التعامل مع الساحرات وعبدة الشياطين في تاريخ المسيحية – المهندس مينا ماكسويل

شهدت العصور الوسطي المتأخرة ظهور ايمان عام بحقيقة وجود وممارسة السحر…
ولكن الصورة الشائعة القديمة عن العصور الوسطي كوقت كان فيه المفتشون الكاثوليك المجانين يحرقون ألاف من “الساحرات” هي صورة غير دقيقة نهائيا لسببين :
1- الوقت الحقيقي للتفتيش الهيستيري عن الساحرات كان في بداية العصر الحديث (القرن السادس والسابع عشر علي وجه التحديد).
2- المحاكم المدنية كانت هي في الأغلب من يحاكم ويدين المتهمات بممارسة السحر والشعوذة وليس المحاكم الكنسية.

طوال اغلبية التاريخ المبكر والأوسط للمسيحية كانت الكنيسة تتجاهل “ممارسات السحر” او تتعامل معها بتساهل شديد (السحر هنا عادة يقصد به الدجل اوالطب الشعبي)..فيكفي للدجال التوبة وارجاع ما اخذه بالنصب من الناس..
والاكثر من هذا ان الكنيسة تعاملت قديما مع الايمان بحقيقة وتأثير السحر كنوع من الخرافات الوثنية..وهؤلاء الذين كانوا يدعون بتجارب فوق طبيعية مثل التحليق في الجو او المرور عبر الابواب المغلقة كام يتم معاملتهم كالمشوشين ذهنيا.
ولكن راي الطبقة الملكية بالرغم من ذلك لم يكن دائما يتفق مع رأي الكنيسة…فمثلا , اضطر البابا غريغوريوس السابع ان يكتب رسميا لملك الدانمارك هيرالد الثالث ليمنعه من ان يحكم بالاعدام علي مثل هؤلاء المتهمات بالسحر.

وبرغم ذلك, في نهاية القرن الثالث عشر, بدأ يندس وينتشر بين الثقافة الكنسية اعتقاد عام بوجود السحرة الذين يلجؤون للشياطين..
ففي سنة 1374, فكر البابا غريغوريوس الحادي عشر انه حيث انه لا وجود لقوي سحرية حقيقية اذن اي قوة يمكن ان تمتلكها الساحرات لابد وان تكون من عمل الشياطين.
ومن هذا المنطلق, سمح البابا بان تتم محاكمة الساحرات في محاكم كنسية باعتبارهم مهرطقين.
وفي عام 1484 صدق البابا اينوسنت الثامن اشاعة واسعة الانتشار عن مؤامرة من عبدة الشياطين لاكل لحوم الاطفال واصدر مرسوما بابويا يحث فيه علي التحقيق الرسمي في الموضوع.
وفي عام 1486 قام راهبان دومينيكيان “هينريش كريمر” و “ياكوب سبرينجر” بكتابة وطباعة الكتيب المروع الشديد الشناعة “مطرقة الساحرات” وهو الكتاب المشهور والمؤثر في البحث عن الساحرات.

وبرغم كل هذا, لم يكن كل رجال الكنيسة مقتنعون. فأسقف “اينزبراك” مثلا اعتبر كريمر ابله ومختل. واوقف محاولاته لاتهام نساء عديدة في ابرشيته بممارسة السحر ثم طرده من المدينة.
كما ظهرت في نفس سنة اصدار “مطرقة الساحرات” كتابات كنسية اخري تشكك بشدة وتنكر فاعلية السحر الاسود.

وعلي كل الاحوال, بين كل مؤسسات ذلك الوقت , كانت الكنيسة الكاثوليكية هي من هب اولا لتكذيب قصص السحر…
وخلال هيستيريا اصطياد الساحرات في القرن السادس والسابع عشر كانت الكنيسة – عندما كانت تملك القدرة – هي من يعوق ويمنع محاكمات ممارسة السحر.

Source :
“The story of christianity”
a history of 2000 years of the christian faith
by David Bentley Hart
page 215-216

التعامل مع الساحرات وعبدة الشياطين في تاريخ المسيحية - المهندس مينا ماكسويل
التعامل مع الساحرات وعبدة الشياطين في تاريخ المسيحية – المهندس مينا ماكسويل