هل تحزن الكنيسة من أجل الخطاة؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
مقدم الإجابة الشماس بيشوي بشرى فايز
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكنيسة, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

هل تحزن الكنيسة من أجل الخطاة؟

ستظل الكنيسة مع رأسها، ربنا يسوع، فى حزن على الخطاة حتى يعودوا إلى إلههم ويخضعون للآب. ويعلق أوريجينوس على الكلمات، "وأقول لكم إنى من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى" (مت26: 29)، قائلاً إن الخمر فى الكتاب المقدس يرمز إلى الفرح الروحى. لقد وعد الله شعبه أنه سيبارك فى خمرهم، أى سيمنحهم وفرة من الفرح الروحى. لهذا يمنع الكهنة من شرب الخمر عند دخولهم الهيكل، إذ يريدهم أن يكونوا فى حالة حزن وهم يقدمون القرابين عن الخطاة. فإذا تمت مصالحة الخطاة مع الله، عندئذ يكمل فرحهم. يعتقد أوريجينوس أن المسيح نفسه مع قديسيه يكون فى انتظار توبة الخطاة، ففرحهم إذن، لا يزال غير كامل.

يقول العلامة أوريجينوس: [يجب ألا نظن أن بولس يحزن من أجل الخطاة ويبكى لتجاوزاتهم، بينما يكف المسيح عن البكاء، حين يقترب من الآب، ويقف عند المذبح ليُقدم ذبيحة التكفير عنا. هذا ليس شرب خمر الفرح "حين يصعد إلى المذبح"، إذ أنه لا يزال يحمل بعد مرارة خطايانا. لذلك فهو غير راغب أن يشرب وحده من الخمر فى ملكوت أبيهن بل ينتظرنا، وكما قال: "حتى أشربه معكم". فنحن إذن نؤخر فرحه بالتهاون فى حياتنا ([180])].

كما يقول: [لا يزال عمله غير مكتمل طالما أنا غير كامل، وغير خاضع للآب، فلا يُقال عنه هو أيضاً "يخضع" (1كو15: 28). ليس لأنه محتاج إلى الخضوع بذاته أمام الآب، ولكن من أجلى أنا، الذى لم يكتمل عمله فىّ، قيل إنه لم يخضع بعد، فمكتوب أننا "جسد المسيح وأعضاءه جزئياً" (1كو12: 27).

لأنه طالما كان فى داخلى "يشتهى الجسد ضد الروح، والروح ضد الجسد" (غل5: 17)، ولم أستطيع بعد إخضاع جسدى لروحى، فمن المؤكد إنى "خاضع" لله، لا بجملتى بل جزئياً،.. أما إن أمكننى أن اجتذب جسدى وكل أعضائى الأخرى فى تناغم مع روحى، فسأبدو كما لو أننى صرت خاضعاً تماماً.

لكنه لا يشرب الآن، إذ هو واقف أمام المذبح حزيناً على خطاياى. إنه سيشرب بعدئذ، عندما يخضع له الكل، وبعد خلاص الكل وموت الخطيئة (1كو15: 26، 28؛ رو6: 16). عندئذ لن يكون ضرورياً بعد، أن تُقدم "ذبيحة خطيئة" (لا 6: 30)، فسيكون هناك فرح، "وتبتهج العظام المتواضعة" (مز51: 8)، ويتحقق ما كُتب: "ويهرب الحزن والتنهد" (إش35: 10).

لأن القديسين، عند رحيلهم من هذا العالم لا يحصلون مباشرة على مكافأتهم كاملة عن استحقاقاتهم، فهم ينتظروننا بالرغم من أننا سنتأخر. فلا يكون لهم الفرح الكامل وهم حزانى من أجل أخطائنا وخطايانا.

من الذى يقول هذا، إذ من أكون أنا حتى أجزم بعقيدة كهذه؟ لكنى سأسوق لك شهادة ممن لا تشك فيهم. فالرسول بولس "مُعلم الأمم فى الإيمان والحق" (1تى2: 7)، فى رسالته إلى العبرانيين، وبعد أن عدّد أسماء الآباء القديسين الذين قد تبَّرروا فى الإيمان، أضاف: "فهؤلاء كلهم مشهود لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد، إذ سبق الله فنظر لنا شيئاً أفضل لكى لا يُكملوا بدوننا (عب11: 39 - 40). فأبونا إبراهيم، كما ترى، مازال فى انتظار أن يحصل على ما هو كامل. كذلك الأمر مع آبائنا إسحق ويعقوب وجميع الأنبياء، كلهم ينتظروننا لنحصل معاً على الطوباوية الكاملة. لذلك، ستفرح أنت إذ ترحل عن هذه الحياة إن كنت مقدساً. لكن فرحك لن يكون كاملاً، إذا ما افتقدت أعضاء من الجسد. إنك تنتظر الآخري، كما سبق أن انتظرك من سبقوك.

فإن كان فرحك لا يبدو كاملاً وأنت العضو، إذا ما افتقدت عضواً آخر، فكم بالأحرى يكون الأمر بالنسبة إلى ربنا ومخلصنا "وهو الرأس" (أف4: 15 - 16) والأصل للجسد كله؟ إنه يعتبر فرحه ليس بكامل مادام يرى أحد أعضاء جسده ناقصاً. ربما لهذا السبب أفاض بصلاته أمام الآب: "والآن مجّدنى أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم" (يو5: 17). أنه لا يريد أن يأخذ مجداً كاملاً بدوننا، أى أنه يرغب فى أن يحيا فى هذا الجسد الذى هو كنيسته، وفى هذه الأعضاء من شعبه، كما أيضاً فى أنفسهم، حتى تكون نبضاتهم وأعمالهم طبقاً لمشيئته. ليتحقق فينا قول النبى: "وأجعل مسكنى فى وسطهم وأسيربينهم" (لا 12: 26).

غير أننا مادمنا غير "كاملين وما زلنا بعد فى خطايانا" (فى3: 15؛ 5: 8)، فهو فينا جزئياً. لذلك نحن "نعلم بعض العلم، ونتنبأ بعض التنبؤ" (1كو13: 9)، إلى أن يصير كل منا مستحقا أن يصل إلى المستوى الذى يقول عنه الرسول: "فأحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فىّ" (غلا2: 20). كما يقول أيضا "نحن جسد المسيح وأعضاؤه" (1كو12: 27)، بل "وأفراداً نحن عظامه" ([181])].


[180] [] Homilies on Leviticus 2: 7 (see Frs. Of the Church).

[181] [] Homilies on Leviticus 2: 7 (see Frs. Of the Church).

كيف نشرب الكأس الجديدة مع السيد المسيح فى السماء (مت29:26)؟

ما هو دور الكنيسة كأم للمؤمنين؟