أما يعطينا هنا شيئاً من المهر؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
مقدم الإجابة الشماس بيشوي بشرى فايز
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكنيسة, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

أما يعطينا هنا شيئاً من المهر؟ ([129])

[تأمل...! فإنه كفَّل لى فى المهر قيامة الجسد، والخلود. لأن الخلود لا يتبع دائماً القيامة. بل إن الاثنين متمايزان، فكثيرون قاموا، لكنهم رقدوا مرة أخرى، مثل لعازر وأجساد القديسين (يو11؛ مت27: 52). لكن الوعد هنا ليس كذلك، بل وعد بالقيامة والخلود والتمتع بشركة الملائكة، واللقاء بابن الإنسان على السحاب، وتحقيق القول: "وهكذا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 17)، والتخلص من الموت، والتحرر من الخطية، والتخلص التام من الهلاك.

من أى نوع هذا المهر الذى "ما لم تر عين، وما لم تسمع أذن، ولم يخطر على بال إنسان، ما أعده الله للذين يحبونه" (1كو2: 9). هل تعطينى أشياء حسنة لا أعرفها؟! نعم، فقط لتُخطب لى ها هنا، ولتحبنى فى هذا العالم.

ولماذا لا تعطينى المهمر هنا؟ سأعطيه لك عندما تأتى إلى أبى، وتدخل المكان الملكى. فهل أنت أتيت إلىّ، لا بل أنا (يسوع) جئت إليك. لقد أتيت إليك، لا لتقطن عندك، بل لكى آخذك معى وأرجعك. فلا تطلب منى المهر عندك فى هذه الحياة بل لتكن معتمداً على الرجاء والإيمان.

أما تعطينى شيئاً فى هذا العالم؟ يجيب: أعطيك هنا "الغيرة" حتى تثقى فىّ فيما يختص بالأمور المقبلة، وأعطيك خاتم الخطبة وهدايا الخطبة. لذلك يقول بولس: "لأنى خطبتكم" (2كو11: 2). أما هدايا الخطبة فهى البركات الحاضرة التى تشوقنا إلى البركات المقبلة. أما المهر بكماله فيُعطى فى الحياة الأخرى.

كيف ذلك؟ هنا أصير كهلاً، هناك لا أشيخ قط.

هنا أموت، هناك لا أموت. هنا أحزن، هناك لا أحزن.

هنا يوجد فقر ومرض ومكائد، هناك لا يوجد شئ من هذا القبيل.

هنا توجد عبودية، أما هناك فحرية... هنا توجد حياة لها نهاية، أما هناك فحياة بلا نهاية.

هنا توجد خطية، أما هناك فيوجد برّ... هنا يوجد حسد، أما هناك فلا شئ من هذا.

قد يقول قائل: "أعطنى هذه الأمور هنا"، لا. بل انتظر حتى يخلُص أيضاً العبيد رفقاؤك. وأقول أيضاً انتظر ذاك الذى يثبتنا ويعطينا عربون الروح. وأى عربون هذا؟ الروح القدس وعطاياه.

دعنى أتكلم عن الروح القدس.

لقد أعطى خاتم الخطبة للآباء الرسل قائلاً: "خذوا هذا، وأعطوه للجميع"، فهل خاتم الخطبة يوزع على كثيرين ومع ذلك لا ينقسم؟! نعم هكذا. دعنى أعلمكم معنى عربون الروح القدس.

أخذ بطرس عربون الروح القدس وكذلك بولس. فبطرس (بالروح القدس) جال فى العالم، وغفر الخطايا، وشفى مقعدين، وكسى عراة، وأقام موتى، وطهّر برص، وأخرج شياطين، وتحدث مع الله، وعمل فى الكنيسة. ازال المعابد، وهدم المذابح، وأباد رذائل، وأقام من البشر ملائكة!... كل هذه الأمور أخذناها فملأ عربون الروح العالم كله...

وعندما أقول العالم كله، أقصد من جهة المكان... لقد ذهب بولس إلى هنا وهناك كطائر ذى أجنحة. وبفم واحد (بالتبشير) حارب العدو... كان الخياَم (بولس) أقوى من الشيطان... إذ نال العربون وحمل خاتم الزواج.

كل البشر رأوا الله قد خطب طبيعتنا والشيطان رأى ذلك وتقهقر. رأى العربون (الروح القدس) وارتعب منسحباً، رأى ملابس الرسل فهرب (أع19: 11). يا لقوة الروح القدس. لقد أعطى سلطاناً لا للجسد فحسب بل وللثوب أيضاً، وليس فقط للثوب بل وللظل أيضاً. ظله كان يشفى الأمراض (أع5: 15) ويخرج الشياطين ويقيم الموتى.

بولس جال فى العالم نازعاً أشواك الشر، باذراً بذار الصلاح على نطاق واسع، مثل صاحب محراث حكيم ممسك بمحراث التعاليم... لقد غيّر هؤلاء (الأمم). وكيف ذلك؟ بواسطة العربون (الروح القدس). هل كان بولس كفؤا لهذا العمل كله؟ لا بل بواسطة الروح... إذ كان يسنده، إذ نال عربون الروح. لذلك يقول: "ومن هو كفؤا لهذه الأمور؟" (2كو2: 16)، لكن "كفايتنا من الله الذى جعلنا كفاة لأن نكون خدام عهد جديد لا الحرف بل الروح" (2كو3: 5، 6).

تأمل ماذا فعل الروح؟ لقد وجد الأرض مملوءة من الشياطين فجعلها سماء. فقبل ذلك (قبل التجسد الإلهى) كان فى كل مكان مراثٍ ومذابح للأوثان. وفى كل موضع يصعد دخان الأصنام وبخوره، وفى كل منطقة تُقام فرائض نجسة وأسرار وثنية وذبائح، فى كل مكان تعمل الشياطين على الهتك بالشرف، فى كل مكان توجد حصون للشيطان.. ومع هذا كله وقف بولس وحده... فكيف قدر أن يبشر؟! لقد أسرّ البشر (فى الإيمان). دخل قصر الملك وتلمذ على يديه ([130]). دخل دار القضاء، فقال له الوالى: "بقليل تقنعنى أن أصير مسيحياً (أع26: 28). وهكذا صار القاضى تلميذاً. دخل السجن، فأسر حافظ السجن (فى الإيمان) (أع16: 3). زار جزيرة البرابرة، واستخدم الأفعى وسيلة للتعليم (أع28: 9). زار الرومان وجذب الوالى (السناتور) لتعاليمه. زار الأنهار والصحارى فى المسكونة...

إن الله يعطى للطبيعة البشرية عربون خاتم الزواج الذى له، وعندما يعطيه يقول لها: أمور كثيرة أعطيها لك الآن، أما بقية الأشياء الأخرى فأعدك بها].


[130] [] ربما يقصد سرجيوس بولس (أع13: 12).

[131] [] راجع للكاتب: القديس يوحنا الذهبى الفم العظة الثانية عن أتروبيوس.

ما هو ثوب الملكة العروس؟

ما هو مهر العروس؟