ما هى فضيلة إكرام الوالدين؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, إرشاد ومشورة, الأسرة المسيحية, الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ6 – المفاهيم المسيحية والحياة اليومية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى فضيلة إكرام الوالدين؟

تركت الحديث عن فضيلة إكرام الوالدين والطاعة لهما حتى النهاية، إذ أعطاها الكتاب المقدس اهتماماً خاصاً، إذ يقول الرسول: "أكرم أباك وأمك التى هى أول وصية بوعد" (أف6: 2).

هذه الوصية ينقشها الناموس الطبيعى فى القلب، إذ يشعر الأولاد بالتزام طبيعى بالطاعة للوالدين خلال قرابة اللحم والدم القوية وشعور الأولاد ما يحتمله الولدان من أتعاب وأسهار من أجل أولادهما. لا يوجد من يحب للإنسان الخير والتقدم والنجاح أكثر منهما. وهب الله الأم أن تتعب بسرور وبهجة من أجل أبنائها. يُقدم الله حبها لأولادها كتشبيه لرعايته الساهرة لنا "هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين، وأنا لا أنساك" (إش49: 15). وقد جاء الناموس الموسوى يعلن هذه الوصية ويُشدد عليها (خر20: 12؛ تث5: 16؛ 27: 16). وإذ فشل الإنسان فى إتمام هذه الوصية الطبيعية، أعطاها الرب أولوية حتى عند تقديس سبوته، إذ قيل: "تهابون كل إنسان أمه وأباه وتحفظون سبوتى، أنا الرب إلهكم" (لا19: 2)، كما قدّم تهديدات قاسية ضد كاسرها:

"من ضرب أباه أو أمه يُقتل... ومن شتم أباه وأمه يُقتل قتلاً" (خر21: 15، 17؛ لا20: 9).

"ملعون من يستخف بأبيه أو أمه، ويقول جميع الشعب آمين" (تث27: 16).

"من سبّ أباه أو أمه ينطفئ سراجه فى حدة الظلام" (ام20: 20).

"العين المستهزئة بأبيها والمحتقرة طاعة أمها تقورها غربان الوادى وتأكلها فراخ النسر" (أم17: 30).

أخيراً لم يترك الله الإنسان تحت هذه العقوبات المُرة، فجاء الابن الوحيد الجنس نفسه نائباً عن البشرية يُعلن كمال الطاعة لأبيه حتى الموت موت الصليب (فى2: 8)، بل وخضع للقديسة مريم أمه حسب الجسد وليوسف البار الذى تبناه (لو2: 51)، فصار مثلاً حياً لنا.

يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [فضيلة المسيحيين الأولى هى إكرام الوالدين ومكافأتهم عن متاعب من أنجبوهم، مقُدمين لهم كل راحة قدر ما يستطيعون... فيستريحون بالراحة التى نُقدمها لهم، وعندئذ يثبتون لنا البركات التى نالها يعقوب بمكر عوض أخيه، ويتقبل أبونا السماوى هدفنا الصالح، ويحكم علينا باستحقاق أن "يضئ الأبرار كالشمس فى ملكوت أبيهم" (مت13: 43)، الذى له المجد مع الابن الوحيد مخلصنا يسوع المسيح ومع الروح القدس المحيى الآن وإلى الأبد وإلى أبد الأبد[66]].

ويقول العلامة أوريجينوس: [لنتعلم يا أحبائى الخضوع لوالدينا... خضع يسوع وصار قدوة لكل الأبناء فى الخضوع لوالديهم أو لأولياء أمورهم إن كانوا أيتاماً... إن كان يسوع ابن الله قد خضع لمريم ويوسف، أفلا أخضع أنا للأسقف الذى عينه لى الله أباً؟!... إلا أخضع للكاهن المختار بإرادة الله؟! [67]] ويقول القديس أغسطينوس: [كان العالم خاضعاً للمسيح، وكان المسيح خاضعاً لوالديه[68]].

فى رسالة كتبها القديس جيروم إلى أم وابنتها قام بينهما نزاع جاء: [كان الرب يسوع خاضعاً لوالديه، لقد احترم تلك الام التى كان بنفسه أباً لها. لقد كرم أباه حسب التبنى هذا الذى كان المسيح نفسه يعولها! حقاً، إننى لا أقوم للأم شيئاً، لأنه ربما يكون فى كبر سنها أو ضعفها أو وحدتها ما يعطيها عذراً كافياً لكننى أقول لك أيتها الابنة: هل منزل أمك أصغر من أن يحتملك، هذه التى لم تكن بطنها صغيرة عن حملك؟! [69]].

وضع الرب إكرام الوالدين فى مقدمة الوصايا الخاصة بعلاقتنا بالآخرين، فيأمرنا بإكرامنا لهما قبل أن يوصينا "لا تقتل" أو "لا تزن" الخ... هى الوصية الوحيدة والمقترنة بمكافأة أو وعد (أف6: 2). وأعطى للأبناء حق التفاهم مع الوالدين، والطاعة فى الرب (أف6: 1)، وليس الطاعة المطلقة إذ أساء بعض اليهود فهمها.


[66] - مقال 7: 16.

[67] - راجع للمؤلف: إنجيل لوقا (تفسير 2: 49).

[68] Ser. On N. T. lessons 1.

[69] - للمؤلف: الحب العائلى، 1970، ص64، 63.

ما هى فضيلة العفة والطهارة ؟

ما هو موقف الكنيسة والمؤمن من الفساد؟