الإصحاح الحادي والعشرون – سفر حكمة يشوع بن سيراخ – القس أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر حكمة يشوع بن سيراخ – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الحَادِي وَالعِشْرُونَ

الهرب من الخطية والالتجاء إلى الحكمة.

1 يَا بُنَيَّ، إِنْ خَطِئْتَ فَلاَ تَزِدْ بَلِ اسْتَغْفِرْ عَمَّا سَلَفَ مِنَ الْخَطَاءِ. 2 اهْرُبْ مِنَ الْخَطِيئَةِ هَرَبَكَ مِنَ الْحَيَّةِ؛ فَإِنَّهَا إِنْ دَنَوْتَ مِنْهَا لَدَغَتْكَ. 3 أَنْيَابُهَا أَنْيَابُ أَسَدٍ، تَقْتُلُ نُفُوسَ النَّاسِ. 4 كُلُّ إِثْمٍ كَسَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، لَيْسَ مِنْ جُرْحِهِ شِفَاءٌ. 5 التَّقْرِيعُ وَالشَّتْمُ يَسْلُبَانِ الْغِنَى، وَبِمِثْلِ ذلِكَ يُسْلَبُ بَيْتُ الْمُتَكَبِّرِ. 6 تَضَرُّعُ الْفَقِيرِ يَبْلُغُ إِلَى أُذُنَيِ الرَّبِّ، فَيُجْرَى لَهُ الْقَضَاءُ سَرِيعًا. 7 مَنْ مَقَتَ التَّوْبِيخَ، فَهُوَ فِي إِثْرِ الْخَاطِئِ، وَمَنِ اتَّقَى الرَّبَّ، يَتُوبُ بِقَلْبِهِ. 8 السَّلِيطُ اللِّسَانِ بَعِيدُ السُّمْعَةِ، لكِنَّ الْعَاقِلَ يَعْلَمُ مَتَى يَسْقُطُ. 9 مَنْ بَنَى بَيْتًا بِأَمْوَالِ غَيْرِهِ، فَهُوَ كَمَنْ يَجْمَعُ حِجَارَتَهُ فِي الشِّتَاءِ. 10 جَمَاعَةُ الأُثَمَاءِ مَشَاقَةٌ مَجْمُوعَةٌ، وَغَايَتُهَا لَهِيبُ نَارٍ. 11 طَرِيقُ الْخَطَأَةِ مَفْرُوشٌ بِالْبَلاَطِ، وَفِي مُنْتَهَاهُ حُفْرَةُ الْجَحِيمِ.

العدد 1

ع1:

سلف: سبق.

الخطاء: الخطايا.

الشيطان دائم الحرب ضد البشر؛ ليسقطهم بالخطايا. فإذا سقطت في خطية لا تيأس، ولا تتهاون أيضًا، بل أسرع إلى التوبة؛ لأن الشيطان بعد سقوطك إما، يحاربك بأنك ساقط وخاطئ، وليس فيك روح الله لتيأس، أو يبرر لك الخطية، ويظهرها لطيفة، وغير مضرة؛ لتتمادى فيها، وهو يعد لك فخاخًا كثيرة ليستمر سقوطك.

انتبه، وقم سريعًا إلى التوبة، وأطلب غفران الله، فتنال مراحمه وغفرانه عن كل ما سبق من خطاياك.

العدد 2

ع2:

دنوت: اقتربت.

إذا نظرت، أو سمعت شيئًا شريرًا، أو إذا اقتربت منك أية خطية، فلا تنشغل بإغرائها؛ لأنها كالحية مملوءة سمًا، وتريد أن تسقطك وتهلكك. إهرب من الخطية، كما يهرب الإنسان من الحية، وإن كان جلد الحية أملس، وألوانه جذابة، لكن في داخله السم، هكذا الخطية، فتنازل عن أي شيء لتبتعد عنها؛ سواء كان هذا الشئ مكان، أو شخص، أو جهاز، أو أي شيء. واحرص ألا تقترب أنت منها؛ لأنها ستلدغك كالحية، فكن مدققا لتبتعد عن مصادر الخطية.

وتشبيه الخطية بالحية، رجوعًا للخطية الأولى، التي سقط فيها الإنسان، عندما دخل الشيطان في الحية، وأسقط حواء، ثم آدم.

العدد 3

ع3:

الخطية شرسة، فإن كانت تبدو في مظهرها مغرية ولينة، ولكنها كالأسد، أنيابها حادة تفترس الإنسان الذي يقترب إليها، ويسقط فيها. لذا تؤكد هذه الآية ضرورة الإسراع في الابتعاد عن طريق آى خطية.

وقد أعلن بطرس الرسول أن الشيطان خصمنا كأسد زائر يجول ملتمسًا من يبتلعه (1 بط5: 8). هذه هي الخطية التي يقدمها الشيطان؛ ليسقطنا ويهلكنا.

العدد 4

ع4:

الإثم يشبه سيفًا ذا حدين، أى يجرح الإنسان يمينًا، ويسارًا، وجرحه مضاعف، والاستسلام للإثم يجعل الجراح بلا شفاء.

يشبه الإثم بالسيف ذى الحدين؛ لأنه يوقع الإنسان فيه، ثم بعد هذا يسقطه في التمادي، والتعود عليه، ثم يحاربه الشيطان باليأس، وهو أيضًا ذو حدين؛ لأنه يسقط الإنسان مرات كثيرة، وإذا رفض الإنسان الإثم، يحاربه الشيطان بالكبرياء؛ لأنه انتصر على الإثم، وهذه هي الضربات الشمالية والضربات اليمينية. والإثم ذو حدين؛ لأنه يسقط الإنسان في هذا الإثم؛ ثم يسقطه في خطايا أخرى ناتجة عن هذا الإثم؛ لأن الخطايا متشابكة، وكل واحدة تؤدى للأخرى، وهناك خطايا أمهات تلد خطايا أخرى.

إن كان الإثم سيفًا ذا حدين، فعلاجه كلمة الله، التي هي سيف ذو حدين (عب4: 13)، لذا فالمسيح في التجربة على الجبل رد على خطايا الشيطان بآيات من الكتاب المقدس (مت4).

العدد 5

ع5:

التقريع: التوبيخ.

إذا كان الإنسان غضوبًا، ويشتم غيره، ويميل إلى اللوم والتوبيخ، فإن الناس تبتعد عنه، لتضايقهم منه، فلا يكون له صديق، وإن كان يعمل في أي عمل، لا يتعاون معه أحد، وإن كان تاجرًا، فلا يشترون منه، وفى النهاية يفقد غناه، وثروته، ويخسر، ويصير فقيرًا.

كذلك المتكبر، يضايق من حوله بكبريائه، فيخسر أيضًا أحباءه، ويصير وحيدًا، ويفتقر أيضًا.

والخلاصة، ينبغى للإنسان الحكيم أن يضبط لسانه، ولا يلوم غيره، أو يضايقهم بكلامه، ويكون متضعًا، فيكسب من حوله.

العدد 6

ع6:

الإنسان الفقير والمحتاج بأى شكل، من ضيقته يصلى إلى الله باتضاع، وبلجاجة، بل يصرخ إليه؛ لينقذه، فترتفع هذه الصلاة، وهذا التضرع إلى الله بسرعة، ويستجيب الله أيضًا سريعًا، وينصف الفقير والمحتاج، ويسنده، ويقضى له احتياجه، بل أيضًا يرفعه، ويمجده.

العدد 7

ع7:

مقت: كره وأبغض.

إثر: طريق.

الله يعلن صوته أحيانًا من خلال كلمات التوبيخ على ألسنة المحيطين بك، فإن تضايقت من التوبيخ، فأنت ترفض صوت الله، وهكذا تسير في آثار الخاطئ، أي طريقه الشرير، ولكن إذا جلست مع نفسك بعد هذا، وراجعت كلام التوبيخ، واستفدت منه، واعتبرته صوتًا من الله، فأنت إنسان تخاف الله، وهذا سيقودك للتوبة، وإصلاح أخطائك، فتصير عظيمًا، ويفرح بك الله.

العدد 8

ع8:

السليط: ذو الكلام الردىء، أي طويل اللسان.

إذا كان الإنسان يستبيح الكلمات الردية، والقبيحة، فإنه يُعرف بين المجتمع كله برداءته، فيتباعد عنه الناس.

أما العاقل، فإن سقط في خطية، فيراجع نفسه سريعًا؛ ليتوب عنها، ويرجع إلى الله.

هذه الآية تدعونا للتوبة السريعة، فكلنا معرضون للسقوط في الخطية، ولكن من يسرع للتوبة؛ هذا هو الإنسان الحكيم. أما الجاهل، فيستمر في كلامه الردىء، ويضايق من حوله، ويشتهر بطول اللسان، ولا يريد أن يتوب.

العدد 9

ع9:

الإنسان الذي ليس عنده أموال كافية، ويريد أن يبنى له بيتًا، ويسلب أموال غيره بالظلم، فإن الله لا يرضى عليه، وهو لا يستفيد من بيته، إذ يكون مضطربًا دائمًا داخله، ويشبهه يشوع بن سيراخ بأنه مثل إنسان يجمع حجارة في الشتاء؛ ليبنى بيته، فيعانى من برودة الجو، وقد تكون هناك ثلوج، فتزيد آلامه، وقد تؤذيه، أو يموت، فلا يستطيع أن يكمل بناء بيته.

وقد لا يسلب الإنسان غيره لبناء بيته، ولكنه يستدين من الآخرين، فهؤلاء سيطالبونه بتسديد ما عليه، ويضايقونه، فيصير في اضطراب، وقد يهرب من بيته هذا الذي بناه؛ حتى لا يعتدى عليه أصحاب الأموال، فلا يستفيد من بيته.

وبناء الإنسان لبيته، يعنى ليس فقط بناءه من حجارة، أو طوب، بل يعنى أيضًا اتكاله واعتماده في نفقاته على أموال غيره في حياته، سواء بالظلم، أو بالاستدانة، كما ذكرنا، هذا وذاك يسببان له متاعبًا كثيرة، ولا يسعد في حياته.

العدد 10

ع10:

الأثماء: جمع أثيم، أي خاطئ.

المشاقة: ما يسقط من الكتان عند غزله من الوبر القصير، ولا يصلح لأى نسيج، ويسهل حرقه.

عندما يجتمع مجموعة من الخطاة مع بعض، فإنهم يزدادون شرًا، ويهيجون بعضهم البعض في طريق الخطية، فليتهبون بنار الشر، ويكونون في ضيق عظيم، ويحاولون الإضرار بغيرهم.

هؤلاء نهايتهم بالطبع هي العذاب الأبدي، وهذا هو المقصود بلهيب النار المذكور في الآية.

العدد 11

ع11:

هؤلاء الأثماء، أو الخطاة المذكورون في الآية السابقة، طريقهم في الحياة مفروش بالبلاط، أي يسهل السير فيه، المقصود به الطريق الواسع الرحب، المملوء بشهوات العالم، وكل أفكاره الردية، الذي فيه يتنازل الإنسان عن مبادئه؛ ليساير الأشرار، ويريحهم، ويكون واحدًا منهم.

ولكن نهاية هذا الطريق هو حفرة الجحيم، أي يسقط الإنسان في الهاوية والعذاب الأبدي. هذا تأكيد للمرة الثانية بعقوبة الأشرار، حتى لا نصاحبهم، أو نسير معهم في طريق الشر، ولكن نسير في الطريق الكرب، أي نحتمل معاناة تنفيذ الوصايا الإلهية، لنخلص في النهاية من الهلاك، بل ونرتفع إلى الملكوت.

† كن مدققًا في اختيار أصدقائك ومن يجلسون معك من الأحباء والأقارب؛ حتى يساعدونك على الوصول إلى ملكوت السموات. وإذا أخطأت في أي كلمة ردية، أو فعل شرير، فأسرع إلى التوبة، لتواصل السير في طريق الحياة الروحية، الذي نهايته أمجاد السموات.

12 مَنْ حَفِظَ الشَّرِيعَةَ فَطِنَ لِرُوحِهَا. 13 وَغَايَةُ مَخَافَةِ الرَّبِّ الْحِكْمَةُ. 14 مَنْ لَمْ يَكُنْ ذَا دَهَاءٍ لَمْ يُؤَدَّبْ. 15 وَرُبَّ دَهَاءٍ يُكَثِرُ الْمَرَارَةَ. 16 عِلْمُ الْحَكِيمِ يَفِيضُ كَالْعُبَابِ، وَمَشُورَتُهُ كَيَنْبُوعِ حَيَاةٍ. 17 بَاطِنُ الأَحْمَقِ كَإِنَاءٍ مَكْسُورٍ، لاَ يَضْبِطُ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ. 18 الْعَالِمُ إِذَا سَمِعَ كَلاَمَ حِكْمَةٍ مَدَحَهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ، أَمَّا الْخَلِيعُ فَإِذَا سَمِعَهُ، كَرِهَهُ وَنَبَذَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ. 19 حَدِيثُ الأَحْمَقِ كَحِمْلٍ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا اللُّطْفُ عَلَى شَفَتَيِ الْعَاقِلِ. 20 فَمُ الْفَطِنِ يُبْتَغَى فِي الْجَمَاعَةِ، وَكَلاَمُهُ يُتَأَمَّلُ بِهِ فِي الْقَلْبِ. 21 الْحِكْمَةُ لِلأَحْمَقِ كَبَيْتٍ مُخَرَّبٍ، وَعِلْمُ الْجَاهِلِ كَلاَمٌ لاَ يُفْهَمُ. 22 التَّأْدِيبُ لِلْجُهَّالِ كَالْقُيُودِ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَكَالْوِثَاقِ فِي الْيَدِ الْيُمْنَى. 23 الأَحْمَقُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عِنْدَ الضَّحِكِ، أَمَّا ذُو الدَّهَاءِ فَيَتَبَسَّمُ قَلِيلًا بِسُكُونٍ. 24 التَّأْدِيبُ لِلْفَطِنِ كَحِلْيَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَسِوَارٍ فِي ذِرَاعِهِ الْيُمْنَى. 25 قَدَمُ الأَحْمَقِ تُسْرِعُ إِلَى دَاخِلِ الْبَيْتِ، أَمَّا الإِنْسَانُ الْوَاسِعُ الْخِبْرَةِ فَيَسْتَحْيِي. 26 الْجَاهِلُ يَتَطَلَّعُ مِنَ الْبَابِ إِلَى دَاخِلِ الْبَيْتِ، أَمَّا الرَّجُلُ الْمُتَأَدِّبُ فَيَقِفُ خَارِجًا. 27 مِنْ قِلَّةِ الأَدَبِ التَّسَمُّعُ عَلَى الْبَابِ، وَالْفَطِنُ يَسْتَثْقِلُ ذلِكَ الْهَوَانَ. 28 شِفَاهُ الْجُهَّالِ تُحَدِّثُ بِالْخُزَعْبَلاَتِ، وَكَلاَمُ الْفَطِنِينَ يُوزَنُ بِالْمِيزَانِ. 29 قُلُوبُ الْحَمْقَى فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَأَفْوَاهُ الْحُكَمَاءِ فِي قُلُوبِهِمْ. 30 إِذَا لَعَنَ الْمُنَافِقُ الشَّيْطَانَ، فَقَدْ لَعَنَ نَفْسَهُ. 31 النَّمَّامُ يُنَجِّسُ نَفْسَهُ، وَمُعَاشَرَتُهُ مَكْرُوهَةٌ.

العدد 12

ع12:

من يهتم بمعرفة شريعة الله، ويطبقها في حياته، فإنه يفهم روحها، وكل ما تعنيه، وحفظ شريعة الله معناه تطبيقها في الحياة، وليس مجرد حفظها ذهنيًا. والخلاصة، الآية تدعونا أن نحيا بكلام الله؛ لنعرف روحه، ومعناه عمليًا في حياتنا. وربنا يسوع المسيح أكد ذلك في عظته على الجبل، مظهرًا أهمية العمل بوصاياه (مت7: 24 - 27).

العدد 13

ع13:

إن من يخاف الله يعمل حسابًا لوجوده أمامه، فيرفض كل خطية، ويسلك بالبر، والله أيضًا يرشده في كل أمور حياته، أي أنه ينال في النهاية الحكمة، فهدف وغاية مخافة الله أن يصل الإنسان إلى الحكمة، والحكمة هي الله، فيحيا مع الله على الأرض، ثم في السماء.

الأعداد 14-15

ع14 - 15:

:

دهاء: حكمة، أو ذكاء.

الذى لم يقتن الحكمة، أي الدهاء، فذلك لأنه لم يهتم أن يؤدب نفسه بوصايا الله، ويجاهد في تنفيذها، وبالتالي لن يصل إلى الحكمة، فطريق العاقل للوصول إلى الحكمة هو قراءة كلام الله، والتأمل فيه، ومحاولة تطبيقه في الحياة.

والإنسان الحكيم، أي الذي له دهاء، قد يعانى من المرارة والتعب؛ لأن الناس لا يقبلون كلامه الحكيم لشرهم.

ومن ناحية أخرى، إن كان للإنسان ذكاء، أو حكمة أرضية، غرضها إشباع شهواته المادية، فهذه ليست حكمة من الله، بل ستسبب له مرارة، إذ أنه بها يبتعد عن الله، ويعانى من تخليه عنه، أو من يستخدم ذكاءه ويتكبر به على الآخرين، فينفر منه الناس، ويشعر بالعزلة والمرارة.

العدد 16

ع16:

العباب: السيل، أو الطوفان.

الحكيم ممتلئ بالحكمة، فكلامه يعبر عن المعرفة والعلم التي في داخله، وهي تفيض على من حوله مثل السيل، أو الطوفان، فتشبع وتروى الجميع.

الحكمة تشبه ينبوع ماء حى في الصحراء، فتروى كل العطاش، والينبوع يرمز إلى عمل الروح القدس، أى أن الحكيم يعمل فيه روح الله، فيحيى من حوله بمشورته، ويهديهم إلى طريق الله.

العدد 17

ع17:

الأحمق يشبه إناء مكسور، فمهما وُضع فيه من سوائل تتسرب، ولا يبقى في داخله شيء، أي أنه مهما سمع من الحكمة والعلم والمعرفة الروحية، فإنه لا يستفيد منها؛ لأنه منغمس في شهوات العالم، ومتكبر، فلا يستطيع أن يتضع ويفهم كلام الله، ويظل فارغًا طوال حياته بعيدًا عن الله، ويهلك.

العدد 18

ع18:

الخليع: المنغمس في الملذات.

نبذه: رفضه.

الإنسان الحكيم العالم بكلام الله، إذا سمع كلام الحكمة، يفرح به، ويمدحه، ويتمنى أن يستزيد منه، ويسعى إلى ذلك، بل أيضًا، يضيف إليه مما تعلمه عن الحكمة.

على العكس، الإنسان الأحمق، وهو الخليع، المنغمس في الشهوات الشريرة، إذا سمع كلام الحكمة، فإن خطاياه تتكشف أمام عينيه، فيتضايق، ويرفض كلام الحكمة الذي سمعه، ويلقيه وراء ظهره، أي يهمله، بل يكرهه؛ لأنه يفضحه.

العدد 19

ع19:

الإنسان الأحمق، أي الشرير البعيد عن الله، كلامه عن الشهوات الأرضية، وأمور تافهة كثيرة، فهو غير مفيد، بل وأكثر من هذا مملوء شرًا، فيضايق من يسمعه، ويكون للسامع كحمل ثقيل يحمله في الطريق، أي يود أن يتخلص من هذا الكلام الشرير، وينساه.

أما الإنسان الحكيم العاقل، فكلامه، لطيف، ومريح للسامع؛ لأنه كلام الله الذي يعطى السامع سلامًا وطمأنينة، ويقربه إلى الله، فيفرح، ويساعده على السلوك المستقيم، فهو إرشاد يساعد ويطمئن السامع.

العدد 20

ع20:

إن كلمات الحكيم، وهو الفطن، يحبها السامعون، بل يشتاقون لسماعها، من أجل حلاوتها، وفائدتها، ويتأملون في معانيها، بل يحاولون أن يطبقونها في حياتهم؛ لأن كلام الحكمة من الله، وهو مؤثر في النفوس، ومريح لها.

العدد 21

ع21:

الأحمق إذا سمع كلمات الحكمة يشعر أنها كلمات فاشلة، وغير مفيدة في حياته الأرضية الشهوانية، وهي تشبه في نظره بيت خرب، لا يجلس، أو يسكن فيه؛ لأنه منغمس في شروره، فلا يفهم كلام الله، وهو الحكمة.

ومن جهة أخرى، فهذا الأحمق، أو الجاهل إذا ظن أنه يعرف ويعلم أمورًا كثيرة، فكلها كلمات غير مفهومة للحكماء، وغير مفيدة، ومرفوضة؛ لأنها كلمات شريرة.

العدد 22

ع22:

الوثاق: الرباط.

الجاهل، وهو البعيد عن الله، والسالك بحماقة، لا يقبل تأديب الله، الذي يريد أن يعيده إلى الطريق المستقيم، ويعتبره قيودًا تعطل حركته، كأنها قيود لرجليه، ومعطل لأعماله، كأنها قيد ليده اليمنى، التي يعتمد عليها في العمل، فهو يريد أن يستمر في شره؛ لذا فوصايا الله ثقيلة عليه جدًا؛ لأن قلبه يرفض التوبة.

العدد 23

ع23:

الأحمق، أو الجاهل، عندما يسمع شيئًا يسعده، ويفرحه، يعبر عن فرحه بطريقة خليعة، غير مؤدبة، فيضحك بصوت مرتفع، ويحدث ضوضاء بلا داعٍ، ولعله أثناء هذا الكلام، يشرب خمرًا، فيكون ضحكه بشكل زائد، وفيه استهزاء غير مقبول.

أما ذو الدهاء، والمقصود به الحكيم، أو البار، فإذا سمع شيئًا لطيفًا، يفرحه، يبتسم بهدوء، بطريقة متزنة، فهو لا يستغرق في الضحك والسفاهة؛ لأنه يشعر أنه أمام الله في كل حين، سواء في فرحه، أو حزنه، ويهتم أن يرضى الله، بل يكون تعوده هو التصرف المتزن في جميع الأحوال.

العدد 24

ع24:

هذه الآية تعلن تصرف الفطن، وهو الحكيم بخلاف تصرف الجاهل، المذكور في (ع22). فالإنسان الفطن إذا سمح له الله بتأديب؛ ليعود إلى طريقه المستقيم، فإنه يقبله برضا، بل بفرح كهدية من الله. وتشبه الآية هذه الهدية بحلى من ذهب، وأسورة ثمينة يلبسها في يده اليمنى، أي مساعدة إلهية لتقويم أعماله، ولأنه عاقل فهو يتجاوب مع التأديب الإلهي، ويتوب عن خطاياه، ويبدأ الجهاد في الطريق الذي أرشده الله إليه عن طريق التأديب. إنه مطيع وخاضع لوصايا الله وتدابيره، واثقًا أن كل الأشياء تعمل معًا للخير، للذين يحبون الله (رو8: 28).

الأعداد 25-27

ع25 - 27:

:

سلوك الأحمق يُظهر خطاياه، فهو إن وصل إلى بيت، يسرع للدخول إلى أي مكان فيه، وقد يكون هذا بدافع حب الاستطلاع؛ ليعرف أسرار من يزورهم، ولا يحترم خصوصياتهم، وقد يكون بدافع الكبرياء، إذ يشعر أنه أفضل منهم، ومن حقه أن يعرف أي شيء عنهم.

أما واسع الخبرة، وهو الحكيم، فيتميز بالحياء، ولا يدخل إلى مكان، أو مجلس إلا إذا دُعى إليه، ولا يتطلع في كل جانب، والحياء تعبير عن اتضاع الحكيم، واحترامه للآخرين، فهو لا يشعر أنه فوقهم، بل أقل منهم، ويقدر حقهم في أن يكون لهم أسرارًا، وخصوصيات، والحياء يضبط الإنسان الحكيم عن التعلق بمعرفة أخبار الناس؛ لأنه مشغول بمعرفة الله، فهو إما يفكر في أمور الله، أو يتكلم عنها بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة.

والخلاصة، أن الجاهل، وهو الأحمق الغير متأدب، يدفعه حب الاستطلاع إلى التطلع داخل البيوت، أو التصنت لسماع ما يدور داخل البيت، أو أي مجلس، فهو سارق، إذ يأخذ ما لا يحق له، ويسلب غيره بالإجبار، كل هذا كما ذكرنا لكبريائه، وحب استطلاعه، أما الفطن المتأدب لا يقتحم البيوت، ويحترم حقوق الآخرين، سواء من الأصدقاء، أو الأقارب، فيحبه الجميع، ولا يهينه أحد؛ لأنه لا يقتحم أي مكان.

العدد 28

ع28:

الخزعبلات: الكلام غير المنطقي.

الجاهل إذا سمع شيئًا يردده دون فحص، مهما كان كلامًا غير منطقي، أو إذا خطر على باله شيئٌ، يسرع ليقوله، ولا يفحص مدى صحته، فهو متهور، وبالتالي فالناس تحتقر كلامه، ولا تثق فيه، فكل أخباره وكلامه تحتاج إلى مراجعة.

أما الإنسان الحكيم الفطن، فيفحص أفكاره، وكل ما سمعه قبل أن ينطق به، فإذا تأكد من صحته، يعلنه للآخرين، وإن لم يتأكد، فلا يتكلم، فهو حريص أن يزن كل فكرة داخله بميزان دقيق، ويصلى فيرشده الله، فينطق بكلمات عميقة مفيدة للسامعين، ولذا فالناس تسرع إليه لتستشيره في أمور حياتهم الخاصة، ويهتمون بكلماته، ويشعرون أنه ينطق بكلمات الله.

العدد 29

ع29:

يُفهم من الآية السابقة أن الأحمق يُخرج بسرعة ما يشعر به في قلبه أو يأتي على فكره، لأنه متهور كما ذكرنا، أما الحكيم فقبل أن ينطق بما يشعر أو يفكر فيه، يفحصه جيدًا، فيخرج كلامًا متزنًا. فالأحمق يتكلم قبل أن يفكر، والحكيم يتأمل ويفحص ما يخطر على باله ويقيسه على مقياس كلام الله، ثم يتكلم به.

الأعداد 30-31

ع30 - 31:

:

اللعن هو إدانة، بل وشتيمة للآخر، فالمنافق، أي الشرير إذا لعن المخطئ فهو يدينه، وهو بهذا يعمل أعمال الشيطان. فهذه الإدانة، أو النميمة تأتى على رأس قائلها، وإن كان المدان شيطانًا في نظر من يدينه، فمن يدين هو أيضًا شيطان؛ لأنه قد أطفأ الروح القدس الذي فيه، والناس تتضايق منه، وتبتعد عنه. إذن فالذى يدين، أو ينم هو ينجس نفسه، وهو مستحق الإدانة من الله؛ لذا خطيته تأتى على رأسه، ولا يستحق الغفران لإصراره على إدانة غيره.

† اهتم بعلاقتك مع الله، فيسكن الله فيك، وتسلك في طريق البر، وهذا يظهر ليس في أفكارك ومشاعرك، بل أيضًا في تصرفاتك، فيحبك الناس، وتجذبهم إلى الله دون أى جهد؛ لأنك صرت صورة لله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الثاني والعشرون - سفر حكمة يشوع بن سيراخ - القس أنطونيوس فكري

الإصحاح العشرون - سفر حكمة يشوع بن سيراخ - القس أنطونيوس فكري

تفاسير حكمة يشوع بن سيراخ الأصحاح 21
تفاسير حكمة يشوع بن سيراخ الأصحاح 21