متى يحلّ ربيع القيامة، ويُعلن المجد الخفي؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, عقيدة, قيامة الأموات
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

متى يحلّ ربيع القيامة، ويُعلن المجد الخفي؟

أ. يتطلع القديس مقاريوس إلى حياتنا فى الرب أشبه بالساكنين فى البلاد الشديدة البرودة. إنهم يرون الأشجار وقد فقدت كل جمالها وكل ثمارها فى فترة الشتاء، وتبدو الأشجار كأنها ميّتة. وإذ يحلّ الربيع للغاية تكتسى الأشجار بأوراقها وزهورها وأيضاً ثمارها فى فترة قصيرة. كانت حياتها مخفيّة فى الشتاء، وفى الربيع يظهر ما كان مخفيّاً. هكذا فى ربيع القيامة العامة يتجلّى عمل الروح القدس الذى كان مخفيّاً ونحن فى رحلتنا نحو السماء.

ب. تستنير حتى أجسادهم التى ماتت وانحلّت، وتتمتع بقوة الروح القدس الذى يصير لهم كساءً وطعاماً وشراباً وبهجةً وفرحاً وسلاماً. فما نالوه أثناء رحلتهم فى العالم فى داخلهم يُعلن عنه فى الحياة الأبدية.

كما سطح مجد الروح على وجه موسى، فلم يكن أحد يقدر أن يتفرّس فيه، هكذا ستكون أجسادنا فى يوم الرب العظيم.

ج. يليق بنا أن نجاهد هنا، طالبين من الروح القدس أن يقدسنا، فلا نظهر فى يوم الرب عراة، بل تلتحف أجسادنا بالمجد الإلهى وتمتلئ من مجد الروح.

د. يقول القديس مقاريوس أنه كما كانت النار المقدسة مدفونة فى حفرة فى أثناء السبى البابلى حتى رجع المسبيّون إلى أورشليم. هكذا تعمل النار السماوية كأنها مدفونة فى أجسادنا، وعندما نبلغ أورشليم العُليا يتحول الجسد المنحل إلى جسدٍ مُقام من الأموات، وتُعلن النار السماوية علانية.

يقول القديس مقاريوس الكبير: [كما أن الأشجار التى تجوز الشتاء، حينما تدفئها الحرارة غير المنظورة التى للشمس والرياح، ينشأ من باطنها كساء من الأوراق يغطيها، وكما تخرج فى ذلك الموسم زهور العشب من باطن الأرض، وتتغطى الأرض وتكتسي بها، ويكون العشب مثل تلك الزنابق التى قال عنها الرب "ولا سليمان فى كل مجده كان يلبس كواحدة منها" (مت6: 29)، لأن كل هذه أمثال ونماذج ورموز عن المسيحيين فى القيامة. كذلك كل النفوس التى تحب الله، أعنى المسيحيين الحقيقيين، يأتيهم أول الشهور الذى يسمى نيسان: الذى هو يوم القيامة. وبقوة شمس البرّ يخرج مجد الروح القدس من الداخل، فيكسو ويغطى أجساد القديسين، ذلك المجد الذى كان لهم سابقاً، ولكنه كان مخفياً فى داخل نفوسهم. فإن ما يكون للإنسان الآن، سوف يظهر بعينه خارجاً من الداخل وينكشف فى جسده...

يقول الرب: "هذا الشهر سيكون أول شهور السنة" (خر12: 2)، وهو يجلب الفرح للخليقة كلها، فإنه يكسو الأشجار العالية، ويفتح الأرض، وهو يبهج جميع الكائنات الحية، ويعطى المرح للكل. هذا بالنسبة للمسيحيين هو نيسان أول الشهور الذى هو موسم القيامة، الذى فيه ستتمجد أجسادهم بواسطة النور الفائق الوصف الذى هو فيهم منذ الآن، وأعنى به قوة الروح القدس، والذى سوف يصير لهم فيما بعد كساءً وطعاماً وشراباً وبهجة وفرحاً وسلاماً، ورداءً وحياة أبدية، لأن كل جمال البهاء والبريق السماوى سوف يصير لهم من روح اللاهوت ذلك الذى حُسبوا أهلاً لقبوله فى هذه الحياة الحاضرة...

كم ينبغى إذن لكل واحد منا أن يؤمن ويجتهد وأن يجد فى كل سيرة فاضلة، وبرجاءٍ كثيرٍ وصبرٍ نطلب أن نُحسب أهلاً ونحن فى هذا العالم، لنوال تلك القوة من السماء ومجد الروح القدس فى نفوسنا فى الداخل. حتى حينما تنحل أجسادنا يكون عندنا حينئذٍ ما سوف يكسونا ويحيينا. كما يقول الرسول: "وإن كنا لابسين لا نُوجد عراة" (2كو5: 3)، و "سيحيي أجسادنا المائتة أيضاً بروحه الساكن فينا" (رو8: 11).

لأن موسى النبى المبارك أرانا فى مثال. بواسطة مجد الروح الذى سطع على وجهه الذى لم يستطع أحد ان يتفرس فيه. كيف أنه فى قيامة الأبرار ستتمجد أجساد أولئك المستحقين، بمجدٍ تحصل عليه منذ الآن النفوس المقدسة الأمينة، إذ تُحسب أهلاً لاقتناء هذا المجد فى داخلها، فى الإنسان الباطن. لأن الرسول يقول: "ونحن ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف. أى فى الإنسان الباطن. كما فى مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجدٍ إلى مجدٍ" (2كو3: 18). وكذلك كُتب عن موسى أنه لمدة أربعين يوماً وأربعين ليلة "لم يأكل خبزاً، ولم يشرب ماءً" (خر24: 78) ولم يكن ممكناً بطبيعة جسده أن يعيش طول هذه المدة بدون طعام إن لم يكن قد اشترك فى نوع آخر من الطعام الروحانى، هذا الطعام هو الذى تشترك فيه نفوس القديسين منذ الآن بموهبة الروح بطريقة غير منظورة[579].].

ويقول: [لذلك يجب على كل واحدٍ منا أن يجتهد ويسعى فى كل فضيلة، وأن يؤمن ويطلب من الرب لكى يجعل الإنسان الباطن شريكاً فى ذلك المجد هنا منذ الآن. وأن تصير للنفس شركة فى قداسة الروح، لكى ما نتطهر من أدناس الشر، ويكون لنا فى القيامة ما نكسو به عري أجسادنا عند قيامتها وما نغطى به عيوبها، وما يحييها وينعشها إلى الأبد فى ملكوت السماوات... حينئذ تلتحف أجساد هؤلاء بالمجد الإلهى من أعمالهم الصالحة، ويمتلئون من مجد الروح، وهكذا إذ نتمجد فى النور الإلهى، ونختطف إلى السماء لنلاقي الرب فى الهواء حسب المكتوب (انظر 1 تس4: 17). أما عن اللباس الذى يلبسه المسيحيون فواضح أن الروح نفسه هو الذى يكسوهم، باسم الآب والابن والروح القدس إلى الأبد. آمين[580].].

كما يقول: [النار السماوية، نار اللاهوت، التى ينالها المسيحيون فى قلوبهم، الآن وهم فى هذا العالم الحاضر، تعمل فى قلوبهم من الداخل، وسوف تصير ظاهرة من الخارج، حينما ينحل ويتحلل الجسد، ثم تجمع الأعضاء ثانية وتسبب (هذه النار) قيامة الأعضاء التى كانت قد انحلت واضمحلت... فكما أن النار التى كانت تتقد على المذبح فى أورشليم، ظلت مدفونة فى حفرة أثناء فترة السبى، وعندما حلّ السلام ورجع المسبيون إلى أورشليم، تجددت هذه النار نفسها، واشتعلت كما كانت سابقاً قبل السبى (أنظر 2مك1: 19 - 22)، هكذا الآن أيضاً، فإن النار السماوية تعمل فى هذا الجسد الذى ألفناه، هذا الجسد الذى فى انحلاله (بالموت) يتحول إلى نتانة وقذارة، يتجدد هذا الجسد وتقيمه بعد ان اضمحل وفسد... إن النار الداخلية التى تسكن الآن فى القلب سوف تُستعلن حينئذ من الخارج، وتتم قيامة الجسد[581].].


[579] راجع عظات القديس أنبا مقار الكبير، ترجمة مؤسسة القديس أنبا أنطونيوس لدراسات الآباء، عظة 5: 8 - 10.

[580] راجع عظات القديس أنبا مقار الكبير، ترجمة مؤسسة القديس أنبا أنطونيوس لدراسات الآباء، عظة 6: 7.

[581] راجع عظات القديس أنبا مقار الكبير، ترجمة مؤسسة القديس أنبا أنطونيوس لدراسات الآباء، عظة 11: 1.

ماذا تقدم لك كل من نار الروح القدس ونار العالم؟

ماذا يقدم الروح القدس للنفس خلال صحبته لها؟