فن الحوار – الراهب صليب الصمؤيلي

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الراهب صليب الصموئيلي
التصنيفات مفاهيم متنوعة في الحياة الروحية
آخر تحديث 11 مايو 2021


فن الحوار...

هناك علوم كثيرة في العالم ولكن يندر أن يجتمع الكل في إحتياجه لتعلم عِلما بذاته.. قد يختلف البعض حول هذا وذاك. وقد يوجد من العلوم ما هو هام وجدير بالمعرفة الشخصية. وعلوم أخرى يمكن الاستعانة بالخبرات متى وُجد احتياج. ولكن يبقى علم فن الحوار من العلوم التي لا يستغني عنها انسان أو كائن يحيا على هذه الأرض.

فلا يوجد مخلوق لا يحتاج إلى التواصل مع من حوله.. وكيف يمكنه التواصل إلا عن طريق الحوار.

ولذلك يُخيل لي أن علم فن الحوار من اقدم وأول العلوم التي يتعلمها الكائن منذ بداية حياته.

ولأهمية هذا العلم وأحكامه في مصائر الكائنات على الارض.. اصبح الأمر لا يحتمل أن يُترك للبشر حتى يكتشفوه ويتعلموه من طلقاء ذواتهم.

ولذلك وضع الله هذا العلم عمليا ممارسا إياه مع بكر خليقته.. أبونا آدم وأمنا حواء.

فما هى الأساسيات والقواعد التي وضعها الله بنفسه في تكوينه لفن الحوار؟..

بداية اقول لكل انسان يقرأ هذا المقال: انني لست اكثر من حضرتك خبرة او علم ولذلك ادعوك لكي تبحث معي عن علم فن الحوار من خلال حوارات الله مع البشر. ولي ثقة كبيرة انك سوف تصل بنعمة الله الي أبعاد لم اصل إليها بعد.

* من حوارات الله مع البشر لاحظت أمورا عجيبة.. إسمح لي أن اعرضها:

بالرغم من عدم التوافق إن صحّ هذا التعبير...

الله تبارك اسمه.. العظيم الذي ليس كمثله شئ.. القادر على كل شي.. الغير محتاج لشئ..

والانسان الذي من تراب الارض.. العاجز.. المحتاج.. الغير موجود.. فهو لا يوجد قبل ميلاده وتنتهي حياته على الأرض بالموت.

اين مبدأ التكافؤ لبدء حوار!!!.

لا يوجد تفسير لهذه المبادرة من الله بالحوار مع الانسان سوى الحب.

فقد يخترق الحب كل الفروق والحواجز بين اطراف الحوار..

ودليل تأكيد وجود الحب المنبعث من الله تجاه الإنسان هو اسلوب الحوار.

ماذا يتوقع الانسان اذا كلمه الله؟!!.

أمر.. وصية.. إعلان غضب.. إنذار.. تحكم.. إدانة.. وإن كان هناك استحسان لعمل ما سيكون من عالي لمن هو ادني منه.

ولكن ما دونه الكتاب المقدس عن حوارات الله مع البشر كانت مخالفة لكل التوقعات.

أب حقيقي يدعو خليقته للتواصل معه في حوار يرسمه ولا اعظم فنان.. يكشف عن عمق الحب الالهي للبشر.

لفت انتباهي أن أول حوار سُجل بين الله والإنسان كان بعد الخطية.

تُرى.. لو لم يُسجَل هذا الحوار.. ماذا كنت تتوقع أن يحدث فيه؟!.

أكيد توبيخ لاذع.. وكلمات إدانة.. وسكب جامات الغضب الشديد.

وكان لا يمكن ان يكون حوار مشترك ولكن قطار إندفع في إتجاه واحد...

ولكننا تفاجئنا بما حدث...

ويبدأ الحوار بسؤال...

ومِن مَن... مِن الذي يعرف كل شيء.. لعل الله أراد ان يدخل في حوار مع آدم وحواء... فيبدأ بالسؤال ويجيب آدم.. ويسأل الله مرة أخرى فيرد آدم..

وبعد أن كان آدم خائف مرتعب غير قادر على الوقوف أمام الله.. فإذ به يعلن لله كل ما أصابه نتيجة الخطية.. وتُعلن الخطية أمام الله كمشكلة لا يوجد لها حل عند الإنسان.. فيتدخل الله ويقول مطمئنا آدم وحواء.. أن نسل المرأة يسحق رأس الحية.

بدأ الحوار عكس كل التوقعات وانتهى فوق كل ما كانا يحلم به آدم وحواء...

ما رأيك اذا حاولنا أن نتعلم فن الحوار الذي أسسه الله _ تبارك اسمه _ مع اخطاء ابنائنا.

قد نكون اتبعنا انماط من الحوار هذا عددها.. ولكن ماذا كانت النتيجة؟! وكيف انتهى الأمر؟!!.

دعنا نُجرب ما وضعه الله من فن الحوار.. وبدلا من ان نمسك سوط للجلد.. نكتشف المشكلة معا ونحن جادين في المساعدة لحلها.

فما افضل في رأيك... أن تكون المشكلة حاجزا بيننا وبين ابنائنا.. ام نكون نحن معا في جانب واحد محتضنيين ابنائنا ضد المشكلة؟...

المحتويات