ما هو معنى كلمة “السر” فى العهد الجديد؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكتاب المقدس, الكنيسة, دراسات في العهد الجديد, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو معنى كلمة "السر" فى العهد الجديد؟

يتحدث معلمنا بولس عن "السرّ الذى كان مكتوماً فى الأزمنة الأزلية" (رو16: 25)، وهو يشير إلى معاملات الله فى العهد الجديد الذى حقق الخطة الإلهية العجيبة لكى ما يسترد المؤمن علاقة الحب والانفتاح على عمل الله، الذى يتحقق بصلب السيد المسيح وقيامته وعمل نعمته فى كنيسته ليهيأها كعروس سماوية يدخل بها إلى الآب فى مجيئه الثانى.

ركز آباء الكنيسة الأولى على الحديث عن "الأسرار الكنسية"، بكونها تُعد شعب الله كما تُعد كل عضو فيها ليتمتع بالبنوة لله خلال المعمودية، وسكنى الروح القدس فى المؤمن كهيكل الرب وروح الله يسكن فيه فى سر الميرون، والغسل المستمر من خطاياه خلال سرّ التوبة والاعتراف، والاتحاد المستمر بالمسيح خلال الإفخارستيا، والشفاء الروحى والجسدى خلال سرّ مسحة المرضى، وإقامة كنيسة البيت فى سرّ الزواج، وإتمام هذه الأسرار بالمسيح يسوع خلال سرّ الكهنوت.

خلال الألف سنة الأولى من صعود المخلص وحلول الروح القدس فى يوم الخمسين كانت الكنيسة تمارس الأسرار الكنسية دون أن تنشغل بعدد الأسرار، إذ لم يوجد بين المؤمنين من يشك فى عمل الله خلال هذه الأسرار الكنسية بل كان الكل متهللين بعمل الله فيهم.

تكشف هذه الأسرار الكنسية عن نظرة الكنيسة المقدسة للجسد المدعو للشركة مع النفس فى الأمجاد السماوية إذ يتمتع بطبيعة جديدة، وقد أوضح الرسول ذلك فى شئ من التفصيل فى الأصحاح الخامس عشر من رسالته الأولى فى أهل كورنثوس، حتى يشارك الجسد النفس فى الميراث الأبدى. فالمؤمن يدخل بكل كيانه إلى الميراث الأبدى.

ما ركز عليه الآباء أن هذه الأسرار يتممها السيد المسيح نفسه خلال الكاهن، وليس الكاهن مما عنده. يقول القديس أمبروسيوس أسقف ميلانو: [ليس داماسيوس ولا بطرس أو أمبروسيوس أو غريغوريوس هو الذى يُعمد. نحن نتمم كخدام، إنما شرعية الأسرار تعتمد عليك (يارب). إنه ليس فى سلطان بشرى تحقيق المنافع الإلهية، بل هى عطيتك يارب]. ويقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [حتى الآن المسيح الملاصق لنا الذى أعدّ المائدة هو بنفسه يقدسها. فإنه ليس إنسان يحول القرابين إلى جسد الرب ودمه، بل المسيح نفسه الذى صُلب عنا. فالكاهن ينطق بالكلمات، أما التقديس فيتم بقوة الله ونعمته. بالكلمة التى نطق بها: "هذا هو جسدى" تتقدس القرابين ([386])].

لا يكف روح الله عن العمل بكل وسيلة ليقودنا كعروس واحدة تتحد بالعريس السماوى، كلمة الله المتجسد يسوع المسيح، فيتحقق كمال العريس فى حضن الآب. الأسرار فى جوهرها خبرة إعداد العروس والتصاقها بالعريس بعلم الروح القدس، حسب مسرة الآب السماوى. حيث تتحقق شهوة قلب الله أن يقيم من البشر عروساً مقدسة لتحيا فى السماء، تتمتع برؤياه وشركة المجد الإلهى. إنها تمارس الحياة الزمنية على الأرض كتهيئة مستمرة لهذه الرؤية والعريس الفريد. كما هى دعوة شخصية للمؤمن باسمه، بكونه موضع حب الله وتقديره كعضو حىّ فى الكنيسة الجامعة الممتدة من آدم إلى آخر الدهور.

الأسرار هى عمل ليتورجى (جماعى كنسى)، خلاله يختبر كل مؤمن التجديد المستمر لأعماقه، فيرى ملكوت الله داخله (لو17: 21)، ويتشكل إنسانه الداخلى ليصير أيقونة العريس السماوى.

الأسرار الإلهية وهى تحتوى على قراءات من الكتاب المقدّس، وصلوات وابتهالات وتشكرات وتسابيح مع طقوس بترتيب وتدبير روحى فائق، إنما هى أغنية العرس التى تحول كل شئ إلى قيثارة يعزف عليها روح الله القدوس، فيسير موكب العروس وسط تهليلات السمائيين، فيشترك الكل فيه حتى الخليقة الجامدة.


[386] [] Cf. Catena Aurea.

لماذا تُستخدم المادة فى التمتع بالأسرار الكنسية؟

ما هى آداب الحضور فى بيت الرب؟