روح الشقاق داخل الكنيسة – المهندس مكرم زكي شنوده

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب المهندس مكرم زكي شنوده
آخر تحديث 11 أكتوبر 2019

أنتشرت زوبعة من الشقاقات والنزاعات ، حول كل شيئ ، وأى شيئ : –

نزاعات حول الطقوس ، بالتغيير والتبديل لما توارثناه ) ثم تعديل هذا التعديل ! دواليك  ( على نظام التقاليع ، وصاحب كل تقليعة له دائماً حججاً ، ولكنها حججاً واهية ، إذ لا تدخل تحت باب العقائد الأصيلة الثابتة ، بل تحت باب التأملات  الشخصية القابلة للتغيير الدائم .

ونزاعات حول الألحان ، إذ تجرى التقاليع بتغيير هزة هنا أو هناك ، أو بالتسريع الزائد ، أو :- ” أكل اللحن ” ، الذى يستهدف مردات محددة ( خصوصاً فيما يخص تمجيد الذبيحة المقدسة  ، مثل : نسجد لجسدك المقدس …. إلخ ، وكأنه محاولة لتقليل إحساسنا بقدسية الذبيحة المقدسة ) ، وذلك بغير الأساليب المعتادة التى يكون فيها التسريع والتبطئ مرتبطاً بعامل الوقت وفى الظروف الخاصة وبغير قصد مسبق ، ويكون شاملاً لكل شيئ ، كما يكون مشتركاً ما بين صلوات الأب الكاهن مردات الشعب ، وليس كقاعدة ثابتة لمردات محددة مستهدفة ، خصوصاً – كما سبق وذكرنا – الخاصة بإكرام وتمجيد الذبيحة المقدسة ، ….

أو يكون التعديل بالإلغاء لأجزاء من اللحن ، مثل إلغاء طلب بركة القديسين ، فى لحن : ” بركتهم المقدسة … ” ، والقفز إلى : ” المجد لك يا رب ” ، مع أن اللحن متكامل ، فإننا نطلب بركة آبائنا القديسين ( مثلما طلب إسحق بركة أبيه ) فيأول ذلك لمجد الله الذى منحهم أن يكونوا بركة .

وأيضاً صنع الشقاقات حول نطق الحروف القبطية ، بحجة الحق العلمى، وهى حجة مختلقة واهية ، لأن اللغة القبطية كانت لهجاتاً كثيرة ، فإن جمـَّعنا هذه اللهجات معاً ، تكون كل الإحتمالات واردة وممكنة ، فحجة الحق العلمى – لنطق واحد دون غيره – هى حجة تمويهية ، بثها عدو الخير فى نفوس البعض ، لصنع الشقاقات والنزاعات ، ولو بسبب نطق حرف !!

((( وأما ما قام به البابا كيرلس الرابع ، من تقريب نطق الحروف القبطية اليونانية الأصل ، مع النطق اليونانى ، فإنى أعتقد أن هدفه منه لم يكن هو النطق فى حد ذاته ، بل بهدف كسر الحواجز النفسية ، فى محاولة لفتح باب للتواصل مع الكنائس اليونانية الأرثوذوكسية الخلقيدونية ، من أجل بدء التواصل والتحاور العقائدى ، وهو ما نجح فيه البابا كيرلس الرابع نجاحاً عظيماً فعلاً  ، ولأول مرة منذ الإنشقاق ، حتى أن بطريركى الروم والأرمن إجتمعوا معه فى دير الأنبا أنطونيوس ( أى أنهم هم الذين جاءوا إلى هذا المكان الأرثوذوكسى ) فى حوار مستمر لمدة ستة شهور …. إذن فالهدف – حسب إعتقادى – لم يكن نطق حرف ، بل تليين النفوس ، بهدف توحيد المسيحية ، فالحرف خادم وليس سيد  )

والشيطان هو الدافع لنشر روح الشقاق والنزاع ، حول أى شيئ ، فهدفه ليس هو مجال النزاع  ، بل النزاع فى ذاته .

لأنه بدون النزاع ، سيسود الوئام والإنسجام داخل الكنيسة ، فيزداد الحب والترابط  ، فيتفرغ الجميع للصلاة القلبيةالحارة ، فإن الكلمة واللحن هما مجرد أداة لرفع القلب بالصلاة .

والصلاة الحارة ستؤدى إلى عبادة الفرح : [ إعبدوا الرب بالفرح ] مز100 :2  ، فيمتلأ الجميع بشحنة عظيمة من الفرح الروحى ( وهو الأمر الذى كنا نعيشه فعلاً قبل زوبعة الشقاقات والنزاعات ) .

وهذا الفرح الروحانى سيملأ القلوب بالقوة الروحية : [ فرح الرب هو قوتكم ] نح8: 10 .

وتلك القوة الروحية ستؤدى لزيادة إحتمالنا وصمودنا أمام حروب الشيطان ، بقلب متشدد ومعنويات عالية ، فتفشل خطط الشيطان لإبتلاعنا .

إذن ، فالسبب الذى يدفع الشيطان لإثارة زوابع الشقاق ، هو حرماننا من هذه القوة القلبية الناتجة عن عبادة الفرح ، التى تحتاج لجو الوئام والسلاسة والإنسجام والمحبة والترابط .

فهدف الشيطان من الشقاقات والنزاعات – ولو حول أبسط الأمور – هو تجريدنا من سلاح قوة الفرح الروحى ، لكى يحطمنا ، ويحطم الكنيسة التى تلم شملنا  فى مواجهته .

فمثلما أن القوة تتولد من الفرح الروحى ، فكذلك أيضاً الضعف يتولد من الضيق والنزاعات والكآبة .

والضعف يؤدى للإنهيار والإستسلام .

فلا نستهين بهذه النزاعات والخلافات – بالرغم من ضآلة مظهرها – لأنها ثعالب صغيرة قادرة على إفساد وإهلاك الكروم كله . لذلك يجب منعها من بدايتها ، ومن منابعها ، قبلما تتحول لتيار جارف من النزاعات المريرة .