اَلأَصْحَاحُ الأَوَّلُ – سفر عزرا – القمص أنطونيوس فكري

مقدمة الأسفار التاريخية بعد السبي

مقدمة الأسفار التاريخية في فترة ما بعد السبي (مملكة فارس).

عزرا - نحميا - استير.

بسبب خطاياهم سقط شعب الله في سبي بابل. وأخذ ملك بابل شعب اليهود وأسكنهم في مستعمرات في مملكة بابل مثل] تل ابيب حز 15: 3، تل ملح وتل حرشا عز 59: 2، كسفيا عز 17: 8 [ وكان لهم بعض الراحة والحرية هناك فبنوا بيوتا وغرسوا جنات (إر5: 29) وإقتنوا عبيداً وإماء (عز65: 2) وبعضهم جمعوا مالاً وفيراً (عز65: 2، 69) + (زك10: 6، 11). ولكن بعضهم إحتمل كثيراً من الأتعاب ومشقات العبودية وكان هذا للأغلبية.

وفي زمان السبي توقفت خدمة العبادة لأن بيت الله في أورشليم كان خراباً. وأرض بابل التي كانوا ساكنين فيها نجسة (عا 17: 7). وهم بحكم الناموس لا يمكنهم إقامة هيكل لله خارجاً عن أورشليم. لكنهم إستمروا في حفظ السبت وممارسة الختان.

+ من نهاية سفر أخبار الأيام الثاني إلي بداءة سفر عزرا. وهي المدة من خراب الهيكل وخراب أورشليم حتي العودة من السبي بإذن من الملك كورش مدة 50 سنة.

+ إنتهي السبي لما سقطت مملكة بابل بيد كورش ملك فارس. وكان كورش ملكاً كريماً شجاعاً. وقد زاد تقديره لليهود ولإلههم يهوه بسبب حادثة دانيال مع الأسود التي لم تؤذه، ويقال إن دانيال أري كورش النبوات الخاصة به والتي تذكره بالاسم (إش 45، 44) ونبوات إرمياء الخاصة بمدة السبي وسقوط مملكة بابل. فإعتبر كورش هذه النبوات دعوة له لإطلاق اليهود (عز2: 1) فمن فوائد السبي أن هؤلاء الوثنيون عرفوا يهوه.

+ الذين رجعوا من السبي لم يفقدوا رعوية ملك فارس بل ظلوا خاضعين له وكان هناك والى من قبل ملك فارس يحكم أورشليم وما هو جوارها. وكانت أحوال الشعب في فترة ما بعد السبي صعبة جداً. فكان حولهم أعداء مقاومون يغتنمون كل فرصة ليشتكوا الشعب للحكومة. وكان عليهم أن يؤدوا الجزية والخراج للملك (عز 24: 7 = نح 4: 5) مع المطلوب منهم لحاكم المكان. وكان أكثرهم فقراء وأرضهم غير مخصبة فإلتزم بعضهم أن يستدينوا من إخوتهم (نح 3: 5، 4). ومن جهة أخري سمح كورش بالحرية الدينية للشعب فسمح لهم ببناء الهيكل وإقامة مذبح وتقديم ذبائح حسب ما يقضي به الناموس وشريعة إلههم.

تميزت عبادة اليهود بعد السبي عما كانت قبله في أنهم تركوا عبادة الأوثان تماماً وزاد إعتبارهم للناموس والفرائض الدينية ربما لأن إتحادهم الشعبي كان بالفرائض الدينية إذ لم يكن لهم ملك. المهم أنهم استفادوا من ضربة السبي فقد كانت عبادتهم للأوثان وإهمالهم للعبادة بل إستهتارهم بها سبب كل الألام التي لحقت بهم.

+ لقد عاد اليهود من السبي ولكن كان التاج قد سقط عن رؤوسهم فقد رجعوا بلا ملك. حقاً لقد زال عنهم نير السبي وتحسنت حالتهم ومظهرهم العام عمّا كانوا عليه أثناء السبي، ولكن كانوا أقل بكثير عمّا كانوا عليه قبلاً. لقد عادت العظام الميتة ولكن في صورة خادم أو عبد لملك فارس، لقد زال النير ولكن هناك بعض الأثار له ما زالت في رقابهم.

+ كان أنبياء ما بعد السبي قليلين (حجي وزكريا وملاخي). ولم يكن للشعب ملك وكان هذا إنتظاراً للملك الحقيقي والنبي العظيم، المسيح المنتظر.

+ أسفار عزرا ونحميا وإستير تجري أحداثها في سنوات خضوع الشعب لحكم ملوك فارس المختلفين. لذلك لابد من أن نستعرض سريعاً ملخص مختصر لملوك فارس لنفهم أحداث الأسفار المقدسة.

مملكة مادى وفارس: الماديون هم نسل مادي بن يافث (تك 2: 10). وإتحد الماديون والفرس في مملكة واحدة بواسطة كورش الملك. وعواصم المملكة المعروفة برسبوليس (2مك 2: 9) / وشوشن (سوسا) نح 1: 1 + إس 2: 1 / واكبتانا (أحمثا) عز 2: 6). وقد حكمت مملكة مادي وفارس شعب إسرائيل 207 سنة من سنة 536ق. م حين عاد الشعب لأورشليم وحتي سنة 332 حين إحتل الإسكندر كل أملاك مادي وفارس. وكان اليهود خاضعين كجزء من ولاية عبر النهر لوالي يعينه ملك فارس ليحكم اليهود / سوريا / فلسطين / فينيقية / قبرص.

ملوك الفرس:

  1. كورش: هو مؤسس دولة مادي وفارس. أصدر نداء بعودة الشعب لأورشليم سنة 536 ق. م (عز 2: 1) فعاد الشعب وبدأوا في بناء الهيكل (عز 8: 3 - 13) وكان ذلك سنة 535 ق. م. وبدأت مقاومة الأعداء (عز5: 4) وتوفي كورش سنة 529 ق. م.
  1. قمبيز (أرتحشستا): هو ابن كورش وملك بعد وفاة كورش. وقد نجح الوشاة في إقناع الملك بوقف العمل في بناء المدينة والهيكل فأصدر أمراً بذلك (عز17: 4 - 25) وظل العمل متوقفاً طوال مدة حكم هذا الملك وتوفي سنة 522 ق. م. أثناء حربه في مصر.
  1. داريوس هستاسب: كان لكورش ولدان قمبيز وسمردس. وذهب قمبيز ليحارب مصر وتولي أخوه سمردس الحكم أثناء غيابه. وجاء محتال يشبه سمردس وتملك بدلاً منه 7 شهور. ومات قمبيز في أثناء عودته من حملته علي مصر فجاء داريوس هستاسب هذا وكان صهراً لكورش، وقتل هذا المحتال وملك هو علي العرش. وإغتني هذا الملك جداً وإمتد ملكه من الهند حتي الأرخبيل الإفريقي وحتي نهر الدانوب. وهو إستولي علي العرش سنة 521 ق. م. وفي أيامه بدأ النبيان حجي وزكريا يحثان الشعب للعمل في بناء الهيكل (عز 24: 4). وقد حكم 36 سنة ومات سنة 486 ق. م.
  1. زركسيس الأول (أحشويرش): هو زوج إستير. ظل يجمع جيشا لمدة 4 سنين حتي صار جيشا عظيما قوامه نحو2 / 1 2 مليون جندي. وكان هذا العدد الضخم سبب في هزيمته حين حاول غزو اليونان وهُزم في معركة سلاميس سنة 480 (سبب الهزيمة أن الأوامر لا تصل للجند بسهولة) وكان ملكاً مستهتراً وأغتيل سنة 465 ق. م.
  1. ارتحشستا لونجيمانوس: أي طويل اليد. وهذا لاطف اليهود وسمح لعزرا بأن يعود بعدد من اليهود إلي أورشليم وسمح لنحميا بإعادة بناء أسوار المدينة (عز 11: 7 - 13) + (نح 1: 2 - 10). وتوفي سنة 424. وفي عهده سنة 457 صدر الأمر بإعادة بناء أورشليم (دا 25: 9).

ثم تعاقب علي العرش عدد من الملوك كان آخرهم داريوس قدمانوس الذي تغلب عليه الإسكندر الأكبر سنة 331 ق. م. لتبدأ الإمبراطورية اليونانية حكم معظم العالم.

جدول زمني للأحداث.

كورش

.

مقدمة في سفر عزرا.

من هو عزرا.

  1. هو عزرا بن سرايا من نسل هارون. إذاً هو كاهن. وهو كاتب ماهر في شريعة الرب وكان عمله ككاهن يقدم ذبائح معطل، لأنهم في أرض السبي، فإهتم بدراسة الشريعة التي أحبها من كل قلبه وهيأ نفسه ليعلمها لشعبه. وسمي الكاتب لشهرته ومهارته في هذه الخدمة وهذا العمل. وكاتب لا تعني أنه ينسخ فقط الكتب المقدسة بل هو دارس لها يفسر ويشرح هذه الكتب. وهكذا كان الكتبة حتي أيام المسيح خبراء ودارسين للشريعة ولكن للأسف بسبب خطاياهم صار إسم الكاتب إسماً سيئا ً "ويل لكم أيها الكتبة". وكان من يعرف الكتابة في القديم قليلين لذلك كان الكاتب يعتبر عالماً ومتقدماً بين الشعب. وكان عزرا كاتب ماهر (عز 6: 7) أي ينسخ الناموس ويفسره ويعلمه (راجع 2صم 17: 8 + 2مل 18: 18).

الشخصيات الأساسية في هذه الفترة هم:

زربابل أو شيشبصر: وهذا كان واليا علي اليهود وهو الذي الشخصيات الأساسية في هذه الفترة هم:

  1. عاد بعدد 42000 منهم الى أورشليم بإذن من كورش الملك سنة 536 ق. م.

وعاد معه يهوشع الكاهن.

  1. يهوشع بن يوصاداق: رئيس الكهنة الذي عمل مع زربابل علي إعادة بناء الهيكل.

ج - عزرا الكاتب: كان له تفويض بتنفيذ الشريعة وعقاب من يخالف الشريعة وله سلطة الإصلاح فعزل الوثنيات عن الشعب. ولكنه لم يحكم كوالي.

د - نحميا: هذا كان معيناً كوالٍ علي اليهود. وقد تزامن وجود نحميا مع عزرا في نفس الوقت في أثناء فترة ملك ارتحشستا لونجيمانوس. ولكن كان لكل منهما عمله.

  1. وظيفة عزرا الكاتب:
  2. إعادة الشعب اليهودي كشعب له شريعة الله تحكمه. وهو وضع للشعب قوانين تحكمه بحسب ناموس موسي والأنبياء فهو كان مُفوضاً من ملك فارس بصلاحيات خاصة بذلك والصورة التي أعادها عزرا للشعب إستمرت حتي أيام المسيح.
  3. ترتيب وتجميع الأسفار المقدسة. خصوصاً بعد أن ضاع كل شئ خلال السبي.
  4. عزرا والكتاب المقدس:
  5. أعاد عزرا تجميع كل الكتاب المقدس (العهد القديم) واليهود والمسيحيين ينسبون له هذا الفضل. وهذا رأي كثير من الأباء أن عزرا هو الذي جمع أسفار العهد القديم مثل باسيليوس وترتليانوس وإيريناوس وغيرهم.
  6. هو جمع الأسفار وحذف ما هو غير قانوني وقسم الأسفار إلي 3 أقسام هي الناموس والأنبياء والكتب المقدسة (هاجيوجرافا). وإلي هذا التقسيم أشار السيد المسيح فقال ناموس موسي والأنبياء والمزامير، فكانت المزامير أول كتاب في قسم الكتب المقدسة ولشهرة المزامير سميت الكتب بالمزامير. (لو 44: 24).

ج - عزرا الذي كتب سفره بإرشاد ووحي الروح القدس، وجمع الكتب القانونية بإرشاد الروح قام أيضاً بإرشاد الروح القدس بإضافة بعض الشروحات لما كان غامضاً مثل الإصحاح الأخير لسفر التثنية + تك 6: 12 + 14: 22 + 3: 36 + خر 35: 15 + تث 12: 2 + 11: 3، 14 + أم 1: 25. وهناك إضافات كثيرة توجد بين أقواس فهو كان يضيف ويشرح بوحي من الروح القدس.

د - هو أيضاً غير أسماء بعض الأماكن التي إشتهرت بأسماء جديدة وأزال الأسماء التي لم تعد تستخدم ليفهم الناس المعاصرين مثال: تك 14: 14 كان لايش هو الإسم القديم للمنطقة التي سميت دان فيما بعد.

ه - هو جمع الأسفار المقدسة التي إستطاع أن يجمعها بعد السبي وقابلها بغاية الدقة وإعتمد النسخة الموجودة بين أيدينا الآن. وهو أضاف سفري أخبار الأيام والسفر المنسوب له أي سفر عزرا.

فهو صار كأثناسيوس الذي أعاد الدين لصحته بعد أن شوهه أريوس. وعزرا أعاد الكتاب المقدس بعد أن ضاع الكثير وأضاف الشعب الكثير من الأسفار المزورة.

  1. ولقد أحب الشعب عزرا لغيرته وتقواه. وإعتبروه في مقام موسي. بل هناك قول يهودي أن موسي لو لم يأخذ الناموس لكان عزرا هو الذي إستحق هذا عن جدارة.
  2. ينقسم سفر عزرا إلي قسمين:
  3. رجوع بعض اليهود من بابل بقيادة زربابل وإقامة الخدمة الدينية في أورشليم وبناء الهيكل رغم مقاومة السامريين (ص 1 - ص 6).
  4. الخبر برجوع جماعة ثانية من المسبيين بقيادة عزرا وفصل النساء الوثنيات (ص 7 - 10).
  5. جاءت بعض أيات هذا السفر باللغة الأرامية من (8: 4 - 18: 6 + 12: 7 - 26) لأن في هذه الآيات خلاصة أوراق قانونية مختصة بالحكومة لأن اللغة الآرامية كانت اللغة الرسمية في المفاوضات السياسية بين مملكة فارس وعبر النهر أي ما كان إلي جهة الغرب من نهر الفرات. وباقي السفر كُتب باللغة العبرانية. وذلك لأن كاتب السفر فضَّلَ أن تكون الوثائق بلغتها الأصلية أى الأرامية.
  6. كاتب السفر هو عزرا وهذا رأي اليهود والمسيحيين.
  7. هناك تشابه بين سفر عزرا وسفر أخبار الأيام فهو يعتبر الطقوس الدينية والنظام والفرق الدينية كفرق الكهنة (18: 6) وحفظ الأعياد (4: 3 + 19: 6، 22) وآنية بيت الرب (7: 1 –11) ويعتبر خدمة اللاويين (40: 2 + 15: 8 - 19 + 1: 9 + 5: 10) ويهتم عزرا بالأنساب كما يهتم بها كاتب سفري أخبار الأيام. ويري عزرا يد الرب في التاريخ ومجازاة الرب في كل ما يصيب الإنسان. وهذا إثبات أن كاتب سفر عزرا وكاتب سفري أخبار الأيام هو عزرا نفسه. بل أن الآيتين الأخيرتين من سفري أخبار الأيام والآيات الأولي من سفر عزرا تكاد تكون هي بعينها. وكأن سفر عزرا يكمل سفري الأيام.

10 - أسفار عزرا ونحميا وإستير يعتبروا تحقيقاً لنبوات أرميا عن العودة من السبي من بابل. وهم يشرحون كيف تحقق وعد الله بالرجوع. وهما رمز لتحقيق نبوات سفر الرؤيا عن خروجنا ككنيسة من بابل هذا العالم.

11 - تشبه لغة عزرا لغة دانيال لأنهما كان كلاهما في بابل وفي آخر زمان السبي. وفي كل منهما أجزاء باللغة الآرامية وفي كليهما ألفاظ فارسية.

12 - معني اسم عزرا عون أو مساعدة وهذا هو دوره في مساعدة شعبه أن يعيد تذكيرهم بالشريعة التى نسوها.

13 - نلاحظ أن الله يسمي نفسه إله إسرائيل وليس إله يهوذا. فالإنشقاق كان وضع استثنائي وقد عاد مع يهوذا كثير من أسباط إسرائيل (المملكة الشمالية) وعادوا كأمة واحدة.

14 - عاد مع زربابل حوالي 42000 وعاد بعد حوالي 70 سنة مع عزرا 1700 فالله يوجه دعوته دائماً لأولاده بالرجوع لحضن الكنيسة ولكن من أراد أن يبقي خارجها فالله لا يرغمه علي العودة. الله يوجه الدعوة ومن يريد يرجع. ومن عاد مع عزرا أصحاب الساعة الحادية عشر.

الإصحاح الأول

الأعداد 1-4

الأيات (1 - 4): -

"1 وَفِي السَّنَةِ الأُولَى لِكُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ عِنْدَ تَمَامِ كَلاَمِ الرَّبِّ بِفَمِ إِرْمِيَا، نَبَّهَ الرَّبُّ رُوحَ كُورَشَ مَلِكِ فَارِسَ فَأَطْلَقَ نِدَاءً فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ وَبِالْكِتَابَةِ أَيْضًا قَائِلاً: 2«هكَذَا قَالَ كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ: جَمِيعُ مَمَالِكِ الأَرْضِ دَفَعَهَا لِي الرَّبُّ إِلهُ السَّمَاءِ، وَهُوَ أَوْصَانِي أَنْ أَبْنِيَ لَهُ بَيْتًا فِي أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا. 3مَنْ مِنْكُمْ مِنْ كُلِّ شَعْبِهِ، لِيَكُنْ إِلهُهُ مَعَهُ، وَيَصْعَدْ إِلَى أُورُشَلِيمَ الَّتِي فِي يَهُوذَا فَيَبْنِيَ بَيْتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. هُوَ الإِلهُ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. 4 وَكُلُّ مَنْ بَقِيَ فِي أَحَدِ الأَمَاكِنِ حَيْثُ هُوَ مُتَغَرِّبٌ فَلْيُنْجِدْهُ أَهْلُ مَكَانِهِ بِفِضَّةٍ وَبِذَهَبٍ وَبِأَمْتِعَةٍ وَبِبَهَائِمَ مَعَ التَّبَرُّعِ لِبَيْتِ الرَّبِّ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ».".

فى السنة الأولى = السنة الأولى من ملكه على بابل أى ملكه على اليهود. لأن اليهود منذ أن تم سبيهم إلى بابل ظلوا خاضعين لبابل ثم صاروا خاضعين لفارس بعد أن سقطت بابل. كورش = وُلد فى عيلام سنة 590 ق. م. وملك فى عيلام سنة 558 وفتح مادى سنة 549 وفارس سنة 548 ولود سنة 540 وبابل سنة 538 ولأن فارس كانت أهم أجزاء مملكته تلقب بملك فارس. وكان من أفضل الملوك القدماء فى أخلاقه وإقتداره فى الحرب.

عند تمام كلام الرب = إفتتاحية سفر عزرا هى نفسها خاتمة سفر أخبار الأيام الثانى وفى نهاية سفر أخبار الأيام الثانى (2 أى 1: 36) ذكر أن مدة السبى كانت 70 عاماً وكان إرمياء النبى قد سبق وتنبأ بأن مدة السبى هى 70 عاماً (إر 10: 29 + 1: 25) وكان النبى إشعياء قد تنبأ بأن كورش الملك هو الذى سيصنع هذا (إش44: 26 - 28 + إش45: 1، 2) وكانت نبوة أشعياء عن كورش بالإسم قبل مجىء كورش بحوالى 150 سنة. ويقول يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن دانيال أتى بهذه النبوات لكورش الذى تأثر بها جداً، فأطلق نداء = كان ذلك سنة 536 ق. م. وكان السبى قد بدأ فى السنة الرابعة ليهوياقيم ملك يهوذا أى سنة 606 ق. م فتكون مدة السبى 70 سنة تماماً. نبه الرب روح كورش = كورش كان ملك وثنى ولكنه هو آلة فى يد الرب يقيم بها مقاصده. فكما كان نبوخذ نصر آلة للتأديب كان كورش آلة يعود الشعب بواسطتها. ولاحظ أن كورش لم يكن يعرف الرب لكن الرب كان يعرف كيف يستخدم كورش لمجد إسمه. ولكن يُحسب لكورش أنه أطاع الرب وهذا مما ضاعف خطية شعب إسرائيل فى عدم طاعتهم للرب فقد أطاعه هذا الملك الوثنى أما هم شعبه فعصوه. ومعروف تاريخياً أن كورش كان يحترم آلهة بابل بل خدمها بنفسه لكن معروف أيضاً أنه كان متسامح دينياً وأقر برد آلهة الشعوب لأماكنها، فقد إستولى الملوك البابليين على آلهة الأمم التى أخضعوها مما أثار حفيظتهم على ملوك بابل فأتى كورش ورد لهم آلهتهم ولما كان شعب اليهود شعباً يعبد الله وليست لهم أية أصنام أمر كورش برد آنية بيت الله إلى أورشليم وقد وُجدت وثيقة لكورش بأنه أمر برد أوثان الشعوب إلى بلادها وربما كانت سماحة كورش الدينية سببها تعاطفه مع اليهود بعد الذى رآه من النبوات لديهم وبعد أن أمر بإطلاقهم كرر نفس الشىء مع باقى الشعوب المسبية. وبالكتابة = أى نداءً قانونياً والكتابة محفوظة فى سجلات الحكومة. فى كل مملكته = لاحظ أن أشور من ضمن مملكته لذلك غالباً عاد أعداد من الأسباط العشرة الذين تم سبيهم إلى أشور سابقاً لأورشليم. جميع ممالك الأرض دفعها لى الرب إله السماء = كورش لم يتحول إلى عبادة الرب بل هو أكرمه وخاف منهُ لما سمعه عنهُ. ولكن ثبت من الأثار أنه كان ينسب فتوحاته لمرودخ إله بابل. المهم أن نفهم أن الله قادر أن يستخدم حتى الوثنيين لمجد إسمه. وكورش يرمز للمسيح الذى حررنا من سبى الخطية. ولكن بينما كورش لهُ كل ممالك الأرض فالمسيح له كل ممالك الأرض والسماء أيضاً.

وهو أوصانى أن أبنى لهُ بيتاً = فى هذا أيضاً يرمز كورش للمسيح لأن الآب أرسل المسيح ليبنى بيتاً هو الكنيسة وكما أطلق كورش نداء لأن يعود كل واحد لأورشليم هكذا المسيح يدعو كل واحد أن يعود بالتوبة فيفتح لهُ بيته ويحرره من سبيه. وقوله أوصانى لأنه فهم هذا من النبوات هو الإله الذى فى أورشليم = أى الذى بيته فى أورشليم، أو هو يتكلم بطريقة الوثنيين أن لكل إله منطقة معينة ويكون قد ظن أن الله يملك على أورشليم فقط. فلينجده أهل المكان = إما إختياراً لأن كثير من اليهود كانوا محبوبين عند شعب بابل أو بتوصية من الملك. وأهل المكان يقصد الجميع وثنيين أو اليهود الذين بقوا فى بابل ولم يعودوا إلى أورشليم. ولنلاحظ أنه بهذا يشترك الوثنيين بتبرعاتهم مع اليهود فى بناء هيكل الرب، كما أشرك سليمان الوثنيين فى البناء رمزاً لدخول الأمم واليهود فى كنيسة المسيح، أى جسده. ونلاحظ أن معنى إسم كورش هو شمس فهو رمز للمسيح شمس البر. ومعنى دعوة كورش للجميع أن يتبرعوا، أن اليهود غير الراغبين فى العودة يجب عليهم أن يتبرعوا لبناء الهيكل على الأقل. عمل كورش هذا وتبرع الوثنيين هو نوع من معونة الأرض للمرأة (رؤ 16: 12). فى آية (3) يصعد إلى أورشليم = فالرجوع إلى أورشليم هو صعود وبالتوبة نصعد ونرتفع وبالخطية ننزل (يون 1: 3، 5).

الأعداد 5-6

الأيات (5 - 6): -

"5فَقَامَ رُؤُوسُ آبَاءِ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ، وَالْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ، مَعَ كُلِّ مَنْ نَبَّهَ اللهُ رُوحَهُ، لِيَصْعَدُوا لِيَبْنُوا بَيْتَ الرَّبِّ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. 6 وَكُلُّ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ أَعَانُوهُمْ بِآنِيَةِ فِضَّةٍ وَبِذَهَبٍ وَبِأَمْتِعَةٍ وَبِبَهَائِمَ وَبِتُحَفٍ، فَضْلاً عَنْ كُلِّ مَا تُبُرِّعَ بِهِ.".

كل من نبه الله روحه = كان قرار العودة لأورشليم قراراً صعباً لليهود فى بابل لماذا؟

أورشليم محروقة بالنار وبلا أسوار ومحاطة بالأعداء والطريق شاق وهم معهم نساؤهم وأطفالهم وهناك مخاطر فى الطريق من قطاع الطرق والرحلة طويلة إلى أورشليم، بل إن أورشليم الآن غريبة عنهم فهم لا يعرفونها. وربما كثيرين لا يذكرونها أو وُلدوا فى بابل ولم يروها أصلاً. عدا هذا فهم لهم الآن مصالحهم فى بابل من أراضٍ وأموال وعبيد بل لهم مغنيين ومغنيات 65: 2 فهم مستقرين فى بابل ولا داعى لمخاطر الطريق ولا داعٍ لمشقات بناء مدينة منهدمة خربة محروقة ولا داعٍ لحروب أعداء محيطين بها. هذا هو الشعور الطبيعى داخل كل منهم، لكن الله ينبه روحهم حتى لا يهتموا بمشاق السفر ولا بمتاعب البناء فهو الذى سيدبر كل شىء والروح القدس الذى نبه كورش ليطلقهم ينبههم الآن ليعودوا (زك 6: 4). وهو الذى سيعوضهم عن أى خسارة ونلاحظ أن كل ما سبق هو وصف لمن يحيا فى خطايا العالم ويجد صعوبة فى ترك ما إعتاد عليه من ملذات العالم، مستصعباً الحرب ضد الخطية وشهوات العالم وشهوات الجسد وإبليس. مثل هذا نقول عنهُ أنه ما زال فى بابل مسبياً والروح القدس ينبه روحه ليترك خطاياه وكان مثال لذلك أبونا إبراهيم الذى كان فى بابل وترك كل شىء ليتبع الله، ومن صعد من الشعب الآن من بابل يتشبه بإبراهيم. ومن يترك الخطية الآن يصير إبناً لإبراهيم بالإيمان. فإبراهيم ترك بابل بخطاياها وإنطلق إبراهيم للمجهول. ولكن أين إبراهيم الآن وما الذى خسره وما الذى كسبه ولنعلم أن كل حركة نحو أورشليم، أى نحو التوبة هى بدعوة من الروح القدس الذى ينبهنا والمهم من الذى يستجيب ولا يقاوم الروح القدس. وكل من إستمر فى بابل صار مثلاً لكل من أحب الخطية وعبوديتها. ولنلاحظ أن من يترك الخطية أى بابل لن يعود فارغاً أى لن يخسر شىء بل سيأخذ الكثير = كل الذين حولهم أعانوهم بآنية فضة وبذهب...

الأعداد 7-11

الأيات (7 - 11): - "

7 وَالْمَلِكُ كُورَشُ أَخْرَجَ آنِيَةَ بَيْتِ الرَّبِّ الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَاصَّرُ مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَعَلَهَا فِي بَيْتِ آلِهَتِهِ. 8أَخْرَجَهَا كُورَشُ مَلِكُ فَارِسَ عَنْ يَدِ مِثْرَدَاثَ الْخَازِنِ، وَعَدَّهَا لِشِيشْبَصَّرَ رَئِيسِ يَهُوذَا. 9 وَهذَا عَدَدُهَا: ثَلاَثُونَ طَسْتًا مِنْ ذَهَبٍ، وَأَلْفُ طَسْتٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَتِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ سِكِّينًا، 10 وَثَلاَثُونَ قَدَحًا مِنْ ذَهَبٍ، وَأَقْدَاحُ فِضَّةٍ مِنَ الرُّتْبَةِ الثَّانِيَةِ أَرْبَعُ مِئَةٍ وَعَشَرَةٌ، وَأَلْفٌ مِنْ آنِيَةٍ أُخْرَى. 11جَمِيعُ الآنِيَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ خَمْسَةُ آلاَفٍ وَأَرْبَعُ مِئَةٍ. الْكُلُّ أَصْعَدَهُ شِيشْبَصَّرُ عِنْدَ إِصْعَادِ السَّبْيِ مِنْ بَابِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. ".

الملك كورش أخرج آنية بيت الرب = هذه الآنية أخذها نبوخذ نصر بعد أن دمر الهيكل وهذه الآنية كثيرة وثمينة ولكن عناية الله أحاطتها فلم يكسروها ولا صهروها ولا أعادوا تشكيلها بل بقيت كما هى. وآنية بيت الله هى نحن والله قادر أن يحفظ آنيتنا من الهلاك أى أجسادنا (2 تى 19: 2 - 21) + (2 تى 12: 1) بل الله قادر أن يعيد لهذه الآنية كرامتها حتى بعد أن إستخدمت فى الهياكل الوثنية. فالله قادر أن يحرر عبيده لأنه هو الغالب. ولاحظ أن هذه الآنية هى التى شرب فيها بيلشاصر ملك بابل الخمر (دا 5) ولكنها الآن تعود بكرامة إلى بيت الرب فى أورشليم. شيشبصر = هو زربابل. ومعنى الإسم شيشبصر = الفرح فى وسط المتاعب، وهذا إسمه فى بابل أما الإسم العبرانى لهُ فهو زربابل ومعناه المولود فى بابل أو الغريب فى بابل. وكورش جعلهُ والياً على اليهود = رئيس يهوذا. وهناك أراء فى هذا: - أن زربابل كان مسئولاً عن اليهود بعد موت يهوياكين أو هناك رأى يقول أنه كان قائد الحرس الخاص لملك بابل وفى 63: 2 يسمى الترشاثا وهى كلمة فارسية تدل على منصب عالٍ (راجع عز 2: 3، 8 + حج 1: 1 + عز 14: 5) وزربابل مع يهوشع الكاهن بنوا الهيكل.

جميع الآنية 5400 = وبجمع الأعداد المفردة نجد الحاصل 2499 والسبب أن هناك آنية لم تحص ربما لصغرها أو لأنها مكسورة والله لا يهتم بعدد الآنية بل بعدد المؤمنين المكتوبة أسمائهم فى سفر الحياة الأبدية "الذين هم فى يدى لم يهلك منهم أحد إلا إبن الهلاك" فالآنية رمز للمؤمنين.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر عزرا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر عزرا الأصحاح 1
تفاسير سفر عزرا الأصحاح 1