(3)الملك الألفى

(3) الملك الألفى[37]

بعدما تحدث سفر الرؤيا فى أسلوب رمزى عن حال الكنيسة خلال جهادها على الأرض إلى يوم لقائها بربنا يسوع عريسها بدأ يحدثنا عن بيت الزوجية السماوى، اى الملكوت الأبدى، المُعد لنا منذ تأسيس العالم. هذا الملكوت ليس غريباً عن المؤمن الحقيقى، بل هو امتداد لما يتمتع به هنا على الأرض عربوناً للسماء، وما يحيا به فى الفردوس لحظة انتقاله. لهذا بدأ السفر يتحدث فى الأصحاح الحادى والعشرين عن الملكوت الذى نعيشه هنا، والسلطان الذى لنا على إبليس وجنوده، كبداية لامتداد أبدى ولقاء سماوى مع أبينا السماوى وجهاً لوجه.

1 - ماذا يعنى بتقييد الشيطان ألف سنة (رؤ 20: 1 - 3)؟

"ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح الجحيم، وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذى هو إبليس والشيطان، وقيده ألف سنة. وطرحه فى الجحيم، وأغلق عليه، وختم عليه لكى لا يضل الأمم فيما بعد حتى تتم الألف سنة، وبعد ذلك لابد أن يُحل زماناً يسيراً" (1 - 3).

هذا الملاك الذى نزل من السماء وله سلطان على الجحيم وقادر أن يربط الشيطان ويقيده رمز لملاك العهد، ربنا يسوع (ملا 3: 1)، الذى نزل من السماء، وسُمر على الصليب من أجل البشر، حتى يُمزق صك الخطية، وبالتالى لا يكون لإبليس موضع فيهم، وبهذا يقدر المؤمن ان يدوس على إبليس وقوته. وكما يقول الكتاب المقدس[38]: "الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً" (يو 12: 31).

"إذ محا الصك الذى علينا فى الفرائض، الذى كان ضداً لنا، وقد رفعه من الوسط، مسمراً إياه بالصليب، إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاراً، ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)" (كو 2: 15، 14). "وأما عن دينونة، فلأن رئيس هذا العالم قد دين" (يو 16: 11). "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء. ها انا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحياة والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شئ" (لو 10: 19).

يوجد فى العهد الجديد شواهد كثيرة تطمئن نفوسنا لا أن طبع إبليس قد قُيد، بل سلطانه، فلم يعد قادراً أن يملك على الإنسان مادام ليس له فى قلبه شئ. أما إذا اختار الإنسان أن يُدخل فى قلبه شيئاً مما لإبليس، فيكون قد سلم نفسه بنفسه للعدو. وما أكثر كتابات الكنيسة الأولى التى تهب للمؤمن رجاء وشجاعة ليحارب إبليس بلا خوف ولا اضطراب، مطمئناً أنه بالصليب يقيده ويحطمه.

يقول القديس أغسطينوس إن الملاك النازل من السماء هو السيد المسيح الذى أخرج الذين كانوا فى الجحيم على رجاء الفداء، كما قُيد سلطان إبليس حتى لا يكون له سلطان على مؤمنيه المجاهدين مدة جهادهم على الأرض[39]]. أما كون الزمن 1000 سنة فيمكن أن تفهم بطريقتين:

أ. الكنيسة فى جهادها تعيش فى يوم "الرب" أى سبت الراحة "Sabbath" هذا الذى ابتدأ بقيامة الرب ولا يغرب أبداً حيث يتمتع القديسون بالراحة اللانهائية، إذ يعبرون من جهادهم إلى الأبدية كامتداد لحياتهم ههنا. واليوم عند الرب كألف سنة، لذلك يُحسب زمنه بألف سنة!

ب. تشير الألف سنة إلى كمال الزمن منذ قيامة السيد، أى منذ دخول الرب "بيت القوى ونهب أمتعته بعد ما ربطه" (مر 3: 27)، واهباً لأولاده أن يجاهدوا ولا يكون لإبليس سلطان إلى أن ياتى ضد المسيح، ويحل إبليس حتى لو أمكن أن يضل المختارين (مت 24: 24).

وإن كان قلة من الطوائف تزدرى بهذا التفسير قائلة كيف تقول إن الشيطان مربوط ونحن نراه يعمل؟ وإنما سيقيد فيما بعد. أترك بعض إخواننا البروتستانت وخاصة اللوثريين يجيبون على ذلك:

فمثلاً يقول شارلس ايردمان إن ربنا وتلاميذه استخدموا كلمات أقوى من الربط والسجن ليصفوا أثر العمل الخلاصى للمسيح على الشيطان. إذ قال "رئيس هذا العالم قد دين"... وأوردJoseph S. Exell فى مجموعة The Biblical IIIustator آراء لمفسرين كثيرين من إخواتنا البروتستانت يُصرون بكل شدة إلا أن يقبلوا أن الشيطان مقيد حالياً بالنسبة للمؤمن الحقيقى.

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [إن أردنا التغيير فعلاً، علينا أن نستعين بالسيد المسيح. وإن رغبتم فى الصلاح، فلا شئ يعوقكم، ولا أحد يمنعكم، حتى الشيطان ليس لديه قوة عليكم. طالما أخترتم الأفضل، واجتذبتم لله لعونكم. لكن إن لم تريدوا ذلك بأنفسكم، بل تحاشيتم الأمر، فكيف يحميكم؟ لأنه ليس من ضرورة ولا عن إجبار، بل بمحض إرادتكم الذاتية يريد أن يخلصكم[40]].

يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [النفس تحكم نفسها ذاتياً. ومع أن الشيطان يقدر أن يقترح عليها، لكنه ليس له سلطان يلزمها بشئ بغير إرادتها. إنه يصور لك فكر الزنا، فإن أردت قبلته، وإن لم ترد تحتقره. لأنك لو كنت زانياً قهراً لما أعد الله جهنم؟! وإن كنت صانع برّ بالطبيعة وليس بإرادتك لما أعد الله أكاليل مجد لا يُنطق بها؟! الغنم وديع، لكنه لا يكلل على وداعته، لأنها ليست باختياره بل بحكم الطبيعة[41]].

يقول القديس مرقس الناس: [أفكار الشيطان هى مجرد تصور عقلى محض لشئ (أو عمل) شرير والذى يُمكنه من التملك علينا أو حتى مجرد الاقتراب إلى عقلنا هو ضعف إيماننا. لأننا بعدما تسلّمنا الوصية لنطرح عنا كل الارتباكات ونحفظ قلوبنا فى يقظة كاملة (أم 4: 23)، ونطلب ملكوت الله الذى هو فى داخلنا، إذ تخلى العقل عن القلب وعن الغرض الذى نسعى إليه، بهذا أفسحنا المجال فى الحال لتخيلات الشيطان، وصار العقل متساهلاً فى قبول أى مشورة شريرة. حتى إلى هذا الحد، ليس للشيطان أى سلطان أن يحرك أفكارنا وإلا ما كان يرحمنا بل كان يدس لنا كل أنواع الأفكار الشريرة ولا يسمح لنا بأى صلاح. إنما قدرته محصورة فى مجرد تقديم مشورة كاذبة فى بدء كل فكر، ليختبر أى جهة يميل إليها قلبنا: هل يميل إلى مشورته أم إلى مشورة الله؟ لأنهما نقيضان[42]].

يقول القديس دوروثيؤس من غزة: [هذه هى قوة السرّ، وهذا هو السبب الذى لأجله مات المسيح هنا، لكى يرجعنا نحن الموتى إلى الحياة، ويردنا من الجحيم إلى محبته وشفقته. والآن أصبح لدينا القدرة أن نرجع ثانية إلى الفردوس، ولم يعد لعدونا أية قدرة كما كان له من قبل ولم يعد يأخذنا الشيطان عبيداً له].

يقول القديس إيرينيؤس: [خلال الآلام صعد الرب إلى العُلى وسبى سبياً، وأعطى الناس عطايا (مز18، 68؛ أف 4: 8)، ووهب الذين يؤمنون به سلطاناً أن يدوسوا على الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو 10: 19)، أى سلطان على قائد الارتداد[43]].

2 - ماذا يُقصد بالقيامة الأولى (رؤ 20: 5 - 6)؟

"ورأيت عروشاً فجلسوا عليها، وأعطوا حكماً، ورأيت نفوس الذين قتلوا من أجل شهادة يسوع، ومن أجل كلمة الله، والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته، ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى أيديهم، فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة. وأما بقية الأموات فلم تعش حتى الألف سنة. هذه هى القيامة الأولى. مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثانى سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح، وسيملكون معه ألف سنة" (رؤ 20: 4 - 6).

هنا يحدثنا عن القيامة الأولى دون أن يذكر الكتاب المقدس فى كل أسفاره عبارة "القيامة الثانية"، فماذا تعنى القيامة الأولى؟ إننا نعلم أن الخطية دخلت إلى العالم، فملك الموت على كل النفوس، وصرنا نعيش بالجسد لكن نفوسنا ميتة بانفصالها عن مصدر حياتها "الله". إذا جاء ربنا ليقدم لنا قيامة روحية لأنفسنا قبل أن تتمتع أجسادنا مع أنفسنا بالقيامة العامة يوم الدينونة. يقول الرب: "الحق الحق أقول لكم إنه تأتى ساعة وهى الان، حين يسمع الأموات (بالروح) صوت ابن الله والسامعون يحيون" (يو 5: 25). يقول الرسول عن هذه القيامة: "مدفونين معه فى المعمودية، التى فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله، الذى أقامه من الأموات" (كو 2: 12). وبالتوبة أيضاً نتذوق القيامة ونحن بعد نجاهد. "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح" (أف 5: 14). وهى موضوع اختبار مستمر فى حياة المؤمن اليومية. فالرسول القائل فى صيغة الاستمرار: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة ألامه" (فى 3: 10).

فبكل تأكيد نقول إن الكنيسة فى جهادها بالرغم مما تعانيه من آلام إلا أنها تعيش فى الملك الألفى، القيامة الأولى، متذوقة عربون السماويات. وكما يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [كان الإنسان آخر المخلوقات العاقلة، لكن هوذا قد صار القدم رأساً. وبواسطة الباكورة صرنا إلى العرش الملكى... لقد أحضر طبيعتنا إلى العرش الإلهى، لذلك يصرح بولس، قائلاً: "أقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات، فى المسيح يسوع. ليظهر فى آخر الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا" (أف 2: 6 - 7). كيف نقول ليظهر فى آخر الدهور الآتية؟ ألم يظهر الآن؟ لقد ظهر فعلاً. ولكن ليس لكل الناس بل لى أنا المؤمن، أما غير المؤمن فلم يظهر له بعد هذا العجب. لكن فى ذلك اليوم تتقدم كل البشرية لترى وتتعجب مما حدث. أما بالنسبة لى فيزداد الأمر وضوحاً[44]].

إذن هؤلاء الذين يحملون الصليب مع ربنا يسوع شاهدين له حتى الموت يتمتعون هنا بالقيامة الأولى، أما بقية الأموات بالروح الذين لا يقبلون الإيمان فلا يتمتعون بالقيامة الأولى، ويسقطون تحت الموت الثانى الأبدى (رؤ 21: 8). نعود فنؤكد ما يقوله القديس أغسطينوس: [لن يكون هناك مجئ للمسيح قبل ظهوره الأخير للدينونة، لأن مجيئه حاصل بالفعل الآن فى الكنيسة وفى أعضائنا. أما القيامة الأولى فى سفر الرؤيا فهى مجازيه تشير إلى التفسير الذى يحدث فى حالة الناس عندما يموتون بالخطية ويقومون لحياة جديدة[45]]. فالحكم الألفى للمسيح على الأرض قد بدأ فعلاً بيسوع المسيح نفسه فى الكنيسة، والقديسون يحكمون الآن فيها.

يقول البابا أثناسيوس الرسولى: [لما ارتدى الكلمة جسداً بدأ كل سم الحية ينطفئ تماماً من الجسد، وبدأت جميع الشرور الصادرة من حركات الجسد تُنزع منه، ومن ضمنها أبيد الموت أيضاً، الذى هو ملازم للخطية، كما قال الرب نفسه: "رئيس هذا العالم يأتى ولا يجد فىّ شيئاً..." (يو 14: 30)، وكما كتب يوحنا أيضاً: "من أجل ذلك أظهر ابن الله لكى ينقض أعمال إبليس" (1 يو 3: 8). فلما نُقضت أعمال إبليس من الجسد، حينئذ تحررنا جميعاً هكذا بسبب قرابتنا مع الجسد (أى مع جسد المسيح)، وصرنا منذ ذلك الوقت متحدين بالله[46]]. كما يقول: [ارتدى الكلمة جسداً مضمداً كل لدغة الحية، نازعاً كل شر ينبغ عن عواطف الجسد، مبطلاً أيضاً الموت المصاحب للخطية... وكما كتب يوحنا: "لأجل هذا أظهر ابن الله ينقض اعمال إبليس" [47]].

يقول القديس غريغوريوس صانع العجائب: [فإذ كانت العذراء الطاهرة تحيا فى حياة نقية. وتسلك فى كل الفضائل، وتعيش فى حياة أسمى من غيرها. لهذا أخذ – المولود من الله الآب – لنفسه منها جسداً حتى يدين الخطية فى الجسد، ويهزم الشيطان المجرب، معلناً بداية القيامة وتأسيس الحياة الأبدية ونشأة الصداقة بين الناس والآب[48]].

3 - ما هو الدافع لفكرة الألف سنة الحرفية فى بعض كتابات الكنيسة الأولى؟

بعدما تعرضنا لتفسير النص السابق الذى يتحدث عن الملك الألفى أو القيامة الأولى نود أن نبين للقارئ أن وُجد فكر جاء عرضاً بين كتابات الآباء فى القرون الثلاثة الأولى وهو تفسير النص بصورة حرفية أن الرب يملك على الأرض مع مؤمنيه ملكاً زمنياً لمدة ألف سنة. غير أنه يليق بنا أن نفصل بين ما جاء فى الكتابات الأولى وكتابات المحدثين فى هذا الأمر.

نحن نعلم أن اليهود لهم فكرى المادى، لذلك رفضوا ربنا يسوع بسبب رفضه الملك الزمنى. وإلى يومنا هذا لازال بعضهم ينتظرون المسيح الذى يملك زمنياً على العالم كله. هذا الفكر دخل إلى الكنيسة فى بدء نشأتها عن طريقين:

أ. دخول اليهود إلى المسيحية ومعهم بعض تصوراتهم المادية[49]، فبثوا هذه الأفكار عرضاً الكتابات والعظات لهذا نجد مثلاً الأب بابياس من رجال القرن الأول يتصور ملكاً زمنياً مادياً لمدة ألف سنة يحدث فى بداية القيامة فيه تنمو كروم العنب كل كرم يحمل عشرة آلاف فرع وكل فرع يحمل عشرة آلاف غصن... وإلى غير ذلك من الأمور التى تقبلها من الفكر اليهودى المادى فى سذاجة. ويقول يوسابيوس[50] إن بابياس وصل إلى هذه الكيفية المادية بسبب قصور فهمه للكتابات الرسولية غير مُدرك أن أقوالهم كانت مجازية (روحية) وإليه يرجع السبب فى ان بعض آباء الكنيسة من بعده اعتنقوا نفس الآراء. ويسمى يوسابيوس هذا الأمر "خرافة". وقد انحرف وراء ذلك القديس أغسطينوس فى البداية، لكنه عاد وأدرك الخطأ.

ب. فى قراءة محاورة يوستينوس مع تريفو اليهودى[51] ندرك أن يوستين أخذته الحماسة والغيرة لتأكيد أن كل ما كان لليهود من وعود وبركات قد صارت بكاملها وتمامها لكنيسة العهد الجديد، وبهذا حاول أن يثبت أن ما جاء فى (إش 65: 17 - 25، مى 4: 1 - 7) سيتحقق للمسيحيين وحدهم.

وإننا نجد نفس الأمر مع ترتليان فى محاوراته مع اليهود فبعدما أكد نفس الفكرة أن كل ما بالعهد القديم من وعود صار للكنيسة وحرم اليهود من كل بركة عاد للأسف فحول الفكر اليهودى المادى وجعله للكنيسة.

4 - ما هو موقف مدرسة الإسكندرية من هذا الفكر فى القرن الثانى؟

لم تكن عقيدة الألف سنة عقيدة قائمة بذاتها، ولا أعطى لها اهتمام كبير، لكن مدرسة الإسكندرية سرعان ما تنبهت لخطورة الأمر. وكأنها قد تطلعت بنظرة بعيدة المدى لترى ما نراه فى أيامنا هذه كيف مثلت هذه العقيدة الخاطئة فكراً خطيراً رئيسياً فى بعض الطوائف مثل الأدفنتست. لهذا انبرى العلامة أوريجينوس فى القرن الثانى وقاوم هذا الفكر، وتلاه البابا ديوناسيوس السكندرى فى القرن الثالث، وأدحض فكرة التفسير الحرفى لسفر الرؤيا. وقبل أن ينتهى القرن الرابع كاد هذا الفكر أن يزول تماماً فى كنيسة الإسكندرية. أما فى الخارج فقد قام القديس أغسطينوس، بعدما أدرك خطأه، وأوضح خطورة التفسير الحرفى للألف سنة مُفنداً ذلك بقوة حجة لا تقاوم.

5 - ما هو تعليم الكتاب المقدس والتقليد المقدس بخصوص المُلك الألفى Chiliasm Millenarism؟

أولاً: موقف القديس جيروم. أشار فى تعليقه على إنجيل مت 19: 29 - 30 إلى التمييز بين حديث بعض الآباء عن المُلك الألفى وبين الذين سقطوا فى التعليم الخاطئ لهذا الفكر. لقد قال: [بالنسبة للآباء الأولين الذين قبلوا هذا التعليم لم يبدِ أى منهم أدنى إشارة إلى الاستمرا فى الإنجاب خلال الملك الألفى. وعلى العكس كرنتورس Cerintorus الهرطوقى أن فترة الألفية تكون فترة مسرات مادية حيث يستمر الإنسان فى الإنجاب[52]].

هنا يليق أن نتساءل: إن كانت الألفية هى لقاء مع السيد المسيح كملك ينقذ الأبرار من الضيقة العظيمة، تبقى أسئلة كثيرة تمس خلاصنا بالمسيح المصلوب القائم من الأموات والصاعد إلى السماوات، من بينها الأسئلة التالية:

أ. إذ ال السيد المسيح لبيلاطس بنطس إن مملكة ليست من هذا العالم (يو 18: 36)، فهل يعود ويملك مع المؤمنين على الأرض؟

ب. بماذا يجيبون عن قول الرسول بولس: "إن كنا نتألم معه لكى نتمجد أيضاً معه" (رو 8: 17)، فهؤلاء الذين لا يتألمون فى الألف سنة كيف يتمجدون مع الربّ أبدياً؟!

ج. إن كان السيد المسيح سيملك على الأرض ويحفظ مؤمنيه، فلماذا قال إنه من أجل المختارين سيقصر أيام ضد المسيح حتى لا يضلوا (مر 13: 20

أشار القديس جيروم أكثر من خمسين مرة خطأ هذا التعليم، خاصة فى تفسيره للأنبياء، وقام بمناقشته. فى مناقشته لهذا التعليم غالباً ما يربط بين اليهود المؤيدين لمملكة المسيا على الأرض وبين المنادين من المسيحيين لهذا التعليم.

ثانياً: القديس أغسطينوس. يرى فى كتابه "مدينة الله[53]" أن الفترة ما بين الخليقة ومجئ السيد المسيح حوالى 6000 سنة، ولما كانت الألف سنة عند الرب كيوم واحد (2 بط 3: 8)، فهذه الفترة تشير إلى ستة أيام الخليقة، ومن قيامة المسيح إلى القيامة العامة تُحسب اليوم السابع، أو يوم الرب. فالألف سنة هى فترة تذوق المؤمنين فى حياتهم الداخلية.

هكذا يرى القديس أغسطينوس أن حياة الأبرار على الأرض هى عربون الأبدية، إذ تتمتع نفوسهم بعذوبة القيامة. بهذا ينادى بأن الذين يرون فى الملك الألفى كمُلك على الأرض لا يقبلها أصحاب الفكر الروحى، بل أصحاب الفكر الجسدانى المادى.

التفسير الثانى للمُلك الألفى عند القديس أغسطينوس أن السيد المسيح وعد أن من يترك كل شئ يأخذ مئة ضعف (مت 19: 29). فإن كان ما يملكه يُرمز له برقم 10 فإن ما يتركه ينال مئة ضعف 10×100 فالمحصلة هى الألف.

بهذا يرى القديس أغسطينوس أن رقم 1000 يشير إلى المؤمنين الحقيقيين الذين يعيشون فى عربون السماويات عبر كل الأجيال ينالون الوعد الإلهى، عبثاً يحاول الشيطان أن يتسلل إلى قلوبهم.

يرى القديس أغسطينوس أيضاً أن طرح إبليس وتقييده ألف سنة والختم عليه يشير أنه فى خلال هذا الزمن حيث يختبر المؤمنون عربون السماء لإبليس على أولاد الله المجاهدين أما الإغلاق عليه فى الهاوية والختم عليه فيشير إلى أنه فى خلال الألف سنة لا يستطيع أحد أن يعرف من الذين هم مع إبليس ومن هم مع المخلّص.

فإذا رأينا إنساناً ساقطاً لا نحكم عليه لأنه قد يقدم توبة صادقة، وأيضاص ق نظن فى إنسان أنه بار وتنتهى حياته بالسقوط فى الخطية. لكن الله يعلم الذين هم له (2 تى 2: 19).

6 - ما هى فكرة الألف سنة عند بعض الطوائف المعاصرة؟

ظهرت هذه الفكرة عند بعض الطوائف، وجعلت منها عقيدة أساسية، وبدأت تضع لها مواعيد محددة لمجئ المسيح ليملك ألف سنة على العالم. وهنا نجد اختلافاً للفكرة فى الكتابات الأولى عما ورد فى كتابات بعض المحدثين.

أ. فى الكتابات الأولى جاءت عرضاً، وكان دافعها الرئيسى تأكيد أن اليهود غير المؤمنين بالرب يسوع قد انتزعت عنهم كل المواعيد، ويقول الشهيد يوستينوس: [إن كثيرون من المسيحيين المعتبرين لا يأخذون بهذا التعليم ولا يقرونه].

ب. إن بعض الطوائف البروتستانتية نادت بهذه الفكرة على هذه الأسس.

أولاً: يأتى السيد المسيح ليملك على قديسيه[54] قبل أن يأتى "إنسان الخطية" وتحلّ الضيقة ولا تلحق بهمن ثم يعود فيظهر مرة أخرى ليبيد ضد المسيح.

ثانياً: إن إسرائيل ستؤمن بالسيد المسيح ولكنها تبقى جسداً متميزاً عن الكنيسة[55]، وإن أورشليم تتسع وتتزين وتصير مركزاً للشعب اليهودى الذى يحكم العالم.

ثالثاً: إعادة بناء الهيكل وتقديم ذبائح حيوانية...

وإننى فى هذا المجال لا أود الدخول فى مناقشات لكننى أذكر ما ورد فى كتابات بعض إخوتى البروتستانت يردون على هذه الأفكار:

أ. يرى ايردمان[56] أن هذه المبادئ التى تقوم عليها فكرة المُلك الألفى المادى تتناقض مع بعضا البعض وتبتعد عن روح الكتاب المقدس.

ب. يرى سمرز[57] صاحب كتاب "مستحق هو الخروف" أنه لا يليق أن تُبنى أنظمة شاملة تخص الأمور الأخيرة واللاهوت وفلسفة التاريخ على ثلاث آيات (رؤ 20: 4 - 6) بتفسير حرفى غير مستقر.

ج. H. Monod[58] يرفض التفسير الحرفى للملك الألفى معللاً ذلك بالآتى (بتصرف):

أولاً: أن التفسير الروحى والرمزى يتفقان مع اتجاه الأنبياء عامة وخاصة فى سفر الرؤيا. فنجد فيها الكنيسة منارة والخدام كواكب فلا نقبلها بحرفيتها.

ثانياً: لاحظ أيضاص أن القديس يوحنا يتحدث فقط عن (نفوس) [4] تنتعش وتملك مع المسيح، أى لم يقل "نفوس وأجساد".

ثالثاً: أن التفسير الحرفى لا يتفق مع النصوص الأخرى الواردة فى الكتاب المقدس التى تتحدث عن القيامة العامة. فلم يحدثنا قط عن قيامة تحدث مرتين أو فى فترتين مختلفتين. إنما يظهر بوضوح من (إش 12: 2، يو 5: 28، 1 تس 4: 17، 16) أن قيامة الأموات – بالنسبة للأبرار والأشرار – يتبعها فوراً الدينونة والحياة الأبدية.

رابعاً: يستحيل أن نفهم كيف تهب العودة إلى الأرض سعادة للأبرار الذين ماتوا فى الإيمان وقد اجتمعوا فى الراحة التى لشعب الله؟! إن خطأ اليهود متمثل فى رغبتهم أن يملك المسيا مُلكاً زمنياً ويختلف الألفيّون عنهم فى ذلك.

خامساً: لو أخذنا بالتفسير الحرفىن ماذا يكون حال الذى يولدون أثناء الحكم الألفى حالياً بالموت (جسدياً) يخلص المؤمنون: إذ يموتون فى سلام تاركين التجارب والبؤس ليرحلوا إلى الرب، لكن هذا لا يحدث للمولودين فى المُلك الألفى. أكمل حديثه قائلاً: كيف يحمل الصليب مع الرب يسوع المولودون أثناء الملك الألفى، ما دام هو مُلك زمنى مادى فيه يزوجون ويتزوجون؟ وكيف يسيرون فى الطريق الضيق؟

سادساً: هذا النص هو العبارة الوحيدة فى الكتاب المقدس التى فيها يقال إن القيامة الأولى تكون قبل نهاية العالم، بينما عدد كثير من النبوات تتحدث عن القيامة دون أن تتحدث عن قيامة للأجساد بالصورة المادية الحرفية. أيهما أصح أن نفسر الكتاب كله وخاصة هذه النبوات على ضور هذا النص الغامض، أم نشرح النص الغامض على ضوء نبوات الكتاب الكثيرة الواضحة؟

وأخيراً يختتم حديثه معاتباً الألفيين الماديّين فيقول: "ليته يدرك ذلك العدد الضخم من النفوس فى كنيسة أنفسهم أن ذا الملكوت المسيحى هو هكذا سلطان وهكذا لطيف وعب ومجيد!".

ويخرج H. Monod بهذه النتيجة: [أن المسيح يسوع يستمر فى أن يملك بأن يُجلس إنجيله على العرش الذى فى داخل الإنسان الذى يقبل الإيمان المسيحى، عندئذ لا تكون الديانة المسيحية أداة للسياسة فى يد الحكومات بل تكون تعبيراً مخلصاً لطريقة الحياة].

4. يرفض J. Gible[59] فكرة الملك الألفى الزمنى، مُدحضاً فكرة قيامة الأجساد ليملكوا مُلكاً جسدياً منظوراً. كما يقول إن نفوس الشهداء حية وهى تمارس نوعاً من القيامة إذ يذوقون نوعاً من الراحة وحالة من السلطان والحيوية. وهم يمارسون نوعاً من الملكية مع الرب قدر الآلام والأتعاب التى احتملوها فى فترة جهادهم من أجل الرب. وأن قديسى الرب يسوع يملكوت معه بطريقة مجيدة غير مادية تفوق إدراكنا الحالى. وهو يُسمى الألفيّون بالماديّين والمتشكّكين. كما يطالبنا أن يكون لنا رجاء محدد فيه لينتفع بالملكوت السماوى... عالمين أن الصليب هو طريق الإكليل... لا أن نطلب أمور مادية.

وأخيراً يقول بأن عدم قبول المُلك الألفى الزمنى يبعث فى المؤمنين تعزية، يخلعون خيمتهم الأرضية. إنهم يعرفون أن نفوسهم لا تنام فى حالة من الظلمة بلا إحساس، بينما تكون أجسادهم فى التراب، بل يكون الموت بالنسبة لهم ربحاً.

هذه بعض آراء لقليل من إخوتنا البروتستانت، إذ يهاجمون فكرة الملك الألفى الزمنى بعنف.

7 - ماذا يعنى حلّ الشيطان فى آخر الأزمنة؟

قيل "ثم متى تمت الألف سنة، يُحل الشيطان من سجنه" (رؤ 2: 7).

أى متى جاء الزمان الذى فيه يأتى ضد المسيح الذى يُوهب له سلطان إبليس وقوته ليقوم ويخرب، حتى ولو أمكن أن يضل المختارين. لهذا يُقال إن الشيطان يُحل من الجحيم سجنه ليظهر عاملاً بقوة لم نر مثلها من قبل. يكمل سفر الرؤيا: "ويخرج ليضل الأمم الذين فى أربع زوايا الأرض، جوج وماجوج ليجمعهم للحرب عددهم مثل رمل البحر. فصعدوا على عرض الأرض، وأحاطوا بمعسكر القديسين وبالمدينة المحبوبة، فنزلت نار من عند الله من السماء وأكلتهم. وإبليس الذى كان يضلهم طُرح فى بحيرة النار والكبريت، حيث الوحش والنبى الكذاب، وسيعذبون نهاراً وليلاً إلى أبد الآبدين" (رؤ 20: 8 - 10).

وهنا نجد تفسيرين لهذا النص:

التفسير الأول: أن قبائل معينة خاضعة لأحد الملوك العشرة التى تعاصر ضد المسيح يجتمعون بمدينة إيليا وأخنوخ والباقين من الكنيسة فى أورشليم، ولكن الله يرسل ناراً ليحرقهم. ليرى البعض أن "جوج وماجوج" لا تعنى قبائل معينة بل كل الشعوب المنحرفة التى يجتمع جنودها لمقاومة الكنيسة لكن الله يؤدبهم بنار سماوية.

التفسير الثانى: يرى القديس أغسطينوس[60] أن الحرب هنا حرب روحية وليست مادية. يستخدم ضد المسيح وأنصاره "جوج وماجوج" كل طرق القسوة والعنف والخداع والتضليل للفتك بالقديسين لكى ينحرفوا عن الإيمان، لكن الله يسند الشاهدين الأمينين إيليا وأخنوخ بنار الروح القدس السماوية التى تحرق الأضاليل وتنزع الخوف وتسند الإيمان. بهذه النار يثبت المؤمنون فى أيام الشاهدين، وبالأكثر بعد استشهادهما وقتل ضد المسيح، إذ يبكت الروح القدس كثرين ممن أنحرفوا وراء ضد المسيح، وقاوموا الكنيسة، لكى يتوبوا ويرجعوا عن شرهم. أما بالنسبة لإبليس فإن نهايته ستكون مع الوحش والنبى الكذاب إذ يُلقى الأشرار فى البحيرة المتقدة بالنار.

8 - ما هو المُلك الألفى؟ وما هو معناه الحقيقى؟

أشار سفر الرؤيا بأن ربنا يسوع سيحكم على الأرض لمدة ألف سنة (رؤ 20: 1 - 15)، خلال هذه الفترة يُقيد الشيطان الذى دخل قبل ذلك فى معركة ضد الكنيسة، وأنه هو وملائكته وأتباعه سيُهزمون فى معركة هرمجدون. وقد سقط البعض فى هذا الفكر إذ لم يميزوا بين ما ورد فى سفر الرؤيا رمزياً وبين تفسيره بطريقة مادية حرفية. قاوم هذا الفكر الخاطئ أوريجينوس[61] والقديس ديونيسيوس السكندرى[62] وميثوديوس من أولمبيا[63] والقديس غريغوريوس النزينزى[64] القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس[65]، والقديس جيروم[66] والقديس أغسطينوس[67].

هذا الاعتقاد يتبناه يهوه إذ يعتقدون أن المسيح سيحكم مادياً لمدة ألف سنة ويقيم مملكة أرضية. وهم يجحدون التعليم الخاص بالثالوث القدوس والأسرار الكنسية وتكريم القديسين.

يليق بنا ونحن ندرك أن سفر الرؤيا يحجب الأسرار الإلهية بالرموز، هذا يدعونا إلى الآتى:

أولاً: واضح أن مدة الألف سنة رمزية. يقول القديس بطرس: "ولكن لا يخف عليكم هذا الشئ الواحد أيها الأحباء أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد" (2 بط 3: 8). الألفية الكتابية تشير إلى نُصرة الكنيسة وتحقيق الرسالة الإنجيلية على كل الأرض، وهى نبوة عن تحقيق مُلك الله على القلوب حيث يُقيد إبليس ويضعف للغاية أمام قبول الإيمان الحقيقى، واستنارة كل الأمم بالإنجيل فى آخر الأزمنة.

ثانياً: هذه الألفية سيحطمها إبليس إذ تُفك قيوده إلى حين فى زمن ضد المسيح، غير أن السيد المسيح فى مجيئه الثانى سيدين إبليس وملائكته الأشرار وخدامه. بعد الدينونة الأخيرة سيتمتع المؤمنون بملكوت الله الكلى التطويب، بينما يُطرد غير المؤمنين الذين أصروا على عدم التوبة.

ثالثاً: حين اتهم الوالى بيلاطس السيد المسيح أنه أقام نفسه ملكاً، لم ينكر السيد أنه ملك، ولكنه قال له: "مملكتى ليست من هذا العالم" (يو 8: 26)، فهل سيتراجع ملك الملوك ورب الأرباب (رؤ 19: 16) ليقيم نفسه ملكاً فى مملكة أرضية؟

رابعاً: يحذرنا سفر الرؤيا من الانحراف عما ورد فيه. "لأنى أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب: إن كان أحد يزيد على هذا، يزيد الله الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب فى هذا الكتاب. يقول الشاهد بهذا:" نعم! أنا آتى سريعاً ". آمين. تعال أيها الرب يسوع. نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم. آمين" (رؤ 22: 18 - 21).


[38] راجع القمص بيشوى كامل: "ملك الألف سنة" سلسلة إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية رقم 3.

[39] - راجع مدينة الله 20: 7 (بتصرف).

[40] Homilies on Matthew, 6: 22.

[41] Catechetical Lectures, 21: 4.

[42] - الأب مرقس الناس: توجيهات منتخبة عن أحاديثه الأخرى، 21.

[43] Adv. Haer 24: 5: 20: 2: 3.

[44] - راجع للمؤلف: "هل للشيطان سلطان عليك؟ للقديس يوحنا ذهبى الفم" مقال1.

[45] - مجلة مرقس عدد يناير 68 (عن مدينة الله 20: 6، 7).

[46] Against the Arians 69: 2.

[47] Cf. St. Athanasius: 4 Discourses against the Arans, 89: 2.

[48] - البشارة بالتجسد الإلهى.

[49] St. Justin: Dialougue with Trypho, 80 - 81.

[50] - راجع القمص بيشوى كامل: مُلك الألف سنة، مقالات "الحكم الألفى" لمجلة مرقس.

[51] - يوسابيوس ك3 ف39.

[52] Jerome: Commentary on Matthew.

[53] - City of God, Book 17 - 22, Ch. 7, Catholic University of America Press, 1954, vol. 24,p. 264 - 269; sermon 259.

[54] - ترى لورة ب. هيملتون فى كتابها "كشف المستقبل" أن الذين يملكوت مع المسيح أناس خاضعين له لكن منهم من يخضعون له بأجسادهم دون قلوبهم... فعندما يأتى ضد المسيح ينكشف الخاضعون الحقيقيون فى المرائين.

[55] - راجع تفسير ايردمان لسفر الرؤيا ص 156.

[56] - نفس المرجع السابق.

[57] - المنشورات المعمدانية.

[58] The Biblical Illustratir by Rev. Joseph S. Exell M. A.

[59] The Biblical Illustrator p. 275\6.

[60] City of God, 12: 20.

[61] De Principiis 11: 2: 2 PG 24: 11: ½.

[62] Eusubius: c. pis 24: 7: 4 PG 693: 20.

[63] Epist. 102 tp Cledonius. PG197: 37.

[64] Epist. 4: 263 PG 980: 32.

[65] Against Heresies 36: 77 - 39 PG 697: 42.

[66] Comm. Isaiah 26: 30' 2: 54.

[67] City of God 7: 20.

No items found

(4)المجيئان والاختطاف

(2)آلام الفراق المقدسة

فهرس المحتويات
فهرس المحتويات

المحتويات