الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ – رسالة يعقوب الرسول – مارمرقس مصر الجديدة

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ

الشـهـوات الشـريـرة.

(1) نتائج الشهوات الشريرة (ع1 - 6):

1 مِنْ أَيْنَ الْحُرُوبُ وَالْخُصُومَاتُ بَيْنَكُمْ، أَلَيْسَتْ مِنْ هُنَا، مِنْ لَذَّاتِكُمْ الْمُحَارِبَةِ فِى أَعْضَائِكُمْ؟ 2تَشْتَهُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ. تَقْتُلُونَ وَتَحْسِدُونَ، وَلَسْتُمْ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنَالُوا. تُخَاصِمُونَ وَتُحَارِبُونَ وَلَسْتُمْ تَمْتَلِكُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَطْلُبُونَ. 3تَطْلُبُونَ وَلَسْتُمْ تَأْخُذُونَ، لأَنَّكُمْ تَطْلُبُونَ رَدِيًّا لِكَىْ تُنْفِقُوا فِى لَذَّاتِكُمْ.

4أَيُّهَا الّزُنَاةُ وَالّزَوَانِى، أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مَحَبَّةَ الْعَالَمِ عَدَاوَةٌ لِلَّهِ؟ فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُحِبًّا لِلْعَالَمِ، فَقَدْ صَارَ عَدُّوًا لِلَّهِ. 5أَمْ تَظُنُّونَ أَنَّ الْكِتَابَ يَقُولُ بَاطِلاً: الرُّوحُ الَّذِى حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى الْحَسَدِ؟ 6 وَلَكِنَّهُ يُعْطِى نِعْمَةً أَعْظَمَ. لِذَلِكَ يَقُولُ: «يُقَاوِمُ اللَّهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً. ».

العدد 1

ع1:

لَذَّاتكم المحاربة فى أعضائكم: الشهوات الشريرة التى تجذب أعضاء الجسد للذة الخطية.

تسبب الشهوات الشريرة نتائج خطيرة فى حياة الإنسان أهمها:

(1) مشاكل بين الناس: شهوات الخطية تجعل الناس يختلفون مع بعضهم البعض ويتصادمون، لأنها تولد أنانية فى القلب وبالتالى تسبب خصومات ومشاكل بل حروب عنيفة بين الناس.

العدد 2

ع2:

لأنكم لا تطلبون: لا تطلبون الله والحياة الروحية معه.

(2) عدم الشبع الشهوات الشريرة التى تولد الأنانية فى الإنسان فتجعله طمَّاعًا، فيجرى وراء الشهوات ويستخدم كل وسائل الشر مثل خطايا الجسد والخصام والقتل ولكنه لا يشبع من شهوته بل يزداد عطشه إليها، كمن يجرى وراء السراب فلا يرتوى أبدًا بل يتوه فى برية العالم لأنه لا يطلب الله والروحيات بل شهواته المادية فقط التى تزيد عطشه.

العدد 3

ع3:

(3) فساد العلاقة مع الله.

يظهر الرسول أن الإنغماس فى الشهوات يفسد العلاقة بالله، فصلواتهم تتجه إلى الطلبات المادية وتترك محبة الله والآخرين ولذا لا يستجيب الله لهم، فلا ينالون شيئًا مما طلبوه لأنهم يطلبون شهواتهم الشريرة.

العدد 4

ع4:

(4) عداوة الله:

يشبه الكتاب المقدس علاقة الله بشعبه برباط العريس بعروسه ويعتبر محبة المؤمن للعالم زنا روحى، فيعلن بوضوح أنها عداوة لله، لأنها تأخذ الإنسان بعيدًا عنه فينشغل بمحبة العالم الذى كان ينبغى أن يكون مجرد قنطرة للعبور إلى العرس السماوى. فالله يطلب منا المحبة من كل قلوبنا باعتباره زوجًا ينتظر من عروسه كل قلبها. لذلك يقـول بولـس الرسول "فإنـى أغـار عليكـم غيـرة الله لأنى خطبتكـم لرجـل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2كو 11: 2)، أى أن كل إنسان له حرية الإرادة ليختار إما أن يحب الله ويبغض العالم أو يحب العالم ويبغض الله.

العدد 5

ع5:

الروح الذى حل فينا: الروح القدس الذى حل فينا فى سر الميرون.

يشتاق إلى الحسد: يحبنا ويغير علينا من تسلط إبليس ويسعى ليردنا إلى محبته.

من يحب العالم ويتعلق بالماديات يعادى الله، والكتاب المقدس كله يعلن محبة الله لنا وغيرته علينا، والروح القدس الذى حل فينا بسر الميرون يغير علينا إذا تعلقنا بالشهوات والماديات، فلا يقف ضدنا إذا عاديناه بل بحبه يريد إرجاعنا إليه ويخلصنا من قبضة إبليس بل ويعطينا نعمة لكى نقاوم حروب الشيطان ثم يمتعنا بسلام وفرح وتلذذ بعشرته.

العدد 6

ع6:

5 - الكبرياء: تنتج الشهوات الكبرياء الذى يجعل الإنسان يزداد فى الشهوات ويفقد نعمة الله ويقاومه فيغضب عليه لأجل عناده. ومن ناحية أخرى، من يتضع أمام الله يخلصه من خطاياه ويمتعه بعشرته.

 إن كنت مُحارَبًا بأى شهوة، فتذلل أمام الله فى توبة واتضاع ليرفعها عنك، ولا تنزعج مهما سقطت بل ثابر فى جهادك وكن حريصًا فى الإبتعاد عن مصادر هذه الشهوات.

(2) التوبة والجهاد الروحى (ع7 - 12):

7فَاخْضَعُوا لِلَّهِ، قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ، 8اِقْتَرِبُوا إِلَى اللَّهِ فَيَقْتَرِبَ إِلَيْكُمْ. نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِى الرَّأْيَيْنِ. 9اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا، لِيتَحَوَّلْ ضَحِكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. 10اتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ.

11لاَ يَذُمَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، الَّذِى يَذُمُّ أَخَاهُ وَيَدِينُ أَخَاهُ، يَذُمُّ النَّامُوسَ وَيَدِينُ النَّامُوسَ. وَإِنْ كُنْتَ تَدِينُ النَّامُوسَ، فَلَسْتَ عَامِلاً بِالنَّامُوسِ، بَلْ دَيَّانًا لَهُ. 12 وَاحِدٌ هُوَ وَاضِعُ النَّامُوسِ، الْقَادِرُ أَنْ يُخَلِّصَ وَيُهْلِكَ. فَمَنْ أَنْتَ يَا مَنْ تَدِينُ غَيْرَكَ؟

العدد 7

ع7:

الاتضاع والخضوع لله بطاعة وصاياه يسندان الإنسان بقوة ليقاوم حروب إبليس فلا يخاف منه، بل على العكس يخاف إبليس من قوة الله ويبتعد عن هذا الإنسان المجاهد.

العدد 8

ع8:

اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم: إقتربوا إلى الله بالصلاة وقراءة كلامه المقدس والتناول من الأسرار المقدسة، حينئذ تشعرون بقربه منكم لأنه قريب منكم واقترابكم منه هو تجاوب مع محبته، فتشعروا حينئذ أنه يقترب منكم وتتمتعون برعايته وعنايته أكثر من ذى قبل.

نقوا أيديكم أيها الخطاة: بالتوبة عن خطاياكم والتى تظهر فى سلوككم وأعمالكم المُشَار إليها بالأيدى.

طهّروا قلوبكم يا ذوى الرأيين: يا من تتقلَّبون بين محبة العالم ومحبة الله تطهروا من هذا التقلب وارفضوا محبة العالم لتكونوا برأى واحد وهو محبة الله.

يدعوهم للصلاة وقراءة الكتاب المقدس والتوبة عن الخطايا ليسيروا فى محبة الله.

العدد 9

ع9:

يدعوهم إلى التوبة العميقة بانسحاق ودموع فى ضيق من الخطية بدلاً من الإنغماس فى أفراح الشهوات ولذاتها الفاسدة وضحكاتها الشريرة.

العدد 10

ع10:

إذا شعروا بفظاعة خطاياهم سيندمون باتضاع طالبين معونة الله وغفرانه، وعلى قدر ما يتذَّللوا أمامه يرفع عنهم خطاياهم ويباركهم بل يمجدهم أيضًا ويمتعهم بمحبته.

العدد 11

ع11:

ينهيهم الرسول عن الإدانة لأنها ليست فقط ضد من يدينونه بل أيضًا ضد الناموس الذى يوصى بمحبة القريب. فمن يدين يكسر الناموس ويصير ضده أى يدينه بسبب أفعاله وهى إدانة غيره.

العدد 12

ع12:

الله هو واضع الناموس وهو وحده ديَّان العالم كله. فكيف تتجاسر أيها الإنسان وتدين غيرك؟ إنك بهذا تغتصب مكان الله الديان فتعرِّض نفسك لدينونته وعقابه، فالله برحمته قادر أن يقود إخوتك الساقطين فى الخطية ليخلصوا، أما أنت فتهلك بسبب إصرارك على الإدانة.

 إهتم بتوبتك فتلتمس الأعذار لمن يخطئون حولك، وعلى قدر اتضاعك أمام الله تفيض عليك مراحمه. كن إيجابيًا واهتم بتوبتك والجهاد ضد الخطية أما الآخرين الذين يسقطون فى الخطية مثلك، فصلِ لأجلهم ليرحمك الله ويرحمهم.

(3) الإتكال على الله (ع13 - 17):

13هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الْقَائِلُونَ: «نَذْهَبُ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا إِلَى هَذِهِ الْمَدِينَةِ أَوْ تِلْكَ، وَهُنَاكَ نَصْرِفُ سَنَةً وَاحِدَةً وَنَتَّجِرُ وَنَرْبَحُ. » 14أَنْتُمُ الَّذِينَ لاَ تَعْرِفُونَ أَمْرَ الْغَدِ، لأَنَّهُ مَا هِىَ حَيَاتُكُمْ؟ إِنَّهَا بُخَارٌ، يَظْهَرُ قَلِيلاً ثُمَّ يَضْمَحِلُّ. 15عِوَضَ أَنْ تَقُولُوا: «إِنْ شَاءَ الرَّبُّ وَعِشْنَا، نَفْعَلُ هَذَا أَوْ ذَاكَ. » 16 وَأَمَّا الآنَ، فَإِنَّكُمْ تَفْتَخِرُونَ فِى تَعَظُّمِكُمْ. كُلُّ افْتِخَارٍ مِثْلُ هَذَا رَدِىءٌ. 17فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلاَ يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةٌ لَهُ.

العدد 13

ع13:

يوبخ المعتمدين على قوتهم ومنشغلين بمحبة المال، فيذهبون من مكان إلى آخر للتجارة والربح دون اتكال على الله. فليست التجارة فى حد ذاتها خطأ ولكن عدم الإتكال على الله هو الخطأ.

العدد 14

ع14:

ينبههم إلى أنهم لا يعرفون متى ينتهى عمرهم لأن حياة الإنسان قصيرة، ويشبهها بالبخار الذى يبدو له شكل كبير ولكن سرعان ما يتبدد. فلذا ينبغى انتهاز فرصة العمر للتوبة عن محبة المال وكل الخطايا والإهتمام بخلاص النفس، أما أعمال العالم فينبغى الإتكال على الله فيها ويظل الله هو الهدف الوحيد للحياة.

العدد 15

ع15:

يوضح الرسول هنا التصرف السليم وهو الإتكال على الله ثم ممارسة أى عمل أو تجارة. فالصلاة أمر أساسى قبل البدء فى أى عمل.

العدد 16

ع16:

يوبخ كبرياءهم أيضًا وافتخارهم بقوتهم وأموالهم، فهذا الكبرياء ردئ ومرفوض من الله بل يجلب غضبه على البشر.

العدد 17

ع17:

لئلا يتكاسل البعض عن العمل، ينبهنا إلى أهمية القيام بجميع الواجبات الحسنة، فكل شئ صالح ومفيد لابد من الإلتزام به سواء فى الأعمال المادية أو الروحية مع الإتكال على الله فيها، بل ينبغى انتهاز كل فرصة لعمل الخير لأن العمر قصير وسينتهى سريعًا، ولأن الله أعطانا فرصة العمل فكيف نهملها؟! فالعمل بركة لأنه من أجل الله وليس واجبًا ثقيلاً، وتضييع فرص العمل يعتبر خطية يحاسب عليها الإنسان أمام الله.

 كن مهتمًا ليس فقط بالإبتعاد عن الشر بل أيضًا بعمل الخير وانتهاز كل فرصة لتشجيع ومساندة من حولك؛ وإن تهاونت فقدم توبة عن ذلك أمام أب اعترافك ثم قم لتنتهز الفرص الجديدة لعمل الخير.

No items found

تفاسير رسالة يعقوب الرسول - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ
تفاسير رسالة يعقوب الرسول - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ