مـرافقـة المـريـض – الأستاذ بيشوي فخري

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الأستاذ بيشوي فخري
التصنيفات الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, خدمة المرضى, مفاهيم في الحياة الروحية
آخر تحديث 19 يونيو 2021


مـرافقـة المـريـض

"فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ." (مت 25: 40)، أن بركة ملازمة المريض في أنها ملازمة المسيح شخصيًا، وأن كانت زيارة المريض شرط لدخول السماء فكم تكون مرافقته ومشاركته في رحلة آلامه!

أن المريض هى سفير السماء الذي في أتعابه تحمل أكليل المجد، وفي ضعف الجسد رسالة لزوال الماديات والأرضيات، فمرافقته هى تذكير للأستعداد للسماء والآلم هو تذكرة العبور للمجد.

فالجسد هو الشمعة التي تذوب بالمرض لتضئ النفس في السماء، وكل من يقترب من هذا المريض يقترب من النور الذي يضئ المسيرة نحو السماء!

والمسيحية لم تجعل من الأقتراب من المريض واجب إجتماعي، بل فرصة للأقتراب من المسيح الموجوع، فلم نعد نرى المريض بل المسيح، لم نرَ المرض بل البركة التي تنتظر المريض ومرافقه، لم نرَ الموت بل القيامة المفرحة.

الأقتراب من المريض هو أعظم الدورس التي تساهم في نضج الشخص، وإدراكه ضعفه، دقائق قليلة من ملازمة المريض تفعل ما لا تعمله سنوات كثيرة من الرفاهية.

صلاة المريض تخرج من قلب تجرد من الطلبات الوقتية، وتنشد رحمة الله وحنانه، وتلتمس غفرانه، المريض يُخاطب الله بأنكسار مقبول، ويُسمَع أنينه مباشرة؛ ومرافقه يتنعم بشفاعة المريض القوية.

المرافق يتنعم بلذة خدمة إنسان في حاجة إلى مساعدة، هو أذن لمن يريد الإفصاح عن متاعب متألم، وهو يد يتعكز عليها الله نفسه!

خادم المرضى هو حاجز يمنع دموع الوحدة من أن تخرج من المريض، يمتص الحزن بمواساة حقيقية لا تعطي مكان للأنانية والخوف من العدوى والأشفاق على النفس من الأرهاق.

والشخص المخُلِص هو الذي يظهر في وقت الضيق والأحتياج ولا سيما المرض؛ لقد كان للأنبا بموا القديس تلاميذ كثيرين لكّن يوحنا القصير تلميذه هو من نال التطويب من المعلم، ولم يكن ذلك بسبب تفوقه على زملاؤه في النسك أو الطاعة أو الصوم ولكن لأنه لازم معلمه 12 سنة أثناء مرضه يخدم دون أن يسمع منه كلمة شكر واحدة وكان يبصق فكان بصاقه ينزل على يوحنا وهو ساهر على رعايته، أما في نهاية رحلة مرض أنبا بموا: "تمسكوا بهذا الأخ فإنه ملاك في جسم إنسان".

في مرافقة المرضي، تتفجّر ينابيع الصبر داخلك، وتتعلم الإنصات، وتتخلى عن حريتك، وينبض قلبك بآلم الآخر فتتحرر من الأنانية وتعيش المحبة الحقيقية والإيمان العملي، لأن كل محبة لله دون محبة للآخر مكشوك فيها، وكل إدعاء إيمان بدون عمل رحمة هو إيمان ميت.

الأقتراب من المرضى يُثّقل الإيمان والتسليم لله، إذ نضع كل أمكانياتنا الضعيفة أمام قدرة الله ومشيئته، وحافز نشط للشكر على كل حال وحتى أسوء الأحوال، فالمرض فرصة لتنقية النفس من شوائب فعلها الأفتخار بأشياء كنا نعتمد عليها.

ومرافقة المرضي مثل الأعمال الروحية، بركتها في إتمامها بفرح ورضا وقبول، وليست بتذمر وشفقة ذلك، لأن من يحب الآخرين حباً بالمسيح لا يشعر بالتضحيات التي يقوم بها. ولا يخدم بأنين وتعالي بل هى خدمة العضو للعضو في الجسد الواحد. خدمة أشعة النور للكل دون تمييز، بطاقة أمل ورجاء متجددة دائمًا.