الراهب القمص منقريوس المحرقي

البيانات التفاصيل
الإسم الراهب القمص منقريوس المحرقي
التصنيفات الآباء الرهبان, الإكليروس
الأماكن دير السيدة العذراء - المحرق - أسيوط
الزمن القرن العشرين الميلادي
شخصية بحرف م

سيرة الراهب القمص منقريوس المحرقي منقولة من صفحة العدرا مريم مفرحة القلوب على الفيسبوك. منقولة كما هي وتحتاج لمراجعة وتدقيق.

القمص منقريوس المحرقى+دير النغاميش+
_______________
70 سنة رهبنة
ولد الطفل متوشالح عام (1902م) بقرية دير النغاميش محافظة سوهاج وتربى في بيت كهنوتي. فمن عائلته قد خرج البابا يوساب الثاني والأنبا مقاريوس أسقف قنا ووالده هو القس بطرس القمص ميخائيل كاهن كنيسة العذراء بالقرية وكان هو الطفل الثالث بين تسعة إخوة.

تعلم متوشالح القراءة والكتابة في كُتّاب القرية، وأجاد اللغتين القبطية والعربية وحفظ التسبحة والمزامير، وأجزاء من الكتاب المقدس وكثير من سـير الآباء القديسين فكانت صوناً لقلبه وعقله من زلات وعثرات العالم وأصدقاء السوء.

وكان رهبان من قرية النغاميش يترددون عليها فأحبوا متوشالح لحبه للكنيسة وقد أحبهم الطفل البريء وتمنى أن يكون مثلهم
عندما صار متوشالح شاباً كان فكر الرهبنة قد تملكه ولكنه خاف أن يصارح والده لأن الرب قد أخذ ستة من إخوته وكان والده يملك أراضي كثيرة ويحتاج لخدمته فذهب إلى دير الأنبا أنطونيوس فلما تأخر أرسل إليه أبوه ابنه الأكبر ميخائيل فأحضره

وفي يوم ما عرض عليه والده فكرة الزواج فاعتذر بأنه صغير فتركه ثم عاد فألح عليه فصارحه الابن بما في قلبه من حب لحياة الرهبنة فأعلمه عن رغبته في أن يصير كاهناً ويساعده في الخدمة، فتشفع متوشالح بالسيدة العذراء مريم ليكون راهباً في دير من أديرتها

وذات يوم عندما استيقظ القس بطرس من غفوة الظهيرة نادى على متوشالح وقال له: روح يا ابني إترهبن أنت من نصيب العذراء أم النور! فقد رأى الأب نور قوي خرجت منه شابة صغيرة هى العذراء أم النور مريم وقالت له: سيب متوشالح يترهبن هو من نصيبي!

ذهب متوشالح إلى دير المحرق مرتين لكنه عاد بسبب نصيحة أب راهب طلب منه أن يتردد على الدير فالحياة صعبة وهو صغير السن ، وفي المرة الثالثة عام (1927م) ذهب إلى الدير ولم يعد
وفي برمون عيد الميلاد (6 يناير1928م) ترهب متوشالح باسم: الراهب منقريوس المحرقي بيد أنبا باخوميوس رئيس الدير وأول أسقف له
ويحكي أبونا البار عن يومه في الدير فيقول: كنت أستيقظ الساعة (11 ليلاً) لأصلي صلواتي ثم أطرق قلالي الرهبان كلهم لحضور التسبحة والاطمئنان على صحتهم وبعدين أضرب الجرس عشان صلاة نصف الليل ثم بعد ذلك أذهب إلى بيت لحم لأخبز القربان وأخذه للكنيسة وأستمر إلى أن ينتهي القداس.

وبعد القداس أذهب لأبونا بيشاى الكفيف لأعد له الإفطار وأشوف طلباته مع شيوخ آخرين، وأستمر هكذا حتى العشية فأذهب لأدق الجرس وبعد حضوري العشية أذهب لعجن ودق القربان وبعد ذلك أدخل قلايتي لكي أصلي مزاميري وأنام بضعة ساعات لقد كنت أتعب لكن الرب كان يعطيني قوة ونعمة وأنا اليوم عايش ببركة الأيام دي.

ومن بين الأعمال الكثيرة التي تولاها عمل الشمع بطريقة يدوية بجانب عمل الأباركة ونظافة الكنيسة والإشراف على الجناين والمعمودية
في عام (1929م) ذهب إلى مدرسة الرهبان بحلوان لتحصيل العلوم الدينية لكنه عاد بعد عام لحبه الشديد في حضور القداس اليومي كما كان لديه معلومات كثيرة قبل رهبنته تؤهله للدراسة والبحث بمفرده
وقد عاصرت أبي ورأيت مواظبته وعندما شاخ كان يذهب للكنيسة وعلى دكته كان يذهب في غفلة وكان يقول: لما ترهبنا كان واحد بيجلس على الباب معاه دفتر ومن لا يحضر ثلاث قداسات يقولون له: خد عمّتك وروّح.

في (1932م) نال نعمة الكهنوت والقمصية في عام (1933م) ومنذ أن سيم كاهناً لم يترك خدمة المذبح وهكذا صار عظة عملية للرهبان وكل من يراه من الزوار
وتعد الصلاة أبرز فضائله وأحياناً كان يصلي الأجبية ثلاث مرات في اليوم وإذا سأله أحد عن السبب كان يقول: أنا ورايا أيه!
وبجانب الصلاة كان يقرأ بشغف في الكتاب المقدس ومن عباراته: الكتاب المقدس ليس له قانون المفروض الواحد طول ما هو في القلاية يقرأ فيه هو الراهب وراه أيه
وعن حبه للعطاء هناك قصة طريفة تُُحكى عنه فقد كان يذهب بنفسه لجزار الدير ويأخذ نصيبه من أفضل أنواع اللحوم وسط دهشة الحاضرين عندما يقول للجزار بلاش دي وخد دي ثم يذهب إلى قلايته ويقطّع اللحم بالتساوى لعدد معين من العمال الذين كان يوزع عليهم نصيبه من اللحم
تُرى ماذا سيكون حكمك لو رأيت تصرفاً كهذا؟ الأفضل ألاّ نحكم حسب الظاهر!

وقد لمسنا عفته واتضاعه وبساطته واحترامه للرؤساء فكثيراً ما كان يبادر بالاعتذار عن أشياء بسيطة جداً
وحدث مرة أن جلس نيافة الأنبا ساويرس رئيس الدير بجواره فوقف وعندما سأله أب عن السبب قال: أنا هقعد بجوار الأسقف ليه أنا رجل فقير!

وكانت محبته للآباء واضحة للجميع وكغيره من شيوخ الدير كان يفرح برسامة رهبان جدد ويذهب لزياراتهم في قلاليهم ليهنئهم.

ولم يفتر لحظة عن زيارة المرضى طوال حياته.

وعن طعامه كان يكتفي بوجبة في الأصوام ووجبتين في باقي الأيام وكان يكتفي بصنف واحد من الطعام وإذا وجدت فاكهة كالبرتقال كان يأكل نصف الواحدة.

أما ثيابه فظاهرة للجميع فلم أشاهده يوماً يرتدي ثياباً فاخرة.

وكأي راهب حاربه الشيطان الذي كان يراه بشكله الأسود والنار تخرج من عينيه وهو يريد أن ينقض عليه، وعن سؤال إذا كان يخاف عندما يري الشيطان أم لا؟ أجاب:
في البداية كان جسمي يرتعش فأصرخ لإلهي وأطلب شفاعة العدرا والشهيد فيلوثاؤس لكن بعد كده كنت أول ما أشوفه أرشم الصليب وأقول مزامير كتير من غير خوف لأني مطمئن من قوة إلهي
ومرة زاره نيافة الأنبا مينا مطران جرجا في قلايته وفي نهاية الجلسة إنحنى وطلب منه البركة فرفض أبونا بشدة قائلاً: يا سيدنا أنت مطران وأنا راهب غلبان! لكنه صمم قائلاً: طيع يا أبونا ففي الحال قال: حاللني يا سيدنا وصلى له!

ولكي تعرفوا قداسته يكفي أن نقول أنه تنبأ عن رسامة أنبا بيمن أسقف نقادة وفي الصورة يظهر أبونا متى ابن أخته
أما إيمانه القوي فقد ظهر لي عندما سألته مرة: ألا تخاف من الموت؟ فقال: ليه؟ أخاف منه ليه؟ لقد تحدث بقوة كما لو كان الموت الذي أرعب البشر حشرة صغيرة يطأها بقدميه!

ومن المعروف أن أبونا منقريوس لم يخرج للخدمة مطلقاً فقضي حوالي 70 عاما داخل أسوار الدير

ومرة زرت أبي في قلايته واعترفت بشيء ضايقني ولم أشعر في حياتي بمثل حنانه
وعن عناية الله به حدثت في ربيع عام (1977م) غيبوبة لأبونا استمرت 3 أيام وتوقع الأطباء وفاته خلال 24 ساعة وفجأة وقف أبونا وبيده الأجبية والصليب وأخذ يصلي فتعجب أبونا المرافق له
وفي عام (1991م) بينما كان أبونا يستحم شعر بالماء كشوك يؤلمه، لقد كان الماء مكهرباً وقد دفعته الكهرباء على الأرض ولما قام أمسكت به واقترب من الموت وفجأة إنقطعت الكهرباء عن هذا الجزء فقط بينما الأجزاء الأخرى ظلت مضيئة

ومن الطريف أن نذكر أن المعلم توفيق وهو من نوابغ المرتلين في عصرنا قام وهو في السادسة عشر من عمره بتحفيظ القمص منقريوس ألحاناً رغم فارق السن الكبير بينهما وهذه حجرة المعلم
ومن بين أساتذة الألحان في الدير رأينا أبونا ديديموس وكان يجلس بجانب أبونا منقريوس على دكته

وفي هذه الصورة يتوسط القمص حنانيا المحرقي وأستاذ الألحان في دير المحرق القمص شنودة صاحب الصيت الحسن الذي عندما توفي قال قداسة البابا شنودة: لقد خسرته الأديرة
وبعد نياحة القمص شنودة تولى أبونا دانيال شئون الكنيسة وهنا يعطي أبونا منقريوس السنكسار ليقرأه عام (1983م)

وكانت تربطه محبة عميقة بأبينا البار القمص ثاؤفيلوس المحرقي
ومن بين الذين إرتبطوا به وأحبوه أبونا أنجيلوس ويظهر بينهما القمص يوسف المحرقي الذي كان يكن له محبة خاصة

ومن شيوخ الدير الأحياء الذين عاصروا أبونا منقريوس القمص إسحق المحرقي والقمص إبراهيم المحرقي
وقد تألم كثيراً لحادث الإرهاب الذي وقع على الدير عام (1994م) وأسفر عن استشهاد القمص بنيامين والراهب أغابيوس وبعدهما قتل الراهب أغناطيوس في أرض الدير بكاروت عام (1999م)

وللعلم فقد عاصر أبونا منقريوس 6 بطاركة وهم: البابا كيرلس الخامس والبابا يوأنس التاسع عشر والبابا مكاريوس الثالث والبابا يوساب الثاني والبابا كيرلس السادس والبابا شنودة الثالث

وقد تولى رئاسة الدير في أيامه 10 رؤساء أولهم نيافة الأنبا باخوميوس رئيس الدير وأول أسقف له وآخرهم نيافة الأنبا ساويرس
وخرج في عصره أسـاقفة كثيرون من دير المحـرق، وها الأحياء منهم: أنبا إسطفانوس أسقف ببا والفشن، وأنبا ساويرس أسقف ورئيس دير المحرق، وأنبـا تيموثاوس أسـقف الزقـازيق ومنيا القمح وأنبا غبريال أسقف بني سويف، وأنبا بيمن أسقف نقادة.

ومن المطارنة الذين عاصرهم نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية المتنيح عندما كان وكيلاً لدير المحرق باسم القمص أنجيلوس المحرقي

وقد عاصر نيافة الأنبا لوكاس العلامة أسقف منفلوط وهو من تلاميذ القمص ميخائيل البحيري وكان اسمه القمص عبد المسيح واصف

وعاصر نيافة الأنبا أغابيوس أسقف ديروط وصنبو الذي ترهب باسم الراهب بولس المحرقى يوم 12 يوليو 1962م

وعندما ترهب نيافة الأنبا غريغوريوس في دير المحرق عام (1962م) كان القمص منقريوس قد مضى على رهبنته 34 عاماً

وفي عام (1973م) زار قداسة البابا شنودة دير المحرق ويظهر القمص منقريوس جهة اليسار وهو ممسك بالفراجية

وفي يناير(1993م) ذهب رهبان دير المحرق، للقاء قداسة البابا شنودة بمقره بدير الأنبا بيشوى وحضر القمص منقريـوس رغم كِبَره ويظهر جهة اليمين

وعندما عرف البابا أن القمص منقريوس ترهب عام (1928م) إبتسم وقال: كان عندي وقتها 5 سنين

وقد وضع قداسة البابا يده على كتف القمص منقريوس لالتقاط صورة فريدة ملؤها المحبة

وهذه الصورة لآخر قداس إشترك فيه عام (1996م) ويظهر في الصورة القمص باخوميوس والقمص جرجس والقمص تيموثاوس

وهنا يظهر القمص تيموثاوس والقمص غبريال وهو ممسك بالخولاجي لأبونا بعد أن ضعف بصره
في عام (1995م) أصيب أبونا بهبوط مفاجيء في القلب وانتفخ جسمه وتوقع الأطباء موته خلال يومين وفي اليوم التالي فوجيء الطبيب أن أبونا طبيعي

وفي الفترة من 5 إلى 10 فبراير عام (1997م) ذهب أبونا إلى مستشفى الراعي الصالح بسمالوط للعلاج وأثناء غيبوبته كان يردد مزامير وأجزاء من التسبحة والقداس
ومن 16 فبراير إلى 4 إبريل عام (1997م) تدهورت صحته فتم نقله إلى مستشفى سانت ماريا الخاصة بالدير وبعد 4 أيام من الغيبوبة فتح أبونا عينيه وأشار إلى علبة الحلوى وأعطى كل واحد قطعة ملبن إلا سيدة أعطاها قطعتين! أتعرفون السبب؟

لقد كانت السيدة حامل والأمل ضعيف فلابد أن تضحي بالجنين فحضرت إلى المستشفى لنوال بركة أبونا فصلى وإستجاب الله لصلواته وولدت طفلها الأول بلا مشاكل

بعد أن ساءت حالة أبونا منقريوس في المستشفى إستقر رأي الأطباء أن يغادر المستشفى ليتنيح في ديره وقد كان فتحركت السيارة بأبونا الساعة العاشرة مساء الجمعة (4/4/1997م)

ويشهد على هذه الأحداث القمص تيموثاوس المحرقي الذي خدمه ورافقه في سنواته الأخيرة ويبدو الإنسجام بينهما واضحاًً.

ومن بين الذين خدموه القمص غبريال وخلفهما صورة أنبا إسطفانوس أسقف أم درمان وقد عاصره أبونا منقريوس عندما كان وكيلاً للدير باسم القمص أغابيوس المحرقي.

وها نظرة وداع واسترجاع للماضي الجميل من القمص غبريال المحرقي.

أيضاً القمص دانيال المحرقي إرتبط به وخدمه وها هو يلقي نظرة الوداع الأخيرة على جسده.

وأخيراً وضع الجسد في الطافوس ليرتاح في أحضان القديسين بعد رحلة جهاد الرب يقبل صلواته عنا.

لقد تنيح أبونا بعد أن شبع من الحياة ولا تنسوا أن اسمه كان متوشالح وهو أطول من عاش في الكتاب المقدس (969 عاماً) ولكن إن كان قد إنتقل بالجسد إلاّ أنه بروحه الطاهرة وسيرته البسيطة سيظل معنا.

الصور / الأيقونات المتاحة