الأصحاح الأول – سفر القضاة – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر القضاة – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

مقدمة القضاة

  1. كلمة قاضى مأخوذة من أصل كنعانى والترجمة الدقيقة تفيد معنى قائد أو رئيس فالقضاة المذكورين فى هذا السفر ليسوا قضاة بالمفهوم العام لنا، فلم يكن عملهم القضاء وإصدار أحكام بحسب قانون معين لتحقيق العدل، وإنما رد البر وإعادته فى حياة الجماعة، والدفاع عن حقوق هذه الجماعة وتخليصها من الضيق الذى تسقط فيه، الذى سقطت فيه بسبب الخطية.
  2. ظهر هؤلاء القضاة فى الفترة ما بين موت يشوع وبدء عصر الملوك (بداية بشاول) فكانوا ذوى سلطة ولكن ليس كالملوك، فكان الحكم إلهياً. بمعنى أن الله هو الملك الخفى للشعب، والقاضى يعمل كنائب لله. وكان كل سبط له رئيسه الذى يدبر أموره الخاصة، أمّا الأمور الكبرى التى تمس الجماعة على مستوى جميع الأسباط أو بعضها معاً كمحاربة الأعداء والتخلص من نيرهم فيرجع إلى القاضى.
  3. كانت فترة ظهور القضاة فترة محزنة بعد موت يشوع. فإن كان سفر يشوع قد أظهر حياة الجهاد والنصرة، نجد أنه بعد موته أن الشعب إنصرف إلي اللذات الوقتية ومشاركة الأمم عبادتهم الوثنية، وكان القاضى ليس لهُ أن يسن شرائع أو يضع أثقالاً على الشعب وإنما يحكم ويؤدب خاصة المنحرفين إلى العبادة الوثنية، ويقود المعارك ضد الأمم وكان ينظر للقاضى كمخلص يخلص الشعب من سطوة الأمم الوثنية ويكون ذلك بقيادتهم عسكرياً خلال التوبة والرجوع إلى الله مع الجهاد.
  4. لم يكن للقضاة أجور من الشعب ولا حرس ولا أتباع ولا أحد يخدمهم بل كل منهم ينفق على نفسه. وكان الله هو الذى يقيم القاضى، وأحياناً يختاره الشعب.
  5. سفر يشوع هو سفر الخلاص المجانى، إذ يتسلم يشوع قيادة الشعب ليدخل بهم أرض الموعد (رمزاً للمعمودية الآن) ولكن سفر القضاة يكشف عن حال غالبية المؤمنين إذ يتهاونون بعطية الله العظمى ويتراخون فى المطالبة بمواعيد الله المجانية، إذ فترت غيرة الشعب وإنصرف غالبيته إلى مشاركة الأمم الوثنية التى تركوها وسطهم فى عبادتهم والتلذذ معهم بالخطية. ونرى فى هذا السفر أسلوب الله فى التعامل مع أولاده إذا أخطأوا "فمن يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل إبن يقبله عب 12: 6" فالله لا يترك أولاده فى الرجاسات بل يؤدبهم. وهناك نجد الله يؤدبهم مستخدماً الأمم ذاتها كعصا تأديب قاسية، وكان متى يرجع الشعب يرسل لهم الله مخلصاً ينقذهم. إذاً هذا السفر هو سفر حياة كل مؤمن ذاق عذوبة الحياة الجديدة مع المسيح يسوع بكونها الأرض الروحية التى تفيض لبناً وعسلاً، ولكن عوض الإنطلاق فيها من قوة إلى قوة يتراخى روحياً ويرتد لحياة اللذة الجسدانية فيؤدبه الرب حتى يرده إبناً مقدساً.
  6. لقد أمرهم الله بإبادة الكنعانيين لكنهم إستبقوهم فصاروا عثرة لهم ونقلوا لهم وثنيتهم ورذائلهم بل كانوا سبب إرتدادهم. وهذه الشعوب هى (شعوب ما بين النهرين والموآبيين والعمونيين والكنعانيين والمديانيين والفلسطينيين) ونلاحظ أن منهم شعوباً طلب الرب إبادتها وشعوب لم يطلب منهم ذلك بل طلب بعدم مصاهرتهم أو الإختلاط بهم وبأوثانهم. فكان أن إستخدم الرب هذه الشعوب لتأديبهم وإذلالهم فالخطية عقوبتها فى نفسها. وهذه الشعوب ضايقوا شعب إسرائيل على التوالى وفرضوا عليهم جزية صعبة. ولكنهم كانوا متى صرخوا إلى الله فى ضيقهم وتابوا، كان الله يشفق عليهم ويقيم لهم قادة يعطيهم شجاعة وحكمة خاصة فينقذوهم من تلك الضيقات ويكونوا ولاة أمورهم. وكان القضاة يمارسون وظيفتهم حتى نهاية حياتهم.
  7. غالباً كتب هذا السفر صموئيل النبى كما جاء فى التقليد اليهودى ووافق كثير من أباء الكنيسة علي ذلك. وقد كتبه بعد تأسيس النظام الملوكى (19: 1 + 21: 15) وقبل أن يضم داود أورشليم (1: 21 + 2صم 5: 6 – 8) ولذلك فقد تحدد زمن كتابته فى أيّام شاول الملك، وكان نبى ذلك الزمان هو صموئيل النبى. والإعتراض على هذه العبارة التى وردت فى 18: 30 "إلى يوم سبى الأرض" فتصوّر البعض أن السفر كتب بعد السبى ورداً على ذلك نقول:
  8. ربما تشير هذه الآية إلى أن السبى هو المقصود به أخذ الفلسطينيين لتابوت العهد (مز 78: 60، 61 + 1 صم 4: 11).
  9. أضيفت هذه العبارة فى عصر لاحق للإشارة لوثنية دان. وممّا يدل ان السفر لم يكتب بعد السبى خلوه من أية كلمة كلدانية ومن المعروف أن عزرا فى أثناء تجميعه لأسفار العهد القديم كان يفعل ذلك.
  10. يمكننا القول أن فترة القضاة إتسمت بالإرتداد، ولكن وُجِدت قلة من المؤمنين عبدوا الله كما يشهد بذلك وجود خيمة الإجتماع فى شيلوه (18: 31) والاحتفال بالعيد السنوى (21: 19) ووجود رئيس الكهنة والإهتمام بتابوت العهد (20: 27 - 28) وتقديم ذبائح لله (13: 15، 16..) وممارسة الختان والنذور (14: 3 + 15: 18 + 11: 30).
  11. مع أن هناك بعض النواحى الإيجابية التى تشير لوجود بعض المؤمنين إلا أنها فى مجملها تظهر بصورة باهتة جداً حتى أننا لا نسمع عن اللاويين سوى مرتين إقترنوا بفضائح وظهر وجود رئيس الكهنة كمرور عابر وهذا يعبر عن:
  12. إنحدار الحالة الدينية.
  13. لإظهار شخص المسيح كقاضى وديان وليس رئيس كهنة. فالمسيح هو القاضى الحقيقى لنا.
  14. المسيح حين يقوم بدوره كرئيس كهنة فهو الشفيع الكفارى ولكنه فى هذا السفر يظهر بصورة القاضى الذى يؤدب شعبه إذا أخطأ وينقذهم إذا تابوا. وفى خلاصهم بيد القاضى نرى صورة المسيح المخلص القوى الذى ينقذنا من عبودية الخطية والشيطان. ولكن إذا أخطأنا يسمح للشيطان أن يضرب الجسد لتخليص الروح (1كو 5: 5).
  15. أحداث هذا السفر تبدأ بوفاة يشوع وتنتهى بموت شمشون أو قبيل بداية صموئيل ويصعب جداً تحديد مدة هذه الفترة من خلال السفر نفسه، لأنه لو جمعنا الفترات التى حكم فيها القضاة مع فترات الضيق أو العبودية للأمم حيث لم يكن يوجد قضاة لوجدناها 410 عاماً هذا بفرض أن القضاة جاءوا على التوالى وتحسب هكذا:
  16. العبودية لكوشان رشعتايم 8 سنين.
  17. قضاء عثنئيل 40 سنة.
  18. العبودية لعجلون 18 سنة.
  19. سلام فى أيام أهود وشمجر 80 سنة.
  20. مضايقة يابين 20 سنة.
  21. فترة قضاء دبورة وباراق 40 سنة.
  22. الإستعباد لمديان 7 سنوات.
  23. فترة قضاء جدعون 40 سنة.
  24. حكم أبيمالك (ليس قاضياً) 3 سنوات.
  25. فترة قضاء تولع 23 سنة.
  26. فترة قضاء يائير 22 سنة.
  27. مضايقة العمونيين لهم 18 سنة.
  28. فترة قضاء يفتاح 6 سنوات.
  29. فترة قضاء إبصان 7 سنوات.
  30. فترة قضاء إيلون 10 سنوات.
  31. فترة قضاء عبدون 8 سنوات.
  32. الإستعباد للفلسطينيين 40 سنة.
  33. فترة قضاء شمشون 20 سنة.

ولكن هذا هو الغالب بالتأكيد أن القضاة لم يخلفوا بعضهم الآخر بل كان يعاصر أحدهم الآخر. وكان كل قاضى مسئول عن جزء من البلاد وليس كل البلاد، أى أن سلطة القاضى كانت لا تشمل كل الأسباط. إذاً سلطة القضاة كانت محلية وليس على مستوى الشعب كله ولم يمثل القضاة حلقة متصلة كالملوك ونلاحظ أن: -.

أهود ويفتاح وإيلون ويائير شرق الأردن.

باراق وتولع شمال كنعان.

عبدون وسط كنعان.

أبصان وشمشون جنوب كنعان.

ولذلك تحدد فترة القضاة بحوالى 200 - 300 سنة ولا يمكن تحديدها بالضبط.

  1. نلاحظ يد الله الرحيمة بالرغم من خطايا شعبه ففترات التأديب والعبودية كانت (8 + 18 + 20 + 7 + 3 + 18 + 40 = 114 سنة). بينما فترات السلام (410 - 114 = 296 سنة). وكأن فترات الضيق حوالى ربع المدة كلها.
  2. القضاة الآخرون الذين خارج هذا السفر هما عالى وصموئيل النبى.
  3. يظهر فى السفر عمل الروح القدس بقوة، روح القوة الذى به إنتصر القضاة على الأمم وهو بذاته الروح النارى الذى يعطينا النصرة لا بعمل بشرى إنما بعمله فينا.
  4. ينقسم سفر القضاة إلى 3 أجزاء:
  5. حال الشعب بعد يشوع (مقدمة السفر) ص 1 - 2.
  6. عصر القضاة من عثنئيل إلى شمشون = ونجد فيه ضيق الشعب بسبب خطاياهم ثم نجاتهم العجيبة حين يتوبون بواسطة القضاة ص 3 - 16.
  7. حادثتان أثناء عصر القضاة. يدلان على مدى إنغماس شعب إسرائيل فى الوثنية وفسادهم والمصيبة التى حلَّت بسبط بنيامين لأنه حمى فاعلى الشر ص17 - 21.

الإصحاح الأول

سفر يشوع يعلن ميراثنا أرض الموعد بيشوع الحقيقى وسفر القضاة يكشف عن الإلتزام بدوام الجهاد مادمنا فى الجسد حتى نستولى على كنعان كلها، أى ننعم بكمال الوعد. ونجد فى هذا الإصحاح أخبار متنوعة ففى الآيات (2 - 21) نرى غزو جنوب كنعان بواسطة يهوذا. وفى الآيات (22 - 26) نرى إستيلاء سبط يوسف على بيت إيل. وفى الآيات (27 - 36) قائمة المدن التى لم تستطع الأسباط الوسطى والشمالية طرد الكنعانيين منها. وبذلك نرى أن الله يسجل من جاهد ومن تقاعس فى إصحاح واحد ليشجعنا أن نجاهد ضد إبليس. فإمكانية هزيمة إبليس موجودة بشرط أن نجاهد ولا نتهاون.

العدد 1

آية (1): -

"1 وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا الرَّبَّ قَائِلِينَ: «مَنْ مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى الْكَنْعَانِيِّينَ أَوَّلاً لِمُحَارَبَتِهِمْ؟ ».".

سألوا الرب = غالباً بالأوريم. وعلينا أن لا نبدأ أى عمل إلا بالصلاة. ومن منا يصعد.. أولاً = كنا نتوقع أن لا حرب بعد موت يشوع، لكن الجهاد يجب أن يستمر بعد أن مات عنَّا يسوع وقام وصعد. ومن يتغافل عن الجهاد يفقد ما حصل عليه من نعمة مات المسيح ليعطيها لهُ. ولاحظ قول بولس "أقمع جسدى.. لئلا أصير مرفوضاً" (1كو 9: 27) وطرد الكنعانيين رمز لأعمال إبليس والله أعطانا إمكانية هذا بالحياة الجديدة المقامة فى المسيح بالمعمودية.

العدد 2

آية (2): -

"2فَقَالَ الرَّبُّ: «يَهُوذَا يَصْعَدُ. هُوَذَا قَدْ دَفَعْتُ الأَرْضَ لِيَدِهِ».".

قال الرب يهوذا = فيهوذا هو الأقوى والأكثر عدداً. والله لم يعطهم هذه القوة والكثرة ليناموا ويتكاسلوا بل ليحاربوا (مَثَلْ الوزنات). ويهوذا هم أكثر كرامة فلابد أن يكونوا اكثر التزاماً بالقيام بواجباتهم. وإذا عرفنا أن المسيح خرج من يهوذا نفهم أن هذا يشير أيضاً إلى أن الحرب الروحية هي بقيادة المسيح الخارج من سبط يهوذا.

(رؤ 6: 2).

العدد 3

آية (3): -

"3فَقَالَ يَهُوذَا لِشِمْعُونَ أَخِيهِ: «اِصْعَدْ مَعِي فِي قُرْعَتِي لِكَيْ نُحَارِبَ الْكَنْعَانِيِّينَ، فَأَصْعَدَ أَنَا أَيْضًا مَعَكَ فِي قُرْعَتِكَ». فَذَهَبَ شِمْعُونُ مَعَهُ.".

إصعد مع.. فأصعد معك = هذا كرم من يهوذا لأن شمعون ضعيف ويجب أن القوى يساند الضعيف. ولكن بالمعنى الرمزى فالمسيح القوى (يهوذا) يطلب منى أنا الضعيف (شمعون) أى المستمع (من يستمع الدعوة ويستجيب) أن أحارب معهُ والمسيح خرج غالباً ولكى يغلب (المسيح وأنا = يهوذا مع شمعون).

الأعداد 4-7

الآيات (4 - 7): -

"4فَصَعِدَ يَهُوذَا، وَدَفَعَ الرَّبُّ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ بِيَدِهِمْ، فَضَرَبُوا مِنْهُمْ فِي بَازَقَ عَشَرَةَ آلاَفِ رَجُل. 5 وَوَجَدُوا أَدُونِيَ بَازَقَ فِي بَازَقَ، فَحَارَبُوهُ وَضَرَبُوا الْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ. 6فَهَرَبَ أَدُونِي بَازَقَ، فَتَبِعُوهُ وَأَمْسَكُوهُ وَقَطَعُوا أَبَاهِمَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 7فَقَالَ أَدُونِي بَازَقَ: «سَبْعُونَ مَلِكًا مَقْطُوعَةٌ أَبَاهِمُ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ كَانُوا يَلْتَقِطُونَ تَحْتَ مَائِدَتِي. كَمَا فَعَلْتُ كَذلِكَ جَازَانِيَ اللهُ». وَأَتَوْا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَمَاتَ هُنَاكَ.

أدونى = سيد، بازق = مبرق. وهما سمتان لإبليس الذى إستطاع خداع الإنسان وإمتلكه وصار سيداً لهُ بخداعاته المبرقة الكاذبة. إبليس جعل فى الخطية ما يبرق أمام الإنسان فيخدعه ويسقطه فيذل تحت إبليس ويملك إبليس عليه. لذلك أدونى بازق هو رمز إبليس الذى أذل البشرية التى خلقها الله كملوك (70 ملكاً = رقم قد يرمز لكل البشرية التى أذلها إبليس). وكان أدونى بازق قد هزم 70 ملكاً أى رئيس قبيلة طوال مدة حروبه وقطع أباهم يديهم وأرجلهم = وكانت هذه العادة عند الفرس وبعض شعوب المنطقة ليمنعوا أعدائهم من إستعمال السيف فكأنهم عطلوهم عن الحرب. وأذلوهم = يلتقطون تحت مائدتى ويهوذا حين غلبوا أدونى بازق فعلوا فيه نفس الشىء. فكثيراً يسمح الله بأن يصيبنا الشر الذى ألحقناه بإخوتنا فنعرف أذاه ونتوب عنه وهذا ما حدث مع داود + (عو 15) وروحياً فقطع أباهم اليد يشير إلى التوقف تماماً عن العمل لحساب مملكة الله وقطع أباهم الأرجل يشير إلى توقف الحركة فى الطريق الملوكى. هكذا أذل الشيطان البشرية وعطل حركتها السماوية وجعلها أسيرة قصر لذاته، تأكل كالحيوانات من الفتات الساقط من مائدة إبليس، تسلك بلا كرامة. وجاء المسيح الخارج من سبط يهوذا ومن بعده سبط شمعون أى كل المؤمنين الذين إستجابوا وسمعوا دعوته، وهزموا إبليس فالمسيح أعطانا السلطان أن ندوسه (لو10: 19، 20) بعد أن هزمه (لو 10: 18) ولاحظ أن أدونى بازق مات فى أورشليم = أورشليم = رؤية السلام. فلا يمكن أن يحل السلام فى القلب ما لم يمت أولاً أدونى بازق، أى حين يضع نهاية لعدو الخير تحيا النفس فى سلام.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَحَارَبَ بَنُو يَهُوذَا أُورُشَلِيمَ وَأَخَذُوهَا وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ، وَأَشْعَلُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ.".

غالباً إستولى يهوذا على أورشليم ولكن الحصن بقى فى يد اليبوسيين حتى أيام داود الذى إستولى عليه (2صم5: 6، 7). وغالباً إشعال الحريق كان فى جزء من المدينة فقد بقى بنى بنيامين ويهوذا ساكنين فيها مع اليبوسيين (راجع آية 21).

العدد 9

آية (9): -

"9 وَبَعْدَ ذلِكَ نَزَلَ بَنُو يَهُوذَا لِمُحَارَبَةِ الْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ.".

بعد ذلك نزل = فأورشليم إرتفاعها 2593 قدماً. فمن سكن أورشليم لا يستطيع إلاّ أن يظل يحارب إبليس ويقاوم أعماله. سكان الجبل = أى بيت لحم وحبرون والجبل يشير للكبرياء. والجنوب = منطقة تعرف بالنجب تتسم بالجفاف والقحط وتصل إلى القفر وتشير إلى خراب العالم بسبب خطيته. والسهل = منطقة منخفضة تمتد بين الساحل وسلسلة جبال يهوذا وهى منطقة خصبة. ولكن طالما هى فى يد الكنعانيين فهى تشير لثمار الخطية وفى كل من المناطق الثلاثة يحارب أولاد الله أعمال إبليس ولا يخافوا من عنف الخطية وقوة إبليس (الجبال) ولا تجذبهم ثمارها (السهول).

الأعداد 10-15

الآيات (10 - 15): -

"10 وَسَارَ يَهُوذَا عَلَى الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي حَبْرُونَ، وَكَانَ اسْمُ حَبْرُونَ قَبْلاً قَرْيَةَ أَرْبَعَ. وَضَرَبُوا شِيشَايَ وَأَخِيمَانَ وَتَلْمَايَ. 11 وَسَارَ مِنْ هُنَاكَ عَلَى سُكَّانِ دَبِيرَ، وَاسْمُ دَبِيرَ قَبْلاً قَرْيَةُ سَفَرٍ. 12فَقَالَ كَالَبُ: «الَّذِي يَضْرِبُ قَرْيَةَ سَفَرٍ وَيَأْخُذُهَا، أُعْطِيهِ عَكْسَةَ ابْنَتِي امْرَأَةً». 13فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ، أَخُو كَالَبَ الأَصْغَرُ مِنْهُ. فَأَعْطَاهُ عَكْسَةَ ابْنَتَهُ امْرَأَةً. 14 وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهَا أَنَّهَا غَرَّتْهُ بِطَلَبِ حَقْل مِنْ أَبِيهَا. فَنَزَلَتْ عَنِ الْحِمَارِ، فَقَالَ لَهَا كَالَبُ: «مَا لَكِ؟ » 15فَقَالَتْ لَهُ: «أَعْطِنِي بَرَكَةً. لأَنَّكَ أَعْطَيْتَنِي أَرْضَ الْجَنُوبِ، فَأَعْطِنِي يَنَابِيعَ مَاءٍ». فَأَعْطَاهَا كَالَبُ الْيَنَابِيعَ الْعُلْيَا وَالْيَنَابِيعَ السُّفْلَى.".

قرية أربع = أربع الرجل الأعظم فى العناقيين (يش 14: 15 + 15: 13).

العدد 16

آية (16): -

"16 وَبَنُو الْقَيْنِيِّ حَمِي مُوسَى صَعِدُوا مِنْ مَدِينَةِ النَّخْلِ مَعَ بَنِي يَهُوذَا إِلَى بَرِّيَّةِ يَهُوذَا الَّتِي فِي جَنُوبِيِّ عَرَادَ، وَذَهَبُوا وَسَكَنُوا مَعَ الشَّعْبِ.".

وبنو القينى = كلمة القينى تعنى حداد فهم حدادين متجولين. وهم أبناء إخوة زوجة موسى. وقد إلتصقوا بيهوذا. من مدينة النخل = أى أريحا ولكنه لم يقل أريحا لأنها كانت قد خربت. وانطلقوا إلى برية يهوذا = فهم مثل سائر البدو لا يحبون سكنى المدن بل يفضلون البرارى وسكنوا مع شعب هذا الموضع أى عماليق وإستمروا حتى طلب منهم شاول الملك أن يعتزلوا حتي يبيد العمالقة. والركابيين (إر 35: 1) هم من القينيين.

العدد 17

آية (17): -

"17 وَذَهَبَ يَهُوذَا مَعَ شِمْعُونَ أَخِيهِ وَضَرَبُوا الْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانَ صَفَاةَ وَحَرَّمُوهَا، وَدَعَوْا اسْمَ الْمَدِينَةِ «حُرْمَةَ».".

وحرّموها = حطموها وضربوها تماماً بسبب ما قاسوه فيها من مرارة فى حرب العمالقة (عد 14: 45).

العدد 18

آية (18): -

"18 وَأَخَذَ يَهُوذَا غَزَّةَ وَتُخُومَهَا، وَأَشْقَلُونَ وَتُخُومَهَا، وَعَقْرُونَ وَتُخُومَهَا.

ولكن سرعان ما إسترد الفلسطينيون مدنهم هذه من يهوذا.

الأعداد 19-21

الآيات (19 - 21): -

"19 وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوذَا فَمَلَكَ الْجَبَلَ، وَلكِنْ لَمْ يُطْرَدْ سُكَّانُ الْوَادِي لأَنَّ لَهُمْ مَرْكَبَاتِ حَدِيدٍ. 20 وَأَعْطَوْا لِكَالَبَ حَبْرُونَ كَمَا تَكَلَّمَ مُوسَى. فَطَرَدَ مِنْ هُنَاكَ بَنِي عَنَاقَ الثَّلاَثَةَ. 21 وَبَنُو بَنْيَامِينَ لَمْ يَطْرُدُوا الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، فَسَكَنَ الْيَبُوسِيُّونَ مَعَ بَنِي بَنْيَامِينَ فِي أُورُشَلِيمَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ.".

المركبات الحديدية كانت عائقاً بسبب تكاسلهم وليس لأن الله لا يستطيع. ولقد إحتكر الفلسطينيون صناعة الحديد حتى لا ينتفع به اليهود (1صم 13: 19 - 22). وكانت نصرة داود على الفلسطينيين بداية لإستخدام الحديد كسلعة عامة فى إسرائيل.

العدد 22

آية (22): -

"22 وَصَعِدَ بَيْتُ يُوسُفَ أَيْضًا إِلَى بَيْتِ إِيلَ وَالرَّبُّ مَعَهُمْ.".

بيت يوسف = فى البداية يصعد يهوذا (يسوع) ومعهُ شمعون (كل من إستجاب لصوت المسيح وخرج يجاهد). والآن نجد التقدم فى الحياة الروحية إفرايم (ثمر متكاثر) ومنسى (نسيان محبة العالم) فلا جهاد بدون ثمار. ويهوذا إقتنى أورشليم (رؤية السلام) وبيت يوسف أخذ بيت إيل أى بيت الله. أى مع نمونا الروحى نصير مسكناً لله. والرب معهم = لا نستطيع أن نقتحم بيت إيل أى بيت الله إلا بالله نفسه الذى يحملنا فيه إلى بيته ويكشف لنا أسراره ويمتعنا بحياته السماوية.

العدد 23

آية (23): -

"23 وَاسْتَكْشَفَ بَيْتُ يُوسُفَ عَنْ بَيْتِ إِيلَ، وَكَانَ اسْمُ الْمَدِينَةِ قَبْلاً لُوزَ.".

يُطلب من الجاسوس إظهار المكان الضعيف فى سور المدينة وروحياً فالكنيسة ترسل رسلاًَ وخداماً للكلمة يشهدون للحق لتفتح كل قلب لحساب مملكة الله.

الأعداد 24-25

الآيات (24 - 25): -

"24فَرَأَى الْمُرَاقِبُونَ رَجُلاً خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا لَهُ: «أَرِنَا مَدْخَلَ الْمَدِينَةِ فَنَعْمَلَ مَعَكَ مَعْرُوفًا». 25فَأَرَاهُمْ مَدْخَلَ الْمَدِينَةِ، فَضَرَبُوا الْمَدِينَةَ بِحَدِّ السَّيْفِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ وَكُلُّ عَشِيرَتِهِ فَأَطْلَقُوهُمْ.".

الرجل الذى قادهم للمدينة ولم يدخل معهم يشير ويرمز للشعب اليهودى الذى إؤتمن على النبوات وأسرار كثيرة وأظهر الطريق للكنيسة لكنه لم يؤمن بالمسيح.

العدد 26

آية (26): -

"26فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى أَرْضِ الْحِثِّيِّينَ وَبَنَى مَدِينَةً وَدَعَا اسْمَهَا «لُوزَ» وَهُوَ اسْمُهَا إِلَى هذَا الْيَوْمِ.".

نجد الرجل ذهب ليعيش وسط الحثيين والوثنيين واليهود شاركوا الوثنيين عدم إيمانهم ورفضهم للمسيح. ودعا إسمها لوز = كان من عادة أهل تلك الأيام أنه إن ترك أحد مكانه وهاجر ذهب ليؤسس مدينة بنفس إسم مدينته الأولى (وهى لوز هنا).

الأعداد 27-36

الآيات (27 - 36): -

"27 وَلَمْ يَطْرُدْ مَنَسَّى أَهْلَ بَيْتِ شَانَ وَقُرَاهَا، وَلاَ أَهْلَ تَعْنَكَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ دُورَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ يِبْلَعَامَ وَقُرَاهَا، وَلاَ سُكَّانَ مَجِدُّو وَقُرَاهَا. فَعَزَمَ الْكَنْعَانِيُّونَ عَلَى السَّكَنِ فِي تِلْكَ الأَرْضِ. 28 وَكَانَ لَمَّا تَشَدَّدَ إِسْرَائِيلُ أَنَّهُ وَضَعَ الْكَنْعَانِيِّينَ تَحْتَ الْجِزْيَةِ وَلَمْ يَطْرُدْهُمْ طَرْدًا. 29 وَأَفْرَايِمُ لَمْ يَطْرُدِ الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ، فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِهِ فِي جَازَرَ. 30زَبُولُونُ لَمْ يَطْرُدْ سُكَّانَ قِطْرُونَ، وَلاَ سُكَّانَ نَهْلُولَ، فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِهِ وَكَانُوا تَحْتَ الْجِزْيَةِ. 31 وَلَمْ يَطْرُدْ أَشِيرُ سُكَّانَ عَكُّو، وَلاَ سُكَّانَ صَيْدُونَ وَأَحْلَبَ وَأَكْزِيبَ وَحَلْبَةَ وَأَفِيقَ وَرَحُوبَ. 32فَسَكَنَ الأَشِيرِيُّونَ فِي وَسَطِ الْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ الأَرْضِ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَطْرُدُوهُمْ. 33 وَنَفْتَالِي لَمْ يَطْرُدْ سُكَّانَ بَيْتِ شَمْسٍ، وَلاَ سُكَّانَ بَيْتِ عَنَاةَ، بَلْ سَكَنَ فِي وَسَطِ الْكَنْعَانِيِّينَ سُكَّانِ الأَرْضِ. فَكَانَ سُكَّانُ بَيْتِ شَمْسٍ وَبَيْتِ عَنَاةَ تَحْتَ الْجِزْيَةِ لَهُمْ. 34 وَحَصَرَ الأَمُورِيُّونَ بَنِي دَانَ فِي الْجَبَلِ لأَنَّهُمْ لَمْ يَدَعُوهُمْ يَنْزِلُونَ إِلَى الْوَادِي. 35فَعَزَمَ الأَمُورِيُّونَ عَلَى السَّكَنِ فِي جَبَلِ حَارَسَ فِي أَيَّلُونَ وَفِي شَعَلُبِّيمَ. وَقَوِيَتْ يَدُ بَيْتِ يُوسُفَ فَكَانُوا تَحْتَ الْجِزْيَةِ. 36 وَكَانَ تُخْمُ الأَمُورِيِّينَ مِنْ عَقَبَةِ عَقْرِبِّيمَ مِنْ سَالَعَ فَصَاعِدًا.".

تُشير هذه الآيات للتهاون مع الوثنيين الكنعانيين. وتركهم من أجل الجزية يشير لمحبتهم للمال وهذا إنحراف فى القلب. ونلاحظ فى آية (34) مضايقة الأموريين لبنى دان ممّا تسبب فى هجرة الدانيين بعد ذلك إلى لشم أو لايش فى الشمال (ص18) عكو = عكا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر القضاة - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر القضاة الأصحاح 1
تفاسير سفر القضاة الأصحاح 1