الأصحاح الرابع – تفسير رسالة تيموثاوس الثانية – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذًا أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ: 2اكْرِزْ بِالْكَلِمَةِ. اعْكُفْ عَلَى ذلِكَ فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ. وَبِّخِ، انْتَهِرْ، عِظْ بِكُلِّ أَنَاةٍ وَتَعْلِيمٍ.".

يقدم الرسول وصايا وداعية لتلميذه، ويستحلفه ويناشده أمام الله والمسيح أن لا يتقاعس، وهو كأنه يقيم الآب والإبن شاهدين علي تيموثاوس حتي يهتم بالكرازة. أَمَامَ اللهِ = الرقيب علي كل الناس وعلي ضمائرهم الْمَسِيحِ الْعَتِيدِ أَنْ = فهو يذكره بالدينونة الرهيبة، فهو كأسقف مسئول أمام الله عن خدمته وسيحاسبه الله علي أمانته فيها يوم الدينونة. الأَحْيَاءَ = هم الذين سيكونون أحياء وقت مجيء المسيح. الأَمْوَاتَ = هم الذين سبقوا فرقدوا. وهناك تفسير آخر الأَحْيَاءَ هم الأبرار الذين خلصوا وَالأَمْوَاتَ هم الأشرار الذين هلكوا. إذاً يا خادم الله جاهد حتي تكون رعيتك أحياء في ذلك اليوم. اكْرِزْ = المناداة بالإنجيل. اعْكُف = الإقامة في الأمر وملازمته والإقبال عليه وعدم الإنصراف عنه. وَبِّخِ، = النهي عن أمر مكروه. عِظْ = التذكير بما يحمل علي التوبة إلي الله وإصلاح السيرة. تَعْلِيمٍ = نقل معرفة. فالتوبيخ دون تعليم وإقناع يجعل الناس تنفر. فالتوبيخ لا يكون بغضب أو إحتقار أو كراهية بل بتعليم وتشجيع كمن يتعاطف مع المخطئ.

فِي وَقْتٍ مُنَاسِبٍ وَغَيْرِ مُنَاسِبٍ = حتي في الوقت الذي يظن أو يظن الناس أنه غير مناسب، إخلق الفرصة في كل وقت. في الوقت الذي تظن أن الوعظ لن يأتـي بثمار، لا تكف فلربما كان هذا الوقت هو الذى سيعمل فيه الله ويأتى بثمار، وربما تكون هذه آخر فرصة لهذه النفس.

الأعداد 3-4

الآيات (3 - 4): -

"3لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، 4فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.".

انتهز الفرصة الآن، وعلِّم فإنه سيأتي أيام يرفضون التعليم ولا يحتمل الناس سماع التعليم الصحيح وتتصلف القلوب، إذاً الزمن ليس في صالحنا إن أهملنا الخدمة، فالقلب المستعد الآن لقبول الكلمة قد لا تجده مستعداً غداً. مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ = أي يطلبون لهم معلمين يسمعونهم بحسب أهوائهم، يعظونهم بما يسر قلوبهم ويدغدغ مشاعرهم فيزدادون ضلالاً. مستحكة = أذان أصابتها الحَكَّة (أكلان = itching ears) لا تطيق التعليم الصحيح، بل ترغب في سماع كل ما هو غريب وجديد وما يرضي غرورهم وكبريائهم. ويوجد أيضا معلمين لا يهتمون بما هو حق بل بما يرضي الناس ليكسبوا جماهير كثيرة.

العدد 5

آية (5): -

"5 وَأَمَّا أَنْتَ فَاصْحُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ. اعْمَلْ عَمَلَ الْمُبَشِّرِ. تَمِّمْ خِدْمَتَكَ.".

هنا يشجعه حتي لا ييأس مما قاله له، فما عليه إلا أن يكون صاحياً متيقظاً حتي لا تدخل الذئاب بين الحملان فتفترسهم.

فَاصْحُ = هذه أول صفة للأسقف كحارس للإيمان والثانية احْتَمِلِ الْمَشَقَّاتِ.

العدد 6

آية (6): -

"6فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ.".

وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ = كلمة إنحلال في اليونانية تعني حل ربط السفينة من مرساها لتغادر الميناء، وهي إشارة أيضاً لحل أوتاد الخيمة استعداداً للرحيل. والمعني التحرر من قيود الجسد بالموت.

أُسْكَبُ سَكِيبًا = هو تعبير يعنى * الموت والإستشهاد فما يسكب لا يمكن جمعه ثانية، * وله معنى آخر فى الطقوس البهودية فكان الكهنة يسكبون خمراً مع تقديم الذبائح (خر29: 40، 41). والخمر رمز للفرح في الكتاب المقدس وكأن الرسول ينظر لنفسه علي أنه ذبيحة ودمه الذي سيسفك في سبيل ايمانه بالمسيح هو السكيب الذي يراق علي الذبيحة، ومن يبذل نفسه في ثباته علي الإيمان بالمسيح يفرح الله فمن يقدم نفسه للموت فهو قد وصل لأعلى درجات الحب، فهو سيكون فى أعلى درجة فى السماء. فرح المسيح هنا كفرح مدرس بتلميذه الذى حصل على أعلى الدرجات. بل من يقبل ويسكب نفسه حبا فى المسيح سيختبر حالة عجيبة من الفرح يسكبها الله فى قلبه، وهذا ما كان يحدث فى أيام الإستشهاد إذ كان الشهداء يذهبون للموت فى فرح يسبحون ويرنمون. فيكون معنى قول بولس الرسول هنا عن سكيب الخمر أنه تذوق هذا الفرح المنسكب من الله فى قلبه حينما قرر أن يسكب نفسه أى يقدم نفسه للموت. هذا منح بولس فرحاً عجيباً وتعزية داخلية. ولاحظ أن الرسول يحث تلميذه علي إحتمال الآلام فيقدم آلامه هو في أروع صوره، والسكب هو أكثر من تقديم النفس ذبيحة، فالذبيحة جزء منها يكون للذبح وجزء للآخرين، أما السكيب فكله لله، هو بذل النفس بالكلية لله.

الأعداد 7-8

الآيات (7 - 8): -

"7قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، 8 وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا.".

يليق بك أن تفرح يا تيموثاوس. لأنني جَاهَدْتُ وأكملت السعي هذه الآية ليست للفخر بل لتعزية تيموثاوس. ومن يجاهد لأجل المسيح يعطيه المسيح إكليل. أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، = يليق بنا أن نجاهد محتملين الآلام بثبات. فأكملت السعي تشير لمن يجري ويسعي لإدراك شئ وهو كان يسعى لنشر الإنجيل. حَفِظْتُ الإِيمَانَ، = ضد كل محاولات الهراطقة.

وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِر = الإكليل الذي يعطي لمن تبرر أى عاش في الفضيلة، كانت له حياته هي حياة المسيح البار (في1: 21). ولكن هذا البار بينما هو على الأرض كانت له بعض الأخطاء ولكنه فى السماء لن يخطئ إطلاقا، بل سيحيا فى بر ولا يخطر على باله فكر الخطية بل ينساها تماما فهناك فى أورشليم السمائية لا يدخل شيئا نجس (رؤ21: 27).

وهذا وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ = إذاً هو لك يا تيموثاوس ونفهم من باقي رسائل بولس الرسول أن جهاده وسعيه كانا بقوة المسيح (2كو3: 5) + (1كو15: 57) + (رو9: 16) + (1كو7: 25) + (أف2: 9).

العدد 9

آية (9): -

"9بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ إِلَيَّ سَرِيعًا.".

الرسول يعلن حاجته لتلميذه إذ تخلي عنه الكثيرون، وربما لأنه أدرك أن وقت رحيله قد إقترب ويريد أن يوصيه الوصايا الأخيرة.

العدد 10

آية (10): -

"10لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إِذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ وَذَهَبَ إِلَى تَسَالُونِيكِي، وَكِرِيسْكِيسَ إِلَى غَلاَطِيَّةَ، وَتِيطُسَ إِلَى دَلْمَاطِيَّةَ.".

ديماس واحد من الذين تركوا بولس إذ أحب الطريق السهل البعيد عن المخاطر، وتعلق بمحبة الدنيا وأباطيلها، وفى هذا يقول القديس يعقوب أن "محبة العالم عداوة لله" (يع4: 4). أما كريسكيس وتيطس فقد تركاه بخصوص أمور خاصة بالخدمة.

الأعداد 11-12

الآيات (11 - 12): -

"11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ.".

حدث خلافا من قبل بين بولس من ناحية وبرنابا ومرقس من ناحية ولم يقبل بولس أن يستمر في خدمته مع مرقس فإنفصل برنابا ومرقس عنه وكان هذا لصالح كنيسة الإسكندرية، فبعد هذا الإنفصال أتي مارمرقس لمصر ليصبح كاروز ديارنا المصرية، وبعد هذا كما نري في هذه الآية يكتشف بولس الرسول أن مَرْقُسَ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ.

العدد 13

آية (13): -

"13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ، أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ.".

ربما ترك ترواس في الصيف والآن شتاء فطلب الرداء حتي لا يثقل علي أحد ويطلب منه رداء. وربما أراد منح الكتب لمؤمني روما لتعزيتهم.

الأعداد 14-15

الآيات (14 - 15): -

"14إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. 15فَاحْتَفِظْ مِنْهُ أَنْتَ أَيْضًا، لأَنَّهُ قَاوَمَ أَقْوَالَنَا جِدًّا.".

سبق وأسلم بولس هذا الإسكندر للشيطان ليؤدبه (1تي1: 20) ولكنه لم يستفد من التأديب، والآن يتركه بولس لله ليعاقبه، وينبه تيموثاوس أن ينتظر منه أو من غيره مضايقات لكن عليه أن يسلم الأمر لله كما فعل هو.

الأعداد 16-18

الآيات (16 - 18): -

"16فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مَعِي، بَلِ الْجَمِيعُ تَرَكُونِي. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ. 17 وَلكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ. 18 وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. الَّذِي لَهُ الْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. آمِينَ.".

فِي احْتِجَاجِي الأَوَّلِ = حين وقف أمام نيرون لأول مرة ليدافع عن نفسه تخلي عنه الكثيرين وهو هنا يسامحهم. لاَ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ = مع ما تركه هذا في نفسه من مرارة. ولكنه يشهد لله أنه وقف معه وقواه، وهذا وعد السيد لا تخافوا إذ تقفون أمام ولاة وملوك (مت 10: 16 - 20) بل هو كرز حتى أمام نيرون. لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ = وهو هنا يسمي نيرون أسداً = فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ. = الله نجاه في احتجاجه الأول إذ كان ما زال له عمل وكرازة يؤديها. وبعد أن يتممها ينطلق للسماء وَيُخَلِّصُنِي لِمَلَكُوتِهِ السَّمَاوِيِّ. وكان وقوفه أمام نيرون تتميماً لما قاله الرب (أع9: 15). َسَيُنْقِذُنِي = هو لا يري الخلاص فقط في نجاته من الموت، بل أن الله سيحفظه من كل أمر ردئ أي من كل خطية حتي ينطلق للسماء مستعداً.

العدد 19

آية (19): -

"19سَلِّمْ عَلَى فِرِسْكَا وَأَكِيلاَ وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ.".

فِرِسْكَا = من إرتباط اسمها مع أكيلا نفهم أنها اسم شهرة لبريسكلا زوجة أكيلا، ويذكر إسمها قبل زوجها فلا فرق بين رجل وإمراة في المسيح، وهذا وسط جيل لا يعطي حقوقاً للمرأة. ولأن بريسكلا أقوي إيمانياً من زوجها أكيلا في نظر الرسول.

وَبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ. = لأنه هو نفسه كان قد مات.

العدد 20

آية (20): -

"20أَرَاسْتُسُ بَقِيَ فِي كُورِنْثُوسَ. وَأَمَّا تُرُوفِيمُسُ فَتَرَكْتُهُ فِي مِيلِيتُسَ مَرِيضًا.".

بولس لم يستطع شفاء تلميذه تروفيمس:

  1. حتي لا يسعي المؤمنون ليعرفوا المسيح بسبب مطالب مادية كالشفاء.
  2. شفاؤه لن يفيد روحياً ولن يكون له فائدة لحساب مجد الله.
  3. حتي لا يدخل بولس في كبرياء إذا شفي كل إنسان وعلي المؤمنين أن يحتملوا المرض شاكرين (في 2: 27) + (1تي 5: 23) إذاً هو أيضا لم يستطع شفاء تيموثاوس نفسه ولا أبفرودتس ولا حتى نفسه.

العدد 21

آية (21): -

"21بَادِرْ أَنْ تَجِيءَ قَبْلَ الشِّتَاءِ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ أَفْبُولُسُ وَبُودِيسُ وَلِينُسُ وَكَلاَفِدِيَّةُ وَالإِخْوَةُ جَمِيعًا.".

قَبْلَ الشِّتَاءِ = هو يريد أن يقول قبل أن أرحل ولكن لا يريد أن يحزنه.

لِينُسُ = أول أسقف يقام علي روما بعد استشهاد بطرس وبولس.

العدد 22

آية (22): -

"22اَلرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ مَعَ رُوحِكَ. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ.".

الروح هى تسكن فى الجسد وتحركه وسر قوة الروح أن يكون المسيح معها فالروح هي الجوهر العاقل المريد والمسئول، لذلك يطلب أن النعمة تشمل الروح أولاً وبالتالي الإنسان كله. إذاً هو يهتم بأن تكون له معونة روحية بالأولى.

No items found

الأصحاح الثالث - تفسير رسالة تيموثاوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير تيموثاوس الثانية الأصحاح 4
تفاسير تيموثاوس الثانية الأصحاح 4