ماذا يقول العهد الجديد عن الدينونة العامة؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, عقيدة, قيامة الأموات
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يقول العهد الجديد عن الدينونة العامة؟

يقول الرب فى عظته على الجبل: "كثيرون سيقولون لى فى ذلك اليوم: يارب يارب أليس باسمك تنبأنا وبأسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم إنى لم أعرفكم قط. اذهبوا عنى يا فاعلى الإثم" (مت 7: 22 - 23).

"ولكن أقول لكم إن كل كلمة بطّالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين" (مت 12: 36).

"فإن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله" (مت 16: 27).

"ويجتمع أمامه جميع الشعوب، فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعى الخراف من الجداء. فيُقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركى أبى رثوا الملكوت المُعد لكم منذ تأسيس العالم، لأنى جُعت فأطعمتمونى وعطشت فسقيتمونى. كنت غريباً فأويتمونى، عرياناً فكسوتمونى، مريضاً فزرتمونى. محبوساً فأتيتم إلىّ..." (مت 25: 32 - 37).

بعدما حدثنا سفر الرؤيا عن ملكوت الله الذى فى داخلنا لنتمتع به، والسلطان الذى لنا، وما سيحل بالكنيسة من ضيق من جراء حلّ الشيطان فى آخر الأزمنة دون أن يتركنا الرب، بل يعمل بروحه فى الكنيسة، عاد ليطمئن أولاده أنه يعقب هذا بقليل مجئ الرب للدينونة.

"ثم رأيت عرشاً عظيماً أبيض، والجالس عليه الذى من وجهه هربت والسماءن ولم يوجد لهما موضع!" (رؤ 20: 11).

هنا يظهر ربنا جالساً على عرش أبيض إشارة إلى السلام، أو لا يعود يحارب ولا يدافع، لأن الكنيسة كلها صارت فى أمان، ويأتى عدوها "إبليس" مقيداً ليُطرح فى النار، وقد هربت من أمام الرب الأرض والسماء الماديتان! لا يأتى فى فمه سيف (رؤ 1: 16؛ 19: 21، 15)، لا يظهر هنا كفارس خارج من سبط يهوذا ليحارب (زك 1: 8)، ولا كأسد ليطمئن نفوساً خائرة (رؤ 5: 5)، بل جالساً على العرش لكى يهب للغالبين شركة الأمجاد السماوية.

وصفه بأنه "الذى من وجهة هربت الأرض والسماء، ولم يوجد لهما موضع" (رؤ 20: 11)، فذلك لكى يطمئننا أننا لا نعود بعد إلى الحياة المادية القديمة، فلا نكون فى حاجة إلى أرض بماعليها من بحار ومواد طبيعية وغير طبيعية، ولا نحتاج إلى كواكب وأفلاك.

إنه بهذا ينزع من أمامنا كل ذكريات قديمة لحياة امتلأت بالتجارب والأتعاب. معارك كانت بيننا وبين إبليس، بل هى بين الله وإبليس. فأمجاده الأبدية تبتلع الصور القديمة وتنزعها من ذاكرتنا!

"ورأيت الأموات صغاراص وكباراً، واقفين أمام الله، وانفتحت أسفار وانفتح سفر آخر هو سفر الحياة، ودين الأموات مما هو مكتوب فى الأسفار بحسب أعمالهم. وسلم البحر الأموات الذين فيه، وسلم الموت والجحيم الأموات الذين فيهما، ودينوا كل واحد بحسب أعماله" (رؤ 20: 12).

فى لحظة يُدان الكل الأبرار صغاراً مع كبار المكتوبين فى سفر الحياة بحسب أعمالهم، ويُدان الأشرار ساكنوا الجحيم، الأموات روحياً حسب أعمالهم، لأنه ليس عند الله محاباة. ويُلاحظ هنا الآتى:

1. فتح أسفار... ويرى القديس أغسطينوس[84] أنها رمز إلى فتح سرائر كل البشرية، أى قلوبهم وضمائرهم، حتى يدرك الكل عدل الله.

2. انفتاح سفر الحياة... الذى هو الكشف عن شخص ربنا يسوع وعمله كشجرة حياة، من يأكلها فى أيام جهاده على الأرض يعيش إلى الأبد. إنه السفر المفتوح، فيه يقرأ المؤمنون برهم الذى ليس لهم من ذاتهم، بل فى شخص ربنا، عندئذ يتهللون قائلين: "إذا لا شئ من الدينونة الآن على الذين هم فى المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. لأن ناموس روح الحياة فى المسيح يسوع قد أعتقنى من ناموس الخطية والموت" (رو 8: 2، 1).

3. سلّم البحر الأموات الذين فيه، وإذ يرمز البحر للعالم، لهذا يرى القديس أغسطينوس أن الإشارة هنا إلى الأشرار الذين يأتى عليهم يوم الرب ولا يكونوا قد ماتوا وانتقلوا إلى الجحيم. البحر الذى غرقوا فيه وفى ملذاته سيسلمهم للدينونة الأبدية.

4. يُسلم موت الروح والجحيم من بهما، فدينوا أيضاً على أساس عادل حسب أعمالهم الشريرة. يقول أيضاً: "وطرح الموت والجحيم فى بحيرة النار. هذا هو الموت الثانى. وكل من لم يوجد مكتوباً فى سفر الحياة طُرح فى بحيرة النار" (رؤ 20: 14 - 15).

هذه هى نهاية موت الروح والجحيم، أى نهاية السالكين حسب الجسد، حسب موت أرواحهم والذين صار نصيبهم بعد موتهم بالجسد الجحيم ينقلون إلى الموت الثانى، النار الأبدية.

ويرى القديس أغسطينوس أن هذا إشارة إلى الشيطان الذى هو رئيس الموتى بالروح، وزعيم سكان الجحيم، لقد طرح فى البحيرة المتقدة.

بهذا انتزعت صورة الشر تماماً ليسجل لنا الرسول فى الإصحاحين التاليين الصورة المبهجة لبيت الزوجية السماوى المملوء أماناً واطمئناناً، إذ طرح الشرير إلى الأبد بعيداً.


[84] City of God, 20. 14.

ماذا يقول العهد القديم عن الدينونة العامة؟

ما هو تعليم نهاية الأزمنة حسب التقليد المقدس؟