الأصحاح الثاني – تفسير رسالة تسالونيكي الثانية – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني

موضوع هذا الإصحاح هو إنسان الخطية الذي يعتبر إحدي النبوات الرئيسية في العهد الجديد. وأن مجيئه يسبق مجئ المسيح.

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، 2أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ.".

توهم التسالونيكيين أن يوم الرب الذى فيه يأتى ليأخذنا للسماء معه = وإجتماعنا إليه قد إقترب وذلك:

  1. بفهم خاطئ للرسالة الأولي.
  2. لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ = إدَّعى المعلمين الكذبة أن عندهم وحى بهذا.
  3. وَلاَ بِرِسَالَةٍ = زَوَّروا رسالة ونسبوها إلي بولس الرسول بأن اليوم قريب. فإرتاعوا بسب ذلك. فأرسل لهم هذه الرسالة وأعطاهم علامة علي الرسائل الحقيقية التي يرسلها هو (راجع 2تس3: 17، 18).

الأعداد 3-4

الآيات (3 - 4): -

"3لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِي إِنْ لَمْ يَأْتِ الارْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنْ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، 4الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ.".

كلمة ارْتِدَادُ في اليونانية تعني ثورة عسكرية وتمرد عسكري سياسي وعصيان، والمقصود ثورة علي المسيح. عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا = هو سيبطل كل عبادة سواه. وهذا نص ما ذكره دانيال النبي في (دا11: 36) عن الملك المتأله. وغالباً هو الوحش فى سفر الرؤيا (ص 13، 16، 19، 20) وهو ضد المسيح في رسائل معلمنا يوحنا الحبيب. الْمُقَاوِمُ = فهو سينطق بما هو ضد العلي ويتجاسر بإرتكاب أعمال شريرة ضد المسيحيين. يتركز فيه كل ارتداد شيطاني، ويخادع الناس بأنه إله، وفي كبرياء يثير الناس ضد الله.

وقد ساد في القرون الأولي إعتقاد أن هذا الإنسان يظهر بعد زوال الدولة الرومانية، وأن الإمبراطور الروماني هو القوة المقاومة لظهوره لذلك صلوا ليستقر الإمبراطور علي كرسيه وتبقي الدولة الرومانية. وحدد بعض الآباء أنه سيكون يهودياً ومن سبط دان.

وقال البعض من الآباء أن كثيرين من المقاومين لله وللمسيح كانوا رمزاً له مثل أنطيوخس أبيفانيوس آخر الملوك اليونان الذين حكموا اليهود، ونيرون الذي حسب نفسه إلهاً. ولكن من سفر دانيال يتضح تماما أن أنطيوخس إبيفانيوس اليونانى هو رمز لضد المسيح هذا (وراجع إصحاحات 8، 11 من سفر دانيال).

إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ: هو عكس المسيح فى كل شئ، فالمسيح هو استعلان للبر، فيه تشخيص كمال البر الإلهي، من يقتنيه إنما يقتنى بر الله فيه، أما هذا فتتشخص فيه الخطية ببث روح الشر في أتباعه، وفي أنه يقاوم كل بر حقيقي. لذلك يُسَمَّى ضد المسيح = وهذا يعنى أن المسيح كان وديعا أما هذا فسيكون دمويا (رؤ13) / المسيح كان متواضعا أما هذا فسيكون متكبرا / المسيح كان طاهرا أما هذا فسيكون نجسا... إلخ.

ابْنُ الْهَلاَكِ = هو هالك ويسعي لإهلاك البشر، ففيه كل قدرة الشيطان (رؤ 13: 2)، هو إبن لإبليس يعمل أعمال أبيه (يو8: 44) + (1يو3: 10). والشيطان هلك لاعتزاله الله، من يسير وراء الشيطان يهلك فهو سيعتزل الله. أتباع الشيطان يحملون صورته ويكونون علي مثاله محبين لهلاك الناس، كما أن أبناء الله يحملون صورة الله. وإنسان الخطية هو إنسان حقيقي يلبسه الشيطان ليعمل فيه بكل طاقته حتي إن أمكن يضل حتي المختارين (مت 24: 24) + (رؤ 13: 2).

ولاحظ أن المسيح أخلي ذاته في إتضاع عكس هذا المتكبر الذي يَدَّعي الألوهية. وهناك من فسَّر عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلهًا = أنه سيحتقر كل المراكز العالمية والقضاء، فالمزمور والذي إستخدمه السيد المسيح ألم اقل انكم آلهة قيل عن الملوك والقضاة ولكن الرسول يضيف ويقول إلها أو معبودا = إذاً فإنسان الخطية يتضح أن هجومه سيكون على الله الذى نعبده وبالذات على المسيح فهو سيدعى أنه المسيح الذى ينبغى أن يعبده البشر. ويقول القديس أغسطينوس أن اليهود سيقبلون هذا الإنسان علي أنه المسيح "أنا قد أتيت بإسم أبي ولستم تقبلوني، إن أتي آخر بإسم نفسه (إنسان الخطية) فذلك تقبلونه" (يو5: 43)، وبإسم نفسه أي يطلب مجد نفسه في كبرياء. وهم سيقبلونه إذ يظنون أنه في كبريائه وعظمته قادر أن يعطيهم مجد العالم وحكم العالم.

هَيْكَلِ اللهِ: يري بعض الأباء ومنهم كيرلس الكبير أن ضد المسيح يقوم بتجديد الهيكل اليهودي في أورشليم كمركز لعمله. ويري ذهبي الفم وأغسطينوس وغيرهم أنه يتربع في هيكل الكنيسة المسيحية أى يأخذ الكنائس المسيحية ويجعلها مراكز لعبادته، وهذا هو الرأى الأرجح لأن الرسول يسميه هيكل الله، فهل يكون هيكل منسوب لله ويقدم فيه اليهود ذبائح حيوانية. وهناك رأي أن المؤمن هو هيكل لله، تقدس بالمعمودية، وهذا سيفسد قلوب الناس ويملأها شر لحسابه. إذاً إنسان الخطية هو إنسان حقيقي يظهر قبيل مجيء المسيح، ليقيم نفسه إلهاً ويقاوم الكنيسة المسيحية كضربة نهائية من قِبَلْ الشيطان قبل أن يذهب لمصيره فى البحيرة المتقدة بالنار، عند إعلان ملكوت الله الأبدى. وهو سيثير حركة إرتداد عن الإيمان ويقاوم هو وأتباعه كل حق ويقفون ضد الله. ويدنس المواضع المقدسة (دا11: 30، 31) والرسول يطلب من التسالونيكيين أن لا يظنوا أن يوم الله أتي قبل أن يظهر هذا الإنسان، ويرتد الكثيرين وسماه إنسان الخطية لأنه يصنع شروراً لا حصر لها ويثير الآخرين لفعل ذلك، وهو إبن الهلاك فهو سيَهلك بل سيُهلك معه كل من تبعه ويكون سبباً في هلاك كثيرين. ويدعي المقاوم لأنه يقف ضد الله والمرتفع إذ يقيم نفسه إلهاً.

العدد 5

آية (5): -

"5أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّي وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هذَا؟".

يظهر من هذا القول أن الرسول سبق فحدثهم عن إنسان الخطية حين كان حاضراً عندهم يكرز بالإنجيل، فعلي من يؤمن أن يفهم أنه عبر العصور سيقاوم إبليس الله وكنيسته، بل هذا سيحدث حتي النهاية. وهذا ما نبه له السيد المسيح بأن هناك مسحاء كذبة يقومون (مت 24: 23 – 25). الرسول هنا يشير لكلام قاله عندهم شفاهة ولم يشأ أن يكرره كتابة فيكون سببا لمتاعب كثيرة لأحد.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6 وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِي وَقْتِهِ. 7لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِي يَحْجِزُ الآنَ.".

وَالآنَ تَعْلَمُونَ = مما كنت شرحته لكم وأنا عندكم.

مَا يَحْجِزُ = الرسول كتب بطريقة غامضة عن قوة ستظهر أو ظهرت في التاريخ ستكون مانعة لظهور هذا الأثيم، ولكنها حينما تنتهي سيظهر ضد المسيح هذا. لذلك فهم الآباء أنها الدولة الرومانية، ولكنها أى قوة؟ لا نعلم، لكن يبدو أن الرسول في تعليمه لأهل تسالونيكي كان أكثر وضوحاً.

وأصحاب رأي الدولة الرومانية يقولون أنه كما أن مملكة الفرس قامت علي أنقاض مملكة بابل ومملكة اليونان قامت علي أنقاض مملكة الفرس ومملكة الرومان قامت علي أنقاض مملكة اليونان هكذا ستقوم مملكة ضد المسيح علي أنقاض دولة الرومان. ويكون ذلك قبل مجئ المسيح ليملك علي كنيسته للابد. وكان هذا لأن الكنيسة الأولى كانت تتصور أن مجئ المسيح على الأبواب ولم يتصوروا أن هناك دولة أخرى يمكنها أن تحل مكان الدولة الرومانية القوية. وأصحاب هذا الرأي يقولون أن بولس أخفي اسم الدولة الرومانية كحاجز حتي لا يثير الإمبراطور الروماني بقوله ان دولته ستنتهى.

ولكن الدولة الرومانية إنتهت منذ زمن بعيد ولم يأتي ضد المسيح هذا، لذلك نفهم أن قوة أخري أو هرطقة أخري غالباً هي بدعة أريوس التي أنكرت ألوهية المسيح هي ما يقصدها الرسول ولم يشأ توضيح الأمر. وما علينا أن نسكت حتي يُستعلن في وقته كما يقول الرسول، فإن كان الله أراد إخفاء شيئاً ما، فعلينا أن نصمت ونراقب. ولكن ما نفهمه أن إنسان الخطية هو محتجز الآن بأمر إلهى، إذ الشيطان مقيد حتى الآن. ولكن في الأيام الأخيرة يطلق الشيطان، فيعطي كل قوته وقدرته لضد المسيح ليصب الشيطان كل جامات غضبه على الكنيسة، وسيقيم نفسه فى أورشليم (رؤ 11). ولكن الله لن يترك شعبه دون تدخل بل يرسل نبييه إيليا وأخنوخ. ويمكننا أن نري الآن مقدمة لذلك في إنتشار الأفكار الإلحادية والفلسفات المقاومة للحق، تحتل قلوب بعض المؤمنين بدلاً من أن تكون هيكلاً لله.

وبمقارنة هذا مع (رؤ17: 7 – 11) نفهم أن ضد المسيح سيكون ثامناً لسبعة ممالك، كل مملكة قامت علي أنقاض الأخرى وهي مصر / أشور / بابل / الفرس / اليونان / الرومان. وكلها قاومت شعب الله أما ضد المسيح فسيخرج بعد القوة السابعة وهي غالباً. الهرطقات التي خرجت بعد الدولة الرومانية وكانت تنكر لاهوت المسيح.

لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ = منذ بداية المسيحية هاج الشيطان وبدأ فى العمل علي هدم ملكوت الله سواء بتشكيك أو بهرطقات أو إثارة شهوات وخطايا، ولكن في نهاية الأيام ستكون الحرب علناً. فكلمة سر هي في مقابل إستعلان أو يستعلن، فالشر يعمل الآن ولكن خفية، أما حين يظهر ضد المسيح فسيكون علانية. ما قبل ضد المسيح كان المسحاء الكذبة يعملون العداء للمسيحيين سراً وبالخديعة، وأما أعمال ضد المسيح هذا فستظهر علانية (1يو2: 18).

الخلاصة أن هناك أضداد كثيرين للمسيح يعملون الآن سراً ولكن سيأتي الوقت المناسب حين ينزع حاجز ما (لا نعلمه) فيظهر ضد المسيح علناً ولكن بشاعة ما يفعله ضد المسيح علانية تتضاءل أمامه كل أعمال الشيطان السابقة.

الاختطاف.

أحد الأراء والتى ترفضها كنيستنا تقول أن المحتجز هنا هو كنيسة الأمم التي تحجز حتي تكمل أما رفع الحاجز من الوسط فيعني عند أصحاب هذا الرأي إختطاف كنيسة الأمم مع عريسها لكي يأتي الارتداد ويستعلن إنسان الخطية، عندئذ يقبل اليهود الإيمان في آخر الازمنة (رو11: 25، 26). ويستند هؤلاء علي قول المسيح حينئذ يكون إثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر (مت 24: 40، 41). ويقولون أن كنيسة الأمم ستختطف قبل الارتداد. وترفض كنيستنا هذا الرأي للأسباب الآتية: -.

  1. القول بأن الإختطاف يتحقق قبل مجئ السيد المسيح الأخير، بل وقبل ظهور إنسان الخطية إنما يعني ظهور السيد 3 مرات:
  2. عند تجسده.
  3. قبل ظهور الخطية لإختطاف كنيسة الامم.
  4. للدينونة.

ومن أصحاب هذا الرأي الأدفنتست أي المجيئيين. ولكن السيد المسيح كما نفهم من باقي الكتاب المقدس سيأتي مرة واحدة للدينونة العامة.

  1. إن كان اليهود يقبلون الإيمان بالسيد المسيح عند دخول ملء الأمم، فهذا لا يعني انعزالهم ككنيسة مستقلة، إنما يصيرون أعضاء متفاعلة معاً في الجسد الواحد، فالكنيسة الآن ليست كنيسة الأمم، بل هي كنيسة واحدة جمعت الأمم واليهود وإندمج الجميع (غل 3: 26: 28).
  2. إن كان الاختطاف لكنيسة الأمم يتحقق قبل ظهور إنسان الخطية فمن هم الذين يقاومهم إنسان الخطية، هل اليهود؟ وكيف يقبلون الإيمان والكنيسة مختطفة؟ إن سفر الرؤيا يروي لنا الحرب المريرة التي ستعانيها الكنيسة فى أيام ضد المسيح.
  3. حدد بولس الرسول فئتان عند مجئ المسيح:
  4. الراقدين.
  5. الأحياء وذلك في (1تس 4: 13 – 18).

فمن أي فئة تكون كنيسة الأمم المختطفة، هم ليسوا بأحياء فالأحياء بحسب نظرية الإختطاف هم اليهود الذين آمنوا، وهم ليسوا براقدين لأنهم إختطفوا أحياء. نحن الآن أمام 3 فئات وهذا ضد ما قاله الرسول.

  1. حديث المسيح عن "يكون إثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر" معناه أن الإنسان الروحي ينطلق إلي السيد المسيح في مجده ليكون معه في الميراث بينما يبقى الآخر كمن فى مكانه أى فى حرمانه من المجد الأبدى. ولكن كلام السيد معناه أنه يكون فى مجئ المسيح عنصر المفاجأة، فينعم الواحد بالميراث ويحرم الآخر منه، أحاديث المسيح رمزية عن هذا اليوم، فزيت العذاري ليس زيتا حقيقياً ولا هناك مصابيح حقيقية للعذاري.
  2. قال السيد صلوا لئلا يكون هربكم فى سبت فهل الأشرار سيصلون، وهل تقبل صلواتهم وصلاة الأشرار مكرهة للرب (أم15: 8).
  3. يقول الكتاب:
  4. يضل ولو أمكن المختارين (مت 24: 24).
  5. من أجل المختارين تقصر تلك الأيام (مت 22: 24) إذاً المختارين سيكونون موجودين وقت الضيقة.
  6. صورة النهاية كما نراها فى (يو5: 28، 29) يقوم الصالحين إلى قيامة الحياة والذين صنعوا السيئات إلى قيامة الدينونة. إذاً هناك فئتين فقط وإتجاهين للناس:
  7. إما قيامة الحياة.
  8. أو قيامة الدينونة ولا مكان للإختطاف.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ.".

حِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ = أى حينما تختفى هذه القوة الغامضة التي كانت تقاوم مملكة المسيح سراً. ويسميه الأثيم لأن ما يثيره الشيطان من إثم عبر العصور يتجلى علانية في إنسان الخطية، لقد ظل إبليس منذ بدأت الكرازة يثير كل أصناف التشكيك والهرطقات ويريد أن يستعلن ضد المسيح هذا، ولكن كان الله يمنعه إلي أن تزول هذه القوة فيستعلن ضد المسيح، الله لن يسمح به إلا في الوقت المحدد ولكن سيظهر قليلاً ثم الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ = هكذا تحول تمثال نبوخذ نصر إلي عصافة حملتها الريح فلم يوجد لها مكان، والتمثال إشارة لممالك هذا العالم، إذاً نهاية هذا الأثيم هي نهاية لهذا العالم بصورته الحالية تمهيداً لظهور ملكوت الله. راجع (دا 2) + (إش 11: 4) + (رؤ 19: 15).

يُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ = كل أعمال الشيطان وخداعاته لا تثبت حين يظهر الله.

الأعداد 9-10

الآيات (9 - 10): -

"9الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، 10 وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا.".

الشيطان يعلن مملكته ببث طاقاته فيه (في إنسان الخطية) فيضلل الناس وينحرف بهم عن الحق إلى مملكة الظلم. هو فى خداعه سيحاول أن يتشبه بالمسيح، فيصنع ما يسمي معجزات وعجائب لكنها كاذبة لأنها من صنع إبليس المخادع الذي يُدعَى الكذاب وأبو الكذاب، هو يصنعها في كبرياء وليس في محبة كالمسيح، والشيطان قادر أن يصنع أعاجيب، بل أن يظهر في هيئة ملاك نور (2 كو 11: 14). وسفر الرؤيا يحدثنا أنه يشفي جرح أحد تابعيه ويجعل ناراً تنزل من السماء ويجعل صورة تتكلم (رؤ 13: 12 – 15).

لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ = هؤلاء يحبون الكذب، ولهم الاستعداد لقبول الكذب، هؤلاء يتركهم الله حتي يصدقوا الكذب، ومن يسرون بالضلال يسر الله بأن يسلمهم للضلال، ضلالهم. فالمسيح حين جاء جذب إليه محبى الحق، وضد المسيح حين يجئ يجذب إليه محبي الضلال.

الأعداد 11-12

الآيات (11 - 12): -

"11 وَلأَجْلِ هذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.".

لماذا يسمح الله بفك الشيطان من أسره وظهور هذا الأثيم؟ لسبب واحد، أن الناس سيكونون رافضين لله طالبين الشر والخطية، ويقول الروح القدس على فم داود النبى فى المزمور "الرب يعطيك حسب قلبك ويتمم مشورتك" (مز20: 24)، والناس الآن صاروا لا يريدون المسيح بل يريدون الشر فسيعطيهم الله بحسب قلبهم، وسيرسل إليهم الله عمل الضلال حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ = والله بهذا يفضح أعماقهم الشريرة ويمتلئ كأسهم = لِكَيْ يُدَانَ هذا الأثيم سيحطم من حطموا أنفسهم بأنفسهم بسرورهم بالاثم ورفضهم للحق (رو 1: 28) + (مت 25: 29).

وكيف يفعل الله هذا مع أنه "يريد أن الجميع يخلصون" (1تى2: 4)؟

الله أعطى الوصايا حرصا على أن نحيا فى فرح وسلام بقدر الإمكان وسط هذا العالم. ولكن فى الأيام الأخيرة ومع إزدياد الشر يطلب الناس الخطية، رافضين تنفيذ وصايا الله، ظانين أن الله يقيد حريتهم وسعادتهم، وأن السعادة هى فى الخطية. لذلك فالله سيطلق الشيطان لينشر هذه الخطايا التى ظن الناس أن فيها سعادتهم، ولكنهم سيكتشفون أن فيها أحزان يعضون بسببها ألسنتهم من الوجع (رؤ16: 10)، فمن يفهم سيقدم توبة ويرجع إلى الله، وبسبب هؤلاء التائبين سمح الله بإطلاق الشيطان ليعرفوا أن الله لم يمنعنا عن الخطية ليتحكم فينا ويحرمنا من سعادة نتوهمها، بل ليحفظنا من ألام ناتجة عن ذل الشيطان وإستعباده لنا حين نسقط.

أما من يرفض فستكون هذه هى الفرصة النهائية لهؤلاء قبل الدينونة العامة، ويبدو أن هؤلاء سيكونوا هم الأغلبية للأسف (رؤ9: 20 + 16: 9، 11). ولكن سيكون الله قد إستنفذ معهم كل الوسائل الممكنة لخلاص أنفسهم "لكى تتبرر فى أقوالك وتغلب إذا حوكمت".

العدد 13

آية (13): -

"13 وَأَمَّا نَحْنُ فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ.".

حتي لا يرتاعوا من هذه الأخبار، فهو يطمئنهم ويشكر الله لأجلهم أن الله إختارهم للخلاص بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ = تقديسنا أي تخصيصنا أو تكريسنا لله بروحه القدوس. وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ = أي الإيمان بالمسيح الذى هو الحق. والرب لأنهم محبوبون أرسل لهم إبنه الحق (المسيح) ليقبلوه. الآب قدم لهم الإبن الحق فقبلوه وصدقوه وآمنوا به. لاحظ عمل الثالوث، فالله الآب يختار للخلاص والإبن يُخلِّص بدمه، والروح القدس يقدس أرواحنا فتقبل الحق (الابن) فتدخل إلي حضن الآب بالمسيح.

العدد 14

آية (14): -

"14الأَمْرُ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَيْهِ بِإِنْجِيلِنَا، لاقْتِنَاءِ مَجْدِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.".

الإنجيل وكرازة بولس الرسول كانت هي إنجيل الخلاص، كان دعوة لمن قد إختاره الآب وليخلصه الابن ويقدسه الروح القدس فيتمجد مع الإبن.

العدد 15

آية (15): -

"15فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا.".

الله لم يبخل علينا بشيء، فقد أحبنا وإختارنا وخلصنا ووهبنا تقديس الروح مقدماً لنا الحق ذاته يسكن فينا، واهباً إيانا إنجيل الخلاص كطريق للتمتع بمجد ربنا يسوع المسيح، فماذا نقدم لله مقابل هذا؟ فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ (صحة ترجمة الكلمة هو التقاليد) = فلنتمسك بتقاليد الكنيسة سواء شفوية أو كتابية هذه التي سلمها بولس الرسول لأهل تسالونيكي لنعيش إنجيل ربنا يسوع كحياة إيمانية عملية تترجم خلال العبادة والسلوك. التقليد الذي تسلمناه ليس محاكاة للماضي لمجرد أنه ماضي، لكنه هو وديعة الإيمان الحي.

الأعداد 16-17

الآيات (16 - 17): -

"16 وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا الَّذِي أَحَبَّنَا وَأَعْطَانَا عَزَاءً أَبَدِيًّا وَرَجَاءً صَالِحًا بِالنِّعْمَةِ، 17يُعَزِّي قُلُوبَكُمْ وَيُثَبِّتُكُمْ فِي كُلِّ كَلاَمٍ وَعَمَل صَالِحٍ.

نلاحظ هنا أن الرب يسوع يأتي ذكره قبل الله الآب وهذا يدل علي المساواة التامة. والرسول هنا يختم وصيته لهم بالثبات في الرب والتقليد الكنسي بصلاة قصيرة يقدمها عنهم لكي تسندهم.

كما يصلي عنهم نجده في بداية الأصحاح الثالث يطلب صلواتهم عنه، هنا نري دور العلمانيين ومشاركتهم في الخدمة بصلواتهم عن الخدام.

No items found

الأصحاح الثالث - تفسير رسالة تسالونيكي الثانية - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الأول - تفسير رسالة تسالونيكي الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير تسالونيكي الثانية الأصحاح 2
تفاسير تسالونيكي الثانية الأصحاح 2