ما هو عمل رئيس الكهنة السماوى فى حياة كهنته وكرازتهم ورعايتهم؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, أسرار الكنيسة السبعة, سر الكهنوت, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو عمل رئيس الكهنة السماوى فى حياة كهنته وكرازتهم ورعايتهم؟

أولاً: يقيم منهم أبناء شبه سمائيين. يسكن فيهم، فيحملون الفكر السماوى، ويمارسون الحياة شبه السماوية. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [إذ كان يرسلهم كمعلمين للعالم كله، لهذا جعلهم وهم بشر ملائكة، محرراً إياهم من كل اهتمام أرضى، حتى لا ينشغلوا إلا باهتمام واحد وهو التعليم، بل بالأحرى أراد أن يحررهم حتى من هذا الأمر بقوله: "لا تهتموا كيف أو بما تتكلمون" (مت10: 19) ([683])]. كما يقول: [من يرغب فى اختبار الأمور الخاصة بعهد النعمة فسيجدها قليلة لكنها مخيفة ومملوءة رهبة. إنك ترى (فى عهد النعمة) الرب كفدية على المذبح، والكاهن يقف مصلياً للذبيحة، وكل المتعبدين يتلمسون ذاك الدم الثمين. إذن هل تتصور أيها الكاهن أنك لازلت من بين البشر، وأنك مازلت على الأرض واقفاً؟! أما اجتزت إلى السماء باستقامة، قاطعاً كل فكر جسدانى بعيداً عن الروح؟! ألست أنت الآن بروح مجردة عن الجسد وبعقل نقى تتأمل الأمور السمائية؟! آه! يا لها من أعجوبة! يا لعظم حب الله للإنسان! إن الجالس فى الأعالى مع الآب يُحمل فى تلك الساعة فى أيدى الكل، ويعطى ذاته للراغبين فى احتضانه ونواله!!... هل يمكن أن تزدرى بهذه الأمور أو تفتخر عليها؟! ([684])] [يُكال الماء الخارج من الينابيع الطبيعية بالأوانى والدلو، أما الماء النابع من الينابيع الروحية، فيُقاس بفهمنا ورغبتنا المتقدة ووقارنا، بهذا نقترب إليها. من يسلك بهذا الترتيب يحمل فى الحال بركات لا تعد، حيث تعمل نعمة الله فيه بطريقة غير منظورة، وتخفف عبء ضميره، ويأتى به إلى أمان وفير، وتعده بعد ذلك لكى ينسحب من شاطئ الأرض، ويحمل مرساة السماء. فإنه يمكن للإنسان الذى لا يزال يحتضن جسده ألا يكون له شئ يتعلق بالأرض، بل يضع أمام عينيه كل مباهج السماء ويتأملها بلا انقطاع ([685])]. [عظمة الكهنوت وكرامته يرتفعان فوق كل ما هو أرضى وبشرى. إنه خدمة الملائكة، ولذلك وجب على الكهنة أن يكونوا أطهاراً كالملائكة. الكهنوت فى التدبير القديم كان نبيلاً ومهيباً، لكنه يُحسب تافهاً بلا معنى إن قورن بتدبير العهد الجديد. هنا الرب الإله نفسه يقدم ذبيحة! يا لعجب محبة الله. ذاك الذى هو متوج مع الآب فى السماء، يسمح لنفسه فى الذبيحة المقدسة أن تلمسه أيدى الجميع، وتراه أعينهم. عندما قدم إيليا ذبيحة، نزلت نار من السماء (1مل18: 38)، أما هنا فعند صلاة الكاهن، الروح القدس نفسه ينزل ليشعل النفوس بالذبيحة ([686])].

ثانياً: يقتدى بمخلصه محب البشر. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [الكاهن بما أنه وكيل الله، يلزمه أن يهتم بسائر البشر لكونه أباً للعالم كله ([687])].

ثالثاً: يدرك أن السيد المسيح هو العامل فى كهنته وخدامه. يدخل الكاهن إلى الهيكل، العرش الإلهى، ليس من بر فيه، ولا من أجل جهاده الذاتى، وإنما مختفياً فى ذاك الذى هو موضع سرور الآب، المسيا سرّ تقديسه. لهذا يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [حين تنظر الكاهن مقدم الذبيحة، تأمل يد السيد المسيح ممتدة بنوع غير ملحوظ ([688])]. كما يقول: [لنتشبه بأهل عرس قانا الجليل الذين دعوا المسيح إلى عرسهم، وأجلسوه فى وسطهم (1مل18: 38) ([689])].

تعد النعمة الإلهية الأنبياء والرسل والمبشرين والرعاة والمعلمين لهذه الدعوة الإلهية، وتعمل بهم، فإن أهملها أحدهم يسقط من دعوته. يقول العلامة أوريجينوس: [رعاية الخدام فى الكنيسة يدركها الفشل ما لم يرع المسيح معهم ([690])]. كما يقول: [لكى تكون "معلماً"، فهذه نعمة مجانية حسب عطية المسيح "، لذا فإنه من الواضح أن الراعى الذى يرعى قطيعه بحكمة، يحتاج إلى نعمة مجانية تعمل فيه. كيف يمكن أن يصير إنسان إنجيلياً، أو تكون قدماه جميليتين؟ مثل هذا يلزمه ان يهبه الله الجمال ([691])]. ويقول: [المهام الصحيحة للكاهن تكون ذات طبيعة مزدوجة. وهى أن يتعلم من الله خلال القراءة الدائمة فى الكتاب المقدس والتأمل فيها، وأن يُعلم الشعب. ويلزم أن يُعلم ما تعلمه من الله،" لا من تلقاء قلبه الذاتى "(انظر حز13: 2)، ولا من خلال فهمه البشرى، بل ما يرشده إليه الروح القدس. هكذا نحن إذ نتأمل فى (قصص العهد القديم)، فإننا نتذكرها نهاراً وليلاً، ونصلى على الدوام طالبين من الله أن يعلن لنا عن المعرفة الحقيقية لما نقرأه، وأن يظهر لنا كيف نحفظ الناموس الروحى فى فهمنا كما فى أعمالنا. هكذا ليتنا نتأهل للنعمة الروحية، ونستنير بناموس الروح القدس ([692])].

هكذا تُعد النعمة الإلهية الأنبياء والرسل والمبشرين والرعاة والمعلمين لهذه الدعوة الإلهية، وتعمل بهم، فإن أهملها أحدهم يسقط من دعوته.

رابعاً: الشعور بالحاجة إلى التعلم المستمر وأيضاً التعليم يرى القديس كبريانوس أنه يليق بكل مؤمن سواء كان من رجال الدين أو من الشعب ألا يتوقف عن التعلم المُستمر، فإنه ليس أحد قادر أن يُعلم دون حاجة إلى التعلم سوى الله نفسه. وجاءت رسالة القديس باسيليوس إلى أمفيلوخيوس أسقف أيقونية Iconium يمتدحه فيها، لأنه فى تواضع يريد وهو مُعلم أن يتعلم من القديس باسيليوس. أما رئيس الأساقفة باسيليوس ففى تواضع يحسب نفسه جاهلاً يطلب أن يتعلم. يقول القديس باسيليوس الكبير: [هذا هو حالى، فإننى أشكر الله، فغالباً إذ أستلم رسالة منك أيها المجاهد، نصير أكثر تعلماً وحكمة عما كنا عليه سابقاً، فبمجرد إثارة أسئلة، نتعلم أشياء كثيرة لم نكن نعرفها. وباهتمامنا بالإجابة عليها تصير أشبه بمُعلم لنا. بالتأكيد فى الوقت الحاضر، بالرغم من أنني لم أعط اهتماماً للنقاط التى تثيرها، ألتزم أن أجد إجابة دقيقة، وأن أراجع فى ذهنى ما أسمعه من الشيوخ، وبهذا أتعلم أن أكون فى التزام مع دروسهم ([693])]. [إننى مندهش تماماً لرغبتك فى التعلم بتواضعك. إنك مؤتمن على وظيفة المُعلم، ومع هذا تتنازل أن تتعلم منى، أنا الذى يبدو بلا معرفة عظيمة. ومع ذلك إذ أنت مُقتنع من أجل مخافة الرب، فتفعل ما يتردد آخرون أن يفعلوه. فإننى مرتبط من جانبى أن أبذل أكثر من طاقتى أن أسند غيرتك التقية والمهيأة لذلك ([694])].

أما عن تعليم الشعب فيقول: [مثل الكباش التى تقود القطعان، هكذا قادة قطيع المسيح. إنهم يقودوهم نحو القوت المُزدهر العطر للتعاليم الروحية، وترويهم المياه الحية بمعونة الروح، تقيمهم وتقوتهم حتى يأتوا بثمر. عندئذ تقودهم إلى الراحة والسلام من الذين ينصبون لهم شباك ([695])].

خامساً: لا يُثقل على الشعب. يقول القديس باسيليوس الكبير: [لا يزد أحد من القسوس ثقلاً على الشعب خارجاً عن قوانين آبائنا الرسل ([696])].

سادساً: ليختبر الكاهن ما يُعلم به. يليق بالكاهن أن يختبر عملياً بما يكرز ويُعلم، لأجل خلاص نفسه وخلاص من يخدمهم، ولكى لا يتعثروا فيه. يقول القديس باسيليوس الكبير: [إذا كان قس أو أسقف يُعلم أناساً، فليفتش نفسه قبل أن يتكلم لئلا يعثر نفوساً كثيرة بتعليمه ([697])].

سابعاً: أن يحسن الاستماع. يليق بالإكليريكى – أيا كانت درجته – ألا يحكم على أحد دون أن يسمع منه. لأنه مكتوب أن الذى يبدأ بالكلام قبل أن يسمع، فهذا جهل وعار ([698])].

ثامناً: أن يساند التائبين. الدور الأول للأسقف هو رعاية الخاطى، ومساندته بحنو لأجل شفائه من الخطية. [إذا سقط شخص فى خطية، واعترف بها وحزن، وكان متألم القلب، فليُعن من كبير الإكليروس أو من الأسقف، ويُعلم أن يتحفظ منها ويحزن على خطاياه الأولى (أم18: 13) ([699])].

تاسعاً: أن يكون رجل صلاة ويطلب صلوات الآخرين. يكتب القديس باسيليوس فى رسالة إلى بعض الأساقفة عن اقتدار مفعول الصلاة فى زمن التجارب فى عضد الجسد الواحد، فيقول: [لأننا واثقون من أنه وإن لم تكونوا حاضرين بالجسد، مع هذا، بمعونة الصلاة أنتم تؤدون لنا فائدة أعظم فى تلك الأوقات الأكثر صعوبة ([700])].

عاشراً: لا يتطلع إلى الأطعمة والزواج أنهما نجاسة. جاء فى قوانين الرسل 25: 2 "أى أسقف أو قس او شماس أو واحد من الإكليروس تخلى عن الزيجة أو أكل اللحم أو شرب الخمر، ليس لأجل نسك، لأنها نجسة ناسيا ما قيل إن كل الأشياء صالحة جداً فإما أن يكف عن ذلك وإلا فليُقطع ويُطرد من الكنيسة" وجاء فى قوانين الرسل 2: 37) "وصاروا سبباً لشك الجماعة". يقول القديس باسيليوس الكبير [لا ينجس قس أو أسقف شيئاً من الأطعمة جملة، إلا أن يتركه وحده لله ([701])].


[683] [] In Matt. Hom. 7: 23.

[684] [] للمؤلف: الحب الرعوى، 1965، ص47، 46.

[685] [] baptismal Instructions, 11: 7.

[686] [] De Sacerd otio, Book 4: 3 ff.

[687] [] الحب الرعوى، 1965، ص546.

[688] [] الحب الرعوى، ص27.

[689] [] أحاديث عن الزواج: الحديث الأول (منشورات النور).

[690] [] In Luc. Hom. 2: 12.

[691] [] Comm. On Eph. 17 on 11: 4 ff.

[692] [] In Lev. Hom. 6: 6.

[693] [] Letter 188 to Amphilochius, concerning the Canons.

[694] [] Letter 199 to Amphilochius canonica Secunda, 1.

[695] [] Homily on Psalm 2: 28. PG 284: 29.

[696] [] القسم الثالث، بند 51 (دير السريان، القديس باسيليوس، 2003).

[697] [] القسم الثالث، بند 62 (دير السريان، القديس باسيليوس، 2003).

[698] [] القسم الثالث، بند 61 (دير السريان، القديس باسيليوس، 2003).

[699] [] القسم الثالث، بند 93، (دير السريان، القديس باسيليوس، 2003).

[700] [] PG. 741: 32B.منشورات دير مار ميخائيل – نهر بسكنيتا الراهب غريغوريوس (إسطفان): سرّ الكهنوت، 2012، ص196 – 197.

[701] [] القسم الثالث، بند 52، (دير السريان، القديس باسيليوس، 2003).

كيف أقام السيد المسيح تلاميذه الاثنى عشر ورسله السبعين؟

ما هى السمة الرئيسية التى تؤهل المؤمن للعمل الكهنوتى والرعوى؟