العلاَّمة توت والتقويم القبطي – الأستاذ جوزيف ممدوح

كارت التعريف بالكتاب

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
0.88MB

 

 

تحميل الكتب مجانا :

1- الموقع الرسمي للمكتبة الإلكترونية للباحث جوزيف ممدوح هو :

http://joseph-mamdouh.blogspot.com.eg/

2- موقع الكنوز القبطية –  الإعمال الكاملة – الشمامسة والخدام والخادمات –  الأستاذ جوزيف ممدوح توفيق

https://books.coptic-treasures.com/authors/deacons/goseph-mamdoh/

3- أرجو القاري الكتابة لي علي عنواني التالي لأبداء آرائه وملاحظاته البناءة  عبر الفيس بوك :

https://www.facebook.com/joseph.mamdouh.israel

 

مقولة عجبتني

“يا قارئ لا تبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب

يا مارا على قبري لا تعجب من أمري بالأمس كنت معك وغداً أنت معي

أموت ويبقى كل ما كتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ كلامي دعالي”

 

 

 

 

العلاَّمة “توت”

مقدمة

نعيش في الكنيسة علي التقويم القبطي في كل أعيادها واحتفالاتها وأيضا في التعامل الطبيعي نسمع علي اسم شهور قبطية ولا نعرف قصتها ولماذا هذا اسمها ولا من وضع هذا التقويم ، وهل هو تقويم شمسي ام تقويم نجمي ولماذا يختلف عن التقويم الميلادي لذلك سوف أضع أمامك أيها القاري نبذه عن التقويم القبطي واضعه  العلامة توت.

وبعد شكري لربي ومخلصي يسوع المسيح علي فضله اود اشكر كل من شجعني لكتابة هذه الدراسة. كما اشكر كل من نقلت عنه ومن قام بمراجعتها وابدي ملاحظاته علي الشكل والمحتوي.

املأ ان يكون هذا العمل بمثابة ذبيحة حب مقدمة بين يدي الرب يسوع المسيح، لأعبر بها – ولو بفلسين لا غير – عن سكب كل حياتي في خدمته، وخدمة كنيسته المقدسة. ببركة شفاعة العذراء كل حين والدة الاله القديسة الطاهرة مريم، وكل مصاف السمائيين، وصلوات إبائنا الرسل والشهداء والقديسين، وأبينا الطوباوي المكرم قداسة البابا تاوضروس الثاني ، وشريكه في الخدمة الرسولية أبينا الحبيب انبا يؤانس اسقف أسيوط وتوابعها. ولله الآب ضابط الكل، وابنه الوحيد يسوع المسيح مخلصنا، والروح القدس المعزي، كل المجد في كل حين، والي أباد الدهور . أمين.

الباحث

جوزيف ممدوح توفيق

 

العلامة توت

أولا : العلاَّمة “توت” :

هو إنسان مصري نابغة ولد في قرية منتوت التي ما تزال موجودة وتتبع مركز أبو فرقاص محافظه المنيا بصعيد مصر بنفس اسمها القديم. ومنتوت كلمه قبطية معناها مكان توت وموطن توت.

هو اسم العلامة الفلكي المصري الأول الذي أسس التقويم المصري القديم الذي أنفرد به المصريين فتره طويلة من الزمن قبل أي تقويم آخر عرفه العالم بعد ذلك شرقا وغربا. ولقد احتفظ آباؤنا القدماء بجميل ذاك العلامة المصري فدعوا أول الشهور باسمه. بل خلدوه وأجلوه وعظموه ورفعوه إلي مصاف لألهه، وصار (توت)( تحوت) المشرع والقاضي والكاتب العظيم والمخترع هو اله القلم والحكمة والمعرفة والعلوم والفنون والاختراعات ومخترع رموز الكتابة الهيروغليفية المقدسة ومقسم الزمن، ويصور بشكل رجل رأسه رأس طائر اللقلق ممسكا بقلمه يسطر.

وفى قول آخر ‏يحمل‏ ‏اسم‏ ‏الإله‏ ‏المصري تحوت‏ ‏رب‏ ‏القمر‏,‏ وهو‏ موسم‏ ‏فيضان‏ ‏النيل‏ ومقسم الزمن وكانوا يحتفلون به عن بكرة أبيهم بإقامة الاحتفالات العظيمة في أنحاء القطر تعظيمًا لعيد هذا الإله, الذي كان يقع في اليوم الأول منه وظل الاهتمام بهذا العيد قائمًا وبلغ أقصاه في عصر المماليك وكان الاحتفال الرسمي به يستمر أسبوعًا واستمر الحال كذلك حتى ارتقى الظاهر برقوق فأمر بمنع الاحتفال به عام 1100ش لتطرف غوغاء ….. في الاعتداء على ألأقباط, إلى أن أحياه ثانية المرحوم تادرس بك شنودة المنقبادي ولا يزال أقباط مصر يحتفلون به ويسمونه (النيروز) وهي كلمة فارسية معناها اليوم الجديد.  وفي مصر في عهد محمد علي صدر أمره في سنة 1839م باتخاذ التقويم القبطي أساسا لحسابات الحكومة، وكانت تسمية ‘السنة التوتية’ نسبة إلي توت أول شهور السنة القبطية. وفي 4 يوليو 1875م أمر الخديوي إسماعيل باعتماد التقويم الميلادي الجريجوري ­ بجانب التقويم الهجري ­ رسميا من الحكومة ابتداء من 11 سبتمبر 1875 وهو يوافق أول السنة القبطية. ولا تزال مصر تؤرخ بالتقويمين: الهجري لتراثنا العلمي والتاريخي وشعائر الإسلام والانتماء العرب، والميلادي لشئون المعاملات الحياتية الجارية، والاتصال بالعالم الخارجي.

ثانيا: التقويم Pipmerodogion:

التقويم عبارة عن إحصاء الأيام والشهور والفصول والسنوات وتحديدها وربطها بحادثة معينة لتكون دليلا ومرشدا يقارن أو يرتب الحوادث التاريخية. ويرتبط نشاط الإنسان الزراعي والصناعي والتعليمي بالتقويم كما ترتبط الأعياد والمواسم الدينية بالتقويم أيضًا. وقد دل اختبار الأمم التي بلغت شأنا عظيما من الحضارة أن التقويم العلمي السليم هو الذي يصح لمثل هذه الأمم وهو ما ينطبق على التغيرات الجوية، بحيث تقع الفصول المناخية الأربعة في موعدها تماما بلا اختلال أو تصحيف.

 

والإحصاء إما أن يكون عن طريق القمر في وجوهه المختلفة ومجموعها، أو الفترة بين ظهور هلالين متتاليين وتعتبر شهرا قمريا، وتؤلف 12 شهرًا قمريًا سنة قمرية مثل السنة الهجرية.

وإما أن يكون الإحصاء عن طريق دورة الكرة الأرضية حول الشمس فتتكون بذلك السنة الشمسية وقد قسمت هذه السنة إلى فصول وشهور وأيام وساعات.

ثالثا: تقويم قدماء المصريين:

لقد أجمع المؤرخون على أن المصريين هم أول من قسم الزمن فقال أقدمهم، أبو التاريخ هيرودوت Herodotus المؤرخ الإغريقي (قبل الميلاد بحوالي ثلاثة قرون) عن التقويم المصري: (أما ما يتعلق بأمور البشر فالجميع على اتفاق في ذلك وقد كان قدماء المصريين هم أول من ابتدع حساب السنة وقد قسموها إلى اثنيّ عشر قسمًا بحسب ما كان لهم من معلومات عن النجوم. ويظهر لي أنهم أحذق من الأغارقة (اليونانيين) الذين يحسبون شهرا كبيسا كل ثلاث سنين تكملة للفصول. فقد كان المصريون يحسبون الشهر ثلاثين يوما ويضيفون خمسة أيام إلى السنة لكي يدور الفصل ويرجع إلى نقطة البداية.

وقد بدأ المصريون أولا باليوم وكان يبدأ من منتصف الليل ويستمر إلى منتصف الليل الذي يليه ثم عرفوا الشهر الهلالي ولاحتياجهم إلى فترة زمنية معلومة تربط بين اليوم والشهر نظموا الأسبوع.

 

ويذكر المؤرخ ديون كاسيوس DION CASSIUS أن المصريين سموا الأيام السبعة بأسماء السيارات وهى زحل المشترى المريخ (4) الشمس (5) الزهرة (6) عطارد (7) القمر.

+ أخذ الرومان هذه التسمية منهم أطلقوا على الأيام التسميات التالية:

يوم الشمس Sunday الأحد
يوم القمر Monday الاثنين
يوم المريخ Tuesday الثلاثاء
يوم عطارد Wednesday الأربعاء
يوم المشترى Thursday الخميس
يوم الزهرة Friday الجمعة
يوم زحل Saturday السبت

 

وقد حفظت هذه التسميات بين الأمم الأوربية إلى اليوم. غير أن المصريين ولو أنهم استعملوا الأسبوع واخترعوا تسمية للأيام إلا أنهم اكتفوا بتسميتها بالأول فالثاني….. إلى السابع.

وبعد أن انتهوا من ترتيب الأسبوع وأيام الشهر القمري على ما ذكرنا راحوا يراقبون التغيرات المناخية والزراعية والفيضان . فاستدلوا منها على أن الاعتماد على القمر لا يرتبط مع الدورة المناخية والزراعية والفيضان فاستبعدوا من حسابهم الاعتماد على القمر كأساس للتقويم ، واكتشفوا السنة الشمسية وقسموها إلى اثنيّ عشر شهرًا ورمزوا للسنة بهذه العلامة ولفظوها rompi . أما الشهر ويسمونه dbot فقسموه إلى ثلاثين يوما ثم قسموا الشهر إلى أسابيع. قسموا اليوم الذي يسمونه ehcr أوehoou أربعة وعشرين ساعة وأطلقوا عليها اسم otnou  وقسموا اليوم إلى ستين دقيقة وأطلقوا على الدقيقة اسم dt أوcoucou وقسموا الدقيقة إلى ستين ثانية وأطلقوا على الثانية اسم hnt وقسموا الثانية إلى ستين ثالثة وأطلقوا عليها dnt وهكذا مما هو مشروح على الآثار.

رابعا: السنة النجمية :

المصريون القدماء  – (العلامة المصري توت) – وقد شهد لهم الأولون والآخرون بالبراعة في علمي الفلك والطبيعة وفي رصد النجوم وإبداع التقويم. لم ينظموا تقويمهم بطريق الصدفة بل إستنبطوه بحكمة بالغة ومقدرة فائقة من طول المدة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم (سبدت) عند قدماء المصريين هو بعينه نجم ألفا من مجموعة نجوم كلب الجبار المعروف باللغات الأوربية:

 A Canis Majoris The Dog star

وهو بعينه نجم سيريوس ( Sirius) كما أنه بعينه نجم سوذس ( Sothis) وهو تحريف يوناني للاسم المصري (سبدت) وهو كذلك بعينة نجم الشعري اليمانية عند العرب. وهو ألمع النجوم في السماء وهو واحد من مجموعة نجوم كلب الجبار

 (Canis Majoris The Great)

وورد‏ ‏اسم‏ ‏هذا‏ ‏النجم‏ ‏في‏ ‏معظم‏ ‏المتون‏ ‏المصرية‏ ‏القديمة‏ ‏علي‏ ‏أنه‏ ‏يجلب‏ ‏الفيضان‏ ‏نفسه‏ ‏للبلاد‏, ‏وأنه‏ ‏أيضا‏ ‏صورة‏ ‏حية‏ ‏من‏ ‏صور‏ ‏الإلهة‏ ‏الأم‏ ‏إيزيس‏, ‏لذلك‏ ‏احتفل‏ ‏به‏ ‏المصريون‏ ‏وقدسوه‏ ‏وعبدوه‏, ‏ونلاحظ‏ ‏أنه‏ ‏في‏ ‏العصر‏ ‏اليوناني‏ ‏الروماني‏ ‏تم‏ ‏الجمع‏ ‏بين‏ ‏الصورتين‏ ‏معا‏, ‏وصنعوا‏ ‏تماثيل‏ ‏من‏ ‏الطمي‏ ‏المحروق‏ ‏تمثل‏ ‏إيزيس‏, ‏وهي‏ ‏تركب‏ ‏فوق‏ ‏الكلب.

إذن السنة القبطية المصرية ليست سنة شمسية قطعا وليست سنة قمرية وليست نجميه مطلقة وإنما سنة نجمية شعرية لتحديد طولها على أساس طول المدة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم الشعري اليمانية (سبدت عند قدماء المصريين).

وتعتبر الشمس من النجوم التي ترسل بريقاً وضوءا وحرارة إلى الأرض .. والشعري اليمانية نجم أيضا ولكنه أقوى بريقاً من الشمس حيث يبلغ 25 ضعف لمعان الشمس ولكن لبعده يظهر أنه أضعف من الشمس حيث تبعد الشعري اليمانية 2.6 فرسخ نجمي (8.6 سنة ضوئية) عن الأرض ويعتبر نجم الشعري اليمانية أقرب النجوم إلى الأرض. ويرجه بريق ولمعان الشعري اليمانية القوى إلى أنه ليس نجماً واحداً ولكنه  نجمًا ثنائيًا كما يقول الفلكيون أي نجمين ملتصقين وهما :

  • الشعري اليمانية   A ويبلغ كتلتها 2,1 ضعف كتلة الشمس

2 – الشعري اليمانية     B وهي قزم أبيض.

ويقع هذا الثنائي النجمي على خط واحد مع الكلب الأكبر-بيتا والكلب الأكبر-جاما في كوكبة الكلب .

خامسا : مراحل تطور التاريخ عند القدماء المصريين:

المرحلة الأولى:

وتمكن العلامة ‘توت’ في عام 4241 قبل ميلاد المسيح أي في القرن الثالث والأربعين قبل الميلاد من وضع التقويم النجمى عندما رصد بعد من بعد ملاحظات ودراسات دقيقة لحركة الأفلاك وارتباطها بجريان النيل، وقد وجد إن مياه الفيضان تصل إلي هليوبوليس، مركز العلوم الفلكية، في نفس اليوم الذي يظهر فيه النجم الشعري اليمانية (Sirius)، وكان اسمه ‘سبرت’ وان هذه الرحلة السنوية تستغرق 365 يوما وربع يوم، فقسم السنة إلي اثني عشر شهرا بعدد الاثني عشر برجًا الموجودة في منطقة البروج تدور فيها كواكبنا السيارة وتسمى زودياك (Zodiac) وجعلوا كلا منها ثلاثين يوما وخصصوا أربعة أشهر لفصل الفيضان وأربعة أشهر للزراعة وأربعة أشهر للحصاد. ثم أضافوا إليها خمسة أيام سموها الشهر الصغير: Pikouji nabot  وهى التي تسمى أيام النسي فوصل طولها بذلك إلى 365 ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وجعلوا رأس سنتهم يوم أول شهر توت وهو أول شهور السنة القبطية (المصرية) وهو نفسه يوم العيد التقليدي لشروق نجم الشعري اليمانية على الأفق الشرقي قبيل شروق الشمس في يوم وصول فيضان النيل إلى العاصمة منف ولكنهم لاحظوا أن طول السنة عندهم أقصر من طول السنة الطبيعية بدليل أن نجم الشعري اليمانية كان يتقدم ظاهريا سنة بعد أخرى.

وبما أن النجم ثابت فقد كانت أيام الأعياد الدينية والمدنية وعيد رأس السنة أول الأعياد هي التي تحل قبل موعدها بحركة تقهقرية مستمرة وإن كان بفرق ضئيل فهي تشبه في ذلك مبادرة الاعتدالين (precession of Equinoxes) مع الفارق لأنها تنتسب إلى نجم الشعري اليمانية ولا تنتسب إلى الشمس. وقد اشتكى الكاتب المصري إلى الإله آمون أيام الرعامسة في الأسرة التاسعة عشرة من أن أيام الأعياد الدينية تسير القهقرى وكان هذا دائما موضع تأفقه وقد سجل التاريخ لنا هذه الشكوى.

المرحلة الثانية: (إصلاح التقويم):

فى عام 239 قبل الميلاد توصل الكهنة المصريون في أيام حكم بطليموس الثالث ( Euergetes) وزوجته الملكة برينيكى (247-222 قبل الميلاد) إلى إزالة أسباب هذه الشكوى، فقد لاحظ الكهنة التباين بين سنتهم المكونة من 365 يوما فقط والسنة الطبيعية فاجتمعوا في تلك السنة بهيئة مجلس كهنوتي بمعبد مدينة كانوب (بلدة أبو قيرة الحالية) وقد أتوا إليها من جميع المعابد في شطرى الوادى وتناولت أبحاثهم وقرارتهم إصلاح التقويم.

(أ) بحث الكهنة للتقويم ولهم باع طويل في رصد النجوم – فوجدوا أنه إذا طلع نجم الشعري اليمانية (سبدت) شروق الشمس بثوان بحيث يتراءى في الأفق الشرقى قبل أن يخفيه ضوء الشمس وفي مستوى ارتفاع الشمس الطالعة فوق الأفق على خط عرض 30 درجة في نواحي منف وعين شمس – وهذا الوضع يسمى علميا بالشروق ألاحتراقي. ففي هذه الحالة يتقدم نجم الشعري اليمانية ظاهريا بمعدل يوم كل أربعة أعوام وبما أن النجم ثابت فقد كانت الأعياد الدينية عندهم وأولها عيد رأس السنة (يوم أول شهر توت) هي التي تبكر في مواعيد حلولها كل أربعة سنوات على التوالي أي أن سنتهم التي طولها 365 يوما فقط كانت تقل يوما كل أربعة سنوات بسبب أن نجم الشعري اليمانية كان يتقدم ظاهريا يوما كل أربعة سنوات ووجدوا أن نجم الشعري اليمانية دار دورته الظاهرية وعاد إلى شروقه الاحتراقي بعد مرور (365 يوما × 4 سنوات) = 1460 سنة طول كل منها 365 يوما فقط، ولاحظوا بثاقب نظرهم أن اتفاق حدوث الشروق الاحتراقى لنجم الشعري اليمانية مع فجر يوم أول شهر توت (رأس السنة المصرية) قد تم بعد فوات سنة أخرى طولها 365 يوما فقط فاستنبطوا أن كل 1460 سنة طبيعية تعادل 1461 (1460 + 1) سنة طول كل منها 365 يوما فقط.  فلأجل أن يتساوى طول السنة عندهم مع طول السنة الطبيعية النجمية – الشعرية قام الكهنة بتجزئة طول السنة الزائدة وهو 365 يوما فقط على طول السنة الطبيعية وهو طول الفترة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم الشعري اليمانية فكان الناتج هكذا  365 يوما / 1460 سنة طبيعية نجمية – شعرية = 1 / 4 ربع يوم بالضبط أي ست ساعات

) قرر الكهنة في مجلسهم الكهنوتي إضافة ربع يوم سنويا إلى سنتهم المكونة من 365 يوما فقط و6 ساعات متخذين نجم (سبدت) (الشعري اليمانية) أساسا لبناء تقويمهم. فاستقام بذلك الحساب وأصبح ما كان ناقصا من قبل في نظام الفصول والسنة وفى القواعد الموضوعة بخصوص النظام العام لمصر قد أصلح فالفصول تتوالى بنظام مطلق على حسب النظام الفعلي لطقس مصر وزراعة مصر ولا يحدث مستقبلا أن بعض العياد الدينية أو المدنية يحتفل بها في غير مواعيدها الطبيعية. فاتباع سير نجم الشعري اليمانية الظاهري كان هو التطبيق العلمى لحلول الأعياد الدينية والمدنية في مواعيدها الصحيحة على مدار السنة دون تغيير أو تبديل أو تزحزح.

وعرف حينذاك نظام الكبس أي أن كل أربع سنوات يكون ثلاث منها طول الواحدة 365 يوما فقط وسنة واحدة تالية يكون طولها 366 يوما على أن يضاف اليوم الزائد إلى الشهر الصغير أي إلى أيام النسي الخمسة فتصبح ستة.

وفى عام 238 قبل الميلاد صدر مرسوم باسم بطليموس الثالث (Euergetes) أذيع في كل إنحاء البلاد وقد كان الكهنة المصريون هم الواضعون الحقيقيون لهذا المنشور المعروف باسم مرسوم كانوبس (Decree of Canops) وقد نقش على لوحات من الحجر الجيري باللغة المصرية القديمة وهى المسماة باللغة الهيروغليفية أي اللغة المقدسة وكذلك بالخط (الديموطيقى) وأيضا باللغة اليونانية ولدينا منه حتى الآن أربع نسخ منها ثلاث بالقاهرة وواحدة متحف اللوفر بباريس بفرنسا لا تختلف كثيرا الواحدة منها عن الأخرى وأهم هذه النسخ الأربع وأوضحها النسخة التي وجدت بتانيس.

ويعتبر مرسوم كانوبس هذا وثيقة ذات أهمية عظمى لأن الغرض الأساسي منه كما جاء في بعض نصوصه هو تسجيل إصلاح التقويم المصري (القبطي) ونشرة في أنحاء البلاد. وتاريخ هذا المرسوم هو اليوم السابع عشر من الشهر الأول من فصل الشتاء من السنة التاسعة من حكم جلالة ملك الوجهين القبلي والبحري بطليموس الثالث محبوب بتاح ( Euer getes) ويوافق تاريخ صدوره يوم 6 مارس سنة 237 قبل الميلاد وقد جاء في الفقرة الرابعة عشرة (أنه منذ الآن سنضيف يوما كل أربع سنوات إلى خمسة الأيام التي هي شهر النسئ قبل السنة الجديدة حتى يعلم الكل أن ما كان ناقصا من قبل في نظام الفصول والسنة قد تم إصلاحه). ومما لا شك فيه أن علوم الفلك التي ورثها كهنة قدماء المصريين عن أسلافهم كانت كافية لتجعلهم يصيبون الهدف في وضع تصميم السنة الكبيسة.

ولا أنسى أن أقول أن المصريين القدماء -وعلى رأسهم الكهنة- صمموا التقويم المصري تأسيسا على طول الفترة الزمنية للدورة الظاهرية لنجم الشعري اليمانية لأن اتباع طول السنة النجمية الشعرية أفضل بكثير جدا من اتباع طول السنة الشمسية لأنها لا توصل إلى الثبات الذي تتميز به السنة النجمية – الشعرية والدليل على صحة ذلك هو أن التقويم القبطي (المصري) يرجع تاريخ استعمال إلى أكثر من 6000 (ستة ألاف سنة) ويثبت ذلك أن الشهر الصغير أي خمسة أيام النسئ مدونة في نصوص الأهرام Pyramid Texts المعروف أنها ترجع إلى ذلك الزمان السحيق.

وبعد مرور هذه الآلاف من السنين نجد أن التقويم القبطي (المصري) لا يزال ينساب في بساطة وسهولة وانتظام تام متفقا في ذلك مع طقس مصر وفصول مصر وزراعة مصر دون أدنى تغيير أو تبديل أو تزحزح وهنا تتجلى حكمة قدماء المصريين.

سادسا: تسمية الشهور المصرية:

لم يطلق قدماء المصريين على شهورهم في بادئ الأمر أسماء بل اكتفوا بالقول في الشهر الأول ثم الثاني.. الخ بالتعبير عنها بالأرقام ولكن في عهد الفرس في أيام الأسرة السادسة والعشرين وفي القرن السادس قبل الميلاد أطلقوا على كل شهر اسم تذكار عيد معين وقد كانت هذه الأسماء شائعة على أفواه الشعب ولو أنها لم تكن مدونة.

+ وهذه أسماء الشهور والفصول:

توت – بأبة – هاتور – كيهك زمن الفيضان
طوبة-أمشير-برمهات-برموده فصل الزراعة
بشنس-بؤونة-أبيب-مسرى فصل الحصاد
الشهر الصغير (النسئ) فرصة أعياد ومهرجانات

 

سمى المصريون شهورهم بأسماء معبوداتهم

وقسموها إلى ثلاثة فصول كما نراه بالجدول الآتي :

بالقبطي بالعربي
ywout توت
Pawni بابى
aywr هاتور
joixz كيهك
Twbi طوبى
Mesir امشير
Yzmepwy برمهات
Yarmouyi برموده
paswpc بشنس
Pawiii باؤنى
Epeii ابيب
mecwri مسرى

 

  1. الشهر الأول: توت ywout : مشتق من الإله تحوت اله المعارف رب القلم ومخترع الكتابة. ويصور بشكل رجل ذي رأس الطائر المسمى اللقلق0 وفي الأمثال في شهر توت (أزرع ولا فوت) باعتبار أن أول توت شهر الفيضان ويقال (كل رطب توت) (وفي‏ ‏توت‏ ‏لا تدع‏ ‏الفرصة‏ ‏تفوت‏).

2.الشهر الثاني: با أوبى Paoni بابه: وهو متخذ من اسم الإله “بى تب دت” وهو اله الزرع لأنه في أوانه يخضر وجه الأرض بالمزروعات، وكانت له معابد بجهة بنديد بمحافظة قنا شمالي فقط وهى المشهورة الآن باسم بنود أو أبنود وله مركز أخر بجهة تمى الأمديد بمحافظة الغربية وكانت تسمى منديس. يقولوا أن هذا الاسم مأخوذا من اسم الإله “بتاح رس انبف ” أي الشهر المخصص للمعبود بتاح خالق العالم، ومركزه بمنف جهة البدرشين. ويقولون في الأمثال (إن صح زرع بابه غلب القوم النهابه وان هاف زرع بابه ما يبقاش فيه ولا لبابه)

  1. الشهر الثالث: هاتور hatwr أوaywr أثور: وهو اسم إلهة الجمال ملكه السماء والفرح والمحبة والتي يقابلها عند اليونان (أفروديت) وفي مدة هذا الشهر يزداد وجه الأرض بجمال الزراعة وتشبه هذه المعبودة بصورة امرأة ذات رأس بقرة، وأحيانا بصورة بقرة. يقولون في الأمثال (هاتور أبو الذهب المنثور) وأيضا (إن فاتك زرع هاتور أصبر لما السنة تدور)
  2. الشهر الرابع : كيهك jyfn أوjoiazn: وهو مخصص للمعبود كاهاكا (أي عجل أبيس المقدس) أو للمعبودة سخمت أو بست التي تصور بصورة امرأة ذات رأس هرة إلهه الخير , وفي هذا الشهر يطول الليل ويقصر النهار ويقولون في الأمثال (كيهك صباحك مساك تقوم من فطورك تحضر عشاك)

5- الشهر الخامس ” طوبى ” twbi أوtwbe  وهو مخصص للمعبود أمسو ويسمى أيضا خم وهو شكل من أشكال أمون رع اله طيبه بمصر العليا أو اله نمو الطبيعة لأن في أوانه يكثر المطر وتخصب الأرض. وفي الأمثال يقولون (طوبه تخلي الصبية كركوبه من البرد والرطوبة)

6- الشهر السادس ” أمشير ” mesir أوmejir  وهو مخصص لنزول الشمس الكبيرة ويسميه المصريون القدماء rojhour أي (شهر النار أو الحرارة الكبيرة كما يقول عامة مصر حتى الآن نزلت الشمس الكبيرة). مأخوذ من اله الزوابع ويقولون (أمشير أبو الطبل الكبير والزعابيب والعواصف الكثير)

7- الشهر السابع ” برمهات ” vamcnwo أو parmhat وهو مخصص للمعبود مونت اله الحرب ويسمي شهر الشمس وسعير نيرانها وفيه تشتد الحرارة فتنضخ المزروعات بها ولذا سماه المصريون أيضا ronh sera (شهر الشمس) أو (الحرارة الصغيرة). ويقال في الأمثال (برمهات روح الغيط وهات) وأيضا (عاش النصراني ومات ومأكلش اللحمة في برمهات) علي أساس أن الصوم الكبير يقع دائما في برمهات.-

8- الشهر الثامن ” برموده ” varamouyi أو parmoute مخصص للمعبود رنو اله الرياح القارصة أو اله الموت ويصور بصورة أعمى أحيانًا او بصوره أفعى وفي أوانه ينتهي عمر الزرع وتصير الأرض قاحلة. وفي الأمثال(في برموده دق بالعموده)

9- الشهر التاسع ” بشنس” pasionc أوpajwnc مخصص للإله خونسو اله القمر وأحد الثالوث الطيى (نسبة لطيبة) وهو ابن الإله أمون رع و”موت” ويرسم على الآثار حاملا فوق رأسه قرص القمر والهلال وفي أوانه يطول النهار ويقصر الليل ويقولون في الأمثال (بشنس يكنس الغيط كنس).

10- الشهر العاشر ” باؤنى ” pawne أوpawni مخصص للإله خنتى أحد أسماء حورس أو الشمس ومعناه اله المعادن لأن في أوانه تستوي المعادن والأحجار الكريمة ولذا تسميه العامة “باؤنى الحجر”. ويقولون (بؤونه تكتر فيها الحرارة الملعونة)

11- الشهر الحادي عشر ” أبيب “ ep/y أوep/p  مخصص للإله إبيفى أو أبيب وهو الثعبان الكبير الذي أهلكه حورس أو الشمس ابن اوزوريس دلالة على انتقام حورس لأبيه أوزوريس أي النيل من عدوه تيفون أي التحاريق. قيل أن أصله (هوبا) اله الفرح و(هابي) اله النيل ويقولون (أبيب طباخ العنب والزبيب).

12- الشهر الثاني عشر ” مسرى ” mecwr/ مخصص لولادة الشمس أو ما يسمى بالانقلاب الصيفي أو لبرج الثور واسمه من (ماسي) أو الشمس في الأفقين المسماة عندهم هو رما خوتى. ويقال في الأمثال (مسري تجري كل عسره عيد الشهداء )

13- الشهر الصغير: pikouji nabot وهو خمسة أيام في ثلاث سنوات متتالية والرابعة يكون فيها ستة أيام.

مساوئ التقويم القبطي اليوم :

أنه ظل يتبع التقويم اليوليانى الغربي أي قبل تعديل التقويم الغربي .

المثل على أسم الإله المصري التقويم اليوليانى الشهر القبطي
شهر الفيضان – في توت لا تدع الفرصة تفوت تحوت أو جحوتى

 اله القمر والحكمة

من

 11/9-

10/ 10

توت
كان أسم الشهر بالقبطية با أونى بينو تروت أو حابى وهو إله النيلنسبة الى عيد اوبت وهو عيد انتقال الاله امون من معبده فى الكرنك الى معبده فى الاقصر من

 11/10-

9/11

بابة
بذر القمح -هاتور أبو الذهب المنثور أو إذا تركت بذر البذار في هاتور فإنتظر السنة حتى تدور حتحور حاتحور الهة العطاء والحب والموسيقى من

 10/11-

9/12

هاتور
فى كيهك صباحك مساك أبيس الثور المقدس رمز الخصوبة والتناسل

 – ربما مشتق من  كا-حر-كا اى قرين مع قرين

 

من

 10/12-

 8/1

كيهك
شهر برد ومطر وكان يسمى بالقبطية طوبى التى تعنى الغسل أو التنقية أو المطربرد من ماء طوبة – شهر طوبة يخلى العجوزة كركوبة -والله مريتى ياطوبة وما بلتى عرقوبة

 

طوبيا – إله المطرتاعبت وهو ربما اسم لعيد من الاعياد من

9/1-

 7/2

طوبة
شهر برد شديد ورياح – أمشير شهر الزعابيب

 

اشارة الى عيد يرتبط بالاله “مخير”وهو الاله المسئول عن الزوابع من

8/2- 13 أو

 14/3

أمشير
شهر حصاد المحاصيل – فى برمهات روح الغيط وهات

 

نسبة الى عيد يتعلق بالملك امنمحات الاول الذى نال قدسية معينة فى مصر القديمة من

14 أو 15/3

 8 أو 9 /4

برمهات
شهر حر – فى برمودة دق العمودة – الوتد – برمودة (قادمونى) بالقبطى وأسمه بالهيرغليفية باداموت فيه ينتهى الزروع وتتقحل الأرض ولذا يرسم الأفعى المقدسة داموتة رمز على قدم وتجدد الأصل والشئ والأصل فى الأسم نارمودة   أى عبد زامودة آلهة الحصاد الهة الحصاد “رننوتت من

9 أو 10 /4

 8 أو 9 /5

برمودة
بشنس يكنس الغيط كنس أبن أمون إلاه القمرالاله خونسو اله القمر وممثل دور الابن فى ثالوث طيبة من

9 أو 10 /5

 7 أو 8 / 6

بشنس
شهر شديد الحر – شهر بؤونة يفلق الحجر أو بؤونة الحجر – مشتق من كلمة باأونى القبطية تعنى الحجر والمعادن عيد “انت” اى عيد الوادى وهو العيد الذى ينتقل فيه آمون من

8 أو 9 / 6

 7 او 8 / 7

بؤونة
وهو شهر الفيضان – فى ابيب يفور النيل ربما نسبة الى عيد يرتبط بالاله عبب او ابيب من

8 أو 9 /7

 6 أو 7 /8

أبيب
شهر فيضان-أتى من الفعل القبطي ميس ويعنى الوضع أوالخلق- في مسرى تجرى المية في كل ترعه عسرة أو إذا فات مسرى من غير فيضات فلا أمل من غنى فيضان يأتي في توت نسبة إلى مسو-رع اى ولادة رع من 7

أو 8 / 8

 5 أو 6 /9

مسرى
أضيفت ٥ أيام في آخر السنة، اعتبروها بمثابة الأيام التي ولدت فيها المعبودات الخمسة، التي تتكون منها مجموعة أوزوريس وهي: (أوزوريس وإيزيس وست ونفتس وحورس.. أيام النسيء) من

6 أو 7 /9

حتى 10 /9

وهو خمسة أيام فقط (أو ستة أيام فى السنة الكبيسة)

النسئ

سابعا:  تقويم الشهداء

بدأوها بأول يوم من شهر توت أي سنة واحد قبطية للشهداء أي أن التاريخ القبطي ينقص عن التاريخ الميلادي ب 284 سنة ، وهو تاريخ جلوس الإمبراطور الروماني ‘دقلديانوس’ علي عرش روما، وارتكب المذابح البربرية في حق المسيحيين المصريين، حتى جري فيها الدم حتى وصل إلي ركب الخيل وأستشهد في عصره أكثر من مليون قبطي مسيحي، ولتخليد ذكري هؤلاء الشهداء أطلق الأقباط علي هذا التقويم اسم تقويم الشهداء. ولكن تغيرت بداية التقويم القبطي مع التغيرات التي طرأن علي التقويم اليولياني، وأصبحت السنة القبطية تبدأ يوم 11 سبتمبر، ولو راجعت النتيجة التي إمامك فسوف تكتشف ان السنة القبطية ‘1724 ش’ بدأت يوم 12 سبتمبر لان ‘النسيء’ كان ستة أيام وليست خمسة لان السنة الماضية كانت كبيسة.

والحق يقال أن كل الاضطهادات التي شنتها الدولة الرومانية على المسيحية ابتداء من نيرون لتتضاءل إزاء ضراوة ووحشية سلسلة الاضطهادات التي بدأها “دقلديانوس” وأكملها أعوانه.

لقد أصدر دقلديانوس بالاتفاق مع معاونيه في 23 فبراير سنة 303م منشورا يقضى بهدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وطرد جميع ذوى المناصب الرفيعة من المسيحيين وحرمانهم من الحقوق المدنية، وحرمان العبيد من الحرية إن أصروا على الاعتراف بالمسيحية.

كما نص المنشور على معاقبة من يخالف ذلك دون تحديد العقوبة.

كما أصدر دقلديانوس منشورين متلاحقين في مارس سنة 303م يقضى أولهما بسجن جميع رؤساء الكنائس، ويقضى ثانيهما بتعذيبهم بقصد قسرهم على جحد الإيمان.

ولقد استشهد من الأقباط مئات الآلاف من جراء هذه الاضطهادات، ورغم أن دقلديانوس لم يبدأ اضطهاده للمسيحيين إلا سنة 303م إلا أنه لفظاعة هذا الاضطهاد اتخذت الكنيسة القبطية بداية حكم هذا الطاغية وهى سنة 284م- بداية لتقويمها المعروف باسم تاريخ الشهداء.

ويسير تقويم الشهداء على نظام التقويم المصري القديم الذي يتخذ نجم سبدت Spdt (الشعري اليمانية) أساسا لبناء وعدد أيام السنة ويوم الكبير، أي أن كل أربع سنوات يكون ثلاث منها طول الواحدة 365 يوما فقط وسنة واحدة يكون طولها 366 يوما على أن يضاف اليوم الزائد إلى الشهر الصغير أي إلى أيام النسئ الخمسة فتصبح ستة أيام في تلك السنة.

ثامنا:  الأعياد وتقويم الشهداء

رتبت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أعيادها طبقا لتقويم الشهداء وعلى ذلك فإذ نقرأ السنكسار نرى جميع الأعياد (سواء الأعياد السيديه أو أعياد العذراء والملائكة والشهداء والقدسيين) مرتبة على أيام السنة القبطية كلها. كما تجمع كتب الطقوس (سواء كتب الترتيب أو القطمارس) على ما جاء في السنكسار من أعياد وتذكارات.

تاسعا: التقويم الميلادي وتقويم الشهداء

صار تقويم الميلاد مع تقويم الشهداء جنبا إلى جنب في الحساب الواحد، حتى سنة 1582م حيث أجرى البابا الروماني غريغوريوس تعديلا في تقويم الميلاد المعروف بالتعديل الغريغوري.

ولكن ظل تقويم الشهداء كما هو وبموجبه يبلغ طول السنة 365 يوما + 6 ساعات وبهذا يفترق طول السنة الشمسية (الميلادية) وهو (365 يوما + 5 ساعات + 48 دقيقة + 46 ثانية) عن سنة الشهداء بمقدار 11 دقيقة + 14 ثانية، وهذا الفرق يتجمع مع توالى السنين فيصل إلى يوم كامل أي 24 ساعة في كل 128 سنة مما أحدث فرقًا بين التقويم الميلادي وتقوم الشهداء مقداره 13 يومًا في وقتنا الحاضر.

ضبط التقويم القبطي

وتعديل موعد الاحتفال بعيد الميلاد

* مقدّمة:

+ من المعروف أنّّنا ككنيسة قبطيّة نحتفل بعيد الميلاد منذ القرون الأولى في يوم 29 كيهك.. وقد نظّمت الكنيسة ترتيبًا جميلاً لطقس شهر كيهك بآحاده الأربعة من ناحية القراءات والتسابيح استعدادًا لهذ العيد الهام. ولهذا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نغيّر أو نستغني عن هذا الطقس المُفرِح والمُشبِع.

+ كان في الماضي إلى عام 1582م يوم 29 كيهك في التقويم القبطي يتزامن مع 25 ديسمبر في التقويم اليولياني الميلادي.. حتّى تمّ اكتشاف أن الأرض تستكمل دورتها السنويّة حول الشمس في زمن أقلّ قليلاً من الذي كان محسوبًا سابقًا (حوالي 11 دقيقة و14 ثانية)، وبالتالي فهي تتحرّك للأمام إلى نقطة أخرى غير التي بدأنا منها حساب السنة، وتظلّ كلّ سنة تتحرك للأمام في هذه الدقائق والثواني التي لا تُحتَسَب في التقويم القديم.. حتّى وجد العلماء في عام 1582م أنّ الأرض موجودة عند موقع متقدّم عشرة أيّام في مدارها حول الشمس، مِمّا جعلهم ينتقلون بحساب التقويم عشرة أيّام للأمام ليكون متوافقًا مع موقع الأرض السليم، وكان هذا في شهر أكتوبر عام 1582م، فبعد يوم 4 أكتوبر انتقلوا في اليوم التالي إلى 15 أكتوبر مباشرة.. وهو ما عُرِف بالتعديل الغريغوري نسبةً للبابا غريغوريوس بابا روما في ذلك الوقت الذي اعتمد هذا التعديل. وهو تعديل فلكي سليم سيستمرّ العالم عليه إلى نهاية الدهور.. وفيه يتمّ ضبط حساب التقويم الميلادي عن طريق آليّة علميّة دقيقة تتلخّص في إسقاط ثلاثة أيّام كلّ 400 سنة، وإسقاط يوم إضافي كلّ 4000 سنة، وإسقاط يوم إضافي كلّ 20000 سنة.. فيظلّ حساب التقويم متوافقًا تمامًا مع موقع الأرض على مدارها.

+ نتيجة لهذا التعديل الغريغوري صار يوم 29 كيهك يوافق الآن 7 يناير وليس 25 ديسمبر كما كان قبل التعديل، ومتوقّعٌ أن يصير موافقًا ليوم 8 يناير عام 2101م، و9 يناير عام 2201م، و10 يناير عام 2301م.

+ معروفٌ أنّ التقويم القبطي هو أقدم من التقويم اليولياني (الميلادي) المأخوذ عنه، وهو تقويم نجميٌّ وليس تقويمًا شمسيًّا.. وقد وُضِع مبنيًّا على حسابات فلكيّة قديمة خاصّة بزمن الشروق الاحتراقي لنجم الشعرى اليمانيّة.. وهذا التقويم المصري القديم هو تقويم دقيق إلى حدّ كبير، وكان أعجوبة زمانه.. ولكنّه غير متطابق تمامًا مع التقويم الشمسي الميلادي المعمول به في العالم حاليًا..

+ بما أنّ الأرض هي إحدى كواكب المجموعة الشمسيّة، ودوارنها حول الشمس مع وضع محورها المائل هو الذي يحدّد أوقات الفصول الأربعة وأطوال النهار والليل على مدار أيّام السنة، فالأصوب أن يكون التقويم الشمسي بالنسبة لسكّان الأرض هو الأدقّ من أي تقويم آخَر يتبع نجمًا ثانيًا غير الشمس. وعلى هذا يجب ضبط التقويم الآخَر على التقويم الشمسي.. فليس من المطلوب أو من الوارد إلغاء التقاويم الأخري، نجميّة كانت أم قمريّة، بل فقط المطلوب هو ضبطها على التقويم الشمسي باستمرار إن لزم ذلك.

+ جدير بالذِّكر أنّ اليهود الذين لديهم تقويمًا قمريًّا وهو التقويم العبري المشابه للعربي، أعدّوا حسابًا فلكيًّا (يشبه حساب الإبقطي) لضبط مواعيد الاحتفال بأعيادهم.. وهذا الحساب هو مزيج من التقويم العبري والميلادي في دورة من 19 سنة وتتكرّر. أمّا بالنسبة لنا كأقباط فإذا أردنا ضبط التقويم القبطي على التقويم الميلادي فالأمر أسهل بكثير لأن التقويم القبطي النجمي هو قريب جدًّا من التقويم الشمسي الميلادي، وطول السنة القبطيّة يكاد يتطابق مع طول السنة الشمسيّة بنسبة أكثر من 9ر99%.. ولذلك فضبط التقويمين على بعضهما أمر سهل جدًّا ولن يحتاج لحسابات معقّدة.

+ جدير بالذِّكر أيضًا أنّه في القرن الثالث قبل الميلاد، في عهد بطليموس، قد تمّ تعديل وضبط التقويم المصري القديم للمرّة الأولى الذي كانت سنته تتكوّن من 365 يومًا فقط.. فتمّ إضافة ربع يوم كلّ سنة، أو يوم كامل كلّ أربع سنوات.. ومع التقدّم العلمي يظهر لنا الآن الحاجة إلى المزيد من الدقّة في ضبط التقويم بحساب فرق الدقائق البسيط الموجود لتكون السنة القبطيّة متطابقة تمامًا مع السنة الشمسيّة.. وهذا يعني أنّ بإتمام هذا التعديل نحن نسير في الطريق الصحيح نحو ضبط التقويم القبطي بشكل نهائي.

* التعديل مطلوب

+ بقاء الوضع على ما هو عليه الآن، ينتج عنه أنّ موعِد عيد الميلاد يقترب تدريجيًّا من موعِد عيد القيامة، فكيف يمكن أن نحتفل بعيد الميلاد وعيد الغطاس التالي له في أيّام الصوم الكبير؟! أو بعد عيد القيامة؟! هذا بالتأكيد غير مقبول. كما أنّ صوم الرسل قد ازداد بمقدار 13 يومًا عمّا كان عليه قبل عام 1582م، وسيظلّ يزداد.. مِمّا يُشعِر الكثيرين بطوله الزائد وبالتالي يعزفون عن صومه نهائيًّا، وهذا ليس في الصالح روحيًّا.

+ بعد نمو وانتشار الكنيسة القبطيّة في كلّ أنحاء العالم، وبالذّات في الغرب، بدأ الأقباط المهاجرون يحسّون أكثر بمشكلة الفرق بين التقويمين، وأصبح هناك عدم ارتياح من اختلاف مواعيد الاحتفال بعيد الميلاد، مع عدم وجود عطلة للمدارس والأعمال في عيديّ الميلاد والغطاس.. وأصبحنا نضيّع الكثير من الوقت كلّ عام في شرح السبب في هذا الاختلاف بيننا وبين الغرب في موعد الاحتفال.. وقد حان الوقت الآن للارتقاء إلى مستوى “إيجاد حَلّ” بدلاً من البقاء إلى الأبد في مستوى “شرح أسباب الاختلاف”؛ هذا المستوى العقيم الذي يستهلك وقتنا فيما لا يبني روحيًّا ولا يحلّ المشكلة على المستوى الشعبي..!

+ لذلك هدف هذا البحث ببساطة أن نرتقي من الوضع الذي نحن فيه الآن؛ وهو شرح أسباب الاختلاف في موعِد العيد بيننا وبين الغرب، إلى مستوى “تطبيق تعديل بسيط في التقويم القبطي” مبني على أسس علميّة سليمة، وتوضَع له قواعد سهلة ليتوافق تمامًا مع التقويم الميلادي الآن وفي المستقبل أيضًا.

+ قد لا يشعر مَن يعيش في مصر بالحاجّة الماسّة لهذا التعديل، باستثناء المعاناة من طول فترة صوم الرسل، ولكنّ الذين يعيشون في الغرب يشعرون بهذه الحاجّة، وبالذّات الأجيال الجديدة، والأُسَر التي فيها أطراف أجانب انضمّوا للكنيسة القبطيّة.. وخير لنا أن نجتهد في حلّ القضيّة بأنفسنا من الآن بدلاً من خسارة بعض أبنائنا على المدى القريب والبعيد.. والحقيقة أنّ أبناءنا يتعبون من هذا التشويش والاختلافات التي تستهلك جزءًا من اهتمامهم وتضايقهم، وتسبّب شرخًا بين انتمائهم لكنيستهم وانتمائهم لبلادهم الجديدة التي وُلِدوا ونشأوا فيها..!

+ في رأيي أيضًا أنّه من الخطورة أنّ نفكّر بأن تحتفل الكنيسة في المهجر بعيد الميلاد في يوم 25 ديسمبر والكنيسة في مصر تظلّ على يوم 7 يناير (الذي سيتغيّر لاحقًا).. فهذا إذا تمّ سيَقسِم الكنيسة في غضون سنوات قليلة.. وسيوجِد مُشكلة غير قابلة للحلّ بخصوص مدّة الصوم واستكمال آحاد شهر كيهك بالنسبة للكنيسة في المهجر، فكيف نبدأ شهر كيهك يوم 9 ديسمبر وبعدها بحوالي أسبوعين نحتفل بعيد الميلاد..؟ وماذا أيضًا عن موعِد الاحتفال ببعض الأعياد المرتبطة بموعِد عيد الميلاد مثل الختان والغطاس وعرس قانا الجليل ودخول السيد المسيح للهيكل؟! لذلك أؤكّد أنّ موعد الاحتفال لابد أن يكون موحَّدًا في الكنيسة القبطيّة بكلّ أنحاء العالم.. ولعلّ هذا ما دعا بعضًا من أبناء شعبنا بكندا في سبتمبر 2014م عندما طُرِحَت عليهم فكرة الاحتفال بعيد الميلاد في توقيت مختلف عن الكنيسة الأمّ في مصر أن يبدوا عدم قبولهم لمثل هذا الاقتراح.

+ أودّ أيضًا أن أوضّح مدى فرحة وتقدير كلّ أبناء الكنيسة وبالذّات الجيل الثاني والثالث في المهجر بتعديل قراءات يوم 23 كيهك (1 يناير) وإعداد قراءات جديدة لذلك اليوم بمناسبة عيد نياحة داود النبي، بدلاً من استلاف قراءات 8 توت (نياحة موسى النبي).. فقد أحسُّوا أنّ الكنيسة حيّة ونامية ومعاصرة وليست جامدة… وأتوقّع أن يكون أضعاف أضعاف هذا الفرح والتقدير في استقبال تعديل موعِد الاحتفال بعيد الميلاد.. وهذا سيزيد احترامهم وارتباطهم بكنيستهم العريقة الواعية والمتطوِّرة أيضًا..!

* فكرة التعديل

+ تقوم فكرة التعديل على إجراء يتمّ مرّة واحدة فقط، وهو اقتطاع ثلاث عشر يومًا من السنة القبطيّة، في أحد الشهور التي لا يوجَد بها أعياد سيّديّة أو مناسبات كنسيّة هامّة مثل شهر بابه.. وعلى سبيل المثال لو اخترنا يوم 3 بابه (الذي يوافق 13 أكتوبر) فسيتبعه مباشرةً يوم 17 بابه (والذي سيوافق 14 أكتوبر). أو يتمّ اقتطاع الأيام الثلاث عشر الأخيرة من أي سنة قبطيّة، فيأتي 1 توت في اليوم التالي ليوم 22 مسرى. وبهذا سيأتي يوم 29 كيهك موافقًا ليوم 25 ديسمبر كما كان يحدث لقرون طويلة قبل ضبط التقويم الميلادي في عام 1582م..

+ يتمّ اتباع نفس الآليّة المستخدمة في التقويم الغريغوري لضبط فروق الدقائق والثواني في ضبط التقويم القبطي عبر السنين، فيتمّ اقتطاع ثلاثة أيّام من الشهر الصغير كلّ 400 سنة، واقتطاع يوم إضافي كلّ 4000 سنة، واقتطاع يوم إضافي كلّ 20000 سنة.

+ وهكذا بعد هذا التعديل سيتطابق التقويمان تمامًا، ولا يكون هناك مجال للاختلاف نهائيًّا.

* الإعلان عن التعديل وموعِده

+ الأمر في البداية يحتاج لدراسة الاقتراح من اللجان المختصّة في المجمع المقدّس، ولديّ الاستعداد للحضور وشرح كلّ التفاصيل وإجابة الأسئلة، حتّى تتّضح الفكرة تمامًا وتكون مُقنِعة للجميع.

+ في رأيي أنّنا سنحتاج أن نحدّد موعدًا لتنفيذ هذا التعديل، ويُفضَّل أن يكون الإعلان عن موعِد التعديل في نفس يوم اعتماده، ويكون هذا سابقًا لتنفيذ التعديل بحوالي من سنتين لأربع سنوات.

+ في الفترة منذ الإعلان عن قرار التعديل حتّى العمل به هناك بعض الترتيبات الهامّة التي يجب القيام بها.

* ترتيبات هامّة قبل التعديل

أولاً: على المستوى الوطني: يلزم إخطار قيادة الدولة بالتعديل المُزمع إجرائه قبل الإعلان.. مع شرح الأسباب التي دفعتنا لذلك باختصار، ولا أظنّ أن هناك مَن سيعترض، فالجميع يعرفون أنّ الكنيسة القبطيّة هي الحارسة للتقويم القبطي، وهي التي تستعمله في جميع مناسباتها.. وفي هذا الصدد يتمّ طلب تعديل موعِد عطلة البلاد في عيد الميلاد ليكون 25 ديسمبر بدلاً من 7 يناير.

ثانيًا: على المستوى الكنسي: من المهمّ القيام بتوعية كنسيّة للشعب على كافّة المستويات لأسباب وطريقة التعديل، وبعض النتائج المتوقّعة بعد التعديل، وهو ما سنعرض له لاحقًا.. وأتوقّع أن ترحّب غالبيّة الشعب بهذا التعديل في داخل مصر وخارجها..

ثالثًا: على المستوى المسكوني: من المهمّ أيضًا التواصل مع جميع كنائس العالم، وبالذّات الكنائس التي تتبع التقويم القديم، وإبلاغهم بأنّنا سنقوم بهذا التعديل في عام كذا، ونشرح لهم فوائد هذا التعديل على مستوى وِحدة الكنيسة.. وعمومًا فعدد الكنائس الأرثوذكسيّة التي لا تزال تتبع التقويم القديم هو عدد قليل جدًّا، والغالبية تسير حاليًا حسب التقويم الغريغوري الجديد وتعيِّد بعيد الميلاد في يوم 25 ديسمبر.. أمّا بالنسبة للكنيسة الكاثوليكيّة فسيكون هذا التعديل بمثابة مبادرة محبّة مِنّا في اتجاه التقارُب وصولاً للوحدة المنشودة.

* بعض النتائج المتوقّعة للتعديل

ستتحرّك معظم الأعياد السيّدية وجميع أعياد القديسين لتعود لِما كانت عليه قبل عام 1582م.. أي ستصير مبكّرة عن موعدها الذي تعوّدنا عليه الآن بالنسبة لموقعها في التقويم الميلادي.. وهذا سيكون غريبًا عندنا لفترة، ثمّ نعتاد عليه مع مرور السنين، مع ملاحظة أنّها ستظلّ كما هي في التقويم القبطي. ولنأخُذ بعض أمثلة:

* سيعود عيد الختان (6 طوبة) إلى يوم 1 يناير.

* سيعود عيد الغطاس (11 طوبة) إلى يوم 6 يناير.

* سيعود عيد دخول المسيح الهيكل (8 أمشير) إلى يوم 2 فبراير.

* سيعود عيد البشارة (29 برمهات) إلى يوم 25 مارس.

* سيعود عيد دخول المسيح أرض مصر (24 بشنس) إلى يوم 19 مايو.

* سيعود عيد الرسل (5 أبيب) ليكون يوم 29 يونيو، وبالتالي سينقص صوم الرسل 13 يومًا عن الوضع الحالي.

* سيبدأ صوم السيّدة العذراء يوم 25 يوليو (1 مسرى) ويأتي عيدها في 9 أغسطس (16 مسرى).

* سيعود عيد النيروز (رأس السنة القبطيّة 1 توت) ليكون يوم 29 أغسطس، وعيد الصليب 14 سبتمبر.

* سيعود صوم الميلاد أيضًا ليأتي مبكّرًا عمّا تعوّدنا عليه الآن فيبدأ يوم 12 نوفمبر (16 هاتور).

* ستأتي جميع أعياد القديسين التي لن يتغيّر موعدها في التقويم القبطي مبكّرة عن موعدها الذي اعتدناه في السنة الميلادية، فمثلا يعود عيد استشهاد مارمرقس (30 برمودة) ليأتي في 25 أبريل كما كان قديمًا قبل عام 1582م، وعيد استشهاد مارجرجس (23 برمودة) يأتي في 18 أبريل، وعيد استشهاد مارمينا (15 هاتور) يأتي في 11 نوفمبر، وهكذا..

* خاتمة

+ أقدّم هذا البحث المتواضع من منطلَق حبّي لكنيستي القبطيّة الأُرثوذكسيّة، ورؤيتي لمستقبلها الرائد بين كنائس العالم، وحِرصي على وِحدتها، وخلاص وسلام وبنيان كلّ نفس فيها وبالذّات الأجيال الجديدة، ورغبتي في أن نتقدّم ولو خطوة بسيطة في اتّجاه الوحدة مع كلّ كنائس العالم.

+ هذا التعديل لا يتداخل مع أي سعي آخَر لتوحيد موعِد الاحتفال بعيد القيامة.. فهذا شأن آخَر، ويلزم ألاّ يتداخل الموضوعان مع بعضهما، لأن تثبيت وتوحيد موعد عيد القيامة هو مطلب آخَر جدير بالاهتمام ولكنه يحتاج مسارًا مختلفًا في الوصول إليه، مع جهدٍ كبيرٍ في التفاهم مع العديد من الكنائس.. لذلك أرى أن نبدأ بموضوع موعِد عيد الميلاد، فهو مرتبط بضبط تقويمنا وفي متناول أيدينا..!

+ من فوائد هذا التعديل أيضًا أنّنا لن نحتاج لتغيير أي شيء في كتب الكنيسة أو طقوسها أو أعيادها..

+ ضبط التقويم القبطي هو تصحيح فلكي ليس له علاقة بالعقيدة أو الطوائف، ومن المفيد والطبيعي أن يتمّ، سواء في جيلنا أو في أجيال تالية.. ولذلك سيكون حدثًا تاريخيًّا عظيمًا يُحسَب لآباء المجمع المقدّس الحاليين أنّه تمّ في عهدهم. (للمزيد من المعرفة حول الموضوع، يمكن الرجوع لكتاب “التقويم المصري، تطوٌّر حلقاته وضبطه” للأستاذ الدكتور جوزيف صدقي ميخائيل).

+ إذا كانت المشكلة أمام تنفيذ هذا الاقتراح هي عدم وجود اقتناع بالحاجة إلى التعديل في مصر.. فإنّه يلزم الأخذ في الاعتبار أنّ الكنيسة تنمو بسرعة في المهجر. وإذا كان الآن حوالي 20% من الأقباط يعيشون خارج مصر، وأكثر من 25% من الآباء الأساقفة أعضاء المجمع المقدّس يخدمون خارج مصر، فإنّي أتوقّع في غضون العشرين عامًا القادمة أن يتضاعف هذا العدد.. فمن الجميل أن تظلّ الكنيسة جسدًا واحدًا يحسّ أعضاؤه ببعضهم البعض.. لذلك أعتقد أنّ ضبط التقويم سيكون بمثابة لمسة حُبّ تجاه أبناء الكنيسة المُحبِّين في خارج مصر، بل ومبادرة رائعة لصالح مستقبل الكنيسة، ستحافظ على الوحدة الوجدانيّة بين الأُسَر القبطيّة التي يتوزّع فيها الأقارب بين مصر والخارج..!

مناقشة وتوضيحات

عندما نشرت هذا البحث في صورته الأوليّة منذ شهرين على صفحتى الخاصّة على الفيسبوك رحّب به الآلاف.. وجاءني الكثير من التعليقات.. معظمها إيجابيّة، وبعضها سلبيّة.. كما جاءني العديد من التساؤلات..

في البداية أشكر كلّ مَن شارك بالرأي والتعليق، وكلّ مَن أرسل لي رسائل.. وهي كلّها تكشف عن اهتمام ومحبّة وغيرة على مصلحة الكنيسة.. ولذلك يسعدني الآن أنّ أوضّح بعض النقاط والاستفسارات التي وصلتني من القُرّاء الأحباء في شكل سؤال وجواب، لكي تكتمل فكرة البحث المقترحة من كلّ الجوانب.

أولاً: أودّ أن نتّفق على بعض المبادئ الهامّة:

1- الخلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضيّة.. فقد نختلف في رأينا أو نظرتنا للأمور، لكنّ المسيح علّمنا أن نحب بعضنا بعضًا ونحن ملتزمون بالمحبّة التي تتأنّى وترفق، ولا تظنّ السوء، ولا تحتدّ، ولا تتفاخر ولا تنتفخ.. وبهذا يعرف الجميع أنّنا تلاميذ المسيح إن كان لنا حُبّ بعضنا لبعض.

2- الأزمنة والأوقات والتقاويم الفلكيّة المختلفة هي أمور من هذا العالم الفاني وستزول معه.. ونحنّ دخلنا إلى دائرة الحياة الأبديّة منذ معموديّتنا، ويدعونا الإنجيل أن نمسك بهذه الحياة الأبديّة (1تي6) وأن نهتمّ بما فوق إن كُنّا قد قُمنا مع المسيح (كو3).. لذلك فإنّ موضوعاتٍ مثل ضبط التقاويم الزمنيّة هي مجرّد أمور تنظيميّة بسيطة في حياتنا القصيرة على الأرض، ولا يجب أبدًا أن تكون مثارًا للاحتداد أو التجريح أو التشويش على حساب اهتمامنا بأبديّتنا.

3- كلّنا نحب كنيستنا الأُرثوذكسيّة ومتمسّكون بعقيدتنا وطقوسنا ونعيشها في جوهرها وعمقها.. ولكنّ الفهم السطحي أو مجرّد التمسّك بالشكل الظاهري عند البعض يؤدّي إلى الجمود الفكري أو الآراء غير الموضوعيّة.. ولكن عندما يفهم الإنسان ويستنير ذهنه بالمعرفة يستريح تمامًا ويطمئن، بل يكون أكثر قوّة وثباتًا في التمسُّك بإيمانه الأرثوذكسي بدون استعلاء على أحد.. لذلك أهمس في أذن البعض أنّه من المهمّ أن نرتقي من مستوى “نرفض ونشجب وندين..” حتّى دون أن نقرأ جيّدًا، إلى مستوى “نقرأ ونتناقش ونفهم الحقائق معًا”..!

ثانيًا: لنستعرض بعض النقاط المُثارة والتساؤلات حول موضوع ضبط التقويم:

سؤال رقم 1: أخشى أن تغيير موعِد الاحتفال بالعيد سوف يُنقِص من هيبة الكنيسة.. فتصير كنيسةً تابعة، وليست كنيسة قائدة ومميّزة ولها تفرُّدها. ما رأيك؟

الجواب:

الموضوع لا يختصّ بهيبة الكنيسة.. فالهيبة ليست في التقويم الفلكي، لكن في حضور الله في الكنيسة.. في العقيدة والأسرار والآباء القديسين والإيمان المستقيم والتراث الروحي الثمين، وفي حياتنا الروحيّة المقدّسة. والموضوع أيضًا ليس في كَون الكنيسة قائدة أو تابعة، لأنّنا في تعديل التقويم لسنا تابعين لأحدٍ، نحن فقط نصحّح تقويمًا خاصًّا بنا، بعد أن كشف العِلم الحديث أنّ به خطأً بسيطًا جدًّا في الحساب.. نحن سنظلّ كنيسة قائدة في عقيدتها، وتقاليدها الأصيلة، وآبائها العظام معلّمي المسكونة.

سؤال رقم 2: في رأيي أنّه بتغيير العيد سوف نهدم فصولاً كثيرة من الحوارات مع الإخوة الأُرثوذكس من الخلقيدونيين، كما أنّ أي تقارب مع الكاثوليك سوف يُفقدنا تقاربنا مع البيزنطيين وسوف لا نربح منه أي شيء بل نخسر الكثير. ما رأيك في هذا؟

الجواب:

نحن لا نغيّر في العقيدة، بل فقط نضبط تقويمنا الخاصّ، وهذا ليس له دخل في الحوار اللاهوتي مع الكنائس نهائيًّا. بالنسبة للكنائس الخلقيدونيّة: بعضهم عدّلوا تقاويمهم والبعض لا، فمثلا كنيسة اليونان وبلغاريا ومعظم الكنائس الأرثوذكسيّة الشرقيّة قاموا بتعديل التقويم ويحتفلون بعيد الميلاد في 25 ديسمبر، والصِّرب والروس الأرثوذكس يعيّدون في 7 يناير.. وهذه كلّها أمور لا تهمّ على المستوى العقيدي ولا تؤثّر على الوحدة، فتأكّد أنه لن توجَد خسارة على المستوى العقيدي بالمرّة.. الذي أراه في موضوع ضبط التقويم، من وجهة نظر الراعي الذي يهتمّ بأولاده، أن تعديل التقويم سيفيد أولادنا ويعفيهم من البلبلة والتشتيت.. وأؤكّد أن هذا أيضًا ليس على حساب صحّة العقيدة أو حتّى صحّة التقويم، وليس أيضًا من أجل الكاثوليك.. لكنه تعديلٌ سنضرب فيه عدّة عصافير بحجر واحد.. وهو سليمٌ فلكيًّا على كلّ حال.

سؤال رقم 3: ماذا نجني إن أنقصنا الـ13 يومًا؟ لماذا نصحِّح الخطأ بخطأ آخر؟! فالرومان أخطأوا ونحن لكي نحصُل على بعض “امتيازات” مثل الأجازة والأكل الفطاري في هذا الموسم.. نكرر نفس غلطهم؟!

الجواب:

على أي أساس علمي تقول أنّ “التعديل الغريغوري” خطأ؟ وتعتبِر أنّنا في “ضبط التقويم القبطي” سنصحّح خطأ بخطأ. الحقيقة أنّه ليس هناك خطأ في هذا أو ذاك وأقصد “التعديل الغريغوري” و”ضبط التقويم القبطي”.. وليس هدف الموضوع بالطبع هو الأكل الفطاري أو غيره.. دَعنا نكون موضوعيين.. سأشرح لك باختصار الفِكرة الفلكيّة:

1- الأرض تدور حول الشمس في مدارٍ ثابت، وتكمّل دورتها كلّ سنة، أي ترجع لنفس النقطة في المدار كلّ 365 يومًا وستّ ساعات إلاّ 11 دقيقة و14 ثانية.. وعندها بالضبط تكون السنة قد اكتملت.

2- إذا حسبنا أنّ السنة تتكوّن من 365 يومًا ورُبع، أي ستّ ساعات كاملة.. تكون الأرض قد تحرّكت في مدارها عن النقطة التي بدأنا منها حساب بداية السنة لمدة هذه الـ11 دقيقة و14 ثانية أي وصلت على المدار لنقطة مختلفة عن النقطة التي بدأنا منها حساب السنة.. وهنا يوجد الخطأ الواجب تعديله، إذ أنّ حساب السنة لكي يكون صحيحًا يجب أن يبدأ من نقطة ويعود لنفس النقطة على المدار حول الشمس.

3- مجموع هذه الدقائق والثواني التي تتحرّك فيها الأرض للأمام يصنع بعد مئات السنين، أي بعد مئات الدورات حول الشمس، يصنع أيّامًا.. وبالتحديد كلّ 400 سنة تقريبًا يصنع ثلاثة أيام فرقًا، بمعنى أنّه وكأن الأرض قد تحرّكت على المدار للأمام ثلاثة أيام.

4- حين اكتشف العلماء في القرن السادس عشر هذا الخطأ الحسابي بأنّ الأرض في مكانٍ على المدار متقدّمٍ عن المحسوب في التوقيت وقتها (عام 1582م). انتقلوا إلى التوقيت السليم المناسب لمكان كوكب الأرض على المدار فقفزوا من 4 أكتوبر إلى 15 أكتوبر في اليوم التالي، وهذا هو الحساب السليم لوضع الأرض وقتها على المدار. وبالطبع نحن الأقباط كنّا في وادٍ آخَر في ذلك الوقت في عصر مظلم تحت الاحتلال العثماني وبدون أي تواصُل مع العالم المتقدّم، وبالتالي لم نعدّل تقويمَنا، فظلّ الخطأ الحسابي يتراكم في حسابات تقويمنا القبطي.. كمّا أنّ مصر في ذلك الوقت كانت تستعمل التقويم القبطي والهجري فقط، وليس لها علاقة بالتقويم الميلادي الذي تعدّل.. فالتقوم الميلادي دخل لمصر لأوّل مرة في منتصف القرن التاسع عشر، وبدأ العمل به في دواوين الحكومة بدلاً من التقويم القبطي الذي كان مُستعملاً قبل ذلك.

5- في التقويم القبطي الآن فرق في التوقيت، لأنّه بحسب هذا التقويم فإنّ طول السنة 365 وستّ ساعات كاملة بدون حساب الدقائق البسيطة الفارقة، وقد تجمّعت هذه الدقائق والثواني الآن لتصنع فرقًا بين التقويم القبطي والتقويم الميلادي المُعدّل والمعروف بالغريغوري بلغ 13 يومًا وسبع ساعات وبضع دقائق، وسيصير الفارق 14 يومًا في عام 2100 و15 يومًا في عام 2200 وهكذا..

6- من هنا يتّضح أنّ اقتطاع الأيام الذي ذكرته في البحث هو مجرّد ضبط لهذا الخطأ الحسابي في التقويم لمرّة واحدة لكي تتوافق الأيام مع وضع الأرض الحقيقي على مدارها الآن.

أرجو أن تكون الفكرة قد وضحت..

سؤال رقم 4: لقد ثبت بمرور آلاف السنين أنّ التقويم القبطى الذى يتبع نجم الشاعر اليمانى هو أدقّ تقويم، والدليل على ذلك على سبيل المثال إنّ شهر أمشير يُعتَبَر إلى يومنا هذا هو الشهر المناسب لزراعة محدّدة حيث أنّ مواصفاته المناخيّة لم تتغيّر بمرور آلاف السنين، منذ أن ابتُدئ بالأخذ بهذا التقويم وإلى يومنا هذا.. ولا مجال للادعاء بأنّنا نتبع السنة الشمسية لوجودنا فى المجموعة الشمسيّة.. فهل لكم أن تعيدوا النظر فى البحث فى ضوء مكتشفات العلم الحديث؟

الجواب:

+ التقويم القبطي هو تقويم عريق وهو أقدم من التقويم اليولياني الغربي المأخوذ عنه، ولكنّه في حقيقته مرتبط أيضًا بالشمس، فالنجم المقصود يختفي مع شروق الشمس، ولذلك يسمّونه الشروق الاحتراقي لنجم الشعرى اليمانيّة.. ويمكن مراجعة ذلك عِلميًّا من كتاب الأستاذ الدكتور جوزيف صدقي ميخائيل [التقويم المصري – تطوُّر حلقاته وضبطه] إصدار المعهد القومي للبحوث الفلكيّة والجيوفيزيقيّة بالقاهرة 2014م، وبالذّات المقدّمة والباب الثاني والثالث.

+ توقيتات الزراعة دائمًا مرتبطة بالمناخ.. والمناخ مرتبط بدوران الأرض حول الشمس، حيث تتغيّر فصول السنة نتيجةً لهذا الدوران.. لذلك فالمنطق يؤكّد أنّ المواسم الزراعيّة لابد أن تكون مرتبطة بحركة الأرض حول الشمس أي بالتقويم الشمسي.. أمّا لماذا لم يحسّ المزارعون بفارقٍ حتّى اليوم مع وجود خطأ حسابي متراكم في التقويم القبطي، فالسبب أنّ الخطأ ليس كبيرًا حتّى الآن، ومعروفٌ أيضًا أنّ المناخ يتغيّر في الفصل الواحد من يوم إلى يوم، لذلك فموعِد الزرع لا يتحدّد باليوم والساعة، بل يتحدّد في مجرّد موسم معيّن يتراوح بين أسبوع وعدّة أسابيع.. ولذلك ليس ملحوظًا لدى الفلاحين هذا الخطأ الفلكي المتراكم عبر السنين، بل هم فقط يعرفون متى يأتي موسم الزراعة وهو عدّة أسابيع يزرعون أثناءها.. كما لا ننسى أنّ أساليب وأنظمة الزراعة قد تغيّرت كثيرًا عن الماضي، وبعد ظهور الصوبات الزراعيّة صارت الزراعة ممكنة في كلّ فصول السنة..!

سؤال رقم 5: إذا كان يوم 1 توت هو رأس السنة القبطية وهو يوافق ظهور نجم اليمانة الشعرية، فهل بعد التعديل المقترح لن يظهر النجم في 1 توت؟

الجواب:

+ ليست الأمور هكذا.. فلا أحد الآن ينتظر رؤية الشروق الاحتراقي للنجم لكي نبدأ السنة القبطيّة.. فهذه مشاهدات تمّت قديمًا ووُضِع على أساسها بداية التقويم ونظامه بوجه عام.. ولكن الآن مع تقدّم العلم ليس معقولاً أن نعتمد على رؤيةٍ بالعين مثل الذين ينتظرون رؤية الهلال لبداية الشهور في التقاويم القمريّة، فهناك أجهزة حديثة تستطيع تحديد موقع الأرض وهي تتحرّك على مدارها حول الشمس بدقّة متناهية على مدى الساعة.

+ الفرق بين ما تمّ قديمًا من مشاهدات فلكيّة بالعين وما هو متاح الآن بواسطة الأقمار الصناعيّة والتلسكوبات والعلم الحديث، يُشبه الفرق بين تناول بعض الأعشاب الطبيّة في القديم في مقابل تناول دواء حديث بجرعة مضبوطة بأجزاء من الملليجرام مع قياس نسبة الدواء في الدم كلّ ساعة بتحليل متطوّر.. ففي تناول الأعشاب الطبيّة كان يتمّ الشفاء في كثير من الحالات، ولكنّ يظلّ هذا المستوى بدائيًّا في الطبّ بالمقارنة باستعمال الأدوية الحديثة… فمع الفارق في التشبيه، نجد أنّ التقويم المصري القديم هو تقويم دقيق إلى حدّ بعيد، ولكنّه يحتاج لضبط طفيف جدًّا مع تصحيح الخطأ الحسابي المتراكم فيه حتّى الآن، وهذا لا يقلّل من قيمته، ولا يجعلنا نتخلّى أبدًا عنه، بل نضبطه ونلتزم به.

سؤال رقم 6: أيّهما أدقّ التقويم القبطي أم التقويم الغريغوري؟

الجواب:

التقويم الغريغوري هو الأدقّ. لأنّه أحدَث، وتمّ حسابه بوسائل حديثة لمعرفة موقع الأرض بدقّة على مدارها حول الشمس.. وهو مُثبَت الآن بشكل واضح بالدقيقة والثانية وأجزاء الثانية بعد تقدّم العِلم في عصرنا. أمّا التقويم القبطي فلأنه قديم ففيه خطأ زمني بسيط لم يكُن ممكنًا اكتشافه في عصره لغياب وسائل الحساب الدقيقة المتطوّرة الموجودة الآن. وأعود وأؤكّد أن هذا الخطأ الزمني البسيط لا يمسّ إيماننا الأُرثوذكسي في شيء.

سؤال رقم 7: لماذ تضيّع وقتك في موضوع يسبّب بلبلة في الكنيسة؟ ونضطرّ أن نطبع القطمارس والسنكسار وكتب الكنيسة من جديد؟!

الجواب:

ضبط التقويم لا يسبب بلبلة، وإنّما الشائعات وخلط الأمور والاتهامات الباطلة هي التي تسبّب البلبلة. فلا شيء من كتب الكنيسة سيتغيّر على الإطلاق، ولن نحتاج لطباعة أي كتاب من جديد. لأنّنا كنّا ومازلنا وسنظلّ نستعمل التقويم القبطي في كلّ أعيادنا وأصوامنا ومناسباتنا، وسنحتفل بها في نفس الأيام من التقويم القبطي.. الذي سيتغيّر فقط بعد ضبط التقويم هو المقابل الميلادي للأيام القبطيّة، إذ سيعود لِما كان عليه قبل عام 1582م. ولكنّنا سنظلّ نحتفل بعيد الميلاد يوم 29 كيهك وعيد البشارة 29 برمهات وعيد الصليب 10 برمهات و17 توت وهكذا. فلا داعِ لترويج شائعات ليس لها أساس من الصحّة.

سؤال رقم 8: لماذا تريد تغيير شكل الكنيسة لتكون مماثلة للكاثوليك..؟ ولماذا الانسياق للتيار الغربي؟

الجواب:

+ ضبط التقويم ليس فيه أي تغيير لشكل الكنيسة، ولا داعي للحساسية غير المبرّرة من إخوتنا الكاثوليك..

+ أمّا عن الانسياق للتيار الغربي، فالحقيقة أنّ الغرب هنا لا يتحدّث إطلاقًا عن موضوع ضبط التقويم القبطي أو غيره من التقاويم.. فهنا يحترمون كلّ التقاليد الوافدة من الشرق، ويعرفون أنّ هناك كنائس تتبع التقويم القديم (هكذا يسمّونه) وأُخرى تتبع التقويم الحديث في الاحتفال بالأعياد.. والمجتمع هنا يحترم الجميع ولا يتدخّل في هذه الأمور من قريب أو بعيد..!

+ القضيّة الرئيسيّة التي جعلتني أبحث وأجتهد لكي أجد حَلاًّ لتوحيد موعد الأعياد هي مسئوليّتي الرعوية ككاهن وخادم لأجيال في المهجر أراهم يعانون من هذا الأمر.. والبحث المقترح يختصّ بضبط زمني فلكي، وكيفيّة تنفيذه بطريقة منظّمة، ولا يمسّ أي شيء من عقيدة الكنيسة أو طقوسها أو أعيادها التي ستظلّ في مواعيدها القبطيّة الثابتة.

سؤال رقم 9: كيف يكون توحيد الأعياد سببًا للوحدة بين الكنائس… إحنا الأصل.. هو مافيش غير كنيستنا اللي تتنازل؟

الجواب:

+ لم يقُل أحد أنّ توحيد الأعياد سيكون سببًا في وحدة الكنائس، هو مجرّد خطوة بسيطة للتقارب، لكنّ الوحدة الإيمانيّة تحتاج للكثير من الجهد في الحوار والعودة لأصول الإيمان، مع الصلاة وروح التواضع..

+ هناك أيضًا كنائس متّحدة مع بعضها في الإيمان، ولكنّهم يعيّدون في مواعيد مختلفة، لأنّ بعضهم يستخدم تقويمات قديمة، والغالبيّة تَستخدِم التقويم الحديث.

+ عمليّة ضبط التقويم ليس فيها تنازُل عن شيء. فلماذا تَستخدِم كلمة “نتنازل”؟

+ نحن نحب كنيستنا وإيماننا الأرثوذكسي الأصيل، ولكنّنا لا نتعالى على الآخرين. ونراجع أنفسنا باستمرار، وإن كان هناك خطأ حسابي طفيف في تقويمنا فيجب أن يكون لدينا الشجاعة لضبطه، وهذا لا يعنى أنّ هناك خطأ في عقيدتنا الأُرثوذكسيّة.

سؤال رقم 10: لماذا نغيّر الاحتفال بعيدًا عن يوم 7 يناير، وهو أقصر نهار في السنة. وأعتقد أنّ هذا هو الغرض من اختيار هذا اليوم لأنّ بَعده يبدأ النهار في الزيادة بعد ميلاد المسيح نور العالم؟

الجواب:

1- يوم 7 يناير ليس هو أقصر نهار في السنة، بل أقصر نهار هو بين 20 و24 ديسمبر من كلّ عام في نصف الكرة الأرضيّة الشمالي، وبين 20 و24 يونيو من كلّ عام في نصف الكرة الجنوبي.

2- نحن في احتفالنا بعيد الميلاد غير مرتبطين بيوم 7 يناير، ولكنّنا مرتبطون بيوم 29 كيهك، وهو حاليًا يوافق 7 يناير، وفي عام 2101 سيوافق 8 يناير إذا لم نضبط التقويم القبطي، أمّا إذا ضبطناه فإن 29 كيهك سيوافق 25 ديسمبر بدون تغيير إلى المجيء الثاني بإذن الله.

سؤال رقم 11: ما هو المانع أنّ كلّ الكنائس (الشرقيّة والغربيّة) تغيّر عيد الميلاد ليكون 1 يناير، باعتبار أنّ التقويم الميلادي من الطبيعي أنّ أول يوم فيه يكون هو ميلاد السيد المسيح، ولن نحتاج بعد ذلك لأيّ تغيير. وسيكون لهذا معنى حلو أنّ الكنائس كلّها تُغيِّر بهدف التوحُّد في الفكر؟

الجواب:

1- الفكرة طيّبة، ولكنّها تكاد تكون مستحيلة التنفيذ. لأنّها ستحتاج لمفاوضات مع كلّ الكنائس، إذ أنّه سيكون مطلوبًا من الجميع أنّ يغيّروا أنظمتهم وتقاويمهم.

2- نحن أيضًا ككنيسة قبطيّة لا نقبل أن نغيّر الاحتفال بعيد الميلاد بعيدًا عن يوم 29 كيهك. إذ أنّه مرتبط بالطقس القبطي ككلّ.

3- أي تغيير لابد أن يكون على أُسُس علمية سليمة حتّى يحترمه الجميع، وهذا لا يتوفّر في هذه الحالة.

4- موعِد الاحتفال بالعيد ليس هو المشكلة في توحيد الفكر بين الكنائس، وإنّما المشكلة في الاختلافات العقيديّة، والتي تحتاج لتفاهم ومناقشات وصلاة واتضاع ومحبّة وعودة للأصول كما ذكرت من قبل..

سؤال رقم 12: لماذا يتمّ طرح الفكرة على الناس قبل أن يبتّ فيها المجمع المقدّس، ألا يكون هذا مثيرًا للبلبلة؟

الجواب:

1- البحث وصل لقداسة البابا وللمجمع المقدّس قبل طرحه على الناس.

2- هدفي من النشر هو التنوير، لأني أؤمن بمبدأ “ازرع فكرًا تحصد عملاً”. وأعتقد أنّ تكوين رأي شعبي سيساعد المجمع المقدس في حالة اتخاد قرارٍ بضبط التقويم، لأني لا أتصور أن يتّخذ المجمع قرارًا مثل هذا بدون تهيئة شعبيّة أولاً.

3- مثلّث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث، كان يقول أنّه “في بعض المواقف يكون هناك أقليّة صاخبة وأكثريّة صامتة” وهذا بالطبع لا يفيد في اتخاذ القرارات الهامّة.. لذلك من المهمّ جدًّا أن يصل النبض الحقيقي للناس إلى صانعي القرار.

4- إذا كانت نسبة الموافقة على الفكرة تتجاوز التسعين بالمائة بحسب الاستطلاعات الأوليّة، فيَحسُن أن يصِل هذا إلى المجمع المقدّس، ليس على السبيل الضغط، ولكن لكي يكون أمامهم نبض الشعب القبطي بوضوح، ونحن نثق أنّ الروح القدس الذي يقود الكنيسة سيرشد آباء المجمع لما فيه خير الكنيسة وبنيانها.

سؤال رقم 13: هل يصِحّ أن تكون فكرة البحث مبنيّة فقط على أن ترتاح الأجساد بما لذّ وطاب وتتلذّذ بالأجازات والصخب المصاحب لبابا نويل بدعوى الوحدة؟

الجواب:

1- فكرة البحث بعيدة تمامًا عن هذا العبث. فأصناف الأكل متوفّرة هنا في الغرب في كلّ وقت وبأرخص الأسعار، ولا أحد يفكّر في موضوع الأكل مثلما تقول.

2- أجازات عيد الميلاد في الغرب لن تتغيّر سواء ضبطنا تقويمنا أم لم نضبطه، وهذا أيضًا ليس مُهمًّا في المقام الأول.

3- المهمّ هو البلبلة الحادثة والأسئلة المتكرّرة كلّ عام عن لماذا لا نعيّد معًا؟ وعلى المدى البعيد مع وجود بعض الكنائس القبطيّة التي تتّجه إلى الاحتفال بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر لأن شعبها كلّه من الجيل الثاني والثالث للمهاجرين وأغلبهم متزوّج من أجانب.. فالوضع الحالي سيُحدِث شروخًا في الوحدة الوجدانيّة للكنيسة، كما ذكرت من قبل، بل وأتوقّع في غضون سنوات قليلة أن يبدأ البعض في المناداة بالانفصال رعويًّا وإداريًا عن الكنيسة الأم في مصر..

4- إذا كان التعديل مُمكنًا، وسليمًا من الناحية الفلكيّة العِلميّة، ولن يتسبّب في أي تغيير في طقس الكنيسة أو عقيدتها، فما المانع منه؟!

سؤال رقم 14: هل ترى أنّ هذا التعديل سوف يساهم في التقارب مع الكنائس الغربية، أو يخدم العمل الكنسي المسكوني بوجه عام؟

الجواب:

نعم، ولكنّ التقارب هو خطوة على طريق طويل، أمّا الوحدة فهي ليست أمرًا سهلاً.. لذلك نحن نعمل ما علينا بقدر طاقتنا بدون تغيير لإيماننا المستقيم.. وكما ذكرت سابقًا أنّ هناك الكثير من الكنائس المتّحدة في الإيمان ولكنّها تحتفل بعيد الميلاد في مواعيد مختلفة. فهذا التعديل لن يقرّبنا إيمانيًّا إلى الذين يحتفلون في 25 ديسمبر ولن يبعدنا إيمانيًّا أيضًا عن الذي يحتفلون بحسب التقويم القديم.

سؤال رقم 15: تاريخ 25 ديسمبر في الممارسة الغربية اختفى منه شخص المسيح رسميًّا وشعبيًّا إلى حدّ كبير، فهل من المفيد ربط أولادنا بعيد يفقد كلّ يوم طابعه الكنسي الروحي، أم الأفضل الاحتفاظ بتاريخ مختلف روحيّ الطابع؟

الجواب:

+ بالفعل الممارسات الغربيّة في الاحتفال بعيد الميلاد فقدت الطابع الروحي إلى حدّ كبير، لدرجة أن الكثير من القادّة الروحيين في الغرب يصرخون مطالبين بعدم تفريغ العيد من صاحبه “Keep Christ in Christmas”.

+ نحن لا نربط أولادنا بأعياد الغرب.. سيظلّ احتفالنا في الكنيسة له الطابع الروحي والطقس الشرقي القبطي الأصيل، التغيير فقط سيكون في الموعِد.. وهذا سيفيد من ناحية الخدمة في الكنيسة في أيّام العُطلة، فيستطيع الجميع حضور القدّاس في المساء، والاحتفال مع مدارس الأحد في الصباح.

سؤال رقم 16: هل من حقّ الكنيسة أن تقوم بضبط التقويم، أمّ أنّه تراث مصري عالمي لا يمكن المساس به؟

الجواب:

نعم التقويم المصري هو مِلكٌ لكلّ المصريين.. ويلزم لضبطه بحوثٌ علميّة وقرارٌ سياديٌّ من الدولة.. ولكن عمليًّا، الكنيسة القبطيّة هي التي تستعمل هذا التقويم، ولم يعُد أحد يستعمله غيرها.. وأيضًا المزارعون الذين يعرفونه لا يتابعونه بدقّة مثل الماضي، فقد اختلفت ظروف وأنظمة الزراعة كثيرًا.. ومن هنا فالكنيسة هي الجهة الأساسيّة القادرة على تحريك المياه الراكدة، وقيادة عمليّة ضبط التقويم بناءً على أسس علميّة سليمة.

ولله المجد في كلّ شيء،،

القمص يوحنا نصيف