيها أقمتم معه بإيمان عمل الله، الذي أقامه من الأموات" (2: 12)

الغنوسية:

فــكر الغنــوسيــة

كيف عالجـه بـولـس فـي الرسـالـة

إعتبار المادة شر فأستبعدوا تأنس المسيح وأنكروا جسده.

كتب يؤكد حقيقة الناسوت "جسم بشريته" (1: 22)، وختانه (2: 11)، وتسميره على الصليب (2: 14)

عبــادة المــلائكــة

أطاح التواضح الزائف للغنوسيين لعبادة الملائكة وأعلن ذلك في (2: 18)، وأوضح أن المسيح "يحل كل ملئ اللاهوت جسديًا (2: 9) إذ هو الإله بينما الملائكة شُفعاء كما في (رؤ8: 3 - 4)

فهم الغنوسيون بالخطأ الأيه "نعمل الأنسان على صورتنا" (تك1: 26) مدعين أن الله جعل الملائكة يخلقون الانسان، بل زاد بهم الأمر أنهم قالوا أن المسيح نفسه صار خاضعًا لسلطانهم

أعلن بولس الرسول أن المسيح هو خالق الكل وله الكل وفيه يقوم الكل وفيه خُلق الكل (1: 16، 17). كما جاءت الرسالة تؤكد أنه هو خالق السمائيين كما هو خالق الأرض وكل البشرية (كو2: 15)

نتدى الغنويون بأن الخلاص بالمعرفة حدث ذلك نتيجة تقسيمهم الناس لطبقات فحصروا الخلاص في طبقة معينه

نادى بولس الحكيم بأن الخلاص لن يتم إلا بدم المسيح، وأن المسيح "فيه مذخر كل كنوز الحكمة والعلم" (2: 3)

نادى الغنوسيون بأن الخلاص ليس للكـل

كرر بولس كلمة "كل" و "جميع" لتأكيد عمومية الخلاص لمن يقبله فالمسيح للك وفي الكل مهما كان:

معتقده: (يوناني "أممي"، يهودي "من شعب الله")

ثقافته: (بربري "أى لا يتكلم اليوناية"، سكيثي "أكثر الناس وحشية")

مكانته: (عبد "ليس له أى حقوق"، حر "من أسترقوا العبيد وأعتبروه ملكا لهم")

أعتقد بعض منهم أن الأنتصار على الحس يأتي بالأنغماس فيه، فأباحوا كل ماوه جسدي وشهواني

لم يغفل بولس الرسول الجانب الروحي بعد الجانب العقيدي، فأعطاهم تعاليم روحية سامية وعملية وأوصاهم بالسلوك المسيحي وأن يميتوا أعضاءهم التى على الأرض (3: 5 - 6)

أعتقد بعضهم بعد كفاية خلاص المسيح فتعبدوا لكائنات روحية أخرى معه

جاءت الرسالة مؤكده على لاهوت المسيح غافر الخطايا (1: 14)، وصانع الصلح (1: 20)، ومجرد الرياسات والسلاطين (2: 15) وأنه صورة الآب غير المنظور (1: 15)

قانونية الرسالــة:

هناك إشارات للرسالة في كتابات إكليمنضس الروماني وبرنابا وأغناطيوس وأقتبس منها يزستينوس الشهيد عدة مرات في حواره مع تريفو اليهودي وكذلك ثاؤفيلس الأنطاكي، كما شهد لها وأقتبس منها إيريناؤس وإكليمنضس السكندري وترتليانوس، وهى مدرجة في وثيقة موراتوري. وإعترفبها مرقيون الهرطوقي ضمن قانونه.

مـدينة كـولـوسي:

تقع كولوسي في وادي ليكوس ومعناه "صوف" لأنهذه المنطقة تعتبر من أغنى مناطق إنتاج الصوف في العالم.

تقع على بعد160كم شرقي أفسس (تعتبر تركيا) على بعد 24 كم جنوب شرق لاودكية، وبسبب قرب المسافة بين كولوسي ولاودكية وهيرابوليس أوصى بولس أن تقرأ الرسالة إلى أهل كولوسي في لاودكية وأن تقرأ الرسالة إلى أهل لاودكية في كولوسي (4: 16).

تعتبر كولوسي أصغر مدينة يكتب لها بولس الرسول.

المسيحية في كولوسي:

لم يكرز بولس الرسول بنفسه لآهل كولوسي، بالرغم من أن بولس جاز في غلاطية وفريجية –شمال كولوسي - إلا أنه لم يدخلها (أع 16: 6).

لذا يرجح بأن مبشر كولوسي هوأبفراس أحد الذين أمنوا على يد بولس في أفسس (أع19: 10)، والذى وصفه بولس بأنه "العبد الحبيب معنا" و "خادم أمين للمسيح لآجلكم" والذي أعلن بولس أنه من الكولوسيين (4: 12).

قد يكون الرسول وجد فرصة لزيرة المدينة أثناء رحلته التبشيرية الثالثة (أع 18: 23).. على أى حال أهتم بها بولس وتابع أخبارها وجاهد من أجلها في صلواته (كو2: 1).

رسالة كولوسي وأسفار العهد الجديد:

تشترك رسالة كولوسي مع باقي رسائل بولس الرسول في التعليم عن السيد المسيح ولكنها تميزت بأنها أوضحت أن المسيح لنا هو كــل شـئ.

بين كولوسي وغلاطية:

في كلاهما يرد بولس على هرطقات وتعاليم خاطئة:

(في غلاطية حارب التهود)، (في كولوسي حارب الغنوسيين).

بين كولوسي وفليمون:

إذ كتبهما بولس في توقيت واحد أثناء سجنه، أورد نفس الخدام العاملين معه مثل (أرخبّس وتيخيكس وأبفراس وأرسترخس ولوقا وديماس وأنسيموس العبد الهارب محور رسالة فليمون هو موضع توصية بولس في كولوسي.

بين كولوسي والعبرانيين:

تشتركا الرسالتين في الحديث عن علاقة السيد المسيح بالملائكة والطغمات السمائية (كو1: 16) = (عب 1: 5 - 8). وأن المسيح هو بكر كل خليقة (كو1: 18) = (عب1: 6)، نصرة المسيح على قوات الشر (كو 2: 15) (عب 2: 14).

بين كولوسي وأفسس:

+ لا يوجد رسالتين متشابهتين لبولس الرسول مثل رسالتى كولوسي وأفسس حتى يمكن القول بأنهما توأمان يرجع ذلك أنهما رسالتى كُتبتا في الأسر ونفس الظروف ونفس التوقيت تقريبًا.

+ حوالي ثلث الكلمات المستخدمة في رسالة كولوسي ظهرت ثانية في رسالة أفسس.

+ وحوالي نصف أفكار رسالة أفسس تضمنتها رسالة كولوسي من قبل في رسالة أفسس تشمل 155 آية منها حوالي 78 آية وردت بالمعنى في كولوسي.

+ قد حمل تيخيكس كلتا الرسالتين إلى البلدين (أف6: 21) = (كو 4: 7)..

+ تكررت بعض إصطلاحات تكررت في الرسالتين مثل: (الملئ، السر، الرأس، الجسد،..).

+ إذ تحدثت رسالة أفسس عن "كنيسة المسيح"، تحدثت رسالة كولوسي عن "مسيح الكنيسة".

فجاءت رسالة أفسس تتحدث عن "أعضاء الجسد"، وجاءت رسالة كولوسي تتحدث عن "رأس الجسد".

+ يعتبر بعض الدارسين أن الرسالة إلى أهل أفسس هى أمتداد للرسالة إلى كولوسي. فالأخيرة سلطت الأضواء على مكانة السيد المسيح وعمله لدحض الفكر الغنوسي الذي قلل من شأن الرب يسوع وحجب مكانته، وجاءت رسالة أفسس تقدم حصيلة عمل السيد المسيح ألا وهى الكنيسة جسد المسيح التي كانت في خطة الله قبل تأسيس العالم، وأنها العروس المحبوبة جدًا لديه.

+ في هاتين الرسالتين يحذّر بولس الرسول من الكذب (أف4: 25) = (كو3: 9).

+ راجع أيضًا: (أف 1: 7) = (كو1: 14).

(أف 2: 12) = (كو 1: 21).

(أف 3: 1) = (كو1: 24).

بين كولوسي وسفر الرؤيا:

يشترك الأثنان في بعض التعبيرات مثل:

"بكر كل خليقة" (كو1: 15) = (رؤ3: 14) "بداءة خليقة الله).

"البكر من الأموات" (كو1: 18 = (رؤ 1: 5).

شخصيات ذكرهم بولس في الرسالة:

تيخكيس

رافق بولس في رحلته الثالة 58م، أملى عليه بولس الرول رسالتى أفسس وكولوسي ووصفة بولس بثلاث صفات (الأخ الحبيب - الخادم الأمين - العبد معنا في الرب)

أنسيموس

كان عبد لفليمون أحد أثرياء كولوسي وسرق من سيده ماله ولكن العناية الألهية دبّرت له أن يسمع عظة لبولس فتاب وأعتمد على يديه.

أرسترخس

رجل مكدوني لازم بولس طويلا ً في أسيا، وكان معه على ظهر السفينة من سجن قيصرية إلى سجن روما (أع27: 2)، ورافقه أيضًا في السجن لذلك قال عنه بولس "المأسور معي" (كو4: 10)

مرقس

هو كاروزنا مارمرقس الرسول ورافق بولس في رحلته الأولى، ولكنه عاد إلى أورشليم مما أثار بولس ورفض ان يأخذه معه الرحلة الثانية فتسبب في مفارقة برنابا - خاله - لبولس، فأخذ برنابا مرقس الى قبرص ومنها إلى مصر.. ولكن بولس عاد وشهد لخدمته وطلبهمعه لأنه نافع له (2تى4: 11)

يسوع المدعو تيطس

لم يأت ذكره إلا في رسالة كولوسي

أبفراس

هو السبب في كتابة هذه الرسالة ومؤسس الكنيسة في كولوسي وتبادل مع أرسترخس خدمة بولس في سجنه.

لوقا الطبيب الأنجيلي

صلحب بولس من ترواس في الرحلة الثانية وذهب معه بصحبة سيلا وتيموثاوس إلى فيلبي حيث تركه ليرعى كنيسة فيلبي فمكث فيها خمس سنوات ثم إنضم لبولس مرة أخرى ولازمه حتى استشهاده

ديماس

لم ينعته بولس بأى صفة حيث ظهر عليه بوادر حب العالم الحاضر

نمفاس

فعل كما فعلت أم مرقس ففتح بيته كنيسة للمؤمنين (كو4: 15)

أرخبس

هو ابن فليمون وأحد السبعين تلميذًا الذين أرسلهم الرب يسوع اثنين أثنين، صار أسقفًا على لاودكية وأوصاه بولس أن ينظر لخدمته (كو4: 17) وأستشهد رجمًا مع فليمون وأمه أبفية

أقســام الـرسـالة:

المسيـح رآس الكنيسـة ص1.

تبدأ الرسالة كعادة بولس الرسول بالبركة والشكر والتشجيع على الثبات في الإيمان، ويطالبهم بالتمتع بالمعرفة الألهية الممتزجة بالسلوك العملى..

إذ تهتم الغنوسية بالمعرفة العقلية لا بالإيمان كطريق للخلاص، ركّز الرسول على الإيمان بالمسيح:

مخلص الكنيسة (14).

الخالق (15 - 16).

رآس الكنيسة (18 - 18).

واهب المصالحة (19 - 23).

أحــذروا الهـرطقـات ص2.

إذ عرف بولس أن الهرطقة هدفها تحطيم الإيمان العملي قدم لهم:

المسيح سر الحكمة الأزلية... ليرد على المعرفة الزائلة.

ترجمة الإيمان عمليًا.... فالإيمان ليس نظريات جافة.

الفلسفات الخادعة.... لا يخلص بها أحد.

المعمودية والحياة في المسيح.... موت وقيامة معه.

بالمسيح نعتق من الحرف.... لنحيا بالروح في الإيمان.

نعتق من الفرائض... فالخلاص ليس بأعمال الناموس.

المسيح حياتنا وحياتنا في المصيح ص3، 4.

يوصي بولس بالحياة في المسيح القائم حسب الانسان الجديد للتمتع بالحياة الجديدة فيه، فتتغير حياتنا وعلاقتنا مع بعضنا البعض للأفضل.

ويوصي بولس أخيرًا بالأهتمام بمن في الخارج وتشجيع العاملين معه.. ويختم بالبركة والختام.

مقدمة رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي.

كاتب الرسالة:

هو بولس الرسول (2: 18)، معُلّم القديس تيموثاوسالذي أرسله إلى أهل تسالونيكي ايثبتّهم ويعظهم (3: 2).

زمان ومكان كتابة الرسالة:

تعتبر الرسالة الأولى إلى أهل تسالونيكي باكورة رسائل بولس الرسول، فقد دونهّا حوالي 52م خلال فترة أقامته في كورنثوس في المرة الأولى (أع 18: 11).

قانونية الرسالة:

أقتبس منها كثير من آباء الكنيسة الأولى مثل الشهيد أغناطيوس، وهرماس في كتاب الراعي، وفي القرن الثالث أقتبس منها القديس أغناطيوس وأكليمنضس.

مدينة تسالونيكي:

تقع مدينة تسالونيكي في مقاطعة مكدونية ببلاد اليونان على بُعد مائة ميل جنوب غرب فيلبي على خليج "ثرمـا". ودعيت "ثرما" في القديم ومعناها "الينبوع الساخن". وفي سنه 315ق. م أقام كاسندر الأول أحد قوات الأسكندر الأكبر وزوج "تساليا" ابنة الملك فيليب المقدوني والأخت غير الشقيقة للإسكندر الأكبر بتجديد ثرما ودعاها "تسالونيكي" بإسم زوجته، وتدعى حاليًا "تسالونيك".

موقعها الجغرافي كان مميزًا، فهى على الطريق الأغريقي، وهو طريق عسكري ضخم يربط بين روما والشرق، وبكونها ميناء قد أعد كمحطة بحرية مجهزة بأحواض للسفن الرومانية. وكان يحكمها خمسة أو ستة من حكام المدن (أع17: 6).

وبكونها مركزًا تجاريًا هامًا، أجتذبت تسالونيكي الكثير من أثرياء الرومان وتجار من اليهود (أع 17: 4) فكان فيها مجمع يهودي، وأشتهرت أيضًا بالشر والخلاعة لهذا ألتزم بولس بالحديث عن الحياة الطاهرة (4: 1 - 8).

المسيحية في تسالونيكي:

بدأ القديس بولس الرسول رحلته التبشيرية الثانية مع سيلا بعد مفارقة برنابا الذي أصطحب معه مارمرقس، وفي لسترة أنضم لهما تيموثاوس، وفي ترواس رأى بولس رؤيا رجل مكدونيًا يطلب أن يعبر إلى مكدونية (أع16).

فعبر بولس إلى أوربا وبدء بفيلبي وفيها سُجن ولما خرج من السجن ذهب إلى تسالونيكي.

وفي تسالونيكي بدء بولس خدمته بمجمع اليهود - كعادته - في هذه المدينة وآمن به عدد قليل من اليهود والكثير من اليونانيين.. وإذ نجحت خدمة بولس في تسالونيكي هاج عليه اليهود (أع17: 5 - 7) وكانت التهمة الموجهة ان هؤلاء المشاغبين ينادون بملك آخر غير قيصر وهى أخطر التهم أنذاك.. فأسرع المؤمنون بإرسال بولس وسيلا إلى بيرية ولما تبعوهم اليهود أنطلقوا إلى أثينا وفي أثينا طلب بولس من تيموثاوس أن يعود إلى تسالونيكي يثبّت الأخوة حديثي الإيمان، أما هو فجاء إلى كورنثوس ومنها كتب رسالته ردًا على تقرير تيموثاوس على أهل تسالونيكي.

غــرض الـرسـالـة:

جاءت الرسالة في هدفها الأول ردًا على تقرير تيموثاوس عن كنيسة تسالونيكي، ويمكننا أستنتاج تقرير تيموثاوس بناء على رد بولس الرسول كما جاء في الرسالة كالأتي:

تقــريــر تيموثـاوس

رد بولس كما جـاء فـي الرسالة

جاء عن أهل تسالونيكي صبرهم على الأضطهاد بل وهم في وسط الأضطهاد يذيعون الأنجيل (1: 8)

جاءغرض الرسالة تعليقًا على صبرهم: تشجيعهم وشكر الله من جهتهم (1: 2)، ومدحهم على ثباتهم في الإيمان بأنهم قدوة لكل من في مكدونية (1: 7)

أخبر تيموثاوس بولس الرسول بأن البعض شكك في محبة ورسالة بولس

أهتم بولس بأعلان أشواقه وأبوته (2: 17 - 20)، وأهتم بذكر محبته لهم (2: 8) حتى أنه لا يتردد في أن يُعطي نفسه لهم، كما أخبرهم في صدر رسالته أن رسالته ليس بالكلام بل بالقوة، بالروح القدس وبيقين شديد (1: 5)

أخبر تيمواثاوس بولس بأن الأضطهاد الواقع ليس بسبب اليهود فقط بل الأمم أيضًا

جاءت رسالة بولس لهم مُفرحة ومُعزية ترفع قلوبهم من الأحداث الأليمة إلى عمل النعمة المُفرح فيهم (1: 6)

تمرر بعض الشعب من الأحداث المؤلمة التي أصابتهم

كتب لهم بولس عن قرب المجئ الثاني ليتشددوافينالوا الأكليل السماوي (4: 13)

كان لهم سؤالا ً خاص بنصيب ومصير شهدائهم، وهل سيكون نصيب مثل الأحياء عند المسيح وقت مجيئه؟

أرسل لهم بولس رسالة تعزية وأكد على نصيب الراقدين مع الله إذ سيحضرهم معه، وأن الأموات في المسيح سيقومون أولا ً، فلا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم (4: 14 - 17)

خشى بولس الرسول أن يُسئ البعض فهم أقتراب مجئ الرب يسوع فينصرفون عن العمل، فطلب منهم أن يهتموا بالعمل مع الأستعداد ويشتغلوا بأيديهم فلا يكون لهم حاجة إلى أحد (4: 12).

إذ جاءت الرسالة بعد فترة قصيرة من البشارة في تسالونيكي وبالتالي كل المؤمنين هم حديثي الإيمان كتب لهم بولس عن صفات المسيحي الحقيقي الذي يجب أن يتحلى بها (5: 12 - 22).

إذ موقع المدينة يجعل سكانها في حالة من الإنحلال الأخلاقي بالأضافة إلى الوثنية التي كانوا عليها من قريب والتي تُبيح الدنس، وأرسل إليهم بولس الرسول يحثهم على الطهارة (4: 1 - 8) مُعلنًا لهم أرادة الله: قــداستكـم (4: 3).

سمـات الـرسالـة:

رسالــة أخـرويـة:

لم يخلُ أصحاح واحد في الرسالة من ذكر لقاء العريس السمائي في مجيئه الثاني، بل هو العامل المشترك في نهاية كل أصحاح لذا تكرر ذكر مجئ الرب (5 مرات)، بعدد أصحاحات الرسالة وفي حديث بولس الرسول عن المجئ الثاني رّكز على عدة نقاط.

ضرورة الأستعداد لمجئ الرب فهو يأتي في أى وقت.

لا حاجة لهم لمعرفة الوقت الذي يأتي فيه ابن الأنسان.

ضرورة العمل وطرد الكسل فليس الأستعداد لمجئ الرب مبررًا للتواكل على الأخرين.

المجئ الثاني فيه عزاء للذين سبقونا ورقدوا.

هى رسالة الحياة في الثالوث القدوس:

الآب: أختارنا (1: 4)، موضوع إيماننا (1: 8)، إئتمن بولس على إنجيله (2: 4)، إرادته أن نحيا القداسة (4: 3).

الأبن: تقوم الكنيسة على الإيمان به (1: 1)، يمنح النعمة والسلام وننتظر ظهوره (1: 10).

الروح القدس: هو العامل في الأنجيل (1: 5)، يمنح الفرح في الضيق (1: 6)، عطية الآب لنا (4: 8).

رسالة الأبوة والأمومة الروحية:

+ يُظهر بولس الرسول حنوه وعطفه وحبهتجاه أهل تسالونيكي مُترفقًا بهم كما تُربي المرضعة أولادها (2: 7).

+ يخبرهم بولس بأن عظته لهم كأب لآولاده (2: 11).

+ لم يحتمل بولس أن يرى خدمته مبتورة لآهل تسالونيكي فأرسل لهم تيموثاوس يتمم خدمته ويطمئن عليهم من خلاله ويثبتهم في ضيقاتهم (3: 1 - 5).

فلا شك أن كنائس مكدونية (فيلبي وتسالونيكي)، كانت ذات إعتبار خاص جدًا في قلب بولس.

رسـالة التعليـم المميـز لبـولس:

جاءت الرسالة خالية من الدفاع والمحاجاة تحمل البساطة مع التوعية ضد اليهود، والعنصر الوحيد الذي كان فيه مراجعه لعدم فهمهم وسلوكهم بمقتضى التعليم الصحيح الذي قدمه لهم، هو موضوع المجئ الثاني، وقد صححه لهم بالقدر الكافي، أما عن سمو تعاليمه في الرسالة فشملت:

+ سمو شخصية المسيح (1: 1) (1: 10) (5: 28) (3: 11).

+ الملكوت الذي أسسه بالروح في العالم.

+ إنقاذنا من الغضب الآتي (2: 16).

+ حكم المسيح في السماء (4: 16).

+ مجئ المسيح الثاني (4: 16) (3: 13).

+ نصيب المؤمنين المُبارك ومعاقبة الأشرار (4: 17).

أقســام الـرسالـة:

الجزء الأول: وهو جزء يتناول الأحداث التاريخية ويوضح الأمانة بالنسبة للكارزين وللمكروز إليهم ويشمل هذا الجزء الأصحاحات (1 - 3):

الأصحاح الأول:

يشكر بولس الرسول الله من أجل ثمرة إيمانأهل تسالونيكي وشركتهم مع الله الآب وتمتعهم بالأبوة الألهية وسط الضيق والآلام خلال عمل الإيمان والرجاء والمحبة.

وصار الإيمان وشركة الله ثمر في جعلهم قدوة للمؤمنين في مكدونية وأخائية، فمحبة الله إذ تشتعل في قلب إنسان تلهب الآخرين من حوله وتذيع كلمة الرب في كل مكان لعبد الله الحى الحقيقي.

الأصحاح الثاني:

أستلزم الأمر أن يدافع بولس الرسول عن رسالته وخدمته ووعظه، فكرازته لهم بعيده عن كل ضلال ودنس ومكر وتملّق، مملءة طهارة وترفق وتعب وجهاد، ويكلمهم عن قبول الضيق والألم ويفصح عن أشتياقاته عن رؤيتهم ومحاولاته العديدة لزيارتهم فهم رجاءه وفخره ومجده.

الأصحاح الثالث:

ولما تعسر الأمر عن زيارتهم أرسل بولس تيموثاوس إليهم لكى يثبتهم في الإيمان لئلا يتزعزع بسبب الضيق، وطلب من الله أن يهئ له الظروف المناسبة لزيارتهم وصلى لأجل ثباتهم في حياة القداسة بلا لوم.

الجزء الثاني: يقدم فيه الوصايا اعملية خلال حياة اليقظة والسهر الروحي لأنتظار الرب، ويشمل هذا الجزء الاصحاحات (4 - 5).

الأصحاح الرابع:

يطلب القديس بولس أن يسلكوا في حياة التقوى التي ترضي الله، فإرادة الله هى القداسة، وحّزر بولس الرسول من الشهوات الجسدية والزنا التي هددّت المؤمنين من الوثنيين والأمم الذين لا يعرفون الله، لآن الله لم يدعنا للنجاسة بل للقداسة، ثم ينتقل بهم إلى المحبة والحرص على الهدوء، وعمل اليد فأن إنتظار الرب والحياة في البر لا تلغي العمل وتسديد الحاجة للمعيشة.

ثم يعزيهم الرسول عن أنتقال أحبائهم، فأن لهم نصيب في مجئ الرب مع الأحياء فلا ينبغي أن يكون لهم حزن كمن لم يؤمن بقيامة الرب.

الأصحاح الخامس:

يتابع الرسول بولس حديثه عن المجئ الثاني فجأة كلص في الليل بالنسبة للغافلين، أما بالنسبة لأبناء النور فأنهم ينتظرون عريسهم متمنطقين بأسلحة الجهاد الروحي (5: 1 - 15)، ثم يوصيهم من جهة الخدام الذين يخدمونهم، ويوصيهم بحياة السلام والفرح والصلاة والتسامح والشكر مع إنذاره للغافلين وتشجيعه للضعفاء،.

ويختم بالصلاه لآجلهم،،.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي

كاتب الرسالة:

كاتبها هو بولس الرسول (1: 1) (3: 17) فهو صاحب العادة بالبدء بالبركة الرسولية والتحية الشخصية.

زمان ومكان كتابة الرسالة:

كتب بولس الرسول هذه الرسالة بعد عدة أشهر من الرسالة الأولى أى عام 52م من كورنثوس، فمن الواضح من الرسالة أن سلوانس (سيلا) وتيموثاوس مازلا معه (1تس1: 1) (2تس1: 1). وحيث أن بولس طلب صلواتهم وهو مازال في كورنثوس لينقذه من الناس الأردياء (3: 2) وأن المدة التي قضاها بولس في كورنثوس سنه ونصف كتب خلالها الرسالتين، فيكون الفاصل بينهما قصير.

قانونية الرسالة:

يمكننـا إثبات قانونية الرسالة من خلال ثلاث نقاط رئيسية هى:

قانونية الرسالة كسفر مقدس:

أقتبس منها آباء الكنيسة منذ العصور الأولى مثل الشهيد "أكليمنضس الروماني" والقديس بوليكاربوس، وأقتبست منها الديداكية التي ترجع نصوصها للقرن الأول الميلادي.

جاءت ضمن قائمة موراتوري، وأعترف بها مرقيون الهرطوقي في قانونه.

ذكرت بالأسم في كتابات القديسين إيريناؤس وأكليمنضس السكندري والعلامة ترتليان من القرن الثاني. كما وجدت في النسخ اللاتينيه القديمة والسريانية وفي أيام أوريجانوس ويوسابيوس كانت منتشرة في العالم كله.

نسبة الرسالة لبولس الرسول:

بالأضافة لذكر بولس الرسول أسمه في صدر الرسالة وأفتتاحه ببركته المعتادة، فأن الرسالة شملت سمات بولس في جميع أقسامها من ملامح تعليمه، وأهتمامه بالصلاة من أجل أولاده ومن أجله، ترتيب الرسالة من حيث الجانب التعليمي ثم الجانب السلوكي.

حملت الرسالة كلمات مشتركة مع الرسائل الأخرى مثلها مثل الرسالة الأولى:

هناك 146 كلمة مشتركة بين هذه الرسالة والرسالة الأولى لأهل تسالونيكس.

و299 كلمة مشتركة بين تسالونيكي الأولى ورسائل رومية وكورنثوس الأولى والثانية وغلاطية، بينما هناك 215 كلمة بين تسالونيكي الثانية ورسائل كورنثوس وغلاطية.

هناك 19 كلمة مشتركة بين تسالونيكي الأولى ورسائل أفسس وفيلبي وكولوسي وفليمون، بينما هناك 7 كلمات مشتركة بين تتسالونيكي الثانية والرسائل السابقة.

هناك 7 كلمات مشتركة بين تسالونيكي الأولى والرسائل الرعويه بينما هناك 5 كلمات مشتركة بين تسالونيكس الثانية والرسائل الرعوية.

هناك 15 كلمة في تسالونيكي الأولى، و11 كلمة في تسالونيكي الثانية مشتركة مع كتب العهد الجديد الأخرى.

هناك 15 كلمة في تسالونيكي الأولى، و10 كلمات في تسالونيكي الثانية لم ترد في أى موضع آخر من العهد الجديد.

الأختلاف الظاهري في عرض الفكر الأسخاتولوجي (الأخروي) بين الرسالتين – والذي أستخدمه النقاد في عدم نسبة الرسالة لبولس - هو بسبب إختلاف ظروف كتابة الرسالتين:

ففي الأولى: أراد أن يشجعهم ويثبتهم في الضيق ويطمئنهم بقرب المجئ الثاني فيفرحوا برجاء.

أما في الثانية: فكتب ليرد على الذين أساؤا فهم الرسالة الأولى وتركوا عملهم وباعوا ممتلكاتهم بأن حذرهم من هذه التصرفات غير الإيمانية مؤكدًا أن مجئ الرب تسبقه علامات واضحة وهو ظهور أبن الخطية.

ظن البعض بأن فكرة ابن الخطية مستمدة من سفر الرؤيا لذا فهى ليست من كتابات بولس!

لكن من الواضح أن هذا الفكر لم يكن حديثُا بل تنبأ عنه من قبل دانيال النبي (دا1: 11)، وواضح في الكتابات اليهودية السابقة لظهور المسيحية.

أيضًا أختلاف اللهجة في الرسالة الثانية عن الرسالة الأولى والأنتقال من التشجيع إلى الأمر والنصح أستخدمه البعض في الشك عن نسبة الرسالة لبولس.... لكن بولس:

+ في الرسالة الأولى: كتب ليشجعهم في وقت الضيق في جو هادئ بعد تقرير تيموثاوس الرائع عنهم.

+ في الرسالة الثانية: فقد وصلت أخبار غير طيبة عنهم ناتجة عن الكسل والأهمال وسوء الفهم الذي أصاب بعض منهم فأضطر ذلك ان يكون بولس شديدًا بعض الشئ.

فلا نطالب الرسول أن يكتب في كلا رسالتيه بنفس الأسلوب متغاضيًا عن ظروف ومناسبة الرسالة لكى يثبت نسبتهما له!

ترتيب الرسالة بعد الرسالة الأولى:

جاء التقليد الكنسي والكتابي الأصيل في وضع هذه الرسالة بعد الرسالة الأولى وهذا ما تؤكده الأسباب الآتية:

لا يمكن فهم الرسالة الثانية إلا في ضوء الرسالة الأولى.

جاء هذا الترتيب في قانون ماركيون الذي لا يهتم بترتيب الأسفار حسب حجمها وأنما من جهة تاريخها.

جاءت الرسالة الثانية تضح ما أساء البعض فهمه مما جاء في الرسالة الأولى (1تس4: 24 – 5: 11)، (2تس 2: 1 - 11).

أعتاد بولس أن يبدأ بالتشجيع ومشاعره الأبوية (السمة الغالبة في الرسالة الأولى) ثم يبدأ ينصح وينذر ويعلم (سمة الرسالة الثانية).

في الرسالة الثانية يُظهر الرسول أنه سبق فأرسل لهم رسالة سابقة (2: 2، 3: 17) غالبًا كان يقصد الرسالة الأولى بينما لم يشر لذلك في الرسالة الأولى.

الرسالة الأولى ترفع الأنسان فوق مستوى الآلام وتجعله منشغلا ً بالمجئ الثاني الذي ينتهي كا المتاعب، بينما توضح الرسالة الثانية صورة الحروب المتزايدة والتي ستصل إلى ذروتها بمجئ ضد المسيح.

غــايـة الرسـالة:

أساء البعض فهم الرسالة الأولى عن مجئ الرب فأنصرفوا عن أعمالهم وباعوا ممتلكاتهم فأراد بولس توضيح الأمر بأن مجئ الرب لا يأتي إلا بعد الأرتداد ومجئ ابن الخطية.. فهي رسالة تصحيح المفاهيم.

يبد أن جائهم رسالة مزيفة منسوبة لبولس الرسول فأعطاهم علامة أن الرسائل الصادرة منه شخصيًا تنتهي بالسلام الذي يكتبه بيده في آخر كل رسالة (3: 17).

إذ كانت الكنيسة لا تزال تحت الضيق كتب ليشجعهم على إحتمال الألم والضيق.

يقدم الرسول تحذيرًا عما جاء في الرسالة الأولى (5: 14) من السلوك غير المنضبط ويبدو أن حالة الكنيسة قد زاد سوءًا لذلك قدم لهم مزيد من النصائح والتحذيرات لإصلاح هذ الخطأ.

جاءت الرسالة تحمل الحث على العمل وتحمل المسؤلية وتوبيخ الكسالى والمهملين ووضع قانون للحياة "إن كان أحد لا يريد أن يشتغل فلا يأكل إيضًا" (2تس3: 10).

أقـسـام الرســالة:

فلسفـة الأضطهادات ص1.

يقدم الرسول الشكر لله على نموهم في الإيمان وإزدياد محبتهم بعضهم لبعض ولكنه لا يذكؤ شيئًا عن رجائهم كما في الرسالة الأولى ومع ذلك يفتخر بهم من أجل صبرهم وإيمانهم في الضيقات التي يحتملونها. أكد الرسول لهم أن الضيقات التي يجتازونها ليس لها علاقة بيوم الرب بل هى قضاء الله بأنهم مؤهلون للملكوت بأحتمالهم هذه الضيقات، وعلى النقيض فإن ذاك اليوم سيكون لهلاك الأشرار وأستعلان ملكوت الله.

علامات المجئ الثاني ص2.

أوضح الرسول بولس أن مجئ الرب لم يحضر لأن الرب لم يجئ، والأرتداد لم يحدث، انسان الخطية لم يظهر، لذا يسألهم الرسول أن لا يتزعزعوا. وابن الخطية (انسان الخطية) جاء ذكره من قبل في نبوات دانيال وفي سفر الرؤيا (ص13).

ويختم الأصحاح بصلاة بأن ربنا يسوع المسيح والله أبانا الذي أحبنا يعزى قلوبهم ويثبتهم في كل عمل وكلام صالح.

العمل لوراثة الملكوت ص3.

يطلب الرسول أن يصلوا لكي تجري كلمة الرب وتتمجد ولكى ينقذوا من الناس الأردياء الأشرار، ويصلي لأجلهم لكي يهدى الرب قلوبهم إلى محبة الله وصبر المسيح.

ويوصيهم أن يتجنبوا كل أخ يسلك بلا ترتيب، ويطلب الأقتداء به، إذ كان يعمل بيديه بينهم حتى لا يتعبهم في نفقات معيشته، فبالأولى هؤلاء الكسالي يجب إلا يعتمدوا على الكنيسه في تدبير أحتياجاتهم بل يعملوا ليعولوا أنفسهم. وإن وجد شخص بلا عمل ولا يريد أن يعمل فليس مطلوبًا من الأخوة مساعدة هذا الشخص بل يوصي بمعاقبة المُصر على عدم العمل بمقاطعته لعله يتوب ويخجل ويرجع... ويختم بولس رسالته كعادته بطلب النعمة والسلام.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس

كاتب الرسالة:

هو بولس الرسول (1: 1) الذي تلمّذ تيموثاوس، وأرسل إليه نصائح تُعينه في خدمته، وقد ذكر بولس الرسول في رسالته، ماضيه قبل التحول إلى المسيحية (1: 13).

تيمـوثاوس:

أسم يوناني يعنى "المُكّرم من الله" أو "تقّي الله" وكان والده يونانيًا لا نعرف أسمه، وأمه "أفنيكي" وجدته تدعى "لوئيس"، ربياه تربية حسنة حسب الكتب المقدسة (2تى 1: 5) لكنهما لم يختناه، إنما ختنه بولس فيما بعد حتى يستطيع الخدمه وسط اليهود (أع16: 3)، فبولس ضد أن يكون الختان شرط للخلاص، ولم يختن تيطس، لآنه سيخدم وسط الأمم (غل 2: 3) فلا حاجه للختان.

آمن على يد بولس في رحلته التبشيرية الأولى في لستره حوالي عام 46م ورافق بولس لآكثر من 16 سنه لذا يُعتبر أقرب التلاميذ لقلب بولس ولقّبه (الأبن، الأبن الصريح، الأبن الحبيب، الآمين).

يُذكر أسمه كثيرًا في مقدمات رسائل بولس وفي خاتمه رسالة رومية (رو16: 21)، ويُشار إلى سجنه في (عب 13: 23).

أصطحبه بولس إلى غلاطية ثم ترواس وفيلبي وتسالونيكي وبقي في بيرية مع سيلا حيث أعتزم بولس مغادرتها فجأه (أع 17: 14) ثم لحق ببولس في مكدونية وكورنثوس وأرسله إلى مكدونية مع أرسطوس (أع19: 22).

رسمه بولس أسقفًا على أفسس وهذه رسالة توجيه من بولس لتدبير تيموثاوس لشئون الكنيسة.

يظهر من كتابة بولس عنه تيموثاوس أنه شاب حديث السن، حساسًا، خجولا ً، يحتاج للتشجيع، يُعاني من متاعب صحية كثيرة.

زمان ومكان كتابة الرسالة:

كتبها بولس الرسول حوالي عام 64 أو 65 م بعد سجنه الأول بعد زيارته لأفسس (1تي1: 3).

قانونية الرسالة:

أشار إليها أكليمندس الروماني في كتاباته وبوليكاربوس وثاؤفيلس الأنطاكي، وهى مُدرجة في وثيقة وراتوري، وأشاؤ إليها بالأسم إيريناءس وأكليمنضس السكندري وترتليانوس.

غاية الـرسالـة:

توضح ألتزامات الرعاة وشروطهم.

توضح العلاقات بين أعضاء الكنيسة والمجتمع.

يُحّذر بولس من الهرطقات والمعلمين الكذبة.

توضيح التنظيمات الكنسية الخاصة بالعبادة.

سمـات الـرسـالة:

رسـالة عملية: تُبرز بصورة مباشرة سمات الراعي والشماس والتنظيمات الكنسّية.

رسـالة تحذيريّة: من المعلمين الكذبة لذا تتكرر كلمة "التعليم" 8 مرات، "يعّلم أو معلّم" 7مرات.

رســالة رعـويّة: تعتبر أول الرسائل الرعوية لبولس تخص أسس الخدمة وليست لمناقشة عقيدة.

رسالة تقّويـة: تُعطي النصائح لأعضاء الكنيسة وتحثهم على حياة الجهاد والتقوى، يذكر كلمة "تقوى" 8مرات.

رسـالة كنسيـّة: توضح إلتزامات رتب الكنيسه (الأسقف، والشماس)، تُعلن عن بيت الله عمود الحق وقاعدته.

أقســام الـرسـالة:

توجيـهـات خـاصـة بحفـظ الوصيـة ص1.

أكد بولس لتيموثاوس أن الخدمة التي يتسلمها هى من الله لذا عليه أن يـوجّه المؤمنين أن يتجنبوا التعاليم الغريبة ويتمسّكوا بحفظ الوصية بقلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا ريـاء.

ويعطي بولس نفسه مثالا ً لرحمة الله عليه وتغييره وقبوله ليس مؤمنًا فقط بل سفيرًا وكارزًا له وخدمته أنما ليست فضل منه إنما وفاء بالدين لله، فيعطي بولس الرسول الوصية لتيموثاوس من عند الله ليرعي رعيته ويُجاهد حتى يقدر أن يُدبّر آخرين.

توجيــهات خـاصة بالعبـادة ص2.

يُعلن بولس الرسول أن عمل الكنيسة ودورها هو الصلاة والشكر لأجل جميع الناس، فأن كانت إرادة الله هى خلاص الجميع فالكنيسة أيضًا لها نفس الأرادة وتشترك بالصلاة من أجل إجتذاب الجميع للرب يسوع المُخلّص.

ولم يكتف الرب بالأرادة فقط لكى يُخلّص الكل، بل تجسد وصار إنسانًا وشفيعًا لنا عند الله الآب بدمه، فالذي مات من أجل الكل كيف لا يُصلي من أجل الكل؟!

وأنطلق بولس ليضع نظام الصلوات، فطلب من الرجال أن يرفعوا أياديهم طاهره عندما يُصلّون في كل مكان. وعلى المرآة كعروس لمسيحها أن تهتم في عبادتها بالزينة الداخلية لتفرح قلب العريس السماوي، ولتصمت في الكنيسة وعدم قيامها بتعليم الرجال في الإجتماعات الكنسية العامة.

توجيهـات خاصة بالأساقفة والشمامسة والنساء ص3.

بدأ بولس كلامه عن الأسقفية بأنها ليست للكرامة والسلطة بل لغسل الأقدام والبذل والخدمة، ووضع سمات للأسقف ليتحلّى بها، وسمات أخرى تخُص الشمامسة لتكون دستور لحياتهم في الرب. ثم ينتقل ليصف النساء المتعبدات للرب بتوجيهات رسولية.

توجيـهات لتيموثــاوس ص4.

نادى الهراطقة بالأمتناع عن الزواج وعدم أكل اللحوم، ولكّن بولس أّكد أن الله خلق كل شئ حسنّا، وما قد دنسّه الأنسان يتقدس بالشكر والكلمة الألهية والصلاة.

ثم يوجه تيموثاوس بألا يستهن أحد بحداثته، ولا يهمل موهبته، معتكفًا على القراْة ملاحظًا التعليم.

تــوجيـهات للعلاقـات الكنسّية ص5.

يوضح بولس كيفية التعامل مع فئات الرعية المختلفة الأعمار، ويعطي نصائح للأرامل، ويتكلم عن الأهتمام بالكهنة وسد أحتياجتهم المادية ليتفرغوا لخدمة الكلمة والتعليم. ويشير عليه بعد التسرع في تصديق إتهام كبار السن في إرتكاب أى خطية، وإن ثبت عليهم شئ له خطورته على إيمان الشعب يوبخوا علنًا حفاظًا على إيمان الكنيسة.

يشدد على سيامة الكهنة بوضع اليد بدون عجلة، وكأب وطبيب ينصح بولس ابنه الحبيب المريض أن يشرب قليلا ً من الخمر لأجل معدته.

توجيهـات خاصة بالعلاقـات في المجتمع ص6.

يُقّدم بولس الرسول صور للعلاقة بين العبيد والسادة، ثم يتوجه للأغنياء ويوضح خطورة حب المال والهروب إلى البر والتقوىوالغنى بالمسيح.

يطلب بولس في النهاية ضرورة الجهاد الحسن والتمسك بالوعود الأبدية وإعلان إيماننا أمام الجميع ويعود للأغنياء ويوصيهم بعدم الأستكبار والأعتماد على ثرواتهم والعطاء بسخاء.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس

كـاتب الـرسالـة:

هو بولس الرسول المعلم الأولى لتيموثاوس (1: 1) المسجون في روما (1: 8) (4: 6).

لمن كُتبت:

كُتبت لتيموثاوس الذي كان منتظرًا مجئ بولس الرسول كما أخبره في الرسالة الأولى "راجيًا أن آتي إليك عن قريب" (اتي 3: 4).

وهو الأبن الحبيب (1: 2) الذي يعرفه ويحبه وشهد لآسرته (1: 5).

وتظهر من هذه الرسالة سمات القديس تيموثاوس منها أنه:

مُطيع: يتمم كل الأرساليات التى يبعثه بها بولس وأخرها أن يأتي إليه عن قريب (4: 9 - 20).

جندي صالح ليسوع المسيح (2: 3).

موهـوب: "فلهذا السبب أذكرك أن تضرم موهبة الله التي فيك" (1: 6).

إيمانه عديم الرياء: "إذ أتذكر الإيمان العديم الرياء الذي فيك" (1: 5).

يؤمن بالتلمذة: لهذا يوصيه بولس بالتدقيق في كفاءة من يتعهدهم بالإيمان المستقيم (2: 2).

رقيق وحساس يذكر بولس الرسول دموعه (1: 5).

زمان ومكان كتابة الرسالة:

أعُتبرت هذه الرسالة آخر ما سجله بولس الرسول في سجنه الثاني بروما قبيل أستشهاده بأيام قليلة لذا يتعجل تيموثاوس بالحضور ومعه مارمرقس، وإذ لا يتوقع رؤيتهما قبل أستشهاده كتب له عصارة أختباراته الرعوية نصائحه العملية والأبوية المركزة.

والدليل أيضًا على كتابة الرسالة في سجنه الثاني 67 - 68م هو أمداد تيموثاوس بمعلومات لم تكن عند سجنه الأول مثل بقاء أرسطس في كورنثوس وتروفيموس في ميليتس، كما أن تيموثاوس ومرقس كانا معه في سجنه الأول أما هنا فيطلب حضورهما فلوقا وحده معه (4: 11).

طلب بولس من تيموثاوس إحضار الكتب والرقوق والرداء يدلنا على أن القبض عليه تم في عجاله لم تسعفه من آخذ هذه الأشياء معه.

في سجنه الأول كان – بولس - يتوقع إطلاق سراحه (في1: 24) (فل22)، وأما هنا فيقول أن وقت إنحلاله قد حضر (2تي 4: 6).

آخبرنا معلمنا بولس أن ديماس قد أحب العالم الحاضر وتركه (4: 10) فيؤكد على كتابة الرسالة في وقت متأخر جدًا.

قانونية الرسالة:

أشار إليها أكليمنضس الرومانى وأغناطيوس وبوليكاربوس، ويوسيتينوس الشهيد، وثاؤفيلس الأنطاكي قي كتاباتهم، كما وردت في وثيقة موراتوري كسفر قانوني مقدس.

أهمية الرسـالـة:

إذ علم بولس الرسول بقرب أستشهاده سجل لتيموثاوس وللكنيسة خلاصة فكرة الرعوى بطريقة مركزة وسريعة.

يظهر في الرسالة أسماء السحرة اللذين واجها موسى وقت الخروج (2تى 3: 8) ولم يذكر سفر الخروج أسمهما بل عرفهما بولس الرسول عن طريق التقليد مما يثبت أهمية ودور التقليد المقدس.

رغم إعتبار هذه الرسالة أنها رسالة رعوية إلا أنها لا تخلو من البعد الأخروي فذكر بولس الرسول صفات الناس في آخر الأيام، ووجوب الأعتراف بإيمان وشجاعة في وقت الأضطهاد والضيق.

غــرض الـرسالـة:

أن يحضر تيموثاوس مارمرقس بأقصى سرعة ومعه ايضا الكتب ولا سيما الرقوق.

ان لم تسمح الفرصة لبولس لرؤية تلميذه الحبيب أرسل إليه يشجعه لثباته في الضيق وأحتماله المشقات.

كتب بولس ليؤكد لتيموثاوس ضرورة التمسك بالايمان المستقيم ورفض الهرطقات لذا وردت كلمة "وديعة" 4 مرات.

إظهار وحي كل الكتاب بأنه من الله ونافع للتعليم والتوبيخ والتقويم والتأديب الذي في البر (3: 16).

تشجيع تيموثاوس بالكرازة والتبشير والوعظ بروح القوة لا اليأس مع التأكيد بضرورة الجهاد القانوني.

سمـات الـرسالة:

رسالة تشجيعية للكرازة والمجاهرة بشهادة ربنا، التشجيع على الجهاد والتمسك بالوديعة.

رسالة تقييم الخدام: فقّيم بولس الرسول بعض الخدام فوجد منهم شجاعًا لم يخجل بمتاعب وقيود بولس مثل أنيسفيورس (1: 16). والبعض الآخر كانوا قد تركوا وأحبوا العالم الحاضر مثل ديماس (4: 10)، والبعض وجده كله أصاله ووفاء مثل لوقا الطبيب الذي ظل معه وحده حتى النهاية (4: 11).

رسالة وداعية: فهي آخر ما سجله بولس في سجنه الثاني وهو ينتظر أستشهاده، وإذ أشتاق لرؤية تيموثاوس وخشى إلا يسعفه الوقت، فقد كل ما في قلبه كخادم لمساندة تيموثاوس ضد المخاطر والهرطقات التي بدأت في الظهور.

رسالة الأيام الأخيرة: فقد أورد بولس الرسول 19 صفة لأنُاس الأيام الأخيرة:

صفات شخصية: (محبين لأنفسهم، محبين للمال، متعظمين، مستكبرين، مججدفين).

صفات أسُرية: (غير طائعين، غير شاكرين، دنسيين، بلا حنو، بلارضى، ثالبين، عديمي النزاهة).

صفات أجتماعية: (شرسين، غير محبين للصلاح، خائنين، مقتحمين، متصلفين).

صفات روحية: (محبين للذات دون محبة الله، لهم صورة التقوى لكنهم منكرين قوتها).

أقســام الـرسـالة:

سمـات الخـدمـة المسيحيــة ص1.

الخدمة المسيحية هى الميراث الذي تسلمناه من البيوت الأمينة والمؤمنة ومن الخدام الذين أعطاهم الله روح القوة والمحبة والنصح فيجيب أن نحافظ عليه ونفتخر ولا نخجل بشهادة ربنا يسوع ولا نتردد في حمل المشقات لآجل الأنجيل فالروح القدس الساكن فينا يجعلنا نتمسك بالإيمان الصحيح العملي المُسّلم عبر الأجيال.

سمات الخـادم المسيحـي ص2.

الخادم المسيحي قوي بنعمة الرب يسوع التي فيه، فهو كجندي لا ينشغل بأمور العالم الكي يرضي من تجنّد لحسابه ولكن لابد للجندى أن:

يُجاهد قانونيًا حسب شريعة الله وقائده يسوع المسيح الذي قاد المعركة الروحية ضد الموت ودخل بنا إلى الحياة الأبدية الجديدة.

يتجنب الأحاديث الباطلة التي تهدم الروحيات لآنها تدخل من شر الى شر، والمباحثات الغبية تُولّد خصومات وتفسد نقاوة القلب.

تغيير الحياة الداخلية لتحمل صورة خالقها.

يهرب من الشهوات الشبابية وإتّباع البر والإيمان والمحبة والسلام.

يترفق بووداعة مع الجميــع.

سمـات الناس في الأزمنة الأخيرة ص3.

يصف معلمنا بولس سمات الناس في الأزمنة الأخيرة فعلى الخادم أن يستند على كلمة الله الحية والفعالة ليكون كاملا ً متأهبًا لكل عمل صالح، ولا يُبالي بالمتاعب والمشقات بل يحتملها من أجل الرب يسوع فكل من يريد أن يعيش في التقوى يُضطهد.

مسؤلية الخادم المسيحـي ص4.

عليه أن يكرز في كل وقت، يوبخ، يعظ بكل أناة وتعليم، يحتمل المشقات، يعمل عمل المبشر، يتمم خدمته، ويُعلن بولس في النهاية يقرب موعد أستشهاده ويطلب من تيموثاوس طلبات شخصية.

ويختم بالسلام...

مقدمة في الرسالـة إلى تيطس

كاتب الرسالة:

هو بولس الرسول (1: 1).. أعترض البعض على أنه الكاتب لأن سفر أعمال الرسل لم يذكر تبشيره لجزيرة كريت التي كان تيطس أسقفها، فقد زارها لمدة قصيرة أثناء سفره إلى روما ليُحاكم هناك عندما نزل في أحد موانيها المُسّمى بالموانى الحسنة (أع 27: 7 - 8).

ولكّن الرد ببساطة هو أن سفر الأعمال ينتهي بسجن بولس الأول في روما والرسالة كُتبت بعد سجنه الأول بعدة أعوام.

تيــطس:

تيطس أسم يعنى "مُربي" أو "مثقف" أحد اليونانيين الذين آمنوا لى يد بولس الرسول لذا يدعوه "ابنه الصريح في الايمان" (1: 4)..

يرى البعض أنه ابن أخى والي كريت (أو ابن أخته).

ذهب مع بولس الرسول إلى مجمع أورشليم سنه 50م كدليل على إيمان الأمم (أع15).. ولم يتنه بولس (غل2: 1 - 3) لأن الختان طقس رمزي في العهد القديم لا ضرورة له بعد إتمام المرموز إليه.. فلم يكن هناك داع أن يُختتن خاصة وأن خدمته وسط الأمم وليس اليهود بعكس تيموثاوس.

يُظن أنه حمل رسالتى كورنثوس وساهم هناك في خدمة التبرعات (1كو16).

كان مع بولس في كريت وتركه ليُكّمل الأمور الناقصة وليُقيم أساقفة وقسوسًا، وكان معه في سجنه الثاني لكنه لم يبق معه حتى المحاكمة بل تركة وذهب إلى دلماطية (2تى 4: 10).

سيم تيطس أسقفًا على كنيسة كريت وقد أنتشرت فيها الكرازة من بعض الكريتيين الذين حضروا يوم الخمسين (أع2: 11)، وزارها بولس في زيارة سريعه في طريقة إلى روما، وزارها مرة أخرى بعد سجنه ومعه تيطس وواجه فيها معلمين كذبة ينادون بخرافات يهودية لذلك أوصى في الرسالة بنقاوة التعليم.

عاد إلى كريت مرة أخرى وكرز في الجزائر المجاورة إلى أن تنيح وعمره 94 سنه.

زمـان ومكـان كتابة الرسالـة:

كتبها بولس بعد سجنه الأول بروما حوالي عام63 - 66م من أفسس (ويرى البعض انه كتبها من مكدونية).

قانونية الرسالة:

وردت أشارات إليها من كتابات إكليمندس الروماني وأغناطيوس وبرنابا وثاؤفيلس الأنطاكى.

مدرجة في وثيقة موراتورى.

أقتبس منها الأسم إيريناؤس واكليمندس السكندري وترتليانوس.

غـايـة الـرسالــة:

تشجيع تيطس الأسقف على الكرازة غير مستهينين بحداثته مقاومًا كل تعليم غريب.

الأهتمام بسيامة رتب الكهنوت ووضع شروط لأختيارهم.

إرشادات سلوكية لكل فئات الشعب مع المجتمع.

+ يعتبر البعض رسالة تيطس أمتدادًا للرسالة الأولى إلى تيموثاوس إذ كتب بعدها مباشرة وتتقابل في عدة نقاط ولكن في رسالة تيموثاوس يُركّز على التعليم أكثر، بينما في تيطس يركز على الأعمال والأرشادات التي يُزين هذا التعليم.

أقســام الـرسـالـة:

شــروط إختيــار الـراعـي ص1.

لما ترك بولس تيطس في كريت راعيًا لها، أرسل له شروط أقامة الأسقف وهى:

بلا لوم.... في أفعله وأقواله كقدوة للرعية.

بعل إمرآة واحدة.... فالأسقف والكاهن لا يتزوج بعد نواله الأبوة الروحية فكيف يتزوج من بناته؟ (وأصدر مجمع نيقية قرارًا بأختيار الأساقفة من طغمة الرهبان المتبتلين، بينما يتزوج الكاهن الذي يخدم وسط الشعب أمرآة واحدة ولا يتزوج بعد نواله الكهنوت).

له أولاد مؤمنون...... فأولاده في بيته شهاده لحسن تدبيره وأئتمانه غلى أولاده الروحيين.

غير مُعجب بنفسه.... فالأتضاع يحفظ الموهبة وصاحبها من السقوط.

غير غضوب.... يحتمل ضعف الضعفاء في صبر وطول أناة.

غير مدمن خمر ولا ضّراب.... فهو أب حنون صورة للراعي الصالح.

لا طامع في الربح القبيح.... فنصيبه هو الرب.

مُضيفا للغرباء.... فهو له قلب متسع تضم العالم كله.

محبًا للخير، متعقلاً، باراً، ورعًا، ضابطًا لنفسه، ملازمًا للكلمة ليقدر على التعليم الصحيح وتوبيخ المناقضين.

ثم يتحدث بولس عن بعض الخرافات والتمسك بعوائد العهد القديم: ضرورة الختان، تحريم بعض المأكولات.

وصــايــا للــرعيــة ص2.

يرسل بولس نصائحه لفئات عديدة للشعب من شيوخ، وعجائز، والاحداث، والعبيد... كل هؤلاء مسنودون بعمل النعمة التي أعطيت لنا بظهور الأبن إن عشنا فيه بإمكانيات القادر على كل شئ، حتىى ننكر كل الشهوات ونعيش بالتعقل والبر والتقوى.... منتظرين مجئ ربنا يسوع المسيح الذي بذل نفسه لأجلنا.

الخضــوع للهيئـات والسلطـات ص3.

بقلب منفتح يكتب بولس ألا يعيش المسيحي منغلقًا على ذاته بل منفتح ومؤثر بخضوعه وحبه وأحترامه للرئاسات والسلطات الحاكمة، متعايش وداعة مع جميع الناس.

فلا يعيش بإلأنسان العتيق غير الطائع والضال بل بحسب غسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس.

يُنّبه بولس الرسول الذين آمنوا بالله بدورهم في خلاص نفوسهم بممارسة أعمالاً ً حسنه (3: 8).

ثم يوصينا ألا نبدد طاقتنا في المناقشات الغبية مع المقاومين والمبتدعين، والمناقشات الغبية التى أساسها التعصب لا إرادة معرفة الحق.

ويحذّر بولس من الخصومات وتعليم الهراطقة وإضاعة الوقت في البحث فيما هو بعيد عن خلاصنا.

أخيرًا يختم الرسول رسالته بأمور خاصة، والسلام لجميع المؤمنين والنعمة مع جميعكم آميــن.

مقدمة فى رسالة بولس الرسول إلى فليمون.

كاتب الرسالة:

كاتب الرسالة هو بولس الرسول كما هو واضح في الررسالة (ع 1، 19).

زمن ومكان كتابة الرسالة:

كتبها بولس الرسول في سجنه الأول في روما 62م وهى ضمن رسائل الأسر الأربعة (أفسس، فيلبي، كولوسي، فليمون).

قانونية الرسالة:

لم يلحق الرسالة أى شك في قانونيتها ونسبتها لبولس الرسول، ووردت في وثيقة موراتوري.

أشار إليها العلامة ترتليانوس في ردة على مركيون الهرطوقي.

أشار إليها العلامة أوريجانوس في عظته التاسعة عشر عن سفر إرميا.

دافع عنها القديس جيروم ضد الذين ينفون نسبتها لبولس الرسول.

وأحتسبها المؤرخ يوسابيوس القيصري ضمن الأسفار التاريخية.

شخصيات الرسالة:

فليمـون:

معنى أسمه "محب" أو "ودود" أو "حنون". ولد فليمون بكولوسي أو ربما نشأ فيها، ألتقى ببولس في أفسس أثناء رحلاته التجارية، إذ كان يعمل في تجارة الأصواف التي تشتهر بها كولوسي، فآمن على يدي بولس هو وأهل بيته وعبيده بما فيهم أنسيمس.

سيم بعد ذلك أسقفًا على كولوسي وكلل حياته بالأستشهاد مع زوجته وإبنه رجمًا بالحجارة في عصر نيرون يوم 22 نوفمبر حسب التقليد اللاتيني وتعيد لهم كنيستنا القبطية في 25 أمشير.

أبفيـّة:

معنى أسمها "عزة" أو "عزيزة". هى زوجة فليمون – ويرى البعض أنها أخته - آمنت معه، وأسست كنيسة في بينهما، وأستشهدت معه.

أرخُّبس:

معنى أسمه "سيد الفرس"، هو أبن فليمون وكان خادمًا في كنيسة كولوسي ويحسبه بولس الرسول "المتجند معنا" (فل4).

أنسيمس:

أسم يوناني معناه "نافع" أو "المُعين"، ولد أنسيمس في ثياتيرا من أب ذو مركز مرموق لكنه لم يحافظ على مركزه، ومات أبوه وتدهور حال أنسيمس حتى بيع عبدًا في مصنع الأرجوان الذي كانت ليديا مساهمة فيه.. ولتمرده وأهماله عرض للبيع مره أخرى.. ورأى فليمون وسامته فأشتراه عبدا له.

لم تهذب حُسن معاملة فليمون من انسيمس ووصل به الحال أنه سرق سيده وهرب إلى أفسس ومنها إلى روما متوهمًا أنه سيعيش سعيدًا في روما لكن عذاب ضميره ظل يلاحقه وحنان سيده الذي شعر به وبخه وعقوبة اللصوص الهاربين طاردت أفكاره. إلا أن مراحم الله قادته إلى بولس الرسول المأسور في نفس المدينة (روما).

وعندما وقع اللص الهارب تحت يدي الرسول العظيم صائد النفوس... أجتذبه للتوبه وألهب النعمه في قلبه لتغير حياته، وتحول من سارق إلى عبد للمسيح.. ومن سارق غير أمين إلى مُغتصب للملكوت، بل أن بولس سامه شماسًا.. وأرسله لسيده فليمون حاملا ً رساله...

الغـرض من الـرسـالـة:

هى رسالة يتشفع فيها القديس بولس لأنسيمس لكى يقبله فليمون لا كعبد بل أخًا محبوبًا ولكى يعفو فليمون أختياريًا لا على سبيل الأضطرار مع وعد بتسديد ما على أنسيمس من ديّن.

سمــات الرســالة:

هى رسالة العمل الفردى الذي ظهر بأهتمام بولس المشغول بكنائس والرد على بدع وهرطقات بخلاف قيوده، بعبد سارق هارب، وأهتمام العهد الجيد بتخصيص سفر يحمل قصة لص تائب.

هى رسالة الحب الأبوي والراعي الساهر والحاضن لرعايته والأحتواء الكامل لفليمون ومدحه لأنسيمس والتوصية عليه.

هى رسالة الشفاعة التي يشفع فيها بولس لدى فليمون عن ابنه أنسيمس، فهي ظل شفاعة المسيح، المصلوب لآجلنا. كما أن تعهد بولس بإيفاء الدين الذي على أنسيمس هو صدى لإيفاء المصلوب الدين الذي علينا.

هى رسالة الأدب المسيحي والذوق الرفيع فهى تفيض لطف ورقة ولباقة وعذوبة، فقد ربح بولس الحكيم الطرفين بحنكة، وبحنان الراعي حنّن قلب أنسيمس ليتوب ويرجع لسيده وحنّن قلب فليمون ليقبل أنسيمس ويسامحه.

هى التطبيق العملي لما جاء في رسالة أفسس بخصوص قضية السرقة "لا يسرق السارق في ما بعد بل بالحرى يتعب عاملا ً الصالح بيديه ليكون له أن يعطى من له أحتياج" (أف 4: 28).

هى رسالة الأسرة المسيحية الحقّة: فليمون الأب المحبوب الفاضل العامل مع بولس، وأبفية الزوجة والأم المحبوبة، وأرخبّس الخام المجند مع بولس، والكنيسة التي في بيتهم.

عالجت الرسالة نظام الرق بالرقيّ والإصلاح... ولم تلغه صراحة للآتي:

نادت المسيحية بالحرية الحقيقية من إبليس والخطية التي تكّلم عنها الرب يسوع "إن حرركم الأبن فبالحقيقة تكون أحرارًا" (يو8).

ظهرت عظمة المسيحية في أنها وهبت الأنسان القوة ليكون ناجحًا إينما كان ومهما كان وضعه الأجتماعى، فسبب النجاح والسعادة هو وجود الله في حياة الأنسان... لذلك نجح يوسف وهو مسجون وهو عبد وأيضًا وهو الرجل الثاني في مصر. فدعت العبيد أن يحترموا سادتهم (أف6: 5 – 8) (كو3: 22 - 25) (1تس6: 2) (1بط2: 18 - 26)، كما أعلنت المسيحية لا فرق بين السادة السادة والعبيد (1كو 7: 22) (غل3: 28) (كو3: 11). لذلك أرتفع ثمن العبد المسيحي عن نظيره الغير مسيحي.. وفي المقابل زرعت المسيحية في قلوب السادة الرحمة والعدل... وبلغ هذا التأثير مداه في حياة فليمون الذي تخلّى عن حقه المشروع وأيضًا على أنسيمس فتغير حتى صار أسقفًا.

تخصيص رسالة من رسائل العهد الجديد لأجل قضية عبد هى أقوى شاهد على قوة تأثير المسيحية في النفوس والرقي بقيمة الأنسان ومساواة الكل.

كان نظام الرق متعارف عليه في الأمبراطورية الرومانية وكان يُعتبر من الأسس التى يقوم عليها المجتمع، فلو نادت المسيحية بإلغاء هذا النظام إلا وجدت المبرر لثورة العبيد على سادتهم ولا سيما أن نفسيتهم كانت مهيأة لهذا العمل بدليل ما قاموا به من ثورات في ذلك الوقت وما ترتب على هذه الثورات من صلب الآلاف منهم.

لو ألغت المسيحية نظام العبودية لأحتسبها الأشراف أنها حركة ثورية عدائية جاءت لتهدم كيان المجتمع القائم. إنما وضعت المسيحية بذرت التحرير للعبيد لحين يأتي الوقت المناسب فيتم تحريرهم، وهذا ما صنعه الرجل المسيحي آبراهام لينكولن رئيس الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، وان كانت المدة طالت فليس العيب في البذرة وإنما في التربة البشرية القاسية التى لم تنبت سريعًا هذه الحرية...

أقســام الــرسالـة:

التحية الرسوليـة (1 - 3).

محبة بولس لفليمون (4 - 7).

3 - شفاعة بولس لآجل أنسيمس (8 - 21).

4 - طلب إعداد منزلا ً والسلام الختامي (22 - 25).

مقدمة في الرسالة إلى العبرانييـن

كاتب الرسالة:

أنقسم الأباء الأوائل بين أعترافهم ببولس الرسول كاتب للرسالة وبين مُعارض ونسبتها لآخر، فتمسكت كنيسة الشرق بها كرسالة رسولية بيد بولس الرسول ولا سيما مدرسة الأسكندرية بينما عارضت كنيسة الغرب هذا الرآى ولكنها تبعت الكنائس الشرقية بعد القرن الرابع.

وأقر آباء الكنيسة العظماء (البابا بطرس خاتم الشهداء، البابا أثناسيوس الرسولي، البابا كيرلس عمود الدين، القديس يوحنا ذهبي الفم، القديس كيرلس الأورشليمي) بأنها رسالة بولس الرسول.

أعتقد العّلامة أوريجانوس بأن لوقا البشير هو كاتب الرسالة، بينما أعتقد ترتليان بأنها لبرناباس، وغيرهم نسبها لسيلا وأخرون لأكليمنضس الروماني.

سبب إختلاف البعض على كاتب الرسالة؟

لم يذكر القديس بولس أسمه في الرسالة كما في باقي الرسالة.

السبب في ذلك:

من المعروف أن القديس بولس هو رسول الأمم الأكثر تحررًا من أعمال الناموس كالختان هذا ما جعل المسيحيين الذين كانوا قبلا ً من اليهود يتحاملون عليه وينفرون منه (أع21: 21) فلو ذكر أسمه في الرسالة لأبتعد هؤلاء عن قراءة الرسالة.

لم تكن الرسالة إلى العبرانيين الوحيدة التي لم يذكر كاتبها أسمه فيها، فنجد الرسول يوحنا الحبيب لا يذكر أسمه صراحةً في رسالتيه الثانية والثالثه بل يدعو نفسه "الشيخ".

أرُسل بولس للأمم ولم يُرسل لليهود، فلم يذكر أسمه تأدبًا وتواضعًا، فيكون كمن إعتبر نفسه رسولا ً للعبرانيين.

أختلاف أسلوب ومنهج الرسالة عن باقي الرسائل.

السبب في ذلك:

أستخدم بولس الأيجاز في الأقتباس والمقارنة من العهد القديم في باقي الرسائل بينما في رسالة العبرانيين أسهب في ذلك، وهذا لآن باقي الرسائل – الموجهة للأمم - لم يكن يعنيهم العهد القديم في شئ ولا هم ملمين بطقوس وشخصيات العهد القديم مثل العبرانيين.

أستخدم مفردات وألقاب للسيد المسيح كلقب "رئيس كهنة" لم يذكره إلا في رسالة العبرانيين وذلك لأن الأمم لم يكن لهم دراية بكهنوت العهد القديم.

لا ننسى أن بعض رسائل بولس تشابهتمع رسالة العبرانيين قارن:

الظل في مقابلة الحقيقة (عب8: 5، 10) = (كو2: 17).

أورشليم السمائية (عب 12: 22، 13: 14) = (غل4: 25، 26).

أسم المسيح فوق كل أسم (عب2: 7، 10: 12) = (أف1: 20 - 22) (فى2: 9 - 11).

ثلاثية الإيمان والرجاء والمحبة (عب6: 10 - 12 + 10: 22 - 24) (1كو13) (1تس1: 3، 5: 8).

إمكانية هلاك المؤمن (عب 3: 16، 17) (1كو10: 5 - 12) بنفس التشبيه.

أن بولس رسول الأمم وهذه رسالة موجهة لغير الأمم.

السبب في ذلك:

لم يحرم بولس من خدمة بني جنسه الذين أحبهم ولم يُمانع أن يكون هو محرومهم من أجلهم (رو9: 3، 4). فالرب يسوع نفسه دعاه "هذا لي إناء مختار ليحمل إسمي إلى أمم وملوك وبني إسرائيل" (أع9: 15).

إذ نال بطرس - رسول الختان - بركة الكرازة للأمم (أع10) لكرنيليوس، نال بولس - رسول الأمم - بركة الكرازة لليهود المُشتتين.

ويشير بطرس الرسول إلى أن بولس كتب لليهود الذين في الشتات (2بط 3: 15 - 16).

مــن هـم العبــرانييــن؟

أول من سُمّى "عبراني" هو أبراهيم حيث أنه أتى إلى أرض الميعاد عابرًا نهر الفرات (يش24: 3) (تك14: 13). وعندما أستقر إبراهيم في كنعان أصبح يُعرف هو ونسله عند الكنعانيين والمصريين "بالعبرانيين" (تك40: 15). وأستقر لقب العبرانيين على بني إسرائيل طوال بقائهم في مصر فيقول موسى عن الله أنه "إله العبرانيين" (خر5: 3).

عند أنقسام المملكة تمّسك بنو إسرائيل بهذا اللقلب عند إتصالهم بالأمم الأخرى، فيقول يونان مثلا: "أنـا عبراني..".

وعندما يقول بولس عن نفسه أنه: "عبراني من العبرانيين" (فى3: 5) ليشدد على أصله اليهودي ولغته العبرانية..

أستخدمت عبارة "عبراني" للتمييز بين اليهود والأمم، أو للتمييز بين اليهود المُقيمين في فلسطين، ويهود الشتات (أع6: 1)، حيث يُقال عن يهود فلسطين "العبرانيين"، وعند يهود الشتات "اليونانيين"... ولكن أتسع مجال أستخدام كلمة "عبراني" ليشمل يهود الشتات إيضًا لذلك أختلفت الآراء فيمن وُجهت إليهم هذه الرسالة فبعضهم قال:

كُتبت إلى العبرانيين الذين آمنوا بالسيد المسيح في فلسطين.

كُتبت إلى العبرانيين في إيطاليا.

كُتبت لليهود الذين آمنوا في أنطاكية والأسكندريه.

ونستطيع القول بأنها قد تكون كُتبت لكل هؤلاء ولذلك كتبها الرسول باليونانية (أو اليونانية المُترجمة عن العبرية)، فبالرغم من وعد بولس بزيارة من يكتب لهم الرسالة ألا أن هذا لا يمنع أنفتاح ذهن بولس الرسول ليشمل عبرانيين العالم كله الذين يُعانون من اليهود.

زمـان ومكـان كتـابة الرسالة:

يرى معظم الدارسين أن الرسالة كُتبت قبل خراب أورشليم 70م، لآن الرسول لم يشر إلى أحداث الخراب بل أنه يتوقع الخراب، كما أنه يتحدث عن الذبائح والطقوس اليهودية بصيعة المضارع كأنها قائمة، مما يُشير إلى إستمرار ممارسة هذه الطقوس حتى تاريخ كتابة الرسالة لذلك يتجه الشراح أنها كُتبت حوالي 63م لأن الخراب بدأ سنه67م.

يرى البعض أنها كُتبت في أورشليم وفلسطين وترجمها القديس لوقا من العبرية إلى اليونانية بينما يرى البعض أنها كُتبت من إيطاليا (عب 13: 24) لكن البعض قال أن بولس كان في بلد آخر غير إيطاليا وأرسل إلى جماعة من العبرانيين المسيحيين هناك سلام الذين من إيطاليا والذين كانوا مُهاجرين ومستوطنين في هذا البلد.

قانونية الرسالة:

أعترف بالرسالة العّلامة أوريجانوس ولم يشك في قانونيتها رغم عدم أعترافه بكاتبها.

أعترف بها القديس جيروم والقديس أغسطينوس ومجمع هيبو393م، ومجمع قرطاجنة397م.

أحتسبها البابا أثناسيوس الرسولي ضمن رسائل بولس الرسول في رسالته الفصحية التاسعة والثلاثين لعام367م.

أعترف بها أمبروسيوس وهيلاري أسقف بواتييه.

وأقتبس منها الآباء الأوائل وتعد أكثر أسفار العهد الجديد اقتبس منه الاباء.

غاية الـرسالـة:

عرف بولس الرسول بمعاناة بني جنسه من اليهود المتنصرين (المسيحيين من أصل يهودي) ومن أتهام اليهود لهم بأنهم ناكرى وجاحدي الناموس، كما عزلوهم وطردوهم وبدأت الأغراءات تلفت أنظار هؤلاء المسيحيين خاصة بعد تأخر المسيا المنتظر الذي كانوا يتوقعون مجيئه سريعًا في الوقت الذي كان اليهود يزعمون بقدوم المسيا الملك المنتظر!.

فتضاعفت المشكلة لدى هؤلاء المسيحيين حديثي الإيمان.. فقام بولس ليوضح لهم مفاهيم غاية في الدقة والعمق فأعلن لهمفي رسالتة أن:

أرتدادهم من المسيحية إلى اليهودية هى عودة من الحقيقة للظل ومن النور للظلمة.

خراب الهيكل قريب وأنتهاء تقديم الذبائح والطقوس اليهودية.

أن الملائكة والأنبياء وأبرار العهد القديم يشيرون إلى المسيح الذي آمنوا به.

أن كان أبرار العهد القديم أبطال الايمان أحتملوا أضطهاد من أجل الوعد فكم يجب أن يكون أحتمالهم أولئك الذين يتنعمون بما أشتهى أنبيائهم أن يكونوا فيه!

يسوع الذي قبلوه وآمنوا به صار وسيطًا وشفيعًا لهم بدمه، عوض الكاهن الذي يحتاج لتقديم ذبائح عن نفسه وتطهيرات عن خطاياه، فكيف يعودوا لوسيط يموت ويتركوا يسوع الإله الحى إلى الأبد.

أن ما كسبوه وتمتعوا بع من نعم وبركات أكثر بكثير جدًا مما كانوا فيه فقد أقتنوا الحق عوض الرمز، الهيكل السماوي عوض الأرض، أورشليم السمائية عوض الأرضية.

إذ طُردوا وعُزلوا عن شعب المسيا فهم شركاء المسيح في آلمه وطرده، هذا الذي صلب خارج المحله... فليخرجوا خلفه حاملين عاره، ليشتركوا في مجده.

يؤكد بولس الرسول بمنطق عالِ أن كهنوت لاوى لو كان كامل وممتد ما كانت حاجة لآن يأتي آخر على رتبة ملكي صادق بقسم إلى الأبد!... وإذ تغير الكهنوت تغير الناموس لأجل ضعفه وعدم نفعه (7: 14)... هكذا أكد عجز الذبائح عن غفران الخطايا، أما ذبيحة المسيح فهى قُدمّت مره واحدة على الصليب وتكفي لخلاص العالم كله (10: 10).

سمــات الـرسالـة:

هـى رسالـة عظمـة المسيــح:

أولا ً: أوضح بولس أن المسيح أفضل من الكل:.

أعظم من الملائكة (عب1).

أعظم من موسي (عب3: 3).

أعظم من يشوع (عب3: 8).

أعظم من هارون (عب5: 8).

أعظم من ملكي صادق (عب7).

ثانيًا: أوضح بولس مجد لاهوت المسيح:

وارث كل شئ.

به عُمل العالمين.

حامل كل الأشياء بكلمة قدرته.

صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا.

جلس في يمين العظمة في الأعالي.

ثالثًا: أوضح بولس خلاص المسيح:

مات لأجل كل واحد (عب2: 9).

تكلل بالمجد والكرامة (عب2: 9).

هو رئيس خلاصنا (عب2: 10).

جعلنا مقدسين (عب 2: 11 - 13).

أنتصر على أبليس وعتقنا (عب 2: 14، 15).

هى رسالة تفسير العهد القديم في ضوء العهد الجديد:

أن قدرة بولس العملية وخلفيته الدراسية في العهد القديم زال عنها البرقع ليرى فيها المسيحية الحقيقية، وأن المسيح هو محور الكتاب والتاريخ، ومحور الإيمان، لذلك أراد أن يكشف عن كنوز العهد الجديد المخبوءة في العهد القديم... فأستطاع أن يفسر ويربط ويقارن ويسمو بكل ما في العهد القديم ليصل بذهن العبراني إلى تفّوق العهد الجديد (2كو3: 6 - 11).

ومن أول آية أعلن بولس أن المسيح هو الذي أخبرنا عنه العهد القديم... ثم ينتقل ليشرح رموز العهد القديم في ضوء تحقيقها في المسيح.... وأوضح أن الناموس إذ يطهر من الخطايا فإن في المسيح تغفر الخطايا ويتقدس القلب والضمير بالروح (عب10).

في مقارنة بولس الرسول بين اليهودية والمسيحية أنتهى بأن في المسيحية لنا:

أسم أفضل (عب1: 4).

أمور أفضل (6: 9).

رجاء أفضل (7: 9).

عهد أفضل (8: 9).

خدمة أفضل (8: 6).

مواعيد أفضل (8: 6).

ذبائح أفضل (9: 23).

فقـد ذُكرت كلمـة "أفضــل" 13 مرة في الـرسالـة.

هى رسالة عقائد العهد الجديد:

أوضحت لاهوت السيد المسيح: الخالق، الفادي، الجالس عن يمين العظنة، الذي تسجد له الملائكة.

أوضحت كهنوت المسيح: رئيس كهنتنا الأعظم على رتبة ملكي صادق.

أوضحت لنا شفاعة القديسين المحيطة بنا.

أوضحت الرسالة سر الزيجة المقدس ومقدار طهارته (عب13: 4).

أوضحت إمكانية هلاك المؤمن إذا أرتد (عب2: 1) (3: 12) (10: 29).

أقسام الرسالة:

الأصحاح الأول والثاني: المسيح أعظم من الأنبياء والملائكة.

هو خالق السماءوالأرض وهو الفادي الذي دفع ثمن خطايانا على الصليب ليدخل بنا إلى ملكوته.

السيد المسيح هو الأبن الوحيد المسجود له من الملائكة.. الأبديوالأزلى... والذي صنع خلاصا بألامه ليأتي بأبناء كثيرين إلى المجد... شابهنا في كل شئ لكى يكون رحيمًا.. وتألم مجربًا ليُعين المُجربين..

وظهر السيد المسيح في تجسده وكأنه "وضع قليلا عن الملائكة". رغم انه إله الملائكة... وذلك خلال تجسده الذي ظهر كأنه أقل من الملائكة لابسا جسد وخاضعا للموت.

الاصحاح الثالث: المسيح أعظم من موسى.

إن كان موسى قد قاد الشعب في البرية ليدخل بهم يشوع لأرض الموعد، فالرب يسوع هو قائدنا الحقيقي الذي يعبر بنا من الموت للحياة ومن العبودية للحرية ليدخل بنا أورشليم السمائية / وأن كان موسى أمينا فالمسيح هو الأمين لآنه الأبن..

وأن كان الشعب القديم حُرم التمتع من المواعيد الألهية فلنتمسك نحن بإيماننا بالمسيح لئلا نُحرم أيضًا...

الأصحاح الرابع: المسيح أعظم من يشوع.

فتح الله باب الرجاء ليدخل فينا ويرتاح فلا نرفضه... بل نجتهد للدخول الى الراحة.. فراحتنا في تمتعنا به وراحته هى فرحة بنا وفينا...

علينا أن نتسلح بكلمة الله لتتقدس أفكارنا وقلوبنا ونياتنا زنتقدم إلى عرش النعمة واثقين في رثاؤه لضعفنا...

الأصحاح الخامس: المسيح أعظم من هارون.

هناك شروط يجب أن تتوافر في رئيس الكهنة وجدناها كلها منطقبة على شخص الرب يسوع فيجب أن يكون رئيس الكهنة:

مأخوذ من الناس ليشفع عنهم والسيد المسيح تجسد وصار كواحد منا ليقوم بدوره الكهنوتي تجاها.

يُقام لآجل الناس ليُقّدم قربان عن خطايا الناس جاء الأبن ليقدم ذبيحة نفسة كفارة لخطايانا.

مدعو من الله دُعى السيد المسيح بواسطه ابيه السماوي له: أنت الكاهن إلى الأبد.

ولكى يكون لائقًا ومهيئًا أن يصير رئيس كهنة لزم أن يتعلم الطاعة على مستوى البشر (5: 8).

الأصحاح السادس: وقفـة إيمــانيــة.

أوضح بولس أستحالة إعادة المعمودية كسر تجديد التوبة... ونلاحظ "وضع الأيادي" الممارسة الأولى لسر الميرون عقب المعمودية... كما نلاحظ تعبير "تعليم المعموديات" فطالب العماد كان يُلقّن دروس تعليم وإرشاد وتوضيح الفروق بين معمودية –المسيحية - وبين معمودية يوحنا وطقوس الغسل اليهودية.

الأصحاح السابع: المسيح وملكي صادق.

ظهرت عدة آراء حول شخص ملكي صادق منها:

آراء تقول أنه: الروح القدس.

أوريجانوس وديديموس الضرير وبعض الآراء يقولون أنه: ملاك.

هيبوليتس وإيرينيؤس ويوسابيوس القيصري: أحد أمراء كنعان.

بعض الآراء تقول أنه: أحد ظهورات المسيح قبل التجسد.

ولنورد قصة ملكي صادق نرجع لزمن نوح....

حدث أن يارد السادس من نسل آدم أنه أوصى أولاده أن يأخذوا جسد أبينا أدم مع قرابين (ذهب، ولبان، مر) إلى منطقة وسط الأرض... فسلمها الأباء لأبنائهم حتى وصل الجسد مع القرانيين إلى نوح... فأخذ نوح الجسد من مغارة "الكنوز" وحمل أولاده القرابين، فحمل سام الذهب، وحمل حام المر، وحمل يافث اللبان، وصارت معهم حتى خروجهم من الفلك.. ولما قربت وفاة نوح أستدعى أبنه سام سرًا وقال له "أخرج جسد آدم من السفينة... وخذ معك ملكي صادق وأدفناه في وسط الأرض.. وأوصى ملكي صادق بأن لا يتخذ له إمرآه وليكن ناسكًا كل أيام حياته... لأن الله أختاره ليخدم قدامه... ويكون وحده كاهنًا لله العلى... وبعد وفاة نوح نفّذ سام ما أمره به والده... وسار بالجسد إلى أن ظهر لسام وملكي صادق ملاك يرشدهما للمكان المعين لدفن جسد آدم وسمى المكان" الجلجثة "وهو المكان الذي صُلب عليه رب المجد فيما بعد.. وعاش ملكي صادق في هذا المكان وقّدم له ملوك المنطقة هدايا فلم يقبلها فبنوا بها هيكلا ً فوق قبر آدم وسموها شاليم أى" السلام "وتحرّف أسمها إلى أورشليم أى نور السلام.. وهو الذي بارك إبراهيم (تك14) وقد ذبائح خبز وخمر!

وقد كان كهنوت المسيح على طقس كهنوت ملكي صادق من حيث:

أنه كهنوت يقدم خبز وخمر وليس ذبائح حيوانية.

أنه كهنوت ليس عن طريق الوراثة فقد كان المسيح من سبط يهوذا وليس من سبط لاوي الذي منه الكهنوت.

كهنوت ملكي صادق أعلى في الدرجة من الكهنوت الهاروني، إذ بارك ملكي صادق إبراهيم أب الأسباط.

إن كهنوت ملكي صادق كان عام لا يخص فئة معينة بدليل أنه أخذ العشور من إبراهيم وهو ليس له نسب معه هكذا السيد المسيح هو رئيس كهنة لكل الخليقة.

ذكر بولس عن ملكي صادق أنه "بلا أب بلا أم" (7: 3) والمعنى الحقيقى أن كهنوت ملكي صادق لم يرثه من أبيه وسلفائه كما كان الأمر في الكهنوت اللاوي.. مما يؤيد ذلك قول الرسول "بلا نسب" أى بلا سلف كهنوتي خلفه ملكي صادق في تلك الوظيفة السامية بل آتته من الله رآسًا.

ذكر الرسول عنه أيضًا "بلا بداءة أيام ولا نهاية حياة... يبقى كاهنًا إلى الأبد" (7: 3) وكان يقصد لا بداءة أيام ولا نهاية حياة في الخدمة الكهنوتية كما كان الحال بالنسبة للكهنة اللاويين فكانوا يبدأون خدمتهم في سن الثلاثين وينتهون منها في سن الخمسين... أما ملكي صادق فلم يكن محددًا بسن...

الأصحاح الثامن: السيد المسيح رئيس الكهنة السماوي.

أمامه يختفي الكهنوت اللاوي... وبقيادته تدخل العهد الجديد الذي يسجّله الروح القدس فينا ويكون الله هو معلمنا...

الأصحاح التاسع: الخدمة السماوية.

أنقسم الهيكل إلى القدس وقدس الأقداس: يشير القدس إلى العهد القديم الذي يخدمه كهنه كثيرون كل يوم، ويشير قدس الأقداس الذي لا يدخله إلا رئيس الكهنة مره واحدة إلى السيد المسيح الذي قّدم نفسه في العهد الجديد مرة واحدة ليدخل بنا إلى سمواته.

في العهد القديم يُقّدم الكهنة دم تيوس وعجول تُرش على المنجسين لطهارة الجسد، أما السيد المسيح فيقدم بإرادته دم نفسه مرة واحدة.

الأصحاح العاشر: الدخول إلى الأقداس.

أشارت تكرار الذبائح إلى عجزها عن تقديس الأنسان، اما السيد المسيح فجلس كذبيح عن يمين الآب ليُطّهر كل خطية فلا حاجة بعد إلى ذبيحة.. فنحن أعضاء في جسد القادر الوحيد أن يهيئ طريق الدخول إلى الأقداس (السماء)..

الإيمان بدم المسيح يهب الرجاء أن يمنح المحبة للآخرين... والمسيح نفسه لا ينس تعبك عندما تحملّت الآلام لأجله..

الأصحاح الحادي عشر: أبطـال الإيمـان.

أوضح لنا بولس نماذج لمن تمسّك بالإيمان ففرحت ونالت وعد ثمر الإيمان...

فعلينا أن نؤمن ونصّدق وننتظر لننال ما ناله ابطال الإيمان خبرة نتذوقها لنتأهل للأبدية.

الأصحاح الثاني عشر: الـتأديب الألهي.

أن شفيعك الذي مات من أجلك يعمل ايضًا لأجلك لتنال نعم عمله الكفاري... فلا تخف من الخطايا فهناك سحابة شهود تصلي وتشفع عنا... وعيوننا التي تنظر للمسيح المتألم تهبنا عزاء وصبر فالضيقة علامة أهتمام... والألم علامة بنوة.. والتأديب طريق مخافة الرب... فمرارة التأديب تثمر بر وسلام، قديمًا كانت العلاقة بالإنسان غامضة أما الآن فنجاهد لنتجنب كل خطية تفصلك عن الأتحاد بالله!

الأصحاح الثالث عشر: وصـايا ختـاميـة.

إذ يقدم بولس الرسول وجبه لاهوتيه دسمة يمزجها بالسلوك الروحي بالسلوك فلا يصبح إيماننا مجرد نظريات. ويتحول مفهوم الذبيحة من ذبيحة دموية إلى دبيحة تسبيح (13: 15) وذبائح فعل الخير... فلا يكن الإيمان جاف بل ممتزج بمحبتنا للآخرين والغرباء... وتغير نظرتنا للزواج إلى سر مقدس طاهر... ولا نحزن من الآلام فهو يُشرك من تألم لأجله في مجده.

الفهرس.

مقدمة في الرسالة إلى أهل رومية2.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس16.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس24.

مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية28.

مقدمة في الرسالة إلى أهل أفسس33.

مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل فيلبي38.

مقدمة في رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي42.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل تسالونيكي57.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس62.

مقدمة في رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس66.

مقدمة في الرسالـة إلى تيطس70.

مقدمة في الرسالة إلى العبرانييـن78.