الدكتور مراد كامل – الأستاذ بيشوي فخري

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الأستاذ بيشوي فخري
الشخصيات الدكتور مراد كامل
التصنيفات أدب مسيحي, سلاسل سير القديسين, سير قديسين وشخصيات
آخر تحديث 16 فبراير 2022


الدكتور مراد كامل (1907 - 1975)

الأستاذ الدكتور مراد كامل هو أحد علماء اللغات السامية، النادر وجودهم في العالم... هو أحد "رهبان العلم" الذين تكرسوا للعلم واللغة والخدمة. لم يدرس في جزء من حياته بل كانت حياته كلها دراسة وتعليم. فكان يُعطي العلم كل وقته وجهده وقدرته؛ فقدم للعالم جهد سنوات لا يقدر عليه عشرات العلماء لعشرات السنوات.

وُلد مراد 7 يوليو 1907م؛ في حى الفجالة بالقاهرة من أسرة بسيطة، وفي صغره ارتدى ملابس راهب بُنية اللون وتسّمى باسم "أنطونيوس"، وتعلقت نفسه بحياة التكريس فعاش طوال حياته بلا زوجه أو أبناء، فكانت الكتب والمعاجم والقواميس هى كل عائلته.

التحق بالمدرسة المارونية في المرحلة الابتدائية ثم مدرسة التوفيقية في المرحلة الثانوية، وفي عمره السابع توفى والده، وفي المرحلة الثانوية لم يكن له رعاية من أب أو أم، ولكنه استطاع بجهده وعصاميته أن يتفوق في تعليمه فاستحق بعثة الدولة للحصول على الدكتوراة من جامعة "توبنجن" في ديسمبر 1935م. بعد حصوله على ليسانس الآداب من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا)، قسم اللغات الشرقية في يونيو 1930م ودبلوم اللغة الاتينية وآدابها من جامعة برلين في يونيو 1934م، ودبلوم اللغة اليونانية وآدابها في أكتوبر من نفس العام.

وفي نوفمبر 1938م حصل على درجة الأستاذية Dr. Phil Habil ليعود بعدها إلى مصر ليعمل في جامعة القاهرة حتى أصبح رئيس قسم اللغات السامية بها عام 1950م. كما عمل على تأسيس وانشاء مدرسة الألسن (كلية الالسن فيما بعد) وعين مديراً لها خلال الفترة من (1952 - 1959). ونظراً لنشاطه العلمي المتميز شغل العديد والعديد من عضوية الهيئات والمعاهد.

كما شغل وظيفة أستاذ بالكلية الأكليريكية لتدريس اللغات عام 1953م. وعُيِّن وكيلاً لمعهد الدراسات القبطية ورئيس قسم اللغات به عام 1955م.

وكان مديراً للبعثة التعليمية في إثيوبيا، ووكيل وزارة المعارف بإثيوبيا، من سنة (1943 - 1945م). وعمل من أجل إحياء تراث اثيوبيا وثقافتها.

ومن الأوسمة التي حصل عليها وسام كوم ندور (النجمة) من إثيوبيا الذهبي للعلوم والفنون سنة 1956م، ووسام "جوته الفضي" من المانيا 1957م، ووسام "أثيوبيا الذهبي" للعلوم والفنون عام 1958م، وأيضا وسام كوم ندور من إيطاليا سنة 1960م.

وسام الاستحقاق من الطبقة الأولي عام 1968م.

ميدالية وشهادة تقدير من البابا كيرلس السادس بطريرك الاقباط الأرثوذكس عام 1968م.

وسام التقدير من البابا بولس السادس بابا روما عام 1968 م.

ونظرا لنشاطه العلمي المتميز؛ شغل العديد والعديد من عضوية الهيئات والمعاهد نذكر منها علي سبيل المثال: -.

1. عضو المجمع العلمى المصري بالقاهرة سنة 1950.

2. عضو معهد الدراسات الشرقية بالإسكندرية سنة 1953.

3. عضو علوم دراسة الأسماء بلوفان ببلجيكا سنة 1955.

4. عضو الأكاديمية الألمانية للآثار ببرلين سنة 1959.

5. عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1961.

6. عضو شرف المعهد التشيكسلوفاكي لدراسة الآثار المصرية جامعة كارل ببراغ سنة 1965.

7. عضو في هيئة الترشيح لجائزة نوبل 1970.

8. أسس جمعية للمستشرقين العرب في المانيا لخدمة العرب والقضية الفلسطينية.

9. وكيل جمعية الآثار القبطية بالقاهرة.

10. أستاذا مدي الحياة في جامعة فرايبورج بألمانيا.

11. عضو أكاديمية العلوم الألمانية.

مثل الجامعة المصرية في مؤتمر المستشرقين المنعقد في باريس في يولية 1948؛

وأنتدب أستاذا زائرا بجامعة انزبورك في سنة 1951.

ومثل الجامعة المصرية في أكثر من مؤتمر نذكر منها مؤتمر دراسات العهد القديم المنعقد في كوبنهاجن في 25 يولية 1953؛

ومؤتمر المستشرقين المنعقد في كامبريدج في أغسطس 1954؛

ومؤتمر المستشرقين المنعقد في ميونيخ في أغسطس 1957؛

وأنتدبته جامعة سالزبورج لالقاء عددا من المحاضرات في أغسطس 1956.

في عام 1951 كلفه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي كان يحبه حبًا جمًا، بالتوجه لدير سانت كاترين بسيناء لجرد محتويات مكتبة الدير وفهرستها وتنظيمها، فاصطحب معه الأستاذ يسى عبد المسيح أمين مكتبة المتحف القبطي؛ وأنتهى من فهرسة حوالي 5071 مخطوطة مكتوبة باثني عشر لغة أغلبها باليونانية والعربية والتركية والسريانية والآرامية والقبطية والأرمنية، وكل مخطوطة كان يفرسها ويرقمها ويقيس صفحاتها ويكتب نوع الورق الذي استخدم فيها وعصرها وزمنها وبعض التعليقات عليها؛ وقد عثر هناك على اقدم التراجم العربية للكتاب المقدس في العالم وهى ترجمة تعود إلى القرن التاسع أو العاشر. ومعظمها مكتوب الخط الكوفي غير المنقوط، وهي ترجمة عن اليونانية. وقد كلفته جمعية البحوث الألمانية بنشر هذه الترجمة العربية، وقد أنهى د. مراد ترجمة أسفار موسى الخمسة وقدمها للمطبعة.

كما قام مع زميله الأستاذ يسى عبد المسيح بفهرسة وتنظيم مكتبة دير السريان بوادي النطرون.

كما قام بعمل قاموس للمصطلحات العسكرية جمع فيه حوالي 30000 كلمة انجليزي – الماني – فرنسي - عربي.

وقام بمراجعة المعجم الألماني العربي تأليف الاستاذ وديع فانوس.

كتب مواد حرف "الدال" في قاموس الكتاب المقدس.

وحقق قاموس "المحكم والمحيط الاعظم في اللغة" تأليف علي بن اسماعيل بن سيدة؛ الجزء السادس.

أما عن اللغات اللى كان يجيدها فقد ذكرت بعض المراجع أنها وصلت الي 45 لغة ما بين لغات سامية وافريقية وأوربية وما بين لغات حية ولغات ميتة؛ فمن بين اللغات الحية نذكر: (العربية والعبرية والأمهرية والألمانية والأنجليزية والفرنسية والأيطالية والاسبانية... ألخ).

أما عن اللغات المندثرة فنذكر منها (اللغة السومرية – اللغة البابلية – اللغة الأشورية – الكنعانية – الفينيقة – الآرامية بجميع لهجاتها – النبطية – السبئية – الحميريه …).

ومن اللغات الأفريقية نذكر (السودانية المحلية – الجعزية - السواحلية – النوبيه…).

وكان لديه طموحاً كبيراً أن يؤلف مجلداً كبيراً في محاولة لتوحيد اللغات الافريقية في لغة أفريقية موحدة عالمية.

كما ألم باللغات الأرمينية والروسية والسنكسرتية، وأخيرًا وهو في سن الخمسينات سعى لتّعلُم اللغتين الصينية واليابانية.

أما عن مؤلفاته التي تصل إلى 170 كتاب في شتي العلوم اللغوية والآداب والحضارة والتاريخ والمخطوطات.

ففي مجال علوم اللغة كتب حوالي 40 بحثًا كان أولها بعنوان "اللغة العربية وتأثيرها علي لغة التحدث النوبية" ولقد نشر سنة 1937.

وفي مجال الآداب العالمية نشر حوالي 18 بحثاً من أشهرها "تاريخ الأدب السرياني من نشأته الي الفتح الاسلامي" بالاشتراك مع الدكتور محمد حمدي البكري ودكتورة زاكية رشدي.

ولحن ايزيس؛ قصة سليمان وملكة سبأ كما يرويها أهل الحبشة؛ كما راجع الترجمة العربية لكتاب كارل بروكلمان "تاريخ الأدب العربي" والذي ترجمه الي اللغة العربية الدكتور عبد الحليم النجار.

كما قام بتحقيق مخطوط الأيام والعصور في سيرة الملك المنصور لأبن عبد الظاهر.

وفي مجال البرديات والنقوش قام بترجمة الخطابات الآرامية اللى وجدت في منطقة تونة الجبل بالاشتراك مع الدكتور سامي جبرة.

وفي مجال الفنون كتب عن الفن الاثيوبي والقصة المصورة في الفن الحبشي والفنون الشعبية السودانية. وفي تاريخ الحضارات كتب كتاب "كنوز الفاطميين" بالاشتراك مع الدكتور زكي محمد حسن.

كما كتب مقالان عن الفلاسفة الأثيوبين في القرن السابع عشر وروائع مدفونة في اليمن والحبشة بين القديم والحديث.

أما عن سير العلماء وتراجمهم؛ فلقد كتب بحثين عن استاذه "انوليتمان" نشرا في مجلة كلية الآداب؛ كما ترجم مقالا عن كارلو الفونسو نلينو؛ كما كتب مقالاً عن واحد من اساتذته المعروفين عالميا وهو "ايجين متفوخ (1876 - 1942) وكتب مقالاً عن" كارلو كونتي روسين "؛ كما كتب مقالاً آخر عن" كارل بروكلمان "نشر في مجلة كلية الآداب عام 1960؛ وفي نفس العام نشر مقالاً عن عالم التراث العربي المسيحي" جورج جراف "نشر في مجلة جمعية الآثار القبطية.

في مجال الدراسات والبحوث القبطية؛ كتب كتابه الرائد "حضارة مصر في العصر القبطي". كما شارك في موسوعة "تاريخ الحضارة المصرية" التي أشرف عليها الدكتور حسين فوزي (1900 - 1988)؛ حيث كتب الفصل الخاص بالحضارة القبطية.

وكتب عدة مقالات في رسئل جمعية مارمينا العجايبي للدراسات القبطية بالإسكندرية عن: "الرهبنة في الحبشة" و "يوحنا النقيوسي" و "القبط في ركب الحضارة العالمية"، "صلة الأدب الحبشي بالأدب القبطي".

كما كتب مقدمة كتاب "القديس باسيليوس الكبير: نسكياته وقوانينه الكنسية".

وكتب سلسلة مقالات عن العلاقات بين الكنيسة المصرية والأثيوبية. ومقالا ًبعنوان "فنون القبط وحضارتهم".

وفي يوم الجمعة 17 يناير 1975 رقد د. مراد كامل في الرب عن حوالي 68عامًا، ليصمت الفم الذي نطق بلغات كثيرة ليتكلم بلغة السماء... وخسرت مصر دائرة معارف متنقلة جمعت في روحه ثقافات وعلوم يصعب حصرها.

وكان قبل وفاته أرسل خطابًا إلى البابا شنودة الثالث ليقدم مكتبته هدية للكلية الإكليريكية بالقاهرة، والمكتبة تضم 20 ألفًا من الكتب في شتى الموضوعات اللغوية والأدبية والدينية والتاريخية وأكثر من 200قاموس في شتى اللغات. فأهتم بها قداسة البابا شنودة فأفرد لها قاعة كبيرة في المبنى المقابل للكاتدرائية بالانبا رويس، وتم تشكيل لجنة برئاسة المتنيح الأنبا صموئيل (1920 - 1981) أسقف الخدمات العامة والاجتماعية لجمع وجرد هذه المكتبة وساعده في ذلك الدكتور بولس عياد والأستاذ جرجس كامل؛ وقد تم جمع المكتبة في أكثر من 60 صندوق وعمل بطاقت فهرسة لها، وهي حاليًا محفوظة في المركز الثقافي القبطي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وفي 25 فبراير 1975م أقيم حفل علمي كبير بالقاعة المرقسية بالأنبا رويس احتفالاً بذكرى الأربعين لوفاته، ورأس حفل التأبين قداسة البابا شنودة الثالث، وبحضور نيافة الانبا صموئيل أسقف الخدمات العامة، ونيافة الأنبا تيموثاوس الاسقف العام. وجمع كبير من علماء مصر ومفكروها وأساتذة الجامعات ومحبي العالم الكبير مراد كامل، كما حضر ممثلون من عديد الهيئات التي شارك فيها كمجمع اللغة العربية والمجمع العلمي المصري والكلية الإكليريكية ومعهد الدراسات القبطية وغيرها.

وتحدث البابا شنودة في بداية الحفل عن مآثر الدكتور مراد التي قدمها للوطن والكنيسة والثقافة الإنسانية، وتحدث د. عثمان أمين ود. حسين فوزي ود. زاهر رياض، وكان يقدم الكلمات د. بولس عياد عياد.

وبعد أنتهاء الحفل قام قداسة البابا شنودة مع الحاضرين لإفتتاح مكتبة الدكتور مراد كامل التي أهداها إلى الكلية الإكليريكية.

ونذكر من كلمة قداسة البابا شنودة عنه:

"... كان د. مراد كامل انسانًا ذكيًا ونابغًا، استطاع أن يعمل عمل الرجل العصامي الذي يكون نفسه بنفسه لأنه أصيب باليتم من الصغر... كان يمثل الأنسان الجاد في عمله. لم يكن يأخذ العلم إلا في أعماقه يعطيه كل الوقت وكل الجهد وكل الأحتما والمثابرة، ولذلك استطاع أن يحصل على عدة اجازات علمية في وقت واحد مما يدل على انه كان يعمل في اكثر من ميدان.

إن د. مراد كامل يمثل الإنسان الواسع الأفق في التعليم وفي التعلم. لا يقف عند حد معين، كان يمكن أن يتخصص في الغات السامية وكفى أو العربية وكفى، ولكنه مد آفاقه إلى غير حدود، وكان يبذل أكثر من طاقته ليعرف كل شئ، وهكذا استطاع أن يتقن عديدًا من اللغات، وقدم خدمات جليلة في أكثر من ميدان..

وبالإضافة إلى هذا العمل الكبير اشتغل في الميدان الأثيوبي على نطاق كبير... لقد ذهب إلى أثيوبيا عام 1943 وقضى عامين حافلين بالجهد والإنتاج العلمي واستطاع خلالها أن يؤلف كتبًا دراسية منهجية لتدريس اللغة العربية والأمهرية وكان رئيس للبعثة العلمية المصرية ووكيلاً لوزارة التعليم في اثيوبيا، وبعد عودته ألف كتابًا باللغة العربية [في بلاد النجاشي] وكتاب [آمال في هضبة الحبشة]. وترجم الكتاب الأول إلى اللغة الألمانية، كما كتب عن المفكرين الأحباش في القرن الـ 17 وفلاسفتهم وعن الرهبنة الحبشية واللغة الأمهرية وقواعد صوتها، وكتب أيضًا عن الموسيقى والفن الحبشي، وقدم دراسات واسعة في اللغة الأثيوبية بكافة لهجاته. وقسم الدراسات الحبشية في مكتبته التي أهداها إلى الكلية الإكليريكية قسم غني يندر وجوده في أى مكتبة أخرى لأن د. مراد لم يدرس اللغات الأمهرية فقط بل درس اللغات المتعددة لأثيوبيا وأعد لها القواميس والقواعد النحوية...

كان د. مراد أيضًا استاذًا للغات السامية بالجامعة واللغة السريانية وآدابها وكتب عن الآرامية ومخطوطاتها، كما اجاد اللغة الألمانية وحصل على أكثر من دكتوراة من ألمانيا، ودرجة الأستاذية واختير عضوًا في غالبية الهيئات العلمية في ألمانيا المختصة باللغات والدراسات الشرقية. لقد كتب بالالمانية والإيطالية والعربية والفرنسية وغيرها حتى أصبح بحق دائرة معارف في جيله.

وكما خدم د. كامل اللغات الشرقية خدم اللغة العربية وفي مجمع اللغة العربية الذي كان له فيه مجهود كبير وكان د. مراد من الأقباط القلائل الذين تخرجوا من قسم اللغة العربية بكلية الآداب.

وكتب كثيرًا عن اللغة والكنيسة القبطية، واشترك في دراسات مارمينا بالإسكندرية، وكتب كتابًا عن البشائر الأربع، واشترك في ترجمة إنجيل متى، وقدم لكثير من الكتب القبطية والدينية في المجال القبطي، وكتب نبذة عن القديسين، مقدمة كتاب القديس باسيليوس الكبير، ومقالات عديدة عن القبطية وأثرها في العامية المصرية وأثر القبطية في الأدب الحبشي. وكان دارسًا للهيروغليفية عارفًا بقواعدها.

لقد امتدت خدمات د. مراد كامل إلى ميادين عديدة. كان محبًا لتلاميذه بارًا بزملائه العلماء وكتب عن كثيرين منهم. كان متواضعًا هادئًا لم أره يومًا ثائرًا.

إن د. مراد كامل إلى جانب عمله الكبير كان الشخصية السوية. مثلاً في المعاملة الطيبة والمحبة. لقد قدم لبلده وكنيسته الكثير ولا أظن أن مصر فقط ستحتفل به إنما بلاد عديدة ستذكر له بالفخر ما قدم لها. ستذكر انتاجه ونشاطه وخدمته للثقافة وللهيئات العلمية فيها... ".

وتحدث لبدكتور زاهر رياض عن زملاته للدكتور مراد وفترة العمل في أثيوبيا:

"عرفت الدكتورر مراد أول ما عرفت في نهاية سنة 1942م، وكان الحكم الوطني قد عاد إلى أثيوبيا عقب تخلصها من الأحتلال البريطاني، وأرادت الحكومة الجديدة وصل ما أنقطع من علاقات دينية وثقافية مع مصر.... وكان جلالة الأمبراطور هيلاسلاسي الأول اثناء نفيه الاختياري في انجلترا منذ الاعتداء الايطالي سنة 1936 قد سمع عن الدكتور مراد كامل وعن تخصصه في الدراسات اللغوية السامية... فرغب أن يرأس بعثة علمية مصرية لتسير مدرسة أثيوبية وتديرها ادارة كاملة. وفي نفس الوقت اتصل بي الاستاذ الكبير المرحوم الاستاذ شفيق غربال وكان يشغل منصب وكيل وزارة (المعارف)، وطلب منى أن اتعاون مع الفقيد في اختيار اعضاء البعثة على أن أكون أحد افرادها... ومن هنا عرفت الدكتور مراد واتصلت به عن قرب. واستمرت الصلة قرابة ثلاث وثلاثين سنة. لاسيما حين اختارته كلية الآداب ضمن مناقشي رسالتي الماجستير والدكتوراة اللتين تقدمت بهما إلى الكلية. ثم زمالة العمل في كلية الأداب بجامعة القاهرة ومعهد الدراسات القبطية ومعهد اللاهوت.

سافرت البعثة إلى أثيوبيا وكانت مكونة من عشرة من الأساتذة، صحب ثمانية منهم زوجاتهم، فوصلتها في اول أبريل 1943م فوجدت الحكومة الأثيوبية قد غيرت رأيها من تركيز جميع أعضائها في مدرسة واحدة إلىتطعيم عدد من المدارس بهم من أجل توسيع دائرة الأستفادة بهم، فأعطى الاستاذ وليم ناشد نجيب ادارة مدرسة ثانوية للتجارة... وأعطى الدكتور مراد كامل رئاسة مدرسة تفري ماكونن، وكانت أحب المدارس إل قلب جلالة الإمبراطور، لأنها تحمل اسم جلالته قبل ارتقائه للعرش، وكان هو الذي أنشأها حين كان وليًا للعهد وكانت مع غيرها من مدارس أثيوبيا آنذاك في مستوى المدارس الأبتدائية فلم يكد الفقيد يتسلم ادارتها حتى رأى ضرورة انشاء قسم ثانوي بها.. فوافقت الادارة على هذا الرأى وأنشئت القسم فعلا..

ثم عين الفقيد مستشارًا لوزارة التعليم والفنون الجميلة (لا وكيلا) وانشئ ما نستطيع أن نسميه (مجمع اللغة الأثيوبية) على مثال مجمع اللغة العربية في مصر ليضع المصطلحات العلمية الأثيوبية بديلا للمصطلحات العلمية الغربية واسندت رئاسته للدكتور مراد....

وأراد جلالة الامبراطور أن ينشئ مدرسة لاهوتية لتخريج الكهنة المتعلمين... فأسر بهذه الرغبة للدكتور مراد وطلب منه مشروعًا لهذه المدرسة. فاقبل الفقيد على دراسة الأمر حتى اتم ما طلبه جلالته. فعاد يطلب مديرًا مصريًا واساتذة مصريين يوثق بهم لهذه المدرسة بشرط أن يكونوا علمانيين، فرشح له الأستاذ حافظ داود (القمص مرقص داود) مديرًا واربعة من الأساتذة وافتتحت هذه المدرسة في أبريل 1944م واخذ يرسل بعض خريجي هذه المدرسة إلى مصر ليلتحقوا بكلية اللاهوت بها...

وسنحت للدكتور مراد أيضًا فرصة شراء بعض المخطوطات الجعزية وهى مكتوبة على الرق أو الجلد فاقتنى منها ودفع ثمنها من جيبه الخاص حتى إذا عاد إلى مصر في مايو 1945 قدم بعضًا منها.

إلى مكتبة جامعة القاهرة وبعضًا منها إلى مكتبة المتحف القبطي واحتفظ بالباقي لنفسه.... ".

ومن كلمة د. حسين فوزي: "لقد كان مراد كامل حقيقة مثالية للحياة. متواضعًا العلماء متبسطًا لا رغبة لديه في أن يبدي ويظهر العلم والمعرفة دائمًا أنت تتابع شخصيته شيئًا فشيئًا فتعرف ماذا يخبئ هذا العالم الكبير... أنه يمثل أعظم وأنبل ما تمثله الشخصية المصرية... الجامعة الألمانية تتخاطفه... إنهاا تتخاطف الرجل النادر".

وأختتم اللقاء بكلمة للدكتور بولس عياد أحد تلامذه د. مراد وتحدث في كلمته عن جوانب متعددة من حياة د. مراد ومحبته لوطنه مصر وأمنيته التي كان يرددها كثيرًا أن يدفن في تراب مصر التي كَّرس حياته كلها من أجل خدمتها.

مــراجع:

  • مجلة الكرازة 4، 9 - السنة 6 – عام 195.
  • مجلة مدارس الأحد – الأعداد 4، 5، 9 – السنة 29 - عام 1975.
  • د. مينا بديع عبد الملك، أقباط في تاريخ مصر، ج1، 2017.
  • ويكيبديا، مراد كامل https://arz.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AF_%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84.