هل يحتوي الكتاب المقدس على اساطير – الأستاذ عصام نسيم

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الأستاذ عصام نسيم
التصنيفات النقد الكتابي, دفاعيات, صحة الكتاب المقدس
الطبعة الأولى
عدد الصفحات 57
آخر تحديث 10 فبراير 2024
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
2MB

هل يحتوي سفر التكوين على أساطير ؟

انتشرت في الآونة الأخيرة بعض الأفكار بين الشباب أو حتى بعض الخدام والتي تقول أن الكتاب المقدس يحتوي على أساطير أو ميثولوجيا    وخصوصا سفر التكوين ويدعون أيضا أن موسى النبي أو كاتب سفر التكوين قد استعان بالأساطير والقصص الشعبية الموجودة في بلاد الشرق وقتها وقد نقاها من بعض الإحداث لتكون متوافقا مع الإيمان اليهودي بالإله الواحد الخالق !

كذلك يدعون أن قصة الخلق كما جاءت في الكتاب المقدس وأيضا قصة سقوط أبوينا ادم وحواء أساطير مأخوذة من تلك الأساطير بل ويدعون أن شخصيات ادم وحواء هي شخصية رمزية أسطورية ولم تكن موجودة تاريخيا ولكنها قصة أراد بتا كاتب سفر التكوين أن يوصل لنا مفاهيم مثل الخطير والشر والسقوط والانفصال عن الله …..الخ

فهل حقا يحتوي الكتاب المقدس وخصوصا سفر التكوين على أساطير ؟

هل قصص الخلق والسقوط وادم وحواء قصص مأخوذة من حضارات وثقافات أخرى ؟

وهل استعان موسى بقصص كانت موجودة في عصره  واستخدمها في كتابة سفر التكوين أو الأسفار الأخرى ؟

وكيف تستقيم هذه الادعاءات وإيماننا بالوحي الإلهي وان كتابه كانوا مسوقين من الروح القدس ؟

هذه الأسئلة وأمور أخرى سوف نناقشها في تلك المحاضرة بنعمة المسيح

من خلال النقاط الآتية

هل يحتوي الكتاب المقدس على أساطير او ميثولوجيا  ؟

متى بدا الادعاء بان هناك أساطير في الكتاب المقدس ومصدر هذه الأفكار  ؟؟

هل ما كتبه موسى النبي في سفر التكوين وحي أم  أساطير اقتبسها من الثقافات الأخرى ؟

التناقض بين قصص واحداث سفر التكوين والاساطير الاخرى !

بما نفسر وجود تشابه بين بعض تلك الأساطير وبين قصص الخلق أو السقوط في الكتاب المقدس ؟

هل يحتوي الكتاب المقدس على أساطير او ميثولوجيا  ؟

كما سبق وأوضحنا أن الأسطورة تعني قصة شعبيه مرتبطة بالا لهه والخلق وتشمل كثير من الخرافات والأمور الغير حقيقية والأسطورة ربما تحمل معاني تكون أحيانا عميقة وتكون أحيانا أخرى مليئة بالخرافات والأمور الغير منطقية مثلما نجد في أساطير الخلق عند اليونان مثل ملحمة الهوميروس والمتمثلة في الإلياذة والادويسة كصراع الآلهة والحروب بينهم والقتل والدماء وأمور أخرى كثيرة غير منطقية !

فهل الكتاب المقدس كلمة الله وأنفاسه من الممكن أن نصفه انه به أساطير بهذا الشكل ؟ أو كما قال احدهم مثل كتاب كليلة ودمنة يحتوي على قصص خيالية تحمل معاني عميقة ؟

بالطبع هذه الادعاءات تطعن في الكتاب المقدس والوحي الإلهي ومفهومه بل وتطعن في إيماننا المسيحي

أن الكتاب المقدس كما تؤمن الكنيسة على مدار تاريخها هو كلمة الله كتبه أناس الله مسوقين من الروح القدس وهو أنفاس الله يحتوي على الحق الإلهي ويحكي قصة الخلاص منذ بداية الخليقة إلي مجيء السيد المسيح الثاني ومحور الكتاب المقدس كله هو السيد المسيح نفسه فعندما نطعن في جزء هام جدا مثل الإصحاحات  الأولى من سفر التكوين وهي التي تشمل الخلق والسقوط ووعد الله بالخلاص والبدايات لكل شيء إذن نحن نطعن في الإيمان المسيحي والخلاص الذي قدمه الرب لنا كله !

والامر العجيب أن بعض الذين ينادون باسطورية احداث سفر التكوين من الخلق والسقوط وشخصيات ابوينا ادم وحواء يحاولون اليوم أن يروجون أن كان هناك تفسير رمزي في الكنيسة القبطية وكان ينادي بان احداث هذه القصص احداث لم تحدث ولكنه اطار رمزي وضع في شكل قصة ليوصل لنا مفاهيم الخطية والسقوط ….الخ

وبالطبع هذا الكلام غير حقيقي وغير واقعي لان كنيستنا المسيحية بشكل عام وكنيسة الاسكندرية بشكل خاص لم تنادي ابدا بان قصص سفر التكوين قصص غير حقيقية او رمزية او أن شخصيات ادم وحواء شخصيات غير حقيقية بل نجد أن تفاسير اباء الكنيسة الكبار مثل القديس اثناسيوس والقديس كيرلس الكبير والقديس يوحنا ذهبي الفم وكل الاباء الكبار كانوا يعلمون بنفس التعليم الكتابي من حقيقة وحرفية احداث سفر التكوين وحتى لو كان هناك تفسير رمزي فلم يكن ينفي حقيقية وواقعية الاحداث كما سنوضح .

متى بدا الادعاء بان هناك أساطير في الكتاب المقدس ومصدر هذه الأفكار  ؟؟

قبل أن نناقش هذه الأفكار والتي تدعي أن الكتاب المقدس يحتوي على أساطير اقتبسها موسى النبي إثناء كتاباته لسفر التكوين يجب أن نعلم متى بدأت هذه الادعاءات ومتى بدأ البعض يتبنى هذه الأفكار ولماذا انتشرت مؤخرا بين بعض الشباب وحتى بعض المعلمين سواء في كنائس أخرى أو حتى بين شبابنا؟

الحقيقية القول بان الكتاب المقدس يحتوي على أساطير ا وان قصة الخلق والسقوط والطوفان وبرج بابل قصص شعبية أسطورية ادعاءات بدأت تظهر في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر مع ظهور ما يعرف باللاهوت الليبرالي

واللاهوت الليبرالي باختصار هو مجموعة من الأفكار والبدع ظهرت في أوربا وبالتحديد في ألمانيا في تلك الفترة وكان لهذا المذهب الفكري بعد الأسباب التي ساهمت في ظهوره أهمها

1-      انشقاق مارتن لوثر عن الكنيسة الكاثوليكية وتمرده على تعاليم وسلطان الكنيسة

2-      الأسلوب البروتستانتي في تفسير الكتاب المقدس والذي اعتمد على الفكر الشخصي والذاتي

3-      ظهور مدارس المقدس الكتابي الأعلى والتي هاجمت الكتاب المقدس بشده ونقدت كل شيء فيه

4-      ظهور الثورة الصناعية والتقدم العلمي وعصر ما يعرف بعصر التنوير ووجود مدارس وتيارات فكرية متعددة

5-      ظهور التيار العقلاني والذي يخضع كل شيء للعقل والفحص ورفض ما لا يوافق عليه العقل وهو ما يعرف بتأليه العقل أو جعله السيد على كل شيء حتى الإيمان والكتاب المقدس !

تلك أهم الظروف التي أدت لظهور هذا التيار الذي انتشر واخترق الكنيسة البروتستانتية في أوربا ثم مع بدايات القرن العشرين اخترق هذا التيار كنيسة روما ظهرت أهم أفكاره في قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني والذي اقر بخلاص غير المؤمنين وتبرئة اليهود من دم السيد المسيح ومنذ ذلك الحين أصبحت الترجمات الرسمية مثل الترجمة اليسوعية وكثير من تفسيرات الكتاب المقدس خصوصا العهد القديم سواء الأجنبية أو العربية والتي تصدر بالتحديد من لبنان تحتوي على أفكار الليبراليين نحو الكتاب المقدس عموما وأسفار موسى وسفر التكوين خصوصا !

وفي السنوات الأخيرة ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وسهولة نشر الكتب المترجمة والتي تحتوي على هذا الفكر انتشرت هذه الأفكار واقتنع بتا البعض خصوصا أن البعض يروج لها على أنها محاولة للتوفيق بين العلم والإيمان فمثلا العلم يقول بنظرية التطور والكتاب المقدس خلق إذن هذه الأفكار محاولة توفيق بينهم فمع القول أن قصص الخلق والسقوط مجرد أساطير إذن لا يوجد تعارض بين العلم الذي يقول بنظرية التطور والكتاب الذي يقول بخلق الإنسان من تراب !

وللأسف الشديد أصبح نرى من يعلم ببعض هذه الأفكار وسط شبابنا

أهم أفكار اللاهوت الليبرالي والتي نادت بأسطورية قصص الكتاب المقدس

ربما لا يعلم من ينادي بان الكتاب المقدس به أساطير أن هذه الادعاء ليس إلا مجرد فكرة واحدة من مجموعة أفكار كثيرة لو قبلناها لتم هدم الإيمان المسيحي كله !

فالقول بأسطورية قصص سفر التكوين ليس مجرد رأي حديث أو مدرسة في التفسير كما يدعي البعض أو تعليم موجود في الكنيسة كما سوف نثبت عكس ذلك ولكنه محاولة لإخضاع الكتاب المقدس للعقل وقبول ما يتوافق معه أو مع ما يقبله العقل ورفض ما لا يقبله حتى لو كان إيمان أو حتى عقيدة !

أما عن أهم أفكار اللاهوت الليبرالي والتي جاء منها القول بان الكتاب المقدس يحتوي على أساطير فهي

أولا التشكيك في الكتاب المقدس وإنكار الوحي الإلهي له والنظرة له على انه كتاب يحتوي على أساطير تأثر كاتبيه بالثقافة السائدة وقت كتابته

ثانيا التشكيك في قصص البدايات مثل الخلق والسقوط ووجود شخصيات ادم وحواء والطوفان وبرج بابل

ثالثا الادعاء بان ادم وحواء شخصيات رمزية وليست قصة حقيقية ولكنه إطار رمزي وضع لإيصال مفاهيم معينة أراد الكاتب أن يوصلها للقاري فادم وحواء هي رموز للبشرية أو الإنسانية كلها !

رابعا : لا يتوقف الأمر على العهد القديم فقط بل ينكر أصحاب اللاهوت الليبرالي معجزات وقيامة وصعود السيد المسيح نفسه وأيضا إنكار الميلاد العذراوي له  وانه ليس إلا مجرد معلم أخلاقيا صالحا وقد حرف تلاميذه قصته بعد ذلك في الأناجيل

خامسا : أيضا يدعون أن لا وجود للجحيم وان الإنسان لا يهلك في الخطية وليس هناك دينونة وينكرون الخطية الأصلية

سادسا كان من أهم تأثيرات فكر لاهوت التحرر في كنائس الغرب هو إباحة الشذوذ الجنسي وسيام المرأة كاهن وقس واسقفة وزواج الشاذين داخل الكنائس ورفض كثير  من العقائد مثل معجزات السيد المسيح وأيضا إنكار الميلاد العذراوي للسيد المسيح !

هذه أهم أفكار لاهوت التحرر التي بدأت كثير من كنائس الغرب حتى الكنيسة الكاثوليكية بدأت تعلم ببعض أفكاره الخاصة بالكتاب المقدس العهد القديم فالذي يقول اليوم ان الكتاب المقدس به أساطير وتأثر كاتبيه بالثقافة السائدة أو إن موسى النبي اقتبس من القصص الشعبية للخلق التي كانت موجودة في عصره سيقول غدا إن معجزات السيد المسيح غير حقيقية وان ميلاده العذراوي هو أسطورة أيضا ويرفض الوصية الإنجيلية ويشكك في تعاليم الإنجيل أيضا لأنه بدا بالتشكيك إن كلمة الله هي وحي من الله ومجرد اقتباسات من أساطير قديمة فالبدع لا سقف لها ودائما البدع الكبيرة تبدأ بفكرة صغيرة !.

هل ما كتبه موسى النبي في سفر التكوين وحي أم  أساطير اقتبسها من الثقافات الأخرى ؟

قبل أن نقوم بالرد على هذه الادعاء يجب علينا أولا أن نلقى نظري على تلك الأساطير التي كانت موجودة في عصر موسى ثم نقارن بينها وبين القصة الكتابية ونفحص بأنفسنا هل يمكن أن يكون هناك وجه شبه بين تلك الأساطير المليئة بالخرافات وصراع الالهه والقتل والذبح والدم والحروب وبين القصة الكتابية التي تحكي القصة بكل ترتيب بشكل أدبي تاريخي رائع لنكتشف منها نشأة الكون كله والحياة والإنسان وكل شيء !

بالطبع لا يمكن أبدا إن نقبل إن هذه القصة الرائعة تكون قد اقتبست من تلك الخرافات والأساطير الكاذبة فلا يمكن إن نستخرج من قصص مشوهة قصة حقيقية منطقية منظمة بهذا الشكل كما سنوضح

كذلك اين الدور الإلهي في كتابة الكتب المقدسة ؟

ألا يؤمن كل مسيحي حقيقي إن الكتاب المقدس هو كلمة الله وكتبه أناس الله القديسين مسوقين من الروح القدس أي تحت إرشاد وقيادة الروح القدس ؟

فكيف نؤمن بذلك ثم نقول إن الكاتب اقتبس من خرافات وأساطير شعبية قديمة أصحاب هذه الأساطير يؤمنون بتعدد الالهه ويعبدون الأوثان وينكرون وجود الإله الواحد الحقيقي !!

كيف يعقل أو يمكن إن نقبل إن الكتاب المقدس وكاتبه موسى النبي أو أي كاتب أخر يقتبس من ديانات وثنية وثقافات مليئة بالخرفان والقصص الكاذبة وتعدد الالهه ليخرج لنا قصة كتابية تحكي لنا عن الله الواحد خالق كل شيء ومخلص الإنسان ؟

أيضا كيف نقبل إن القصة الكتابية في الخلق والسقوط والطوفان ….الخ وهي قصص كما جاءت في الكتاب المقدس وسنوضح قصص نفهم من سياقها وإحداثها وترتيبها أنها قصص حقيقية حدثت مع أشخاص حقيقيين في وقت معين وليس مجرد رمز أو قصة معنوية غير تاريخية ؟

إلي جانب نقطة هامة وهي النبؤات  التي جاءت في الإصحاحات الأولى من سفر التكوين مثل وعد الرب للمرأة إن نسل المرأة يسحق رأس الحية تك 15:3 ونبؤات أخرى هل أيضا هذه النبؤات  جاءت من قصص أسطورية اقتبسها الكاتب من الثقافات الأخرى ؟

بالطبع كلام غير منطقي وغير مقبول أو معقول ويتنافى مع إيماننا المسيحي في إن كل الكتاب هو موحى به من الله , موحى به من الله وليس موحى من أساطير وخرافات قديمة

فالله ليس بحاجة إن يسمح بالاستعارة من قصص وأساطير تمتلئ بالخرافات والعقائد التي تتنافى مع الإيمان السليم وليس نبي الله موسى في حاجه إلي إن يلجأ إلي القصص والأساطير الشعبية وهو كليم الله والذي ظهر الله له متجليا في العليقة ومتجليا على جبل موسى وبقي مع الله مدة أربعين يوما وأربعين يوما واخذ من الرب لوحي الشريعة والتي كتبت بإصبع الله خروج18:18 !

موسى النبي الذي قال عنه الرب الإله  انه كان يتحدث معه فما إلي فم وعيانا يتكلم معه لا بالإلغاز وشبه الرب يعاين عدد 8:18

موسى الذي شهد عنه السيد المسيح والرسل أيضا في اكثر من موضع في الأناجيل والرسائل في العهد القديم واقتبس السيد المسيح نفسه كثير من إحداث سفر التكوين في الخلق والسقوط والطوفان وسدوم وعمورة …الخ

فقد شهد السيد المسيح أن موسى النبي هو كاتب سفر التكوين مر 26:12

تأكيد السيد المسيح على خلق ادم وحواء ذكر وأنثى في البدء متى 4:19

أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى

تأكيد السيد المسيح على إحداث الطوفان ونوح  متى  37:24

وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضا مجيء ابن الإنسان

وأيضا لو 26:17 وعبرانيين 7:11 وبطرس الأولى 20:3

استعارة بولس الرسول قصة السقوط وخداع الحية كورنثوس الثانية 3:11

ولكنني اخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد اذهانكم عن البساطة التي في المسيح .

ايضا اقتباس بولس الرسول لخلق وسقوط ادم يموثاوس الاولى 13:2

لان ادم جبل اولا ثم حواء وادم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي.

كما أن اسلوب الكتابة في سفر التكوين او اسفار موسى الخمسة يتخلف اختلاف تام بينه وبين الاساطير التي كانت موجودة في عصره

فالاسلوب القصصي السهل والمترابط والمتتابع في الاحداث يختلف اختلاف كلي بين الاساطير الأخرى

كذلك نجد الاحداث في سفر التكوين تبدأ قبل نشأة العالم أي أن موسى النبي يذكر احداث لم يعاينها احد قط فمن اين اتى موسى بتلك الاحداث مثل خلق السموات والارض وخلق الكون في ستة ايام الخليقة بهذا الترتيب الرائع بدءا من خلق النور في اليوم الاول ثم الجلد والفصل بين المياه في اليوم الثاني ثم تجمع المياه وظهور اليابسة وانبات الارض للعشب ثم البقل ثم الشجر كلا كجنسه وفي اليوم الرابع اكتمال الشمس والقمر وظهور النجوم والانوار في السماء وفي اليوم الخامس خلقة الزحافات والاسماك  ثم الطيور ثم الدبابات واخيرا في اليوم السادس خلق الله الحيوانات وفي النهاية خلق الانسان رأس الخليقة والمتسلط عليها كلها .

فهل هذا الترتيب المنطقي والدقيق جدا في ذكر كل جنس سواء من النباتات او الطيور او الحيوانات يتشابه مع الاساطير وما بها من خرافات ؟ ثم من اين اتى موسى بكل هذا الترتيب والتدقيق في الاحداث أن لم يكن قد اخذه من الله خالق الكون نفسه ؟

فان فرضنا أن هناك تقليد لخلق العالم والسقوط والطوفان متوارث من جيل لجيل فهل يمكن أن يعرف أي انسان باحداث الخلق أن لم يكن قد اوحى بها الله له ؟

وهذا ما فعله الله مع موسى الذي كان كليم الله ويتحدث معه بل ومكث مع الله اربعين يوما واربعين ليلة على جبل سيناء !

نقطة اخرى هامة

يدعى اصحاب هذا الفكر أن موسى اقتبس من الاساطير  البابلية او السومرية ….الخ

ومعروف أن موسى كتب سفر التكوين في برية سيناء في فترة الاربعين عاما التي قضاها الشعب في صحراء سيناء منعزلين عن العالم كله والشعوب الأخرى واساطيرها فكيف اذن وصل موسى لتلك الاساطير ليقتبس منها ؟

وكان اولى له أن يقتبس من قصص الخلق المصرية حيث كان يعيش في مصر مدة اربعين عام وكما جاء في الكتاب عنه تهذب موسى بكل حكمة المصريين ( اعمال 22:7 ) ورغم ذلك لا نجد أي تشابه بين ما كتبه موسى وبين أساطير المصريين ايضا في هذا الوقت !

بعض الاساطير البابلية القديمة في الخلق

في منتصف القرن الثامن عشر تم اكتشاف لوحان من الحجارة بالقرب من ميدنة نينوى يحتوي اللوحان على اسطورة بابلية تدعى انوما اليش وقد كتبت هذه الاسطورة باللغة المسمارية وهي عبارة عن 1000 سطر مسجلة على سبعة الواح واسم الاسطورة مشتق من كلماتها الاولى والتي تعني ” ذات يوم في العلاء ” وتعني أيضا  ” في الوقت الذي لم تكن فيه السماوات قد سميت ”

فقد اكتشف عالم الاثار الانجليزي اوستن هنري ليبارد هذه الالواح في مدينة نينوى ( العراق حاليا ) كما اكتشف الخبير الانجليزي جورج سميث ملحمة جلجامش ونشرهما عام 1876  على انها الرواية الكلدانية للخلق وبعد هذه الاكتشافات ونشرها افترض فريدريتش ديلتش أن كثير من سفر التكوين قد استعير من هاتين الاسطورتين  وبالتحديد قصص الخلق والطوفان وبعده بدأ كثيرون يرددون هذه الافتراضات على انها حقائق !

وتقول الاسطورة أن الآلهة قد نشأت من اتحاد ابسو وتيامات وان هذه الآلهة صنعت ضوضاء عظيمة حتى أن اله تيامات ارادت أن تقتلهم الا أن الاله القوي ايا نجح في أن ينوم ابسو ثم قتله بعد ذلك وعندئ ارادات تيامات أن تنتقم لمقتل زوجها فلودت احد عشر الها من لحوشو واصبح احد هذه الآلهة ويدعي كينجو زوج تيامات الجديد وقائد جيشها وعندها ارتبعت الالهه لكن مرودخ ابن  ايا الذي كان قوي وافق على أن يمد العون مقابل أن يعين ملكا للالهة !

ثم قام باصطياد الآلهة تيامات الضخمة في شبكة ودفع برياح عنيفة الي داخل فمها فنفخت امعاءها ثم قتلها بسهم اخترق بطنها وقلبها وهشم جممتها وشق جسدها الي جزئين صانعا السماء من النصف الاعلى والارض من نصفها الاسفل واصبحت عينا تيامات الباكية مصدر نهري دخلة والفرات وكون ذيلها درب التباة ( المجرة اللبنية في الفلك ) وعندذئ القى مرودخ القبض على كينجو واعدمه وتكون من دمه الذي امتزج مع الطين البشر ليكونوا عبيد وخداما للالهة

وبالطبع في هذه الاسطورة تعدد الآلهة والعنف والقتل والذبح بين الآلهة والخلق للسموات والارض وخلقة الانسان كعبد وخادم للالهة تختلف اختلاف جذري بينها وبين القصة الكتابية الرائعة !

وترجع اقدم نسخة من انوما اليش الي القرن السابع قبل الميلاد .

هذه نموذج لما جاء في اسطورة انوما اليش من خرافات وصراعات بين الآلهة حتى خلق الانسان وتعد اسطورة الانوما اليش هي الاشهر في الاساطير القديمة في خلق الانسان والتي دائما ما يدعي اصحاب هذه الفكر اقتباس كاتب سفر التكوين منها وهكذا الحال بباقي الاساطير الاخرى والتي تحتوي على خرافات وتناقضات بينها وبين القصة الكتابية في الخلق كما سنوضح.

بعض الاساطيرالمصرية القديمة في خلق الانسان

اشتهرت مصر القديمة بتعدد الآلهة فقد عبد المصري القديم كل شيء حتى الحشرات والحيوانات والشمس والنجوم والارض والسماء !

وقد انتشرت في الحضارة المصرية القديمة العديد من الاساطير حول خلق العالم وخلقة الانسان

فقد اعتقد المصري القديم أن الكون اصله من المياه وذلك عندما كان يشاهد المصري القديم الفيضانات ثم تبدا الارض من جديد في الظهور والحياة مرة أخرى

كذلك ظن أن الارض خرجت من بيضة بعدما كان يشاهد الاوزة تخرج من البيضة لتنمو وتطير في السماء وهكذا كان تأثر المصري القديم في روايات الخلق ناتج اما من التقاليد القديمة التي ورثتها البشرية كلها سواء من ابونا ادم او نوح وابناءه بعد الطوفان او الثقافات والمعارف التي اكتسبتها الشعوب ونسجت حولها الاساطير والخرافات !

وكان لدى المصري القديم العديد من نظريات الخلق التي ارتبطت بالمراكز الحضارية التي كانت موجودة في مصر القديمة وهي

عين شمس ( اون )

الاشمونيين

منف

طيبة

اسطورة عين شمس ( اون )

وترجع الي سنة 2700 ق موتقول أنه ظهور أولا اتوم اله المس من المحيط الازلي اي الماء وقد خلق اتوم نفسه بنفسه وهو مزدوج الجنس وقد انجب ابنه شو اله الهواء وابنته تفنوت عن طريق البصق !

ثم تزوج شو باخته تفنوت وانجب منها الاله جب  الارض وانجب أيضا ابنته نوت السماء ثم تزوج جب من اخته نوت فانجب منها اربعة اطفال هم ايزيس واوزيريس ونفتيس وست ( اله الشر ) وهكذا ظهر في الوجوة التاسوع اي تسعة الهه وكانوا جميعهم على هيئة بشرية

اسطورة الاشمونيين

وتقول هذه النظرية أيضا أن العالم كان محيطا مائيا اسمه نون ولكن تختلف عن نظرية اون في أن االه الشمس لم يخلق نفسه وانما انحد من ثامون ( ثمانية الهه ) اربعة ازواج على هيئة ضفادع وحيات وقد مثل الذكور اربعة ضفادع بينمها الاناث

وكان كل زوج من هذه الازواج يمثل مظهر من مظاهر العالم فمثلا

الزوج الاول نون ونونيت يمثل الفراغ اللا نهائي

الزوج الثاني حوح وحيت الماء الازلي

الزوج الثالث كوك وكويت يمثلان الظلمة

الزوج الرابع والاخير امون وامونيت يمثلان الخفاء

وقد ادعى كهنة الاشمونين أن هؤلاء الآلهة الثمانية قد خلقوا بيضة ووضعوها فوق تل مرتبع وان الشمس قد خرجت من هذه البيضة وكان خروجها على شكل طائر الازو وبخروج هذا الطائر تحول الظلام الي نهار !

اسطورة الخلق في منف

وتقول هذه النظرية أن الاله بتاح خلق مننفسه ثمانية الهة أخرى سميت باسم بتاح وويعتبر الاله بتاح هنا هو اله الصناعة والحرف وانه خلق اله المشس القديم اتوم في هيليوبوليس واوجد تاتنن وهو اسم قديم لبتاح وهو الذي صور الآلهة واقام المدن واسس المقاطعات فاقام الالهه في اماكنهم المقدسة ونحت تماثيلهم ويظهر الاله بتاح على شكل انسان برداء محبوك ويقبض بيديه من الرموز مثل عنخ .

اسطور الخلق في طيبة

وادعى كهنة طيبة بان الكيان المائي نون كان في مدينتهم وان التل الازلي الذي ظهر منه هو مدينة طيبة ذاتها وجعلوا من امون الاله الخالق الذي اوجد نفسه بنفسه وانه ذهب الي الاشمونين وهناك اصبح واحد من اهلتها الثمانية الكبار وقد اعتقد اهل طيبة أن امون هو الذي خلق الآلهة الثمانية وكان الميهمن عليهم وقد اصبح امون شريكا في خلق الشمس لذلك اطلق كهنة طيبة على اتوم التسمية ( امون – رع ) !

تلك أهم الاساطير الشهيرة في خلق الكون عند القدماء المصريين وقد اردت أن انشر هذه الاساطير بشيء من التفاصيل حتى نعرف ما تقوله هذه الاساطير من خرافات وتعدد الهة بل وتعدد الاسطورة أيضا من مدينة الي مدينة !

ولان مصر كانت هي مكان مولد وحياة موسى حتى اخرج شعب بني اسرائيل الي برية سيناء ولان أساطير مصر هي التي كانت الاقرب من ثقافة وفكر موسى النبي بل وكل شعب بني اسرائيل أولا فكان الاولى له أن يقتبس من هذه الاساطير قصص الخلق بدلا من أساطير بابل لانها كانت الاقر له وكان يعيش وسط مجتمع متشبع بها !

ولكن بالمقارنة بتلك الاساطير أيضا نلاحظ انه لا علاقة ابدا بينها وبين القصة الكتابية سواء في الاسلوب او الاحداث او الترتيب الزمني في الخلق وبالطبع الاساطير المصرية بالتحديد بعيدة كل البعد عن القصة الكتابية ولان موسى كان يعيش في مصر كما ذكرنا كان اولى له أن ياخذ من تلك الاساطير عند تدوينه سفر التكوين كما يدعي الليبراليون الجدد ولكن عند مقارنة القصة الكتابية بالاساطير المصرية ندرك سريعا انه لا علاقة ابدا بين الاثنين ولم يحدث أن اقتبس موسى النبي من أساطير المصريين او افكارهم عن الخلق ويسقط هذا الادعاء امام كلمة الله الموحى بها من الله وليس من أساطير كما يدعي البعض اليوم.

التناقض بين قصص واحداث سفر التكوين والاساطير الاخرى !

أدعى أصحاب لاهوت التحرر أن ما جاء في سفر التكوين من قصة الخلق تم اقتباسه من الأساطير التي كانت موجودة في عصر كتابة السفر وبذلك أنكروا

وحى الروح القدس للسفر.

فقال أحدهم:

أن قصة الخليقة في سفر التكوين صيغت بالقالب الأسطوري الذي كان سائدًا في ذلك العصر ووفقًا للتصورات الشائع حينذاك( ).

أو أخر عندما قال:

الفصول (1-3) من سفر التكوين تماثل أساطير نشأة العالم مأخوذين من

ملحمة اطراحسيس ( احدى أساطير الخلق القديمة ) والرواية الطقسية في رأس السنة البابلية.. أن مشهد البدء

في الكتاب المقدس هو عمل فني على غرار أساطير نشأة العالم في

الحضارات المجاورة ( ).

أما كما يقول كاتب آخر:

تذهب قصة الخلق في سرد الخلق وهى تتشابه في ذلك مع الأساطير البابلية

التي تعتبر أن الخالق لم يخلق من العدم بل هو المؤسس والحامي للناظم في العالم.. وقد كان خلق الإله للنظام من الفوضى أسلوبًا متبعًا ومتكررًا في قصص الخلق القديمة في بابل ومصر مثل: خلق مردوخ للعالم القديم (إينوما إيليش البابلية)

أو قصة خلق أتون المصرية ( ).

فهل اخذ حقا موسى النبي من  الأساطير والقصص التي كانت موجودة في عصره ؟!

الحقيقية أن هذا الافتراض الخاطئ يناقض مفهومنا المسيحي للوحي المقدس فكل مسيحي يؤمن ويصدق أن الكتاب المقدس هو موحى به من الروح القدس وكما تعلمنا كلمة الله.

– “لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللَّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (2بط 21:1).

وأيضا  كل الكتاب موحى به من الله (2تيمو 3:16 )

إذن من قاموا بكتابة الكتاب المقدس هم أناس الله القديسين بوحي من الروح القدس وليس اقتباسا من القصص والأساطير الخاصة بالخلق في وقت كتابة الأسفار!

أما عن الرد بخصوص الإدعاء بأن سفر التكوين أخذ قصة الخلق عن أساطير البابليين والأشوريين الاينوما ايلىش أو ملحمة جلجامش أو الجيباتا أو غيرها من الأساطير فهذا إدعاء باطل يظهر زيفه بمقارنة بسيطة ين تلك الأساطير ومحتواها وطريقة سرد القصص بها وما تحتويه من خرافات وبين قصة الخلق في الكتاب المقدس نجد التناقض والتضارب وعندها نكتشف أن لا توجد أى مقارنة بين قصة التكوين المنظمة المنطقية وبين قصص الأساطير الأخرى المليئة بالخرافات والصراعات وتعدد الإلهة!

فعلى سبيل المثال نجد في الأساطير القديمة الآتي:

نجد الآلهة محدودة، ومتعددة، تأكل وتشرب وتنام، وتتزاوج وتتناسل وتتصارع وتذبح

وهذا لا يوجد إطلاقًا في الكتاب المقدس

بل نجد إن في الأساطير السومرية الآلهة  تغتصب الأمهات وخرافات كثيرة أخرى لا يمكن ان يقبلها أي عقل !

أيضًا في قصة الأينوما إيليش تقف أمام عدد ضخم من الآلهة التي تقف في مستويات مختلفة، فمنها الآلهة العليا “الأيجيجى” والآلهة الصغرى “الأنوناكى”

والآلهة هم الذين منحوا السلطة لمردوخ ليصير رئيسهم الأعلى، وهم الذين بنوا  له مسكنه ومعبده.!!. فكيف نتجاوز هذه التعددية؟! بينما في سفر التكوين لا نجد أثرًا على الإطلاق يثبت  وحدانية الله الكاملة المطلقة، فلا إله إلا هو، وهو فقط. أما كل الكائنات فهي مخلوقاته، التي خلقها بكلمته الفعالة..

حقًا إننا في سفر التكوين نقف في خشوع شديدًا أمام الإله الواحد الخالق ضابط الكل محب البشر صانع الخيرات الذي له كل الكمالات الإلهية. أما في الأساطير فنتوه وسط زحام الآلهة وإن كان مردوخ يتميز عنهم، وفى الحقيقة والواقع لا وجود لهؤلاء الآلهة ولا لمردوخ إلا في الخيال الإنساني ( ).

أيضًا في سفر التكوين يتم الخلق بكلمة الله الواحد الخالق. أما في الأساطير فالخلق يتم عبر التزاوج والإنجاب والعراك والصراع بين الأجيال الإلهية.

وفى الرواية السومرية تشارك الآلهة في الخلق، فإنكى يتابع ما بدأه “إنليل”

و”ننحور ساج” تخلق الإنسان، بل نجد أن  الخلق مهمة لم يتولاها اله واحد بل عدة الهه مثل انكي  يكمل عمل الإله  إنليل”.

ويضع اللمسات الأخيرة على صورة الكون، فتخرج حية نضرة، و”إنكى” هو

إله الماء العذب عند السومريين وإله الحكمة أيضًا( ).

قالوا أن الأساطير وسفر التكوين اتفقا في خلقة السماء، ففي نشيد الأينوما إيليش شق مردوخ جسد تيامات، ورفع الجزء الأعلى، فكانت السماء، وجاء في

سفر التكوين “وَقَالَ اللهُ: لِيَكُنْ جَلَدٌ في وَسَطِ الْمِيَاهِ. وَلْيَكُنْ فَاصِلاً بَيْنَ مِيَاهٍ وَمِيَاهٍ. فَعَمِلَ اللهُ الْجَلَدَ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْمِيَاهِ الَّتِى تَحْتَ الْجَلَدِ وَالْمِيَاهِ التي فَوْقَ الْجَلَدِ. وَكَانَ كَذَلِكَ. وَدَعَا اللهُ الْجَلَدَ سَمَاءً” (تك 6:1-8).

والحقيقة أنه في سفر التكوين فصل الله بين مياه ومياه، فالمياه العليا هي المياه في حالتها البخارية، والمياه السفلى هي المياه في حالتها السائلة، وقد تجمعت في المسطحات المائية، بينما في قصة الأينوما إيليش لم يتم الفصل بين مياه ومياه، إنما تم شطر تيمات، فالشطر الأعلى من جسدها صار سماء، والأسفل صار أرضًا، ومن لعاب تيمات جاءت الغيوم والضباب، وقد أعتبر الأقدمون أن السماء إلها فعبدوه، أما في سفر التكوين فتظهر السماء مجرد خليقة مثل سائر المخلوقات( ).

قالوا أن الأساطير وسفر التكوين اتفقا في خلقة الأرض، ففي الأينوما إيليش خلقت الأرض من نصف جسد تيامات الأسفل، وفى سفر التكوين ظهرت اليابسة من الماء “وَقَالَ اللهُ: لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ. وَكَانَ كَذَلِكَ. وَدَعَا اللهُ الْيَابِسَةَ أَرْضًا” (تك 9:1-10).

وهنا نلاحظ مغالطة واضحة من جانب النقاد، إذ يقولون أن في الأينوما إيليش خلقت الأرض والحقيقة لأن فعل “خلق” يعنى الخلق من العدم. وهذا ما لا تقول به الأساطير، ففي الأينوما إيليش أن النصف الأسفل من جسد تيامات هو الذي صار أرضا، وعظامها صارت جبالاً، فأين الخلق هنا..؟ لا يوجد، فأرض التكوين قد خلقت فعلا من العدم “في الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ” (تك 1:1) أما أرض الأساطير فهي غير مخلوقة( ).

وهكذا يتضح بمقارنة بسيطة بين تلك الأساطير وبين القصة التي وردت

في الكتاب المقدس الكثير والكثير من الاختلافات وما ذكرناه بعضها فقط

وليس الكل. لذلك نستطيع أن نلخص الخلافات بين سفر التكوين والأساطير

في النقاط الآتي:

أ- الهدف :

ففي الأساطير خلق الإنسان ليحمل عبء العمل عن الآلهة.

أما في سفر التكوين فإن الله خلق الإنسان حبًا فيه، فالإنسان هو نتاج

المحبة الإلهية، ولهذا ميزه الله عن جميع المخلوقات الأرضية، بل

والسماوية، إذ هو الوحيد الذي خلق على صورة الله، وباركه الله وجعله

ملكًا على الخليقة “وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَثْمِرُوا وأكثروا واملئوا

الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ

وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ” (تك 28:1) أما عن إنسان الأساطير

فهو عبد لا يتمتع بأي مركز أدبي، بينما إنسان التكوين له كرامته ومركزه الأدبي الرفيع، حتى بعد السقوط لم يرفضه الله ولم يمهله، ولكن تعهده بالمراح والرفات( ).

ب- مادة الخلقة :

صنع الإنسان في الأساطير من طين الأرض الممتزج بدم الإله الخبيث مثير الفتنة، ومن المفروض أن يكون الإله روحًا لا جسد له، أما آلهة الأساطير فلها أجساد تأكل وتشرب وتنام وتتزاوج.. الخ( ).

ج- مدة الخلق :

بينما يذكر سفر التكوين أن الله خلق كل من آدم وحواء

في زمن وجيز من اليوم السادس، فإن هناك أسطورة إفريقية تقول:

“إن الإله الخالق قد أخذ حفنة من طين شكلها على هيئة إنسان، ثم

تركها في بركة مليئة بماء البحر مدة سبعة أيام، وفى اليوم الثامن

رفعها فكانت بشرًا سويا”.

د- الإنسان الأول : واضح في سفر التكوين أن الله خلق آدم واحد وحواء واحدة، أما الأساطير فهي تحكى غير هذا في الأسطورة الفيليبينية: “أن الله وضع

أول حفنة طين في الفرن وأخرجها قبل الأوان فكان الإنسان الأبيض، وفى الحفنة الثانية تركها فخرج الإنسان الأسود، وفى الثالثة كان الوقت مضبوطا فخرج الإنسان الفيلبينى”، وفى أسطورة أخرى صنعت الإلهة نننخرساج سيدة النسل ستة أشخاص لكل منهم عيبه، ثم خلق إنكى شخصين أحدهما بائسًا والآخر مريضًا، وفى أسطورة ثالثة أخذت الإلهة “تنتو” أو “مامى”(14) قطعة من الطين فخلقت سبع ذكور وسبع إناث( )!

فهل يوجد وجه شبه بين تلك الخرافات وبين الكتاب المقدس؟

ه‍- في بعض الأساطير الفارسية :

خلق الإنسان ذكرًا وأنثى متصلين من الخلف، ثم رأى الخالق أن يفصل أحدهما عن الآخر، وهذا لا نجد له أثرًا في سفر التكوين لأن الله خلق آدم أولاً، ثم أوقع عليه ثباتًا وأخذ منه ضلعًا، بناه لحمًا وخلق منه حواء( ).

و- في الأساطير خلق الإنسان : ثم طبعت الآلهة عليه صورتها. أما في سفر التكوين فقد جبل الإنسان على صورة الله في الخلود والقداسة والتفكير والابتكار.. الخ.

وهكذا نجد أنه لا يوجد وجه مقارنة بين تلك الأساطير وما جاء في الكتاب المقدس ولا يعقل أن نقارن بين الاثنين فقط لأن هناك أوجه شبه بسيطة بينهم مثل الخلق من طين مثلاً أو غيرها!

د – في الاساطير المصرية

نجد أن اتوم  اوجد نفسه بنفسه من من المحيط الازلي وكان ذكر وانثى معا وانجب ابنه شو اله الهواء ثم ابنته تفنوت وذلك عن طريق البصق وتزوج الاله شو مع اخته تفنوت وانجب منها الاله جب اي الارض وانجب أيضا نوت السماء ثم تزوج من اخته نوت فانجب اربعة الهه وهم ايزيس واوزيرس ونفتيس وست وهكذا ظهر في الوجود تسعة الهة وفي اسطورة أخرى تقول أن السماء تزوجت الارض فانجبا اول البشر على الارض  اما في الكتاب المقدس يؤكد لنا على أن الله اله واحد هو الخالق كل شيء بنظام وترتيب منطقي وبعيد كل البعد عن تلك الخرافات التي هي تأليف بشر ولا علاقة لها بالوحي الالهي الذي دون به سفر التكوين وباقي اسفار الكتاب المقدس

بما نفسر وجود تشابه بين بعض تلك الأساطير وبين قصص الخلق أو السقوط في الكتاب المقدس ؟

أما عن وجه التشابه بين الأساطير وبين قصة الكتاب المقدس في بعض الاحداث القليلة جدا  فيرجع إلى أن أصل قصة الخلق واحد فقد نقل قصة الخلق آدم إلى أبناءه ثم نقل قصة الخلق وقصة الطوفان أبناء نوح إلى أبناءهم بعد الطوفان وهكذا تناقلت كل الأجيال وهى من أصل واحد تلك القصة في ثقافتهم وحضارتهم ولكنها شابها

الكثير من التحريف والإضافات والخرافات مع مرور الزمن فكانت الأساطير وقد حدث هذا الأمر أيضا في قصة الطوفان فقصة الطوفان موجودة في ثقافات كثير من الشعوب القديمة ولكن بأشكال وتفاصيل مختلفة وتمتلئ بالخرافات أيضا في معظم الأحيان وهذا أيضا يرجع لان القصة تناقلها أبناء نوح حام وسام ويافث والذين عاصروا الطوفان نقلوا هذه القصة لأبنائهم وأبنائهم نقلوها أيضا وهكذا حتى تم تحريفها وتشويهها خصوصا بعد برج بابل وتفريق الشعب الواحد إلي شعوب في مناطق مختلفة وبلغات كثيرة !

ولكن بقيت القصة الحقيقية الأصلية تلك هي التي دونها موسى النبي في سفر التكوين والتي كتبها بالوحي الإلهي وبإرشاد وقيادة الروح القدس هي القصة الأصلية بكل تفاصيلها بل أي تحريف او تخاريف او إضافات من بشر !

أيضا بالنسبة للاساطير المدونة والتي اكتشفها علماء الاثار فلا ترجع قبل القرن السابع قبل الميلاد ويقال أن تلك الاساطير كانت تنقل شفاهة قبل التدوين  فقد كان ادم على علم بكثير من امور الخلق وقد نقلها الي ابناءه وابناءه الي ابناءهم ونجد أن الاعمار قبل الطوفان كانت طويلة جدا فكان الاجداد يعيشون ليروا اجيال كثيرة من ابناءهم كانوا ينقلون اليهم هذه الامور فنجد مثلا أن متوشالح اكبر انسان عاش في الكتاب المقدس قد عاصر ميلاده ابينا ادم وهو نفسه عاصر ميلاد نوح النبي وهكذا كان كثير من قضايا الخلق وخصوصا السقوط والتي كان ادم على علم بها نقلها لابناءه بالتقليد الشفهاي وبالطبع طال القصة الحقيقية الكثير من التفاصيل الغير صحيحة ولكن ظلت القصة الحقيقية ينقلها الاباء حتى وصلت الي موسى النبي وبالطبع كثير من التفاصيل في الخلق والتي لم تكن معروفة للانسان عرفها موسى من الله مباشرة كما سبق ووضحنا

وبالطبع يرجع زمن كتابة اسفار موسى الخمسة للقرن الخامس عشر قبل الميلاد وكانت احداث الخلق كما دونها موسى معروفة عند الشعب اليهودي وقد تم سبي شعب بني اسرائيل في القرن السابع قبل الميلاد فربما نقل اليهود احداث الخلق لشعب بابل والشعوب الاخرى بعد السبي وتناقلتها تلك الشعوب بعد تحريفها واضافة تعدد الآلهة والاحداث الاخرى اليها !

وسواء كان هذا او ذاك تبقى القصة الكتابية للخلق هي القصة التي اوحى بها روح الله القدوس لموسى النبي ودونها في الكتاب المقدس لتكون الحق الالهي والكتابي والمرجع لنا لمعرفة بدايات نشأة الكون وخلق الانسان والسقوط والوعد بالخلاص .

هل تعاليم اباء الكنيسة الاولين تقول باسطورية او رمزية قصص سفر التكوين ؟

يحاول بعض من يروج بأن سفر التكوين به أساطير او أن قصص البدايات فيه كالخلق والسقوط والطوفان وبرج بابل هي قصص رمزية وليست قصص تاريخية واقعية أن يثبت أن تعاليم الاباء كانت تقول بان هذه الاحداث هي احداث رمزية !

وبالطبع هذا كلام بعيد عن الصحة وضد ايمان الكنيسة وقبل ايمان الكنيسة ضد الكتاب المقدس نفسه والذي يؤكد كما اوضحنا أن الاحداث والوقائع هي احداث تاريخية حدثت في التاريخ ودونها الكتاب المقدس كما حدثت !

وللاسف الشديد يستخدم البعض بعض اقوال الاباء بطريقة مبتورة او بتفسير مخالف لما تعنيه ليثبت أن تعليم الاباء تنادي بان ادم وحواء شخصيات رمزية او قصص الخلق والسقوط …الخ.

وسوف نوضح بعض تعاليم الاباء القديسين والتي تؤكد لنا انهم فهموا احداث البدايات كما قصدها الوحي الالهي من انها احداث حقيقية بل وعلموا بهذا في تفسيراتهم وتعاليمهم واقوالهم وهكذا  استلمت الكنيسة القبطية وعلمت بذلك على مدار الفي عام .

التفسير الرمزى للكتاب المقدس

يدعي بعض الذين يتبنون فكر وجود ميثولوجيا ( أساطير ) في الكتاب المقدس أن تعاليم بعض اباء الكنيسة في القرون الاولى كان ينادي بذلك وان التفسير الرمزي للكتاب المقدس ما هو الا تأكيد أن القصص كانت غير حقيقية ولم تحدث ولكنها قصص سرددت لتوصيل مفاهيم او معاني معينة لنا وان شخصية ادم  غير حقيقية ولكنه يمثل الانسانية التي سقطت فهل فعلا التفسير الرمزي للكتاب المقدس كان ينفي حقيقية وتاريخية الاحداث

لا نستطيع أن ننكر أن التفسير الرمزى للكتاب المقدس أمر كان ومازال موجود فى الكنيسة المسيحية منذ نشأتها بل ونجد تفسيرات رمزية إستخدمها الكتاب المقدس نفسه بل ونجد أن السيد المسيح له المجد أستخدم قصص حدثت فى العهد القديم كرمز لموته وقيامته وأيضًا بولس الرسول. أستخدم أمور حدثت فى العهد القديم كرمز لعمل المسيح الخلاص وعلى سبيل المثال:

قصة يونان النبى قصة حقيقية لكن دخول يونان فى جوف الحوت وخروجه

هو رمز لموت المسيح وقيامته من الموت وقد أستخدم السيد المسيح له المجد نفسه قصة يونان كرمز لموته وقيامته عندما قال: “لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِى بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أيام وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هَكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِى قَلْبِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أيام وَثَلاَثَ لَيَالٍ” (مت 40:12، لو 11:29).

أيضًا أستخدم السيد المسيح قصة الحية النحاسية التى رفعها موسى النبى والتى وردت فى سفر العدد إصحاح 21 كرمز لرفعه على خشبة الصليب وكما كان النظر إلى الحية النحاسية التى صنعها موسى شفاء لكل من لدغتهم الحيات كذلك يكون النظر إلى خشبة الصليب شفاء لكل من لدغوا من الحية القديمة إبليس بالخطية.

“وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِى الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِى أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ” (يو 14:3).

كذلك استخدام بولس الرسول قصة عبور شعب بنى إسرائيل من البحر

الأحمر كرمز للمعمودية عندما قال: “فَإِنِّى لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا

أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ.

وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِى السَّحَابَةِ وَفِى الْبَحْرِ. وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَامًا وَاحِدًا رُوحِيًّا” (1كو 1:10-2).

إلى جانب بعض القصص والأمور التى جاءت فى العهد القديم وكان لها

رموز فى العهد الجديد مثال: أدوات العبادة فى العهد القديم كان لها مدلولات

رمزية تمهيدًا للحقيقة فى العهد الجديد فتابوت العهد الذى حوى عهد الله مع الشعب القديم رمز لأمنا العذراء ذلك التابوت الحى الذى حوى العهد الجديد للخلاص والنعمة الجديدة.

الخبز والخمر التى قدمها ملكى صادق بركة لأبينا إبراهيم رمز لذبيحة الخبز والخمر المُقدمين فى العهد الجديد كشركة لجسد الرب ودمه حيث يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن ملكى صادق مُشَبه بابن الله.

إلى جانب الكثير والكثير من الأمور التى جاءت فى العهد القديم وفُسرت فى العهد الجديد..

وقد كان فى القرون الثلاثة الأولى للمسيحية أكثر من مدرسة لتفسير الكتاب المقدس فكان هناك المدرسة الحرفية والمدرسة الرمزية للتفسير وكانت مدرسة الإسكندرية تتبنى المدرسة الرمزية لتفسير الكتاب المقدس وكانت تفسر كل حدث وكل قصة فى العهد القديم على أنها رمز أو نبوءة أو بها معنى روحى خفى لخلاص السيد المسيح فى العهد الجديد.

وهكذا فسرت هذه المدرسة كل أو معظم العهد القديم على أنه يحمل معنى خفى وروحى ورمزى للعهد الجديد.

وكان من أهم رواد المدرسة الرمزية فى كنيسة الإسكندرية العلامة أوريجانوس والذى تأثر بفيلو اليهودى الذى كان أحد رواد مدرسة التفسير الرمزى أيضًا , والذي أيضا تأثر بالفلسفة الافلاطونية في التفسير الرمزي عند اليونان القدماء ..

وقد غالى جدًا فى التفسير الرمزى حتى قال: إن قصة آدم قصة رمزية بحتة قدمها الوحى للكشف عن مفاهيم روحية تمس حياة الإنسان بالله، وأن الجنة لم تكن على الأرض بل فى السماء الثالثة حيث كان آدم وحواء روحين بلا جسدين حقيقيين قبل السقوط، وأنهما هبطا من الفردوس أو الجنة إلى الأرض بسبب سقوطهما وأن ما نالاه من جسدين إنما هو من قبيل العقاب

وقد رفضت الكنيسة مثل هذه التعاليم بشدة بل وقامت بحرم تعاليم أوريجانوس بسبب الأخطاء التى وقع فيها!

ولا ننكر أن بعض الاباء في القرون الاولى قد تأثروا ببعض الفلسفات والافكار التي في عصرهم ومنهم ترتتليانوس القرن الثاني والثالث الميلادي والذي قال أيضا بان الاكل من شجرة معرفة الخير والشر هو الذي اوجد الطبيعة الجنسية في الانسان ولو كان ادم اطاع الله في عدم الاكل منها لكان الله خلق اناسا اخرين بوسائل غير العلاقات الجسدية وتاثر غريغوريوس النيسي ( القرن الرابع ) ويوحنا الدمشقي ( القرن الثامن ) بهذا التفسير  وعلموا به !

ورغم أن هؤلاء الاباء لم ينكروا الاحداث او السقوط او وجود ادم الانسان الاول ولكنهم قالوا بان السقوط كان بسبب الشهوة الجنسية ولكن الكنيسة والاباء بشكل عام رفضت تلك التعاليم والتي هي ضد تعليم الكتاب المقدس وأيضا ضد التعليم المسيحي ونبذت هذه الأفكار

ولان الكنيسة اعتادات أن لا تأخذ راي معين حتى لو كان لاحد الاباء ويخالف تعاليم الكتاب المقدس او ايمان الكنيسة لذلك كان هناك ما يعرف بالابوفوميا اي الاجماع الابائي وهذا ما يؤخذ به وليس مجرد رأي منفرد حتى لو كان لاحد الاباء

وقد كان  هناك  المدرسة الرمزية فى الكنيسة الأولى وخصوصًا فى كنيستنا كنيسة الإسكندرية ولكننا نؤكد على أمر هام هو أن التفسير الرمزى كان لا يلغى أو ينفى حرفية الأحداث التى ذكرها الكتاب المقدس ولكنه كان يسفر  التفسير الحرفى ويدخل إلى عمق الأحداث ليرى المعنى الروحى والنبوى للسيد المسيح وخلاصه وهكذا نفهم أن التفسير الرمزى لم ينكر أو ينفى واقعية القصص والأحداث كما يفعل البعض اليوم ولكن ينظر لها بمعنى أكثر عمقًا وأكثر روحانية عن المعنى الحرفى لها وهذا ما فعله السيد المسيح وبولس الرسول والرسل أيضًا فى العهد الجديد وكما سبق وشرحنا كيف تم استخدام قصص حقيقة حدثت بالفعل كرمز للسيد المسيح وخلاصه.

وسوف نورد بعض اقوال وتعاليم بعض الاباء الكبار ليتضح لنا أن التعليم السليم في كنيستنا يؤكد حقيقة وتاريخية احداث سفر التكوين .

بعض اقوال وتعاليم اباء الكنيسة في احداث سفر التكوين والتي تؤكد حدوثها حرفيا

كما سبق واشرنا أن التعليم التي اجمع عليه اباء الكنيسة يؤكد لنا حقيقة احداث ما جاء في سفر التكوين سفر البدايات من ايام الخلق وخلق الانسان من التراب ادم ومنه خرجت حواء وأيضا السقوط والطرد والعقوبة ثم الطوفان وبرج بابل.

وسنجد الكثير من اقوال وتعاليم الاباء التي تؤكد لنا ذلك وسنورد هنا بعض وليس كل هذه التعاليم والاقول لبعض اباء الكنيسة الكبار ليتضح لنا أن ما ينادي به البعض اليوم لا علاقة له بتعليم الكنيسة ولا تعليم الاباء ولا بقصد الكتاب المقدس .

أقوال وتعاليم الآباء :

وبالرجوع إلى تعاليم الآباء وتفسيراتهم للكتاب المقدس وخصوصًا سفر التكوين نجدهم أنهم يتعاملون مع أحداث هذا السفر على أنها أحداث حقيقية تاريخية حدثت بالفعل وأن شخصيات هذه القصص مثال آدم وحواء وأبناءهم ونوح والآباء البطاركة كشخصيات حقيقية ولم يتكلموا أبدًا على أنها شخصيات أسطورية أو رمزية كان يقصد أستخدمت كرمز وبشكل رمزى وليس واقعى!

وعلى سبيل المثال بعض كتب وتفسيرات الآباء فى ذلك :

1- كتابات القديس اثناسيوس الرسول عن آدم وقصة السقوط فى كتابه تجسد الكلمة وكتابات أخرى كثيرة (وسنورد باب خاص بأقوال الآباء القديسين نورد فيها بعض هذه الأقوال).

2- كتاب الجلافيرا (التعليقات اللامعة) للقديس كيرلس الكبير وتكلم عن آدم وحواء وقصة السقوط أنها قصة واقعية كتبها موسى النبى فى أسفاره.

3- تفسير القديس يوحنا ذهبى الفم لسفر التكوين وتكلم عن آدم وحواء

وقصة السقوط كشخصيات حقيقية تاريخية وحدوث القصة كما جاءت فى الكتاب المقدس.

4- كتاب ستة أيام الخليقة للقديس باسيلوس الكبير وتكلم فيها عن أحداث الخلق كما وردت فى الكتاب المقدس بشكل حرفى وهاجم بشدة من يقولون أنها رموز لم تحدث!

5- تفسير سفر التكوين منسوب للقديس مارافرام السريانى.

إلى جانب الكثير والكثير من أقوال الآباء القديسين فى تاريخ الكنيسة وتفسيراتهم لقصة السقوط وكلها تتحدث عن قصة آدم وحواء على أنها قصة واقعية وأن آدم وحواء هى شخصيات حقيقة وجدت فى التاريخ وكل البشر جاءوا من نسلهم ولم يتحدث أحد بأن هذه الشخصيات غير حقيقة أو رموز

ولا يوجد أقوال آباء تقول ذلك التعليم الغريب عن روح تعاليم كنيستنا ومسيحيتنا!

وسنورد بعض اقوال اباء الكنيسة الكبار والتي تؤكد حقيقة احداث سفر التكوين .

القديس كيرلس الكبير

القديس كيرلس فى حديثه مع بلاديوس عن حسد إبليس وسقوط آدم.

– يقول القديس كيرلس: “لم يرد أن يترك الإنسان (إبليس) بلا منغصات، ساعيًا فيما بعد بتغريرات وحيل ليدفعه نحو العصيان، مستخدمًا فى خداعه المرأة كأداة له، وهو دائمًا يدفعنا نحو الخطية، واللذات التى تصاحبنا وتسكن

فى داخلنا، والتى من بينها لذة إشتهاء المرأة. ومرات كثيرة يسرع

العقل، بتأثير اللذات نحو الأمر الذى لا يريده. إذن فهذا الذى حدث مع

آدم بطريقة “مادية ومحسوسة”، من الممكن أن يحدث ذهنيًا وبطريقة غير محسوسة مع كل واحد منا.

أيضا في كتاب الجلافيرا ( التعليقات اللامعة )وهو احد كتب القديس كيرلس التفسيرية وهو عهبارع عن تعليقات وتفيرات على فقرات مختارة من اسفار موسى  الخمسة

عن تاريخية احداث سفر التكوين من خلقة الكون وادم يقول القديس كيرلس ” سوف نعرض الاحداثالتاريخية لكي نوضحها بطريقة القياس بقدر المستطاع الفكرة الاساسية الخاصة بسر المسيح من المثال والظل لنجعلها رؤية واضحة بمعرفة الكلمة متخذين المسيح الرب هدفا نهائيا  حسنا سوف نبدأ من ختارات سفر التكوين مسرعين نحو الخمسة كتب الاولى لموسى  ومعهم سوف نفحص بقية الكتاب بقدر ما يكون هذا مفيدا لهدفنا

وعن خلق الله للكون يقول القديس كيرلس “في البداية وقبل كل شيء خلق الله السماء والارض واحضرهما للوجود …حسنا طالما أن السماء والارض قد خلقا في البدء وتجمعت كل المياه في مكان واحد لانها كانت خاضعة للذي قال لتجتمع المياه تحت السماء الي مكان واحد ( تك 9:1) فقد ظظهرت الارض وانبتت عشبا واثمرت اشجارا وبعد ذلك ظهر تعاقب الشمس والقمر ووضع ناموس الله حدوددا لحكم كل منها اي الشمس تنير نهارا والقمر ليلا كما أن السماء كانت مملوءة بالنجوم

ثم يستكمل القديس كيرلس شرح الخليقة كما جاءت حرفيا في سفر التكوين ويقول ” فقد جعل طبيعة المياه والدة للكائنات المائية الحية والطيور التي تطير في الهواء وامر الارض أن تخرج ذوات انفس حية والاجناس المختلفة للوحوش ( تك 24:1) وفي لحظة اوجد الله كل ما يبدو انه يفوق العقل وكان اللوغوس هو الخالق لكل المخلوقات بنفخة حياة منه ولان مبدع الكل فقد سر بالكون الذي خلقه ولذلك خلق المخلوق الاخير والذي لاجله خلقت المخلوقات الاخرى اقصد الانسان.

وعن خلق الانسان كائنا حيا عاقلا كما جاء في سفر التكوين من تراب الارض وليس بالتطور كما يدعي البعض يقول القديس ” انه قد خلق الانسان إذن طالما انه خلق الارض مسبقا بجمال يتناسب ومعها وكل الموجودات فقد مضى في خلق الانسان وجعل خلقته اسمى منها جميعا وعلى الرغم من أن كل المخلوقات الاخرى صنعها بكلمته ولان الانسان يعتبر وجودا حيا وعبقريا بالحقيقة وشبيها جدا بالله …وعلى الرغم من انه خلقه من الطين الا انه كائن حي عاقل ونفخ فيه مابشرة روح خالدة ومحيية لانه مكتوب ونفخ في وجهه نسمة حياة فصار ادم نفسا حية ( تك 7:2 )

وهنا يؤكد لنا القديس كيرلس أن خلقة الانسان كانت تختلف عن باقي المخلوقات اي انه لم يتطور من كائنات أخرى لها وجود سابق لوجود الانسان وأيضا خلقه الله من طين الارض ونفخ فيه نسمة الحياة الروح الخالدة المحيية وبالطبع هذا التعليم ضد ما يروج له البعض من أن قصة الخلق من التراب قصة رمزية وان الانسان تطور من خلائق أخرى !

وعن وجود ادم الانسان الاول في الفردوس ويتحدث القديس كيرلس هنا عن الفرودس انه مكان حقيقي كان يوجد به الانسان ممثلا المجد الاسمى على اارض وصورة السيادة الملائمة لله فيقول ” وبعد أن وضعه في الفردوس واعطاه السيادة على كل المخلوقات الارضية وجعله سيدا على كل انواع الكائنات واخضع لهالوحوض المفترسه ومعها اجناس الحيات السامة والزمها بنواميس طبيعة أن تهابه اصبح الانسان يمثل المجد الاسمى على الارض وصورة للسيداة الملائمة لله

اما عن الوصية ومخالفة ادم لها وخلق حواء من جنب ادم يقول القديس كيرلس ” ولان الانسان  الذي وصل الي مثل هذه الدرجة من المجد والسعادة كان يجب عليه أن يعرف جيدا أن سلطان الله الملك والرب يفوق كل ما يمتلكه وحتى لا ينزلق سريعا بسب امتيازاته اعطاه الله على الفور وصية وبجوارها وضع له تهديد العقاب في حالة مخالفته لها لانه لم يكن قد وجد بعد فوق الارض طريق للخطية اذ أن الانسان كان واحدا وفريدا  ”

ونلاحظ هنا أن القديس كيرلس يؤكد هنا أن الله خلق في البدء انسان واحدا فريدا لم يكن سواه وليس كما يعلم البعض بنظرية التطور او أن ادم كان يرمز لمجموعة من البشر ولم يكن شخصية حقيقة فهذا الفكر الغريب بعيد كل البعض عن تعليم الكتاب المقدس وأيضا تعليم الاباء القديسين.

وعن خلقة حواء من جنب ادم يقول ” ثم بعد ذلك اخذ ضلعا من جنب ادم وخلق المرأة التي ستعينه في ولادة البنين والبنات والتي سوف تحيا معه نظيرا له وتشتركمعه في الحياة ببساطة ونظرا لانها انقادت بخيالات الشيطان الي المخالفة واكلمت من المصرة المحرمة ومعها انخدع ادم ففي الحال حكم على الطبيعة البشرية بالموت قال الله للمراة

بالوجع تلدين اولادا بينما قال لادم ملعونة الارض بسببك بالتعب تأكل منها كل ايام حياتك (تك 3) وعلاوة على ذلك هذا طردا من مسكنها الاول المحبوب ومن التمع بالفردوس وعندئذ عرفا للتو انهما عريانان وانهما في حاجه للثياب واعطيت لهما اقمصة من جلد من قبل الله

ونلاحظ هنا أن القديس كيرلس يتحدث عن الوصية والاكل من الشجرة والسقوط والعقوبة بطريقة حرفية حقيقية وليست قصة رمزية او اسطورة فكلام القديس كيرلس يتوافق مع سرد سفر التكوين للاحداث بشكل حقيقي تاريخي واقعي .

نكتفي بهذا القدر وبالرجوع لكتاب جلافيرا سنجد الكثير من الامور الاخرى في سفر التكوين يتحدث فيها ويفسرها القديس بشكل حقيقي تاريخي واقعي وليس رمز او اسطورة كما يدعي البعض اليوم .

و   يؤكد هنا القديس كيرلس أن الله خلق في البدء انسان واحدا فريدا لم يكن سواه وليس كما يعلم البعض بنظرية التطور او أن ادم كان يرمز لمجموعة من البشر

أيضا يقول القديس كيرلس ” وأرجوكم أن تلاحظوا، كيف أن طبيعة الإنسان فى المسيح هى حرة من أخطاء شراهة آدم، فعن طريق الأكل إنهزمنا فى آدم وبواسطة الصوم إنتصرنا فى المسيح( ).

القديس يوحنا ذهبي الفم

آدم بسبب عدم إنضباط بطنه قد أخرج من الفردوس وهذه الرزيلة أيضًا هى التى تسببت فى الفيضان أيام نوح وأيضًا فى نزول نار من السماء على سدوم.. إلا أصل كل العقوبات ينشأ من هنا (أى التعبد للبطن).. فلهذا السبب بالذات قد صام الرب أربعين يومًا مظهرًا لنا أدوية الخلاص.

أيضا يقول القديس يوحنا ذهبي الفم عن ميلاد السيد المسيح وخلقة ادم وحواء من تراب الارض ” لانه كان يجب أن يأتي ملك البر بطريقة ميلاد طاهرة ومقدسة لانه هو الذي من البدء خلق ادم وحواء من ارض عذراء ومن ادم أيضا خلق امراة دون أن تكحون هناك امرأة …فالمرأة خلقت من ادم دون أن تتوسط امرأة هكذا اليوم ولدت العذراء دون أن يتوسط رجل مسددة للرجال دين حواء

أيضا يؤكد القديس يوحنا على خلقة حواء من جنب ادم بشكل واقعي فيقول ” لقد بقى ادم صحيحا بعد أن اخذ ضلعا من جنبه وبيقت العذراء طاهرة بعد أن ولدت الطفل ,ولهذا لم يخلق لنفسه هيكلا من مكان اخر ولا خلق جسدا اخر ولبسه حتى لا يبدوا انه يحتقر الطينة التي صنع منها ادم.

ويقول القديس يوحنا عن خداع الحية لحواء فيقول” حواء حينما خدعت خرجت منها كلمة صارت سببا للموت بينما العذراء بعدما قبلت البشارة المفرح ولد منها كلمة الله بجسد انساني وهو الذي صار لنا سبب حياة ابدية

– أيضًا يقول القديس يوحنا ذهبى الفم: “آدم بسبب عدم إنضباط بطنه قد أخرج من الفردوس وهذه الرزيلة أيضًا هى التى تسببت فى الفيضان أيام نوح وأيضًا فى نزول نار من السماء على سدوم.. ألا أصل كل العقوبات ينشا من هنا (أى التعبد للبطن).. فلهذا السبب بالذات قد صام الرب أربعين يومًا مظهرًا لنا أدوية الخلاص. القديس يوحنا ذهبى الفم تفسير إنجيل متى.

القديس ايريناؤس

– يشرح القديس ايريناؤس أن مخالفة الوصية بدأت من البطن فيقول: (فى البدء أغوى الشيطان الإنسان بالطعام مع أنه لم يكن جائعًا وجعله يخالف وصية الله. وهكذا فأن شره الإنسان فى الجنة بالأكل فقد أبطل بواسطة الإمتناع (عن الأكل) الذى (احتمله المسيح) فى هذا العالم.. وكذلك العصيان الذى إرتكبه آدم ضد وصية الله قد أبطل لما حفظ أبن الإنسان وصية الناموس ولم يخالف وصية الله القديس  ايريناؤس ضد الهرطقات.

– القديس أثناسيوس:

– ونحب أن نوضح أن هناك البعض يقول: أن البابا اثناسيوس قال: “برمزية ادم  وأنه يمثل البشرية وأن الجنة كانت رمزية وردًا على هذا

الإدعاء نورد هنا هذا الجزء من بحث للدكتور وداد عباس المدرس بالكليات الإكليريكية بعنوان: “آدم وشجرة الحياة  ”

وبه أقوال وترجمتها للبابا اثناسيوس توضح كيف أن القديس علم بأن آدم كان شخصية حقيقة وأيضًا الجنة كانت حقيقة وليست رمز “ردًا على من يقول أن

يقول القديس اثناسيوس الرسولي

“آدم أيضًا على الرغم من أنه نال النعمة من البداية، وبمجرد خلقه وُضع فى فردوس، فإنه لا يختلف من أية جهة عن أخنوخ الذى نقل إلى هناك بعد ميلاده ببعض الوقت إذ سُرَّ الله به، ولا عن الرسول الذى اختطف إلى الفردوس..”.

فواضح أنه شخص واحد نال النعمة وخلق كإنسان واحد ووضع فى الفردوس وليس كل البشرية ( ).

القديس أثناسيوس قال: “أن آدم هو رمز للبشرية كلها، وأن الجنة رمزية إعتمادًا على قول للقديس أثناسيوس: قرأت للقديس أثناسيوس بعض أقوال قد تفيد فى الرد:

For Adam too, though he received grace from the first, and upon his creation was at once placed in paradise, differed in no respect either from Enoch, who was translated there after some time of his birth on his pleasing God, or from the Apostle, who likewise was caught up to Paradise( ).

“آدم أيضًا على الرغم من أنه نال النعمة من البداية، وبمجرد خلقه وُضع فى فردوس، فإنه لا يختلف من أية جهة عن أخنوخ الذى نقل إلى هناك بعد ميلاده ببعض الوقت إذ سُرَّ الله به، ولا عن الرسول الذى اختطف إلى الفردوس..”.

فواضح أنه شخص واحد نال النعمة وخلق كإنسان واحد ووضع فى الفردوس وليس كل البشرية.

Exactly as the first of men created, the one who was named Adam in Hebrew, is described in the Holy Scriptures as having at the beginning had his mind to God-ward in a freedom unembarrassed by shame, and as associating with the holy ones in that contemplation of things perceived by the mind which he enjoyed in the place where he was – the place which the holy Moses called in figure a Garden( ).

“كما أن أول البشر المخلوقين، ذالك الذى دُعى بالعبرية آدم، يصفه الكتاب المقدَّس أن فكره فى البداية كان متجهًا نحو الله فى حرية غير مرتبكة بالخزى، ويتعامل مع القديسين متأملاً فى الأمور التى يدركها بالعقل الذى كان يتمتع به فى الموضع الذى كان فيه، والذى يسميه موسى فى الشكل جنة”.

هنا نرى أن آدم هو أسمه باللغة العبرية، وأنه أول البشر وليس رمز البشر.

كما أنه كان لديه عقل يتأمل ويدرك، ووضعه الله فى موضع يسميه موسى “جنة” بحسب شكلها.

فالتعبير فى الإنجليزية هو: “Moses called in figure a Garden” ولفظ

“in figure” يعنى “شكل” وليس رمز، أما لفظ رمزيًا أو مجازيًا فالمفروض يكون “figuratively” والفرق كبير.

إذًا هناك شخص فعلى، وهناك موضع فعلى شكله جنة.

Thus too has the race made after God’s Image come to be, namely men; for though Adam only was formed out of earth, yet in him was involved the succession of the whole race( ).

“هكذا أيضًا الجنس الذى خُلق على صورة الله آتى إلى الوجود، أى البشر، لأنه رغم أن آدم وحده شُكِّل من الأرض، إلاَّ أن فيه كان مشتملاً تسلسل الجنس كله”.

هذا يعنى أن آدم خلق كإنسان وحده من الأرض، ولكن كان كل الجنس البشر ينحدر بالتسلسل منه، وليس هو رمز للجنس البشرى.

In anticipation He secured the grace given them by a law and by the spot where He placed them. For He brought them into His own garden, and gave them a law( ).

“ضمن لهم مقدمًا النعمة التى أعطاها لهم بناموس، وبالموضع الذى وضعهم فيه، لأنه أحضرهم إلى جنته الخاصة وأعطاهم الناموس”.

St. Athanasius: The Incarnation of the Word, 3, p. 38..

إذن فى آدم أعطاهم الناموس، أى الوصية، ووضعهم فى جنته. إذًا الجنة هى مكان وموضع وليست رمز( ).

وهكذا يتضح لنا من تعاليم وأقوال الآباء بأن آدم كان شخصية حقيقية وليست رمز أيضًا وان قصة السقوط كانت حقيقية وليست اسطورة او رمز .

واخيرا  يتضح لنا أن لا يمكن أن يكون هناك علاقة بين قصة الخلق في الكتاب المقدس أو حتى قصة الجنة وسقوط آدم وما ورد في هذه الأساطير البعيدة كل البعد عن الحق الإلهي وكلمة الله!

وفى النهاية نقول أمر هام وهو: أن هناك بعد إيماني يغيب عن هؤلاء النقاد والليبراليون الجدد فهم لا يؤمنون وبالتالي ينكرون حقائق إيمانية ويستخدمون فلسفات بشرية وإدعاءات علم كاذب وينكرون قداسة ووحي الكتاب المقدس يطعنون في الوحي المقدس ويفترضون نظريات ويصدقونها بعد ذلك.

 

نراهم ينكرون أن موسى النبي هو كاتب الأسفار الخمسة أو أن القصص التي وردت به حقيقية أو أن الكتاب تأثر بالأساطير في زمنه إلى أخره من تلك الإدعاءات الكاذبة وينسون ويتأسون حقيقة إن “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الذي في الْبِرِّ” (2تى 16:3).

كل الكتاب وليس جزء منه كل الكتاب وليس أجزاء عقائدية دون التاريخية والجغرافيا كل الكتاب وليس جزء من الله وجزء من الأساطير المعاصرة لزمن كتابه كل الكتاب هذا اهو إيماننا وهذه هي عقيدتنا للكتاب المقدس.

الكتاب المقدس الذي أصبح محل طعن لكثيرين ليس اليوم ولكن منذ قرون مضت ولأن إيماننا يقوم على كلمه الله والتقليد المقدس فدائما الشيطان يوجه سهامه وحروبه ضد كلمة الله وبعد إن شكك في التقليد وتعاليم الكنيسة على يد بعض الذين انشقوا في القرن السادس عشر استخدم بعض الفلاسفة حديثًا أيضًا في الطعن والهجوم

على كلمة الله وإنكار الوحي المقدس وعمل الروح القدس واخضع الكتاب للعقل البشرى والفلسفات البشرية والعلم الكاذب!

ونحن كأقباط أرثوذكس كنا ومازلنا وسنستمر دائمًا متمسكين بكلمة الله كما علمت بها كنيستنا وفسره آباءنا القديسين وعاشته الكنيسة في الليتورجية والطقس ولم ولن تتخلى عن هذا الفكر تحت مسميات الانفتاح أو الاستنارة أو والعصرنة وجميعها مسميات كاذبة الغرض منها هو تفريغ الكنيسة من إيمانها وعقيدتها وتعاليمها لتصبح كنيسة بلا هوية وبلا عقيدة لتضيع ويضيع فيها الإيمان الأرثوذكسي مثلما حدث

مع كثير من كنائس الغرب فليس هناك انفتاح في الإيمان أو تطوير للعقيدة أو تنوع في قبول الأفكار المنحرفة.

والتمسك بالإيمان ليس جمود أو رجعية فالانفتاح والتطور والعصرنة تكون في الوسائل التي نقدم بها المحتوى ولكن ليست في المحتوى نستخدم التطور والتكنولوجية في إيصال كلمة الله والإيمان الأرثوذكسي المستقيم ولا نُخضع كلمة الله والإيمان للتطور والعصرنة وإلا فقدنا كل شيء!

وليس معنى المحبة هي أن نتنازل عن إيماننا وعقيدتنا ولكن المحبة تجعلنا نقبل الكل بأشخاصهم دون أن نقبل أفكارهم المنحرفة أو آرائهم الخاطئة وتجعلنا نظل متمسكين بإيماننا الأرثوذكسي إلى النفس الأخير.

هكذا عاش آباء كنيستنا وهكذا علمتنا الكنيسة :

نصلى إلى الرب أن يحافظ دائمًا على كنيستنا القبطية الأرثوذكسية وأن تظل كنيسة الإيمان الأرثوذكسي المستقيم الكنيسة الأمينة في حفظ الوديعة التي تسلمتها من الرسل الأطهار والآباء القديسين إلى مجيء السيد المسيح ليستلم الكنيسة عروس بلا عيب آمين.

المراجع

  1. الكتاب المقدس
  2. كتاب مدارس مدارس النقد الكتابى والتشكيك والرد عليها أ. حلمى القمص.
  3. كتاب “من أنت أيها الإنسان الفصول الأحد عشر الأولى من

سفر التكوين الأب بيار غرولو ترجمة الأب صبحى حموى اليسوعى لبنان.

  1. موسوعة ويكيبيديا العربية.
  2. كتاب “أسئلة فى العهد القديم” د. أوسم وصفى.
  3. كتاب كيف نفهم اليوم قصة آدم وحواء كوستلى بندل منشورات النور 1990م
  4. كتاب في البدء – الدكتور القس اشرف عزمي
  5. تفسير انجيل متى القديس يوحنا ذهبي الفم
  6. كتاب ضد الهرطقات القديس ايريناؤس
  7. كتاب اللاهوت الليبرالي واهم افكاره والرد عليه عصام نسيم
  8. محاضرة بعنوان اللاهوت الليبرالي عصام نسيم من مؤتمر العقيدة القبطية الارثوذكسية 2017