9- ما هى الصلاة الدائمة التى بلا انقطاع؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الصلاة, الوسائط الروحية
آخر تحديث 13 يناير 2022
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

9 - ما هى الصلاة الدائمة التى بلا انقطاع؟

تتحقق استمرارية الصلاة بالتدريب على الوجود فى حضرة الله. يقول القديس باسيليوس إنه يمكن للراهب بصلواته وتأملاته الدائمة [أن يتمثَّل وهو على الأرض بطغمات الملائكة[195].] كما يقول: [إذ نكون متأكدين تماماً أن الله هو أمام أعيننا. فإننا إن رأينا أميراً أو حاكماً وندخل فى حوار معه نحفظ أعيننا ثابتة عليه، كم بالأكثر يكون ذاك الذى يُصَلِّى حافظاً ذهنه ثابتاً على الله فاحص القلوب والكلى. وبذلك يُحَقِّق الكتاب المقدس: "رافعين أيادى طاهرة بدون غضبٍ ولا جدالٍ" (1تى2: 8) [196].].

[أقول إنه يلزمنا ألا نظن أن صلاتنا تتكوَّن فقط من مقاطع (كلامية)، بل تكمن قوة الصلاة بالحري فى غاية نفوسنا، وفى عمل الفضيلة التى لها تأثيرها على كل جزءٍ وفى كل لحظةٍ من لحظات حياتنا. يُقَال: "فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئاً، فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو10: 31). إذ تاخذ مكانك على المائدة صلِّ، وإذ ترفع الخبز قدِّم شكراً للواهب. عندما تسند ضعف جسمك بخمرٍ، تذكَّر الذى يهبك هذه العطية، لكى يفرح قلبك ويهب راحة لضعفك. هل عبر عنك احتياجك إلى الطعام؟ لا تسمح للتفكير فى الرحيم واهب الخيرات أن يعبر عنك أيضاً. إذ ترتدى ثوبك، اشكر ذاك الذى وهبك إياه. إذ تطوّق ثوبك حولك، لتشعر بحُبِّك العظيم لله، الذى يهبنا الملابس المناسبة لنا شتاءً وصيفاً، لكى تغطى ما هو غير لائق وتحفظ حياتنا.

هل عبر اليوم؟ اشكر ذاك الذى قدَّم لنا الشمس لخدمة عملنا النهارى، ويهبنا ناراً (الاضاءة) لكى تنير الليل، وتخدم احتياجاتنا الأخرى فى الحياة. ليت الليل أيضاً يوحي لنا بما يدفعنا للصلاة.

عندما تتطلَّع إلى السماء وترى جمال النجوم، صلِ إلى رب كل الأشياء المنظورة، خالق المسكونة الذى بحكمة صنع الكل (مز24: 104).

وعندما ترى كل الطبيعة تغُط فى النوم، مرة أخرى اسجد لذاك الذى حتى بغير إرادتنا يعتقنا من ضغط العمل المستمر، وبفترة راحة صغيرة يردّنا مرة أخرى إلى نشاط قوتنا.

لا تسمح لليل بأكمله أن يكون للنوم، لا تسمح لنصف عمرك أن ينقضى بلا فائدة فى نومٍ ببلادة وسباتٍ. بل قسم وقت الليل بين النوم والصلاة. وليكن نومك الخفيف ذاته تداريب للتقوى. فإن أحلامنا أثناء النوم غالباً ما تكون انعكاسات لأفكارنا فى النهار[197].

كما يكون عليه سلوكنا وسعينا هكذا تلتزم أحلامنا، بهذا تصلى بلا انقطاع، ليس بكلمات بل بكل سلوك حياتنا، هكذا تتَّحد بالله فتصير حياتك صلاة ممتدة لا تنقطع[198].].

كما يقول: [هل بقوله: صلوا بلا انقطاع (1تس5: 17) يعنى أننا نحنى ركبنا ونطرح أجسادنا أو نبسط أيدينا بلا انقطاعٍ؟ لو كانت الصلاة تعنى هذا فإننى أظن أننا لا نقدر على الصلاة بلا انقطاع. وإنما يوجد نوع آخر داخلى للصلاة بلا انقطاع، وهى رغبة القلب إلى أمر يعمله... فإن كنت مشتاقاً إلى السبت (الراحة الأبدية) فأنت لا تكف عن الصلاة. إن أردت ألاَّ تمتنع عن الصلاة، فلا تكف عن الشوق إليها، فإن استمرار الاشتياق إنما هو استمرار للصلاة[199].].

يقول القديس أمبروسيوس: [الآن إذ يعبر نور النهار، ومعه كل نعمتك وحبك، نصلى إليك يا خالق العالم، كى تحرس سريرنا فى الأعالى. لتهرب أحلامنا ولتطر تخيلاتنا، احفظنا من كل نتاج الليل، فتكون كمقادس تحت عينيك، طاهرة بالرغم من حقد عدونا.].

كما يقول: [صلاة القديس تخترق السحاب (سيراخ 35: 17)، أما الأرض فتفتح فاها، وتخفى صلاة الخاطى فى دم الجسد، كما قال الله لقايين القاتل: "ملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك"، مادمت أنت أرضاً "(راجع تك4: 11) [200].].

يقول القديس جيروم: [ "صلوا بلا انقطاع" (1تس5: 17)... كان العبرانيون مُطالَبين أن يظهروا أمام الرب ثلاث مرات فى السنة (خر23: 17)... إذ كان الكتاب المقدس يتحدث فى سفر الخروج إلى أناس صغار (فى القامة الروحية)، أما هنا فيحث النبى (الرسول) المؤمنين بالله أن يطلبوه على الدوام، إذ يأمرنا العهد الجديد بالصلاة بلا انقطاعٍ[201].].

يقول القديس جيروم: [عندما نترك السقف الذى يحمينا (أى بيتنا) لتكن الصلاة هى سلاحنا، وعندما نعود من الشارع يلزمنا أن نُصَلِّى قبل أن نجلس، ولا نعطى للجسد الواهن راحة حتى تقتات النفس.] كما يقول: [يلزم ألا نبدأ وجبة ما بدون صلاة، وقبل أن نترك المائدة نُقَدِّم التشكرات للخالق.].

ويقول القدِّيس كيرلس الكبير: [كتب بولس إلى أهل تسالونيكى: "صلوا بلا انقطاع" (1تس5: 17). وفى رسائل أخرى يوصي: "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت فى الروح" (أف6: 18)، "واظبوا على الصلاة ساهرين فيها" (كو4: 2)، "مواظبين على الصلاة" (رو12: 12). وأيضاً يعلمنا المُخَلِّص عن الحاجة إلى الصلاة الدائمة بمثابرة خلال مثل المرأة التى بلجاجتها غلبت القاضى الظالم بسؤالها المستمر (لو18: 1 - 8). من هذا كله يتضح أن الصلاة الدائمة ليست أمراً عارضاً بل سمة أساسية للروح المسيحى – بحسب الرسول – مختفية فى الله بالمسيح (كو3: 3)، لذا وجب على المسيحى أن يعيش فى الله على الدوام بكل فكره ومشاعره؛ وإذ يفعل هذا إنما يصلى بلا انقطاعٍ! لقد تعلمنا أيضاً أن كل مسيحى هو "هيكل الله" فيه "يسكن روح الله" (1كو3: 16؛ رو8: 9). هذا الروح دائماً حال فيه، ويشفع فيه، مصلياً فى داخله "بأنات لا يُنطَق بها" (رو8: 26)، وهكذا يعلمه كيف يصلى بلا انقطاع.].

يحدثنا القديس أوغريس عن الصلاة بلا انقطاع، قائلاً: [لم نأخذ وصية ان نعمل ونسهر ونصوم بلا انقطاع، لكننا أُعطينا وصية أن نُصَلِّي بلا انقطاعٍ. لأن المجهودات الأولى التى تهدف إلى شفاء الجزء الشهوانى من النفس تحتاج إلى الجسد لتنفيذها، والجسد لا يقدر أن يعمل باستمرار ولا أن يكون فى حرمان (من النوم أو الأكل) على الدوام. أما الصلاة فتُنّقِّي العقل وتُقَّوِّيه فى الحرب، لأنه خُلِق ليصلى حتى بدون الجسد، ويحارب الشياطين لأجل حماية كل قوى النفس.].

[صلِّ بلا انقطاع وتذكَّر المسيح الذى ولدك ثانية!].

[إن كنت وأنت بعد فى الجسد لك رغبة أن تخدم الله مثل الروحانيين (الملائكة)، فجاهد أن يكون لك فى قلبك صلاة سرية بلا انقطاع، فإنك بهذا تقترب من أن تتشبَّه بالملائكة قبل أن تموت.].

[مع كل نفس تستنشقه اذكر اسم يسوع مبتهلاً، مع تذكُّر الموت وأنت متواضع. هذان التدريبان كفيلان بتقديم نفع عظيم للنفس.].

كما يقول: [كما أن جسدنا عندما تفارقه النفس يصير ميتاً ومملوءً نتناً، هكذا النفس التى بلا صلاة حارة تصير ميتة ومملوءة نتانة. حرمان النفس من الصلاة أَشرّ من الموت. وقد أوضح ذلك دانيال النبى الذى كان مستعداً أن يموت ولا يُحرَم من الصلاة فى أى وقت. ينبغى على الإنسان أن يتذكَّر الله، أكثر مما يتنسم الهواء ويستنشقه.].


[195] Epistle 2: 2.

[196] Reg. Brev. 201.

[197] Cf. Reg. Brev. 32.

[198] Hom. in Martyrem Julittam 3 - 4.

[199] On Ps. 13: 38.

[200] The Prayer of Job and David 8: 1: 27.

[201] On Ps. 31.

10- ما هو ارتباط الصلاة الدائمة بالحياة الفاضلة؟

8- ما هى صلاة المخدع فى قول السيد المسيح: "وأما أنت فمتى صليت فأدخل إلى مخدعك واغلق بابك وصلِ إلى أبيك الذى فى الخفاء فأبوك الذى يرى فى الخفاء يجازيك علانية (مت6:6)؟