تفسير سفر حكمة سليمان – القمص مكسيموس صموئيل

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب القس مكسيموس صموئيل
السلاسل تفاسير العهد القديم – القس مكسيموس صموئيل
التصنيفات الكتاب المقدس, دراسات في العهد القديم, كتب مقروءة أون لاين
الأسفار الأسفار الشعرية, العهد القديم, سفر الحكمة - حكمة سليمان
آخر تحديث 22 أكتوبر 2023
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
2MB

[pt_view id=”aa2d703e20″ tag=”نص تفسير سفر حكمة سليمان – القمص مكسيموس صموئيل” field=name]

 

مقدمة في سفر حكمة سليمان

  • عنوان السفر : دعي بأربع عنوانين هم :-
  1. حكمة سليمان : دعاه بذلك القديس إكليمندس السكندري والقديس كبريانوس والعلامة ترتليان.
  2. سليمان : دعاه بذلك القديس كبريانوس.
  3. الحكمة : في بعض النسخ اللاتينية.
  4. الحكمة الفضلى : دعاه القديسان أبیفانیوس أسقف سلامیس وأثناسيوس الرسولي بهذا الاسم.
  • الكـــــاتب :-
  • ينسب إلى سليمان الملك ابن داود الذي عاش بين (٩٧٠ – ٩٣٠ ق.م).
  • وذلك لأنه دعي في السفر أن الله أمره ببناء هيكل له في أورشليم وأنه ملك وقاضي لشعبه وبنى مذبحا للرب فيها (أورشليم).
  • وحدة السفر :-
  • إن كانت توجد بعض الاختلافات في أسلوب السفر لكن التشابه أكثر بكثير من الاختلاف هذا ما رآه علماء الكتاب المقدس مثلGrimm وRobert C. Denton
  • أيضا تكميل السفر لهدف الأسفار التي كتبها سليمان حيث يكون الترتيب كالآتي :-
  1. سفر الجامعة : الذي يتكلم عن توبة سليمان وأن العالم باطل.
  2. سفر الأمثال : كيف يسلك المؤمن بالحكمة في حياته.
  3. سفر النشيد : يمثل اشتياق النفس إلى الاستقرار في أحضان الله.
  4. حكمة سليمان : تحقيق الاستقرار الفعلي أو العملي في الأحضان الإلهية.
  • مكان الكتابة :-
    • في أورشليم في اليهودية.
    • مصر: اعتقد البعض ذلك لكونه يهجو مصر بسبب الوثنية لكن هذا يثبت أنه لم يكتب في مصر. لكنه ترجم في الإسكندرية إلى اليونانية.
  • زمن ولغة الكتابة : كتب باللغة العبرية وترجم لليونانية بعد ذلك، وكتب في الفترة بين (٢٠٠ – ١٠٠ ق.م).
  • غاية الســـــفر :-
  1. دعوة سليمان الملوك زملاءه لاقتناء الحكمة السماوية (حك١: ١).
  2. دعوة كل إنسان أن يصير ملكا حكيما على نفسه.
  3. دعوة إلى اليهود الذين ارتدوا عن الإيمان وانحرفوا إلى الوثنية.
  4. يعالج السفر مشكلة العدالة الإلهية للأشرار وتأني الله عليهم خصوصا أنهم ناجحين ولهم حياة مترفة ولهم أبناء كثيرين لكن أبناء الله لهم مكافأة أبدية، وأن الله سيجازي الأشرار على طرقهم الردية.
  5. خلود الإنسان ليس يعتمد على طبيعته بل على جعل الله الإنسان مشاركا للحياة الملائكية (حك٥: ٥).
  6. الحكمة مصدرها أقنوم الحكمة وروح الحكمة الإلهية التي تعمل مع البشر فلهذا كان ذلك أفضل من الفلسفات الوثنية.
  7. يقدم السفر نظرة جديدة لأحداث الأسفار الخمسة لموسى النبي خلال محبة الله لكل البشر سواء الأبرار أو الأشرار.
  8. يدعو السفر إلى التخلي عن العبادة الوثنية لكونها شر وجهل .
  9. يكشف السفر عن أصل العبادة الوثنية ونتائجها.
  10. السفر يحمل داخله الفساد والموت وهذا بجانب أنه عقوبة.
  11. يوضح السفر التناغم بين قداسة العقل والفكر وقداسة السلوك.
  • سمات الســــفر :-
  1. الخلود هو بالاقتران بالحكمة وأيضا بحياة البر التي يحياها الأبرار (حك٨: ١٧؛ ٥: ١٥).
  2. يكرز بأن الله موجود في كل مكان ويحب كل خليقته.
  3. الله يعاقب على الشر ويكافئ على الخير الذي يعمله البشر.
  4. مصدر الشر هو حسد إبليس وهي العبارة التي نقولها في صلاة الصلح في القداس الباسيلي .
  5. يربط بين الحكمة والبر والشر والوثنية.
  6. الكاتب على مستوى ثقافي عالي جدا فهو واسع المفردات كما أنه واسع المعلومات على المستوى اليهودي وعلى مستوى العالم الوثني والفلسفة في ذلك الوقت.
  7. يحمل السفر أو يركز على التقوى أنها كائنة في القلب أو العقل (حسب الفكر اليوناني).
  8. السفر منسق في التفكير بعد كل موضوع يجيء بملخص له.
  9. السفر وحدة واحدة حسب ما انتهى إليه المحدثون سواء من ناحية الفكر اللاهوتي والفلسفي أو من ناحية الأسلوب والمفردات واللغة.
  • ارتباطات الحكمة :-
    • الحكمة والحكيم :-
      • في الخليقة : تولد الحيوانات من والديها وبعد زمن قصير جدا يستطيع الطير أن يطير أو الحيوان أن يعتمد على نفسه في المشي وغيره.
      • أما في حالة الإنسان : فيحتاج إلى وقت قد يصل إلى عدة سنوات لكي يتعلم المشي والأكل والشرب عن طريق الاحتكاك بأفراد الأسرة.
      • في الزمان القديم : كان يوجد حكماء على مستوى الأسرة المالكة، كان يوجد حكيم يقوم بتربية أفراد الأسرة الملكية مثلما كان القديس أرسانيوس معلما للأميرين أركاديوس وأنوريوس وأيضا يوجد حكيم ليعلم أو ينصح الملك من الناحية السياسية أو العسكرية مثل حوشاي الأركي في عهد داود النبي، ومثل يهوناثان عم داود الذي اتصف بالحكمة والفقه (١ أي٢٧: ٣٢).
      • ومثل يوسف الصديق الذي قال عنه فرعون فيه روح الآلهة القدوسين وليس مثله بصير وحكيم (تك٤١: ٣٨، ٣٩).
      • ودانيال كانت له حكمة ١٠ أضعاف كل المجوس والسحرة في مملكة بابل(دا١: ٢٠).
    • الحكمة والأبــوة :-
      • ترتبط الحكمة بالأبوة ليست الجسدية بل الروحية.
      • فلهذا وجدت أسفار كاملة في الكتاب المقدس هي أسفار للحكمة مثل حكمة سليمان وحكمة يشوع بن سيراخ والأمثال لتعليم الجميع عمل وحكمة الله بروح الله القدوس (١ كو١٢: ٨).
      • لذا يكثر في أسفار الحكمة كلمة يا ابني (أم٢٣: ١٩، ٢٦؛ ٢٤: ١٣، ٢١؛ سي٢: ١؛ ١: ٣، ١٢، ١٧؛ ٤: ١).
      • فالله كأب يعلم أولاده الحكمة السماوية لأنه ينبوع الحكمة وابنه هو فيه مذخور كل كنوز الحكمة، فهي ليست أرضية نفسانية بل روحية بسيطة وعميقة أيضا (يع١: ٥).
    • الحكمة والمعرفة :-
      • المعرفة هي استعلان الحقائق خصوصا الإلهية بواسطة الله ذاته سواء الروح القدس أو ربنا يسوع بواسطة الإنجيل وهو البشارة المفرحة.
      • الحكمة هي معرفة الأسرار الإلهية أما المعرفة فهي معرفة سائر الأشياء (حسب ق. يوحنا ذهبي الفم وق. أغسطينوس ).
    • الحكمة والبصيرة :-
      • الحكمة هي معرفة الأشياء المنظورة والغير منظورة أما البصيرة فهي معرفة الأشياء المنظورة فقط، لكن هذه ليست قاعدة لأن البصيرة هي الاستخدام الحسن للمعرفة بقيادة روح الله واستعلان بواسطة روح الله فقد صلى أليشع النبي حتى يفتح الله عيني جيحزي ليرى القوات السمائية محيطة بهما (٢ مل ٦: ١٧)، وقد كشف أليشع سر جيحزي عندما أراد أن يأخذ مقتنيات من نعمان السرياني قائد الجيش بعد تطهيره بواسطة أليشع بغطسه في نهر الأردن ٧ مرات (٢ مل٥: ٢٥).
    • الحكمة وكنز الحكمة :-
      • كنز الحكمة هو ربنا يسوع (كو٢: ٣) فهو لا يعرفه سوى الذي يبحث عنه بواسطة الروح القدس.
      • فقد كان مخبأ وسط حقل العالم والنبوات التي للعهد القديم فباع التاجر كل شيء ليشتري ذلك الكنز الذي هو ربنا يسوع (مت١٣: ٤٤).
    • الحكمة وأقنوم الحكمة :-
      • أقنوم الحكمة هو ربنا يسوع ويوصف بالآتي :-
  1. خالقــــة : فقد كانت مع الله الآب حين خلق العالم والإنسان (حك٩: ٢، ٩).
  2. هي بهاء الله : هي انعكاس النور الأزلي (حك٧: ٢٦).
  3. أحد الأقانيم الثلاثة : إذ هي الإرادة الإلهية فهي أقنوم كائن وهذا ما تصوره أسفار الأمثال والحكمة وأيوب.
  4. الديـــــان : جالسة على عرش الله (حك٩: ٤).
  5. المخلـص : تنعم للناس بالخلاص (حك٩: ١٨).
  6. سمـــاوي : الحكمة مرسلة من السماء (حك٩: ١٠).
  7. محبة البشر : (حك١: ٦؛ ٧: ٢٢).
  8. لها سمات الله : وبالتالي هي أقنوم الحكمة ربنا يسوع.
    • الحكمة والإنسان :-
      • سماها سليمان الحكيم العناية الإلهية (حك١٤: ٣)
      • وأيضا هي الحب الإلهي لله والناس (حك١٤: ٥).
      • لكنها ليست هي الحكمة الأرضية المملوءة خبث ومكر وخداع.
    • علاقة سفر الحكمة بأسفار الكتاب المقدس :-
    • بين سفر الحكمة والجامعة :-
    • سفر الحكمة مكمل لسفر الجامعة : سفر الجامعة يبين بطلان العالم أما سفر الحكمة فيبين استخدام كل شيء في العالم لبنيان الإنسان روحيا.
    • موضوع السفرين : سفر الجامعة لتثقيف الشباب والحذر من الانحراف ناحية شهوات العالم وإغراءاته أما سفر الحكمة فمقدم للحكام لأجل أن يحيوا حياة القداسة والحياة السمائية.
    • الجانب الأخلاقي والجانب الروحي : يركز سفر الجامعة على السلوك الأخلاقي بينما يركز سفر الحكمة على شركتنا مع الله في حياة روحية قوية.
    • علاقة سفر الحكمة بأسفار العهد القديم :-

إذ يركز على إسرائيل كمركز لخطة الله لكن ليس إسرائيل الجسداني الذي له الشرائع والذبائح والطقوس لكن إسرائيل الروحي إذ يرحم الله الجميع أي إسرائيل الروحي أي كل من يسلك بالروح ولا يحابي أمة على أمة.

  • علاقة سفر الحكمة مع العهد الجديد :-
  • علاقته مع إنجيل يوحنا ورسائل معلمنا بولس :-
  • لم يقتبس العهد الجديد نصوصا كما هي من سفر الحكمة لكن يفهم أن هذا الكلام مأخوذ من سفر الحكمة في إنجيل يوحنا ورسائل معلمنا بولس مثل :-
    • (رو١: ١٩- ٣٢) مع (حك١٣، ١٤).
    • (عب١: ٣) مع (حك٧: ٢٦).
    • (أف٦: ١٣- ١٧) مع (حك٥: ١٧- ١٩).
  • اضطهاد الأشرار للبار كرمز لاضطهاد اليهود لربنا يسوع في الإنجيل كما في (حك٢: ١٢- ٢٠).
  • موت ربنا يسوع على عود الصليب يدين اليهود مثلما جاء في سفر الحكمة عن موت البار اعتبره الأشرار هوانا لكنه يدينهم (حك٤: ١- ٥؛ ١٨: ٢٤).
  • مَجَّد السفر (الحكمة) حياة البتولية إذ مَجَّد العاقر والخصي الطاهرين إذ لم ينجبا على الأرض لكن لهما مكافأة في السموات (حك٣: ١٣- ١٥).
  • علاقة السفر مع باقي أسفار العهد الجديد في مفاهيمه عن :-
  1. الإشارة إلى الثالوث القدوس مع تشخيص أقنوم الحكمة أنه أقنوم إلهي.
  2. التركيز على خلود النفس.
  3. الشيطان يحاول عرض الشر دون إلزام الإنسان وعلى الإنسان أن يختار، الشرور والموت هي من عمل إبليس.
  4. العناية الإلهية عبر التاريخ مثل :-
  • لأن كل العالم أمامك (حك١١: ٢٢).
  • لأنك ترحم جميع الناس (حك١١: ٢٣).
  • إنك أشفقت على أولئك أيضا لأنهم بشر (حك١٢: ٨).
  • إذ ليس سواك إله يعتني بجميع الناس (حك١٢: ١٣).
  • فإنك تسوس جميع الناس (حك١٢: ١٥).
  1. كما أن الله محب البشر هكذا البار محب للناس (حك١٢: ١٩).
  2. عقوبة بني البشر على شرهم تكون تدريجيا حتى يعطيهم فرصة للتوبة (حك١٢: ٢، ٨، ١٠).
  3. مركز أبناء الله كما في العهد الجديد يدعون بالآتي :-
  4. قديسون يتمتعون بنور عظيم (حك١٨: ١، ٥).
  5. أبناء الله يحبسهم الأشرار (حك١٨: ٤).
  6. الأبرار أو الصديقون آمنوا بالله ليتمتعوا ببره عاملا فيهم (حك١٨: ٢٠).
  • علاقة سفر الحكمة بالليتورجيات :-
  • اقتباسات من سفر الحكمة في ليتورجيات الكنيسة القبطية مثل:-
  1. قسمة ق. أبيفانيوس التي تقال في صوم الميلاد وهي تتكلم أن الحكمة ليست في الأعالي ليصعد أحد لينزله إلينا، ولا هي في الأعماق لينزل أحد ويصعد بالحكمة إلينا والحكمة هي ربنا يسوع.
  2. صلاة الصلح للقداس الباسيلي اقتبست من (حك٢: ٢٣، ٢٤).
  3. صلاة الحجاب الثانية للقداس الباسيلي اقتبست من (حك٩: ١- ٤) “أعطني في هذه الساعة قلبا حكيما فهيما … لكي استحق أن اقترب إلى مذبحك المقدس، وأقدم لك هذه القرابين التي نقدمها لك بالروح الصالح الكامل الذي لنعمتك”.
  4. اقتبست صلاة الحجاب للقداس الكيرلسي من سفر الحكمة (حك١١: ٢٧) “أعطني روحك القدوس الناري”.
  5. اقتبست صلاة سر حلول الروح القدس في القداس الكيرلسي من (حك٩: ١) “وأرسل إلى أسفل من علوك المقدس، ومن مسكنك المستعد ومن حضنك غير المحصور، ومن كرسي مملكة مجدك الباراقليط روحك القدوس”.
  6. اقتبست تسبحة نصف الليل في لبش الهوس الأول من (حك١٩: ٧، ٨)عبارة “طريق ممهد في البحر الأحمر”.
  7. اقتبست فصول البصخة قراءات من السفر في :-
  • الساعة السادسة من اثنين البصخة (حك١: ١- ٩).
  • الساعة الحادية عشر من ليلة الأربعاء (حك٨: ٢٤).
  • باكر الجمعة العظيمة (حك٢: ١٢- ٢٢).
  • الطبيعة الخاضعة لله في قصة الخروج :-
  1. أرض مصر على ضفاف النيل لم تعد تثمر ولا يقدر المصريون أن يأكلوا أو يشربوا من تلك الأرض فيما أكل شعب الله في البرية من المن والسلوى (حك١٦: ١- ٤).
  2. لم يكن للشعب نباتات كأدوية أو مراهم للشفاء من لدغات الحيات بل أعطاهم الله قوة الإيمان بالنظر إلى الحية النحاسية (حك١٦: ٥- ٨) حتى يشفوا.
  3. نزول البرد والأمطار لإشعال النار على عكس الطبيعة لأجل الأبرار وضد الأشرار (حك١٦: ١٦).
  4. المن يذوب من أشعة الشمس فيما يحتفظ بشكله وطعمه عند وضعه في النار حتى يجد كل شخص المذاق الذي يستعذبه.
  5. الظلمة عمت بيوت المصريين فصارت بيوتهم أشبه بسجن لهم فيما قاد الله شعبه في البرية كمكان لضيافة شعبه يقودهم بعمود النار (النور) (حك١٨: ١٣، ١٤).
  6. مياه البحر الأحمر كانت خلاصا لموسى وشعبه وهلاكا لفرعون وقواته (حك١٨: ٥).
  7. العدل الإلهي إذ صدر أمر فرعون بذبح الأطفال القديسين فدية من بني إسرائيل فصار موت الأبكار عوضا عنه للمصريين (حك١٨: ٦، ١٠).
  8. حول البحر أو ضفاف وادي النيل الخصبة إلى برية بينما قاع البحر الأحمر إلى مدينة مبهجة والماء السائل إلى سور يحمي شعبه (حك١٩: ٧).
  9. المصريون تمرروا بضربة الظلام وغرق فرعون في البحر بينما شعب الله فرح إذ تحرر من فرعون (حك١٩: ١٩) وسبح الله (خر ١٥).
  10. قدمت أرض مصر في ضربة الذباب ذبابا بدل من أن تقدم المواشي صوفا ولبنا ولحما (حك١٩: ١٠).
  11. فاض نهر النيل ضفادع بدل من الأسماك (حك١٩: ١٠).
  12. الأشرار المصريون هاجمهم البعوض والضفادع بينما شعب الله جاءت إليهم غرب شاطئ البحر طير السلوى وكأنه خارج من البحر (حك١٩: ١٨- ٢٠).
  13. صار عمود النار يحرق فرعون وخيوله فاصلا بين شعبه وبينهم ولم يضر عمود النار الأسماك (حك١٩: ١٩- ٢٠).
  • تضادات ومقابلات في السفر :-
  1. الماء من الصخرة مقابل الدم في نهر الأردن (حك١١: ٦- ١٤).
  2. السلوى مقابل الحيوانات الصغيرة من بعوض وضفادع (حك١١: ١٥- ١٦: ١٥).
  3. المن مقابل الجراد والمجاعة في مصر.
  4. عمود النار مقابل ضربة الظلام (حك١٧: ١- ١٨: ٤).
  • أقسام الســـفر :-
  1. الحث على طلب الحكمة (ص١ – ص٦).
  2. يا لعظمة الحكمة ! (ص٧ – ص٩).
  3. شهادة التاريخ لحكمة الله (ص١٠ – ص١٩).

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الأول

 

 

 

أحبوا البر يا أيها الذين يحكمون الأرض

  • طلب معلمنا سليمان الحكيم في الآية الأولى ثلاث أعمال :-
  1. محبة البر أي حياة القداسة خصوصا للذين يحكمون الأرض.
  2. أن نفكر في الله تفكيرا صالحا أي نحفظ فكرنا أيضا مقدسا ويكون الله مادة تأملنا لكنه ليس كشيء جسدي لأنه أعلى من كل ما على الأرض.
  3. أن نلتمس الله ببساطة قلب أي بقلب ذي رأي واحد ووحدة واحدة في الله، وهنا عمل أن نشتاق إلى الله ونطلبه.
  • وكأن الثلاثة أعمال هي تحب الرب إلهك من كل قلبك أي مشاعرك، ومن كل فكرك أي قداسة الفكر، ومن كل قدرتك أي نعمل لأجل الله أي لحساب الله بالحب مع قداسة الفكر مع العمل لالتماس الله دون شيء سواه.
  • لا يستطيع الإنسان أن يرى الله بمجهوده لكن يستطيع إن كان له البر وحياة القداسة والفكر المقدس الطاهر يستأهل بأن يعلن الله ذاته في النفوس المقدسة والتي لها إيمان لا تخاف شيء ولا ترتاب من أي شيء، فالإيمان بالله عمليا وحياة القداسة والبر تؤهل الإنسان أن يأتي الله إليه ويستعلن ذاته فيه ويصنع عنده منزلا (يو١٤: ٢٣).
  • الأفكار الغير نقية تبعد الله عن قلب الإنسان لكن الأفكار السليمة تجعل الله قريب وهذا يجعل الله هو الطريق لأنه قال “أنا هو الطريق والحق والحياة” فإن كانت أعمالنا مستقيمة وأفكار قلوبنا مستقيمة سنجده طريقا يوصل إليه وهو يكون قريبا منا.
  • والفكر والقلب النقيان المملوءان بالله فيهما قوة الله التي ترد على الأغبياء وعديمي الإيمان وتصد فكرهم وتخزيهم وتبين ضعف قلوبهم وظلمتهم تنفضح.
  • يوضح سليمان الحكيم أن الحكمة لا تسكن النفس الخاطئة، وأيضا الجسد الخاطئ أي الخطية هي مسئولية النفس أي الروح الإنسانية فهي سبب خطية الجسد.
  • فإن كانت روح الإنسان بارة فجسده يكون بارا ويكون مهيأ لروح الحكمة أو للحكمة كأقنوم للسكنى في الإنسان كما يرد عن الحكمة كأقنوم في (أم١: ٢٠، ٣٣؛ ٨: ١- ٣٦؛ ٩: ١- ٦؛ أي٢٨؛ با٣: ٩- ٤: ٤؛ سي٢٤: ١- ٢١).
  • وتقرأ كنيستنا القبطية هذا الفصل من (حك١: ١- ٨) في الساعة الثالثة من يوم الاثنين من البصخة المقدسة إشارة إلى غرس الإنسان في جنة عدن وكيف خدع بواسطة الحية (إبليس) وفقد حكمته وبساطته.
  • هنا بين أن الحياة المقدسة البارة عمليا هي أولا ثم تأتي الحياة التأملية نتيجة للبر العملي.
  • هنا يؤكد عمل الثالوث القدوس :-
    • فأقنوم الحكمة يسكن في النفس المقدسة.
    • والآب يحل في الذي يفكر فيه باستقامة.
    • والروح القدس أي روح الله يهرب من المخادعين.
  • فالروح القدس هو روح وديع يهرب من الخداع أو الغش على جميع المستويات سواء الكذب باللسان أو الخداع بالأعمال الغاشة أو الرياء.
  • وأيضا لا يسكن الروح القدس مع الخطية والإثم، فكيف يسكن روح الله مع الخطية؟!! هل يلتقي الشر مع البر أو النور مع الظلمة!! فهنا يترك الروح القدس الإنسان إذا جعل الإنسان في قلبه إثما.
  • يعطي أيضا صفة أخرى لأقنوم الروح القدس أنه روح محب للبشر لكنه لا يقبل أخطاء الإنسان.
  • فالكليتين هما عرش المشاعر (مز٧: ١٠) والفكر عرش العقل والحياة عرشها اللسان.
  • واللسان هو أداة تعبير عن كل ما بداخل الإنسان سواء فكر أو مشاعر.
  • فعندما يجدف الفم على الله هذا يدل على ما بداخله من أفكار ضد الله أو مقاومة لله ومشاعر غير محبة لله.
  • والروح القدس يحب النفس المحبة لله.
  • فالله يفحص القلوب والكلى وليس اللسان فقط فهو يفحص القلوب والكلى ويسمع ما يقوله الإنسان ويحاسب على الكل.
  • هنا في هذه الآية يصف الروح القدس أو روح الرب كأقنوم بصفتين إلهيتين :-
  1. أنه يملأ العالم، يملأ المسكونة (إر٢٣: ٢٤).
  2. أنه عالم بكل شيء أو بكل كلمة أي كلي العلم والمعرفة وهو الذي يعطي المعرفة الحقيقية.
  • فهو أي الروح القدس معدود مع الآب والابن (مت٢٨: ١٩).
  • هو خالق (مز٣٣: ٦).
  • به نحيا ونتحرك ونوجد (أع١٧: ٢٨).
  • يؤكد مرة أخرى أن الروح القدس عالم بكل من ينطق بسوء على الله أو على أخيه الإنسان.
  • وأنه روح العدل وهو يعاقب على الأخطاء، ليس هو متصيد لها لكنه عالم بها ولأنه عادل يعاقب على أخطاء بني البشر.
  • في يوم الدينونة سيظهر الله نيات الإنسان الشرير أي إرادته الفاسدة الغير معلنة وأفكاره الداخلية الخاطئة تُعلَن، وأيضا أقواله تبلغ إلى الرب أي أقواله التي بها شر دليل على شره وآثامه لأن الله ليس بظالم لأحد فالعمل ناتج من القول باللسان واللسان ناتج من الفكر وكلها مراحل الخطية دليل على شر الخاطئ ودينونة الله العادلة له.
  • الله إلهنا هو العريس الغيور على عروسه البشرية وكل إنسان يحبه لأن الله تبنى البشرية بسبب خلقته لها وعمله الدائم لحسابها.
  • فغيرة الرب تجعله يسمع صوت العروس فقد تكون تشكره بصوتها اللطيف (نش٢: ١٤)، وقد يكون البعض يملأ الدنيا بالتذمر على الله فيسمع الله الغيور على عروسه صوت تذمرها حتى لو كان مجرد فكر وليس صوت، بدل ما تشكر البشرية الله تتذمر في جحود له وتتنكر لنعمته عليها.
  • يحذرنا الحكيم من ٣ خطايا : التذمر والنميمة والكذب.
  • لكن يعلق على خطية الكذب أنها تقتل النفس.
  • فالكذب هو خطية إبليس لأنه كذاب وأبو كل كذاب.
  • فمن يكذب يتحول ليكون ابن لإبليس ولا يضر الآخرين فقط بل يقتل نفسه أولا فتكون نفسه هالكة بالخطية (الكذب) (مز٥: ٥، ٦).
  • كذلك أيضا التذمر هو من أكبر الخطايا (سي١٠: ٢٨) لذلك دائما تقدم الكنيسة سر الافخارستيا خلال ذبيحة الصليب لأن سر الافخارستيا هو امتداد لذبيحة الصليب.
  • كذلك النميمة فيها عدة أخطاء: إدانة للآخرين وعدم إدانة الإنسان لنفسه وأخذ حق من حقوق الله وكبرياء حيث المتضع لا يدين أحدا.
  • فكل الخطايا السابقة من تذمر وكذب وأفكار تجلب الموت فأجرة الخطية موت سواء الخطية لم تدخل حيز التنفيذ أو دخلت حيز التنفيذ لأن الله سيجازي كل أحد عن أعماله وأفكاره (إش٦٦: ١٨)، وبدل من أن حياة الإنسان تتجه ناحية الله فتحيا إلى الأبد تتجه ناحية إبليس فيهلك الإنسان.
  • إن الله لم يصنع الموت بل الإنسان جلب الموت كعقوبة على نفسه عندما خالف وصية الله. فالله لا يشاء موت الخاطئ إلا أن يرجع ويحيا.
  • لكن اجتاز الموت إلى الجميع أي جميع البشر بسبب خطية آدم (رو٣: ٢٣؛ رو٥: ١٢)، وأيضا اختيار الإنسان للخطية ومخالفة وصايا الله فكان له الموت.
  • لكن ربنا يسوع جاء وصلب وقام وأعطانا الحياة عوض الموت.
  • خلق الله العالم والإنسان بلا خطية، لا للموت بل للحياة فبحسد إبليس جلب الإنسان الموت بسبب الخطية، لكن خلال الفداء رفع الله الخطية عن العالم بشروط استحقاقات الخلاص.
  • البر خالد، والبر مصدره الله لأن الله أبدي هكذا هباته فدائما الله يبحث عن الحياة الأبدية والحياة لكل الخليقة لكن إبليس يحاول أن يجلب الموت حتى لا يتمتع الإنسان بالله الذي حرم منه إبليس.
  • الأشرار تعاهدوا مع الموت من خلال أقوالهم وأفعالهم مثلما عملت حواء وآدم (إش٢٨: ١٥)، لكن الله تعاهد مع إبراهيم على ميثاق الحياة (مز١٦: ٥؛ ٧٣: 26؛ ١٤٢: ٦، تث٣٢: ٩؛ ٢مل٢٦: ١؛ زك٢: ١٦).

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الثاني

 

 

 

قصيرة ومملة حياتنا وليس من دواء لنهاية الإنسان

  • الأشرار أحبوا الموت كما انتهى الإصحاح السابق.
  • وأيضا اعتبروا أن هذه الحياة قصيرة وليس لها معنى أو هدف فهي حياة مملة.
  • بل ليس من دواء في نهاية الإنسان بالموت ولم يعد أحد من قبره.
  • وبهذا ينكر الأشرار عقيدة القيامة وبالتالي فقدوا كل رجاء وأسودت حياتهم على الأرض فأصبحت قصيرة ليس لها معنى لأنها ستنتهي وينتهي معها كل شيء.
  • لكن ربنا يسوع نزل إلى عالمنا الميت لكي يقيمه من الموت ويرفع حياتنا مع قيامته وصعوده ويكون بكر من الأموات حتى نترجى أن هذه القيامة أيضا ستحدث لنا.
  • وبالتالي إذا كانت الحياة على الأرض قصيرة فإننا نعبر منها ليس إلى القبر لكن إلى الحياة الأبدية وبالتالي سوف نحيا هنا حياة كلها سعادة ونعمل البر حتى نرث الحياة الأبدية التي أعطاها لنا ربنا يسوع.
  • يرى الأشرار في مرآتهم المظلمة الغير صحيحة من جميع النواحي أن ميلاد الإنسان يجيء بلا ترتيب أي صدفة، وهذا هو فكر الإلحاد، نسوا الله مدبر الكون، فمن الناحية الإيمانية أن الله هو الذي يدبر ميلاد الإنسان في وقت معين يعطيه الحياة وكل إمكانياتها.
  • فهل تستطيع المصادفة أن تكوِّن إنسانا أو حتى عضوا واحدا للإنسان ؟ طبعا لا.
  • اعتبر الأشرار أن النَفَس في الإنسان هو دخان يدخل ويخرج فهل الإنسان يحيا بهذا الدخان كآلة بخارية؟!! فإن كانت نسمة الحياة دخان فلماذا لم يستطع الإنسان أن يعمل مثلها؟؟ هذا هراء الجهل للأشرار وعمى البصيرة.
  • وحتى نطق الإنسان اعتبره الأشرار شرارة كهربائية من ضربات قلوبنا لكن غاب عنهم أن النطق هو من صفات الروح وليس اللسان فقط، وضربات القلب من أين تأتي وكيف تعمل طول فترة الحياة؟ فلابد من علة لها والعلة هو الله معطي الحياة.
  • بل اعتبر الأشرار الملحدين أنه إن انطفأت هذه الشرارة تبددت الروح في الهواء الفارغ، وهنا الإنسان أصبح آلة بخارية نارية متى نضبت الشرارة والدخان منها تعطلت بل وتبددت الروح في الهواء.
  • لم يدروا أن الروح التي لا يروها خالدة، وأن القيامة ستحدث ويقوم الجسد مرة أخرى للدينونة وللحياة الأبدية، فلو فهموا كما شرح معلمنا بولس من مثل البذور التي تموت في التربة ويخرج منها ساق عاليا وجذر في الأرض وتنبت زهور وأوراق وثمر لعرفوا أن الإنسان سيرث الحياة الأبدية التي أعلنها لنا ربنا يسوع وأعطانا إياها خلال استحقاقات دمه.
  • فإن كانت نار مذبح المحرقة قبل السبي وضعوها في مكان وبعد العودة من السبي أي بعد ٧٠ عاما أتوا بها واشتعلت كما كانت أفلا يحيا الإنسان مرة ثانية حياة خالدة؟! وهذا ما قاله ق. مقاريوس الكبير.
  • اعتبر الأشرار والملحدين أن أسماءهم تنسى مع الزمن ولا يعود أحد يذكر أعمالهم وحياتهم مثل سحابة تصعد ثم تتبدد مثل الضباب وأشعة الشمس تبددها وتنزل على الأرض مثل المطر.
  • لكن نسى هؤلاء أن الرب يقول “هوذا على كفي نقشتك” (إش٤٩: ١٦)، وأيضا “هل تنسى المرأة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها؟ حتى هؤلاء ينسين وأنا لا أنساكِ” (إش٤٩: ١٥).
  • وكيف تنسى أعمال الإنسان التي سوف يعطي عنها حسابا يوم الدينونة؟ “يعطي كل واحد حسب أعماله” (رو٢: ٦)، فإن كانت أعمال الإنسان شرا يجازى عليها وإن كانت خيرا سيكافأ عليها.
  • أيضا يعتبر الأشرار الملحدون أن حياتهم مثل ظل أي وهم تنتهي بلا رجعة، مختوم عليها فلا تعود.
  • وهؤلاء بدل ما يفهموا أن الحياة تنتهي لكنها تعود بالقيامة فيجاهدوا يظنوا أنها لا تعود فينغمسوا في الملذات.
  • إذ قال دانيال النبي (دا ١٢: ٢) “وكثيرون من الراقدين في التراب يستيقظون هؤلاء إلى الحياة الأبدية وهؤلاء إلى العار والازدراء الأبدي”، فأين بهذا حجتهم في عدم العودة؟ فإن كل واحد سيعود إما للحياة الأبدية أو للدينونة (يو٥: ٢٩).
  • فهؤلاء بسبب فكرهم المظلم بأن الحياة تنتهي فيضعون كل همهم أن يتمتعوا بالطيبات في الحياة الحاضرة وبصحة في الشباب ليتمتعوا بدلا من الجهاد، والسكر بالخمر والتلذذ بالعطور ووضع إكليل زهور على رؤوسهم كما يفعل الوثنيون ونسوا أن كل عطايا الله هي وسيلة وليست هدفا فإن الطعام لغذاء الإنسان ونموه وليس لملء البطن فإن الطعام القليل البسيط يعطي صحة أكثر، فكثير من الفلاحين الذين يأكلوا أكل بسيط لهم صحة أفضل من سادتهم أصحاب الأراضي المترفهين في حياتهم.
  • محبب عند الوثنيين والملحدين ارتداء إكليل من الزهور كانوا يلبسونها أثناء العبادة الوثنية أو يكللوا بها رؤوس الملوك الذين كانوا يعبدونهم كآلهة ولهذا منعت هذه العادة في العصر المسيحي المبكر (القرن الثاني) لارتباطها بالوثنية وليس لشر في خليقة الله وعطيته.
  • يحاول الأشرار اشتراك الكل في سلوكهم من قصف أي تحطيم وانتهاك وظلم وأن يعيشوا في كل مكان تاركين بصمات للحياة الفرحة على حساب حياة القداسة فيكون فرح بالشر والمجون لأن هذا نصيبهم وحظهم في الحياة أن ينجسوها بالفرح الفاسد.
  • شريعة الأشرار هي ظلم الفئات الضعيفة من الشعب بدل من إنصافهم أو مساعدتهم نظرا لغياب المشاعر الطبيعية من محبة الآخرين وغياب محبة الله.
  • فهم يظلموا الفقير خصوصا لو كان قديسا بارا وكأنهم يعادوا أي إنسان له حياة مقدسة مع الله ويستضعفوه.
  • ولا يشفقوا على الأرملة التي ألقت رجاءها على الله.
  • ولا يعودوا يحترموا شيخ لكبر سنه أو لحكمته إذ صاروا منحلين داخليا.
  • وهذه الفئات أكثر الفئات المحببة إلى الله لأن معلمنا يعقوب يقول “الديانة الطاهرة عند الله الآب هي هذه افتقاد اليتامى والأرامل” (يع١: ٢٧).
  • بل إن كنيستنا القبطية في أوشية (المياه أو الزروع أو الأهوية) تتضرع من أجل فقراء الشعب ومن أجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف.
  • أيضا شريعة الأشرار القوة عوض العدل بدل من أن ينصر كل إنسان أو يصير عادلا كشريعة في التعامل يجعل القوة فوق العدل والرحمة والقانون حتى يستفادوا من القوة الخاطئة هذه إذ اعتبروا أن الضعف غير نافع، فالحياة بالنسبة لهم فرص للفائدة الشخصية على حساب الآخرين وضعفهم، نسوا أنهم يوما ما سيشيخوا وتذهب قوتهم ويذهبوا إلى القبر مرغمين.
  • نبوة عن ربنا يسوع تفصيلية (حك٢: ١٢٢٠):-
    • البار هو ربنا يسوع في هذه الآيات لأنه كلي البر.
    • دبر الكتبة والفريسيون مكائد ضده وكثيرا ما تربصوا لربنا يسوع خصوصا في ثلاثاء البصخة عندما سألوه عن قصة الزوج الذي مات فتزوج أخوته السبعة بزوجته وماتوا فمن تكون له زوجة في يوم القيامة، فبكتهم لأنهم لا يعرفون الكتب ولا قوة الله إذ في القيامة يكونون كملائكة الله لا يزوجون ولا يتزوجون.
    • وسأله فريسي ما هي الوصية العظمى فسأله ربنا يسوع ماذا تقرأ في الشريعة، فقال له تحب الرب إلهك من كل قلبك وفكرك وقدرتك، فقال له افعل هذا فتحيا لأن محبة الله والآخرين بها يتعلق الناموس كله.
    • كما سأله الهيرودسيون هل نعطي الجزية لقيصر أم لا؟ فقال لهم “أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله” (مت٢٢: ٢٠- ٤٠).
    • ويلوم البار الأشرار على مخالفتهم للشريعة وهذا ما حدث عندما صب ربنا يسوع الويلات على الكتبة والفريسيين لمخالفتهم شريعة الله بتخريجاتهم الغير صحيحة في (مت٢٣).
    • واعتبره اليهود مجدف إذ ساوى نفسه بالله وأرادوا أن يرجموه كما في (يو٥: ١٨).
    • صار تعليم ربنا يسوع البار لوما على اليهود كبيرا لأنهم حادوا عن طريق الله.
    • صار مجرد منظر ربنا يسوع ثقيل عليهم حتى عندما جلده بيلاطس دون وجه حق وألبسه العسكر إكليل شوك فلم يطيقوا منظره وصرخوا بأعلى صوتهم اصلبه اصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا (يو١٩: ٥، ٦؛ مت٢٧: ٢٥).
    • ربنا يسوع هو البار أما اليهود فهم أبناء مزيفين لله الآب لذا لم يكن في فمه غش ولم يستطع اليهود أن يبكتوه على خطية لأن طرقه غير طرقهم إذ هو قدوس وبار يتجنب نجاستهم. وطوب موت الأبرار خصوصا الذين قتلهم آباءهم مثل زكريا بن برخيا الذي قتل بين المذبح والهيكل.
    • وقال مرارا أن الله أبوه حتى يفهموا (اليهود) فلم يردوا بل اتهموه بالتجديف.
    • فقبضوا على ربنا يسوع وصلبوه حتى يثبت حسب رأيهم إن كان ابن الله، قالوا لينزل عن الخشبة، خلص آخرين أما نفسه فلم يستطع أن يخلصها (مت٢٧: ٤٠، ٤٢، ٤٣).
    • فامتحنوا صبره بالشتم والتعذيب إذ كان ربنا يسوع معلق على الصليب كانوا يستهزئون به (مت٢٧: ٣١، ٤١).
    • وحكموا (اليهود) عليه بموت العار أي الصليب إذ مكتوب في الناموس في سفر التثنية “ملعون كل من علق على خشبة” (مت٢٧: ٢٦).
    • فأنه سيفتقد حسب أقواله، إذ قال اليهود على ربنا يسوع البار دمه علينا وعلى أولادنا، افتقدهم سنة ٧٠ م إذ جاء تيطس الروماني وحطم مدينتهم وأحرقها بالنار.
    • الأعمال الشريرة دون مراجعة للنفس تعمي البصيرة هكذا من يقوموا بالأعمال السابقة يفكروا بالظلم ويعملوا به فيعميهم الظلم ويضلوا عن الحق وكأن غمامة من الظلمة تعمي العينين الداخليتين فيتوه الإنسان كما في صحراء.
    • فالأشرار لا يعرفوا أسرار الله فهم سطحيين وحتى أنهم لا يترجوا أجرة لعمل البر أي لا يحاولوا أن يكونوا حتى أجراء يترجوا من عمل البر مكافأة في الأبدية وبالتالي لا يقدروا قيمة النفوس البارة، فالنفس التي خلقها الله على صورته ومثاله والتي فداها ربنا يسوع في العهد الجديد صارت لا قيمة لها في نظرهم أما عند الأبرار وعند الله هي غالية جدا.
    • بيَّن سليمان الحكيم هدف خلقة الله للإنسان ليمنحه نعمة عدم الموت التي ليست من طبيعته لكن أنعم بها الله له، وأيضا بيَّن كيف صور الإنسان (روحه) على صورة الله التي عبر عنها الحكيم بكلمة صورة ذاته، وذات الله مثلثة الأقانيم وأيضا أبدية فالإنسان بنعمة الله يصير أبديا.
    • لكن لأن إبليس سقط فحسد الإنسان الذي تكلل بالمجد وعلى صورة الله فدخل في الحية وكلم إبليس حواء وجعلها تعصى الوصية الإلهية والعصيان أجرته الموت وبهذا دخل الموت حتى يجر إبليس كل البشر لو أمكن إلى حزبه المظلم حتى يكون أكثر مقاومة لله.
    • وهذا الجزء أو الآية هو مطلع صلاة الصلح للقداس الباسيلي في كنيستنا القبطية.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الثالث

 

 

 

 

نفوس الأبرار بيد الله

  • بيد الله : تعني ابنه ربنا يسوع.
  • يهتم الله بأولاده فهو يمسك بهم (تث٣٣: ٣)، (إش62: 3).
  • وإن كانت نفوس الأبرار في هذا العالم تعاني من الآلام والمرض والفقر والجوع والحزن إلا إنهم عند دخولهم الفردوس ينسوا كل ما كان من تعب وآلام إذ يذهب عنهم كل شيء فيه ألم وينتابهم فرح مجيد لا يوصف إذ يدخلوا في اللازمن فلا تحسب كل حياتهم الأرضية فهي كلا شيء بالمقارنة بالحياة السماوية الفرحة.
  • في يد الله : تعني يعتز بهم.
    • يعطيهم اهتمامه وقوته وفرحه.
    • يكونوا دائما في معية الرب.
    • يكونوا موضع اعتزازه.
    • كمثل وصف الله في سفر الرؤيا الممسك السبعة كواكب بيده، وتشرح الرؤيا أن السبعة كواكب هم ملائكة السبع كنائس أي أساقفة السبع كنائس.
    • يرحل الأبرار من هذا العالم وفي أعين الأغبياء أو الأشرار أنهم انتهوا ولن يعودوا وانتهى كل ذكر لهم.
    • بل وأن رحيلهم هو سبب تعاسة للأحباء أو أنهم رحلوا تعساء بلا حظ في هذه الحياة مأسوف عليهم بسبب الموت سواء من المرض أو الآلام أو الضيقات الكثيرة.
    • لكنهم لا يعلمون أنهم أحياء بروحهم الخالدة بل أصبحت أكثر تحررا بل أنهم يخدمون الذين على الأرض، بل رحيلهم سبب في ازدياد فرح السمائيين بانضمام رفيقا لهم لكي يفرح معهم في النعيم ويرى الله أو الثالوث فلا يعود يحزن أو يتألم.
    • يترك الأبرار العالم لكن الأحياء على الأرض يعتبروا ترك الأبرار لهم دمارا تاما لهم رغم أن الأبرار يكونوا في سلام.
    • ويرجع ذلك إلى ارتباط الأحياء بالآخرين ارتباطا عاليا بينما ارتباطهم بالله ضعيف فالارتباط بالله والسماء والقديسين هو الذي يؤهل النفس للانطلاق ويعطيها استعداد.
    • لكن الذي يرتبط بالأشخاص يتعب ويعادي الله رغم أنه لو ارتبط بالله سيعينه في سلام كما رحل هؤلاء الأبرار.
    • إذا كان موت الصديقين في نظر عامة الناس عقوبة لكنهم لهم رجاء ثابت في ميراث الخلود وملكوت السموات.
    • قد صلب ربنا يسوع بعقوبة الصلب ولم يكن له شيء يعاب عليه أو خطية فهو القدوس، في نظر اليهود عقوبة من الله تحمل عارا واستهزاء حتى أنهم صلبوه مع اللصوص ومثيري الفتنة، لكنه خلص الأبرار من الجحيم وذهب بهم إلى الفردوس بروحه الإنسانية المتحدة بلاهوته وقام في اليوم الثالث.
    • هكذا أول شهيد في المسيحية وهو استفانوس رئيس الشمامسة مات مرجوما وهذه عقوبة المجدفين عند اليهود لكنه شاهد السماء مفتوحة وابن الله (ربنا يسوع المسيح) قائم عن يمين العظمة وغفر خطايا راجميه مثل ربنا يسوع وغيره من الشهداء.
    • الله لا يمنع عصاه أو تأديبه حتى للأبرار لكن لا يكون هذا للعقوبة بل للتنقية مثل الذهب الذي يوضع في النار فيصير أكثر نقاوة، ومثل الفضة عندما توضع في النار تتنقى من الزغل ومثل الإناء الفخاري إذ يوضع لدرجة معينة في الفرن فيأخذه الفخاري لأنه يعرف مدى الحرارة المناسبة.
    • فلما يمتحنهم – لأنه يعرف ذلك – يجدهم ذوي قلب واسع مع ضيق الطريق على العكس ضيق قلب الأشرار في الطريق الواسع فيعطي الله الأبرار لأنه يعرف استحقاقهم يعطيهم مكافأة مضاعفة.
    • تنقية الله للأبرار كالذهب كما قلنا في النار لكنها أيضا تعتبر كذبيحة مرضية له، فالمحرقة تقدم كلها لله هكذا يقدم أبناء الله التائبين لنيران الآلام لكنها حتى إن أحرقتهم تفوح منهم رائحة رضا لله مثلما قدم إبراهيم ابنه فصار أكثر مجدا مما سبق نظرا لتقديم الله عنده عن نفسه، هذا أي إبراهيم الذي آمن بأن الله قادر على إقامة ابنه من الموت، فقد ماتت إرادته قبل أن يقدم ابنه ذبيحة.
    • يتكلم الحكيم عن تلألؤ الأبرار يوم الدينونة أي يوم الافتقاد فلأنهم عملوا البر فيضيء بر المسيح الذي فيهم كمثل شرار في القش والقش هم الأشرار الذين تحرقهم شهواتهم العالمية أما الأبرار فهم كشرار في القش مليء بكل إنارة وإحراق للشر أينما وجد.
    • يدين الأبرار الأشرار من الأمم بواسطة فعل البر وليس دينونة فعلية لأن هذه من سلطان الله.
    • هذا لأن الله يملك عليهم وعلى كل ما فيهم فلهذا هم أبرار.
    • أيضا القديسون هم يملكون على الشعوب بمعنى أنهم يملكون على أجسادهم بالطهارة وعلى أحاسيسهم وعلى مشاعرهم بالقداسة لأن الله ملك عليهم، ويكونون مثل قائد المائة يقول لهذا اذهب فيذهب ولهذا يأتي فيأتي، أي يقولون للأفكار الشريرة أن تذهب فتذهب وللأفكار الصالحة أن تأتي فتأتي وبهذا يكون لهم سلطان كبير على أرواحهم وأجسادهم.
    • الذين اتكالهم على الله إذ هو يكون لهم كل شيء، سيعرفون الحق والحق هو ربنا يسوع والحق يحررهم من الخطية كما جاء في (يو٨: ٣٢).
    • والأمناء في محبة الله والآخرين سيسكن الله معهم وهم معه لأن الرب يعطي نعمة ورحمة لقديسيه وهو يرعاهم على مياه الراحة وموضع خضر في تعاليم الرسل والأنبياء والقديسين ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية.
    • يدان الأشرار بالعقاب المناسب يوم الدينونة للأسباب الآتية :-
  1. بسبب أفكارهم الخاطئة المصرة على الخطية.
  2. بسبب استخفافهم بالأبرار.
  3. أنهم نسوا الله فلم يعودوا في معيته.
  4. العقاب غير مادي.
  5. الأجساد تتحول لأجساد معتمة والنار غير مادية لهذا تتعذب الأجساد إلى الأبد.
  • من يحتقر الحكمة والتأديب في هذه الحياة يكون الآتي:-
    • يكون لهم رجاء باطل.
    • وغير مفيدة هي أتعابهم كما قيل عن الكتبة والفريسيين أنهم يجولون البر والبحر ليكسبوا دخيلا واحدا فإذا قبلوه يجعلوه ابنا لجهنم.
    • ليس لهم ثمر.
    • أعمالهم غير مفيدة روحيا لهم أو للآخرين.
  • الإنسان الشرير تكون له امرأة غبية أي شريرة مثله أما البار فيتخذ الحكمة عروسا له.
  • وبالتالي أولاد الغبيات أشرار أما أبناء الحكمة هم ثمر الروح “محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف” (غل٣: ٢٣).
  • طوب الحكيم العاقر غير الدنسة رغم أن في العهد القديم العقر علامة لغضب الله إذ كل امرأة كانت تنتظر المسيح أن يأتي منها.
  • لكن رجاء العاقر الغير دنسة أن يكون لها ثمر عند افتقاد النفوس، أي في الدينونة ستكون ثمار الروح كأولاد لها ويكون لها الله عريس نفسها ومشاعرها مرتبطة بالله بكل ما فيها فبالتالي أطفالها كثيرين جدا روحيا.
  • إذ طوب الحكيم الفتاة البتول والعاقر طوب هنا أيضا الشباب البتول.
  • ميز ربنا يسوع بين ٣ أنواع من الخصيان: من هم ولدوا بعجز ومن هم عبيد ومن هم لأجل ملكوت السموات فعلوا هذا وهذا النوع ما يقصده الحكيم.
  • فطوبه لأن يده لا تعمل شرا لأن اليد علامة العمل.
  • وطوبه أيضا لأنه لا يقبل وليس عنده أفكار شريرة.
  • لكن عوض هذا سينال من الرب عطية سامية أي نعمة سماوية بل يكون له مكان داخل هيكل الرب حيث يعطيهم الرب مكانا أفضل من البنين والبنات (إش56: ٣- ٥).
  • وعامة كلما طهر الإنسان نفسه كلما نال كرامة عند الله.
  • الأتعاب الصالحة هي مستمدة من الله الكلي الصلاح فثمرتها مجدا ليس في الأرض لكن في السماء حيث يتلألأ المجد السماوي بسبب الأتعاب كما قال معلمنا بولس “إن كنا نتألم معه فسنتمجد معه”.
  • ثم أعطى أن أصل الحكمة لا يزول أي الله هو ينبوع الحكمة وأصل الحكمة الدائمة إلى الأبد لهذا تمدح الكنيسة الله في عيد الغطاس بمديحة مطلعها (المجد لينبوع الحكمة) كما تكلم القديسون أن الله الآب هو ينبوع الحكمة والحكمة هي أقنوم الابن.
  • أما أولاد الزناة فلا يبلغون كمالهم، وذرية المضجع الأثيم تنقرض“:-
  • هنا يتكلم رمزيا أن أولاد الزناة هم أعمال الذين يلجئوا إلى حكمة غير حكمة الله، إلى حكمة العالم فهي حكمة أرضية نفسانية كقول معلمنا يعقوب في رسالته، فمصدر الحكمة هو الله أما غير ذلك فيكون من إبليس حيث تتحد نفوس الأشرار في نوع من الزنا الروحي بحكمة أرضية والنتيجة أعمال أرضية هي أولاد هذه الحكمة لكنها أعمال غير كاملة وأصحابها ينقرضوا سريعا.
  • وافترض الحكيم أنه إن طالت حياة الحكماء الأرضيين الأشرار على الأرض فإنهم يحسون كأنهم غير موجودين بالمرة وحتى إن أتوا إلى الشيخوخة تكون شيخوخة بلا كرامة ولا مهابة.
  • وعندما يموتون بسرعة فلا عزاء أو رجاء لهم يوم الدينونة لأنهم استوفوا أجرهم على الأرض.
  • لأن نتيجة الجيل أو النسل الشرير الذي لا يعرف حكمة الله هي شاقة لأن الشقاء هو البعد عن الله.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الرابع

 

 

 

خير الحرمان من الأولاد والحصول على فضيلة

  • خير للإنسان أن يحرم من الأطفال من أن يكون له أطفال أو أولاد أشرار بل عندما يكون له فضيلة هذا أفضل من الأطفال.
  • فاعتبر الحكيم الفضيلة هي ابنة النفس التي تورثها الخلود وليس ا
  • لأطفال الذين يديموا ذكرى أبيهم في العالم لكن الفضيلة تورث الخلود في السماء.
  • وهنا يشير إلى بتولية النفس وليس الجسد فقط فهي القناة التي ترتبط الإنسان بالله إذ ينسى الإنسان كل ما للشهوات ومتطلباتها لكي يكرس كل عقله لله والسمويات وبالتالي يصبح الإنسان معروفا لدى الله والناس.
  • الفضيلة محبوبة في شخص حاملها فهي مشتهاة من جميع البشر فإن غاب عاملها يشتهوا وجوده ليس كشخص بل لأنه يحملها، ولما كان ربنا يسوع هو كلمة الله المتجسد فهو كلي البر وكلي الفضائل فهذا ما تشتهيه جميع الأمم.
  • وفي السماء تستقبل الفضيلة منتصرة مكللة في صورة الكنيسة المجاهدة بقديسيها تتكلل لأنها صارعت مع إبليس وانتصرت حينئذ تزف للعريس ربنا يسوع.
  • إن ذرية الأشرار رغم كثرتها فهي لا تزهو أي ليس بها ما يفتخر به لغياب الفضيلة، واستخدم الحكيم كلمة ذرية دليل على النسل الجسدي فهم نغول أي أبناء غير شرعيين لا بنون لله، لا يعرفون عن الله وعن الفضيلة شيئا.
  • فهم لا جذور لهم في الفضيلة وبالتالي لا ثبات لهم فلا توجد ساق يعتمدوا عليها لينموا في البر.
  • أبناء الأشرار مثل فروع الشجرة الغير متأصلة جذورها في الأرض فلأن الجذور لا تأخذ من الأرض كفايتها فتكون الساق ضعيفة وفروعها كذلك هكذا الأبناء الأشرار.
  • فعند هبوب الرياح والزوبعة أي التجارب لا يثبت الأبناء لأن شرهم يعطيهم عدم قدرة على احتمال التجارب.
  • فعندما تهب رياح التجارب تقصف فروعها الصغيرة أي أبناء الأشرار لا يحتملوا التجارب وإن ثبتوا قليلا يكون ثمرهم ضعيف روحيا لا يصلح للأكل ولا لشيء إلا الحريق مثلما قيل عن فروع الكرمة الغير مثمرة.
  • يرى الحكيم أن أبناء الأشرار مولودين نتيجة لعلاقة جسدية بين آبائهم وأمهاتهم ليس فيها قداسة كسر عظيم كنسي (أف ٥) لكن تكون فيها الشهوات هي الهدف وليس المحبة والاحترام المتبادل.
  • يلقي الحكيم ضوءا على موت الأبرار المبكر فالعبرة ليست بطول السنين بل بعمل روح الله في كل نفس فالنفس التي يعمل بها الله حتى لو كانت لشاب صغير سنا يكون وقورا مثل الشيوخ هكذا البار إن مات سريعا لكنه يستقر في راحة الفردوس حيث لا توجد سهام العدو موجهة ناحيته من جميع أنواع الحروب.
  • الشيخوخة ليست هي شيب الشعر ولا هي طول الزمان بل هي حكم متزن وعقل راجح ونفس ممتلئة بعمل الله وروحه القدوس وليس بأعمال الشر وأعمال العالم وخبرات الشر.
  • لأن الحكمة الروحية هي تعطي روح شابة للإنسان حتى لو كان أشيب من جهة السن وتعطيه قوة، وفي الشيخوخة يكون الإنسان الملتصق بالله يعطي حكما متزنا ويكون بلا عيب.
  • أعطى الحكيم مثالا ومثلا هو أخنوخ إذ أرضى الرب بحياته لم يعش سنين طويلة كمثل آبائه بل أن الله أخذه لأنه أرضاه إذ لم يرد له أن يتدنس وسط الخاطئين.
  • اختطف الرب أخنوخ من العالم حتى لا يتدنس عقله بأفكار سيئة ويحتفظ بنقاوة ذهنه وأيضا نفسه تكون بسيطة لا تعرف الغش وبهذا يليق بالكمال.
  • فإن كان آدم حزن على موت هابيل فهوذا أخنوخ أرضى الرب والرب أخذه حفاظا عليه من شرور العالم.
  • وهذا يعطي فكرة للإنسان أن مقياس الله ليس بالعمر بل بإرضاء الله والنمو الروحي.
  • الباطل مثل البحر يحاول أن يسيطر على الخير حتى يفسده والعقل عندما تجول به أفكار الشهوة تفسده عن بساطته، والشر هو عدم البساطة وأن يكون للإنسان اتجاهين متضاربين، فعلل الحكيم بهذا سبب سرعة أخذ أخنوخ، وقد حذرنا معلمنا بولس من معاشرة الأردياء حتى لا نتحول للشر (١ كو١٥: ٣٣).
  • كانت آلهة العالم الوثني تتسم بالشر لهذا فضحها ق. يوستين في كتابه ضد الوثنيين (اليونانيين) وأيضا ق. أثناسيوس في كتابه ضد الوثنيين.
  • بلغ أخنوخ الكمال وبالتالي تمت رسالته فلهذا أخذه الله هكذا هو مقياس الله الذي يصل إلى الكمال في زمن قصير يأخذه لأن اليوم عند الله كألف سنة (مز٩٠: ٤)، هكذا حقق أخنوخ كماله.
  • يتكلم الحكيم كيف أن الله يخرج البار من وسط الأشرار كما فعل مع أخنوخ لكن الناس لم تفهم مشورة الله العالية وهي رحمة الله للبار حتى لا يتدنس بين الأشرار.
  • إن نعمة الله ورحمته للأبرار الذين يدركون معنى وقيمة حياتهم، فيفتقد الرب الأبرار في حالة برهم ليكافئوا ويصبر على الأشرار علهم يتوبون لكن إن أصروا على عدم التوبة يموتون ويخافون ساعة موتهم وبعد موتهم ترعبهم مخاوف انتظار العقوبة يوم الدينونة العظيم.
  • موت الأبرار بأعمال برهم الكثيرة دينونة للشيوخ الأشرار التي انقضت سني حياتهم بلا ثمر روحي أو تقوى حقيقية.
  • يتعجب الأشرار في أمر موت الصديق في وقت مبكر وكيف مات في آمان إذ أخذه الرب صونا له من الشر والأشرار الذين في العالم.
  • يستهزئ الأشرار بالأبرار في العالم الحاضر لكن في النهاية يهزأ الرب بالأشرار ويضحك بهم كما قيل في (مز٢: ٤).
  • إذ تجيء ساعة موت الأشرار فيصيروا جثة محتقرة مهما طال زمان حياتهم على الأرض بل بعد موتهم يصيروا عارا بين الموتى إلى الأبد، يصيروا صامتين لا يستطيعوا رفع رؤوسهم بل مطاطين رؤوسهم إلى الأرض والرب ينزع أساسهم ويكونوا مثل الأرض البور الغير مثمرة إلى الأبد ويدخلون إلى العذاب الأبدي وذكراهم تزول من الأرض.
  • بسبب كثرة خطايا الأشرار يكونون خائفين يوم الدينونة وآثامهم هي دليل وقاضي على شرهم وهي واضحة في وجوههم.
  • كان من الممكن أن تزال خطاياهم بالتوبة وعمل الرحمة مع المساكين والمرضى والأيتام والأرامل والمسجونين حسب ما قال ربنا يسوع في تعليمه في ثلاثاء البصخة لكنهم لم يفعلوا.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الخامس

 

 

 

يقوم البار بجراءة عظيمة في وجوه الذين ضايقوه

  • يقصد بالبار هنا هو ربنا يسوع المسيح إذ هو كلي البر إذ يروه في كمال بره الذين ضايقوه في زمن تجسده واحتقروه واضطهدوه حتى صلبوه حتى أن أقاربه قالوا عنه أنه مختل (لو٣: ٢١).
  • وأيضا البار هو كل إنسان بار منذ القدم وله إيمان بالله مثل لوط الذي احتقره أصهاره عند إعلامهم بحرق المدينة (سدوم وعمورة) فكان كالمازح في أعين أصهاره (تك١٩: ١٤).
  • حتى معلمنا بولس اعتبروه مختل (٢ كو٥: ١٣).
  • لكن هؤلاء الذين اضطهدوا وقُتلوا، الاثني عشر تلاميذ ربنا يسوع، سيجلس الــ ١٢ تلميذ على ١٢ كرسي ليدينوا الذين احتقروهم (مت١٩: ٢٨).
  • وسيدان الكل كبار وصغار حيث تفتح أسفار أعمال كل إنسان ويسلم البحر الذين ماتوا فيه ويقوم الموتى ويجازوا حسب كل عمل أمام عرش ربنا يسوع كما في (رؤ٢٠: ١٢).
  • إذ يرى الأشرار الأبرار يخلصون في يوم الدينونة يتعجبون من خلاصهم لأنهم قبلا كانوا محل سخريتهم.
  • فإنه في بيت واحد توجد اثنتان تطحنان تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى (مت٢٤: ٤٠).
  • يكون هناك فصل نهائي حسب الأعمال وبالتالي حسب المجازاة وحسب مكان كل واحد سيذهب إليه أما الملكوت أو جهنم، فلا يعود شيء موجود سوى العدل.
  • الأشرار يقفوا لابسين أعمالهم الشريرة فلا تكون جبال ولا آكام لتستر عليهم أما الأبرار يكونوا لابسين المجد وأعمالهم البارة.
  • يندم الأشرار على ما عملوه في يوم الدينونة حيث لا ينفع ندم لأنه لا ذكر لله في يوم الدينونة ولا عبادة (مز٦: ٥).
  • هوذا البار الذي كان أضحوكة وموضع تهكم بل حُسب مجنونا ونهايته غير كريمة في موته لكنه يقوم ببر عظيم.
  • ألم يحدث مع ربنا يسوع هذا عندما قام من الأموات؟ أين الذين قالوا عنه أنه سامري وبه شيطان وخلص آخرين أما نفسه فلم يستطع أن يخلصها؟ أين الذين قالوا دمه علينا وعلى أولادنا؟؟
  • يتعجب الأشرار من الأبرار الذين تهكموا عليهم في حياتهم كيف صاروا في تناغم ومع الأبرار مثل جوقة واحدة وهذا يزيد من عذابهم.
  • ويعترف الأشرار أنهم ضلوا الطريق إذ لم يتبعوا نور شمس البر ربنا يسوع إذ لم تشرق عليهم لأنهم أحبوا الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم مظلمة.
  • شبع الأشرار من طرق الشر، وهنا نلاحظ أن الشر له طرق كثيرة وطرق الشر هي براري صحراوية لا طرق فيها لأنهم تركوا طريق الرب الواحد الذي هو ربنا يسوع الذي قال ” أنا هو الطريق والحق والحياة” فلهذا هم ضلوا وحصدوا الموت بل حصدوا أشواك الخطية وتجرعوها، وصاروا غيوم بلا مطر وأشجار خريفية بلا ثمر (يه١٢ – ١٣).
  • يكتشف الأشرار أنهم لم يستفادوا من الكبرياء أو الغنى لأن الكبرياء هو أساس لكل الرذائل، والغنى ليس فاسد في ذاته لكن استخدامه في الشر هو فاسد وشرير، والارتباط بالمال هو أيضا أصل لكل الشرور وهو يخنق بذار الفضيلة في روح الإنسان (١تي٦: ١٠).
  • فالكبرياء أسقط إبليس من كونه من رتبة الكاروبيم إلى إبليس هو وملائكته، وهو الذي أسقط آدم وحواء إذ افتكرت أنها تصير مثل الله عارفة الخير والشر وخالفت وصية الله وأعطت زوجها فأكل من شجرة معرفة الخير والشر فكان السقوط.
  • أحب حنانيا وسفيرة المال وكذبوا على الروح القدس فماتوا.
  • تمضي حياة الشرير كالظل وكأشعة سريعة لأن الذي يعطي حياتنا قوة لها أثر هو وجود الله في حياتنا لأنه هو مصدر كل قوة فهو شمس البر التي تشرق في قلوبنا (مل٤: ٢).
  • فالإنسان الذي يسلك في الحياة الحاضرة يسلك في سلوك سحابة الشهود الذين شهدوا حقيقيا لله (عب١٢: ١).
  • تمر حياة الإنسان مثل سفينة في البحر لا تعطي علامة في المياه ولا في قاع المياه لا ترسم خطاً.
  • لكن حياة الإنسان الروحي التقي هي داخل الكنيسة كسفينة حيث لا يوجد خلاص خارجها كقول ق. كبريانوس.
  • فالكنيسة فيها ربنا يسوع قبطانها والأسقف هو رئيس النوتية والكهنة هم الملاحظين أو النوتية والشمامسة هم المجذفين وسط مياه بحر العالم والشراع هو عمل الروح القدس خلال الأنبياء والرسل، أما الذين لا يعيشوا مشاركين للكنيسة بل يقفوا خارجها متفرجين تصبح حياتهم ليس لها معنى.
  • تصير حياة الأشرار مثل مرور طائر في الجو لا يترك أثرا هكذا تعبر أيامهم فهم يريدوا أن يتركوا أثرا في العالم ولا يريدوا أن يحاولوا أن يرتفعوا مثل طائر حر بجناحين فالعلو الروحي هو الذي له أثر في أي شيء.
  • حياة الشرير كسهم يمر في الهواء فلا يعطي علامة على مروره في الهواء.
  • لكن الإنسان المسيحي يتقبل السهم الروحي الذي هو ربنا يسوع الذي يجرح قلبنا لكي يشفينا بأن نحبه مثلما أحبنا ونقول مع عروس النشيد ” أني مريضة حبا… مجروحة حبا” (نش٣: ٥).
  • دائما الشرير بشره يبحث عن موته في يأس حتى يفنى أما البار فيظهر بإيمانه فضيلة وبالفضيلة يأخذ حياة أبدية.

 

  • شبه الحكيم أيضا الشرير بــ ٤ تشبيهات :-
  1. كرياح عاصفة تذهب سريعا.
  2. كالزبد الذي يحدثه الموج في المد والجزر ويذهب سريعا.
  3. أو كمثل الدخان يرتفع وكلما ارتفع لا يعود يوجد.
  4. كضيف لمدة يوم واحد ولا يعود فلا يترك أي ذكرى.
  • أما ذكرى البار أو الصديق فتدوم إلى الأبد بل يصير كريح الروح القدس الذي عمل بالتلاميذ يوم الخمسين، وكموجة عالية مرتفعة لا تهبط ورائحة ذبيحة مقبولة أمام الله وكغريب عن الأرض وبالتالي يكون غريب عن الشهوات الأرضية.
  • حياة الأبرار :-
    • بعدما سجل الحكيم فناء الأشرار سجل حياة الأبرار وسماتها :-
  1. يحيون إلى الأبد أي يحيوا مع ربنا يسوع في الملكوت حياة خالدة كمنحة من ربنا يسوع الذي قهر الموت ونزل إليه في الجحيم في عقر داره وهزمه وكسر شوكته، ويشبه ق. مار أفرام السرياني الموت بوحش له معدة متسعة لكل البشر ابتلعهم فنزل إليها ربنا يسوع وفجرها من قِبَل صليبه.
  2. ثواب الأبرار أي مكافأتهم عند الرب أي هو الرب نفسه، ما فائدة السماء دون الله ؟؟ لأنه هو ميراثنا وهو شهوتنا.
  3. العناية الإلهية إذا كانت تشمل الأبرار في حياتهم على الأرض فهي أيضا تستمر في الحياة الأبدية بصورة أفضل بكثير.
  4. سينالون أي الأبرار مملكة مجيدة أي يتمتعوا بملكوت السموات في مجد حيث يمجدهم الله هناك.
  5. يعطي الله الأبرار تاج جمال من يده أي يبرز فضائلهم التي تحلوا بها على الأرض بأكثر مجد وهي ناتجة من فعله وعمله هو.
  6. بيمينه يستر على الأبرار وبذراعه يحميهم إذ لا يوجد بعد ما يقاوم الله أو أبراره لكنهم في حمايته وستره.
  • وصف لله كديان الأرض :-
    • غيرة الله أو غضبه حسب التعبير الدارج تمثل عدله كديان فتكون هي سلاحه وسلاح كامل العدة ضد أعدائه أي إبليس وملائكته.
    • وأيضا يسلح خليقته التي تتبعه بالبر ليصد أعداءه عن خليقته.

 

 

  • وعدة الله هي :-
  1. أن يلبس البر درعا لأنه هو قدوس وبار والبار أو كلي البر هو ربنا يسوع يكون لصد سهام إبليس.
  2. والحكم الصادق هو خوذته أي العدل هو فكره.
  3. يتخذ القداسة ترسا له وبالتالي نحن هكذا بالقداسة وهي البعد عن الأرضيات وأيضا تكريس كل طاقات النفس للرب.
  4. يسن أو يشحذ سيفه الذي لا ينثني بغضبه أي عدله يبتر الشر ويفصل الخير عن الشر، والعجيب أن الأغبياء يحاربوا الله بدل ما يعرفوا قلة حكمتهم لكن العالم الطائع لله يحاربهم معه.
  5. يجسم الحكيم عدة الله في خليقته فيتخذ من البروق سهام والسحب قوسا يصيب به أعداءه كهدف مثلما حدث في معركة يابين مع إسرائيل في عصر دبورة وباراق وقيادة سيسرا رئيس جيش يابين في يزرعيل أسفل جبل الكرمل فنزل المطر وكان جيش يابين متسلح بعجلات حديدية حربية فانغرست في الرمل فنزل جيش باراق من جبل طابور عرقب الخيل وانتصر بعد قليل (١٠٠٠٠ رجل) على جيش يابين الذي هرب رغم كبر عدده.
  6. يستخدم الله ضد مقاوميه الطبيعة فينزل البَرَد مثل كرات ثلجية ثقيلة مع نار رغم تضاد الاثنين مثلما حدث في ضربات المصريين، وتشير ضربة البَرَد إلى برودة قلوب أعداء الله.
  7. وأيضا الأنهار ومياه البحر تغمر أعداءه بوحشية وتهزمهم مثلما حدث أن غمرت مياه البحر فرعون عندما تعقب بني إسرائيل ودخل وراءهم في البحر الأحمر.
  8. وأيضا يستخدم الله الرياح فتكون كزوبعة ضد أعدائه مثلما جعل ريحا شرقية تهب على البحر الأحمر فتشقه ليمشي شعبه وسط البحر لكن فرعون لما دخل وراءهم هلك هو وكل جنوده.
  9. والشر يحمل نتيجته في داخله فيجعل الأرض خربة ويقلب عروش الملوك مثلما حدث مع أخاب ملك إسرائيل إذ أغلق إيليا السماء ٣.٤ سنة ولما اغتصب حقل نابوت اليزرعيلي مات في حقله ولحست الكلاب دمه.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 

 

 

اسمعوا أيها الملوك وافهموا

 الإصحاح السادس

 

  • يوجه الحكيم كلامه لكل أحد ومن ضمنهم الملوك وقضاة الأرض المتسلطين وذوي الكرامات لأن الله لم يخلق الإنسان عبدا بل ملكا صاحب سلطان لكن بسقوط الإنسان أصبح عبدا للخطية ولإبليس.
  • طلب من المتسلطين على الجماهير والذين يفتخرون أنهم ملوك وعدد عبيدهم كثير فليس بالطبيعة حسب خلق الله إنسانا عبدا أو آخر سيد لكن الإنسان هو الذي أوجد هذا النوع.
  • طلب منهم أن يكونوا مثل الآباء لأبنائهم يحوطوا الكل بمحبتهم فالقيادة هي بالحب والبذل.
  • فمعلمنا بولس قاد العالم كله ليس لذاته لكن لربنا يسوع بواسطة عمل روح الله فيه بكلامه وعظاته ومحبته وأعماله وتجواله خلص الكل من أسر إبليس وجعلهم أبناء لسيد واحد هو ربنا يسوع وصار لهم أباً (١كو٤: ١٥).
  • أوضح سليمان الحكيم أن سلطان الملوك والقضاة هو من الرب لأنه في الطبيعة جميعنا بشر وليس هنا سيد وعبد لكن السلطان والقوة هما بالإمكانيات البشرية التي يعطيها الله لكل إنسان ليخدم بها الآخرين سواء ذكاء أو عمل ما أو حكمة وبالحكمة يستطيع الإنسان أن يحب كل إنسان ويكسب كل إنسان حتى أعدائه، وأوصاهم سليمان الحكيم بمخافة الله لأنه هو الذي يفحص أعمالهم ومشوراتهم.
  • وأعطاهم الحكيم مشورة هي العمل بشريعة الله وبمشورة الله حتى يكون الحكام والمتسلطون هم خدام لله وليس مترأسين أو متغطرسين.
  • فإن المتسلطين والحكام لهم سيد هو الذي يحكم على أحكامهم بالعدل ولا يشفق إذا كانوا مدانين، وحكمه مخوف وسريع ولا يحابي الوجوه.
  • فإن الصغير والمتواضع أهلا لرحمة الله لكن القوي والمتعظم بقوته خصوصا من القيادات فهو يُفحص بشدة، وما يُحاسب عليه الصغير برحمة يُحاسب عليه القوي بشدة نظرا لأنه أخذ مواهب أكثر وقوة أكثر، كل حسب ما أخذ.
  • الله في دينونته لا يتراجع أمام أحد ولا يخشى عظمة إنسان مثل البشر في حكمهم لأنه هو صانع الصغير والكبير، هو الذي يقدم اعتناء بالصغير كما الكبير على السواء، بمقدار ما يعطي كل واحد بمقدار ما يحاسب على عطيته إن كان استخدمه للبنيان أو للهدم.
  • فإن أصحاب القوة والسلطان حسب ما أعطي لهم أيضا سيدانوا بما أعطي لهم بدقة وبشدة.
  • لكن إن أصغى الإنسان للتعلم إلى نهاية حياته ويتعلم الحكمة كل يوم لا يزل وينجوا من الدينونة إذ يعمل بما يتعلم من حكمة فيصير حكيما مفتديا الوقت لأن الأيام شريرة.
  • فالذي يحفظ القداسة تشهد له القداسة يوم الدينونة والذي يحفظ ما تعلمه أي يعمل به يجد دفاعا له يوم الدينونة ويستطيع أن يبرهن بأفعاله على ما تعلمه من حكمة الله.
  • دعى الحكيم هؤلاء الملوك ليقتنوا حياة القداسة والتعلم باشتياق إذ هو يرغب في فائدتهم وإلى تأدبهم بالقداسة والتلمذة.
  • الحكمة كأقنوم وهو ربنا يسوع يقول عنها الحكيم أنها مجيدة ولهذا قال معلمنا بولس عن ربنا يسوع أقنوم الحكمة ” الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره” (عب١: ٣).
  • والحكمة ليست زمنية تزول بل سرمدية أزلية أبدية.
  • الذي يرغب فيها ويسعى ويجاهد لأجلها تعلن ذاتها له لهذا قال ربنا يسوع ” الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي… أن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وأنا أحبه… وإليه نأتي وعنده نصنع منزلا” (يو١٤: ٢١، ٢٣).
  • لهذا قال الحكيم أن الحكمة سباقة للإعلان عن ذاتها للذين يرغبونها إذ تعلن نفسها لهم.
  • من يطلب الحكمة (ربنا يسوع) باجتهاد ويبكر لها يجدها، هي لا تدخل عنوة لكن من الضروري أن يسمح لها الإنسان بكل قلبه إلى الدخول، لذا يقول في سفر الرؤيا “هأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه واتعشى معه وهو معي” (رؤ٣: ٢٠).
  • فالله الكلمة أقنوم الحكمة قريب من قلبنا عند أبوابنا من يطلبه يجده “لا تقل من يصعد إلى السماء ليأتي به أو ينزل إلى الجحيم ليصعد ربنا يسوع (رو١٠: ٦) فالذي يبكر إلى الله يجده (أم٨: ١٧؛ مز٦٣: ١).
  • فالذي يتأمل الحكمة في هدوء بعيدا عن الضوضاء يجدها في كمالها والذي يسهر طالبا إياها يكون معتمدا عليها خالي من الهموم، لذا يوصينا الآباء بالسهر لأنه ينقي العقل لذا تعمل كنيستنا الأرثوذكسية سهرات كثيرة في جميع المناسبات وباستمرار بالتسبحة في نصف الليل لكي تعلمنا السهر حتى نصير مثل الملائكة ننير ليلنا أو ليل العالم المظلم بضياء نهار التسبيح.
  • فالحكمة تجول في الطرق فمن يرق لها ويسمع لصوتها يجدها بل في كل فكر إن طلبها في عقله تأتي لملاقاته، وهنا أهمية الأفكار المقدسة كما قال الآباء عن قائد المائة الذي قال لربنا يسوع أنا أيضا إنسان تحت سلطان لي جند تحت يدي أقول لهذا يأتي فيأتي ولهذا اذهب فيذهب، هكذا علمنا الآباء أن نقول للفكر الحسن والحكمة أن يأتوا فيأتوا وللشر أن يذهب فيذهب.
  • الحكمة الكاملة تأتي أولا بتأديب أي تقبل تأديب الرب بفرح حتى نتحرر من الخطية.
  • والدرجة الثانية هي أن تجعلنا الحكمة نحبها أي نحب أقنوم الحكمة ربنا يسوع حيث يأتي البيت وعندنا يصنع منزلا (يو١٤: ٢٣).
  • والمحبة هي حفظ وصايا الله عمليا وتنفيذها. وتنفيذ الوصية يأتي بنا إلى الطهارة وعدم الفساد وهذا يجعلنا نقوم من موت الخطية وهذا الاشتياق يؤهلنا للقيامة الثانية والحياة الأبدية أي الخلود وإلى الملكوت الأبدي ملكوت السموات.
  • ثم يعود الحكيم بالتنبيه على ملوك الأرض أن الأرض غير دائمة وملكها غير دائم فلا تطيب لنا الحياة الأرضية لكن نكرم الحكمة التي تؤهلنا إلى ملكوت السموات والملك الأبدي مع ربنا يسوع ينبوع الحكمة.
  • يود الحكيم أنه كما عرف الحكمة وطلبها منذ صغره فأعطاها له الله يود أن تصل هذه الحكمة لكل إنسان ويفصح عنها وعن أسرارها عن طريق معرفته للحق والحق هو ربنا يسوع لهذا قال ربنا يسوع ” أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو١٤: ٦).
  • وطريق معرفة الحكمة هو الحب الذي يجمع، محبة الله والبشر فلا يسلك في طريق الحسد أي الكره الذي يجعل الإنسان مهلهلا ومظلما لأنه لا شركة للنور مع الظلمة ولا الحكمة مع الظلمة بل طريقها مملوء نورا (١يو٢: ١٠)، ويأتي هذا أيضا بحياة التأمل والعمل الذي تمثله راحيل وليئة زوجات يعقوب.
  • إن كثرة المرشدين والحكماء بالحكمة الروحية تخلص العالم فكلما زاد عددهم ازدادت البشرية معرفة بالله كلي الحكمة والله هو الذي يعطي بواسطتهم خلاصا، والملك الأرضي هو بحكمته يثبت شعبه في البر مثل الروح للجسد فهي التي تعطي حياة وثبات للجسد ومثل الملح للطعام هكذا أيضا المسيحيون في العالم هم خلاصا للعالم أي بواسطتهم الله يخلص العالم لأنهم يرشدوا العالم إليه وهذا ما قالته رسالة إلى ديوجنيتس في العصر الرسولي.
  • ثم يكرر الحكيم أن الاستفادة من الحكمة تبدأ بالتأدب وقبول تأديب الرب.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 

 

 

 

 الإصحاح السابع

 

 

 

 

أنا أيضا إنسان قابل للموت

  • يوضح الحكيم أنه ليس لميزة فيه اقتني أو وهبت له الحكمة وذلك للأسباب الآتية :-
    • أنه إنسان قابل للموت مثل سائر البشر.
    • أنه يشترك في نفس طبيعة البشر بالتساوي.
    • هو منحدر من آدم وهو أول من خلقه الله على الأرض.
  • وهنا يؤكد أن الامتيازات أو المواهب التي وهبها الله للبشر هي من جوده فإن إيليا رغم ما وصل إليه من منع المطر ٣.٦ سنة وصعوده في مركبة نارية هو إنسان تحت الآلام مثلنا كما قال معلمنا يعقوب (يع٥: ١٧).
  • أيضا معلمنا بولس الذي غزا المسكونة كلها وفتنها بكرازته هو إنسان أيضا له آلامه التي سجلها في (٢ كو١١) في إصحاح كامل لكنه كان يؤمن أن الآلام لها مجد أبدي ولا تساوي شيئا مقارنة بالمجد (٢ كو٤: ١٧).
  • أوضح معلمنا سليمان كيف أنه تكون كجنين في رحم أمه لمدة ١٠ أشهر حسب التقويم القمري الذي يعتبر الشهر ٢٨ يوما فتكون مدة الحمل ٢٨٠ يوما أي ٢٧٠ يوما (٩ أشهر) مضافا إليها ١٠ أيام.
  • تكوَّن أو تغذى من دم أمه وهو ناتج من زرع البشر من العلاقة الزوجية ومن اللذة الجسدية لكن ليست لذة أثيمة لأن الله يقدس الإنسان مثلما قيل عن إرميا النبي في (إر١: ٥) أنه قدسه وهو في رحم أمه.
  • تكلم الحكيم عن عطايا الله العامة وهي التي يشترك فيها الأغنياء والفقراء وهي ذات أهمية كبرى في حياتهم على الأرض وترك المقتنيات الكمالية للملكية الخاصة.
  • فقد ولد يتنفس الهواء مثل كل البشر وهذا يشترك فيه الفقير والغني، وعاش على الأرض بسبب الجاذبية الأرضية.
  • ولما ولد استهل صارخا وهذا نتيجة الصدمة التي تصاحب أول تنفس للطفل.
  • وهذا كله، التنفس والحياة على الأرض يتساوى فيها الجميع لئلا كان يأخذها الأغنياء ويُحرم منها الفقراء لكن الكماليات للأغنياء حتى يعطوا الفقراء والفقراء يأخذوا ويشكروا الله.
  • أوضح الحكيم أنه رغم أنه ملك ولد في القماط وكأن القماط قيود لذلك ذكر بعدها كلمة الهموم.
  • فيؤكد الحكيم أنه رغم أنه ملك لكنه يتساوى بطريقة الحياة مع كل البشر لأن بدء وجودهم كان بطريقة متساوية.
  • بل أن مدخل الجميع ومخرجهم واحد إذ دخل الجميع بالميلاد عراة ويخرجون بالموت عراة أيضا كما قال أيوب (أي١: ٢١).
  • أوضح سليمان كيف اقتنى الحكمة حيث صلى إلى الله أن ينالها وفعلا ظهر له الله لأجل اتضاعه ولأجل أنه لم يطلب غنى أو شيئا آخر فأعطاه الله حكمة أفضل من كل من على الأرض ليس في جيله فقط بل في كل الأجيال وأضاف إليه غنى مادي فصار أغنى ملوك الأرض وهيبته على كل ملوك الأرض، فأعطاه الله موهبة الحكمة النازلة من فوق من عند أبي الأنوار (يع١: ١٧) لأن الحكمة نور.
  • ولما عرف قيمتها فضلها على السلطان ومجد العروش وعن الغنى لأنها أفضل منه لأنها هي أقنوم الحكمة.
  • فهي أفضل من الأحجار الكريمة والذهب بالنسبة لها كمثل الرمل والفضة كالطين لأن الحكمة روحية فهي أثمن بما لا يقاس بالماديات التي هي أرضية من طين ورمل الأرض (أم١٦: ١٦).
  • فضل الحكيم أقنوم الحكمة ربنا يسوع أن يقتنيه عن أي شيء مادي حتى لو كانت الصحة والجمال المادي الذي يذبل بعد حين.
  • والعجيب أنه آثر أن يتخذها قبل النور، وهنا إشارة لاهوتية رائعة إذ أن أقنوم الحكمة كان موجودا قبل خلقة النور بل أن النور ناتج من خلقة أقنوم الحكمة له بالإضافة إلى بهاء مجد النور المنبعث من أقنوم الحكمة كما قال معلمنا بولس الرسول عن ربنا يسوع ” الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره” (عب١: ٣).
  • وهنا فضل الحكيم اقتناء ما هو ثابت لا يزول عن ما يزول ومادي، فجمال الروح أفضل من جمال الجسد وصحة الروح أفضل من صحة الجسد.
  • عندما يقتني الإنسان الحكمة الأزلية أو أقنوم الحكمة الأزلي لا يكون فارغا بل يأتي ومعه كل الخيرات لأنه ينبوع كل الخيرات سواء خيرات روحية أو مادية بغنى لا يحصى من وفرة عطائه.
  • إذ سُر الحكيم بالخيرات التي صاحبت الحكمة لكن عرف أن الحكمة هي مصدر الخيرات بل هي صانعة الخيرات لهذا تصلي كنيستنا القبطية في صلاة الشكر وتقول (فلنشكر صانع الخيرات) لكن هنا يؤكد أن الحكمة سابقة على الخيرات لأن الخيرات مخلوقة أما الحكمة فهي أزلية.
  • ما علمته الحكمة للحكيم سليمان قدمه سليمان ليشترك فيه الآخرون بسخاء حتى يذيع غنى حكمة الله ربنا يسوع.
  • الحكمة هي كنز لا يفنى لجميع الناس على السواء والذين اقتنوا كنز الحكمة الأزلية صاروا أصدقاء الله لأنها هي الله ذاته، ألم يكن إبراهيم خليل الله وصديقه عندما اقتنى الحكمة بالطاعة وترك أهله وعشيرته وأرضه؟ ولما أراد الله أن يهلك سدوم وعمورة أخبر إبراهيم، ألم يتعهد الله بأصدقائه لأن الحكمة الأزلية اقتنوها حتى في ساعة الخطأ مثلما كذب إبراهيم على فرعون وقال عن سارة أنها أخته وعرف فرعون أنها زوجته فتعهدته الحكمة وأخلى فرعون إبراهيم بغنى كثير من أرضه.
  • وأيضا الحكمة تعطي مواهب روحية لأصدقاء الله فقد علم فرعون أن إبراهيم نبي فطلب أن يصلي عنه، هكذا الحكمة مواهبها أيضا روحية لأصدقاء الله.
  • والحكمة تجعل من البشر أصدقاء لله أي أنها مصالحة العالم بالله وهذا ما فعله ربنا يسوع إذ تجسد وفدى البشرية لكي يصالحها على الله.
  • طلب الحكيم سليمان من الله كلي الحكمة أن يعطي له أن يتكلم عن الحكمة بما يليق بها وأن ينشغل بها في فكره حتى يكون أهلا لما أعطته الحكمة من مواهب لأن الله هو مرشد ودليل الحكمة للذين يطلبونها.
  • لأن الله في يده البشر والحكيم ذاته (سليمان) وأيضا أقواله، بل هو الذي يعطي الحكمة لمتعلمي علوم الأرض أو السماء وكل صناعة هي بمواهب حكمة الله المتنوعة مثلما أعطى الله حكمة لبصلئيل لعمل ما يلزم لخيمة الاجتماع.
  • فقد وهب الله سليمان حكمة غير عادية وعِلما يقينا أي أكيد واضح وليس وهما ولا ادعاء.
  • فقد عرف أن العناصر مكونة من المواد المختلفة.
  • وعرف حساب الأزمنة وتعاقب فصول السنة بين الشتاء والصيف والاعتدالات التي بينهم مثل الاعتدال الربيعي في ٢١ مارس وقبل الشتاء اعتدال آخر هو فصل الخريف.
  • وعرف أيضا دورات السنة بواسطة النجوم مثلما عرف قدماء المصريين نجم الشعر اليماني وارتباطه بفيضان النيل.
  • وعرف طبائع كل حيوان، فترة كمونه وفترة نشاطه ونوعية طعامه وغيره، وحاليا يدرس هذا العلم في كليات الطب البيطري بنفس الاسم (طبائع الحيوان).
  • وعرف أيضا علم الطقس أي أنواع الرياح متى تهب ومن أين وإلى أين تذهب.
  • وعرف أيضا طريقة أو طرق تفكير البشر.
  • بل عرف جميع أنواع النباتات من الحشائش إلى الأشجار المعمرة كما ذكر في (١مل٤: ٣١- ٣٤) وكان له ٣٠٠٠ مثل و١٠٠٥ نشيد كوسيلة تعليمية لعلمه الذي وهبه الله له.
  • فقد عرفه الله كل ذلك بل كل ما هو ظاهر في الطبيعة بل وما هو خفي أيضا فيها من معادن ومن أسرار الحيوانات ولغتها كما قال العلامة أوريجانوس عن التقليد اليهودي.
  • يصف أقنوم الحكمة في الآيتين ٢٢ و ٢٣ بــ ٢١ صفة عبارة عن (٣ إشارة للثالوث X ٧ إشارة أو رمز للكمال) وهي :-
  1. روح : فالله في طبيعته روح كما تكلم ربنا يسوع مع السامرية في (يو٤: ٢٤) عندما كلمها عن السجود بالروح والحق.
  2. فطــــن : أي ثاقب النظر يعمل برؤيته الكلية للأشياء التي لا يعرفها غيره إذ أقنوم الحكمة هو حكمة الله (١ كو١: ٢٤).
  3. قـــدوس : وهذه طبيعة الله وهي كلمة تعني سامي عن الأرضيات وكلي القداسة، وهي تعني أيضا بالنسبة للإنسان: المفرز لعمل يخص الله (كو٣: ١، ٢).
  4. وحــــيد : إذ دعي أقنوم الحكمة بالوحيد أي ابن الله الوحيد من جهة اللاهوت حيث أنه مولود من الآب قبل كل الدهور من نفس ذاته الإلهية وهو مساوي لأقنوم الآب وأيضا للروح القدس.
  5. متشــعب : أي متنوع لكن غير منقسم فهو يحكم كل شيء في العالم والخليقة فبالتالي يقوم بوظائف غير محدودة أي لا نهائي في كل شيء.
  6. لطــــيف : هذه هي طبيعة الروح أي غير مادي أو كثيف بل من طبيعة روحية غير مادية.
  7. متحـــرك : أي دائم العمل كما كلم ربنا يسوع اليهود بعد معجزة مفلوج بركة بيت حسدا في (يو٥: ١- ١٧) وقال ” أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل” (يو٥: ١٧).
  8. ثاقــــب : أي ناظر إلى أعماق الأشياء التي لا تستطيع أي خليقة أن تراها وأيضا تعني قمة الحكمة في كل عمل. وتعني أنه يخترق كل مكان أي لا يحده مكان أي غير مُحوى كما تقول الكنيسة القبطية في قسمة صوم الميلاد.
  9. طاهـــــر : فهو أي أقنوم الحكمة كلي الطهر بل كل الخليقة السماوية والأرضية غير طاهرة أمامه.
  10. واضـــح : فالله روح بسيط وهذه طبيعة الروح أما طبيعة المادة فهي مركبة من عناصر كثيرة.
  11. سلـــيم : أي ليس فيه عيب أو نقص ما أي كامل.
  12. محب للخير ومحسن : أي دائما عمله خير لأنه قدوس وليس به شر كما قال معلمنا بولس في (عب ١) “قدوس وبلا شر قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السموات”، وطبيعة الله العطاء بلا حدود.
  13. حــــــاد : أي عادل وحازم.
  14. حــــــر : أي لا ينغلب من شيء لأنه هو الظافر على كل شيء من المخلوقات سواء أرضية أو سماوية، وقد قيل عن ربنا يسوع ” خرج غالبا ولكي يغلب”.
  15. محب البشر : وهي من صفات الله الرائعة إذ قيل عن الله أن لذته في بني البشر.
  • واستخدمت كنيستنا هذا اللفظ vilan`qrwpe في المزمور ١١٨ في الخدمة الأولى في صلاة نصف الليل كمرد لقطعه الــ ٢٢ كما تستخدم كمرد لمعظم قطع Ten qhnou (قوموا يا بني النور) في أول تسبحة نصف الليل.
  1. ثابت في ذاته : أي في كينونته ثابت غير متغير وهذه طبيعة اللاهوت أما ما هو متغير فهو يخص المخلوقات لكن الله هو هو أمس واليوم وإلى الأبد هذا ما قيل عن ربنا يسوع في (عب١٣: ٨).
  2. آمـــــن : إذ لا يستطيع أي مخلوق أو أي شيء أن يهدده مثل المخلوقات لأنه كلي القوة والقدرة فهو آمن ويؤمن مخلوقاته التي تطيعه.
  3. مطمـــئن : إذ هو ينبوع السلام وربنا يسوع هو رئيس السلام لهذا كان مطمئنا لا ينزعج مثل بني البشر.
  4. قـــــدير : أي كلي القدرة لا تعلوه قدرة وقادر على كل شيء (رؤ١٩: ٦).
  5. ضابط الكل ويراقب كل شيء : أي هو يجعل المسكونة وجميع خلائقه تسير حسب أمره لا تشذ عن ما رسم لها، ولهذا تضع الكنيسة القبطية أيقونة شرقية الهيكل ربنا يسوع الجالس على العرش الذي تحمله الــ ٤ كائنات غير المتجسدة وتسميها الــ Pantokratwr أي الضابط الكل حيث يمسك فيها ربنا يسوع قضيب ملكه إذ هو ملك الملوك ورب الأرباب.
  6. أقنوم الحكمة أكثر حركة من أي شيء متحرك : فأقنوم الحكمة ربنا يسوع دائم الحركة والعمل فهو موجود في كل مكان ويعمل في كل مكان (مز١٣٨: ٢٧) وهو وعدنا أنه يكون معنا ونحن معه دائما (يو١٧: ٢٣).
  • إن الحكمة روح فبالتالي هي روح الله الذي هو نسماته كما نفخ الله قديما في التراب فصار نفسا حية وكان آدم، هكذا طبيعة الله حياة وأيضا الله كأقنوم الحكمة له مجده كما قال معلمنا بولس ” الذي هو بهاء مجده ورسم جوهره” (عب١: ٣).
  • فالله ليس فيه أي شيء غير طاهر بل هو قدس كل خليقته وليس في خليقته شيء دنس إلا إذا اختار الإنسان الفساد فيفسد طبيعته فكل شيء طاهر للطاهرين (تي١: ١٥).
  • فأقنوم الحكمة هو بهاء النور الذي هو طبيعة الله أو الله الآب والبهاء هو أقنوم الابن، فلا يوجد نور دون بهاء هكذا لا يوجد الآب دون الابن وهذا يعبر عن قوته وصلاحه لذلك يدعى الابن قوة الله وحكمة الله (١كو١: ٢٤).
  • الحكمة تقدر على كل شيء إذ أقنوم الحكمة ربنا يسوع قادر على كل شيء لأنه الله.
  • هو يغير ويجدد في الخليقة دون أن يتغير فهي لباس يطوى أما هو فسنيه لا تبلى مثلما قيل في (مز١٠٢: ٢٧؛ عب١: ١٢).
  • على مر السنين وعلى مر الأجيال تصادق القديسين مثلما صادق الله إبراهيم (تك١٨: ١٧)، وموسى النبي (خر٣٣: ١١)، وصادق الرب أيوب وقال عنه ليس كامل مثله في كل الأرض (أي١: ٨)، وأيضا صادق الله صموئيل وناداه وهو صبي ٣ مرات وأعلمه بالقضاء على بيت عالي وكان صموئيل أمينا في خدمته، وأيضا تصادق الله مع داود وقيل أن الله وجد قلب داود حسب قلبه، وهكذا صادق الأنبياء مثل إشعياء ودانيال الذي كان محبوبا جدا.
  • وقد حدد الحكيم سليمان أن الله يحب من يحب الحكمة أي الذي يضع قلبه في محبة الله فهو الذي يجد الله في قلبه محلا لسكناه.
  • قارن الحكيم بين ضياء نور الحكمة أو ضياء نور أقنوم الحكمة وأكبر ضوء يُرى في الأرض وهو الشمس فالشمس في اليوم تغرب أي يأتي بعد نورها ليل أما الله أقنوم الحكمة فثابت في نوره الأزلي.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الثامن

 

 

 

الحكمة الممتدة من أقاصي المسكونة

  • يتكلم الحكيم سليمان عن الحكمة أو أقنوم الحكمة أنه موجود في كل المسكونة لا يخلو منه مكان ويعمل بقوة إذ هو خلق المخلوقات وكل شيء ويرعاها وينسق بينها بتناسق مذهل وترتيب عجيب.
  • تستخدم كنيستنا القبطية هذا التعبير من أقصى العالم إلى أقصاه أو من أقاصي المسكونة إلى أقاصيها في أوشية السلامة في القداس الكيرلسي.
  • لقد أحب سليمان الحكمة منذ كان شابا صغيرا وفعلا طلب من الله هذا لأنه لا يستطيع أن يحكم أو يميز بين عدد كبير كونه ملكا على إسرائيل بعددهم الكبير هذا واستجاب له الله فأعطاه حكمة وسعة صدر مثل رمل البحر.
  • لقد اتخذ الحكيم الحكمة زوجة له مثلما اتخذ أبرام ساراي زوجة له التي تعني أميرتي فأصبح هو إبراهيم أب لجمهور كثير وأصبحت هي سارة وقد أوصاه الله أن يسمع لها في كل ما تقوله له (تك٢١: ١٢).
  • هكذا النفس عندما تتحد بأقنوم الحكمة تنتج فضائل كثيرة مثلما قال الرسول بولس: محبة فرح سلام…
  • أقنوم الحكمة ذات أصل كريم لأنه الله الكلمة وهو شريك مع الله الآب في الربوبية والحياة الأزلية لذلك قال ربنا يسوع ” كل ما هو لك هو لي” (يو١٧: ٩)، وأنه له الحياة في ذاته (يو٥: ٢٦)، لذلك في مطلع صلاة الصلح في القداس الإغريغوري يقول (أيها الكائن الذي كان الذاتي والمساوي والجليس مع الآب) وقد أحب الآب الابن من قبل إنشاء العالم (يو١٧: ٢٤).
  • الله الحكمة أو حكمة الله كلي المعرفة عالم بكل شيء وهذا ما قيل في (يو١٦: ٣٠)، وهو (أقنوم الحكمة) محب لأعمال الله بل ويعمل أعمال الله “أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل” (يو٥: ١٧).
  • إذا كان في العالم الغنى مثل المُلك مرغوبا فيه من البشر هكذا من يحب الله أو حكمة الله الغنية تعطي كل شيء للبشر وتغنيهم عن الغنى الزمني لذلك قيل عن أقنوم الحكمة فيه مذخور كل كنوز الحكمة.
  • أقنوم الحكمة يعمل كل عمل بفطنة وضمن ما يعمله بفطنة هو عمله في الخليقة هو نموها وجعلها تحقق الغرض من خلقتها في سمو وازدهار دائما بل وإبداع دائما.
  • يتكلم الحكيم عن الفضائل التي تلدها الحكمة في النفس وهي :-

١- البر وحياة القداسة.               ٢- الفطنة أي حكمة التصرف العملي.

٣- ضبط النفس بغير انفعال.         ٤- الشجاعة وعدم الخوف.

  • الحكمة تعرف الماضي وتعيش الحاضر بالفطنة وتعرف ما سوف يحدث من معجزات فهذا هو أقنوم الحكمة الذاتي لأن الله وحده هو العارف بالماضي والحاضر والمستقبل فقد عرف ربنا يسوع أن اليهود قتلوا زكريا بن برخيا بين الهيكل والمذبح وأكد أنه سوف يُصلب في (مر٨: ٣١؛ ٩: ٣٢؛ ١٠: ٣٣)، وقد تعطي الحكمة بعض البشر نعمة هذه النبوة.
  • عزم الحكيم أن يتخذ أقنوم الحكمة مثل زوجة يقترن بها إذ اثنين خير من واحد (جا٤: ١٠) لأنها تشير عليه لعمل الخير وتعزيه في وقت الحزن والغم.
  • كأن سليمان يتحدث عن موهبة الحكمة التي وهبها إياه الله كيف جعلته مرهوبا عند كل ملوك الأرض وكيف كان كل ملوك الأرض يهابونه ويأتون إليه يستشيرونه في أمور مملكاتهم ويعطوه هدايا فصار أغنى ملوك الأرض رغم صغر سنه.
  • تعطي الحكمة الحكيم أن يحكم بحكم صائب يتعجب منه الحكماء والعظماء مثلما أتت إلى سليمان امرأتان متزوجتان برجل واحد وكان لكل منهما طفل فاضجعت واحدة على ابنها فمات فراحت ووضعته للمرأة الأخرى وأخذت ابنها كابن لها فذهبوا إلى سليمان ليقضي بينهما فطلب سليمان سيف وأمر أن يشطر الطفل إلى اثنين وتأخذ كل منهما نصف فحنت أحشاء الأم الحقيقية ورفضت فعرف أنها أمه.
  • عندما يتحد الإنسان بالحكمة يصير بها حكيما يتتلمذ عليه كثيرون سواء عندما يصمت أو يتكلم فعندما يصمت يتعلمون أن اللسان شر إذا انحرف، وإذا تكلم يصغون باهتمام ويتعلم الآخرون كتلاميذ حتى إن أفاض في الكلام لا يتكلمون بل يكونون مصغين “فم الحكيم كنهر متدفق” (أم١٨: ٤).
  • أقنوم الحكمة عندما يتحد بالإنسان (روحيا) يعطي روحه أن تكون خالدة تدخل الفردوس وفي يوم الدينونة تدخل ملكوت السموات أما على الأرض يترك الإنسان المتحد بأقنوم الحكمة سيرة طيبة تنقلها الأجيال جيل بعد جيل.
  • قد جعل الله سليمان بموهبة الحكمة التي له صارت مملكته سلام واستشارة جميع ملوك الأرض وكأنه كان يحكم على كل الأرض، هكذا صار القديسون إذ باتحاد الأنبا أنطونيوس بالحكمة صار أبا لكل رهبان العالم من جميع أنحاء الأرض وكانوا يأتون ليتعلموا من رهبان مصر.
  • إذ سمع ملوك الأرض عن حكمة سليمان جاءوا إليه وسمعوا حكمته وخافوه وصار مثالا صالحا يقتدوا به وسط جموع الشعب ووسط ملوك الأرض.
  • يصير الإنسان الذي يتقي الله حكيما حتى وسط الحرب فقد نزل يهوشافاط الحرب في راموت جلعاد شرق الأردن مع أخاب فأحاط به جنود آرام لأن ملك آرام أراد قتل ملك إسرائيل فقط فلما أحاطوا بيهوشافاط صرخ إلى الرب فأعانه الرب وتنحوا عنه إذ عرفوا أنه ليس هو أخاب الذي تنكر في زي جندي (٢ أخ١٨: ٣٢).
  • اتخذ الحكيم الحكمة رفيقة وزوجة له لكنها فاقت مستوى أي شخص بشري إذ جلبت السرور والفرح الدائم وعدم الألم.
  • بعدما فكر سليمان الحكيم أن أي قرابة جسدية أو نسبه كابن لداود لن يفيده شيئا لكن إن اتخذ موهبة الحكمة يصير له الخلود لأن أقنوم الحكمة هو ربنا يسوع هو خالد هكذا قاده الفكر الصالح وكل من يكون فكره صالح أو قلبه صالح يفكر بهذا الفكر أن يحيا إلى الأبد لأن القلب يعبر عنه بالعقل Nouc .
  • في البحث عن ربنا يسوع والجهاد لذة إذ يجده صديقا له بل أيضا يأخذ ثمرة الجهاد طهارة وغنى روحي وحكمة وسمعة طيبة بين السمائيين (لو ١٥) وحتى الأرضيين.
  • أيضا من علاقة الحكيم بأقنوم الحكمة يصير بسيطا مثل الأطفال وذو نفس صالحة إذ يهب أقنوم الحكمة من يتمسك به من صفاته.
  • صيرت الحكمة سليمان الحكيم صالحا ذو جسد غير خاطئ لأن الجسد في حد ذاته ليس سببا لأي خطية لكن طريقة سلوكه وعقله أو روحه التي تقوده هي سبب أي تصرف صالح.
  • وقد أدرك سليمان الحكيم أن الحكمة موهبة ليس بقدرة الإنسان الذاتية وكل موهبة هي نازلة من عند أبي الأنوار، الله، فصلى إليه وسأله الحكمة من كل قلبه فأعطاها له الله بوفرة (مز٣٧: ٥، ٦).

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح التاسع

 

 

 

يا إله آبائي ويا رب الرحمة

يا صانع كل شيء بكلمتك

  • يقدم سليمان الحكيم صلاة ليهب له الحكمة حتى نتعلم أن نطلب من الله كل ما نحتاجه كأب لنا.
  • ويقدمه في صلاته كإله آبائه الذين يعتز بهم إبراهيم وإسحق ويعقوب البطاركة العظام رجال الإيمان والمتغربين لأجل الله يتشفع بهم في شفاعة توسلية وأيضا يعرف أن الله هو مصدر كل أبوة وأنه يقود العالم كله بأبوته هذه.
  • ولأن الله يحب الرحمة فكما يرحم الإنسان أخاه الإنسان الأضعف منه كذلك يطلب سليمان من الله العظيم في قوته أن يرحم خليقته الضعيفة.
  • وهنا يؤكد أن الله خلق كل شيء بكلمته أي ابنه ربنا يسوع الذي هو كلمة الله وعقل الله أقنوم الحكمة الإلهي.
  • والله كلي الحكمة هو مكون الإنسان بحكمة فائقة الوصف في تشكيل الإنسان بهذه الروعة في تكوينه الداخلي، وأيضا في أن يهب الإنسان ما لله كنائب عنه سلطانا على كل المخلوقات، فالله أب محب يعطي أولاده سلطانه هبة لهم كما أعطى آدم ونوح (تك١: ٢٩).
  • وقال سليمان أن الله يسوس العالم من خلال ٣ صفات: القداسة والبر والاستقامة لأن الله كلي القداسة وبار ويبرر أولاده فبالتالي حكمته وقيادته هي المستقيمة، بقدر القداسة والبر يكون الحكم مستقيما وبقدر الشر يكون الحكم أعوجا.
  • يطلب سليمان الحكيم من الله الآب أن يعطيه حكمته الجالسة معه على عرشه أي مشاركة له في الألوهية وهذا هو أقنوم الحكمة الجالس على عرشه ربنا يسوع.
  • فإذا كانت الحكمة الجالسة على عرش الله هي ابن الله بالطبيعة الإلهية فقد طلب سليمان أن يهب له الله هذه الحكمة كابن لكن كمخلوق بين خلائقه الذين تبناهم الله مثل الملائكة والخليقة كلها، فإن كان الله يعطف على الخليقة كأبناء له فطلب منه سليمان أن لا يُقصِه لأنه مسئول عنه كأب له ويعطيه من قبس الحكمة الجالسة على عرشه.
  • يستعطف سليمان الحكيم الله بأنه صحيح ملك لكن عبد لله وابن لعبدته هي والدته، وهو مهما علا هو إنسان ضعيف قصير الحياة بالمقارنة بآبائه، إدراكه ضعيف حتى يستطيع أن يقوم بهذه المهمة الخطيرة وهي القضاء والتشريع لشعبه فحسب القضاء والشريعة التي لله أعلى منه فإن لم يهبه الله نعمة فكيف يقضي كإنسان ضعيف عبد بشريعته الإلهية العالية على مستواه؟؟
  • فالإنسان حتى لو كان كاملا في سلوكه وفضائله التي هي أصلا نعمة من عند الله لكن ليس له حكمة خصوصا في القضاء للشعب، يحسب كماله لا شيء فكمال الإنسان نسبي بمقارنته بالملائكة وبكمال الله.
  • أدرك سليمان الحكيم رسالته وكبر حجمها عليه فأراد من الله أن يعطيه حكمة أولا لكي يكون ملكا وقاضيا بين أبنائه وبناته، ثانيا لكي يبني هيكلا ومذبحا على مثال خيمة الاجتماع التي رأى مثلها موسى النبي وهو على الجبل كما قال معلمنا بولس في (عب٨: ٥).
  • وكأنه يقول أعطني حكمة تفوق مستوى أي إنسان ليس لأجل ذاتي لكن لأجل مسئوليتي التي أعطيتني أو كلفتني بها فإن القوة والنعمة هي من لدنك.
  • فأدرك سليمان أنه ينبغي أن يكون من يملك ويقضي ويبني الهيكل يصير هو نفسه ملكا على نفسه وديان لها وهيكلا مقدسا لله (١كو٣: ١٦؛ أف٢: ٢٠؛ ١بط٢: ٥).
  • يصلي سليمان الحكيم أن الله كانت معه حكمته أو أقنوم الحكمة الكلي العلم بأعمال الله وكانت موجودة قبل إنشاء العالم، وعندما صنع الله العالم كانت متواجدة وعارفة ما هو المرضي في عينيك والمستقيم حسب وصاياك، وكأن سليمان يسبق الزمان ويقول أعطني أو أعطي العالم الذي صنعته أقنوم الحكمة أن يختفي في هذا الأقنوم لأنه هو وحده أقنوم حكمته يعرف كيف صنع الله العالم، وكان موجود قبل وأثناء صنعه للعالم ويعرف أن يرضيه، وذلك تم عندما تمجد أقنوم الحكمة وصار ذبيحة محرقة مسائية أمام الله فاشتمها رائحة رضا في وقت المساء على الجلجثة كما يقول لحن ~Omonogenhc (خر٢٩: ١٥، ١٨، لا١: ٩، ١٧).
  • طلب سليمان أن يرسل الله أقنوم حكمته من عرش مجده كما قال إشعياء “ليتك تشق السموات وتنزل” (إش٦٤: ١٠) حتى تتعب معه في عمل ما هو مرضي سواء في الملك والقضاء أو بناء البيت، لكن هذا تم بعد ٩٦٠ سنة إذ تجسد ربنا يسوع وقاسى آلام البشر وآلام الصلب وتعب حتى يكون سندا للإنسان يقف بجانبه ويؤهله لملكوت السموات كما قال معلمنا يوحنا في (يو٤: ٦) أن يسوع إذ تعب من السفر جلس عند البئر في السامرة.
  • يتكلم الحكيم كطفل وإنسان يريد أن تعلن له الحكمة أو أقنوم الحكمة إذ هو يعلم ويفهم كل شيء أي كلي المعرفة والفهم فتقوده في أفعاله وتعلمه أن يعمل الأعمال بحكمة وفهم، ومجد الحكمة يحمي سليمان الحكيم كطفل يحتمي في صخر الدهور كما وقف موسى النبي في نقرة على الصخرة وعبر الرب ورأى وراء مجده (خر٣٣: ٢١،٢٢).
  • لا تقبل أعمال الإنسان إلا خلال قيادة أقنوم الحكمة ربنا يسوع ومن خلال هبة بره لنا، فكيف يتبرر الإنسان إلا بالله كلي البر؟ وحينئذ يكون سليمان عندما تكون أعماله مقبولة بواسطة بر أقنوم الحكمة يكون حكمه بالبر أي بربنا يسوع ويستحق به أن يكون أهلا لعرش أبيه، فلا يوجد استحقاق لنا لما أعد لنا من مجد في السماء إلا من خلال قيادة ربنا يسوع لنا وتبريره لنا وأعمالنا التي نعملها تكون مقبولة أمامه.
  • وأعطى سليمان الحكيم فكرة عن تصور الفكر البشري عن معرفته قضاء الله أي حكمه في كل الأمور وأن الإنسان لا يعرف ما هي إرادة الله وأن الذي يلجأ إلى الله بإيمان عامل يعطيه الله كل ما يطلب.
  • لأن فكر الإنسان يائس أو بائس بسبب أنه سيموت بالجسد ولأنه جسديا لا يدوم فأيضا أفكار الجسد أو الإنسان غير ثابتة لكن الله لأنه ثابت يعطينا هبة الثبات (مز٣٤: ٥)، وهذا يكون بالثبات في كلام الله وفي فرحه وفي سر الافخارستيا (يو٦: ٥٦؛ يو١٥: ٧، ٩، ١٠، ١١).
  • يعبر سليمان الحكيم عن حالة فساد الجسد بالخطية (٢كو٥: ٧) الذي يثقل النفس أي الروح فتكون خيمتنا الأرضية أي الجسد ثقل عليها (على الروح) ويكون العقل مثقل بالهموم لكن إن وضعنا كل هذا على ربنا يسوع نصبح بلا هم لأنه قال “احملوا نيري لأن نيري هين وحملي خفيف”.
  • فإذا كنا نتعرف أو نستنتج الأمور التي تحدث على الأرض ونعرفها بالكاد فما بالك الأمور السماوية!! فهذه نعرفها بإعلان من الله إذ يكشف لنا أسراره كأولاده الأحباء حينئذ نصبح عارفين متعلمين كأولاد أو تلاميذ من معلمهم.
  • لكن يستطيع الإنسان أن يعرف مشيئة الله وذلك عندما ترسل الحكمة (أقنوم الحكمة) روحه القدوس إلينا فهو يذكرنا بكل شيء ويعرفنا بكل شيء (يو١٤: ١٣- ١٨، ٢٦)، وغريب جدا أن يتنبأ سليمان بأن أقنوم الحكمة سوف يتجسد ويصلب ويرسل لنا روحه القدوس وهو الذي يعرفنا كل شيء ويظهر لنا كل مالا نستطيع أن نعرفه لذلك قيل عن الروح القدس روح الفهم والمعرفة والمشورة (إش١١: ٢، ٣).
  • وبهذا أصبح البشر مستقيمين ويعملوا ما يرضي الله إذ أن أقنوم الحكمة نزل وتجسد وخلص البشرية فبحلول روح الله القدوس فينا هو وحده الذي يجعل المعوج مستقيما ويملأ الوديان ويخفض الجبال العالية والتلال (إش٤٠: ٤).

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح العاشر

 

 

 

 

هي التي سهرت على أول من جبل أبي العالم

  • بيَّن هذا الإصحاح مع باقي السفر عمل الحكمة عبر التاريخ البشري مع شخصيات معروفة لليهود دون ذكر أسماء مركزا على دور الحكمة كأقنوم في خلق البشر وبعدما خلقهم كيف رعاهم.
  • أول شخصية يبدأ بها هي شخصية آدم :-
    • يذكر الحكيم سليمان كيف سهرت أو سهر أقنوم الحكمة الذي سماه أبي العالم لأنه خلق العالم كمنزل أو قصر حتى يعتني بآدم وكأن الله أو أقنوم الحكمة كان مصاحبا وساهرا على خليقته ليرعاها، فكيف اهتم بآدم الذي لم يكن له نظير بين جميع المخلوقات قبل خلقة حواء وأيضا الوحيد الذي خلق من التراب ونفخ فيه الله نسمة حياة.
    • وحتى عندما خلقت حواء من ضلع آدم وأغوته لمخالفة الله وسقط كيف دبر فدائه بوعده أن نسل المرأة يسحق رأس الحية.
    • كان آدم الوحيد المخلوق على صورة الله فإذ تشوهت صورته (صورة روحه) أعاده الله إلى تلك الحياة التي فقدها.
    • كان آدم متسلطا قبل سقوطه على كل شيء في العالم كنائب عن الله إذ يحمل صورة الله في سلطانه.
    • ملحوظة : – دعى الله أبي العالم بسبب خلقه له.
  • لذلك أصحاب فكر ثاليا والدة الإله العذراء يدعوا أنها أم الكون في إحدى ترنيماتهم وهذا مخالف لأنها لم تخلق العالم فكيف تكون أمه؟ هي أمنا لأنها ولدت الله الكلمة المتجسد ولأننا صرنا أبناء لابنها فصارت لنا أما روحية تشفع فينا وكأننا مثل يوحنا الإنجيلي الذي قال له المخلص على عود الصليب “هوذا أمك”.
  • الحكمة وهابيل :-
    • إذ كان هابيل نقي اقتنى الحكمة فكانت تقدمته تعبر عن حياته وأفكاره واشتياقاته لله فلذا اختار أفضل أغنامه لأنه عرف أنه بالدم تستر الخطية لذا ألبس الله آدم قميصا من جلد هو وحواء من ذبائح ذبحت وسفك دمها، لكن قايين كان قلبه شريرا لم يختار أفضل ثمار أرضه ولم يتبع ما عمله الله من ستر الخطية بالدم وشره في فكره وقلبه أصبح واضحا في عمله وتقدمته لذلك رُفضت.
    • لم يكن عند قايين ضبط للنفس، لم يلم نفسه بل ترك الشر يسيطر عليه رغم تحذير الله له أن هناك خطية رابضة عند الباب لكنه أدخلها داخل قلبه فتسلطت عليه واستهان بحياة أخيه وقتله مستهينا بالله ذاته لأنه قتل من هو على صورة الله.
    • فلهذا ارتدت حكمة الله أو أقنوم الحكمة عن قايين لأنها لا تصاحب إنسان شرير غضوب فلما ترك الحكمة وأدخل هو خطية الغضب والقتل داخل قلبه تسلطت عليه فهربت الحكمة الوديعة منه فقتل أخاه.
  • الحكمة ونوح :-
    • وإذ كثر الشر بسبب أولاد قايين لهذا يقول الحكيم أن الطوفان غمر الأرض بسببه أي بسبب أبناء قايين الأشرار. فكانت العقوبة بالطوفان على كل أبنائه.
    • لكن الحكمة خلصت ما لها وهو نوح وأبناءه الثلاثة مع زوجاتهم وزوجة نوح بشيء بسيط هو الفلك الخشبي.
    • وأصبح الفلك رمزا لكنيسة العهد الجديد التي دخل إليها من جميع الأمم مع اليهود إذ تسمر خوف الله فيهم مثلما تسمرت المسامير بخشب الفلك متجمعة به هكذا مخافة الله تجمع القلوب حتى لو كانت من أمم مختلفة.

 

 

 

  • بين الطاعة في إبراهيم والتمرد في برج بابل :-
    • إذ ظن الأمم أنهم في تجمعهم يقدروا على مواجهة الله ومخالفته لذلك بنوا برجا بكبرياء علهم يصلوا إلى السماء ولا تستطيع مياه الطوفان أن تهدمه لكن الله أخزاهم وهدم برجهم وبلبل ألسنتهم.
    • أما إبراهيم فلما أطاع الله عرفته الحكمة أو أقنوم الحكمة لأنه بار بالطاعة والحكمة أعطته حفظا فلما طلب منه الله تقديم ابنه غلب محبته لولده وأطاع الله لأنه كان له إيمان أن ابنه وإن ذبحه (إبراهيم) سيقيمه الله (عب١١: ١٧- ١٩)، فعاد إبراهيم وإسحق ابنه حيا ولكن بناة البرج هربوا وتشتتوا في الأرض وتبلبلت ألسنتهم.
  • الحكمة خلصت لوط :-
    • إذ ارتفع شر أهل سدوم فأنزل الله نارا من السماء أهلكت مدن الدائرة الخمسة (سدوم وعمورة وصبوييم وأدمة وبالع وصوغر) لكن الله لم يحرق صوغر لأن لوط هرب إليها (تك١٤: ٢).
    • فقد عاش لوط بار وسط الأشرار فتأذى من رؤيتهم وسماعهم كما قال معلمنا بطرس (٢بط٢: ٧، ٨).
    • لكنه ذو إيمان صغير لذا هرب إلى صوغر بسبب صغرها.
    • وتحولت امرأته إلى عمود ملح لأنها التفتت إلى الوراء.
    • وشهادة على عمل الله في عهد سليمان الحكيم كان لا يزال جنوب البحر الميت يتصاعد دخان لأن الجو هناك قاري، ودليل آخر وجود أعمدة ملح يقال على أحدها أنها امرأة لوط وأن فيها ثمر لا ينضج هو تفاح سدوم في داخله بودرة سوداء لا تجعل الإنسان قادر على أكلها كما شهد بذلك فيلون المؤرخ اليهودي السكندري ويوسيفوس المؤرخ اليهودي.
    • يتكلم الحكيم تعليقا على قصة سدوم أن الأشرار لم يقتصر شرهم على عدم معرفة الخير بل تركوا وراءهم سيرة ردية تحمل عثراتهم فيها حماقة وعدم حكمة لأن الحكمة تحب خدامها وتنقذهم من أتعابهم.
  • الحكمة وأبونا يعقوب :-
    • أعمال الحكمة مع أبينا يعقوب :-
    • الحكمة جعلت يعقوب يهرب من غضب أخيه بسبب أخذه البكورية إلى بيت إيل وهذا هو السبيل المستقيم.
    • أما ملكوت الله هو تعبير لم يذكر مطلقا في العهد القديم، رأى يعقوب سلم يصل من الأرض إلى السماء والرب واقف عليه وملائكة صاعدين بالقديسين أمثال إبراهيم وإسحق وهابطين باليهود الذين صلبوا ربنا يسوع ومعهم يهوذا الاسخريوطي، والله نفسه هو الذي خاطبه من أعلى السلم بأنه يحفظه، لأن ملكوت الله هو رؤية الله فهذا حدث في بيت إيل (تك٢٨: ١٢، ١٣).
    • فعرف أن الأرض التي واقف عليها موضع مقدس فأخذ الحجر الذي نام عليه الذي يرمز لربنا يسوع وصب عليه زيتا مكرسا المكان لله فلهذا ذكر أنه عرف المقدسات أي قداسة هذا المكان الذي رأى فيه الله والملائكة (رو٩: ٣٣؛ ١بط٢: ٨؛ إش٨: ١٤؛ ٢٨: ١٦).
    • وقد نجح يعقوب في أتعابه لمدة ٢٠ عاما وجعلته يثمر ١٢ ابنا هم أسباط إسرائيل وكثرت له الممتلكات وتزوج براحيل وليئة (رمزا لكنيسة العهد الجديد التي تضم اليهود والأمم).
    • وجعلت الحكمة يعقوب ينتصر على مضايقيه وهم لابان وأبنائه الذي تعقب يعقوب فظهر له الله وحذره أن يكلمه بخير أو بشر (تك٣١: ٢٥).
    • وحمته من الكامنين له وهو عيسو الذي لاقاه في الطريق لكنهما تصالحا وتغير الغضب إلى حب بعد ٢٠ سنة.
    • وجعله يصارع مع الله في فنوئيل وأعطته نصرة (تك٣٢: ٢٣- ٢٥) وتغير اسمه إلى إسرائيل أي الأمير المجاهد.
  • الحكمة مع يوسف الصديق :-
    • الحكمة أو أقنوم الحكمة كان مع يوسف البار عندما باعوه أخوته وحبسوه في جب فكانت معه.
    • إذ تشابه يوسف أو كان رمزا لربنا يسوع في :-
      • كان هو الابن المحبوب من أبيه وكان ربنا يسوع هو ابن الله الوحيد.
      • أعطاه أبوه قميص ملون وأيضا ربنا يسوع هو له الروح القدس ذو الصفات السبعة.
      • بيع يوسف بفضة هكذا بيع ربنا يسوع بواسطة يهوذا كعبد بــ ٣٠ من الفضة.
      • نزل يوسف إلى الجب بواسطة حقد أخوته هكذا نزلت روح ربنا يسوع الإنسانية المتحدة بلاهوته لتحرر نفوس الذين في الجحيم.
      • أيضا يوسف نزل إلى السجن ظلما ثم رفع إلى مجد الملوكية هكذا صلب ربنا يسوع ونزل الجحيم ظلما من رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين لكنه قام بمجد عظيم.
      • كذب الذين اشتكوا عليه أي كذب الذين افتروا على يوسف سواء امرأة فوطيفار أو أخوته هكذا بقيامة ربنا يسوع كذب الذين كانوا يتهكموا عليه قائلين خلص آخرين أما نفسه فلم يقدر أن يخلصها، وأيضا انزل من على الصليب لنؤمن بك.
    • الحكمة مع شعب الله في أرض مصر ومع موسى النبي :-
      • افتقد الله شعبه من مضايقيهم في أرض مصر أي المصريين إذ أذُلوهم ٤٣٠ سنة في عمل الطوب وبناء مدينتي فيثوم ورعمسيس وهي إشارة إلى محاولة إبليس لاستعباد أولاد الله في الطين أي في الخطية وملذات العالم.
      • لكن الحكمة أعطت لموسى عبد الرب حتى يقاوم فرعون بالضربات العشر حتى يخرج الشعب من مصر إشارة إلى تجسد ربنا يسوع وعمله معجزات في أرض فلسطين مقاوما إبليس وكل جنوده.
      • جازت الحكمة عوض الذل لشعب الله راحة إذ كانت معهم في شكل عمود السحاب نهارا لحمايتهم من الشمس وعمود نور ليلا لإرشادهم في الطريق في برية سيناء.
      • والحكمة عبرت بهم البحر الأحمر وسط المياه الغزيرة إذ انشق البحر بواسطة عصا موسى وصار لهم طريق وسط البحر لعبورهم بينما عندما حاول فرعون تتبعهم إذ صار وراءهم جاء عمود السحاب وفصل بين شعب إسرائيل وبين فرعون طوال الليل وفي الصباح كان شعب الله قد عبر البحر وأمر الله موسى بضرب البحر بالعصا مرة ثانية فغرق فرعون وكل قواته وكانت جثثهم في قاع البحر ثم طفت على المياه.
      • وهذا إشارة إلى دخولنا إلى المعمودية التي تمثلها مياه البحر الأحمر وهي طريق نجاة لنا أي طريق لدخول الفردوس وملكوت السموات (يو٣: ٣، ٥) بواسطة موسى الحقيقي ربنا يسوع خلال خشبة الصليب التي كانت ترمز إليها عصا موسى، أما فرعون فهو إبليس الذي جُحد في مياه المعمودية التي صارت لنا نجاة وله موت.
      • في خروج بني إسرائيل عوض الظلم الذي ظلمه المصريون لشعب الله في عملهم في الطين واللِبن كعبيد سلب الشعب المصريين بأخذهم مقتنيات من ذهب وغيره عوض الذل ولذلك عندما خرجوا من مياه البحر إذ أحسوا بيد الرب التي حمتهم من فرعون الذي غرق سبحوا تسبحة موسى النبي (خر ١٥) كل الشعب، موسى يقود الرجال ومريم النبية تقود النساء حتى الأطفال والخرس أصبحوا يتكلموا ويسبحوا الله على خلاصه لهم، وذلك إشارة إلى فرحنا بواسطة خلاص ربنا يسوع لنا.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 

 

 الإصحاح الحادي عشر

 

 

 

 

أنجحت مساعيهم بيد نبي قدير

  • هنا يتكلم دون ذكر أسماء كعادة الحكيم عن موسى النبي وقيادة الشعب كيف أعطاه الله النجاح في قيادة كل هذا الشعب حيث أُعد للقيادة سنين طويلة مدتها ٤٠ سنة في برية مديان، لأن موسى حاول أن يقتحم القيادة دون الله ففشل إذ رأى عبراني يتشاجر مع مصري فقتل المصري وفي اليوم التالي كان عبرانيان يتشاجران فقال المخطئ لموسى أتريد أن تقتلني مثلما قتلت المصري أمس؟ فخاف موسى وهرب إلى برية مديان وهناك تزوج صفورة ابنة كاهن مديان (يثرون) ورعى غنم حميه.
  • وبعد ٤٠ عاما أراه الله رؤية العليقة التي بها نار لكنها لا تشتعل وخاطبه بأن يخلع نعليه وأعطاه قوة على القيادة وعمل عجائب حيث تتحول عصاه إلى حية ويده إلى البرص وعودتها مرة أخرى (خر٤: ١- ٧) وساعده هارون في هذا العمل.
  • ففي كل جيل مهما تكون قوة إبليس يستطيع الله بقوته خلال عمله في أحد الأفراد على إخراج الحق والتصدي للباطل. فقد اجتمع مجمع نيقية بسبب أريوس فأخرج الله الشماس أثناسيوس الذي دحض بدعته، ونسطور فند بدعته القديس كيرلس الكبير.
  • سار الشعب في برية سيناء بقيادة الله وعمل الله بموسى النبي، وقد أرشدهم الله بعمود الغمام والنار في برية لم تضيء من أحد من قبل ولم يكن الشعب ولا حتى موسى يعرفها وكان عدد المحطات التي اجتازوها ٤٢ محطة، ولم يكونوا رجال حرب فيما قبل إذ تعرض لهم عماليق فأعطاهم الله النصرة هبة من عنده حيث كان موسى فوق التلة يصلي رافعا يديه بواسطة حور وهارون وأسفل التلة كان يشوع يحارب.
  • لكن إذ عطش الشعب في البرية ونضب الماء في أوعيتهم صرخوا إلى موسى وهارون وكادوا أن يرجموهما فطلب موسى وهارون إلى الله فأمر الله موسى فضرب الصخرة بعصاه فنزل منها ماء بقوة ليشرب كل الشعب، وكانت الصخرة معهم أي في أي مكان ينتقلوا فيه يضرب الصخر فينزل منه ماء (خر١٧: ١- ٧، عد٢٠: ٢- ١٣).
  • وكانت الصخرة ترمز لربنا يسوع الذي طعن في جنبه على الجلجثة وهو مصلوب (يو١٩: ٣٤) وفاض منه دم وماء (١كو١٠: ٤)، وقد طبق ربنا يسوع على نفسه هذا الرمز إذ كان عيد المظال يحتفل به اليهود ٨ أيام تذكارا لغربتهم في البرية وكانت تقدم فيه ٧٠ ذبيحة ويحتفلوا خلال النور الذي تضاء به كل أورشليم في ساحاتها والماء الذي يجلبونه من بركة سلوام المقدسة ويضعونه على ذبيحة المحرقة الصباحية في موكب، في هذا الوقت وقف ربنا يسوع وقال “من عطش فليقبل إلى ويشرب، من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي، قال هذا عن الروح القدس الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه” (يو٧: ٣٧- ٣٩).
  • وقارن الحكيم بين الماء المنبعث من الصخرة أنه ماء نقي روى ظمأ الشعب وبين ضربة الماء التي عملها موسى إذ صار نهر النيل وتحول من ماء عذب إلى دم وماتت الأسماك (خر٧: ٢٠- ٢٢)، لكن على الصليب عندما طعن ربنا يسوع جرى منه دم وماء غير فاسدين بل الدم كان لخلاص العالم والماء لغفران الخطايا بالمعمودية.
  • إذ أعطى ماء غزير للعبرانيين عندما عطشوا لكن أعطى للمصريين في ضربة الماء الذي تحول إلى دم عوض قتلهم لأطفال العبرانيين فأصبح مصدر الحياة هو مصدر الموت للمصريين عقوبة على سفك دماء الأطفال.
  • وإذ جعل الله العبرانيين يعطشوا حتى يذوقوا عظم ما عوقب به المصريين حتى لا يخاصموا موسى والله بقلة الإيمان، فكان العطش تأديب أبوي لقليلي الإيمان من العبرانيين وعقوبة لعديمي الإيمان من المصريين الذين جازاهم الله بعدل كما فعلوا بأطفال العبرانيين.
  • فإن كان الله يمتحن إيمان العبرانيين بالعطش فهو يؤدبهم كأب لكنه كان للمصريين كحاكم عاقبهم بقسوة على قسوتهم السابقة.
  • فالعطش عذَّب الطرفين المصريين والعبرانيين، المصريين كعقوبة والعبرانيين كتأديب أبوي.
  • وإذ كان المصريون والشعوب المجاورة يتابعوا أحداث عمل الله مع شعبه في البرية وعرفوا أن شعب الله عطش لكن الله أسقاه تذكروا ما عمله الله معهم فآمنوا إذ حول ماء النيل إلى دم وبهذا الذي كان عقابا لهم أي للمصريين عوقبوا بتحول الماء إلى دم وعطشوا أصبح للعبرانيين إحسان إذ أيضا عطش العبرانيون لكن الله سقاهم من ماء الصخرة فعرفوا أن يد الله هي التي أجرت هذا وذاك.
  • فالمصريين قبلا سخروا من ضربة موسى بتحويل الماء إلى دم لما علموا عن عطش العبرانيين في البرية ونزول ماء لشرب الشعب عرفوا أن عطشهم أي عطش المصريين غير المؤمنين بالله يختلف عن عطش الأبرار (العبرانيين) الذي تحول إلى ارتواء في البرية وليس بنهر النيل.
  • إذ عبد قدماء المصريين حيوانات عديدة وحشرات حقيرة مثل الثعبان والجعران والتمساح إله الشر (سبت أو سوبيك) والقرد (تحوت إله الحكمة) والطيور مثل أبي منجل كأحد ممثلي الطيور عن إله الحكمة تحوت، وعبدوا الضفادع وعجل أبيس (حتحور) والكبش (الإله آمون) وغيرهم، ويفسر القديس أنبا أبللو أن حيوانات المزرعة بالأخص كانت تساعدهم في الزراعة مثل البقر والثور فعبدوها. والأرض تنتج لهم زراعة فأيضا عبدوا الأرض أو إله الأرض (جب) والشمس (آتون) والحياة (رع) وإله السماء (توت).
  • لكن نتيجة لذلك أراد الله إظهار ذاته أنه أقوى من كل هذه الآلهة بالضربات العشر لأن كل ضربة كانت ضد مجموعة من الآلهة فكانت الضربات ٢، ٣، ٤ بواسطة الضفادع التي تشير للهراطقة كثيري الكلام والبعوض لذوي الفلسفات ومعها سم البعوض والذباب.
  • فعقاب الله بما قد أخطأ به إلى الله أي من نفس نوعية الخطأ يكون العقاب حتى يدرك الإنسان علو الله فإن عبد الإنسان المخلوقات يضربه الله بها دليل على فقدان الإنسان تعقله ولجوءه إلى المخلوقات وشهوة اللذات بها لكنها تعود وتضربه بعقوبة شديدة.
  • كان الله الذي هو صنع العالم من العدم أو من مادة لا شكل لها كان ممكنا أن يرسل حيوانات مفترسة أو أسود باسلة تميتهم بالخوف بمجرد رؤيتها مثلما حدث في السامرة (٢مل١٧: ١٦).
  • أو حتى يرسل وحوشا ضارية غير معروفة لبني البشر أو يخلق حيوانات جديدة مملوءة من الغضب أي تحقق عدل الله، وتعمل هذه الوحوش بأن تبعث نفخة نار من أفواهها أو دخان له رائحة كريهة مثلما كانت تعمل الشياطين أو ترسل من أعينها شرار مميت.
  • فكانت هذه الوحوش تهلك البشر سواء من الخوف من منظرها أو ما تضر به البشر.
  • وكان ممكنا من ذات الله دون وسيط إذ يبدد الله الأشرار بنفخة فمه أي بروحه القدوس.
  • لكن الله رتب ويرتب كل شيء بنظام وحكمة لأن الله إله نظام وليس إله تشويش (١كو١٤: ٣٣) هذا الذي جند السماء محصيين أمامه (إش٤٠: ٢٦) وحتى شعور رؤوسنا محصاة عنده (مت١٠: ٣٠).
  • ولهذا يمر الإنسان بمرحلة عدم إدراكه لخطأه ثم مرحلة إدراكه لخطأه بواسطة الناموس أو الضجر والصراع مع الخطية ثم المرحلة الثالثة السلام سواء في هذه الحياة أو في الأبدية.
  • فهو قدرته حاضرة في كل وقت فمن يستطيع أن يقاوم ذراعه (أي ابن الله)!!
  • فالعالم كله كمثل كفة ميزان يزنها الله ببساطة أو كنقطة مياه مثل ندى الفجر الذي يسقط على الأرض أمام قدرته السرمدية.
  • لكن رغم هذا كله فالله أيضا رحيم يرحم الجميع لأنه قادر على كل شيء ويتغاضى عن خطايا الناس حتى من لطف الله يجعلهم يتوبوا ويرجعوا عن خطاياهم (٢بط٣: ٩).
  • لأن الله يحب ما صنعه من مخلوقات فلو لم يكن الله يحب المخلوقات لما صنعها، ولو لم يكن يحب الإنسان لما خلقه بل دبر فداءه وتممه في العهد الجديد (يو٣: ١٦).

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الثاني عشر

 

 

 

روحك غير القابل للفساد هو في كل شيء

  • ميز الحكيم روح الله أنه غير البشر فهو روح قدوس غير قابل للفساد لأنه الله فهو موجود فى كل مكان.
  • وهو أيضا يقدس الخليقة كلها مع الابن.
  • وهو أيضا يعطي غير المؤمنين قوة للإيمان (أع٢: ٣٧) ويعطي للمؤمنين ثمر الروح القدس.
  • ويعطي تجديدا للإنسان في المعمودية إذ يلبس الإنسان الجديد وينحل من العتيق إذ نلبس ربنا يسوع في المعمودية (غل٣: ٢٧).
  • فالله بروحه القدوس لا يوبخ بني البشر كل التوبيخ وإلا قد يبددهم لكنه يوبخ بمقدار للذين يزلون أي الذين يخطئون مذكرا إياهم بخطاياهم (يو١٦: ٨) وذلك حتى يقلعوا عنها ويتوبوا عنها ويعتمدوا ليس على جهادهم لكن على نعمة الله.
  • هنا يتكلم عن سكان أرض كنعان لماذا عاقبهم الله ليس لأن الله يكره جبلته، حاشا، لكنه يبغض أعمالهم الممقوتة وهي :-
  1. أعمال السحر التي تتم بفعل أو تأثير إبليس.
  2. طقوس عبادتهم المدنسة.
  3. عاقبهم الله بالموت لأنهم قتلوا أبناءهم لأجل عبادة البعل وملكوم (إر١٩: ٥).
  4. بل كانوا يأكلوا مثل الوحوش الضارية اللحم البشري وهذا لا تفعله الوحوش إذ لا تأكل نفس جنسها، وهذا مثلما عمل يفتاح الجلعادي (قض١١: ٣٩).
  5. إذ كان الأبناء لا حول لهم ولا قوة قتل الآباء مع الكهنة أبناءهم فلهذا كان الله يهلك الكنعانيين بأيدي بني إسرائيل عقوبة على قتل الكنعانيين أبنائهم.
  • لكي تعود الأرض مقدسة أدخل الله العبرانيين محل الكنعانيين لتقديس أرضهم مرة أخرى.
  • مع ذلك لم يبد الله الكنعانيين مرة واحدة بل مجموعة مجموعة فقد يكون فيهم من يتوب، فأرسل عليهم الزنابير وهي تعني الجيوش الجرارة (إش٧: ١٨) تبيدهم شيئا فشيئا مثلما عمل يشوع إذ أباد أولا أريحا فتابت رحاب الزانية وكل بيتها (يش٢: ١٣، ١٤) وأصبحت جدة لربنا يسوع ثم عاي ثم إلى الجنوب ماعدا الجبعونيين الذين بحيلة أخذوا عهد سلام وأصبحوا محتطبي حطب في بيت الرب ثم المعركة الكبرى ضد خمس جيوش شمالا.
  • لأن الله كان غير عاجز أن يقتل الأشرار مرة واحدة سواء بجيش الأبرار (الإسرائيليين) أو بوحوش ضارية لكنه سمح لهم أن يبادوا شيئا فشيئا لأجل توبتهم بسبب طبعهم الشرير وخبثهم وعقليتهم الصعبة التغيير.
  • لكن الكنعانيين ملعونين بشر أعمالهم منذ وقت طويل ولم يكن عفوك عن خطايا الذين تابوا منهم خوفا من أحد لأنك أنت المخوف من كل الخليقة في السموات وعلى الأرض.
  • يتكلم الحكيم عن من يستطيع أن يعترض على الله وعلى أحكامه العادلة أو يقول له لماذا أهلك الأمم الكنعانية التي خلقها، أليست شرورهم وإصرارهم على خطيتهم جلبت لهم هذه العقوبة رغم تحذير الله لهم؟ هل يدافع أحد عن أناس ظالمين قاتلين لأولادهم مدنسين في الخلاعة؟!!
  • الذي يعترض ينسى أن الله يهتم بجميع البشر فبالتالي لا يحكم ظلما فقد أكد في العهد القديم والجديد حبه لكل البشر مثلما جاء في (مز٦٧: ٣- ٥؛ مز٩٦: ٣، ٧؛ ١٠٢: ٢٢؛ حك٦: ٢٣؛ إش٢: ٣، ٤؛ إش٥٥: ٢؛ ٥٦: ٧؛ إر١: ٥).
  • وأكد ذلك برحمته لشعب نينوى رحمته لهم رغم عدم معرفتهم لشرهم لكنهم تحولوا إلى التوبة.
  • وليس لشخص مهما علت قدرته أو مكانته أن يعارضه في أمر عقابه هؤلاء الأمم، ليس لأن الله قوي ومخوف لكن لأنه عادل ورحيم بل وكلي العدل مثلما جاء في (تث٣٢: ٤؛ طو٣: ٢؛ مز٧: ١١؛ مز٩: ٤؛ مز١١: ٧؛ مز١٩: ٩؛ مز١١٩: ١٤٤؛ با٢: ٩؛ دا٣: ٢٧؛ صف٣: ٥؛ زك٩: ٩؛ ٢مك١: ٢٤، ٢٥).
  • الله قدوس وبار وبهذا البر يحكم على الكل فلا يحكم على أحد لا يستوجب الحكم أو الدينونة لأن الله عنده جميع الناس متساوين مثلما شهد معلمنا بطرس عندما سمع لكرنيليوس وعمده (أع١٠: ٣٤، ٣٥)، فالذي يؤمن بالله لا يدان (يو٣: ١٨).
  • عجيب هو الله إذ هو قوي وبار رغم هذا يسود أو يقود الجميع بأن يشفق على الكل ويعطي حبه لكل أحد.
  • بنو البشر قد يحكموا على الله بعدم العدل وبالتالي يكون ذلك نوعا من النقص لكن في هذه الحالة يعرض الله قوته حتى يتبين للمتشككين في كمال قدرته والغير مختبرين لها أنه كلي القدرة وبالتالي يعرفوا أنه عادل وكلي العدل والبر وليس في كماله نقصان.
  • عجيب هو الله الذي في يده القوة الكلية لكن مع ذلك يحكم بالرفق والعطف، فالله كأنه يتنازل عن قوته حتى لا يخاف بنو البشر فيتعامل معهم بالرفق والعطف لأجل طبيعتهم الضعيفة التي لا تحتمل جبروت قوته المخوفة هذه التي ضربت المصريين بالضربات العشر وأغرقت فرعون في البحر الأحمر وكل مركباته الــ ٦٠٠ ، وأطفأت لهيب النار مع الثلاثة فتية وجعلته مثل الندى البارد هذا الذي عاقب المتمردين على نوح وعليه بالطوفان.
  • أعطى الله لشعبه مثالا بأن البار هو الذي يكون مترفقا وهو يجعل للناس رجاء بالتوبة من الخطايا (١بط٢: ٢١).
  • إن الله لم يعاقب سريعا أعداء أبنائه رغم أنهم كانوا مستوجبين حكم الموت حتى يتوبوا ويرجعوا عن خطاياهم فكم بالحري تحاكم أبناءك الذين وعدت بأقسام ووعود صادقة أن تكافئهم مثلما حدث مع إبراهيم فقد أقسم الله بذاته في مباركة إبراهيم ونسله عندما أطاع الله ليقدم ابنه ذبيحة وعاهد إبراهيم بعلامة العهد وهي الختان (تك ١٨).
  • فإن الله يؤدب أعداء أبنائه حتى يتوبوا ولا يهلكهم حتى لو بدا التأديب قاسي، حتى لو لــ ١٠٠٠ جلدة لكن لا يقارن بالهلاك الأبدي وحتى يتعلم أبناء الله أن يكونوا رحومين وأن يتوبوا حتى لا يقعوا في تأديب أو هلاك.
  • فالإنسان الذي يهوى أن يعيش بغباوة في الخطية هو يظلم نفسه إذ يتعذب برجاسات خطيته، فعناد فرعون أدى إلى هلاكه رغم الــ ١٠ فرص التي منحت له التي أثبت فيها الله أنه أقوى من آلهته الكاذبة.
  • فقد أعطى الله فرصة للمصريين أن يتوبوا عن عبادتهم التي يستخف بها الأطفال إذ عبدوا الحيوانات مثلما يلعب الطفل مع الحيوانات ويلهوا معها.
  • فلما لم يتب المصريون عن عبادة المخلوقات الدنيا من حيوانات وحشرات، بالضربات العشر عاقبهم الله، فأين آلهتهم؟ ولماذا لم تدافع عنهم؟ وأين سحرتهم الذين اعترفوا من الضربة الثالثة بأن هذه يد الله؟!! (خر٨: ١٩).
  • فلما لم يرتدع الشعب أي المصريين بالضربات العشر التي كانت ضد الآلهة المصرية بكل أنواعها فعرفوا أنها لم تنقذهم من الإله الحقيقي وجاءوا مع فرعون عندما شق موسى البحر بــ ٦٠٠ مركبة أغرقهم الله لأنهم رغم معرفتهم الإله الحقيقي بدل الإيمان تحدوه رغم ما نزل بهم من ضربات ضد آلهتهم الكثيرة (٥٥ إله).

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الثالث عشر

 

 

 

جميع الناس الذين يجهلون الله هم مغرورون بأنفسهم

فإنهم لم يقدروا أن يعرفوا الكائن من الخيرات المنظورة

  • هنا يستخدم الحكيم أسلوبا معروفا في كيفية الاستدلال على الله بواسطة مصنوعاته أي مخلوقاته مثل الشمس والقمر والنجوم والكواكب لكنهم للأسف بدل ما يستدلوا على صانعها عبدوها حتى عبدوا الحيوانات مثل المصريين القدماء وعملوا لكل نوع خلقة إلها معينا فمثلا للشمس الإله آتون أو آتوم والنيل الإله حابي وغيرهم
  • لذلك يوجه داود النبي في المزامير نظر البشر عن طريق خلقة الله للمخلوقات، ففي المزمور ١٣٥ حسب الترجمة السبعينية وهو الهوس الثاني في الكنيسة القبطية الذي يقال في تسبحة نصف الليل يوميا يتكلم عن خلقة الله للمخلوقات في أيام الخليقة الــ ٦ ثم خلقة الإنسان وعمل الله مع شعبه في البرية، وفي تسبحة الثلاثة فتية أيضا في نصف الليل وهي الهوس الثالث وهي من (تتمة دانيال ٣: ١- ٦٨) يتكلم عن تسبيح المخلوقات الغير عاقلة لله وينهي بالعاقلة وهم بني البشر.
  • لذلك تكلم معلمنا بولس في رسالته لأهل رومية على أنه كان من المفروض أن الأمم يعرفوا الله من قدرته على الخلق السرمدية (رو١: ٢٠).
  • تكلم الحكيم على ٤ مخلوقات اعتبرها البشر أنها آلهة وهي :-

١- النار     ٢- الهواء والرياح.    ٣- النجوم وأنوار العالم.    ٤- المياه.

  • وقد عبد البعض هذه بكونها آلهة وقد ألف اليونانيون فكر عن تكوين الكون من عناصر أربعة هي الماء والهواء والنار والتراب وهي شبيهة بما أورده سليمان الحكيم لكن كان ينبغي أن ينصتوا إلى موسى النبي في أول آية من سفر التكوين عندما صعد على الجبل ليستلم التوراة ” في البدء خلق الله السموات والأرض…” (تك١: ١).
  • بدل من أن يمجدوا الله خالق كل المخلوقات بجمالها الذي هو أعظم جمالا من بني البشر لكنهم عبدوها، لذلك عندما أراد الله أن يصلح هذا العجز تجسد لكي يرى الناس الله ويمجدوه في أقواله ومعجزاته وهذا حدث عندما تجسد ربنا يسوع تمجد في أقواله ومعجزاته المتنوعة، بل أرشد عابدي الكواكب بنجم فقدموا له (لربنا يسوع) العبادة وهداياهم وعرفوا أنه رب الوجود، وأيضا ذهب إلى مصر المركز الثاني للعبادة الوثنية بعد بابل فتحطمت الأصنام كأنها بمعاول في كل البلاد التي زارتها العائلة المقدسة.
  • إذ دهش البشر من المخلوقات فعبدوها في كل منها ناحية معينة فمثلا عبدوا الحية لأنها تشير إلى تجديد الحياة حينما تنسلخ من جلدها القديم، وعبدوا الأنهار مثل نهر النيل بسبب حياتهم على ضفافه، وعبدوا النسر لقوته وقوة نظره وعبدوا العجل لقوته على الإنجاب.
  • فإن عظمة المخلوقات وجمالها يؤديان إلى إدراك الله وعظمته أنه خالقها مع الفارق نسبيا بين عظمة الله وجماله وعظمة مخلوقاته وجمالها (رو١: ٢٠).
  • أعطى سليمان عذرا للأمميين فهم يحاولوا عن طريق المخلوقات أن يعرفوا الله لكنهم ضلوا الطريق مع أنهم يروا أعماله ويعيشون بين مخلوقاته لكنهم اكتفوا بالانبهار بها وبالتالي عبدوها وهذا يؤدي إلى دينونتهم، فإن كانوا قد بلغوا إلى علم كبير هذا مقداره في الحضارات القديمة فكانوا بسهولة يهتدوا بسرعة إلى خالق العالم فإن الفنان يعرف من أعماله فالصورة الملونة حسنا تعرف بصاحبها والقيثارة لا تعزف لوحدها بل تكرم لأجل من يعزف عليها بحكمة.
  • يسخر في باقي الإصحاح من عبادة الأوثان كالتالي :-
  1. أولا كيف يضع الإنسان الحي رجاءه في أشياء ميتة مصنوعة من ذهب أو فضة أو حجارة؟ وللأسف على شكل حيوانات يصنعها الصانع بيده، فهل الحيوانات الحية تفيده أو يصلي إليها حتى تفيده صورتها الميتة من ذهب وفضة وحجارة عمل يديه كما شهد (إر١٠: ٣- ٥)!!!
  2. كان يفضل أن يعمل الحطاب أو النجار إناء لاحتياج الإنسان من أن يصنع آلهة، وهذا يتم من الخشب إذ يأخذ شجرة ويقشر قشرتها الخارجية وبمهارة صنعته يصنع منها إناء لحياته أفضل من عمل آلهة ميتة فيصير هو ميت.
  3. وباقي الأخشاب بعد صنع ما يفيده يستخدمها الإنسان بحرقها في النار ليتدفأ أفضل من عمله آلهة، ويشهد (إش٤٤: ١٧) على عمل آلهة من خشب.
  4. وأحيانا يأخذ نفاية الخشب بدل من حرقها إذ هي معوجة معقدة لا تصلح لشيء ويصنع منها في وقت فراغه وراحته شكل إنسان ويتعبد لها، وهنا بيَّن أن أوقات الفراغ قد تفرح الإنسان روحيا وقد تؤدي الراحة إلى الهلاك.
  5. وأحيانا يعمل الآلهة على شكل حيوان محتقر مطلي بالقرمز وهو لون بنفسجي والحمرة وهي نوع من الطلاء الملون مع الجبس يعطي لون أحمر حتى يغطي عيوبها فكيف ترفع الآلهة هذه العيوب من الآخرين!!!
  6. هذه الآلهة لا تقدر أن تعيِّش نفسها إذ يضعها في محراب أي مكان عبادة خاص ويثبتها في الحائط بمسامير حديدية لأنها لا تقدر أن تنتصب لئلا تقع على الأرض فتتهشم، فهل هذه تعين مثل الله الذي هو معين من ليس له معين؟!! (أوشية المرضى في رفع بخور باكر والقسمة السنوية للقداس الباسيلي).
  • وهنا على عكس هذه الآلهة يعين الله القديسين مثلما أعان يشوع فوقفت الشمس لمدة ٢٤ ساعة (يش١٠)، ونزلت نار من السماء أكلت ذبيحة إيليا (١مل١٨: ٣٨).
  1. فهل تستطيع هذه الآلهة الضعيفة أن تعطي عافية لرب الأسرة وأولاده وزوجته ؟! فهل الضعف يعين القوة!!
  2. فالإنسان الذي يعبد هذه الآلهة يتعبد لمن هو ميت لكي يهبه الحياة ويترجى الإغاثة بمن لا خبرة له ولا يقدر أن يصنع خيرا أو شرا ويطلب من ساكن أن ينجح سفره…
  3. من أجل الربح في التجارة يترجى الذي عمل التمثال قوة منه وهو لا يمتلك أي قوة…

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الرابع عشر

 

 

 

يستغيث بخشبة أشد هشاشة

من المركب الذي يحمله

  • يكمل الحكيم سخريته من العبادة الوثنية كيف أن البحارة في السفن الكبيرة يضعوا شكل الآلهة الخشبية في مقدمة السفينة أو في مؤخرتها لتحفظ السفينة، فهل قطعة الخشب الهشة أفضل أو أقوى من السفينة التي تبحر في البحر؟ طبعا لا.. وهذا واضح في سفر الأعمال في رحلة معلمنا بولس إلى روما حين سافر في مركب اسكندرانية عليها علامة الجوزاء أو الأخوين وهما ابني الإله زيوس اليوناني كاستور وبولكس (أع٢٨: ١١).
  • بل على العكس عندما يعمل الله في إنسان يكون مباركا كما كان يكتب البحارة على شراع سفنهم اسم القديسين مكسيموس ودوماديوس تبركا منهما إذ هما راهبان يعرفان الله.
  • وكيف أن بصلئيل كان يعمل بروح الله في خيمة الاجتماع (خر٣١: ٣؛ ٣٥: ٣١، ٣٦).
  • يقارن الحكيم بين صانع السفن التي صنعها بعقله ومهارته التي تقودها حكمة الله والتي تفيد البشر في النقل أو الصيد وبين من يصنع بالخشب تمثال يفسد عقل البشر بوهم لا أصل له من الصحة.
  • أوضح الحكيم أن الذي يجعل السفن تسلك في البحر بسلام هي عناية الله الآب، وهنا أول مرة تظهر كلمة عناية الله وأقنوم الآب واضحا (يش٤: ٢٤؛ ١مل١٨: ٤٦).
  • لقد جعل الله لشعبه طريقا وسط أمواج البحر الأحمر مع موسى، كما جعل سفينة نوح تحمله مع الــ ٧ أنفس وهم زوجته وأبناءه الثلاثة وزوجاتهم، وأيضا جعل حوتا يقوم مقام السفينة ليونان حيث صلى صلاة نبوية عن نزول ربنا يسوع في الجحيم “دعوت في ضيقي الرب فاستجابني، من جوف الهاوية فسمعت صوتي” (يون٢: ١).
  • هنا يوضح أن الله هو المخلص من كل خطر حتى لو كان هذا الخطر بركوب الإنسان سفينة ولا دراية له بطريقة سيرها فإن الله خلص شعبه وحفر لهم طريقا في البحر الأحمر، وأيضا أنقذ نوحا بواسطة الفلك إذ الله أعطاه مقاساته فلم يكن نوح بحارا.
  • إذا كان الله بحكمته أعطى البشر أن يعبروا البحر خلال قطعة خشب هي السفينة فإنه أيضا يعطيهم أن يسلمون من خطر الأمواج ويخلص من خطر الغرق (أع٢٧: ١٥).
  • ثم يتكلم الحكيم أن الجبابرة في عهد نوح هلكوا بسبب كبريائهم على العكس الــ ٨ أنفس الذين ترجوا الله نجاهم بالفلك الذي كان يقوده هو وأبقى للعالم ذرية مرة أخرى.
  • ثم طوب الحكيم الخشبة التي بواسطتها تبرر الأبرار وهي الفلك، وهنا إشارة لخشبة الصليب التي بررت الأبرار والفجار معا (غل٦: ١٤).
  • فمادة الخشب ليس فيها عيب لكن الفساد في الصانع لها عندما يعملها صنما والصنم هو فاسد لأنه يجر الإنسان إلى الفساد الأخلاقي والإيماني.
  • لأن الله يبغض الشرير وشره الذي يعمله إلا إذا تاب وعمل فيه روح الله للقداسة.
  • فصانع الصنم والصنم يعاقبان بالهلاك هكذا فعل موسى النبي بالعجل الذهبي الذي عمله بنو إسرائيل في البرية (خر٣٢: ٢٠).
  • فان الله في يوما ما سيفتقد أصنام الأمم لأنها رجاسة وعثرة وفخا لأقدام عديمي العقل الذين يعبدونها فيحطمها الله بحكمته وهذا حدث بانتشار المسيحية في العالم فبادت الوثنية.
  • بيَّن الحكيم أن خطية الزنا هي سبب عبادة الأوثان وهي أيضا ناتجة منها.
  • لأن عبادة الله تجعل الإنسان ذو حياة سامية روحية أما الأوثان تجعل الإنسان بلا حياة وكأنه ميت مثل الأوثان الميتة، فكما الإله كذلك المتعبدين له، فإن كان الإله المعبود هو أصل الحياة وله الحياة في ذاته (يو٥: ٢٦) فإن من يعبده يكتسب الحياة الصالحة، وإن كان إله ميت يكون الذين يعبدونه هم أموات بالذنوب والخطايا ضمنها الزنا الذي هو الانفصال عن الله بالأرضيات المصنوع منها الصنم وحب الشهوات الأرضية، لذلك حذرنا الله من أي علاقة مع غير المؤمنين في (خر٣٤: ١٥، ١٦)، وكما حدث في البرية عندما عبدوا العجل الذهبي (خر٣٢: ٦).
  • ولهذا أحسنت راحيل في أنها جلست وتحتها أوثان أبيها إذ جعلتهم موضع سخرية (تك٣١: ٣٥).
  • وعبادة الأوثان لم تكن في بداية الخليقة بل هي اختراع الإنسان وبالتالي سوف تباد لأن الشيء الذي من الله يثبت والذي من الإنسان يبيد إن كان ليس حسب مشيئة الله.
  • فالعبادة الوثنية هي بسبب حب الناس للتباهي بعملهم وصناعتهم للآلهة لهذا هي تبيد وعبادها معها.
  • سبب آخر لعبادة الأوثان هو موت الأبناء فيجعل الأب يصنع تمثالا لابنه ويتحول إلى عبادة مع الأجيال، وقد اشتهرت عبادة الموتى عند قدماء المصريين (٢مل١١: ١٣).
  • أيضا يعطي الحكيم سببا آخر لعبادة الأوثان هي أوامر الأباطرة بعبادة الشعب لهم، كان ذلك عند قدماء المصريين وأصبح بصورة بشعة عند الرومان وكان تمثال الإمبراطور يمثل الإمبراطور وهو موجود في كل أصقاع مملكته ومدنها الرئيسية.
  • ثم أعطى سببا آخر هو حب الصناع والفنانين للإبداع هذا الذي يجذب الناس وقد يكون التمثال أجمل من صاحبه فيبعد الناس عن الله كما حدث في ثورة ديمتريوس في أفسس ضد معلمنا بولس بسبب صناعة الإلهة أرطاميس (أع١٩: ٢٤).
  • يتكلم الحكيم عن ضلال آخر في عبادة الأوثان هو ليس فقط عدم معرفة الله بل مع الجهل وعدم المعرفة أيضا سموا نواتج خطاياهم بدل الموت والاضطراب سموها سلاما لكنها سلاما مؤقتا.
  • يؤكد الحكيم أن من غباء العبادة الوثنية هو تقديم الأطفال ضحايا للأوثان، وأيضا من طرق عبادة الأوثان عندما تغرق سفن وينجوا البعض منها يأخذوا الناجين ويقدموهم ذبائح للأوثان حيث يعتبروا غرق السفن هو غضب الآلهة على هؤلاء البشر.
  • أيضا العبادة الوثنية هي سبب في عدم طهارة المتزوجين وأيضا يهدد الآخر بالقتل لأجل فعل الزنا فيجعل المضطهد يتألم بخطية الزنا.
  • تشمل أيضا خطايا أخرى هي زيادة في الشر مثل القتل والسرقة والمكر والفساد والخيانة والفتنة أي عدم السلام بين البشر وشهادة الزور.
  • أيضا عدم ثبوت القيم الإنسانية والدينية والروحية ونكران النعمة لمن ذاقها وتدنيس النفس بالعبادة الوثنية والشذوذ الجنسي أي عدم سريان الأمور الطبيعية حسب إرادة الله والزنا والفسق.
  • عبادة الأصنام هي في الحقيقة ليست عبادة بالمرة هي سبب كل شر وهدفه وعلته.
  • الابتهاج الروحي النابع من عمل روح الله بالنعمة داخل الإنسان هو هادئ ووديع أما الابتهاج الصارخ هو من عادة عبادة الأوثان التي لا تعرف التعقل، وأيضا إضافة النبوات الكاذبة لأن إبليس هو القائد عبادة الأوثان هو كذاب أبو كل كذاب (يو٨: ٤٤).
  • اتكال عابدي الأوثان هو عبادة أصنام بلا حياة يكذبوا ثم يشهدوا بالزور وهم يظنوا أنهم لن ينالهم ضرر عندما يشهدوا بالزور.
  • يتحدث الحكيم بأن العقوبة يستحقوها في سوء تفكيرهم في الله الحي وعبادة الأصنام وقسمهم الزور والماكر فهم يستخفوا بالقداسة بسبب تواجد الزنا مع هذه العبادة.
  • فالحكم على معصية الظالمين هو حكم الخاطئين أو بسبب الخطية.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الخامس عشر

 

 

 

أما أنت يا إلهنا فإنك صالح صادق طويل الأناة

  • يتكلم الحكيم إيجابيا عن الله بأنه صالح أي كلي الصلاح وهذا يخص الله فقط كباقي صفاته الذاتية مثل القداسة وغيرها، وأيضا الله صادق ليس فيه غش مثل الأوثان والآلهة الوثنية الغاشة التي هي ليست آلهة بالمرة بل هي صنعة أيدي الناس، وأيضا طويل الأناة قدير في كل شيء بالرحمة ورحمة الله هي التي بها تجسد في ملء الزمان ليخلص بها البشر.
  • وطول الأناة صفة لها رنة في كنيستنا القبطية إذ يصلى بها الكاهن صلاة الحجاب في القداس الباسيلي حتى يدخل المذبح، وهي أيضا تقسم إلى أجزاء في طلبة الصوم الكبير مع الميطانيات.
  • فإن أخطأنا لكننا نعرف أنك الإله القدير لكن لم نختار الخطأ عن معرفة لكننا نعرف أننا لك وأنت تمتلكنا لكونك خلقتنا فحق لك أن تملكنا لأنك قادر على مغفرة خطايانا إن أخطأنا.
  • فنحن نعلم أنك كامل البر قدوس وأيضا أننا نعلم أن الله كلي القدرة وبالتالي هو منبع الخلود وليس خالد فقط لكن لم يتم التبرير الكامل للبشرية إلا من خلال سر المعمودية التي تؤهلنا للحياة الأبدية وملكوت السموات ” الذي لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله” (يو٣: ٣، ٥).
  • اختراع الإنسان للشر هو تكبير الشر الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس فلم يتب الإنسان عند هذا الحد بل أكثر من أخطائه وأصبح ذو إرادة شريرة كما يقول القديس أثناسيوس الرسولي في كتابه ضد الوثنيين، لكن هذه لا تغوي الصالحين بجهود رسام أو رسامين ملطخة بألوان مقززة وكأنها ملطخة بدماء الأبرياء الذين يقدمون أطفالهم الأبرياء عطية للوثن…
  • وشر آخر يتكلم عنه الحكيم أن الوثن يعمل بشكل ليس فيه حياء فيثير الهوى الفاسد عند الأغبياء عديمي الخبرة إذ لا يفرقوا بين التمثال الميت الذي يحبونه وبين الإنسان الذي روحه على صورة الله ومثاله والتي بها الجمال الفائق في الصفات التي وهبها الله إياها.
  • فالذي يقوم بعمل التمثال والذي يحب التماثيل أو الآلهة الوثنية، صناعها ومحبوها هم محبو الشر وآمالهم كلها في الشر وليس رجاءهم في شيء بار.
  • يحزن الحكيم على تعب الخزاف الذي يعجن الطين ثم يشكله هذا لا يصنع ما يفيد أو يبني الآخرين فيكون عمله مفرح لكن يعمل به ما يخص العبادة الوثنية من تماثيل للآلهة الباطلة فتكون إرادته فاسدة وعمله فاسد، فمن كانت إرادته مقدسة يصنع ما هو مقدس أما غير ذلك فهو متدنس.
  • يتهكم الحكيم على صناعة تماثيل الآلهة بأنها تشكلت من الطين وتعود إلى الطين ونفس هذه التماثيل غير حقيقية أو حية تعود حيث أخذت من الطين تعود إليه، وهي طبعا الشياطين التي تسكن هذه التماثيل التي كثيرا ما تحركها هذه الشياطين مثل حصان النحاس الذي كان في مدخل الأشمونين عندما دخلت العائلة المقدسة إليها وكانت الشياطين تسكن فيه فيدور يمينا ويسارا، لكن بدخول العائلة المقدسة تفتت هذا التمثال وكأن معاول طرقته، هذا ما قالته ميامر دخول العائلة المقدسة مصر ومؤرخو المسيحية.
  • وعمل الآلهة من خزف الذي ينكسر سريعا ولا يدوم يعمله منافسا ومتحديا به صناع الذهب والفضة الذين تماثيلهم لا تثبت مدة أكثر وكلها غش وآلهة ليست إلا صنعة يد الإنسان، لها أعين ولا تنظر ولها إذنان ولا تسمع ولها فم ولا يتكلم.
  • يتكلم الحكيم كيف أن الإنسان تحول عن كونه إنسان إلى التراب بل صار رمادا لأن التراب لا يخطئ ولا الطين يخطئ إلى الله فصار الإنسان الحي بلا حياة أقل من التراب والطين.
  • على الرغم أن الله أعطاه نسمة حياة لكي يعمل وروحا حيا أعطاها أن تسكن في الإنسان، الروح الإنسانية التي من الله لكن الخطية تحول الحياة إلى الموت لأن أجرة الخطية هي الموت فيصير تراب مرة أخرى بل وأقل.
  • استهان الإنسان بحياته واعتبرها لا قيمة لها وكأنها لعبة يلهو بها أو حياة جعلت لأجل الكسب المادي حتى على حساب ظلم الآخرين فضاع منه الهدف وهو ملكوت السموات والعدل والرحمة. فلهذا طالبنا ربنا يسوع بأن نطلب ملكوت الله وبره أما كل شيء بعد ذلك فيزاد لنا وأن نهتم بالرحمة والعدل عندما وبخ الكتبة والفريسيين أنهم تركوا أثقال الناموس واهتموا بالأشياء التافهة وتركوا عنهم العدل والرحمة.
  • فالإنسان هو يعرف نفسه جيدا ويعرف أنه يخطئ لأنه صنع من تراب ومثل الخزف أو الإناء الخزفي القابل للكسر سريعا لأنه لا يعرف الإنسان إلا روح الإنسان الساكن فيه.
  • يتكلم الحكيم عن المتسلطين على شعب الله قديما وهم المصريين كيف كانوا رغم حكمتهم العالمية أغبياء في عبادتهم وأقل من الأطفال إذ يعبدوا الحيوانات وحتى الحشرات فلهذا يطالبنا الله أن نكون أطفالا في الشر وكاملين في الذهن (مت١٠: ١٦) وأيضا معلمنا بولس (١كو١٤: ٢٢).
  • يتعجب الحكيم كيف أن الوثنيين يعبدوا أصنام لها أنوف ولا تشم أو تستنشق الهواء ولها أذان ولا تسمع وعيون ولا تبصر وأيدي وأصابع لكنها لا تلمس أو تحس بشيء، وهي غير قادرة على الحركة فإن كانت ميتة فهي والذين يعبدونها هم مثلها موتى، صار الإنسان الحي يعبد الموت فصار ميتا.
  • فالذي صنع ما تسمى بآلهة هو إنسان وليس إله لأن روحه التي هي سبب حياته استعارها من الله فكيف يعمل آلهة أو حتى أي شيء حي!!!
  • لكن الإنسان قابل للموت ويخطئ لكنه هو (أي الإنسان) أفضل من الأصنام لأن الإنسان حي والأصنام ميتة.
  • والعجيب أن قدماء المصريين رغم تقدمهم في العلم عبدوا الحيوانات الضارة بل والقبيحة المنظر التي هي قذرة فكيف يرسمونها ويعبدونها وهي ليست إلا خليقة من مخلوقات الله وهو بحكمة جعلها بلا شكل جميل، فهل الأشياء التي خلقها الله لتخدم الإنسان وهو يكون سيدا عليها يعبدها الإنسان !! فهذا دليل على تدني الإنسان عن مستوى إنسانيته التي جعلها الله فيه وبها يسود على المخلوقات.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 

 

 الإصحاح السادس عشر

 

 

 

عوقبوا بحق بأمثال هذه، وعذبوا بجم من الحشرات

  • يقارن الحكيم بين العقوبات التي وقعت على المصريين حتى يعرفوا من هو الإله الحقيقي ويشربوا من ثمر ظلمهم وبين العطايا لشعبه لسبب الظلم الذي وقع عليهم.
  • فالمصريين عوقبوا بأنواع من الحشرات والحيوانات التي كانوا يعبدونها فضربات البعوض والذباب والضفادع جعلتهم في حالة سأم من الطعام العادي رغم غنى مصر فإن ما يشتهيه الإنسان ويفصله عن الله يعاقب به، فعندما عبد الشعب عجل أبيس في البرية طحنه موسى وزراه وجعله في ماء ليشرب الشعب حتى يتذوقوا ما ينتج من فعلهم الأثيم (خر٣٢: ٢٠) فالله ليس عنده محاباة.
  • أما شعب الله الذي كان في البرية وليس طعام لهم غير المن لما اشتهوا اللحم جعل الله لهم طعام هو طير السلوى المهاجر الذي تعب من الطيران فجاء قرب الشاطئ الذي للبحر الأحمر على مستوى منخفض جدا فاصطاده الشعب وأكل منه، فمن أكل بإيمان كان ليس به شيء أما من أكلوا بشهوة ضربهم الله بسبب عدم إيمانهم (عد١١: ٣٣).
  • فكان المصريون في غنى وسئموا الطعام بسبب الضربات أما شعب الله في البرية حيث الجوع تقاسموا السلوى دون تعب منهم.
  • فرأى شعب الله ما حل من ضربات بالمصريين لأنهم ظلموا شعبه وأيضا رأوا نعم الله للمظلومين في برية قفر.
  • يتكلم الحكيم أن الله ليس عنده محاباة، عندما تذمر الشعب على الله وعلى موسى وطلبوا أكل اللحم بعث لهم السلوى لكنه عاقبهم على عدم إيمانهم (عد١١: ٥).
  • لكن الله في عقوبته لهم بالحيات أعطاهم علامة الخلاص أن من ينظر إلى الحية النحاسية المعلقة على ساري خشب حسب أمر الله لموسى يخلص ليس بالرمز لكن بالمرموز إليه وهو الله الذي يخلص الجميع.
  • وقد فسر الآباء (ق. مار أفرام السرياني و ق. أغسطينوس و ق. يوحنا ذهبي الفم وق. إغريغوريوس النزينزي والشهيد يوستين) الحية بالآتي :-
    • الحية ترمز لربنا يسوع الذي حمل خطايانا على عود الصليب وأماتها داخله (يو١: ٢٩؛ ٣: ١٦).
    • وأيضا ترمز إلى إبليس الحية القديمة الذي أماتها ربنا يسوع بصلبه على عود الصليب فسمر الصك الذي علينا.
  • يقارن الحكيم بين حادثتين: ضربات المصريين بالهوام والجراد والبعوض والبرد وغيرها التي ليس لها شفاء بسبب عدم إيمانهم بالله، وبين تذمر الشعب على الله وعلى موسى وإيجاد وسيلة للخلاص هي الحية النحاسية على الساري المرفوع فإنها وصية الله لذلك أراد الله أن يذكرهم بها بنفسه لئلا ينسوا وصاياه فبذلك يحيوا، ليس بوسيلة من مرهم أو دواء لئلا يقولوا أن الأدوية هي التي شفتهم لكن الله نفسه هو الذي شفاهم.
  • وعلل الحكيم ذلك بأن الله هو وحده له القدرة أن يحدر إلى الجحيم ويصعد منها فقد نزل الله الكلمة إلى الجحيم وأصعد منه الأبرار المؤمنين به إلى الفردوس.
  • فالإنسان يستطيع بشره قتل الإنسان فتخرج الروح من الجسد لكنه لا يستطيع أن يعيد الروح إلى الجسد ليقوم ثانية أو يحرر نفس مقبوض عليها من إبليس أو فى الجحيم هذه التي يستطيعها الله فقط أي يعيد الروح إلى الجسد فيقوم الجسد وأن يحرر نفس من إبليس فهو الخالق والمخلص معا، وكأن الحكيم يصف موت ربنا يسوع ونزوله الجحيم وإصعاده لنفوس الأبرار إلى الفردوس وقيامته من الأموات.
  • مقابلة عن البرد والنار والمن :-
    • ظن فرعون أنه يمكن أن يفلت من يد الله فذهب وراء شعب ليس يعرف الحرب ولا معه عدة حرب مع ٦٠٠ مركبة وأمامهم البحر وخلفهم فرعون وعلى جانبيهم الصحراء، فلا حصون يلجئون إليها لكن الله جعل لهم خلاصا بواسطة الطريق الذي في وسط البحر.
    • فإن فرعون عندما رفض أن يعرف الله عندما طلب منه موسى أن يخرج الشعب أجابه أنه لا يعرف الرب فأنزل الله عليهم جلدات أي على المصريين من المطر والبرد الغير مألوف في أرض مصر وأيضا النار أحرقت محاصيلهم مع الرياح الشديدة.
    • فكانت عوامل الطبيعة مأمورة من الله أن تحارب فرعون حتى لو ضد طبيعتها فقاتلهم النار ولم تطفئها الماء بل زادت في قوتها لسبب عناد فرعون وتجبره.
    • فكانت النار تهدأ حتى عندما يراها فرعون وتراها الحيوانات يؤمنوا أن الرب يدافع عن شعبه ويؤمنوا حتى لا يفنيهم الله.
    • وأحيانا أخرى تزداد النار مع وجود الماء أو ماء المطر فتأكل النار غلات أرض مصر الوفيرة.
    • أما شعب الله في البرية فقد أعطاهم طعام من السماء الذي سمي طعام الملائكة (مز٧٨: ٢٥؛ ١٠٥: ٤٠) بسبب نزوله من السماء وهو طعام معد جاهز مثل الخبز لكنه يوافق كل ذوق أي حسب ذوق كل أحد يجد المن له طعم ما يشتهيه ذوق كل إنسان.
    • لأن الله يمتلك القوة ضد المعاندين مثل فرعون والمصريين وأيضا هو عذب للودعاء مثل شعبه، فكان المن يشبع كل الشعب وكل واحد ويجد كل أحد فيه طعم ما يشتهيه من نوع الطعام الذي يحبه.
    • لكن على العكس مع فرعون فقد ثبت ضربة البَرَد والنار معا رغم أنهما لا يثبتان معا لأن النار تذيب الجليد لكن لعقاب المصريين الذين أذلوا الشعب جعل النار والثلج معا حتى تحرق غلات الأعداء حتى يعلم المصريون أن واهبهم الخير هو الذي يقاومهم وأنه أعلى من كل آلهتهم الكاذبة.
    • ومع ذلك فإن شعب الله كان يجد المن عند شروق الشمس لم يذوب وكأن النار تخلت عن صفاتها حتى يستطيع الشعب أن يأكل فالطبيعة خادمة لله، لهذا للهلاك (المصريين) ولذاك للحفظ (شعب إسرائيل).
    • وكذلك المن يعطي طعما حسبما كان يشتهي أن يأكل كل أحد من شعب الله لأن الطبيعة تطيع أوامر الله خالقها لحساب شعبه.
    • وبهذا الاعتناء بشعب الله عرفوا أنك تحبهم ليس المحاصيل هي التي تغذيهم بل كلمتك الحية أو أقنوم الكلمة هو يحفظ المتكلين عليه.
    • بل كانت النار لا تفني المن، كانت أشعة الشمس عندما تحمى تذيبه وذلك حتى يستيقظ الإنسان باكرا لحمد الله على عطاياه قبل أن تضيع عندما تشرق الشمس بشدة، فمع المن صباحا كانوا يعطوا الشكر لله أول ما يستيقظوا وهذا يدل على أنهم كانوا يتجهوا ناحية الشرق وشروق الشمس لشكر الله.
    • لأن المتهاونين من الشعب الذين لا يستيقظون مبكرا لا رجاء لهم في الغذاء لأنهم يتهاونوا في الاستيقاظ وشكر الله فيضيع رجاءهم في الله وفي عطاياه.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح السابع عشر

 

 

 

إن أحكامك عظيمة لا يعبر عنها

ولذلك ضلت النفوس التي لم تتأدب

  • حلت ضربة الظلام قبل موت الأبكار كتحذير وهي شملت عقوبات للآتي :-
  1. ضلال النفوس أي ضربة الظلام كانت نتيجة لما هم فيه من ضلال.
  2. نفوسهم أي المصريين لم تتأدب.
  3. المصريون أثموا إلى الله بعبودية شعبه.
  4. تسلط المصريين على شعبه المقدس.
  5. أسرى الظلام مقيدين محبوسين تحت سقوفهم أي صاروا كمن في سجن مظلم لا يستطيعوا الحركة.
  6. صار المصريون منفيين أو بعاد عن العناية الإلهية.
  • لقد ظن المصريون أنهم مهما أخطئوا في السر فلا عقوبة وأن خطاياهم سوف تنسى لكنهم يتشتتوا دون ظالم بل ظلمتهم الداخلية هي تحاربهم وتجعلهم يفرون دون وجود عدو خارجي لكن عدوهم هو خطاياهم الداخلية وخوفهم الناتج عن الخطية، فحتى أحلامهم يخافون منها بسبب فعل الخطية هكذا هو حال من لا يتوب لكن إن خافوا الله وتابوا يرجع إليهم سلامهم.
  • لم تكن الظلمة داخلية لكنها أيضا خارجية فهم صاروا كمثل دجاج رابض في حجرات لكن رغم هذا كانت أصوات الشياطين تزعجهم تدوي حولهم وتتراءى لهم بوجوهها الفاجعة، فكانت الظلمة والخوف تزداد لديهم أكثر فأكثر، هذا نصيب الظلم فالظلمة تعمي عيني الظالم نفسه وترعب أفعاله الشريرة.
  • حاول المصريون مقاومة الله ومقاومة ضربة الظلام بإشعال نيران للإضاءة لكن للأسف كانت النيران لا تضيء حولها ولا حتى النجوم الساطعة دليل على قوة عمل الله.
  • وحدث ما لم يكن متوقعا أن كتل نارية تشتعل من نفسها وغالبا أنها صنعة الشياطين فهذه جعلتهم يخافون أكثر بالإضافة إلى الظلمة.
  • عجز سحر السحرة أن يجعل الليل به أي نور فبات سحرهم وعلمهم لا شيء أمام عمل الله وصاروا كمرضى نفسيين مما أصابهم من ذعر الليل حتى يعرفوا قوة يد الرب.
  • صاروا في حالة من الذعر حتى أن مرور حيوان بجوارهم كان يرعبهم أو صوت حفيف الأفعى في التراب كان يرعبهم أكثر.
  • كان لهم حتى النظر في الهواء الطلق يخيفهم وهذا لا يمكن تجنبه فأصبح هذا واقعهم.
  • الشر له أثره على من يقوم بعمله فهو يجعله يخاف من الداخل فهو ينغص الضمير ويجعل كل شيء بسيط صعب على النفس القيام به.
  • والخوف أيضا من تخلي نعمة الفكر المتزن بل أفكار الإنسان تكون مشوشة تقاوم الإنسان وكلما اشتدت الحاجة وتوقع المعونة ولم تأتي المعونة اشتد الشعور بالجهل الذي يجلب عذاب الضمير.
  • كانت ضربة الظلام ضربة لنفوسهم أعجزتها عن القيام بأي عمل وكأنهم نيام نوم الموت وكان الليل القاتم هذا هو وحش قادم من مملكة الموت سبى نفوسهم إلى العجز والانطراح في نوم القبر.
  • عدَّد ٣ أسباب لعجزهم من ضربة الظلام: مطاردة الشياطين التي سماها أشباح الموت وانحلال قوى النفس والخوف الفجائي الذي حل بهم من هذه الضربة.
  • صاروا مسجونين في سجن بلا حديد من ضربة الظلام إذ أثرت الضربة على نفسيتهم وأحبطتها.
  • جاءت ضربة الظلام للعاملين في الفلاحة ورعاية الأغنام والعاملين في البرية وكأنهم وقعوا في القضاء المحتوم وسلسلوا معا بسلسلة الظلام، حتى حركات الطبيعة من الرياح وتغريد الطيور على الأغصان وصوت تدفق المياه وتدحرج الأحجار وجري الحيوانات هنا وهناك وزئير الأسود في تجاويف الجبال كان يُقيِّدهم من الخوف.
  • لكن الذي كان يتعب أنفسهم أن العالم كله حولهم من بعيد فيه نور ساطع والناس تعمل أعمالها بدون عائق أما هم وحدهم فكانوا في ظلام وكانت نفوسهم ثقيلة عليهم أثقل من الظلمة تنتظرهم ظلمة أكبر هي ظلمة الجحيم.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 الإصحاح الثامن عشر

 

 

 

أما قديسوك فكان عندهم نور عظيم

  • يؤكد الحكيم كيف كان المصريون الذين يعيشون ليس في ضربة الظلام الخارجي فقط بل والداخلي كانوا يطوبون قديسي شعب الله إذ علموا أن لهم نور وكانوا أحرار في حركتهم حيث يسمعون صوت تحركاتهم.
  • وكأن الحكيم يطوب إشراق النور الحقيقي على شعبه لأن الله نور وهم كانوا مستعدين بحياة القداسة التي تليق بتعامل الله النور الحقيقي (يو١: ٩؛ ١تي٦: ١٦؛ ملا٣: ٢٠؛ رو١٣: ١٣؛ ١كو٢: ١٤، ١٥).
  • تكلم الحكيم على مدى وداعة شعب الله عندما كانوا في مصر إذ خلصهم الله بالضربات العشر فعرف المصريون أن إلههم قوي فشكروهم على أنهم لم يؤذوهم بعد أن ظُلِموا وطلبوا منهم أن يغفروا لهم ما ظلموهم به في السخرة والعبودية.
  • وعلى النقيض من ظلمة مصر كان لشعب الله عمود النور في البرية كمرشد في رحلة لا يعرفوها وأرض لم يسلكوا من قبل فيها وكان عمود النور رغم قوته لا يؤذي مثل الشمس العادية التي تسبب ضربة الشمس التي حفظهم منها الله خلال تجوالهم.
  • الله يعاقب وينتقم للمظلومين فإن المصريين حبسوا بني إسرائيل في ظلمة صنع الطين (اللِبن) فلهذا عاقبهم الله بالظلمة التي حبستهم كما فعلوا يُفعل بهم (عو١: ١٥)، هؤلاء الذين حبسهم المصريون هم الذين ينشرون نور الشريعة عندما استلم موسى النبي إياها على جبل سيناء، هذه هي كلمة الله التي نورها لا يفسد ورائحتها الزكية تدوم، هكذا أيضا كلمة الله نور للراغبين فيها ولا تفيد الذين لا يحبونها، ورائحة زكية تخنق الخنزير لكن يشتمها الراغب فتحييه.
  • ثم تكلم الحكيم عن قتل فرعون لأطفال العبرانيين وبالتالي هلاك رجالهم وتحول جماعة إسرائيل إلى نساء جاريات ومع الوقت لا يوجدون لكن حدث ما لم يكن في الحسبان أنه نجا طفل وهو موسى النبي (ابن الماء) من الغرق وتربى عند ابنة فرعون هذا الذي بواسطته بنفس نوع العقوبة التي عوقب بها موسى عوقب بها فرعون وجنوده عندما أهلكهم الله في الماء.
  • وقد علم الشعب مقدما بواسطة موسى ما سوف يجري للمصريين الذين اضطهدوهم فطابت نفوسهم، ليس تشَّفي لكن تهلل بعمل الله معهم حيث توقع الشعب الخلاص وهلاك المصريين فصار بالعقوبة للمصريين مجد لشعب الله ولإلههم الذي صنع هذا لكي يصنع أحكاما بكل آلهة المصريين التي لم تفيدهم فتمجد الله إله الإسرائيليين.
  • أوضح هنا الحكيم تاريخيا تقليد لم يكتب في العهد القديم وهو أن الإسرائيليين في أرض مصر رغم أنها وثنية كانوا يقدمون التسبيح لله وبالتالي كانت لهم روح واحدة ووحدة بالذبيحة وأيضا تنفيذ الشريعة التي لله وأيضا الوحدة في تحمل الآلام والشكر في حالة الخير والوحدة في الترنم والتهليل الجماعي لله وهذه الأناشيد من صنع آبائهم.
  • وجاءت ليلة موت أبكار المصريين فكان الإسرائيليون يعيدون بالفصح منشدين بصوت واحد أما المصريين فكان عندهم جلبة ونشاذ في الأصوات وبكاء ونحيب في كل اتجاه وكأنهم خورس مبعثر وحزين يرد على خورس العبرانيين الموحد المتهلل.
  • وكانت العقوبة بموت الأبكار هي على الكل، العبد والسيد، إذ كانت مصر تنقسم إلى فرعون ثم وزرائه ومشيريه ثم الشعب لكن الله ليس عنده أفضلية لأحد عن أحد فقد شمل الموت كل أسرة ولأن الأسر كانت تعيش في بيوت كبيرة فكان في العائلة الواحدة كل أسرة بها بكر ميت فليس أحد يستطيع أن يواسي أحد.
  • ومات الكل أي المصريين بجميع رتبهم نفس الميتة فأصبح عندهم عدد جثث لا يحصى حتى أن الأحياء لم يكونوا عندهم عدد كافي لدفن موتاهم إذ ضرب الأبكار كلهم في لحظة واحدة.
  • رغم أن فرعون ضرب بالضربات التسعة الأولى ومن الضربة الثالثة اعترف سحرة فرعون أن هذه هي يد الله (خر٨: ١٩) لكن عاند مع موسى فأما ضربة الأبكار لم يستطع فرعون ولا سحرته إلا أن يؤمنوا ويعترفوا أن العبرانيين هم شعب الله وأن الله إلههم هو أقدر من جميع الآلهة.
  • بينما الليل كان يسير في صمت إذ قطعت ضربة الملاك أبكار المصريين أصبح الليل كمن يسرع في العدو أو السير.
  • فإذا كان قرار موت أطفال العبرانيين صدر عن العرش الملكي لفرعون فها ضربة الأبكار صدرت عن العرش الإلهي لله إذ صار الله لهم كمحارب عنيف وسط أرض مصر المحكوم عليها بموت أبكارها، وكأن هذا المحارب يحمل سيف ماضي ملأ كل مكان في مصر بالموتى وكأنه محارب عملاق يمس رأسه السماء ورجليه الأرض، هذا هو عمل الله إذ قال “وأصنع أحكاما بكل آلهة المصريين” وها قد صنع ما قاله (خر12: 12).
  • يؤكد الحكيم تشتت وانزعاج المصريين برؤى وأحلام مخيفة غير متوقعة وطرح كل واحد هنا وهناك بين الحياة والموت، وكان الله يوضح لهم لأي سبب يموتون وكانت جثث أبكارهم ميتة في كل أرض مصر وكانت تعلن لهم لماذا قتلوا بسبب ظلم فرعون لشعبه، وأيضا كانت الشياطين بسماح من الله جعلت قلق على نومهم فأصيبوا بنوع من الهلع النفسي لكن الله كان يعلن لهم لماذا أصابهم هذا حتى يتوبوا ويعرفوا الإله الحي بدلا من آلهتهم الضعيفة.
  • عدل الله لا يعرف المحاباة فقد اُغضِب الله من شعبه وهم في البرية لكن هذا الغضب الذي يمثل عدل الله لم يدم طويلا، إذ تكلم بعض من مجموعة من اللاويين هم قورح وداثان وأبيرام أرادوا أن يغتصبوا الكهنوت فجعلهم الله يقدمون بخورا أمام الخيمة وكان معهم ٢٥٠ شخص فابتلعتهم الأرض هم والــ ٢٥٠ معهم (عد١٦: ٣٠).
  • ولما تذمر الشعب على موسى وهارون انتشر وباء أباد ١٤٠٠٠ فجعل موسى هارون يمر بالبخور بين الأحياء والموتى حتى رفع الله الغضب والوباء، فكان موسى يرفع يديه ليشفع في شعبه كما بترس وهارون بالبخور كأنه ترس آخر وبهذا أسكت الملاك المهلك بالوباء وذكر موسى في صلاته أن يتذكر الله عهده مع إبراهيم وإسحق ويعقوب بأن يجعل نسلهم مثل نجوم السماء والرمل الذي على شاطئ البحر.
  • وبهذا وقف موسى كسور قطع عن الأحياء طريق الموت بشفاعته لدى الله بينما كان الموتى يتكدسون خلف الأحياء، وهارون بالبخور وثيابه الطويلة حمى العالم كله من غضب الله وشفع في إسرائيل ذات الــ ١٢ سبط بواسطة الأحجار الــ ١٢ التي على ثيابه، وإذ أعطاه الله مجد على رأسه إذ كتبت على عمامة الكاهن (قدس للرب) فتراجع الملاك المهلك وخاف من الصلوات والبخور وكف عن عمله بالعدل إذ رأى كيف يكون للبشر أبوة في مثل هؤلاء مليئة رحمة.
 الإصحاح التاسع عشر

 

 

 

 

أما الأشرار فقد هجم عليهم حتى النهاية

غضب لا رحمة معه لأنه كان يعلم من قبل ماذا سيفعلون

  • جلب الأشرار غضب الله أي عدله وليس رحمة نتيجة لعملهم وهؤلاء هم المصريون لأنه أي الله عرف مقدما ما سوف يعملونه ويجلب لهم نهاية عادلة لأنه رغم الضربات العشر كان يعطي لهم فرص للتوبة.
  • إلا أنهم بعدما إذن فرعون والمصريون – إذ عرفوا أنهم شعب الله – لهم بالرحيل بل كانوا يسرعون في إطلاقهم غيروا رأيهم وأتوا سريعا وراءهم كمن يطارد مجرم رغم أنهم أي العبرانيين خدموهم بأمانة.
  • فرغم أن المصريين كانوا لا يزالوا ينوحون على أبكارهم وعلى قبورهم خطر لهم إبليس بفكر آخر عديم الحكمة هو مطاردة الشعب الأعزل في البرية كما يطارد لص فخرج فرعون ومعه ٦٠٠ مركبة ضدهم.
  • وإنما هذا الفكر والعمل ساقهم إلى مصير عادل على ما فعلوه بالعبرانيين وما لم يكمل لهم عقابهم (المصريين) في الضربات العشر أُكمل عندما دخلوا وراء الشعب في البحر فصار البحر طريقا لشعب الله ونجاة وأما لفرعون والمصريين صار مقبرة جماعية لأغرب ميتة يموتها مجموعة كبيرة مثل هذه.
  • فإذا كانت الخليقة تعمل حسب طبيعتها لكن قد تتغير حسب أمر الله لها عن طبيعتها ثم تعود أيضا حسب أمر الله، وذلك أن الماء في البحر يغمر الأرض أسفله لكن لكي يحفظ الله شعبه سالما جعل سحابة فوق المحلة أي شعبه والماء على غير طبيعته وقف كسور على الجانبين وبرزت الأرض في الوسط فصارت الأرض طريقا لعبور شعبه والبحر المخيف على الجانبين كمرج أخضر أي مثل زرع أخضر وكأنهم في نزهة.
  • سار العبرانيون وسط البحر مثل الحملان الصغيرة عندما تجري ومثل الخيول وكأنهم خرجوا ليرعوا وسط البحر وهم يسبحون الله مخلصهم من الهلاك الذي أراده فرعون لهم.
  • فتذكروا وهم عابرين ما حدث من ضربات للمصريين وهم فيها إذ أخرجت الأرض بعوضا والبحر فاض بالضفادع وليس بالأسماك أو الحيوانات المائية، وأيضا فيما بعد رأوا البحر ينتج لهم طير السلوى عندما اشتهوا أكل اللحم الذي طار على مقربة من البحر فاصطادوه بالشباك فأصبح طعام لهم وذلك ليرضي الله شعبه.
  • يقارن الحكيم بين استضافة أهل سدوم للملاكين الذي سماهم رجلين غرباء وبين استضافة أهل مصر وفرعون مصر للعبرانيين.
  • فإذا كان أهل سدوم عوقبوا لأجل شدة عدائهم للضيوف لكن كان لهم عذر لأنهم غرباء لكن مع هذا عوقبوا بالعدل لأجل شدة البغض التي كانت لهم للغرباء وعدم ترحيبهم بهم لكن المصريين استعبدوا العبرانيين الذين أحسنوا إليهم بخدمتهم لهم (خدم العبرانيون المصريين).
  • لكن مع هذا نال أهل سدوم عقوبة أيضا بسبب عدائهم للغرباء أما المصريون بعدما فرحوا أيام يوسف عندما كان وزيرا لمصر بقدوم العبرانيين وأسكنوهم أرض جاسان وكانوا مساوين لهم في الحقوق كمواطنين، عندما مات يوسف وجاء فرعون لا يعرفه أثقل المصريون بعبودية قاسية على العبرانيين ومعروف ما نالوه من الضربات العشر وغرق فرعون والــ ٦٠٠ مركبة في البحر الأحمر.
  • أما عدم قبول أهل سدوم للملاكين (اللذين سماهم السفر رجلين) فكانت العقوبة أنهم ضُربوا بالعمى فكان كل واحد من أهل سدوم يلتمس مدخل بيته…
  • يتأمل الحكيم في تاريخ خروج أمته من مصر وعبر تاريخها يتمجد الله كراعي يصدر صوت من قيثارته بأوتار مختلفة لكنها تتناغم مع بعضها البعض حسب الحاجة.
  • فالبشر الأرضيين في خروجهم تحولوا إلى كائنات بحرية إذ اجتازوا وسط البحر ثم نزلوا بعد ذلك على اليابس مرة أخرى ليعودوا من كونهم ككائنات بحرية اجتازت البحر إلى كائنات برية مرة أخرى، والسحاب العالي في السماء اقترب من الأرض، كل هذا لأجل شعبه لأن الله يعمل بانسجام بين العناصر ويغير طبيعتها لمصلحة شعبه.
  • وعاد مرة أخرى الحكيم ليذكر نزول النار والبرد في أرض مصر كضربات إذ نسى الماء طبيعته أنه يطفئ النار وكانا الاثنان معا يضروا الحيوانات والبشر لكنهم لم يضروا الكائنات الصغيرة مثل الحشرات.
  • وأيضا المن النازل من السماء تذيبه أشعة الشمس حتى يبكر لأخذه العبرانيين ولا تذيبه النار.
  • فإن الله عجيب في اتضاعه فقد عظَّم ومجَّد شعبه ولم يأنف في كل زمان ومكان على مساعدته في جميع ظروفه.

✠ ✠ ✠ ✠ ✠

 

 

المراجع

  • تفسير سفرحكمة سليمان للقمص تادرس يعقوب ملطي

 

تفسير سفر الخروج - القس مكسيموس صموئيل

تفسير سفر الجامعة لسليمان الحكيم - القس مكسيموس صموئيل

تفاسير العهد القديم – القس مكسيموس صموئيل
تفاسير العهد القديم – القس مكسيموس صموئيل