ممارسة سر الأعتراف بين – الأستاذ بيشوي فخري

كارت التعريف بالمقال

ممارسة سر الأعتراف بين: أخطاء الآبن وتجاوزات الاب! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.

أولاً: آخطاء الابن: دخل حجرة الاعتراف.. جلس.. وخرج.. وتكرر الأمر مرارًا وتكرارًا، دون تغيير... تشكك مرة في نفسه.. وأخرى في أب أعترافه... ثم وصل الشك فى محبة الله وغفرانه ومدى قبوله وتركه دون عزاء.. وكان له أن يراجع كيفية ممارسة السر حتى يستفيد... فكان من ضمن الأخطاء:

1 - البدء بجلسة الاعتراف: أن جلسة الأعتراف مع الاب الكاهن هى خطوة ثالثة بعد جلسة محاسبة النفس ووقفة توبة مع الله / واذا تجاوزنا المرحلة الاولى والثانية لن تفيدنا جلسة الاعتراف شئ!.... هو سر "التوبة"، وليس سر "الجلسة"... فلم يفيدني إعترافي ما لم أعقد النية للتوبة بجلسة محاسبة النفس ووقفة توبة مع الله!

2 - سرد حكايات وليس خطايا: جلسة الأعتراف هى معنية فقط بالإقرار بالخطايا، دون تبرير أو تقديم أعذار، أو شكاوى من خطايا الغير! أو تجميل الصورة. أو سرد أنصاف حقائق.. جلسة الاعتراف ليست فضفضة من ضيق العالم ومشاكله... بل هى شكوى النفس.. وفضح الخطية.. ما يجعل الاعتراف غير مفيد هو أن نتحدث فيه عن كل شئ عدا خطايانا!... الأعتراف ليس جلسة مع محلل نفسي يعطي علاجًا نفسيًا ومشورة من حكمة العالم، وليس عملية تهدئة الضمير من جراء الخطية التى أرتكبتها.. انما إعلان عن محبة الله بنفض غبار الأثم ورغبة قوية في النمو في حب الله والتخلص من كل ما يعيق الحياة في المسيح.

3 - فقدان الرجاء: اليأس وفقدان الرجاء هو غلق باب التوبة.. وهو الخطية الأبشع من فعل الخطية نفسه!.. فقدان الرجاء يمنع الأعتراف وأن حدث وذهبت للأعتراف يمنع التمتع بغفران الله ومسامحته ورفض التصديق بأنه ألقي بكل خطايانا في بحر النسيان.. اليأس كُفر بقوة الله ومحبته! فالتوبة تجعل الخطية كأنها لم تكن.. وتُعيد الأنسان أفضل مما كان، وأن الله يشتهى رجوعنا أكثر ما نشتهى نحن أن نرجع... ومستعد أن يغفر أكثر من أستعدادنا نحن ان نطلب المغفرة!..

4 - التشكك في اب اعترافك: نصيحة الأباء القديسين هى التدقيق في إختيار اب الأعتراف لئلا نقع في يد مريض بدل طبيب... فأهتم بإختيار ابيك بالصلاة والتدقيق وبعدها لا تقبل التشكيك في تدبيره وتداريبه، بل ثق في أن الله يستخدمه لخيرك.. فأن سر الاعتراف يعتمد بدرجة كبيرة على المعترف. ولكن إذا زاد الفكر لتغيير اب الاعتراف لسبب جوهري يمس تقدمك ونموك الروحى... لا تتردد في تغييره مدام الامر يتعلق بتوبتك، مع ضرورة التمييز.

5 - عدم تنفيذ إرشادات اب الإعتراف: جلسة الأعتراف هى مكاشفة لله في حضرة الكاهن والذي يوصي بتداريب من أجل الجهاد في حياة القداسة والنمو، والإكتفاء بسرد الخطايا دون عقد النية على تركها وإتّباع الاب الكاهن هى توبة غير مكتملة..

6 - عدم الثقة في مغفرة الله: أن الله يلقي بخطايانا التى قدمنا عنها توبة في بحر النسيان ويعلق عليها لافتة: ممنوع الصيد!... أن تذكّرنا خطايانا بالتوبة والاعتراف ينساها الله لنا.. وإن نسيناها يذكرها لنا... عدم الثقة في غفران الله يمنعنا من التقدم في حياة التوبة ويجعل الخطية عالقة في أذهاننا فنخاف منها ونقلق مع عدم قبول الله التوبة عنها فنخطئ فيها مرة أخرى وهكذا... الله أحن علينا من أنفسنا.. يحقق وعده لنا... ويشتهي خلاصنا.. يفرح بتوبتنا ولا يتردد في غفران أى خطية... علينا أن نثق ونصدق.

ثانيًا: تجاوزات الاب:

ولمثلث السر ضلع ثالث هام مع المعترف والروح القدس العامل في الأسرار.. هذا الضلع هو الكاهن، الذي عليه إلتزامات كباقي طقوس الأسرار ويمكن أن يكون له تجاوزات كباقي البشر!.. ومنها:

1 - أن يمارس السر دون إختبار: ليس خفي أن الكنيسة كانت لا تسمح لمن يتم سيامته في الكهنوت أن يمارس سر الأعتراف مباشرة فور سيامته، بل بعد مدة ليكتسب خبرة وثقل روحي وحذق في التعامل مع النفس البشرية لصعوبة وخطورة المسئولية... ولكن الأمر تغير بسبب زيادة الأعداد والحاجة إلى آباء إعتراف... ولكن الحلول دائمًا في العودة إلى الأصول، فكم من مشاكل تفاقمت بسبب عدم دراية آباء بأسس وأصول التعامل مع جراحات النفوس ومشاكلها... وكم من مواقف كادت تتعقد لولا تدخل إلهي لآجل طاعة الأبن وبساطة الآب! السر يحتاج لأفراز وتدبير ومعرفة بقوانين الكنيسة، وخبايا النفس البشرية، الأمر الذي يتطلب صلاة ودراسة وصبر.

2 - أن يسمح بتجاوزات المعترف: قد يأتي شخص ليمارس ما يظن أنه سر الأعتراف، وهنا على الأب أن يقود دفة السر في إتجاه الممارسة الصحيحة ولا يتساهل في تجاوزات الأبن - ولو على فترات تدريجية - بحجة الخوف من أن يفقده.. وإلا ما يوافق عليه الاب يعتبر تصريح وليس تصحيح للأستمرار في الخطأ... وهنا نذكر أن الكاهن يصلي "من اجل خطاياه".. أما بالنسبة للشعب فيقول "وجهالات الشعب".. فقد يمكن قبول التجاوز لمن لا يعرف... لكن أين المهرب لمن يتهاون!

3 - أن يحل محل الله: يتدخل الأب أحيانًا ويؤله ذاته.. ويشرع قرارته.. ويسكب العصمة على آراؤه... وينزعج من عدم طاعة هواه!.. بل يمكن أن تنتهى جلسة الأعتراف بدون الأشارة لله كأب حقيقي تعب مع الذي سقط!.. وكأقنوم الحكمة الذي هو الأول والآخر.. بل قد يطمع في إمتلاك المعترف ويسرق بنوته من الله لينسبها لنفسه دون أن يدرك... ولكن الأب الحقيقي هو من يختفي ليظهر الله، ويرافق التائب في رحلة ممتعة لقابل الخطاة ويقدم معه توبة... ولا يعمل أو يعطى إرشاد ورأى بمعزل عن روح الله وحكمته...

4 - أن يجهل قامة وشخصية المعترف: اب الأعتراف طبيب قادر على تشخيص المرض (الخطيئة) بدقة لئلا يصف سموم بدل أدوية... والطبيب يعرف بدقة الجرعة المناسبة.. والدواء المناسب.. ولا يعطى نفس الدواء لكل شخص، فلا تشفي كل الأمراض بنفس الدواء!... بل قد يغير الدواء وشدته (التداريب أو التأديب) من فترة لأخرى لنفس الشخص حسب قامته الروحية في كل فترة.... عدم تشخيص المرض = عدم الشفاء!.

5 - أن يستخدم خبرات المعترف كمادة للوعظ: أن الأشارة لحياة المعترف ولو دون أسماء هى إهانة للسر وللمعترف، وإعلان عن فقر الأب من أدوات الوعظ والشبع من كلمة الله التي فيها غنى وكمال لا يحتاج لأفشاء قصص من جلسات الأعتراف... ومعلوم مدى التأثير السلبي لأصحاب النفوس الحساسة من مجرد ذكر واقعة تشبه حالاتهم.. أن الكتاب وتاريخ الكنيسة فيه الكفاية لكل النماذج التي يحتاجها الموعوظ ليتعلم منها فلا حاجة لسرد خبرات المعترف!... بل الأسوء أن يكون الدافع هو "الذات" التي تظهر كفائتها في معالجة أمور المعترفين، وكثرة المترددين عليه!!

6 - أن يعطى آراء إلزامية في أمور لا ترتبط بالخلاص: أب الأعتراف هو مسئول عن الأرشاد الروحي للتوبة.. والسير في طريق الجهاد للخلاص... وكل ما عدا ذلك من أمور حياتية هى آراء أستشارية وليست إلزامية لا يجب أن يثقل ضمير المعترف بطاعتها.. المؤسف أن يستغل الأب ثقة ابنه وبساطته بأن يقوده في طريق أو إتجاه يُفّضله دون أن يربي قدرة ابنه على صنع قرار، الأمر الذي لا يعمله الله نفسه معنا إذ لا يرغمنا على شئ ويحترم حريتنا جدًا!... أب الأعتراف يرشد وينصح وينير الطريق ويساعد الابن على أكتشاف ميوله ومواهبه دون أن يلزمه بإختيار.

7 - أن يمارس السر دون إستعداد: اذ كان على المعترف ان يستعد.. فالاب ملتزم ايضا بأن يمتلئ من الروح القدس حتى يستحضر الله في جلسة الأعتراف فيقود الله السر بروحه القدوس ويصبح الكاهن شاهدًا على التوبة مُطهرًا نفسه كأداة يستخدمها الله في خلاص أنسان! وكان أبونا ميخائيل ابراهيم يطلب فاصل زمنى بين كل معترف وآخر ليصلي!