كيف هيأت الكنيسة العالم لفتح التعلم لكل إنسان؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي, العلم والكنيسة, قضايا مسيحية عامة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ6 – المفاهيم المسيحية والحياة اليومية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف هيأت الكنيسة العالم لفتح التعلم لكل إنسان؟

أولاً: فتح باب التعليم والخدمة للجميع. اهتم أغلب الكتاب المسيحيين بالدفاع عن تقديس حرية الإنسان. يقول العلامة أوريجينوس: [كل نفس عاقلة تمنح إرادة حُرة والقوة للاختيار[103]] كما يقول: بتوجد حرية معيبة، وعبودية تستحق المديح]، فإنه يمكننا أن نتحرر من التسيب أو نُستعبد للعدالة والحكمة والرحمة الخ[104]. فهو ينادى بالحرية الملتزمة الجادة، وكما يقول الرسول بولس: "لا تصيروا الحرية فرصة للجسد، بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضاً" (غل5: 13). فالحب العامل حتى للإخوة يعطى عذوبة للعبودية والخدمة وقبول الآخرين وتقديمهم فى الكرامة. يقول عن هذه العبودية: فإنى إذ كنت حراً من الجميع استعبدت نفسى للجميع لأريح الأكثرين "(1كو9: 19).

ثانياً: بث روح الفرح الداخلى الذى يُهيئ للتعلم. الدراسة والبحث والعمل المُتجدد الخلاق يحتاج إلى نفوس سوية، لا يُحطمها اليأس، ولا يفسدها الشعور بالقلق، ولا يعطلها ثقل الهم الذى يفسد بصيرة الإنسان، فيرى كل شئ من منظار مظلم، فيفقد حيويته ويحطم قدراته ومواهبه. ركز الآباء على الحياة المسبحة المُفرحة، فقد كان العالم فى حيرة إلى خبرة الفرح السماوى. جاء السيد المسيح يبث روح الفرح الداخلى فى المؤمنين به. يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [لنأخذ نموذج حياة مخلصنا مثالاً كمنهج لأجل خلاصنا، متأملين ذلك النموذج السماوى للحياة، نهتدى به، ونتقدس، وندهن رؤوسنا، ونعطر أنفسنا بطيب الفرح الدائم الأبدى[105]].

ثالثاً: رفع نفسية الإنسان واعتزازه بقدراته فى الرب. يحتاج الإنسان إلى من يرفع من نفسه بأن الحق فى متناول يده. جاءه الحق ذاته إلى أرضه وإلى بيته، بل وإلى قلبه ليصير بالحق عاملاً للتمتع بالمعرفة فى هذا العالم والعالم العتيد. هذه الرغبة فى المعرفة والتعلم لا تتوقف قط، بل تبقى ملتهبة فى داخله، تسكب عليه بهجة داخلية دائمة. يعمل حسب موهبته وفى الحدود اللائقة بإمكانياته وظروفه، دون فصل بين جهاده فى معرفته للزمنيات وتلك التى للأبديات. إنه إنسان الله الحى الذى يصبو نحو التأمل فى الله، وإظهار الأعمال المقدسة فى إصرار لا يكل ولا ينقطع[106]]. طكت يقول: [يُعين الله الإنسان الفاضل مكرماً إياه بعنايته الفائقة... يبث فيه إذ هو موطد العزم أن يسلك الحياة الصالحة، القوة ليتمتع بالخلاص... وكما أن الطبيب يشفى الذين يتعاونون معه لاسترداد صحتهم، هكذا يهب الله الخلاص الأبدى لمن يتعاون معه لينال المعرفة والأعمال الصالحة[107]].

رابعاً: بث روح الرجاء وتحدّى المرض والشيخوخة والموت. جاء السيد المسيح إلى العالم ليهب الإنسان روح القوة لا روح الفشل (2تى1: 7). بهذا الروح يعمل الإنسان بقوة وفى تحد لكل الظروف القاسية. هذا الروح ضرورى فى حياة الراغب الحقيقى فى التعلم والتقدم والمساهمة فى العمل الخلاق يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [لا تخف من المرض الذى يُهددك، ولا من الشيخوخة التى تجلبها السنوات عليك. فإنه حتى المرض يبطل إن تممنا إرادة الله بكل قلوبنا. إذ تعرف ذلك، عِد نفسك أن تكون قوية ضد المرض. كن شجاعاً كمحارب قوى فى الإستاد، حتى تغلب متاعبك بثبات لا يُقهر. لا تسمح لنفسك أن تكتئب بالحزن، لا بسبب مرض أو بسبب أية كارثة تحل بك[108]]. كما يقول: [يقف (الغنوصى أو صاحب المعرفة الحقيقية) ضد كل خوف وكل خطر، وليس فقط ضد الموت، بل وضد الفقر والمرض والعار[109]].

خامساً: الاعتدال فى كل سلوك. دعوة المسيحية للحياة المعتدلة فى كل شئ خاصة الأكل والشرب والملبس والمرح تسحب الإنسان من الاستعباد لهذه الأمور ليدرك سمو رسالته. فيتفرغ فكره وقلبه للعمل، فى اعتزاز بالعمل لحساب البشرية كلها، ولأجل المجد المُنتظر فى السماء! يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [كما ان الاعتدال والبُعد عن الإسراف هما ابنا القناعة عادة، فإذا اعتاد إنسان أن يستغنى عن كل ما هو كمالى وغير ضرورى، لا يوجد انحراف أو سقوط فى الإغراءات[110]].


[103] Origen: De Principiis, 1, Praef. , 5.

[104] Origen: Ep. Ad Rom. 5: 6.

[105] Paedagogus 12: 1.

[106] Paedagogus 7: 1.

[107] Stromata 7: 7 PG 468: 8.

[108]

[109]

[110]

ما هو موقف كنيسة العهد الجديد من الفلسفة والمعرفة؟