ماذا يقول الكتاب المقدس والتسليم الكنسى عن المجيئين؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الأختلافات مع الطوائف, السبتيين الأدفنتست, اللاهوت المقارن, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يقول الكتاب المقدس والتسليم الكنسى عن المجيئين؟

كتب القديس كيرلس الأورشليمى عن المجئ الثانى للسيد المسيح:

[ "كنت أرى أنه وُضعت عروش، وجلس القديم الأيام، ثم" كنت أرى فى رؤى الليل، وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان آتى... "(دا 7: 13، 9).

لسنا نكرر بمجئ واحد للمسيح بل وبمجئ آخر فيه يكون ممجداً جداً أعظم من الأول. المجئ الأول أظهر صبره، والثانى فيحضر معه إكليل مملكته الإلهية. لأن تقريباً كل شئ فى ربنا يسوع المسيح يحمل جانبين: فله نسب مزدوج، مولود من الله قبل كل الدهورن، ومولود من العذراء فى ملء الدهر. ونزوله مزدوج، واحد يأتى فيه مختفياً، "مثل المطر على الجزاء" (مز 72: 6)، والآخر مجئ واحد مُنتظر.

فى المجئ الأول كان الحضور الملائكى جزئياً، إذ ظهر فقط "جمهور من الجند السماوى" (لو 2: 13). أما فى المجئ الثانى، فسيكون الحضور أكمل وأشمل لأن الرب سيأتى وجميع الملائكة القديسين معه، كما يقول متى البشير (مت 25: 31).

فى مجيئه الأول كان ملفوفاً بقماطات فى المذود، وفى ظهوره الثانى يظهر "اللابس النور كثوب" (مز 104: 2). فى مجيئه الأول "احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12: 2)، وفى الثانى تحوطه جيوش الملائكة ممجداً[67].

فنحن لا نستند على مجيئه الأول فحسب، وإنما ننتظر مجيئه الثانى أيضاً. وكما قلنا فى مجيئه الأول: "مبارك الآتى بأسم الرب (مت 21: 9؛ 23: 39). سنزود أيضاً هذا فى مجيئه الثانى، فإن نتقابل مع سيدنا وملائكته، نتعبد له قائلين:" مبارك الآتى باسم الرب ".

سيأتى لا ليُحكم عليه، بل ليدين من حاكموه. ذاك الذى صمت أثناء محاكمته يقول للأشرار الذى فعلوا معه هذه الجسارة: هذه الأشياء صنعتم وسكت (مز 50: 21).

إذن، قد جاء بتدبير إلهى معلماً الناس بالإقناع، أما هذه المرة بالضرورة يقبلونه ملكاً حتى الذين لا يريدون!

بخصوص هذين المجيئين يقول ملاخى النبى: "ويأتى بغتة إلى هيكله السيد الذى تطلبونه" (ملا 3: 1)، هذا هو المجئ الأول. أما عن مجيئه الثانى، فيقول: "وملاك العهد الذى تسرون به. هوذا يأتى قال (رب الجنود القادر على كل شئ)، ومن يحتمل يوم مجيئه؟! ومن يثبت عند ظهوره؟ 1 لأن مثل نار الممحص، ومثل أشنان القصار، فيجلس ممحصاً ومنفياً" بعد هذا يقول المخلص نفسه: "واقترب إليك للحكم وأكون شاهداً سريعاً على السحرة وعلى الفاسقين وعلى الحالفين زوراً..." (ملا 3: 5).

لهذا السبب يحذرنا بولس الرسول قائلاً: "إن كان أحد يبنى على هذا الأساس ذهباً، فضة، حجارة، كريمة، خشباً، عشباً، قشاً، فعلم كل وحدا سيصير ظاهراً، لأن اليوم سيبينه، لأنه بنار يُستعلن" (1 كو 3: 12 - 13).

عرف بولس المجيئين حين كتب إلى تيطس قائلاً: "ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس، معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية، ونعيش بالتعقل والبرّ والتقوى فى العالم الحاضر منتظرين الرجاء المبارك، وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" (تى 2: 11 - 14). ها أنتم ترون كيف يتحدث عن المجئ الأول الذى من أجله يُقدم تشكرات، وعن الثانى الذى نطلبه وننتظره. هكذا أعلن بولس نفس الإيمان الذى نعلنه، فنحن نؤمن بالذى صعد إلى السماوات وجلس عن يمين الآب، وأيضاً يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات الذى ليس لملكه انقضاء...

مجئ السيد المسيح الأول لخلاص العالم غير نظرتنا نحو مجيئه أو يوم الرب، أو يوم الدينونة، فقد صار بالنسبة لنا يوم العرس الأبدى المفرح! لم يعد يوم مجيئه مرعباً، بل صار شهوة قلوبنا التى طالما تترقبه بفرحٍ وتهليلٍ.

من التداريب الرئيسية فى حياة آباء البرية كما فى حياة الجادين فى خلاصهم هو تذكرهم ليوم مجئ الرب الأخير، ليس خوفاً من الدينونة، وإنما بالأكثر استعداداً للتمتع بالأمجاد الأبدية، والتمتع بالأحضان الإلهية.

يقول الشهيد كبريانوس: [يا له من يوم عظيم ذاك الذى يعطينا فيه السيد مكافأة الإيمان والإخلاص! كيف سيكون المجد؟ وكم يكون فرح الدخول إلى حضرة الله عظيماً. أن نتشرف بقبول الفرح الذى للنور الأبدى والخلاص فى حضرة المسيح الرب إلهنا! إننا نتقابل مع إبراهيم وإسحق ويعقوب وكل البطاركة والرسل والأنبياء والشهداء. فى بهجة الخلود الذى سيُمنح لن نقبل هناك ما لم تره عين، ولم تسمع به أذن، ولم يخطر على قلب بشر[68]].

يقول القديس كيرلس الكبير: [يليق بنا أن نتطلع إلى مجئ المسيح الثانى من السماء، فإنه سيأتى فى مجد الآب مع الملائكة القدّيسين... سيأتى المسيح كما من وليمة، لهذا يظهر بوضوح أن الله يسكن كما فى أعياد (عُرس)، الأمر الذى يليق به. فإنه لا يوجد حزن قط فى الأعالى، إذ لا يوجد قط شئ يُحزن الطبيعة التى فوق الأهواء والتى لا تتأثر بها قط[69]].

بمجئ السيد المسيح الثانى على السحاب يحتضنا عروساً سماوية من صنع يديه، نشاركه المجد الأبدى. يقول القدّيس كيرلس الكبير: [ "ويصعدون من الأرض" (هو 1: 11)، بمعنى أنهم يحيون حياة القدّيسين حسناً، "لأن يوم يزرعيل عظيم". بالحقيقة عظيم هو يوم المسيح، عندما يقيم كل الأموات إلى الحياة. حقاً ينزل من السماء، ويجلس على عرشه المجيد "ويجازى كل واحد حسب أعماله" (مت 16: 27). لذلك إن أراد أحد أن يفهم "اليوم" أنه وقت الافتقاد – عندما تُمنح مغفرة الخطايا بواسطة المسيح لليونانيين واليهود والذين أخطأوا ضده – فإن داود أشار إلى وقت مجئ مخلصنا بالقول: "هذا هو اليوم صنعه الرب، فلنبتهج ونفرح فيه" (مز 118: 24) [70]].


[67] - ربما اقتبس القديس كيرلس المقارنة بين المجيئين عن الشهيد يوستينوس (دفاعه 1: 52؛ مع تريفو110). أنظر أيضاً ترتليان (ضد اليهود 14) وهيبوليتس (ضد المسيح44).

[68] - للكاتب: الحب الإلهى، 2010، ص1157.

[69] In Luc hom 92.

[70] St. Cyril of Alexandria Commentary on Hosea 9: 1.

ما هو موقف إبليس من المجئ الثانى للسيد المسيح؟

ما هو المُلك الألفى؟ وما هو معناه الحقيقى؟