5- كيف نتمتع ككنيسة بالملء أو الكمال؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الفضائل الروحية, فضائل روحية مجمعة
آخر تحديث 13 يناير 2022
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

5 - كيف نتمتع ككنيسة بالملء أو الكمال؟

أولاُ: الشركة مع المسيح. يقول القدّيس أغسطينوس: [الله الملء والإنسان فارغ، أن أراد أحد أن يمتلئ فليذهب إلى ذاك الذى هو الملء: "تعالوا إلىّ واستنيروا" (راجع مز34: 5)، فإن كان الإنسان كاذباً، فهو بهذا فارغ يطلب أن يمتلئ، فيجري بسرعة وغيرة نحو الينبوع ليمتلئ[228].] كما يقول: [يحل (المسيح) فى تلك القلوب المُخْلِصَة (الأمينة)، فى المتأصلين فى محبته، الذين يبقون ثابتين غير متزعزعين، لكى تنالوا القوة (الكاملة)، فالأمر يتطلب قوة عظيمة: "لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إلى كُلِّ مِلْءٍ اللهِ"، ماذا يعنى الرسول بهذا التعبير؟ مع أن محبة المسيح ترتفع فوق كل معرفة بشرية، لكنكم ستعرفونها إن كان لكم المسيح ساكناً فيكم، نعم ليس فقط تعرفون ذلك منه، بل أيضاً وتمتلئون إلى كل ملء الله[229].].

ويُعَلِّق القديس مار أفرآم السريانى على العبارة التالية: "فإنه فيه يحلّ كل ملء اللاهوت جسدياً، وأنتم مملوؤون فيه الذى هو رأس كل رياسة وسلطان" (كو2: 10)، قائلاً: لقد سند المحتاجين وأعطى حياة للمائتين، حتى ندرك أنه من الجسد الذى فيه حلّ ملء اللاهوت، الجسد الذى سكنت فيه الحياة، قد أعان عوز المعتازين (كو2: 9) [230].].

ثانياً: قبول عمل الروح فينا. لا يعنى الامتلاء بالروح حلولاً خارجياً نتقبَّله وإنما هو قبول عمل الروح فينا والتمتُع بقوته العاملة داخل النفس، لقد عبَّر القديس باسيليوس فى كتابه عن الروح القدس عن هذا الامتلاء بقوله إن الروح يُعطى للإنسان قدر استعداد الإنسان، وكأن الروح لا يكف عن أن يعطى ما دام الإنسان يفتح قلبه لعمله فيه ويتجاوب معه.

ثالثاُ: وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله. يقول الرسول: "إلى أن ننتهى جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله إلى إنسانٍ كاملٍ إلى قياس قامة ملء المسيح (أف4: 13). بعد أن تحدث الرسول عن تنوُّع المواهب، يؤكد الالتزام بهدفٍ واحدٍ، بغية الوصول" إلى وَحْدَانِيَّةٍ الإيمَانِ ". كأن الرسول خشي الخلط بين المواهب والإيمان، فالمواهب متنوعة وأما الإيمان فواحد. وكما يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [بمعنى إلى أن نُظهر أن لنا جميعنا الإيمان الواحد، حينما نكون كلنا واحداً، ونكون كلنا متشابهين فى معرفة الرباط المشترك. هكذا يليق بك أن تتعب عاملاً بهذا الهدف. فإن قبلت الموهبة بهذا الهدف أى بنيان الغير، فإنك لن تتوقَّف عن العمل إن حسدك الآخرون. لقد كرمك الله، وسامك لكى تبنى غيرك. نعم بهذا الهدف كان الرسول منشغلاً، وبذات الهدف كان النبى يتنبأ ويعمل، والإنجيلى يكرز بالإنجيل، والراعى والمعلم يعملان، الكل يتعهَّدون عملاً مشتركاً واحداً. الآن إذ نؤمن كلنا إيماناً متشابهاً توجد وحدانية، ويتحقَّق" الإنْسَانٍ الكَامِلٍ[231]. ".

هكذا يتناغم تنوُّع المواهب فى الكنيسة – جسد المسيح الواحد – مع وحدانية الإيمان، إذ يعمل الكل معاً، كل فى موهبته، خلال عضويته الصادقة فى جسد المسيح لبنيان الجماعة المقدسة، بهذا يدخل الكل إلى "مَعْرِفّةِ ابْنِ اللهِ"، "إِلَى إِنْسَانٍ كَامِلٍ". بمعنى أن الوحدة الكنسية القائمة على تنوع المواهب مع وحدة الهدف ووحدانية الإيمان تنطلق بالمؤمنين من حالة الطفولة الروحية إلى النضوج الروحى، إذ ينطلق الكل معاً من معرفة روحية اختبارية حية إلى معرفة أعمق فأعمق، لعلهم يبلغون "قِيّاسِ قّامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ".

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [يقصد هنا بالملء المعرفة الكاملة، فكما يقف الرجل (الإنسان الكامل) بثباتٍ بينما يتعرض الطفل للفكر المتردد، هكذا أيضاً بالنسبة للمؤمنين[232].].

نحن الآن كمن هم فى حالة طفولة نامية للبلوغ إلى النضوج الكامل، لذا يدعونا الرسول فى موضع آخر "أطفالاً" (1كو13: 11)، وحينما يقارن بين ما نلناه من معرفة روحية وما نكون عليه من معرفة مُقْبِلَة يحسبنا هكذا، قائلاً: "لأننا نعلم بعض العلم، ونتنبأ بعض التنبؤ، ولكن متى جاء الكامل، فحينئذ يبطل ما هو بعض، لما كنت طفلاً كطفلٍ كنت أتكلم، وكطفلٍ كنت أفطن، وكطفلٍ كنت أفكر، ولكن لما صرت رجلاً أبطلت ما للطفل، فإننا ننظر الآن فى مرآة فى لغزٍ لكن حينئذ وجهاً لوجه، الآن أعرف بعض المعرفة لكن حينئذ سأعرف كما عرفت" (1كو13: 9 - 12).

هكذا ما دمنا فى جهادنا، نعمل معاً بهدف واحد فى وحدانية الإيمان، ننطلق دائماً من حالة الطفولة إلى النضوج لنبلغ "قِيّاسِ مِلْءِ الْمَسِيحِ".


[228] Sermon on N. T. Lessons 6: 83.

[229] In Eph. hom 7.

[230] On our Lord, 11.

[231] In Eph. hom 11.

[232] In Eph. hom 11.

6- كيف يتمتع المؤمن بالملء أو الكمال؟

4- ما هو الملء أو حياة الكمال عند الرسول؟