4ـ الروح والجسد 03 02 2010 – عظات يوم الأربعاء فيديو – البابا شنودة الثالث

بسم الاب والابن والروح القدس الاله الواحد امين

 

القديس بولس الرسول يقول اسلكوا بالروح و لا تكملوا شهوة الجسد لان الجسد يشتهى ضد الروح و الروح ضد الجسد لكى يقاوم احدهما الاخر

و لكن هل كل جسد يقاوم ضدالروح ؟

طبعا لآ

فلما بولس الرسول بيقول يشتهى ضد الروح لا يقصد كل جسد و انما يقصد الجسد الخاطئ و الشهوانى و الذى يحب امور المادة و يستعبد لها و الجسد الذى يريد قيادة الروح الى الخطأ ؛ هذا هو الجسد الذى يشتهى ضد الروح و ايضا ليس كل جسد شرا فى ذاته ليييه ؟

لان لو كان الجسد شرا ما خلق الله جسدا لان الله لا يخلق الشرور بل ان الله عندما خلق الانسان بجسد رأى كل ما عمله فأذا هو حسن جدا فاذا الجسد لا يمكن ان يكون شرا

ايضا لو كان الجسد شرا فى ذاته ما كان ممكنا ان السيد يلبس جسدا او يقول الكتاب المقدس و الكلمه صار جسدا لان السيد المسيح لا يوجد به اى شر

ثالث حاجة : لو كان الجسد شرا فى ذاته ما كان يمكن ان يكون هيكلا للروح القدس لان الكتاب المقدس يقول اجسادكم هى هياكل للروح القدس و الروح القدس يسكن فيها و لو كان الجسد شرا فى ذاته ما كان ممكنا ان الله يقيمه بعد الموت و لو كان الجسد شرا فى ذاته ما كان الله يمجد الاجساد فى العالم الاخر ( و تصبح اجسادا من نور و اجسادا روحانيه …. الى اخره ) و لو كان الجسد شرا فى ذاته ما كنا نكرم اجساد القديسين الذين تركوا عالمنا و نأخذ شفاعتهم .

و لكن من الممكن ان الجسد يخطئ كما ان من الممكن ان الروح تخطئ و يجوز ان الجسد لا يخطئ كله و لكن جزءا منه يخطئ ( مثل الذى ينظر بشهوة ، الذى يسرق ….. الى اخره )

و مع ذلك الجسد ممكن جدا ان نمجد به الله و نخدم به الله ( مثل : الذين يتعبون فى الخدمة و الافتقاد و انقاذ الناس و عمل الخير و ايضا اليد التى تعطى بسخاء … ) و من الممكن ان الجسد يصبح جيدا حينما يكون منقادا بالروح و يسلك بطهارة و بر فالكتاب المقدس يقول مجدوا الله فى اجسادكم و فى ارواحكم التى لله فالانسان يمكن ان يمجد الله فى جسده لذلك فان المنتحر و الذى يقتل جسده يرتكب جريمة كبرى ، و اما من جهه الروح فالروح اصلا طاهرة و لكن من الممكن ان تخطئ فالملائكة ارواح طاهرة و لكن اخطئ بعض الملائكة و سقطوا و صارواشياطين و اصبحوا بدلا من ارواح طاهرة ارواحا شريرة و نجسه . فالروح ممكن ان تخطئ و لكن هى فى الاصل روح طاهرة و لما بنقول ان الانسان صورة الله نقصد صورته فى الروح و ليس فى الجسد و الروح تكون محبه للبر و قويه فى عمل الخير و خاصا اذا اشتركت مع الروح القدس و شركة الروح القدس معناها ان يسلم الانسان ذاته للروح القدس و الروح القدس يعمل فيه و هو يشترك مع الروح القدس فى العمل بهذا الشكل تكون الروح قويه و تكون قويه ايضا فى حاله اذا امتلا الانسان بالروح القدس فالكتاب المقدس يقول و امتلأوا بالروح و فى هذة الحاله اذا صلى الانسان بالروح و كانت روحه قويه فتصعد صلاته الى فوقمثلما حدث فى ايام الرسل لما صلو و تزعزع المكان و اذا خدم تكون خدمته قويه و بها الغيرة لمقدسة و اذا تكلم تكون كلماته قويه و لها تأثير بل ان الانسان اذا امتلأ بالروح تأخذ روحه سلطانا على الجسد و ايضا على الشياطين و فى متى اصحاح 10 يقول و اعطاهم سلطان على الشياطين لكى يخرجوها و الكتاب ايضا يقول و تنالون قوة متى حل الروح القس عليكم و الانسان الممتلئ من الروح لا يمكن ان يخاف من اى شئ على الاطلاق و العجيب ان فى اخر سفر الرؤيا 21 ايه 8 يقول و (اما الخائفون و عبدة الاوثان و القاتلون و الزناه) و ادرك الخائفون فى المقدمه لان الانسان الذى يخاف لا يشعر بوجود الله معه فى حياته و كل هذا يضيع الانسان .و الانسان الذى يسلك بالروح يصبح عنده حرارة الروح ( اى حار و غيور فى خدمته و صلاته ) فحينما حل الروح القدس على التلاميذ حل عليهم كالسنه من نار فالتهبوا بالحرارة الروحيه و انتشروا فى الارض يملأون الارض نارا من الايمان و الخدمه و الطهارة و القوةو ما اكثر ما نرى خداما لهم نشاط كبير و لكن ليس عندهم روح فنحن نريد الروح فى كل هذا اذا يجيب علينا ان نهتم بأرواحنا فغالبيه الناس يهتمون بأجسادهم و ليس بأرواحهم و لغذاء الروح يجب ان نقرأفى الكتاب المقدس و نستمع للالحان و الاغانى الروحيه و التسابيح ….. الى اخره فهل نحن نغذى الروح بهذه الطريقة ام نهتم فقط بأحتياجات الجسد فقط و نترك الروح! فيجب ان نعطى الروح وقايه و نهتم بغذائها

و الجسد ايضا يحب ان يتزين و خصوصا اذا خرج لمقابله الناس كما قال الكتاب المقدس عن اورشليم السمائيه انها كعروس مزينة لعريسها و الروح ايضا يجب ان تتزين و لكن بالفضائل كما قال بولس الرسول زينه الروح الوديع الهادئ ، هكذا تتزين الروح بالفضائل فهل تقابل الناس متزينا بالوداعة و الاتضاع و الهدوء و المحبه و الكلمه الطيبه ؟هذة هى زينة الروح

فالروح اذا قويت تكون لها هيبه و الهيبه يمكن ان تكون امام الناس و ايضا امام الشياطين ايضا فالشياطين كانت ترهب القديسين

مثلما حدث مع القديس مقار الكبير فقالوا له الشياطين : اننا نستطيع ان نفعل مثلك اى شئ فانت تصوم و نحن لا نأكل انت تسكن البرارى و نحن نسكن البرارى انت تسهر و نحن لا ننام و لكن بشئ واحد تغلبنا فقال لهم و ما هو فقالوا له بالتواضع تقدر ان تغلبنالان الشيطان لا يقدر ان يتواضع

بهذا الشكل توجد ارواح كبيرة فى مستواها و معرفتها فالرب يكشف لها اشياء كثير و لذلك امثال هذة الارواه الكبيرة لا تهتم فقط بخلاص نفسها و انما بخلاص ارواح الاخرين ايضا معها و هذة الارواح الكبيرة بعد ان تصعد الى السماء ينتدبها الله لبعض الخدمات على الارض لانقاذ الانسان

فأنت روحك من اى نوع هى ؟!

و يجب ان تكون الروح كبيرة فى مستواها و لكنها متواضعة ايضا و على القل عليك ان تسلك بالروح و ليس بالحرف اى لا تأخذ حرفيه الوصيه انما روح الوصيه تأخذ روح الوصيه و تجعلها تختلط بروحك و تسلك بها .

و كل فضيله حاول ان تسلك فيها بروح لان بغياب الروح لا تصبح لها قيمه ( مثل : اناس يطيلون فى صلاتهم و لكن بدون روح فقد قال الرب عنهم : هذا الشعب يعبدنى بشفتيه اما قلبه فمبتعد عنى بعيدا ) اذا فمتى تكون الصلاةبالروح ؟!

حينما تصلى و تشعر ان بينك و بين الله صله لان الصلاه سميت بهذا الاسم لانها صله بين الله و الانسان

 

21ـ الحق 19 6 2010عظات يوم الأربعاء فيديو – البابا شنودة الثالث

ما هو الحق؟

كلمة الحق لها على الأقل 3 معاني:

المعنى الأول الحق Truth  بمعنى الصدق:

كما يقولون: “أقول الحق ولا أكذب”.

المعنى الثاني الحق Human rights  بمعنى حق الإنسان:

أي حق الإنسان الذي له أو الذي يجب له أو الذي ينبغي له أو الذي ينبغي أن يحصل عليه.  ومن هنا أتت كلمة حقوق الإنسان. وجمعيات كثيرة تتكلم عن حقوق الإنسان.

ومن هنا وجدنا أن الكلية الجامعية التي تتحدث عن القانون اسمها كلية الحقوق لأنها تتكلم عن حقوق الناس. وما لهم وما عليهم. وزمان كانت وزارة العدل اسمها وزارة الحقانية أيضًا من جهة الحق.

وكلمة إنسان حقاني تعني إنسان عادل لا يظلم أحدًا ويتكلم بالعدل ويقيم الحق. وهكذا في أي شاهد يشهد في المحكمة لا بد أن يقول أنه:

“يتعهد بأنه يقول الحق كل الحق ولا شيء غير الحق.”

المعنى الثالث للحق: الحق هو الله :

ولذلك في الإسلام يقال عن الله القدوس الحق السلام.

وفي المسيحية ربنا يقول “أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ” (إنجيل يوحنا 14: 6)، ولذلك الذي يُدافِع عن الحق يكون منضمًا لله، ويدافع عن تعاليمه ووصاياه، ما دام الحق هو الله. والذي يدافع عن الحق يكون إلى جوار الله والله يدافع عنه ويعينه.

والحق ضبطه المجتمع بقوانين لكي يحدد ما هي الحقوق وما هي الالتزامات. ووُجِدَت هيئات تدافع عن حقوق الإنسان، وأيضًا تدافع عن حقوق الدول.. ليس فقط حقوق الإنسان بينما أيضًا حقوق الدول. مثل حقوقنا نحن من جهة نصيبنا من ماء النيل، فهذا حق، حق للدولة وليس حق لفرد.

أنواع من الحقوق :-

حق الحياة

كل إنسان من حقه أن يحيا ولذلك نجد الكتاب المقدس يقول:

“سَافِكُ دَمِ الإِنْسَانِ بِالإِنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ” (سفر التكوين 9: 6). أي بيد القائمين على تنفيذ القانون.

الإجهاض وحق الحياة

وحق الحياة يدخلنا في مشكلة أخرى. فالذي يجهض جنين من بطن أمه، كأنه يمنع الحياة عن هذا الجنين الذي سيصير إنسانًا ومن حقه أن يحيا. إلا إذا كان ولادة هذا الجنين تَتَسَبَّب في موت أمه تمامًا. في هذه الحالة نفضل بين كائن موجود وكائن سوف يوجد.

الأكل والشرب يدخلان ضمن حق الحياة

من حق الحياة أيضًا أن يُضمن للإنسان حقه في الأكل والشرب لأن الأكل والشرب تتوقف عليهم الحياة أيضًا..

العلاج يدخل ضمن حق الحياة

ويجب أن يُضمن للإنسان أيضًا حقه في العلاج. لأنه إذا لم يعالج سيموت. وبخاصة علاج الأمراض المستعصية.. ولذلك أنا أحترم وأوقر “مستشفى علاج سرطان الأطفال” 57357، وقد زرت هذه المستشفى وألقيت كلمة فيها. وفيها أطباء فاضلين يعملون كل جهدهم لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان.  لا يجوز أن المجتمع يترك إنسانًا مريضًا ليموت دون علاج. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). من حقه أن يحيا ومن حقه أن يعالج. وهذا الأمر تدخل فيه الدولة من جهة، والأثرياء الذين ينفقون على علاج الفقراء من جهة أخرى. لأن هناك حالات عجيبة.. أحيانًا عملية تحتاج 100 ألف جنيه، وعملية تحتاج لـ 500 ألف جنيه! فماذا يفعل الفقير؟ هل يموت؟ من حقه أن يعيش.

حق العبادة

ومن ضمن حقوق الإنسان أيضًا حق العبادة وحق التديُّن. لأنها صلة بين الله والإنسان لا يدخل فيها البشر.

حق الحرية

من حق الإنسان الحرية، ولكن الحرية يجب أن يكون لها ضوابط. فيكون للشخص كامل الحرية في كل شيء بحيث أنه لا يستخدم حريته في إيذاء الآخرين أو يكون ضد حقوق الآخرين.  أنت حر كما تريد ولكن لا تستخدم حريتك في الإضرار بالآخرين أو الإضرار بالنظام العام أو إنسان يستخدم حريته بأية أساليب خاطئة.

فمثلًا لا يجب أن يكسر شخص قواعد المرور كما يشاء ويقول عن ذلك: أنا حر! لا في هذه الحالة أنت لستُ حرًا.

كذلك لا يجب أن يقوم شخص بوضع يده في جيب شخص آخر ويقول عن ذلك: أنا حر أضع يدي أينما أريد! لا بالطبع أنت في هذه الحالة لست حرًا.

استخدم حريتك في نطاق القانون والنظام، وأيضًا استخدم حريتك في نطاق وصايا الله، ولا تقول: أنا حر أكسر أي وصية! لا أنت لست حرًا في هذا.

حق التقاضي

من حقوق الإنسان أيضًا حق التقاضي وحق الدفاع عن النفس.

حرية الفكر وحرية التعبير

من حرية الإنسان أيضًا حرية الفكر وحرية التعبير بحيث لا يشوش أفكار الناس بفكره الخاص.

مثل شخص ملحد يقول: أنا حر أعبر عن أفكاري الإلحادية. لا في هذه الحالة هو ليس حرًا.

حرية العمل

من حقوق الإنسان أيضًا حرية العمل.

حرية الزواج

من حرية الإنسان أيضًا حرية الزواج. على شرط أن يتزوج بطريقة سليمة. أي لا يسير بطريقة خاطئة ويقول أنه يتزوج؟! فيتسبب في تعب النساء ويخرج عن القانون.

حق الفقير على المجتمع

فهناك من الحقوق حق الفقير على المجتمع. لأن الفقير ربما إذا لم يجد وسيلة لتغطية فقره يضطر إلى السرقة مثلًا. وهنا أتذكر عبارة جميلة لأحد الكُتّاب الروحيين حيث قال: “ليس المسروق بريئًا من جريمة السرقة”..

فنحن نضع كل اللوم على السارق، ولكن المسروق أيضًا ليس بريئًا. لأن لو كان هذا المسروق يعطي من ماله لكل الذين حوله، ما كان أحد يسمح لنفسه بأن يسرقه.

لذلك الفقير له حق على الدولة وعلى الأغنياء.

وفي مسألة الحق أريد أن أقول بعض الملاحظات:-

كل حق يقابله واجب

كما إن لك حقوق على المجتمع وعلى الدولة، كذلك عليك واجبات نحو المجتمع ونحو الدولة؛ فالعامِل له الحق في أجر، وعليه واجب في الإنتاج.. ويمر الاثنان معًا.

من حقك أن يعمل الوطن لأجلك . ومن واجبك أن تعمل من أجل الوطن.

ينبغي أن يكون الحق في نطاق النظام العام.

وهناك أيضًا حق أمام الله.

لذلك تعجبني كلمة داود النبي حينما قال: “أقع في يد الله ولا أقع في يد الناس لأن مراحم الله واسعة” (فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ) (سفر صموئيل الثاني 24: 14)، وتكررت أيضًا : “دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ، وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ” (سفر أخبار الأيام الأول 21: 13).

السرعة في منح الحق :

لأن الإنسان المظلوم لا يحتمل طول المدة حتى يأخذ حقه. السرعة في منح الحق لازمة.

نقطة أخرى هي يجب أن يكون الحق كاملًا :

لذلك يقال في المحكمة: “أقول الحق، كل الحق، ولا شيء غير الحق”..

ولذلك أيضًا نحن لا نقبل أنصاف الحقائق، والمثل يقول: “أنصاف الحقائق ليس فيها إنصاف للحقائق”.

مثل شخص لا يريد أن يصلي يقول: هناك آية تقول: “لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ”! بينما الآية تقول: “لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى” (سورة النساء 43)، فيحذف “وَأَنتُمْ سُكَارَى”! فهو يأخذ النصف الأول من الآية ويحذف النصف الآخر، وطبعًا هذا تلاعب غير جائز.

أو مثلًا شخص يأتي للقاضي ويقول له: فلان هذا أضاع عين من عينيَّ. وفعلًا تكون أحد عينية ضائعة. ولكن القاضي لا يستطيع أن يحكم فورًا، فربما يكون الشخص الآخر طارت عيناه الاثنتان!!

ولذلك أقول لكم قصة لطيفة حدثت: حيث وقف أحدهم أمام القاضي.

فقال له القاضي : ماذا سرقت؟

فقال له: أبدًا يا بيه، أنا رأيت حبلًا في الطريق فشديته ومشيت.

فقال له القاضي: فقط حبل؟

فرد قائلًا: ولكن فقط كان في آخر الحبل ماعز.

فهو أخذ نصف الحقيقة (التي هي الحبل) وترك النصف الثاني.

أو كما يقول الناس على نصف الكوب الممتلئ. فالبعض يركز على نصف الكوب الفارغ، وآخرون يركزون على الجزء الملآن. المفروض أن الحق يكون كاملًا.

أو مثل الورد والشوك هناك من يسرون بالوردة التي رائحتها جميلة. وينسون الشوك. وأناس آخرون يركزون على الشوك فلا يستطيعوا التمتع بالورد.

وأيضًا مثل النتيجة والسبب؛ فمثلًا من الممكن أن يقول أحدهم: لقد تم طردي من عملي. دون أن يذكر لماذا طُرِد من عمله.

وهكذا يدخل الناس في مسألة التفاؤل والتشاؤم.

نصف الحقيقة أننا نقول أن هناك مشاكل، والنصف الثاني أن نقول أن هناك الله الذي يحل المشاكل.

نصف الحقيقة أن البعض يشكو ويقول ما لم تفعله الدولة من أجلنا. وينسى النصف الثاني الذي هو ما فعلته الدولة من أجلنا. فلا بد أن نأخذ الاثنين معًا.

نصف الحقيقة أن يقال أن لائحة 38 تمثل شريعتنا، والنصف الثاني أن لائحة 38 غُيرت منذ سنتين، والنصف الثاني أن المحكمة الدستورية العليا حكمت أحكامًا ضد نصوص لائحة 38. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). كما في المادة 139 والمادة 72. فلو كانت تمثل شريعتنا ما كان حدث هذا.

نصف الحقيقة أننا نتكلم عن شريعة 38، والنصف الآخر أن هناك الإنجيل وقوانين الكنيسة. فكيف تكون مجرد اللائحة شريعتنا؟ وينسوا الإنجيل وينسوا تعاليم الكنيسة. هذا لا يُعْقَل.

أخيرًا أقول لكم أننا نثق تمامًا في الرئيس مبارك كرئيس لجميع المصريين . والدولة برئاسة السيد الرئيس/ محمد حسني مبارك لم تتخلى إطلاقًا عن الأقباط بل تسندهم.

22ـ قضاء الله 16 06 2010 – عظات يوم الأربعاء فيديو – البابا شنودة الثالث

داود النبي وشاول

حدث أن داود النبي تعب كثيرًا جدًا من شاول الملك كان يحاول أن يقتله ويوصي عليه أناسًا ليقتلوه. ويطارده من برية إلى برية ومن مدينةٍ إلى مدينة. ولما تعب داود من هذه المعاملة، قال لشاول: “الله يقضي بيني وبينك” (يَقْضِي الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) (سفر صموئيل الأول 24: 12)، “فَيَكُونُ الرَّبُّ الدَّيَّانَ وَيَقْضِي بَيْنِي وَبَيْنَكَ” (سفر صموئيل الأول 24: 15)، لأنه كان يؤمن بقضاء الله، وأنا أريد أن أحدثكم في هذه الليلة عن قضاء الله.

قضاء الله

الله قاضي وقاضي عادل يحكم بالحق، لأن من أسمائه كلمة الحق. وهو أيضًا يحكم بعدل لأنه يعرف الخفيات والظاهرات، يعرف ما في قلب الإنسان وما في فكره وما في نياته. لذلك عندما يحكم، يحكم بعدل.

وهو يقضي حينما نطلب، ويقضي دون أن نطلب. كيف؟

قصة قايين وهابيل :

لذلك في قصة قايين وهابيل. قايين قتل هابيل في خفية، ولكن الله واجهه بالجريمة التي يشعر أنه لا أحد يعرفها. وقال له: “صوت دم أخيك صارخًا إلي من الأرض. لذلك ملعون أنت من الأرض التي قبلت دم أخيك من يدك، تائهًا وهاربًا تكون في الأرض”: ونص الآية هو: “صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. فَالآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ.. تَائِهًا وَهَارِبًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ” (سفر التكوين 4: 10-12).

فهو قضاء من عند الله من أجل هابيل الذي كان قد مات ولا يشكو. ولكن الله قال له “صوت دم أخيك صارخًا إليّ من الأرض”. دم القتيل يصرخ إلى الله، والله يسمع.

يعقوب وعيسو

يعقوب كان هاربًا من أخيه عيسو الذي قال: “أقوم وأقتل يعقوب أخي”، ونص الآية هو: “وَقَالَ عِيسُو فِي قَلْبِهِ: «قَرُبَتْ أَيَّامُ مَنَاحَةِ أَبِي، فَأَقْتُلُ يَعْقُوبَ أَخِي»” (سفر التكوين 27: 41). وفيما كان يعقوب خائفًا، ولا يعرف إلى أين يذهب، نام، ووضع رأسه على حجر، فظهر له الله في أعلى السلم السمائي الذي بين السماء والأرض. وقال له: “لا تخف أنا معك وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض”، ونص الآية هو: “هَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ، وَأَرُدُّكَ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ” (سفر التكوين 28: 15). يعقوب لم يشكو إلى الله. لكن الله عرف ما الذي في قلبه؟ وما الذي يريده؟ وقال له: “أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب وأردك إلى هذه الأرض”. هذا هو الله الذي يقضي بالعدل. والذي يقول عنه داود في المزمور: “الرب يحكم للمظلومين”: ونص الآية هو: “الْمُجْرِي حُكْمًا لِلْمَظْلُومِينَ” (سفر المزامير 146: 7).

يوسف الصديق

باعه إخوته إلى الإسماعيليين. والإسماعيليين باعوه إلى فوطيفار ودخل مصر كعبد.  الله كان غير راضي عن ذلك. وحتى تلك اللحظة لم يكن يوسف قد تكلم أو صرخ إلى الله. ثم تم إيقاعه في مشكلة أخرى في بيت فوطيفار، حيث اتهموه بتهمة باطلة ظالمة مع أنه كان بريئًا كل البراءة، واقتادوه إلى السجن. وقضي فترة في السجن، ولكن الله كان ينظر وكان يحب أن يقضي في هذه المسألة وقضى الله. وأصبح يوسف الصديق ثاني رجل في المملكة. وأتى إليه إخوته وسجدوا بين يديه وقالوا له اغفر لعبيدك. وغفر لهم وقال لهم: أنتم أردتم لي شرًا، والله أراد خيرًا: ونص الآية هو: “وَأَتَى إِخْوَتُهُ أَيْضًا وَوَقَعُوا أَمَامَهُ وَقَالُوا: «هَا نَحْنُ عَبِيدُكَ». فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ: «لاَ تَخَافُوا. لأَنَّهُ هَلْ أَنَا مَكَانَ اللهِ؟! أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا” (سفر التكوين 50: 18-20).

الله يحكم بالعدل. حتى دون أن يطلب هذا منه.

موسى وفرعون والشعب

الشعب لم يصرخ إلى الله لينجيهم. أبدًا. وإنما يقول الكتاب أن الله نظر إلى مذلة شعبه، “إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مَذَلَّةَ شَعْبِي” (سفر الخروج 3: 7). تأملوا في هذا الكلام.. الله هو الذي نظر. فنزل واختار موسى، وقال له: “كَلِّمْ فِرْعَوْنَ” (سفر الخروج 6: 29)، وكلما كلَّم فرعون أزاد الثقل على الشعب أكثر. والله يرى. وكانت النتيجة 10 ضربات مخيفة. آخرها ضربة الأبكار التي ضرب فيها من ابن فرعون الجالس على العرش إلى ابن الجارية التي على حجر الرحى.  “فَيَمُوتُ كُلُّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مصر، مِنْ بِكْرِ فرعون الْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّهِ إِلَى بِكْرِ الْجَارِيَةِ الَّتِي خَلْفَ الرَّحَى، وَكُلُّ بِكْرِ بَهِيمَةٍ”(سفر الخروج 11: 5).

ثم بعد ذلك أغرقه الله في ماء البحر الأحمر.

الله يقضي ويرى كل ما يحدث. ويقضي قضاءً عادلًا.

موسى ومريم وهارون

موسى أيضًا لما تزوج امرأة كوشية تقولت عليه أخته مريم وأخوه هارون (في عدد إصحاح 12).

” وَتَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلَى موسى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً” (سفر العدد 12: 1).

دون أن يشكو موسى ودون أن يطلب تدخل الله.  الله ظهر وَبَكَّتَهُم وقال لهم: “من أنتم حتى تتجرءون على عبدي موسى”، ونص الآية هو: “فَلِمَاذَا لاَ تَخْشَيَانِ أَنْ تَتَكَلَّمَا عَلَى عَبْدِي مُوسَى؟!” (سفر العدد 12: 8). “إن كنت أظهر لكم في رؤية أو حلم، أما موسى فأكلمه فمًا لأذن”.. وهو أمين على كل بيتي، “هُوَ أَمِينٌ فِي كُلِّ بَيْتِي” (سفر العدد 12: 7). وضرب مريم بالبرص لأنها تكلمت على موسى. وموسى تشفع من أجلها. ولكن الله تركها لكي تقضي أسبوعًا خارج المحلة.

الله قاضي وعادل، حتى دون أن يطلب الناس منه.

قصة آخاب ونابوت اليزرعيلي

آخاب الملك أراد أن يأخذ حقل نابوت اليزرعيلي، ولكن نابوت رفض. فرجع آخاب حزينًا، وكانت زوجته إيزابل حنونة جدًا ولكن في الشر! فقالت له: “لا تأبه بذلك، ندبر عليه خطية تجديف على الله، ونأتي بشهود زور، ويقتل شرعًا، وترث أنت حقله”.. وقد تم ما دبروه، فقد دبروا حيلتهم بكل دهاء بشري، ولكن نسوا شيئًا واحدًا أن الله يرى وأن الله سينتقم منهم. لم يفكروا في ذلك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولكن الله أرسل لهم النبي ليكلمهم حيث قال لآخاب: “فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ الْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ الْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضًا” (سفر الملوك الأول 21: 19). وقال لزوجته إيزابل: “إن الكلاب ستأكلك”، “إِنَّ الْكِلاَبَ تَأْكُلُ إِيزَابَلَ” (سفر الملوك الأول 21: 23). وقد حدث لأن ذلك كان قضاء الله الذي يأخذ حق نابوت اليزرعيلي، مع أن نابوت اليزرعيلي كان قد مات ولم يطلب. ولكن الله يطلب.. يطلب دم هؤلاء.

قصة داود وأبشالوم وأخيتوفل

نستطيع أن نتكلم عن مسألة داود عندما قام أبشالوم بالحرب ضده مع أنه ابنه! ومستشار داود النبي، الرجل الحكيم “أخيتوفل” انضم إلى أبشالوم. وأصبح داود يصرخ ويقول: “إبطل يا رب مشورة أخيتوفل”، ونص الآية هو: “حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ” (سفر صموئيل الثاني 15: 31)  والرب استجاب وأبطل مشورة أخيتوفل وحزن ومضى وقتل نفسه. وأبشالوم نفسه ضاع في الطريق.

الله لا يسكت.. الله يسمع ويعمل دون أن يطلب منه أحد، فهو يرقٌب، ويرى، وهو ضابط للكل، ويتصرف.

لذلك قيل في الكتاب: “مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ” (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 10: 31).  إن كنت تظلم غيرك، الله لن يتركك.

هامان ومردخاي

أيضًا قضاء الله يتدخل حينما تَتَأزَّم الأمور..

تأزمت الأمور بين هامان ومردخاي. وأراد هامان أن يقتله وأعد له صليبًا ليصلب عليه. وإذا الله يتدخل. كيف يتدخل؟

الملك الفارسي عندما كان يتفحص أخبار الملوك وجد اسم مردخاي من ضمن الناس الذين خلصوه من مؤامرة. فاستدعى هامان وسأله: “عندما يفعل شخص جميلًا في الملك، والملك يريد أن يكافئه، ماذا يفعل؟”، فظن هامان أنه يتكلم عنه، فرد قائلًا: “يجعلوه يركب على دابة الملك، ويزفوه في البلد، ويحتفلوا به و…..و….إلخ”ونص الآية هو: “وَلَمَّا دَخَلَ هَامَانُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُل يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ؟» فَقَالَ هَامَانُ فِي قَلْبِهِ: «مَنْ يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ أَكْثَرَ مِنِّي؟» فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ: «إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ، يَأْتُونَ بِاللِّبَاسِ السُّلْطَانِيِّ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْمَلِكُ، وَبِالْفَرَسِ الَّذِي يَرْكَبُهُ الْمَلِكُ، وَبِتَاجِ الْمُلْكِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، دْفَعُ اللِّبَاسُ وَالْفَرَسُ لِرَجُل مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ الأَشْرَافِ، وَيُلْبِسُونَ الرَّجُلَ الَّذِي سُرَّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ وَيُرَكِّبُونَهُ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَيُنَادُونَ قُدَّامَهُ: هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ” (سفر أستير 6: 6-9).  فقال الملك إفعل كل ما قلته هذا مع مردخاي! فلم يحتمل مردخاي سماع ذلك وسقط. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ودون أن أدخل في تفاصيل القصة، ولكن أخيرًا انتهت القصة بأن هامان حكم عليه الملك بالموت، وصُلِب على الصليب الذي أعدّه لمردخاي.  فالصليب الذي أعده هامان لمردخاي صُلِبَ عليه هامان. لماذا؟ لأن هناك اله في السماء يسمع ويقضي.

اليهود والسبي

اليهود تركوا الله وعبدوا الأصنام. فإذا بإلهنا القاضي العادل يلقيهم في سبي بابل وآشور وقضوا في السبي 70 سنة ثم رجعوا. وأخيرًا لمَّا قاموا على السيد المسيح قال لهم: “هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا” (إنجيل متى 23: 38؛ إنجيل لوقا 13: 35). وقد كان.

الله قاضي عادل..

المسيحية والدولة الرومانية

وفي علاقة المسيحية والوثنية والمسيحية والدولة الرومانية كم عُذِّبَ المسيحيين وقُتلوا، والله يرى.  هل يرى ما يحدث ويسكت؟! بالطبع لا. الله يرى وينتظر الوقت المناسب الذي يقضي فيه. وأخيرًا عمل أعمالًا جبارة.

قسطنطين الملك الروماني عند دخوله أحد الحروب، رأى في رؤيا صليبًا وقيل له بهذا تغلب. فاعتنق المسيحية وغلب.

وفي سنة 313 م أصدر مرسوم ميلان الذي منح به الحرية الدينية، وأخذ المسيحيون حريتهم الدينية. وتخلصوا من الكل. وبعد أن كانت الدولة رومانية وثنية أصبحت الدولة رومانية مسيحية.

كم عمل الله..!

آريوس وبدعته

في أحد المرات بعد مجمع نيقية 325 م، حكم الإمبراطور على بطريرك القسطنطينية أنه لابد أن يقبل آريوس في الشركة.  وظل الشعب يصلي طوال الليل، حيث كان الإمبراطور يأمرهم بشيء ضد ضميرهم. وإذا بآريوس يدخل إلى المرحاض وتنسكب أمعائه. ومات آريوس في تلك الليلة ونجي بطريرك القسطنطينية.

الله لم يخلق الكون ليتركه! بل خلقه ليحافظ عليه وينظر ويرقب ويرى كيف يدبر هذا الكون في عدل؟ وكيف يدبر الكون بعدل؟

وما دام الله ساهرًا ولا هروب من قضاء الله، إذن فليحترس كل إنسان لنفسه لأن لابد أن يتم قضاء الله وإن كره الكارهون.

23ـ مواهب تضيعها 23 06 2010 – عظات يوم الأربعاء فيديو – البابا شنودة الثالث

هل نضيع المواهب التي منحها لنا الله؟

الله من كرمه ومن محبته وهبنا أشياء كثيرة وهبنا الحياة والعقل والضمير والروح والحرية. فهل نحن نهتم بهذه المواهب أم نضيعها؟

“موهبة العقل”

الله وهبنا العقل، ويشمل التفكير والفهم والاستنتاج والذاكرة بمستويات مختلفة. فهناك من يكون عبقري أو شديد الذكاء، وآخر ذكاءه عادي, وآخر محدود الذكاء.

والله وهبنا العقل الباطن، وفيه يختزن الإنسان أشياء يستفيد بها في وقت اللزوم.

هل العقل الذي وهبنا الله إياه نستخدمه تماماً أم لا نستخدمه، أم نستخدمه بطريقة خاطئة، أم أننا نُخْضِع هذا العقل لأهوائنا؟

“موهبة الضمير”

الله وهبنا الضمير، وهذا الضمير وضعه الله فينا منذ البدء. أي من بدئ خلقة العالم.

أول شريعة في العالم، كانت الشريعة التي أعطاها الله على يد موسى النبي سنة 1500 ق. م.، لكن كيف كان الناس يعيشون آلاف السنين قبل موسى؟ كانوا يعيشون بالضمير.

بالضمير عوقب قايين كقاتل مع إنه لم توجد وصية تقول لا تقتل. وبالضمير ارتفع يوسف الصديق عن مستوى الخطية، مع أن لم يكن هناك وصية تقول لا تزني. لكن بالضمير.

الله كان يعاقب الناس بالضمير ويحاسبهم بالضمير. والضمير موجود فينا للتمييز بين الخير والشر. مع الحثّ على الخير والتبكيت على الشر. لكننا أحياناً نغطي على ضميرنا ونخفيه ونهرب منه ولا نطيعه!

“موهبة الروح”

الله أعطانا روح لتكون مجالاً للعلاقة بيننا وبين الله، ولكننا كثيراً ما لا نعطيها غذائها.

غذاء الروح:

غذاء الروح في القراءة الروحية، وفي التسبيح، وفي الترتيل، وفي التأمل في الكتاب المقدس، وفي التأمل في سير القديسين، وفي الصلاة.

كثيراً ما لا نعطي الروح غذائها. وأحياناً نترك الجسد ليطغى على هذه الروح بسقطاته.

“موهبة الروح القدس”

أيضاً وهبنا الله الروح القدس يسكن فينا، فقال “أنتم هياكل الله، والروح القدس يسكن فيكم”: ونص الآية هو: “أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟” (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 3: 16).

وهذه هبة عظيمة ولكننا كثيراً ما نحزن الروح. ونرفض الشركة مع الروح.

“موهبة الحرية”

أعطانا الله هبة الحرية. لنكون على صورته ومثاله، ولكننا كثيراً ما نستخدم الحرية ضد أنفسنا.

الله يريدنا دائماً ونحن لا نريده. الله يعدنا بالحياة الأبدية ونحن نضيع الحياة الأبدية بأعمالنا.

“محاربات تعطل المواهب التي أعطاها الله لنا”

ما هي المُحاربات التي تُحارب هذه المواهب التي أعطاها الله لنا؟ محاربات كثيرة. منها الشهوة، ومنها الخوف، ومنها الشك، وتعب الأعصاب، ومنها الضعف، والتأثر بالآخرين.

1) الشهوة:

والشهوة تطغى على الكل. أي لا توجد موهبة من مواهب الله إلا وأمامها شهوة مضادة تطغى عليها.

أنواع الشهوة:

الشهوة لها أنواع. فهناك شهوة الجسد، وشهوة المال، وشهوة السيطرة، وشهوة العظمة، وشهوة المناصب، وشهوة البر الذاتي.

شهوات كثيرة تطغى على الإنسان وممكن أن تضيعه.

الشهوة تبطل عمل العقل:

شهوة الجسد ممكن أن تُبْطِل العقل وتُدَنِّس الفِكر. وأحياناً يتوقف العقل ليخطئ الجسد. وأخيراً وبعد أن يخطئ الإنسان، وعند معاتبته على خطيئته، يقول “آسف لم أكن في عقلي” أي “الشهوة أبطلت عمل العقل”.

الشهوة تبطل عمل الضمير

والشهوة أيضاً تبطل عمل الضمير، أثناء الفكر الخاطئ والعمل الخاطئ والاستغراق فيه يكون الضمير متوقف تماماً. حيث تطلب الشهوة من الضمير أن يبعد ويتركها لتعمل.

تبريرات العقل للخطية:

وحينما يستيقظ الضمير، تمنع عنه الشهوة التوبة. كيف ذلك؟

سبق أن قلت لكم أنه “أحياناً يكون العقل خادماً مطيعاً لشهوات النفس”.  حيث تشتهي النفس ويطيعها العقل وينفذ كل طلباتها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). فعندما يسقط الإنسان، ويبدأ ضميره في توبيخه، يبدأ العقل بتقديم تبريرات كثيرة حتى لا يوبخه ضميره.  كإنسان يقول له عقله: الإغراء كان شديداً عليك، أو يقول له: كل الناس على هذا الحال. أو يقول له: نحن لسنا ملائكة!

أحياناً يقول له عقله:  نتوب فيما بعد! لا داعي للتوبة الآن، فالتوبة موجودة وممكن أن نتوب فيما بعد!!

وكلمة “نتوب فيما بعد” تذكرنا بما قاله أمرؤ القيس (أكبر شعراء المعلقات العربية)، فقد كان معتاداً على الخمر والسُّكر، وفيما هو ساهر يشرب، جاءه خبر وفاة والده، فقال:

اليوم خمر وغداً أمر  لا صحو اليوم ولا سُكر غداً

أي أنه قد أجَّلَ التوقف عن السُّكر للغد!

أحياناً يقول العقل: هذا شئ بسيط والله سيغفر، ويتذكر كل الآيات المتعلقة بمحبة الله وغفران الله. وينسى أن الله لا يغفر إلا بالتوبة. والسيد المسيح يقول في (لو 13: 3، 5): “إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون”: ونص الآية هو: “كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ”(إنجيل لوقا 13 : 3 ، 5)

يترك نفسه للكلمات مثل: الله طيب، الله حَنَّان، الله لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا، المهم أن يرجع ويحيا.. إلخ. ومع كل هذه التبريرات تستمر الشهوة حتى تصبح عادة وتسيطر. ومن أخطر الأمور في الحياة الروحية: التبريرات. الإنسان يخطئ ويحاول تبرير الخطأ ويقول لنفسه: “لم يحدث شئ”.

ضحايا الشهوة، لا يحصيهم عدد من الأعداد. وعندما يسقط الإنسان في خطية يحاول أن يخفيها بأي طريقة.

2) الأعصاب المُرْهَقة تُبْطِل عمل العقل والضمير:

من ضمن الأشياء التي تتعب المواهب التي أعطاها لنا الله، الأعصاب المرهقة. كإنسان يخطئ فيغضب ويثور ويعلو صوته، وربما يشتم أو يهين غيره أو يهدد ليصل إلى هدفه. أثناء ثورته، أين ذهب عقله؟! وأين ضميره؟ وأثناء الشتيمة أو التهديد، أين العقل وأين الضمير؟ كلاهما في غيبوبة. العقل في غيبوبة والضمير في غيبوبة. ومَنْ المسيطر الذي يمسك بدفة السفينة؟!

وعندما تعاتب هذا الشخص، يرد بقوله: “لم أكن في وَعيي، لم أملك نفسي”! ولماذا لا تملك نفسه؟

الكتاب المقدس يقول: “مالك نفسه خير من مالك مدينة”: ونص الآية هو: “اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً” (سفر الأمثال 16: 32).

لكن هذه أشياء تسيطر على الإنسان تقول للعقل: انتظر قليلاً، هذا ليس وقتك. وتقول للضمير انتظر، هذا ليس وقتك! وتمسك الأعصاب السيطرة على الموقف، أو تمسك الشهوة السيطرة على الموقف. فلا يكون هناك توازن في حياة الإنسان.

3) التأثر بالآخرين قد يُوقِف عمل العقل والضمير:

العقل أيضاً يتأثر بالآخرين، وتأثيره يُعَطِّل الضمير، ويُغَيِّر مسار الفِكر. فهناك الكثير من الناس يتأثرون بالآخرين ويصل تأثرهم وتغير فِكرهم إلى درجة “غسيل المخ”، أي يخرج بمخ غير مخه، وبطريقة تفكير غير طريقة تفكيره!! خاصة أن كثير من الناس عندما يجد شخص حزين على خطاياه، يحاول أن يُنسيه خطاياه، ويُهَوِّن من شأنها، ويجعله يسير في طريق آخر ينسى به خطأه! وفي هذه الحالة الإنسان يتصرف بعقل غير عقله، وهذا المُحِب يقوده إلى الضلال. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). أحياناً يكون هذا المحب هو المرشد الروحي أو أب الاعتراف، الذي يظن أن تَهوين الخطيئة محبة. لذلك قال الله: “يا إسرائيل مرشدوك مُضِلّون”: ونص الآية هو:  “شَعْبِي ظَالِمُوهُ أَوْلاَدٌ، وَنِسَاءٌ يَتَسَلَّطْنَ عَلَيْهِ. يَا شَعْبِي، مُرْشِدُوكَ مُضِلُّونَ، وَيَبْلَعُونَ طَرِيقَ مَسَالِكِكَ” (سفر إشعياء 3: 12) أي هذا الذي يُرْشِدَك يُضِلَّك، ويكون مشتركاً في الخطأ معك.

الذي يُجامِل الخاطئ يشترك في الخطأ معه، ولو بنصيحة خاطئة، ومجاملة المخطئ معناها شركة مع المخطئ. ولذلك يقول الكتاب: “لا تشتركوا في أعمال الظلمة، بل بالحري بكتوها”: ونص الآية هو: “وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا” (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 11).

4) التقاليد الخاطئة تؤثر على العقل والضمير:

نقطة أخرى وهي أن الضمير يتأثر بالتقاليد، مثل بعض البلاد يكون من تقاليدها الأخذ بالثأر، فإذا قُتِلَ شخص من عائلة، لا بد أن تأخذ عائلته بثأره من القاتِل أو أقاربه.

وأحياناً إذا قُتِل شخص من العائلة لا يأخذون العزاء حتى يقتلوا القاتل، ثم يأخذون العزاء بعد ذلك. وهذه تقاليد موجودة عند البعض.

أو مثلاً شخص إذا زنت أخته يقتلها، ويعتقد بذلك أنه يغسل عار الأسرة! ويكون بذلك قد قتل أخته وهي في خطيئتها، وحرمها من فرصة التوبة. وكان من الممكن أن يعاقبها بأي شكل غير القتل. ولكن تكون التقاليد متحكمة فيه. وهنا تقود التقاليد الخاطئة العقل والضمير.

5) الشفقة الخاطئة تؤثر على العقل والضمير:

وقد يتأثر الضمير بالشفقة على الآخرين. مثل تلميذ يغشش زميله، كنوع من الشفقة عليه. وقد ذكرت الجرائد قصة شخص ارتدى ملابس المنقبات ليمتحن بدلاً من حبيبته، قاده عقله إلى أن هذا هو الحب أو الشفقة، ولو يرتكب خطيئة من أجل الحب.  وهذا ليس حب بل شفقة.

ومثال الطبيب الذي يعطي شهادة طبية لشخص غير مريض ليسهل له الحصول على أجازة.. نوع من الشفقة، وضميره يسمح له بذلك.

مثال آخر: الشخص الذي يكذب لكي ينقذ غيره. حيث يسمح ضميره بالكذب. لأن الضمير مختل.

هذه أمثلة لضمائر إما غائبة أو مُخْتَلَّة.

6) الخوف قد يسيطر على العقل والضمير:

من ضمن الأشياء التي تسيطر على العقل والضمير: الخوف. شخص يخاف من التهديد. فيقول شيء ضد ضميره، أو يقوم بعمل ضد ضميره.

لذلك في سفر الرؤيا إصحاح 21، وضع الخائفين الذين من هذا النوع في أول درجات المخطئين الذين لا يدخلون الملكوت. حيث يقول: “وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي” (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 21: 8).

حيث يقوم الإنسان بعمل يندم عليه فيما بعد. وفي الخوف يفقد حرية إرادته ويتصرف بغير إرادته.

7) الشك في الأفعال وفي الناس:

الشك أيضاً يُتْعِب العقل. ويُدْخِله في حالة من التردد تجعله لا يدري ماذا يفعل. وقد يكون الشك في الفِعْل، أو الشك في الناس، فيتعب الإنسان. فقد يتصور الإنسان أن جميع الناس تجري وراءه.

الشك في العقيدة والإيمان:

وقد يكون الشك في العقيدة والإيمان، وهنا العقل يرتبك ويضيع. صحيح أن العقل موهبة، ولكن في هذه الحالة يكون العقل ليس في حالة فِهم سليم.

الشك في الله والحياة الأبدية:

وقد يشك الإنسان في الله نفسه، أو الشك في العالم الآخر. هنا لا يكون العقل مستقراً أبداً، كما يقول الشاعر:

كريشة في مهب الريح طائرة  لا تستقر على حال من القلق

أي يكون الإنسان كريشة سائرة. ويتصرف الإنسان تصرفات هوجاء.

نرجو أن نعيش في المواهب التي أعطاها الله لنا ونستفيد منها لمنفعتنا..