كيف واجهت المسيحية التيار الفلسفى الوثنى بخصوص الموت؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, عقيدة, قيامة الأموات
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف واجهت المسيحية التيار الفلسفى الوثنى بخصوص الموت؟ [1]

كان لابد للمسيحية من مواجهة الكثير من التيارات الوثنية، وعلى وجه الخصوص الأفكار الخاصة بالموت. إذ كان الوثنيون يتطلعون إلى الموت كقضاء وقدرٍ يحل بالإنسان فيحطمه، ويهدد كل حيويته إلى النهاية.

عندما جاء السيد المسيح إلى العالم كان أغلب الأميين يتطلعون إلى الموت كأمر رهيب، ولا يعتقدون فى وجود حياة بعد الموت. فقد وُجدت على بعض المقابر نقوش، جاء فيها:

"يقدم الحظ وعوداً كثيرة، لكنه لا يحتفظ بوعد واحد منها.

عش يومك وساعتك، فإنه لا يوجد بالحقيقة شئ آخر بين أدينا! [2] ".

"افرح ما دمت حياً، فالحياة ليست إلا شيئاً قليلاً، تبدأ الآن، وتنمو بقوة تدريجياً، ثم تختفى تدريجياً[3]".

يعتقد بعض الفلاسفة الوثنيين فى الحياة بعد الموت، لكنها حياة بلا بهجة، هى أشبه بنوم أبدى ترتبط بظلمة الأرض. ولا يعتق أحد من تسليمه فى أيدى آلهة مملوءة غضباً[4]. فالموت بالنسبة لهم هو تحطيم لكل حياة، وإن اشتهاه البعض، إنما للخلاص من متاعب الحياة، لا لينعموا بحياة جديدة، وإنما ليعيشوا بلا حيوية ولا سعادة.

لقد هاجمت الفلسفات اليونانية موضوع قيامة الجسد من الأموات بطريق أو آخر. فلم يقبل أتباع أفلاطون وأفلوطين قيامة الجسد مطلقاً، فبالنسبة لهم ليست موضوع نقاش. بهذا يجعلون من البشرية نفوساً بلا أجساد، خلالها يفقد الإنسان كيانه الشخصى ووحدته، ويحتقر الجسد كأمر ردئ تريد النفس الخالدة الخلاص منه. والعجيب أن بعضهم إذ يرون أن النفس تتطهر بخلاصها من الجسد، ونسيانها للمآسى التى عاشت فيها أثناء اتحادها بالجسد، يعتقدون أنها تعود ثانية إلى مآسى جسدية. أما فرفوريوس (بروفوريوس) Prophyry، الفيلسوف اليونانى وأحد أبر ممثلى الأفلاطونية المحدثة فى القرن الثالث وبداية الرابع الميلادى فيرفض تناسخ الأرواح، أى عودة النفوس إلى أجساد أخرى لأنها بهذا ترجع إلى مآسى الجسد والحياة.

واجهت الكنيسة هذا التيار التشاؤمى كما يظهر من النقوش التى على مقابر المسيحيين الذين تلامسوا مع عربون الحياة السماوية وهم بعد على الأرض. كثيراً ما تعبّر هذه النقوش عما سيحل بالراقد من سلام وشركة فى الملكوت الأبدى المجيد. لا نجد أثراً لكلمات اللعنى والمرارة التى وُجدت على مقابر الوثنيين، بل جاء غالبيتها: "لتحيا فى الرب لتتهلل إلى الأبد..." إن عبّر البعض عن مرارة الحزن لأجل آلام الفراق فإنها قليلة للغاية.


[2] للمؤلف: آباء مدرسة إسكندرية الأولون، 1980، كوستى بندلى: إله الإلحاد المعاصر، منشورات النور، الأنبا يوأنس: السماء، 1974.Orellius: Inscriptionum Latinarum selectarum amplissima collection, Turici 1828 - 1856, 3. 6234.

[3] Cf. A. Rush: Death and Burial in Christian Antiquity, Studies in Christian Antiquity 1. Washington 1941, p. 89.

[4] Orellius, 2. 4793.

ما هو موقف الوثنيين من الإيمان بالقيامة؟

ما هى أنواع الموت؟