القصة الحقيقة ل سانتا كلوز او بابا نويل – جوزيف ممدوح

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الدكتور ماجد عزت إسرائيل
الشخصيات القديس نيقولاوس أسقف مورا - سانتا كلوز - بابا نويل
التصنيفات أعياد الكنيسة القبطية, الأعياد السيدية الكبرى, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي, عيد الميلاد المجيد
آخر تحديث 10 فبراير 2024
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
1MB

الأسقف نيقولاوس

تحميل الكتب مجانا :

1- الموقع الرسمي للمكتبة الإلكترونية للباحث جوزيف ممدوح هو :

http://joseph-mamdouh.blogspot.com.eg/

2- موقع الكنوز القبطية –  الإعمال الكاملة – الشمامسة والخدام والخادمات –  الأستاذ جوزيف ممدوح توفيق

https://books.coptic-treasures.com/authors/deacons/goseph-mamdoh/

3- ارجو القاري الكتابة لي علي عنواني التالي لأبداء آرائه وملاحظاته البناءة  عبر الفيس بوك :

https://www.facebook.com/joseph.mamdouh.israel

مقولة عجبتني

“يا قارئ لا تبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب

يا مارا على قبري لا تعجب من أمري بالأمس كنت معك وغداً أنت معي

أموت ويبقى كل ما كتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ كلامي دعالي”

مقدمة

إن التأمل بسيرة حياة مار نيقولاوس، لهو خير وازع لتمجيد اسم اللّـه القدوس، فقد عاش هذا القديس لأجل الآخرين، وكان شاهداً لعناية اللّـه تعالى بالمخلوقات عامة، والإنسان بشكل خاص. فاللّـه يُسخّر عبيده الأمناء، كالقديس نيقولاوس، ليعتنوا بإخوتهم بني البشر، بسد عوزهم الروحي والجسدي. بعد نياحة القديس نيقولاس انتشرت سيرته العطرة وعمت أماكن عديدة في روسيا وأوربا خاصة ألمانيا وسويسرا وهولندا وكانوا يتبادلون الهدايا في عيد الميلاد على اسمه.. وبدأت من هنا الحقيقة تختلط بالأسطورة..

وبعد شكري لربي ومخلصي يسوع المسيح علي فضله اود اشكر كل من شجعني لكتابة هذه الدراسة. كما اشكر كل من قام بمراجعتها وابدي ملاحظاته علي الشكل والمحتوي.

املا ان يكون هذا العمل بمثابة ذبيحة حب مقدمة بين يدي الرب يسوع المسيح، لأعبر بها – ولو بفلسين لا غير – عن سكب كل حياتي في خدمته، وخدمة كنيسته المقدسة. ببركة شفاعة العذراء كل حين والدة الاله القديسة الطاهرة مريم، وكل مصاف السمائيين، وصلوات ابائنا الرسل والشهداء والقديسين، وابينا الطوباوي المكرم قداسة البابا تاوضروس الثاني ، وشريكه في الخدمة الرسولية ابينا الحبيب انبا يؤانس اسقف اسيوط وتوابعها. ولله الاب ضابط الكل، وابنه الوحيد يسوع المسيح مخلصنا، والروح القدس المعزي، كل المجد في كل حين، والي اباد الدهور . امين.

+ شخصية ” بابا نويل” أو “سانتا كلوز”

شخصية” بابا نويل” أو “سانتا كلوز”  شخصية واقعية مأخوذة من شخصية القديس نيقولاس وهو أسقف “ميرا” ولكن شخصية ” بابا نويل” أو “سانتا كلوز” الذي نسمع عنها خرافية ترتبط بعيد الميلاد المجيد، معروفة غالباً بأنها رجل عجوز سعيد دائما وسمين جداً وضحوك يرتدي بزة يطغى عليها اللون الأحمر وبأطراف بيضاء وتغطي وجهه لحية ناصعة البياض، وكما هو مشهور في قصص الأطفال فإن بابا نويل يعيش في القطب الشمالي مع زوجته السيدة كلوز، وبعض الأقزام الذين يصنعون له هدايا الميلاد، والأيائل التي تجر له مزلاجته السحرية، ومن خلفها الهدايا ليتم توزيعها على الأولاد أثناء هبوطه من مداخن مدافئ المنازل أو دخوله من النوافذ المفتوحة وشقوق الأبواب الصغيرة.

+ اسم بابا نويل :

وجاء اسم بابا نويل ككلمة فرنسية تعنى أب الميلاد وظن البعض أن موطن بابا نويل هو السويد وذهب البعض الآخر أن موطنه فنلندا خاصة أن هناك قرية تدعى قرية بابا نويل يروجون لها سياحيا إنها مسقط رأس بابا نويل.. ويزورها نحو 75 ألف طفل سنويا.. ومع اكتشاف أمريكا حمل المهاجرون معهم قديسيهم ومنهم القديس نيكولاوس أو سانت نيقولا وتطور الاسم حتى صار سانتا كلوز..

وفى مصر انتشر بابا نويل في الكنائس القبطية في احتفالها برأس السنة الميلادية.. وصار رمزًا شعبيًا للاحتفال بالعام الجديد ونسى الكثيرون انه قديس ومعترف به في الكنيسة الأولى.. كنيسة القرن الرابع الميلادي.

+ مصادر القصة الحقيقة  مار نيقولاوس :

تكرّم الكنائس المسيحية الرسولية الشرقية والغربية، القديس مار نيقولاوس. وقد دونت قصته بلغات شتى، من جملتها اللغة السريانية. وتنطوي مخطوطاتنا السريانية على النص الكامل لهذه القصة التي كُتبت مع سائر قصص القديسين السريان، واعتمدناها مستندين في ذلك إلى نسخ قديمة، كما قارنّا حوادثها بما ضمّته كتب السنكسار القبطي الأرثوذكسي وقصص القديسين، بالعربية والإنكليزية، لطوائف مسيحية أخرى.

+ نشأته :

القديس نيقولاوس – صانع العجائب – أسقف ميرا / بابا نويل – سانتا كلوز
ولد القديس نيقولاوس حوالي سنة 275م (في أواخر القرن الثالث للميلاد) .في عهد الامبراطور ذيوكلسيانوس . في مدينة باتارا Patara بليكيا Lycia الجميلة الواقعة على الشواطئ الجنوبية من  آسيا الصغرى، وكانت ميرا Myra العاصمة قريبة من البحر، وهي مقر كرسي أسقفي.. كان عمّه أسقف المدينة. وقد تتلمذ نيقولاوس وهو صغيراً ليخدم في الكنيسة. وعندما كبر وتعلم وأكتسب الفضائل المسيحية شرطنه عمّه وفي النهاية خلفه كأسقف.

اسم أبيه أبيفانيوس وأمه تونة، من أغنياء القوم في بلدهما وقد جمعا إلى جانب الغنى الكثير مخافة الرب، وعمل الصلاح وتوزيع الصدقات، وكانا عاقرين، يواصلان الصلاة إلى اللّـه والطلبات منه تعالى كي يرزقهما طفلاً.. ولما شاخا تحنن الله عليهما فاستجيبت صلاتهما ورزقهما ولد سماه نيقولاوس، وبالسريانية «زوخي» واهتما بتربيته التربية المسيحية الصالحة، تحت رعاية الكنيسة في نقاوة القلب.  وبتلقينه العلوم الروحية إلى جانب العلوم الدنيوية. وشعر معلموه بقوة النعمة الإلهية التي أسبغت عليه بوفرة، إذ بز رفاقه في تحصيل العلم وفي ممارسة أعمال الفضيلة. وفي سن الخامسة بدأ يتعلم العلوم الكنسية، ويومًا بعد يوم أضاءت تعاليم الكنيسة عقله وحمَّسته إلى التدين السليم. في تلقيه العلم أظهر من النجابة ما دلَّ على أن الروح القدس كان يلهمه أكثر مما كان يتلقى من المعلم، فقُدِّم شماسًا.

+ أعمال الرحمة :

توفي والداه وهو شاب تاركين له أموالًا وثروة، فقرر أن يكرّس ميراثه في أعمال الرحمة وزع مار نيقولاوس أمواله الطائلة على الفقراء والمعوزين. سرعان ما حانت له الفرصة لتحقيق اشتياقه، إذ بأحد رجال باتارا فقد كل أمواله لدرجة أنه لم يجد ما يقتات به. وكان عليه أن يزوج بناته الثلاث، إلا أنه لم يستطع ذلك بسبب فقره، فنوى الرجل البائس أن يسلمهن لأعمال الدعارة حين سمع القديس نيقولا بهذا الأمر أخذ مائة دينار وجعلها في كيس وتحت ستار الظلام ألقاه من شباك منزل الرجل، الذي لما انتبه من نومه ووجد الكيس فرح كثيرًا وزوَّج بهذا المال ابنته الكبرى.

ثم كرر القديس نيقولاوس (نيقولا) نفس الأمر مع الابنة الثانية. ولما جاء دور الابنة الثالثة كان الأب يسهر ليراقب ويتعرَّف على شخصية هذا المحسن الكريم. لبث ساهرًا في المرة الأخيرة وحالما شعر بسقوط الكيس وسط منزله لم يأخذه بل أسرع إلى خارج البيت ليرى من الذي ألقاه فعرف أنه القديس نيقولاوس، فخرَّ عند قدميه وشكره كثيرًا لأنه أنقذ فتياته من فقر المال وما كن يتعرضن له من الضياع. فطلب إليه مار نيقولاوس أن يكتم اسمه وألا يخبر أحداً لأن الرب أوصى، ألا يُعلم الإنسان شماله ما تفعله يمينه.ما ذلك الرجل، فلم يتمكن من كتم الخبر، إذ راح ينشره بين أصدقائه وجيرانه، فعطر اسم مار نيقولاوس تلك المنطقة بكاملها.

+ رهبنته :

ترهب في دير كان ابن عمه رئيسًا عليه، فعاش حياة النسك والجهاد والفضيلة حتى رُسِم قسًا وهو في التاسعة عشر من عمره. وأعطاه الله نعمة عمل الآيات ومنها إخراج الشياطين وشفاء المرضى، وكان يبارك في الخبز القليل فيشبع منه عددًا كبيرًا.

+ ترؤسه ديرا :

ولما انتشر عُرف فضائل مار نيقولاوس وفاح أريجها في بلدته، رحل إلى بلدة ميرا (تسمى اليوم كوجاك وتقع جنوب تركيا) إذ كان خاله أسقفاً. فرسمه خاله كاهناً وأقامه رئيساً على دير في ضواحي بلدة ميرا، وتنبأ له عن مستقبل باهر في خدمة الكنيسة، إذ سيتبوأ فيها مركزاً مرموقا. وقد جرت بوساطته أعجوبة باهرة، ذلك أن زوجين فقدا ابنهما الوحيد، وأنفقا أموالهما وهما يبحثان عنه، دون جدوى. وبعد سنين عديدة، قصدا الدير وهما يائسان، وطلبا من رئيس الدير مار نيقولاوس الصلاة لأجلهما، فأمر رئيس الدير الرهبان بالاجتماع لإقامة صلاة خاصة على نية هذين الزوجين المعذبين. فاستجاب الرب الصلاة، وأحضر ملاك الرب الصبي الذي كان قد اختطف وبيع عبداً لأناس باعوه بدورهم إلى أحد كبار الرجال في مصر، فاختطفه ملاك الرب وأتى به إلى الدير، فسلمه مار نيقولاوس إلى والديه.

+ زيارته الأماكن المقدسة :

أراد القديس يوماً أن يزور القبر المقدس ليجد مكاناً هادئاً للتنسك فوجد مركباً مصرياً ذاهباً إلى فلسطين فصعد به مع مسيحيين آخرين، وقد رأى القديس في الحلم أن الشيطان الذي يعمل دائماً ضد الحق يقطع حبال السفينة وعندما نهض في الصباح قال لربان السفينة ((إننا سنواجه اليوم عاصفة كبيرة لكن لا تخافوا وثقوا بالله وهو سيحررنا من الموت)) وما إن قال القديس هذه الكلمات حتى ظهرت في السماء غيوم سوداء وعواصف وأمواج عالية وقد يئس الجميع من النجاة والكل كان ينتظر الموت، وطلبوا ببكاء إلى القديس نيقولاوس أن يطلب إلى الله من أجلهم ، وعندما وقف القديس ليصلي إلى الله وقفت العاصفة وعاد البحر إلى طبيعته ففرح الجميع ومجدوا الرب.

وخلال العاصفة صعد أحد البحارة إلى الشراع كي يصلح الحبال ومن شدة الخوف علق في الشراع ومات للحال. وعندما رأى القديس فرح الجميع لانتهاء العاصفة وحزنهم بسبب موت البحار، طلب إلى الله من أجل ذلك البحار، فنهض بقوة الله كما لو كان نائماً. وعندما وصلوا إلى البر تحدثوا عن عجائب القديس، عندها قصده مرضى كثيرون فشفوا بصلواته. وعندما دخل القدس زار الأماكن المقدس وقبر السيد المقدس والجلجلة والصليب المقدس وكل الأماكن المقدسة. وعندما أراد أن يمكث هناك جاءه ملاك الرب ليلاً وأمره بالعودة إلى وطنه. وعندما حضّر نفسه للعودة إلى وطنه، ذهب إلى الميناء وسأل عن وجهة السفينة الراسية على الميناء فأجاب الربان (( أينما نجد ركاباً )) فقال القديس سأعطيكم الأجرة وأذهب إلى باترا في ليكيا. وعندها أسرع البحارة لتجهيز السفينة، فهبت رياح مواتية لكن ليس باتجاه باترا وإنما باتجاه موطن البحارة (أي أن البحارة أبحروا إلى موطنهم وليس إلى باترا وذلك بالاعتماد على الريح المواتية ) ولكن الله الذي لم يرد أن يحزن القديس سمح بهبوب عاصفة كبيرة، فالتجأ ربان السفينة إلى القديس وطلبوا منه أن يصلي إلى الرب، وبعد أن فقدوا الأمل في النجاة اعترفوا للقديس نيقولاوس عن نيتهم السيئة في أنهم متجهون إلى مصر وليس إلى باترا وعندها صلى القديس نيقولاوس وإذا بالسفينة ترسوا على شاطىء باترا واعتذر البحارة، وقال لهم القديس بألا يفعلوا مثل هذا العمل مرة أخرى وذهب في طريقه.  وعندما وصل القديس إلى وطنه خرج جميع من في المدينة لاستقباله ولم يبقى إنسان حتى رهبان الدير فجلس معهم وأرشدهم بما فيه لخير خلاص نفوسهم، وعندما رأوا فضيلته أخذوا يحذون حذوه في صلاته وصومه وفضائله ويقلدوه في كل شيء خاصة في الترفع عن الدنيويات والنظر إلى السماويات .

+ تسقفه على ميرا :

كان خال مار نيقولاوس قد انتقل إلي الفردوس وقام مكانه أسقف آخر. فبعد عودة مار نيقولاوس إلى ديره من زيارة الأماكن المقدسة رأى ذات ليلة حلماً عجيباً.. كان حلّة حبرية زاهية قدمت إليه ليتشح بها، كما رأى عرشاً رفيعاً ورجلاً يقول له: تفضل واجلس على هذا العرش. وفي ليلة أخرى رأى السيد المسيح يسلم إليه الإنجيل المقدس والسيدة العذراء تناوله الحلة الحبرية.

ويقال أنه على أثر وفاة أسقف ميرا، ظهر ملاك الرب لرئيس الأساقفة في حلم وقال له: إن الرب قد اختار مار نيقولاوس ليقام أسقفاً على ميرا، وعندما استيقظ رئيس الأٍساقفة أخبر سائر أساقفة المنطقة، فاعتبروا ذلك أمراً من السماء، فجاؤوا بمار نيقولاوس ورسموه أسقفاً على ميرا.

وتقول رواية أخرى: إن ملاك الرب ظهر لأكثر من أسقف وهم مجتمعون في الكنيسة، صائمين مصلين كي يلهمهم الرب إلى اختيار الرجل الصالح ليقيموه أسقفاً على ميرا. فقال ملاك الرب لمن ظهر لهم في الحلم: إن أول من يدخل الكاتدرائية في صباح اليوم التالي هو الذي اختاره اللّـه لهذه الرتبة. كما ظهر الملاك لمار نيقولاوس في حلم، وأمره أن يغادر الدير باكراً جداً ويدخل المدينة ليصلي صباحاً في كاتدرائيتها. فلما فعل نيقولاوس ما أمره به الملاك، ووصل إلى باب الكاتدرائية، كان أحد الأساقفة في الانتظار.. فأمسك به وأدخله إلى بقية الأساقفة، فنادوا: «مستحق، مستحق، مستحق» أن يكون أسقفاً على ميرا، إنه الشخص الذي اختاره الرب لهذه الرتبة السامية. وبعد الانتهاء من مراسم رسامته أسقفاً وفي عهد مكسيميانوس ، صلى مار نيقولاوس على إنسان فارق الحياة، فعادت نفسه إلى جسده، وقام حياً! فتعجب الجميع، وسبحوا اللّـه على قدرته.

+ زهده :

عاش مار نيقولاوس، وهو أسقف، حياة الناسك الزاهد العابد المتقشف. فكان يتشح بإسكيم الرهبانية ويلبس الصوف الخشن على جسده تحت الحلة الأسقفية الزاهية، ويواظب على الصلاة ليل نهار، ولا يتناول إلا وجبة واحدة من الطعام البسيط طوال اليوم، كما أنه لم يذق طعم اللحم أبداً. وأنعم اللّـه عليه بالحكمة في تدبير رعيته، فكان يسوسها بإيمان وبمخافة الرب، وكم حاجج الرب بصلوات حارة طالباً إليه أن يعفيه من حمل رسالة الأسقفية مقدراً جسامة المسؤولية. فظهر له الرب يسوع في حلم وخاطبه قائلاً: لا تخف يا نيقولاوس فإنني لا أتخلى عنك طالما أنت مكمّل واجبات الأسقفية بصدق وأمانة.

وكان اهتمام مار نيقولاوس بالفقراء من رعيته، ظاهراً وملموساً، وهو بذلك كان يمثل عناية اللّـه تعالى بالمخلوقات كافة ولا سيما الضعيف منها.

+ مار نيقولاوس المعترف (سجنه) :

وفي سنة 303و 304م أثار القيصر الروماني ذيوكلسيانس الاضطهاد على المسيحية، فسام المؤمنين صنوف العذاب، وأمر بإغلاق كنائسهم وإبادة كتبهم المقدسة، فسجن عدداً كبيراً منهم، ونفى آخرين، وكان نصيب رعاة الكنيسة من هذا الاضطهاد وافراً جداً، ومن بين هؤلاء الرعاة الصالحين كان مار نيقولاوس الذي زجّه جنود قيصر في غياهب السجون وأذاقوه مر الآلام.. وهو يتحمل كل ذلك بصبر جميل حباً بالمسيح الفادي، ومكث مار نيقولاوس مسجوناً حتي مات الملكان ذيوكلسيانوس وماكسيميانوس وخلفهما الملك المسيحي العظيم قسطنطين الكبير ابن القديسة هيلانة وقسطنطين فلوروس ، وما أن جلس على العرش حتى أمر بإخراج جميع المسيحيين من السجون في جميع أرجاء الامبراطورية الرومية، فخرج المعترفون ظافرين، وعاد مار نيقولاوس إلى أبرشيته ليرعى الشعب الذي ائتمنه على رعايته

+ اشتراكه في مجمع نيقية :

ظهر في مدينة الإسكندرية في عهد الملك قسطنطين شخص هرطوقي اسمه آريوس فأخذ يعلم تعاليم خاطئة عن المسيح وكان معلماً ومثقفاً ، وقد ظهر في البداية أنه مؤمن وقد سيم شماساً من قبل أسقف الإسكندرية الشهير بطرس (300_ 301) وما أن سيم آريوس شماساً حتى بدأ يعلن الناس بأن المسيح ليس إلهاً حقيقياً بالجوهر، وإنما هو مخلوق من قبل الله وقد سمع رئيس أساقفة الإسكندرية بذلك فطرد آريوس من الشموسية ، وبعد وفاة رئيس الأساقفة بطرس تسلم العرش أخيليانس (311_312) وقد أعاد هذا آريوس إلى الإسكندرية وسامه كاهناً أولاً عليها. فحفظ آريوس تصرفاته المسيحية طول مدة حياة أخيليانس وبعد وفاة أخيليانس تسلم العرش رئيس الأساقفة الكساندروس فقام آريوس بإقناع بعض الأشخاص بتعاليمه الكاذبة مثل أفسافيوس ومتروبوليت نيكوميديا وبافيلينوس رئيس أساقفة صور وأفسافيوس ميتروبوليت قيصرية وأقنع عدة كهنة وأساقفة بذلك

وعندما عرف الملك قسطنطين بالالتباس الذي أنشأه آريوس أرسل دعوات إلى جميع الأساقفة ورؤساء الرهبان للحضور إلى مدينة نيقيا والاجتماع بآريوس حتى يظهر الشخص المخادع ، ففي عام 325 اجتمع 232 أسقفاً وكهنة وشمامسة ورهبان عدده 86 ومجموعهم جميعاً كان 318 ومن بين المجتمعين في هذا المجمع المسكوني الأول الكسندروس بابا الاسكندرية، سلفستروس بابا روما ، وميتروفانيس بطريرك القسطنطينية، ومكاريوس بطريرك أورشليم ، وبافنوتيوس المعترف ، والقديس سبيريدون أسقف تريميثيون وكثيرون آخرون ومن بينهم كان القديس نيقولاوس وجلس الملك في الوسط وجلس الحضور على جانبيه وحدث نقاش حاد مع آريوس .

ترأس المجمع البابا الكسندروس بابا الإسكندرية، وعملوا له كرسي عظيم من الذهب ليجلس عليه ولكنه رفضه وجلس في المؤخرة. ولكن عندما أصر الجميع على ذلك جلس عليه، وكان مُقَرَّرًا أن الرئيس هو هوسيوس أسقف قرطبه ولكن الجميع سَلَّموا للبابا الكسندروس أن يتقدمهم في كل الجلسات لأنه هو البابا الوحيد في وسطهم.

وعندما رأى القديس نيقولاوس أن آريوس بفلسفته سيسكت رؤساء الكهنة، وبسبب غيرته الإلهية تحركت مشاعره فقام من مكانه ولطم آريوس لطمه على وجهه حركت كل جسمه فاعترض آريوس قائلاً أمام الملك : (( أيها الملك العادل أمن العدل أن يضرب الواحد الآخر أمام عرشكم الملوكي ، إذا كان له قول فليتكلم كباقي الآباء وإذا كان جاهلاً فليسكت كما سكت الذين قبله ، لماذا يضربني أمام عرشكم ؟ حزن الملك كثيراً لما سمع هذا الكلام فقال لرؤساء الكهنة :(( يا رؤساء الكهنة القديسون القانون يأمر بقطع يد كل من يضرب أحداً أمام الملك وأما أنا فأترك هذا الأمر لما تأمره محبتكم )) فأجاب رؤساء الكهنة قائلين :(( إن الذي صار نعترف بأنه عمل خاطىء لكن نرجو من حضرتكم بألا تقطع يده بل ليخرج من المجمع ويبقى في السجن حتى نهاية المجمع وتتم المحاكمة فيما بعد )) ، وبينما كان القديس مسجوناً ظهر له الرب يسوع المسيح ووالدة الإله قائلين :((لماذا أنت سجين ؟)) ، قال : ((لمحبتكم )) فقال له المسيح إنجيلاً وأعطته العذراء الأموفوريون فبدأ يقرأ الإنجيل وهو لابس الأموفوريون . وعند الصباح أتى بعض معارفه وأعطوه خبزاً ليأكل فوجدوا وجهه يشع نوراً ويقرأ بالإنجيل وهو لابس لباس المطران الأموفوريون ، وكان محلولاً من جميع القيود فسمع الملك هذا الخبر ، فأمر بالعفو عنه واعتذر للقديس نيقولاوس وهذا ما فعله باقي الآباء الآخرين وعندما انتهى المجمع عاد كل إلى رعيته وعاد القديس نيقولاوس إلى ميرا.

القديس نيقولاوس والقادة الثلاثة

في آسيا الصغرى كان هناك منطقة اسمها فريجيا الكبرى وبها يسكن أناس غرباء ومن جنس أجنبي ويسموا ((الترافيليون)) فقد أقدم هؤلاء على ثورة عظيمة وأقاموا عليهم ملكاً ضد قسطنطين فأرسل هذا الأخير ثلاثة من قواده مع جيش كبير لتهدئة الأحداث، أما القائد الأول فاسمه نيبوتيانوس، والثاني اسمه أورسوس، والثالث أريبليون، فوصلوا مدينة ميرا ولأن الطقس لم يكن جيداً مكثوا في ميرا وأرسوا السفن على الميناء وكان من عادة الجيوش أن ينزلوا إلى المدينة ويخطفوا الأكل والشرب وصار هناك خطف ونهب وفوضى بعد نزول الجيش بالأسواق.  سمع القديس الفوضى الدابة في بلده فتوجه إلى الميناء فوجد هناك القادة وقال لهم: (( من أنتم ومن مرسلكم؟ )) فنظروا إليه وعندما وجدوه أسقفاً كبيراً في السن وجليلاً احترموه وأجابوه بوقار (( نحن عبيد الملك ورسله نحن ذاهبون بأمر الملك حتى نخمد ثورة الترافيليين وبسبب سوء الأحوال الجوية اضطررنا أن نمكث هنا حتى يتحسن الجو فأجاب القديس: (( لإخماد ثورة بعثكم الملك ! لماذا أتيتم إلى شعب هادي وفعلتم الفوضى والنهب؟ ))

فخاف القادة وذهبوا إلى السوق وجمعوا جيشهم وأصلحوا الأمر واعتذروا للجميع فأكرمهم القديس نيقولاوس في بيت المطرانية وأنشدهم(روحياً) وعلمهم الكثير. وبعد ذلك قادهم القديس إلى سفنهم، حيث رأوا امرأة ورجلاً كانا يركضان ويبكيان وطلبا إلى القديس أن ينقذ من الموت ثلاثة من أقربائهم قد حكم عليهم الحاكم أفستاثيوس بالموت الذي ارتشى من قبل أعدائهم وعرف القديس الظلم الذي حدث، فترجى قادة الجيش في الميناء أن يتبعوه إلى مكان تنفيذ الحكم حتى يخلصهم وفي الطريق كان يسأل المارة عما إذا رأوا المحكوم عليهم فكانوا يجيبونه بأنهم مروا، فكان يسرع أكثر فأكثر حتى ينقذهم حدث هذا أيضاً بسبب سلطة قواد الملك قسطنطين. وعندما وصل أبعد البلطة بيده وحل قيود الأشخاص الثلاثة. سمع هذا الخبر في جميع أنحاء مدينة ميرا فخرج أهل المدينة جميعهم كي يروا ما حدث وخرج أيضاً أفستاثيوس وعندما رآه القديس نيقولاوس أنبه على عمله ورشوته فقال أن سيمونيذس أفذوكيوس ووجهاء المنطقة هم الذين شهدوا زوراً وجعلوه يأخذ هكذا قرار

فقال القديس للقواد الثلاثة انقلوا هذا الخبر إلى الملك قسطنطين وقولوا له إن أفستاثيوس هو حاكم ظالم وعندما سمع أفستاثيوس هذا الكلام ركع أما القديس نيقولاوس واعترف بظلمه وخطيئته فسامحه القديس ومنذ ذلك الوقت أصبح القديس صديقاً للحاكم .

وعندما رأى القادة الثلاثة ما حدث، ذهبوا إلى سفينتهم وأخمدوا ثورة التريفاليين، ورجعوا إلى القسطنطينية وأخبروا الملك بذلك فأكرمهم الملك وأعطاهم أعلى المناصب. لكن اسمعوا أيها أحباء وما يفعله الحقد بالإنسان .فبينما كان القادة الثلاثة نيبوتيانوس وأورسوس و أربيليون متنعمين في قصر الملك ذهب بعض الحاقدين عليهم إلى وزير الملك ويدعى أفلافيون وقالوا له: (( أرأيت ما فعله القادة الثلاثة للملك أرسلهم كي يخمدوا ثورة التريفاليين لكنهم اتفقوا معهم على أن يقوموا بثورة ضد الملك )) فسجن الوزير القادة ، وعندما رأى الوشاة أنه لا يحدث شيء دون المال أعطوا الوزير فلافيون المال الكثير وأتوا إليه بآخرين ليشهدوا معهم وقالوا له يجب أن يعدم القادة الثلاثة بأسرع وقت ممكن حتى لا يأتي التريفاليون ويخرجوهم، وعندما رأى الوزير بأنه يجب أن يعدموا ويقتلوا بسرعة وخوفاً من قدوم الوشاة واسترداد مالهم ذهب إلى الملك قائلا : (( لقد مكر القواد الثلاثة أربيليون ونيبوتيانوس وأورسوس في أن يثوروا ضدك وأرجوا بأن تأمر بقتلهم في الحال أو نفكر بطريقة للتخلص منهم حتى يتعلم معاونوهم )).

ظن الملك أن الوزير أفلافيون يقول الحق فأصدر أمره بإعدامهم فقال لهم حارس السجن (( غداً ستعدمون. بأي شيء تأمروا لأقاربكم من ميراث وما شابه ذلك فاكتبوه بسرعة )) وعندما رأى القواد الثلاثة توقيع الملك على إعدامهم أخذوا يبكون بكاءً مراً لأنهم لم يعرفوا سبب إعدامهم . فقالوا : (( ماذا فعلنا أمام الله والملك حتى يصدر ضدنا حكم الإعدام )) . فقال نيبوتيانوس :(( أيها الأخوة بما أننا وصلنا إلى هذا الحد فإن قوة بشرية لا تستطيع أن تنقذنا لذا تذكروا ما حدث في ميرا التي في ليكيا مع نيقولاوس العظيم الذي أنقذ من حكم الإعدام الظالم ثلاثة رجال ولا يوجد من يحررنا وينقذنا مما نحن فيه من خطر، تعالوا نطلب إلى الله بصلوات القديس نيقولاوس ربما تصل صلواته ويحررنا لأننا لا نعرف شيئا . سمع هذا القول صديقاه فصرخوا معاً (( أيها الرب إله أبينا نيقولاوس الذي أنقذ الثلاثة رجال الأبرياء في ميرا أسرع يأرب ولا تمرر هذا الظلم ولا تنسانا في خطر الموت نجنا من أيدي أعدائنا أسرع لمعونتنا لأننا غداً سنعدم )) هذه الكلمات وغيرها قالها القادة الثلاثة وتوسلوا إلى الله. رأى الرب الظلم وأراد أن يمجّد القديس فماذا فعل ؟ في تلك الليلة وقبل شروق الشمس ظهر القديس نيقولاوس للملك قسطنطين وقال له :(( أيها الملك قم وحرر الرجال الثلاثة الذين حكمت عليهم بالموت وإلا أطلب من الله أن يحرمك حياتك )) فقال الملك : (( من أنت الذي تهددني؟ وكيف دخلت إلى القصر؟ )) فأجاب القديس : ((أنا مطران ميرا وأرسلني الله حتى أحرر الرجال الثلاثة المظلومين ))، فنهض الملك قسطنطين . وذهب القديس نيقولاوس إلى الوزير أفلافيون وقال له :(( يا أفلافيون أيها المخدوع بعقلك لماذا أخذت نقوداً وظلمت رجالاً ثلاثة؟ رجالاً لم يخطئوا بشيء حررهم بسرعة وإلا سأطلب إلى الله أن يحرمك حياتك )) فسأله أفلافيون عن اسمه فقال :((أنا نيقولاوس أسقف ميرا)) فنهض أفلافيون ولم يعرف عن ماهية الرؤيا .

وما إن نهض أفلافيون حتى أرسل الملك قسطنطين يطلبه وعندما وصل قال له الملك عن الرؤيا وقال أيضاً الوزير عما رأى أيضً ، فقال الوزير: دعنا نحضر الرجال الثلاثة ونمتحنهم، وعندما جاء الرجال الثلاثة قال الملك : (( ما السحر الذي فعلتموه حتى رأينا أحلاماً مزعجة لم نستطع النوم منها )) فنظر كل إلى صديقه ببكاء ودموع وقالوا لم نفعل شيئاً. وعندما رأى الملك الرجال خائفين ولم يستطيعوا التكلم فقال لهم: (( لا تخافوا أن تتكلموا مع صديقكم الملك )) فقالوا :(( أيها الملك نحن لا نعرف سحراً ولا كلاماً مراً قلناه ضد حكمكم الملوكي، ويشهد علينا الله وحده الذي يرى كل شيء أننا لم نفكر يوماً بالشر تجاهكم ونرجوك يا صاحب الجلالة ألا تحزننا وتحزن أهلنا لأنهم علمونا أولاً أن نعبد ونحترم الله وبعد ذلك أن نحب الملك وهذا ما كان نصب أعيننا عندما أرسلتنا إلى فريجيا إلى التريفاليين وبمعونة الله عملنا إرادتك متأملين أن تكرمنا والآن ألا ترى عدم الاحترام فقط بدل التكريم وإنما الحكم بالموت أيضاً )). قال لهم الملك بعد أن حن قلبه :((الآن أي قديس كنتم تطلبون شفاعته هذه الليلة وأنتم في السجن )) فأجابوه :((أيها الملك الطويل العمر كنا نطلب معونة الله صارخين وقائلين يأرب يأرب إله أبينا نيقولاوس الذي خلص الرجال الثلاثة الأبرياء في ميرا نجنا أيضاً من هذا الموت )) .وعندما سمع الملك اسم نيقولاوس قال ( ومن هو نيقولاوس الذي تتكلمون عنه؟ وكيف خلص الرجال الثلاثة الأبرياء في ميرا قولوا لي )، فأجاب نيبوتيانوس الملك وقال له: بينما كنا ذاهبين إلى فريجيا الكبرى لتأديب التريفاليين رسينا في ميرا بسبب سوء الأحوال الجوية وهناك جاء أسقف ميرا وأكرمنا واهتم بنا إنه رجل فاضل وقديس وقد ملأ المكان بعجائبه التي يفعلها كل حين وما إن خرجنا من عنده حتى جاء رجل وامرأة يبكون عند رجلي القديس نيقولاوس راجين أن ينقذ الرجال الثلاثة وكانوا أقرباء لهما وقد حكم ليهم الحاكم أفستاثيوس مندوبكم في ميرا بالموت وكان الحاكم قد أخذ رشوة في حكمهم حسب قول أقربائهم وأنه جمع شهوداً لذلك وكانوا شهود زور، فسار القديس نيقولاوس إلى مكان التنفيذ وفي اللحظة الأخيرة أمسك البلطة التي كانت ستنزل على هؤلاء الأشخاص الأبرياء وأنقذهم واعترف الحاكم بخطئه وطلب المسامحة ونحن طلبنا معونته طوال الليلة الماضية وكما أنقذ هؤلاء الفتية أنقذنا أيضاً). وعندما سمع الملك هذه الأقوال قال لهم 🙁 إني أمنحكم حياتكم ، وبسبب ذلك الأسقف تحررتم من الموت ، فصيروا عنده رهباناً وقولوا له إني سمعته وأطعت أوامره وأرجوا ألا يخيفني )) قال هذا وأعطاهم إنجيلاً من الذهب ومبخرة ذهب مرصعة بالجواهر وشمعدانين من ذهب وقال لهم : اذهبوا بهذه وضعوها في الكنيسة التي يصلي فيها الأسقف نيقولاوس . وما إن استلموا هذه حتى ذهبوا إلى القديس وصاروا رهباناً ووزعوا أملاكهم على الفقراء وعلى أهلهم وأقاربهم .

معجزة إكثار الحنطة :

وحدث على عهده جوع شديد، وكانت سفن الإمبراطور تنقل الحنطة من الإسكندرية إلى شواطئ آسيا الصغرى، فالتمس مار نيقولاوس قبطان إحدى هذه السفن ليهبه مائة برميل كبير من الحنطة بغية إعانة أبناء أبرشيته، وحالما وافق القبطان على ذلك، شاهد الحاضرون ملائكة تفرّغ الغلة إلى الميناء، ومما زاد من دهشتهم أن حمولة السفينة لم تنقص أبداً رغم إنزال الكمية المطلوبة من الغلة إلى أرض الميناء، فمجدوا اللّـه الذي أنعم على القديس مار نيقولاوس بعمل المعجزات.

مواقف حاسمة ضد الوثنية

كان القديس يأخذ مواقف حاسمة ضد الوثنية. وقد دمرت المعابد والهياكل في مدينة ميرا بفعل صلوات القديس وخرج منها الشياطين، ومن بين تلك الهياكل هيكل عظيم وضخم في طوله وعرضه وارتفاعه وهو هيكل الإله ( أرطاميس ) فصلى القديس وإذا بالأصنام تقع وحدها وتسقط كما تسقط أوراق الشجر في فصل الخريف فخرجت الشياطين قائلة: (( ماذا فعلنا بك أيها القديس نيقولاوس كنا نخدع الناس ونقودهم إلى عبادة الآلهة الكاذبة فأين سنذهب الآن )) ، لكن القديس أجابهم: (( اذهبوا إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته )) وبهذه الطريقة تنقت رعيته من تلك الهياكل الوثنية .

انتقاله ونقل ضريحه إلى أوربا:

في السادس من شهر كانون الأول من عام 341، انتقل القديس مار نيقولاوس إلى الأخدار السماوية وله من العمر ثمانون سنة، وقضى منها أكثر من أربعين سنة في خدمة الأسقفية في ميرا، ودُفن جسده الطاهر، بإكرام كبير في أحد مرتفعات مدينة ميرا، وكما اجترح عجائب في حياته، كذلك اجترحت على ضريحه عجائب عديدة! فصار ضريحه مزاراً يتبرك به المؤمنون القادمون من أماكن شتى، كما تشفع به المسيحيون في الشرق، كذلك تشفع به المسيحيون في الغرب، إذ نقلوا ضريحه الطاهر عام 1087م من مدينة ميرا عاصمة إقليم ليفيا في جنوب تركيا، إلى مدينة باري في إقليم إيوليا في إيطاليا وتعيد له الكنيسة في 6 كانون الأول المصادف 10 كيهك القبطي. توجد كنيسة باسم القديس نيقولاوس ، بنها، مصر

مار نيقولاوس في الكنيسة السريانية :

تكرّم الكنيسة السريانية القديس نيقولاوس أي مار زوخي مع سائر القديسين السريان وشيَّدت كنائس عديدة على اسمه في أماكن شتى، وقد جاء في السنكسار القبطي الأرثوذكسي ما يأتي: «اليوم الخامس عشر من شهر برمودة المبارك تعيد الكنيسة بتذكار تكريس أول هيكل بناه النصارى (السريان) المقيمون في أرض مصر للقديس نيقولاوس أسقف ميرا وهو أحد آباء مجمع نيقية الثلاثمائة والثمانية عشر” .

عجائبه بعد رقاده  :

بنى المسيحيون في مدينة ميرا كنيسة على اسم القديس نيقولاوس العجائبي وبدأ يتوافد عليها الزائرون من كل ناحية وفي أحد الأيام ركب بعض المسيحيين السفينة ليأتوا إلى ميرا من أجل التبرك ببقايا القديس المكرمة في ميرا . لكن الشيطان الذي لا يريد أن يأتي ويتبارك لبقايا القديس المكرمة ماذا فعل؟

  1. دمّر الهيكل الوثني الذي لأرتيميس كما ذكرنا سابقاً وهربت جميع الشياطين صارخة وباكية قائلة

(( ظلمتنا أيها الظالم نيقولاوس )) . لذلك فأول شيطان خرج أراد أن يسيء إلى هيكل القديس نيقولاوس فحول الشيطان منظره إلى منظر امرأة حسناء وفقيرة حاملة وعاء من الزيت وفي ساعة صعود المسيحيين إلى المركب ظهر لهم الشيطان الذي في منظر امرأة قائلاً :(( أين أنتم ذاهبون يا إخوتي )) فأجابوها إلى مدينة ميرا لكنيسة القديس نيقولاوس فقال لهم الشيطان الذي بشكل امرأة : ((أرجوكم أن تأخذوا هذا الوعاء المليء بالزيت حتى تضيئوا قناديل الكنيسة فإني أقدمه بسبب خطايا نفسي لأني لا أستطيع المجيء معكم لخوفي من البحر الذي يدوخني فخذوا هذا الوعاء وسيكون لخيركم وخيري )) فأخذ البحارة الوعاء دون معرفة ألاعيب الشيطان . وفي منتصف الليل ظهر نيقولاوس على الربان وقال له :(( الوعاء الذي أعطتكم المرأة عند ظهور الفجر ألقوا به في البحر لأنه من ألاعيب الشيطان كي تحترق كنيستي ولا تخافوا لأني سأساعدكم حتى لا يحدث لكم شيء )) . وفي الصباح تحدث الربان عما شاهده في رؤيته ورمى بوعاء الزيت في البحر وفي الحال صعد لهب كبير ودخان كثيف من البحر ونتنٌ كأنه رائحة كبريت وهاج البحر وعلت الأمواج وبدأت المركب تتأرجح وصارت في خطر حتى أن الماء بدأ يدخل في المركب عندها فقد الجميع الأمل بالنجاة ومن شدة الخوف انكبوا على وجوههم باكين صارخين (( أيها القديس نيقولاوس أسرع لإغاثتنا لأننا نغرق )) وفي الحال سكن البحر ومجّد البحارة الله والقديس نيقولاوس على معونته .

  1. كان في القسطنطينية رجل مسيحي مؤمن وتقي كان يحب القديس نيقولاوس محبة هائلة وفي يوم من الأيام أراد أن يسافر في عمل له فذهب أولاً إلى هيكل القديس نيقولاوس وصلى من صميم قلبه ، فودع أقاربه وأصدقائه وصعد إلى المركب وفي حوالي التاسعة ليلاً صعد البحارة ليربطوا الأشرعة بسبب العاصفة وصعد لقضاء حاجة ما على ظهر السفينة ، وبينما كان البحارة يديرون السارية انقلب الرجل المسيحي وسقط في البحر ومع أن البحارة شعروا بالحدث لكنهم لم يستطيعوا عمل أي شيء من أجله لأن الليل كان مظلماً وهم مشغولون بالسارية والريح كانت شديدة وتأخذ السفينة إلى العمق لكنهم أسفوا لموته وبكوا كثيراً .

بدأ الرجل المسيحي بالغرق وهو في الماء وبكامل ثيابه قال في قلبه صارخاً :(( أيها القديس نيقولاوس ساعدني )) وياللعجيبة ، عجائبك كثير ولا تدرك يارب ، فجأة وجد هذا الرجل في بيته ولم يشعر الرجل بذلك وفكر أنه كان قلبياً في بيته لكنها كانت حقيقة محسوسة وكان يصرخ (( يا قديس نيقولاوس ساعدني )) نهض أهل بيته وأشعلوا المصابيح وكذلك الجيران وأهل المنطقة واستيقظوا على الصراخ وذهبوا إلى بيته ، وإذا بهم يروه وسط عائلته يصرخ وثيابه مبلولة بمياه البحر وأمام هذا الحدث العجيب وقف الجميع مندهشين وغير قادرين على الكلام لكن الرجل المسيحي صرخ :(( يا أخوة ما الذي أراه ؟! كل ما أعرفه أنني ودعتكم البارحة حوالي الساعة التاسعة وصعدت المركب وبسبب العاصفة الشديدة ذهب المركب إلى العمق كثيراً وفي الهزيع الثاني أو الثالث من الليل ذهبت لقضاء حاجة لي على السطح وعرقلت من قبل البحارة وسقطت في البحر وصرخت إلى القديس نيقولاوس للمساعدة فوجدت نفسي في البيت ، كيف حدث هذا لا أدري أرجوكم أن تساعدوني )). وعندما رأى المسيحيون ماء البحر يتساقط على ثيابه دهشوا من العجيبة وفرحوا مع الرجل الذي أنقذ وبكوا مدة من الزمن قائلين :(( ارحمنا يأرب )) ، لبس الرجل المخلَّص ثياباً جديدة وذهب إلى الكنيسة المسماة بكنيسة القديس نيقولاوس صلى باقي الليل متكئاً إلى وجهه وعندما حانت صلاة السحر واجتمع الشعب للصلاة كالعادة أصبحت عجيبة القديس معروفة للجميع لأنه عندما أتت ساعة التبخير تبخروا من البخور والروائح التي أحضرها الرجل المخلّص المؤمن وأصبحت الكنيسة تضي ضوءاً شديداً وكأنها شعلة ضوء فتساءل الجميع عن السبب فقيل لهم العجيبة التي صارت مع الرجل المؤمن وكيف خلص من الغرق فمجد الجميع الله وشكروا القديس نيقولاوس .

شاع خبر العجيبة إلى الملك والبطريرك وفي كل المنطقة فدعي الرجل الذي خلّص من الغرق أمام الجميع فقص عليهم الرجل ما حدث له بالتفصيل فصرخ المجتمعون قائلين :(( عظيم أنت يارب وعظيمة هي أفعالك و لا يستطيع أحد أن يخبر بقوة وتسبيح عجائبك )) . عندها خبّر بهذه العجيبة في كل المناطق فاجتمع المسيحيون في كنيسة القديس نيقولاوس وعملوا زياحاً حول الكنيسة وسهرانية فمجدوا وباركوا الله وقدموا الشكر الواجب للقديس نيقولاوس الذي خلصه .

 سانتا كلوز :

بعد نياحته كان الكثيرون يتخذونه شفيعًا لهم، وكان المسيحيون في ألمانيا وسويسرا وهولندا يتبادلون الهدايا باسمه في عيد الميلاد المجيد. انتشر هذا التقليد في أمريكا بعد ذلك بفعل البروتستانت الهولنديين، إلا أنهم حَوّلوا صورة القديس إلى صورة ساحر أسموه سانتا كلوز

Santa Claus = Sint Klaes = Saint Nicholas.

العيد يوم 6 ديسمبر.

صورة سانتا كلوز

وأما الصورة المعروفة لسانتا كلوز فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكي كليمنت كلارك مور، الذي كتب قصيدة “الليلة السابقة لعيد الميلاد

” (The Night Before Christmas)

عام 1823. وجميع الناس يحبونه في جميع إنحاء العالم ويأتي ذكره مع رأس السنة الميلادية

أما الصورة الحديثة لبابا نويل

فقد ولدت على يد الشاعر الأمريكي كلارك موريس الّذي كتب سنة 1823 قصيدة بعنوان “الليلة التي قبل عيد الميلاد” يصف فيها هذا الزائر المحبّب ليلة عيد الميلاد.

وفي عام 1881، قام الرسام الأمريكي توماس نيست في جريدة هاربرس بإنتاج أول رسمٍ لبابا نويل، كما نعرفه اليوم، ببدلته الحمراء الجميلة وذقنه البيضاء الطويلة وحذائه الأسود اللامع!! ويقال أن ذلك كان ضمن حملة ترويجية لشركة كبرى ربما تكون كوكاكولا!! ومن وقتها انتشر بابا نويل في ثوبه الجديد (نيو لوك) وصار من اشهر الشخصيات التي يحبها الأطفال في كل أنحاء العالم.. ومع تغير المكان تخلى (سانتا كلوز) عن حماره الذي كان يحمل عليه الهدايا والألعاب ليمتطي زحافة على الجليد يجرها ثمانية غزلان يطلق عليها حيوان (الرنة) ذو الشكل المميز.

وتروي الحكايات أن (بابا نويل) يضع للأطفال الهدايا داخل (جوارب) صوفية يضعونها فوق المدفأة في منازلهم حيث كان يتسلل (بابا نويل) من خلال فتحة المدفأة حتى لا يراه الأطفال ليلا ويفاجأون بالهدايا في الصباح فيتملكهم السرور أكثر وأكثر.

أسماء بابا نويل

هذه جولة نتعرف من خلالها على الاسم الذي يطلق على بابا نويل في البلدان والثقافات المختلفة حول العالم…..

في الولايات المتحدة الأمريكية يطلقون عليه:

Santa Claus سانتا كلوز Father Christmas أبو عيد الميلاد  Saint Nicholas القديس نيقولا   Kris Kringle كريس كرينجل

المملكة المتحدة وأستراليا يطلقون عليه:

Santa Claus سانتا كلوز. Father Christmas أبو عيد رأس السنة.

فرنسا: Papa Noël, le Père Noël

إيطاليا: Babbo Natale

إسبانيا: Papa Noel

البرتغال والبرازيل: Papai Noel

ألمانيا: Weihnachtsmann, Nikolaus

كندا: Santa Claus, Le Père Noël

روسيا:Дед Мороз = ديد موروز

اليونان: Άγιος Βασίλης = Ayos Vasilis

النمسا وسويسرا: Christkind

السويد: Jultomten

الدنمارك: Julemanden

النرويج: Julenissen

هولندا: Kerstman

فنلندا: Joulupukki

إيسلندا: Jolasveinn

إيرلندا: Daidi na Nollag

بلجبكا: Père Noël, Santa Claus, Kerstman

بولندا: Świety Mikołaj

رومانيا: Moş Craciun

هنغاريا: Mikulas، Télapo

أوكرانيا: Дед Мороз =ديد موروز

صربيا: Деда Мраз= Deda Mraz

مالطا: San Niklaw

بلغاريا:Дядо Коледа =Dyado Koleda

سلوفينيا: Bozicek

كرواتيا: Djed Bozićnjak

التشيك: Jesisek

إستونيا: Jouluvana

مقدونيا: Dedo Mraz

ألبانيا: Babadimër

أرمينيا: Gaghant Baba

تركيا: Noel Baba

اليابان: Hoteisho, Santa Kuroosu

الصين: Sheng Dan Lao Ren

كوريا: Santa Harabeoji

الهند: Ganesha

الوطن العربي: بابا نويل=Papa Noel

الخاتمة :

إن سيرة مار نيقولاوس حافلة بالأمور الغريبة العجيبة التي لا تخلو من اللغو والمبالغة ومن إضافات دسّها النساخ فشوَّهت الحقائق وأربكت المؤرخين وشككت أحياناً المؤمنين. ومع ذلك، فالقصة مليئة بالمعجزات الباهرات التي تعتبر حقائق تاريخية صادقة، اتفقت على صحتها نصوص القصة بلغات شتى. ولكثرة العجائب التي أجراها اللّـه تعالى على يدي القديس نيقولاوس في حياته، وبشفاعته بعد انتقاله إلى كنيسة الأبكار المكتوبة أسماؤهم في السماء، نقول: لكثرة هذه العجائب دعي القديس نيقولاوس بـ (صانع العجائب)، فقد أقام موتى، وأشبع جياعاً وهدأ بحراً هائجاً كما اشتهر بعمل الإحسان وبتوزيع الصدقات على الفقراء. فقد باع كل ما كان له وما ورثه عن والديه، ووزعه على المساكين، طبقاً لوصية الرب الموجهة إلى الراغبين في الكمال، كما اهتم بالمعوزين وهو أسقف. ومن وحي سيرته الفاضلة وأعمال الرحمة التي قام بها، ومن محبته للأحداث، اتخذ كشخص وهمي يوزع الهدايا في عيد الميلاد المقدس وسمي (سانتا كلوز) أو (بابا نوئيل) والاسم سانتا كلوز جاء من اسمه بالإنكليزية سانت نيكولاس Saint Nicholas وقد حور هذا الاسم إلى (سانت كلوز) Saint Claus واسمه السرياني (مار زوخي) يعني: الفاضل المنتصر والظافر والنقي الطاهر.  فبشفاعات العظيم في القديسين نيقولاوس الصانع العجائب يا يسوع إلهنا ارحمنا ولربنا المجد دائمًا أبديًا آمين.

المراجع

قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض شخصيات كنسية” للقمص تادرس يعقوب ملطي.

السنكسار القبطي.

قصة مار نيقولاوس أسقف ميرا المعروف بين القديسين السريان بمار زوخي ـ بقلم قداسة سيدنا البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص الكلي الطوبى .

موقع شبيبة القديس نيقولاوس العجائبي – أسقف ميراليكيا من مدينة بيت جالا (الأرض المقدسة)

موقع شبكة القديس سيرافيم ساروفسكي الاورثوذكسية

ويكيبيديا، الموسوعة الحرة.