الظواهر الروحية بالوراق – ديسمبر 2009 – شهادة من قلب الحدث – الأستاذ شريف رمزي

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الأستاذ شريف رمزي
الشخصيات القديسة العذراء مريم والدة الإله
التصنيفات الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, ظهورات السيدة العذراء مريم, معجزات السيدة العذراء مريم, معجزات وعجائب
آخر تحديث 10 فبراير 2024
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
2MB

(1) لماذا الأن؟

أولًا، لأن ذاكرة الناس بدأت تَضعُف، والحابل بدأ يختلط بالنابل، والحقائق الموثَقة أوشكت أن تَضيع في خِضَم المُبالغات، ما يضعني وغيري في مسئولية أمام الله والتاريخ لنشهَد بما رأته أعيُننا وما سمعته آذاننا من شهادات، دون إنحياز أو مُبالغة.

وثانيًا، ليستنبط القارئ من بين سطور ما أسوقه من شهادات، الحكمة الإلهية في السماح بهذه الظواهر الروحية، وطريقة تعامل الناس معها بأساليب تتسم بالروحانية في أحيان وبالغوغائية أحيانًا أخرى، وما هى الدروس المُستفادة، وليكتسب – القارئ- خبرة التمييز مُستَقبلًا بين ما هو حقيقي منها وما هو مَحض خيال أو مُبالغة، أو “ظهورات فيسبوكية” لا وجود لها في الواقع.

وإليكم شهادتي، التي سأدعمها دومًا بالصور والفيديوهات والوثائق التي تُثبتها:

في ديسمبر 2009، كنت أعمل في مجال التحقيقات الصحفية بأحد المواقع القبطية، حينما بدأ الناس يتناقلون نبأ ظهور العذراء بكنيستها في حى الوراق شمال الجيزة، ومن قلب الحدث بدأت في رَصد شهادات حية لمن قالوا أنهم شاهدوا تجليات للعذراء أو ظواهر روحية تتمثل في رؤية أطياف نورانية وحمام يُرفرف فوق قباب ومنارات الكنيسة ليلًا بشكل لافت للنظر.

مُرفق فيديو يوثق شهادات حية لأشخاص من أعمار وثقافات وديانات مختلفة، سَجلتها بالصوت والصورة يوم الأربعاء 16 ديسمبر 2009. (شاهد https://youtu.be/E8_czfjnPHw )

(2) الأجواء في مُحيط كنيسة الوراق

حينما ذهبت للوراق لم يكن لديَّ أى قناعة مُسبَقة حول ما تشهده من ظواهر روحية، وما إن كانت حقيقة أم خيال، فقد سبق وأن عاصرت بنفسي ما تناقله الناس من أنباء عن ظهور العذراء في كنيسة الشهيد مارمينا بمنيا القمح ما بين يوليو 1998 ومارس 1999، في حبرية المُتنيح الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح، حيث احتشد الآلاف من كل محافظات مصر لمُشاهدة الظهورات والآطياف حتي لم يَعُد بالكنيسة وفنائها ومُحيطها موطئًا لقدم، وشهد الكثيرين برؤيتهم للعذراء سواء في حُلتها الكاملة أو في صورة آطياف نورانية وحمام يطير بالمكان، وتحدث الناس عن مُعجزات شفاء لمرضى بأمراض مُزمنة، لكن ومع ذلك فإن تقرير اللجنة التي شكلها مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث من ثلاثة أساقفة (الأنبا بيشوي مطران دمياط وكفر الشيخ وسكرتير المجمع المقدس، الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة، الأنبا يوأنس الأسقف العام وسكرتير البابا)، والذي نُشر بمجلة الكرازة بتاريخ 26 مارس 1999، انتهى إلى التالي:

+ لا توجد ظهورات للقديسة العذراء كما ظهر من طيفها فى كنيسة الزيتون وفى كنيسة بابا دوبلو بشبرا.

+ ربما تكون قد حدثت فى الماضى ظهورات روحية فى شكل أضواء ولكن فى زيارة الأحبار لم يروا شيئاً.

+ المعجزات ترجع إلى إيمان الناس ولا علاقة لها بظهورات العذراء فى منيا القمح.

هُنا تَبرُز أمانة الكنيسة ومصداقيتها، وتعاملها بشفافية مع أى وقائع من هذا النوع، مهما تكُن المُكتسبات التي يُمكن أن تتحقق بإقرارها لظواهر لا أساس لها من الصِحة، اتساقًا مع المبدأ الكتابي: “أيها الأحباء، لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح: هل هي من الله؟” (1يو 4 : 1).

وذلك أيضًا دِرس للجميع، كي نكون صادقين مع أنفسنا أمام الله والتاريخ، وأمام أولادنا وأحفادنا، بخصوص ما ينتشر هذه الأيام من صورٍ ومقاطع فيديو، لنفحصها بعقولٍ واعية فنُميز بين الظهور الذي يكون في العَلن ويراه الناس رؤية العيان وتؤكد الكنيسة صِحته، وبين ما روَجت وتروج له صفحات التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديو وصور ليست في حقيقتها إلا انعكاسًا للضوء في كاميرات الهواتف النقالة المُهتزة بأيدي أصحابها، (يري المُصور مشهدًا على شاشة هاتفه لا يراه خارجها، ثم يُصرِح بمنتهى السذاجة: لقد شاهدت ظهورًا للعذراء)!!

أعود بِكم إلى الوراق..

في مُحيط الكنيسة وبامتداد شارع كورنيش النيل الذي تقع الكنيسة في مواجهته مُباشرة، كانت أعداد الناس بالآلاف، تعتريهم حالة من النشوى والفرح والانتظار بشغفٍ بالغ لشعاع من النور ليُبدد ظلام تلك الليلة الحالكة، أو ربما ليُبدد ظُلمة واقع مأساوي يعيشونه.

كانوا في أوقاتٍ يَنشدون ويُسبحون بتسابيح وترانيم روحية يستَدعون بها العذراء ويتعجلون ظهورها، وفي أوقاتٍ أخرى كانوا يهتفون ويتمايلون بطُرقٍ أحيانًا مُبتذلة، مُستخدمين دفوف وطبول (شاهد https://youtu.be/HotP-dyu5cc )، بينما قِلة قليلة منهم كانت تلجأ إلى داخل الكنيسة للصلاة أو التمجيد، لكن على كل الأحوال فالله وحده هو “وازن الأرواح” (أم 16 : 2)، وهو وحده – تبارك أسمه- فاحص القلوب والكُلى (إر 17 : 10).

(3) مُسلم يَروي كيف كان أول من شاهد ظهور العذراء في الوراق

تكررت زياراتي لكنيسة العذراء والملاك ميخائيل بحي الوراق، وبعد نحو أسبوع من انتشار نبأ الظهورات، وتحديدًا يوم 16 ديسمبر 2009، بدأت في استقصاء الحقائق وتسجيل أقوال لشهود عَيان من مُختلف الأعمار والثقافات والديانات، وكانت البداية مع “حسن محمد حسن”، ذلك الشاب المُسلم الذي أقرَّ بأنه أول من شاهد العذراء، وجاءت شهادته خلال لقائي به على النحو التالي:

(شاهد:  https://youtu.be/pEDACK2Oq-0 )

 

[كنت قاعد على القهوة حوالي الساعة حداشر ونص، فشفت نور ظهر في السما، نور شديد أوي، بعد كدة اختفى، وظهرت (العدرا) على هيئة كشاف كدة فوق شجرة النبق، وقعد يروح ع الكنيسة فوق الصليب ويرجع، يروح ويرجع، بعد كدة حوالي الساعة واحدة جات صورة للسيدة العدرا في السما وحواليها حمام بيلف، بعد كدة الحمام اختفى وهى بقت تقرب تقرب، بقت فوق القبة بتاعة الكنيسة من ورا، وبقت تقرب تاني قدامي، بقت فوق الصليب بتاع البوابة بتاعة الكنيسة.. سألته: “في ناس غيرك من المسلمين في المكان مصدقين ومقتنعين بالظهور زي ما أنت مصدَق ومُقتنع كدة؟.. أجاب “حسن”: لأ، كله بيقولك ده شغل بتاع ده وبتاع ده وحمام الناس بتّطيَره، هو في حمام بيطير بليل؟!، مفيش حمام بيطير بليل أصلًا، الحمام كان بيطير بأعلى مسافة وكان بيبقى منور، النور تشوفه وهو طاير”.

سألته عما يُردده البعض من أن الحمام كان يتخذ شكل صليب أثناء تحليقه فوق الكنيسة، فأجاب: “أيوة الحمام كان بيطير على هيئة صليب ومنور نور شديد”. راجعته فيما إذا كان متأكدًا من رؤيته للعذراء في حين أن فريق من المُشككين اعتبروا أن ما حدث هو مجرد استخدام لتقنيات الإضاءة، فأجاب بلهجة الواثق: “واللي يقولك ده شُغل ليزر!، طب ليزر إيه اللي يجيب بني آدم؟!”، فعُدت أسأله: قصدك إنك شُفت الست العدرا كبني آدم بهيئة كاملة… قاطعني بحماس: “أيوة، ولابسة التوب الأبيض واللَبني (يقصد الأزرق)، وكانت معايا الصورة وفيها نفس الشكل اللي أنا شفته”].

تلك كانت شهادة الشاب المُسلم “حسن محمد حسن”، والذي حَرصت على تسجيلها صوتًا وصورة (مُرفق مقطع فيديو لأجزاء من الحوار)، بالإضافة لتصوير بطاقة تحقيق الشخصية الخاصة به لعل أحدًا يُشكك مُستقبلًا في هويته.

لكن وإن كانت تلك الشهادة من مُسلم عن رؤيته للعذراء تحظى بخصوصية لما تعكسه من حيادٍ وموضوعية، إلا أننا لابد وأن نعترف بأن بعض الأفكار المُسبقة (والتي قد لا تُعبر بالضرورة عن الواقع) أحيانًا ما تُساهم في تشكيل القناعات الشخصية، وما أعنيه هُنا تحديدًا هو مسألة اقتناع قطاعات واسعة من الناس بأن الحمام لا يطير ليلًا!، واقع الحال أن هذه المفهوم يحتاج إلى تَدقيق.

(4) أطياف وكُتَل نورانية و”حمام”

لم يتوقف الأمر عند حد شهادة الشاب المُسلم «حسن محمد» بصحة تلك الظواهر الروحية في كنيسة الوراق، فقد نَشرَت «الجمهورية» -أكبر الصُحف القومية- فى عددها بتاريخ الأحد 20 ديسمبر 2009، عِدة تقارير صحفية تتضمن أقوالًا لشهود عَيان من المُسلمين والمسيحيين، تمحورت كلها في تجاه تأكيد حدوث تلك الظواهر الروحية.

وجاءت عناوين «الجمهورية»على النَحو التالي:

* الجمهورية تنفرد برصد أدق تفاصيل الحدث الذي شاهده المسلمون والمسيحيون.

* ظهور العذراء مريم في كنيسة الوراق.

* شهود العيان: كتلة نورانية خرجت من السحاب.. ثم شاهدنا العذراء بملابسها البيضاء والزرقاء بجوار القبة الوسطي.

* الظهور طبيعي.. ولا يمكن أن يكون من صنع إنسان.. طيور حمام شديد الضياء حلقت فوق المكان.

لكن -ومن خلال مُشاهدتي الشخصية- أستطيع هُنا أن أُميز بين أمرين فيما يتعلق بمسألة الحمام الذي يَطير ليلًا..

فقد ارتبط ظهور حمامة أو سِرب من الحمام في السماء ليلًا عند البعض بتجلي السيدة العذراء فوق قباب كنيستها بالزيتون عام 1968، (فضلًا عن استخدام الكنيسة للقب “الحمامة الحسنة” للإشارة إلى السيدة العذراء في الكثير من تسابيحها وصلواتها الطقسية)، ومن وقتها لليوم يربط البعض بين أي حمامة تطير ليلًا وظهورات العذراء والملائكة والقديسين!

في مناسبات عِدة شهدت بعض الكنائس احتشاد الآلاف من الناس حولها، لمجرد رؤية “حمامة عادية” تطير ليلًا حول منارتها، ويطير الخبر بسرعة البرق “العدرا ظهرت في المكان الفلاني”!

لكن الواقع أن هذا الربط يقع في غير محله.. لماذا؟!

أولًا، لأن ما شاهده الناس في الزيتون لم يكن بالفعل حمامًا حقيقيًا كالذي نعرفه، إنما هى أشكال نورانية “تشبه الحمام وتتحرك بسرعة غير عادية، وكان ظهور هذه الأشكال الروحانية في كل مرة مُقدِمة لظهور السيدة العذراء في كامل هيئتها بشكل جسم كما من سحاب ناصع أو بشكل نور، بحسب ما جاء في بيان المقر البابوي الذي أكد ظهور العذراء فى كنيستها بالزيتون منذ مساء 2 أبريل 1968.

ثانيًا، فكرة أن الحمام لا يطير ليلًا، واقعية إلى حدٍ كبير، لكن ذلك لا يصل إلى حد الاستحالة، إذ يُمكن للحمام أن يطير ليلًا إذا ما جرى تدريبه على ذلك، وهذا أمر يعرفه جيدًا هواة تربية الحمام.

وللتدليل على ذلك، فيما يلي مقطع فيديو قمت بتصويره بنفسي لسِرب من الحمام الأبيض يطير ليلًا بمنتهي البساطة والانسيابية في ظروف طبيعية، وفي شارع مُزدحم بالناس، وبمعزلٍ عن أي كنيسة.

(شاهد https://youtu.be/9R2Ztj_C-T4 )

ومقطع آخر -من الإنترنت- يُظهر تحليق سرب من الحمام في سماء الكعبة ليلًا..

(شاهد https://www.youtube.com/watch?v=ATYneO6_P7c )

وبالعودة إلى «الوراق»، فإنني لابد وأن أشهَد -من مُنطلق المسئولية والحياد- بأن انفعال الجموع المُحتشدة وانبهارهم وتعالي أصواتهم بالهُتاف والزغاريد، قد ارتبط في كثير من الأحيان بتحليق «حمامة عادية» فوق رؤوسهم، الأمر الذي لا يُمكن وصفه بـ «الخارق للعادة»، ما يَعكس استعداد قطاعات واسعة من الناس ولاسيما البسطاء منهم للتعاطي مع أمور عادية بطبيعتها بشيء من المُبالغة والتضخيم، إذا اقترن ذلك بأجواء مَشحونة بالانفعالات والتلهُف لظهورات حقيقية.

هنا مقطع فيديو يُبين كيف كان تحليق حمامة عادية في محيط الكنيسة ليلًا يُثير انفعالات الجموع المُحتشدة.. (شاهد https://youtu.be/fv4TZzjSB2c )

لكن ومع ذلك فقد أظهرت بعد مقاطع الفيديو الموجودة على الإنترنت أجسامًا نورانية لامعة (تشبه كُتلة اللهب) وهى تَسبح في الفناء الداخلي للكنيسة أو بالقرب من قبابها، ومقاطع الفيديو تلك -إن صَحَّت- فهى تؤكد ما رواه بعض شهود العَيان عن رؤيتهم لكائنات نورانية تَسبح في مُحيط المكان، وتَدعم فكرة أن ما شَهدته «الوراق» هو فعلًا ظواهر غير اعتيادية.

هنا: https://youtu.be/QYidNF7Mfws

وهنا: https://youtu.be/skQo1xS7d24

أما ما أستطيع أن أؤكده شخصيًا كشاهد عَيان، فهو ظهور كُتل ضوئية تَسبح في السماء داخل السُحب وليس سطحيًا كما يحدث عندما يُسلط أحدهم أضواء الليزر العملاقة في الأفراح والحفلات، على النًحو الذي توضحه الصورة المُرفقة، والتي التقطتُها بنفسي ليلة السادس عشر من ديسمبر 2009 في سماء كنيسة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بحي الوراق.

لكن المُدهش أن هذه الأجسام المُضيئة قد شوهدت في ليلة الثلاثاء 22 ديسمبر 2009، فى سماء عدد من أحياء القاهرة من بينها الزيتون وعين شمس وعزبة النخل والزاوية الحمراء، وأيضًا في شبرا التي شَهدت احتشاد الآلاف في شارعها الرئيسي، الأمر الذي استدعى تواجدًا آمنيًا كثيفًا للسيطرة على الزحام وتنظيم حركة المرور، وشَهد حي الهَرم أيضًا تكرارًا للظاهرة فجر يوم الأربعاء 30 ديسمبر 2009.

وفيما يلي مقاطع فيديو إلتقطها بعض أصدقاء أعرفهم بالإسم في أماكن مُختلفة، وتظهر فيها تلك الأجسام النورانية بوضوح وهى تَسبَح داخل السُحب.

أجسام نورانية تَسبَح في سماء شبرا – 22 ديسمبر 2009

https://youtu.be/qYvDUvnCkk4

أجسام نورانية تَسبَح في سماء عزبة النخل – 22 ديسمبر 2009

https://youtu.be/Z9sDLDPkijA

أجسام نورانية تَسبَح في سماء الهرم – فجر يوم 30 ديسمبر 2009

https://youtu.be/GJwvExvItEs

(5) “الرَّبُّ يَفْتَحُ أَعْيُنَ ٱلْعُمْيِ» (مز 186 : 8)

كُنت في الوراق أتحرك لأجمع شهادات الناس من مُختلف الأعمار والثقافات والديانات، وأستمع لأولئك الذين شاهدوا ما لم أشاهده وأنا بينهم واقف، ينظرون أبواب السماء مفتوحة والعذراء بكامل هيئتها مُتجلية على هواتفهم النقالة، فيما الأعُين الشاخصة نحو المنارات والقباب تكاد لا ترى شيئًا إلا حمامة تُحلق ما بين الحين والأخر فتخطف الألباب، أو ضوء خاطف من هُنا أو هُناك!

لكن في وَسط الزحام الشديد، وفي تلك الأجواء المَشحونة بالصَخب والضوضاء، إذ بصوت إحدى السيدات يتعالى بالصُراخ، مُعلنة بثقة أن الظُلمة التي سادت على عينيها لمدة سِت سنوات قد انقشعت للتو.

بدأت السيدة «كوكب» تَسرِد مُعجزتها، ولعلها المُعجزة الوحيدة التي تزامنت مع ما شهدته الوراق من ظواهر غير اعتيادية، على الأقل فلم نَسمع بغيرها.

مقطع الفيديو المُرفَق تَظهَر فيه السيدة «كوكب» لأول مرة بعد دقائق من المعجزة التي تأكد صِجتها على النَحو الذي سأُبينه لاحقًا.

(شاهد https://youtu.be/UpTnbOEtsWc )

(6) أقارب “كوكب” وكهنة كنيستها يشهدون للمُعجزة

حينما بدأت السيدة «كوكب» صراخها، مٌعلنةً أن الغشاوة عن عينيها قد انزاحت، وأن مُعاناة سِت سنوات من فقد البصر قد انتهت، كان من الضروري أن استعين بشهادات من يعرفونها عن قُرب لنفي أو تأكيد روايتها، فقمت بإجراء أكثر من مُقابلة شملت أبنائها وجيرانها وكهنة كنيستها قبل أن اصطحبها آخيرًا إلى عيادة الطبيب المُعالج لحالتها لاستبيان ما طرأ على تلك الحالة من تغيير.

(شاهد  https://youtu.be/ZlgcEXHXNj0 )

(7) والطب أيضًا قال كلمته

في خِضم مُبالغات عديدة ارتبطت بما شهدته الوراق من ظواهر روحية، لم يكُن من سبيل للاكتفاء بشهادات الشهود، خاصة فيما يَتعلق باستعادة السيدة «كوكب» بصرها بعد سِت سنوات عاشتها في شِبه ظلام دامس، الأمر الذي دفعني إلى الالتجاء للدكتور “صفوت شاكر”، استشاري طب وجراحة العيون ورئيس قسم الرمد بمستشفى النيل، وهو نفسه الطبيب المُعالج للسيدة «كوكب» لاستبيان ما طرأ على حالتها من تغيير.

وفي عيادة الدكتور صفوت، عملت على رَصد وتصوير كل مراحل الفحص التي قام بها لحالة «كوكب»، والتي انتهت بكتابة تقريره عن الحالة، على النحو التالي:

[دكتور/ صفوت شاكر، أخصائى طب وجراحة العيون، رئيس قسم الرمد بمستشفى النيل

السيدة/ كوكب منير شحاتة، تُعاني منذ 6 سنوات بتغيرات سكرية بالشبكية للعينين وهى تعالج منذ فترة طويلة من مرض السكر وضغط الدم المرتفع، وتم عمل جلسات ليزر علاجية أكثر من مرة، وتم عمل حقنة بالجسم الزجاجى، وتم عمل فحوصات للعينين (أشعة بالصبغة على العينين) ونتيجة لكل العلاج السابق من حَقن أو ليزر حدث تَليُف بالشبكية وضمور بمركز الإبصار مما أدى إلى ضَعف حاد بالبصر لأقل من 60/6 ، وكان ذلك وضع نهائى.

وبالفحص اليوم وَجدت أن قوة الإبصار بالعينين في تَحسُن ووصلت إلى 18/6 ، ويُعتبر هذا حدث غير طبيعى (مُعجزة)، لأنه علمياً التليُفات بالشبكية ومركز الإبصار هو وضع نهائى، والتحسُن هو فَضل من الله وقديسيه على السيدة كوكب، وهذا تقرير طبى بذلك. تحريرا فى 17-12-2009]

فيما يلي رابط فيديو، يُظهر عملية الفحص بالكامل، وإقرار الطبيب بأن ما حدث “مُعجزة” يصعُب تفسيرها علميًا. (شاهد https://youtu.be/0_2ux5iq0Go )

(8) “لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعِيَانِ” (2 كو 5: 7)

لعل أهم دَرس يُمكن استخلاصه من شفاء السيدة «كوكب» واستردادها بصرها بعد 6 سنوات عاشتها في شِبه ظلام دامس، أن «الإيمان» له القوة والفعالية ليصنع المُعجزات، فمن بين عشرات الآلاف الذين احتشدوا لمُشاهدة تلك الظواهر الفائقة للطبيعة في مُحيط كنيسة الوراق، كانت «كوكب» وحدها صاحبة الامتياز، [الثقة بما يرجى، والإيقان بأمورٍ لا ترى] (عب11: 1).

وفيما أولئك المُحتشدون بجُملتهم شاخصون لإدارك ما يدخل في نطاق الروحيات بالعين المحسوسة، إذ بالسماء تَختَص السيدة «كوكب» وحدها -ومن غير أن تكون في حاجة إلى حاسة الإبصار- بذلك الحدَث المُعجزي الفريد، ترسيخًا للمبدأ الكتابي [لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعِيَانِ] (2 كو 5: 7)، وكأن الله -تبارك أسمه- يُجدد تطويبه للمؤمنين بحق في شخص «كوكب»، بينما يقف أولئك التواقين للظهورات والتجليات في نفس الصف مع التلميذ الشكَّاك ليسمعوا من فم السيد [لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا] (يو 20: 29).

لم تعتمد «كوكب» على حواسها الجسدية، إنما على الإيمان الذي يثق ويترجى ويُصدِق بإيقانٍ دون أن يلتمس دلائل مادية أو قرائن عينية، بعكس الكثيرين ممن وقفوا شاخصين بعيونهم ولسان حالهم يُردد مع الكتبة والفريسيين [نُرِيدُ أَنْ نَرَى آيَةً] (مت 12 : 38)، وهو أمر تكرَّر مع هيرودس أنتيباس الذي رَغَبَ في أن يرى يسوع [وَتَرَجَّى أَنْ يَرَي آيَةً تُصْنَعُ مِنْهُ، وَسَأَلَهُ بِكَلاَمٍ كَثِيرٍ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ]، فلما لم يُعطِه السيد غرضه [احْتَقَرَهُ هِيرُودُسُ مَعَ عَسْكَرِهِ وَاسْتَهْزَأَ بِهِ] (راجع لو 23).

وكما آمنت «كوكب» بأن الله -تبارك أسمه- قادر أن يُنير عينيها إن هو آراد، فقد وَثَقَت في أن شفاعة العذراء والدَالة التي لها عند مُخلصنا الصالح، يُمكن أن تكون سبيلها إلى الشفاء.

استحقت «كوكب» تلك المُعجزة -استثناءًا- دون غيرها، لأن حاجتها كانت ماسة، بعدما استنفذ الطب كل وسائله..

كثيرون في ظنهم الخاطيء عن الله يُصورونه كما لو كان الساحر الذي يقف أعلى المسرح ليُقدم فقرات شيقة ومُثيرة يُبهِر بها الجمهور..

الله يحب خليقته، وهو من وضع لهم ناموس الطبيعة، هو من يسمَح بالأمراض وهو من يُلهم الأطباء بالعلاج، والمعجزات والظهورات ليست إلا اسثناء، حدث عارض ونادر الحدوث، وله دوافع قوية تستلزمها حاجة البشر في مواقف لا تفيد فيها الحلول البشرية.

تضمنت الحلقات السابقة من شهادتي تلك أقوالًا لشهود عيان ممن قالوا أنهم شاهدوا العذراء تتجلى فوق قباب كنيستها بالوراق، سواء بُحلتها النوارنية الكاملة أو في صورة حمام يُحلق ليلًا -على حَد وصفهم.

وقد دوَّنت مُلاحظاتي وشهادتي الشخصية من واقع وجودي بمحيط الكنيسة في أيام عديدة -ولاسيما مساء يوم الثلاثاء 15 ديسمبر وفجر يوم الأربعاء 16 ديسمبر 2009- وهذه الساعات لها خصوصية تمتاز بها عن سائر الأيام التي احتشد فيها الناس لرؤية الظهورات..

أولًا، لأنها الليلة التي شَهدت مُعجزة استرداد السيدة «كوكب» بصرها بعد 6 سنوات عاشتها في شِبه ظلام دامس، والتي تأكدت من خلال شهادة من يعرفونها عن قُرب ثم باصطحابي لها إلى الطبيب الذي كان يُباشر حالتها، والذي دَوَّن تقريره واصفًا ما حدث بالمُعجزة التي لا يُمكن للعلم أو وسائل الطب الحديثة أن تجد تفسيرًا لها.

ثانيًا، لأنها الليلة التي شَهدت ميلاد مقطع الفيديو الشهير الذي اعتبره الكثيرون تجليًا للعذراء بكامل حُلتها النورانية..

(شاهد مقطع الفيديو   https://youtu.be/bzISaIYbPG8)

ولهذا المقطع مُلابسات، أجد أنه من الأمانة أن أسردها بدقة وموضوعية وحياد:

حضر نيافة الأنبا ثيؤدوسيوس الأسقف العام بالجيزة (وقتها)، في تلك الليلة إلى الكنيسة، وبصُحبته القمص يوحنا منصور وكيل عام المُطرانية، وانضم إليهما كهنة الكنيسة الثلاث (القمص داود إبراهيم والقس يسطس كامل والقس بيشاي لطفي)، وصَعد الجميع معًا إلى سطح الكنيسة، وقد أطفئت الأنوار عن المنارتين الأماميتين والقباب والصُلبان، لكن صليب المنارة الخلفية للكنيسة لم يُطفأ وكذا الكشاف الداخلي للمنارة.

مر الوقت دون أي أمر لافت للنظر، إلى أن دخل أحدهم إلى حيث الأب الأسقف والكهنة معه مجتمعين وكنت إلى جوارهم، لا يكاد يُصدِق نفسه من الفرحة، يُبشرنا بظهور العذراء بكامل حُلتها النورانية في ثوبها الأبيض وردائها الأزرق اللامع، وبيد المُبشِر هاتفه الجوال يعرض المشهد ذاته..

سادت حالة من الهَلع المصحوب بالدهشة، كيف للعذراء أن تظهر على هذا النحو، فترصد كاميرا الهاتف النقال ظهورها دون أن ينتبه لها أو يُشاهدها أحد!

بدأ الجميع يتأمل مقطع الفيديو، ويتناقلونه فيما بينهم من خلال “البلوتوث”، وأخيرًا بدأوا يتسألون عن كيفية تصويره، فأجاب الرجل: “اللي صورته بنت أسمها نرمين، وهى بس اللي شافت العدرا، محدش غيرها كان شايف”!

كُنت أتابع ردود الأفعال على وجوه الجميع، والتي لم تختلف في مُجملها، عدا وجه القس بيشاي لطفي (أحد كهنة الكنيسة) الذي تغير فجأة، ما دفعني لسؤاله عن السبب، فأجاب بلهجة ملؤها الغضب: “ده مش ظهور، ده مجرد انعكاس لنور الصليب والمنارة بسبب إن اللي صَوَّر كانت إيده بتتهز، أنا تخصصي قبل الكهنوت كان هندسة طيران وبتكلم من واقع دراستي، والمشهد ده هايكون ذريعة للتشكيك في الظهورات الحقيقية اللي حصلت قبل كدة”.

وعبثًا حاول القس بيشاي لطفي احتواء فرحة الحاضرين، وحثهم على حذف مقطع الفيديو من هواتفهم، لكن الوقت كان قد فات، لأن دقائق معدودة كانت كافية لينتقل المشهد بين الجموع المُحتشدة بالأسفل بسرعة كسريان النار في الهشيم.

يُظهِر مقطع الفيديو نفسه الجموع المُحتشدة في حالة لَهوٍ كامل، لا يرى أيًا منهم المشهد الذي كانت الفتاة تراه على شاشة هاتفها النقال، والمُدهش أن مقطع الفيديو نفسه يوضح كيف أن الفتاة التي تُصور ترى المشهد من خلال موبايل ولا تراه خارجه، وإلى جوارها صوت أحدهم مؤكدًا في إلحاحٍ: “يا جدعان دي اللمبة… اللمبة اللمبة اللمبة اللمبة..”، إلى أن أُطفئت الأنوار عن المنارة والصليب، ليختفي المشهد وتعود الفتاة نفسها لتُشارك الحشود من حولها في اللَهو والهتاف “هوبةَّ هوبةَّ هوبةَّ، العدرا فوق القبة”!

وفيما يلي أيضًا مقطع فيديو يَرصُد انطباعات اللحظات الأولى على وجه الأب الأسقف والأباء الكهنة بعد مُشاهدة مقطع الفيديو، وتصريح القمص داود إبراهيم أن لا أحد من الناس شاهد العذراء في الواقع..

(شاهد https://youtu.be/gFEZvc7Snoc )

وشهادتي تلك عن ليلة 16 ديسمبر 2009، لا تعني نفيًا أو إنكارًا لحدوث ظهورات في ليالٍ سابقة أو تالية، لكني أشهد أنه في تلك الليلة لم يكن ثمة ظهور أو تجلي، فقط أطياف على شكل كُتل ضوئية تسبح في السماء من داخل السُحب، وهو مشهد تكرر في عدد من أحياء القاهرة والجيزة دون أن يجد له تفسير.