كيف مارست كل فئات المجتمع الاحترام المتبادل بينهم؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي, قضايا مسيحية عامة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ6 – المفاهيم المسيحية والحياة اليومية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف مارست كل فئات المجتمع الاحترام المتبادل بينهم؟

مجئ السيد المسيح غير مفاهيمنا، فصرنا نعتزّ بميلادنا الروحى لا بالطبقة الاجتماعية التى ننتمى إليها، ونراعى التزامنا فى قيام كل طبقة بالعمل البناء للكل.

أولاً: شركة السادة مع عبيدهم فى نوال بركة الاستشهاد. تقدم لنا أعمال الشهداء صورة حية لأشراف وحكام واغنياء قبلوا الإيمان المسيحى، ولم يقدموا بفيض للفقراء فحسب، وإنما بفرح قدموا حياتهم مبذولة من أجل الإيمان. أيضاً نجد سادة اشتركوا مع عبيدهم أو جواريهم فى قبول الاستشهاد، فصار من العبيد أبطالاً تعتز بهم الكنيسة ويكرمهم الجميع أياً كان مركزهم الاجتماعى.

ثانياً: الزواج بين المسيحيين من طبقات متباينة. سمح كالستوس Callistus (217 - 223) أسقف روما لسيدة مسيحية أرستقراطية أن تتزوج رجلاً مسيحياً من طبقة أقل منها، الأمر الذى كان القانون الرومانى يمنعه.

ثالثاً: مسيحنا جمعنا فيه. فى الرد على صلسس الذى حقر من شأن السيد المسيح، مدعياً أنه كان يشحذ، وضم إليه عشرة أو أحدى عشر شخصاً سمعتهم رديئة، كما جمع حوله العشارين والخطاة، وكان يجول هنا وهناك لعله يجد ما يأكله وسط العوز والخزى، قال أوريجينوس: [يسوعنا الذى احتقر لأنه وُلد فى قرية صغيرة لم تكن هيلينية، ولا ذات مواطنة ذات تقدير، والذى أهين لأنه كان ابن أم فقيرة عاملة، ولأنه جاع وترك لذة العيش فى مصر، يسوع هذا الذى لم يكن بسيريفوس العادى[260]Seriphos... نجح فى أن يهز العالم المسكون، ليس قط أكثر من ثيميستوكليس الأثينى، بل وأكثر من أفلاطون وأثيناغوراس أو الناس من اشتهى أن يكون الأخير، ومن يطلب الأقل ينال كل ما سيشتهيه[261]].

رابعاً: مجدنا هو الشعور بأن غالبيتنا فقراء فى الزمنيات. يقول مينيكوس فيلكس: [إن قيل إن غالبيتنا فقراء فهذا هو مجدنا، وليس عاراً علينا. فكما أن الذهن يصير واهناً بالترف، ويتقوى بالتدبير باقتصاد. ومع هذا من يقدر أن يكون فقيراً ولا يشعر بعوز، ولا يشتهى ما لدى الغير، فهو غنى فى حكم الله. إنه أكثر فقراً الإنسان الذى وإن كان لديه الكثير لكنه يشتهى ما هو أكثر... سعيد هو هذا الذى يعرف كيف يرفع نفسه فوق فقره أكثر من أن يتأوه تحت ثقل الغنى. ومع هذا إن كنا نظن أن الثروة نافعة لنا نطلبها من الله، بالتأكيد ذاك الذى هو مالك كل الأشياء يستطيع أن يهبنا نصيباً. لكننا نحن نفضل أن نزدرى بالثروة عن أن نلمسها. أفضل من الثروة نحن نطلب البراءة، ونفضل أن نسأل الصبر، ونستحسن أن نكون صالحين عن أن نكون ضالين[262]]. كما يقول: [هل أنت ملك؟ إنك تخاف... ومهما كان الحرس المحيطون بك بلا عدد، لكنك إذ فى مواجهة خطر تجد نفسك وحيداً. هل أنت غنى؟ إنه مرض أن يثق الإنسان فيما لديه، وتكون رحلة الحياة القصيرة ليست مهيأة بل تمثل حمل أثقال من حمولات المئوية. هل مجدك هو فى الشعارات الخاصة بالسلطة والأرجوان؟ إنه خطأ بشرى، وعبادة بلا نفع لكرامة متألقة فى الأرجوان وخسيسة فى الفكر. هل أنت من النبلاء، وتستعرض أسلافك؟ نعم، جميعنا وُلدنا من ذات المصدر، ولن نُميز الواحد عن الآخر إلا بالفضيلة[263]].

خامساً: الصداقة مع الجميع وليس مع طبقة مُعينة. يقول القديس أغسطينوس: [لا تُحد الصداقة بحدود ضيقة، بل تضم كل الذين لهم الحق فى الحب والحنو، وإن كانت تصل سريعاً للبعض وأكثر بطء للآخرين، كلنها تحتضن حتى أعداءنا، هؤلاء الذين أوصينا أن نصلى لأجلهم (مت5: 44). هكذا لا يوجد إنسان واحد فى الجنس البشرى لا يستحق المحبة، سواء كان ذلك مقابل الحب المتبادل، أو من أجل اشتراكه فى طبيعتنا المشتركة. غير أن الذين يحبوننا بالتبادل فى القداسة والطهارة يُقدمون لنا أصدق فرح[264]].


[260] - شخص مجهول ليس يونانيا جاء إلى أفلاطون ليقدم اعتراضات على مجد ثيميستوكليس Themistocles.

[261] Justin: Apal. 2: 20.

[262] Minucius Felix: Octairus, 3: 36 - 7.

[263] Minucius Felix: Octairus, 9: 37 - 10.

[264] Letters 130 to Proba, 12.

هل يمارس المؤمنون أعمالاً خاصة بهم؟

كيف تُمارس الشركة عملياً بين المؤمنين؟