ثلاث كلمات – عقيدة التجسد 2012 – د.أنسي نجيب سوريال

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الدكتور أنسي نجيب سوريال
التصنيفات التجسد والفداء, اللاهوت العقيدي, عقيدة
آخر تحديث 22 أكتوبر 2023
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
11MB

عقيدة التجسد روحياً و لاهوتياً و طقسياً من خلال قراءات أناجيل قداسات صوم الميلاد و أعياد الظهور الإلهي

عقيدة التجسد من أهم عقائدنا المسيحية و عليها يقوم الإيمان كله ، و الكنيسة المُرشَدة بالروح القدس تقدم لنا إرهاصات التجسد في قراءاتها و طقوسها و لاهوتها ، و نحن نقدم المسيح المتجسد من خلال فكر الكتاب المقدس و قراءات شهر كيهك و فكر الكنيسة من واقع طقوسها و فكر الأباء من واقع كتاباتهم .

إن سر التجسد حقيقة إيمانية كلما دخلنا إلى العمق نعرف عنه أكثر و أكثر ، إنه سر لا نستطيع أن نفهمه إلا بعمل الروح القدس فينا .

إن هدف التجسد هو خلاص الإنسان من الخطية التي تمكنت من الانسان ، فإتحد الغير فاسد بالفساد فصار طاهراً ، و إتحد اللازمني بالزمني فصار يحيا إلى الأبد ، و إتحد الذي بلا خطية بالذي فيه كل الخطية فصار قديساً و بلا دينونة و بلا خطية .

يقول القديس كيرلس عامود الدين في عدة مواضع إن الطبيعة البشرية كلها ماتت مع المسيح و التجسد أعاد خلقة البشرية فلا يوجد مجد للانسان بدون المسيح و حياة بعد القيامة لا تنتهي.

إن هذه الثلاث كلمات تنتشر في كل أنحاء العالم و ترسل إلى كل كنائس العالم بكل اللغات و تترجم يومياً إلى الإنجليزية و الفرنسية و الألمانية و اليونانية و الأسبانية و الروسية و أخيراً اللغة الصينية .. نصلي جميعاً من أجل نشر كلمة الله

و نشكر إخوتنا أسرة القديس أبونا اندراوس الصموئيلي للكمبيوتر لتعبهم الكبير في تجميع الكتاب و وضع مراجع الآيات و الإخراج الفني و كذلك نشكر الأخ صبري ميخائيل المسئول عن الترجمة و النشر على مستوى العالم و وضع عبارات مختصرة مع كل مقالة للقراءة السريعة.

و نشكر أباء الكنيسة على تشجيعهم طالبين صلوات قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني و شريكه في الخدمة الرسولية نيافة الحبر الجليل الأنبا تيموثاؤس أسقف الزقازيق و منيا القمح و أسقف قلوبنا .

اليوم الأول من صوم الميلاد المجيد

25 نوفمبر – 16 هاتور

الإنجيل لو 14 : 25 – 35

في ثلاث كلمات مع بداية صوم الميلاد تضع لنا الكنيسة المُلهَمة بالروح القدس مؤهلات الطريق للملكوت بإعتبار أن الصوم فرصة لتحقيق التبعية والتلمذة :

١- من لا يُبغض :

«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَ إِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً (لو  14 :  26) البغضة هنا معناها إذا تعارضت محبة أحد هؤلاء مع محبة الله  والمذهل في إنجيل هذا الصباح أن شرط التبعية والتلمذة هو أن هناك قوة أقوى من ربط اللحم والدم والأسرة وإلاقارب ، هو أن يكون المسيح المولود الطفل هو ابنك والشاب هو أخوك والأب هو أبوك ولتكن لك في العذراء أماً وحضناً آخر أكثر راحة وإسعاداً ، فروح الأم التي إفتقدها الخارج للسير في طريق الملكوت تتلقفها روح الأمومة العليا في شخص العذراء مريم لتحنو وتترفق وتربح بأضعاف مضاعفة ، إذا في بداية الصوم .. إعتبر المسيح الأب الحقيقي والعذراء هي الأم المرشدة .

٢- من لا يحمل :

وَمَنْ لاَ يَحْمِلُ صَلِيبَهُ وَيَأْتِي وَرَائِي فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً(لو  14 :  27) حمل الصليب قد يبدو انه حمل للآلام ، ولكنها بالمسيح هينة اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ (مت  11 :  29) ولكن هناك معاني أعمق لحمل الصليب فهو يبدو صليب العار ولكنه في الحقيقة أداة إفتخار ، يبدو صليب الضعف ولكن في الحقيقة هو قوة الله للخلاص ، يبدو صليب الموت ولكنه يهب الحياة ، إذا أنت تحمل القوة والحياة والإفتخار وتتبعه بكل هذه الإمكانيات ، أرأيت قوة أعظم من هذا أن تسير في الطريق حاملاً كل هذه الإمكانيات.

٣- من لا يحسب :

وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجاً لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً و َيَحْسِبُ النَّفَقَةَ هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟ (لو  14 :  28) ، حساب النفقة ببساطة هو وجود النية والعمل على تحقيق الهدف . إبراهيم عقد النية علي تقديم اسحق ولم يقدم ، ولكن الله نظر إلى نيته ونحن نصلي من اجل الراقدين حتي لو كانوا خطاة لأنه ربما كانت نيتهم صادقة في حل الله وفي سعيهم نحو التوبة ولكنهم سقطوا تحت الضعف البشري المقبول أمام الله ، والنقطة الثانية هي العمل على تحقيق الهدف مثلما فعل زكا ، المهم إعمل على قدر إمكانياتك واسعى مع بداية هذا الصوم لإستقبال المسيح في قلبك وقل له إن قلبي دنس ورائحته كريهة مثل رائحة مذود البهائم وانت قبلت أن تكون ولادتك لا في قصر نظيف ولكنك فضلت هذا المكان الذي هو قلبي .. أشكرك وأشكرك لإختيارك قلبي مكاناً لولادتك.

اليوم الثاني من صوم الميلاد المجيد

26 نوفمبر – 17 هاتور

الإنجيل يو ١٠ : ١ – ١٦

يُقرأ في نياحة البطاركة والأساقفة القديسون واليوم نياحة القديس يوحنا ذهبي الفم ، ولكن في ثلاث كلمات عن ماذا قدم لنا التجسد ؟؟

١- حياة أفضل :

أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى … وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ (يو  10 : 9 و 10) . بالتجسد والميلاد إنفتح باب السماء الذي ظل مغلقاً منذ سقوط آدم «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً و َملاَئِكَةَ اللَّهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ» (يو  1 :  51) ، هذه بداية الحياة الأفضل ، الأرض مكان الملائكة (َ يَصْعَدُونَ ) أي يستقرون معكم علي الأرض ، يحرسونكم ويقفون معكم . بالتجسد أصبحت هناك حياة وأفضل لأن الله إنتقل من رعاية شعب وأمه إلى رعاية فرد إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ (يو  10 :  9) أي أحد له مكان عنده ومعروف بالاسم عنده فَيَدْعُو خِرَافَهُ الْخَاصَّةَ بِأَسْمَاءٍ  (يو  10 :  3) ؟؟ هل هناك حياة أفضل من هذا ، إنه يعرفك باسمك ويدعوك لحياة أفضل فهل تسمع صوته !! .

٢- معرفة متبادلة :

أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ. (يو  10 : 14 و 15) . هذه هي دينامكية عمل الثالوث من خلال التجسد ، حينما تجسد المسيح كنا في قلبه وفي عقله وفي جسده . لنا مكاناً ثابتاً إلى الأبد مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ (اف  2 :  10) ، إذا المعرفة هنا مباشرة وداخلية ومن خلال معرفة الآب بالابن والابن بالآب عن طريق الروح القدس الذي أعطاه لنا ( هذه هي دينامكية الثالوث معنا ) . وكما أن المعرفة تحمل في طياتها الحب والمشاعر الرقيقة من جهته ، هي غنية بالعطاء ، ومن جهتنا هي مفتوحة للأخذ كيفما شئنا . آلا يكفي أنه أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له ؟؟ هل توجد معرفة أغنى وأعمق من معرفة تعطي كل الذي لها حتى أعماق الله وتمتص كل ما لنا من جهالات .

٣- إخلاء إرادي :

وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ (يو  10 :  15) الإخلاء الإرادي هو تعبير لاهوتي ولكنه يحمل معاني روحية عميقة ، لأن غاية ونهاية التجسد هو الموت من أجلي وأجلك ، والذي دفعه إلى هذا الحب الذي كان يملأ كل كيان المسيح نحو البشرية وطاعته للآب الذي يريد خلاص البشرية ، وهذا لن تذوقه أو تعرفه إلا من خلال طفل المذود ومن خلال إيمانك بالتجسد لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْوَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، .. وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ. (اف  3 :  17 و 18) أخي الحبيب أن المسيح إذا حل في القلب بالحب إنطلقت المعرفة بلا قيود لتدرك محبة المسيح لنا ، المحبة والمعرفة لمعنى الإخلاء هما مفتاحا سر الملء من المسيح .

اليوم الثالث من صوم الميلاد المجيد

27 نوفمبر – 18 هاتور

الإنجيل مت ١٠ : ١ – ١٥

في ثلاث كلمات عن دعوة المسيح لتلاميذه وعلاقتها بالميلاد:

١- دعوة للملكوت :

وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ (مت  10 :  7) ، هو نداء يوحنا المعمدان وهو نداء كل خادم ، هو دعوة للحياة الأبدية مع الله ، الدخول في عهد رضا وحب مع الله . لم ينشغل المسيح في كرازته إلا بشرح ملكوت الله بأمثال كثيرة والمتعمق في هذا يفهم أنه كان يعلن عن نفسه ويفسر ميلاده أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ ( يدخلك الملكوت ) هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ» (لو  2 :  12) فالمسيح الطفل في المذود يكشف لنا الوجه الآخر للملكوت ، كيف أنه في ملء البساطة والوداعة واللطف الإلهي تقرر نظام الخلاص في هذا الملكوت ، لذلك قال إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ

(مت  18 :  3) ، أخي الحبيب أرأيت أن قرب وبساطة ملكوت السموات منا هي نفس بساطة أن يحتضن إنسان طفلاً ويقبله ، أرأيت الآن لماذا وُلد طفلاً بسيطاً في مذود .

قال أن مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ (مت  11 :  12) ، إن مفهوم إمكانية إغتصاب الملكوت أصبحت سهلة بميلاده في مذود سهل الاقتحام لأي طفل ، وليس في قصور الملوك خلف الحواجز والأبواب والخدم والأسياد . أخي الخادم إنظر الي طفل المذود وعد إلى بساطة الطفولة سيكون لك ملكوت السموات .

٢- دعوة للشفاء :

إِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا (مت  10 :  8) ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاِثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ (مت  10 :  1) ، هي نفس مهمة وسلطان المسيح ، السلطان لبني الملكوت والسلطان للملك الذي رآه المجوس في المذود ملكاً وقدموا له ذهباً والذي قالوا عنه «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ » (مت  2 :  2) . أنت ابن الملك ورسول الملك ولك قوة الملك ولكن بشرط أن تصون كرامة الملك بالروح والحق ومخافة الله وسهر الروح ، دعوة الشفاء هي للخادم والمخدوم معاً وهي دعوة عامة وشاملة كل أنواع الأمراض مهما كبرت أو طالت فهو قادر أن يعيدك إلى المذود مولوداً من جديد أبيض أكثر من الثلج ، إذا يا إخوتي نحن حينما نُشفى نعود إلى المذود لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا (اف  2 :  10) كما يقول معلمنا بولس الرسول.

٣- دعوة للسلام :

وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقّاً فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ وَلَكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقّاً فَلْيَرْجِعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ (مت  10 :  13) أليست هذه هي أنشودة الميلاد «الْمَجْدُ لِلَّهِ فِي الأَعَالِي وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو  2 :  14) ، أرأيت هذه التطابق .. هذه رسالة ودعوة المسيح منذ ولادته . المسيحية هي دعوة للسلام مع كل الناس حتي الأعداء والرفض هنا ليس مجرد وفض السلام بل رفض رسول السلام القادم باسم رب الجنود للبشارة بالخلاص والحياة الأبدية ، فالرفض للخلاص والمسيح والملكوت ، فماذا يتبقى لهؤلاء القوم إلا اللعنة . في لحظة الميلاد دخلت البشرية بالفعل في عهد مصالحة وسلام مع الله إذ ظهر يسوع ابنا لله وابنا للإنسان والسلام هنا مشروط بحلوله في الإنسان كقوة وفعل حقيقي في حياته بالإيمان بالمسيح كفادي بدمه الذي يطهر كل خطية . نحن من خلال النظر إلى طفل المذود والتأمل فيه نحصل علي سلام لانظير له .

اليوم الرابع من صوم الميلاد المجيد

28 نوفمبر – 19 هاتور

الإنجيل لو ١١ : ٥٣ ، ١٢ : ١٢

في ثلاث كلمات عن عطايا الميلاد لنا من خلال هذا الإنجيل :

١- عطية التسليم :

لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ (مت  6 :  25) ، السيد المسيح في تجسده لبس جسداً وهو في أشد حالات الفقر والعوز والشتاء ، بلا مأوى وبلا مأكل وبلا ملبس لكي يمنح جسدنا بركة ونعمة التسليم لكي نعيش بلا قلق ولا هم . الإنسان اليوم جائع أشد الجوع إلى من يملأ قلبه لا بطنه ، إلى من يملأ روحه لا عقله  إلى من يمنحه سلام الروح لا تسلية العينين والأذنين ونزهة الجسد ، جوع الإنسان بالتجسد ليس إلى الخبز ولكن إلى كلمة الله المحيية ، الإنسان بالميلاد أصبح شوقه لا إلى الملابس الثمينة بل إلى ملابس النعمة ، الإحساس بالفراغ والقلق زالا بعد الميلاد وحل محلهما وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو  2 :  14) ، أخي الحبيب بالتجسد لم يصبح هذا كلاماً ولكنه طبيعة أصبحت في داخلنا تشتاق النفس إليها وتسعي لتحقيقها لأنها طبيعته وهو أخذ الذي لنا ( الإهتمام والهم والقلق والإعتماد على المال ) وأعطانا الذي له ( عدم الإهتمام ( لاتهتموا ) وعدم القلق ( لاتقلقوا ) وعدم الإعتماد علي المال

( بيعوا مالكم ).

٢- عطية الملكوت :

«لاَ تَخَفْ أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ (لو  12 :  32) ، دخول المسيح إلى العالم آتياً من عند الآب ظاهراً في هيئة إنسان . بمعنى بداية ظهور وعمل ملكوت الله علي الأرض أن الله ارتضى أن يظهر علانية على الأرض ويستوطن جسد الإنسان ويمتد ملكوت الله من عالم الملائكة إلى عالم الإنسان ، الله لم يعد يحكم علينا من فوق بل صار يحكم فينا من داخل كياننا ومن داخل تفكيرنا ، المسيح بتجسده إستودع ملكوته جسد الإنسان ملكوت الله دخل فينا في طبيعتنا أتوجد عطية أعظم من هذا ؟!

٣- عطية المصالحة :

حِينَمَا تَذْهَبُ مَعَ خَصْمِكَ إِلَى الْحَاكِمِ ابْذُلِ الْجَهْدَ وَأَنْتَ فِي الطَّرِيقِ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ لِئَلاَّ يَجُرَّكَ إِلَى الْقَاضِي وَيُسَلِّمَكَ الْقَاضِي إِلَى الْحَاكِمِ فَيُلْقِيَكَ الْحَاكِمُ فِي السِّجْنِ ( الهلاك ) (لو  12 :  58). العالم كله لن يجد راحة إلا بالمصالحة ، مصالحة الإنسان بأخيه الانسان والإنسان بنفسه والإنسان بالله ، سر المصالحة هو سر الميلاد ، سر المصالحة يبدأ بتوبة جماعية من خلال الصوم الجماعي الذي تقدمه الكنيسة في هذه الأيام ، المصالحة للكل أعطاها لنا المسيح من خلال جسده فأصبحت طبيعة فينا تئن داخل نفوسنا التي لن تجد راحة إلا في مصالحته ومصالحة كل من حولنا ومصالحة أنفسنا

اليوم الخامس من صوم الميلاد المجيد

29 نوفمبر – 20 هاتور

الإنجيل مر ١ : ١ – ١١

في ثلاث كلمات عن وحدانية عيدي الميلاد والغطاس معاً من الناحية اللاهوتية :

١- الإبيفانيا كنسياً :

كانت معظم الكنائس حتي القرن الرابع تعيد للميلاد والغطاس معاً عيداً واحداً يسمي الإبيفانيا لأن بالميلاد أُستعلن ابن الانسان وبالغطاس أُستعلن ابن الله «هَذَا هُوَ ابْنِي » (مت  3 :  17) ، الكنيسة الأولى لم تذكر الميلاد بالاسم لأنها كانت تَحَسبه من صميم الإبيفانيا ( الغطاس أو الظهور الإلهي ) ويشهد كاسيان ( ٣٥٠ – ٤٣٥ ) ان المعمودية والميلاد كان يُحتفل بهما في مصر في يوم واحد والقديس أثناسيوس الرسولي في تسجيله لأعياد الكنيسة يذكر الإبيفانيا ولا يذكر الميلاد بالتخصيص وبعد زمان أثناسيوس إنفصلا لكي يُعطى كل عيد أهميته . إذا ارتباط العيدين معاً علي أساس الفكر اللاهوتي مشيراً إلى إرتباط الميلادين ، الميلاد الأزلي للمسيح ( كابن الله ) والميلاد البشري الزمني بالتجسد ( كأبن الانسان ) .

٢- الإبيفانيا أنجيلياً :

تنقسم الاناجيل في إستعلان المسيح أيضاً في نفس هذا المنهج الكنسي .

إنجيل متى وإنجيل لوقا يقدمان لنا المسيح مولوداً في بيت لحم أي علي مستوى ( ابن الانسان ، ويقدمان النبوات الدالة على ذلك هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْناً ( إنسان ) وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ» (اش  7 :  14) لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ ( إنسان ) وَنُعْطَى ابْناً ( للبشرية كلها ) (اش  9 :  6) والملاك يقول وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ

(لو  2 :  11) وُلد للبشرية ابن البشرية أي ابن الانسان .

إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا لايبدأن بحادثة الميلاد بل اول ما يقدمانه هو إعلان ابن الله في بنوته الأزلية أي يتخطيان قصة الميلاد نهائياً والقديس مرقس اليوم يبدأ بإستعلان الغطاس مباشرة لابن الله أما يوحنا يستعلنه في أزليته فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ (يو  1 :  1) والقديس مرقس يستعلنه كابن الله في الجسد لذلك أتى التقليد الكنسي وجمع العيدين معاً في عيد واحد كفكر إنجيلي .

٣- الإبيفانيا لاهوتياً :

بشارة الملاك للعذراء جمعت الإعلانين معاً «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ ( ابن الانسان )  مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ (لو  1 :  35). المسيح أوضحها في حديثه مع نثنائيل مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَملاَئِكَةَ اللَّهِ يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ ( سلم يعقوب ) عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ» (يو  1 :  51) وهذا مارآه دانيال مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ (دا  7 :  13)

ابن الانسان هذا هو حقي وحقك في المسيح لأنه بهذه الصفة سكب الله نفسه فينا بلا مانع كاشفاً عن أعماق مسرته لي ولك ، لذلك فإنسانيتنا لن ترتاح إلا في سر المسيح ابن بشريتنا لأن به إندفعت مسرة الآب علي البشريه كلها بسخاء شديد لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ لأَنَّكُمْ قَدْ أَحْبَبْتُمُونِي وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجْتُ (يو  16 :  27) ، أرأيت يا أخي كم هي عطية التجسد لنا ورأيت معنى إنجيل هذا الصباح إذ إنفتحت السموات علينا تعطينا عطية البنوة للآب بالابن ، دخلنا في سر بنوة الله ، سر الحب الفائق وإستطالت خلقة الانسان حتي بلغت عنان السماء يَنْبَغِي أَنْ تُولَدُوا مِنْ فَوْقُ (يو  3 :  7) ، وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ (يو  1 :  12)  ، رسالة اليوم .. أنت ابنه الحبيب ( ولم يقل الوحيد ) الذي به سررت بالميلاد وبالمعمودية ( الإبيفانيا ) .

اليوم السادس من صوم الميلاد المجيد

30 نوفمبر – 21 هاتور

الإنجيل يو ١٠ : ١ – ١٦

في ثلاث كلمات عن إنجيل الرعاية ومن أجل من تجسد وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هَذِهِ الْحَظِيرَةِ يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضاًفَتَسْمَعُ صَوْتِي وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ (يو  10 :  16)

١- مسيح الشارع :

مولود المذود هو مولود لأجل الكل وليس مولوداً من أجل مجموعة معينة ، هو لَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ» (مت  8 :  20) بلا سكن لأنه مسيح الشارع الذي يبحث في كل مكان عن الضال ، هو مسيح العشارين يذهب في الشوارع باحثاً عن زكا ،  هو مسيح الزواني يذهب في الشوارع باحثاً عن السامرية والتي ضُبطت في ذات الفعل والخاطئة في بيت الفريسي ، هو الراعي الصالح الذي يجري وراء خرافه التي تركت الحظيرة ، الماديين والملحدين والمستهترين من شباب الدنيا الذين لم يجدوا مسيحهم في كنيسة أو في أب صالح أو قدوة ، هو يبحث ويأتي بهذه الخراف الضالة السوداء ولكنها جميلة عنده ويأتي بها فرحاً إلى داخل الحظيرة .

٢- مسيح المرفوضين :

المسيح رفض أن يكون سجين تلاميذه وحكراً على تابعيه «يَا مُعَلِّمُ رَأَيْنَا وَاحِداً يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِكَ فَمَنَعْنَاهُ لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُ مَعَنَا ، فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا» (لو  9 :  50) ، المسيح رفض أن يكون سجين مبادئ أو أفكار وارآء وأسماء كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ يَقُولُ: «أَنَا لِبُولُسَ وَأَنَا لأَبُلُّوسَ وَأَنَا لِصَفَا وَأَنَا لِلْمَسِيحِ هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ » (1كو  1 :  12) ، هو مسيح المرفوضين من الأشرار والمدمنين والمسجونين مَحْبُوساً مسيح الغرباء كُنْتُ غَرِيباً الذين بلا مأوي ، هو عرسه للكل فَاذْهَبُوا إِلَى مَفَارِقِ الطُّرُقِ وَكُلُّ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ ( دعوة للكل )  فَادْعُوهُ إِلَى الْعُرْسِ فَخَرَجَ أُولَئِكَ الْعَبِيدُ إِلَى الطُّرُقِ وَجَمَعُوا كُلَّ الَّذِينَ وَجَدُوهُمْ أَشْرَاراًوَصَالِحِينَ. فَامْتَلَأَ الْعُرْسُ مِنَ الْمُتَّكِئِينَ (مت  22 :  10)، أرأيت أن بيت لحم هي مسقط رأس كل البشرية المرفوضة أولاً كانت في قلبه وفي عقله منذ ولادته ناوياً عن البحث عنها وإلزامها بالدخول إلى الحظيرة ( إخرج إلى الطرق والسياجات وألزمهم بالدخول حتي يمتلئ بيتي ) .

٣- مسيح الأعداء :

لقد ولد من أجل العالم كله ، ودمه ليس حكراً لنا فقط نحن المسيحيين وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضاً(1يو  2 :  2) هو أيضاً مسيح أعدائنا الذين لم يعرفوا النور ولم يؤمنوا به اخْرُجْ عَاجِلاً إِلَى شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ وَأَزِقَّتِهَا وَأَدْخِلْ إِلَى هُنَا الْمَسَاكِينَ وَالْجُدْعَ وَالْعُرْجَ وَالْعُمْيَ (لو  14 :  21). أخي في هذه العصبية لاتخف لان مسيح المذود ليس لك وحدك بل هو مسيحهم أيضاً يدعوهم أيضا ليلاً ونهاراً إلى عرسه ويصلي من أجلهم كما صلي من أجل صالبيه هذه هي الخراف الآخر التي ليست من هذه الحظيرة ، ثق أنهم موضع إهتمامه وبحثه ، وثق أنه قبل نهاية الأيام سيكون العالم للرب ولمسيحه .. لاتخف إنظر إلى طفل المذود الذي يرعاك ويرعى اعداءك ، وأخيرا يدعو الكل إلى عرسه.

اليوم السابع من صوم الميلاد المجيد

1 ديسمبر – 22 هاتور

الانجيل لو ٢١ : ٢١ – ١٩

في ثلاث كلمات عن .. أعطانا الذي له وأخذ الذي لنا في المجئ الأول ( الميلاد أخذ الذي لنا وفي المجئ الثاني يعطينا الذي له ) :

١- أعطانا فمه وحكمته :

وَقَبْلَ هَذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي فَيَؤُولُ ذَلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً.فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا.لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. (لو  21 :  12) ، عطية الميلاد لنا أنه أخذ لساننا الثقيل ( كما كان لموسي ) وفمنا الذي لولد ( كما كان لارميا ) وعدم حكمتنا ، وأعطانا فماً من فمه وحكمة من حكمته فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. (غل  2 :  20) والنتيجة أنهم مهما فعلوا فالنصرة لأولاد الله وليست على فرد أو ملك أو ولاة بل على الجميع لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا ، أرأيت يا أخي الحبيب ماذا أعطانا التجسد ، هل يوجد أعظم وأقدس من فمه وحكمته ، إنهم عطية مجانية لك فهل يوجد بعد أي شئ يخيفك ؟!

٢- أعطانا بغضته واسمه :

وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي (لو  21 :  17) ، هذه هي الحالة قبل نهاية الأيام والمقصود بها عصر الإضطهادات والإضطرابات والكراهية والبغضة والمحن ، أخذ الذي لنا واعطانا الذي له «إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ  … لِذَلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ … إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ … لَكِنَّهُمْ إِنَّمَا يَفْعَلُونَ بِكُمْ هَذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ اسْمِي (يو  15 :  21) ، يكفي العبد أن يكون مثل سيده فَيَؤُولُ ذَلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً ، أي مجد وكرامة في هذه البغضة أنها تضعك في مرتبة الشهداء ، إذا نحن يا أخوة نعيش أجمل أيام عمرنا في هذه الأيام إذ تدخلنا البغضة والكراهية المعلنة والإضطهاد العلني إلى مرتبة الشهداء الضامنيين لدخول الملكوت .

٣- أعطانا حفظه وصبره :

وَلَكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ (لو  21 :  18) ، يا إلهي على كلمتك المعزية حينما تأتي في موعدها ، ألا تذكروا معي متي جاء هذا الإنجيل .. أنه جاء في نفس يوم الشدة منذ شهور ويأتي الرب ويعطي الذي له أن حتى شعور رؤوسنا محسوبة ومحصاة عنده ولا تهلك ، أخذ الذي لنا الخوف والجزع وقت الشدائد ، وأعطانا الذي له حفظاً وصبراً ، أخي اعلم جيداً أنه بقدر بغضة الناس وعداءهم يعمل الروح القدس وينجي ويشهد لنفسه ، الصبر هو الذي له أعطاه لنا ، والقديس متى حينما يذكر هذا الإنجيل يعطينا ليس علامات الحفظ والصبر بل يزيد عليها وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى (مت  24 :  14) أرأيت أنه وسط الضيق والإضطهاد تكون هناك كرازة بالملكوت ، ألم أقل لك نحن نعيش أيام الملكوت على الأرض ، أليس هو القائل «مِنَ الآكِلِ خَرَجَ أَكْلٌ وَمِنَ الْجَافِي خَرَجَتْ حَلاَوَةٌ». (قض  14 :  14)

اليوم الثامن من صوم الميلاد المجيد

2 ديسمبر – 23 هاتور

الإنجيل مر ١٠ : ١٧ – ٣١

في ثلاث كلمات عن التجسد وكيفية ميراث ملكوت الأبدية :

١- الحياة الأبدية بالمسيح المتجسد :

«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» … لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ

(مر  10 :  18) إذا كان دعاه صالحاً والمسيح يقول لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ أي أنه يشير إلى نفسه ، إذاً هو أمام الحياة الأبدية التي ظهرت على الأرض ، اسمع القديس يوحنا في رسالته الأولى يقول الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ ( انه الله الظاهر في الجسد )، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ.فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا. ( بالتجسد ) اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ

(يو  1 :  18) ، إذاً المسيح يقول له إن كنت تطلب الحياة الابدية والصالح فهما الواقفين أمامك . بتجسد المسيح صارت إمكانية أن نرى ونسمع ونأكل الحياة الأبدية موجودة .

2 – الحياة الأبدية بالوصية :

لاحظ أن السيد المسيح هو الذي قال الوصايا وهي كلها وصايا اللوح الثاني وهي كلها وصايا سلبية قد لا يتعرض لها الإنسان أو تكون موضع إختبار له أي ليست موضوع جهاد كما قال له المسيح لاَ تَزْنِ. لاَ تَقْتُلْ. لاَ تَسْرِقْ. لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ. لاَ تَسْلِبْ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ» (مر  10 :  19) كلها وصايا سلبية قد لا تتعرض لها أصلاً ولكن المهم الذي قاله المسيح وسلمه لموسى الذي نصوم هذا الصوم أربعين يوما مضافاً لهم ثلاثه أيام نقل جبل المقطم لإستلام كلام الله المهم خاصة في اللوح الأول وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. (مر  12 :  30). هذا هو أساس ميراث الحياة الأبدية والباقي يكون سهلاً لو تعرضت له . إذا الوصية التي تؤدي إلى حب الأبدية هي حب الله وحب القريب .

٣- الحياة الأبدية بالترك والتبعية :

«يَا بَنِيَّ مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ! مُرُورُ جَمَلٍ مِنْ ثَقْبِ إِبْرَةٍ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يَدْخُلَ غَنِيٌّ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!» (مر  10 :  25) ، السيد المسيح كان يستخدم وسائل إيضاح وكانت أسوار أورشليم بها عيون كبيرة تدخل منها الجمال وكانت تسمى خرم الإبرة ولكن لكي يدخل الجمل لابد وأن يدخل بعد إسقاط كل الحمولة التي يحملها ، أي يدخل بلا أي أحمال لكي ينفذ من ثقب الإبرة ، المعلم يريد أن يقول أن الذي يحمل مالاً أو هماً أو إهتمام بأب أو أم أو زوجة أو أولاد أو بيتاً أو حقولاً لا يقدر أن يرث الحياة الأبدية لأنها فقط للذي بلا هم وقبل هذا الفصل تحدث عن دعوا الأولاد أي الحياة الأبدية للأطفال ( طفل المذود ) الذين بلا هم وبلا أموال وبلا خطية . لاحظ المقارنة بين بساطة دخول طفل الملكوت وإستحالة دخول غني إلى الملكوت بالطبع ليس الغني في حد ذاته ولكن المتكل علي المال . إذا الترك أو الإستعداد للترك إِلاَّ وَيَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ الآنَ فِي هَذَا الزَّمَانِ … ًمَعَ اضْطِهَادَاتٍ وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ (مر  10 :  30) هذا هو قانون التعويض السماوي ولكن شرطه الإضطهادات ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، (1بط  4 :  12) كما قال بالنص معلمنا بطرس في رسالته .

اليوم التاسع من صوم الميلاد المجيد

3 ديسمبر – 24 هاتور

الانجيل يو ١ : ١ – ١٧

في ثلاث كلمات عن المعنى اللاهوتي والروحي والإنجيلي للتجسد :

١- والكلمة صار جسداً :

القديس يوحنا في بداية هذا الإنجيل يعبر بوضوح أن الكلمة فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ (يو  1 :  1)هذه هي الكينونة الدائمة وهي تخص الوجود اللا زمني للكلمة

( اللوغوس ) وهذا اللوغوس هو سر الإنجيل وسر الله وسر المسيح وسر المعية مع الانسان .

وكلمه صار جسداً تفيد أنه اتخذ درجة في الاستعلان تتناسب مع ضعف إدراكنا لأن عجز الأنبياء في توصيل الكلمة للناس جعل الكلمة يأخذ حالة أكثر اقترابا لإدراكنا حتى يتمم فيها استعلاناً أكثر لله . لاحظ أنه لم يقل آخذاً جسدا لئلا يتركه بعد فتره ولم يقل حل في الجسد لئلا يكون حلولاً مؤقتاً بل كلمة صار تفيد أنه يستحيل أن يتراجع فيما صار إليه لأن الصيرورة هنا شملت كيانه كله . وكلمة جسداً بمعنى أنها لا تعبر عن جزء من الانسان بل هو تعبير لاهوتي عن طبيعة الانسان ككل جسداً ونفساً وروحاً . أخي الحبيب بجسد الكلمة الذي هو جسد بشريتنا صار الطريق مفتوحاً إلى الأقداس فَإِذْ لَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ ثِقَةٌ بِالدُّخُولِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِدَمِ يَسُوعَ، طَرِيقاً كَرَّسَهُ لَنَا حَدِيثاً حَيّاً، بِالْحِجَابِ، أَيْ جَسَدِهِ،

(عب  10 :  20) ، يا لعظمة هذا التجسد الذي لنا الذي حقق لنا سر الخلاص وسر الملكوت وسر الاتحاد به الدائم إلى أبد الدهور.

٢- حل بيننا :

هذا هو المعنى الثاني للتجسد والبعض يقول أن الترجمة اليونانية تقول حل فينا أي أنه بالتجسد

( صار ) حلوله في خيمة جسدنا دائماً وليس وقتياً وليس معنى السكنى فقط بل الإقامة والمعيشة . ومن خلال تواجده نرى مجده ( ورأينا مجده ) وهي رؤية إيمانية ، انت يا أخي سائر حاملاً مجد المسيح في جسدك لذلك لا يستطيع أحد أن يقترب منك ويؤذيك وأنت ايضا ( مملوء نعمة وحقاً ) ( ومن ملئه نحن جميعا أخذنا ) هذا هو فيض الحب الذي يتفجر من الكلمه المتجسد علي هيئه نعم وعطايا متلاحقة فكل نعمة تؤدي إلى نعمة أكثر ، لاحظ كلمة جميعاً وكأنه لم يترك أحدا في الكنيسة دون أن يغدق عليه نعمة بلا تفرقة بين بار وخاطئ . أرأيت وعرفت لماذا تجسد لكي يعطينا أكثر مما نطلب أو نستحق .

٣- هو خبر :

اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ (يو  1 :  18) جميعً طرق الإستعلان لم تكن كافية لتبلغ الانسان حقيقة اللهً وأخفق الانسان أن يرى الله أو يسمعه .

الابن الوحيد ( المونوجينيس ) الذي يجمع البنوة الفريدة والحب الفريد الوحيد استطاع من خلال وجوده الدائم والمتداخل مع الله إستطاع أن يخبر الانسان ليلاً ونهاراً عن محبة الآب ويشبع إشتياقات الانسان إلى المعرفة ، مطلوب من كل إنسان يضعف إيمانه أو يشك في وجود الله أو عمله أو حفظه أو رعايته أن يلتجئ إلى الابن المتجسد ليشبع ويعرف ، أقول لكل إنسان بعيد أو ملحد قل ياابن الله اظهر لي ذاتك سوف تجد حالاً داخل قلبك كل اليقين والثقة لأنه حل فينا وبيننا .

أرأيت معني التجسد الكلمة صار متكلماً في قلوبنا والنعمة صارت حقاً لنا والملء صار موزعاً علينا والابن صار حالاً فينا ، هل يجرؤ إنسان ويقول أنا خائف او أنا مضطرب او أنا قلق او أنا مكتئب او أنا يأئس لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا! (يؤ  3 :  10)

اليوم العاشر من صوم الميلاد المجيد

4 ديسمبر – 25 هاتور

الإنجيل مت ١٢ : ٩ – ٢٣

في ثلاث كلمات عن صفات الابن المتجسد «هُوَذَا فَتَايَ ( حبيبي ) الَّذِي اخْتَرْتُهُ ( التجسد ) حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ ( الذي به سررت ) نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ ( الروح القدس يحل عليك ) فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ (مت  12 :  18) :

١- مسيح الشفاء :

ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ : «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا. فَعَادَتْ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى … وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعاً (مت  12 :  15). ما أجمل تكرار عبارة إنسان في هذه المعجزة وَإِذَا إِنْسَانٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ … فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ .. فَالإِنْسَانُ كَمْ هُوَ أَفْضَلُ  .. ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ (مت  12 :  10) هذا هو ابن الإنسان الذي تجسد وتأنس من أجل الإنسان من أجل البشرية والإنسان صاحب اليد اليابسة ( اليد المشلولة الغير مستعملة مع الوقت تصير يابسة أو ضامرة ) ، راحة الابن في السبت وراحته أن يعمل عمل رحمة معي ومعك ومع الجموع الكثيرة ( فشفاهم جميعا ) . يا إلهي أنت قادر وعالم أنني أعاني من شلل كامل في كل أعضائي لساني عاجز عن تسبيحك وعيناي عاجزة عن النظر إليك ، ويدي ورجلي عاجزة عن الذهاب إليك وإرادتي مشلولة في الوصول إليك ، وقلبي في حالة تيبس وبرودة نحوك .. فيا طفل المذود مد يدك واشفيني لأني أريد أن أبرأ .

٢- مسيح الحق :

أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ (مت  12 :  18) ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ (مت  12 :  20) ، ما أجمل هذه الكلمات في هذه الأيام ، لقد ظن اليهود قديماً وأناس كثيرون في هذه الأيام أن الحق لا يعلن إلا بالقوة الزمنية أو إستخدام العنف أو ترويع الناس ولكن مسيح المذود يعلن أن سر غلبته ونصرته هو إعلان الحق من خلال الوداعه المملؤه حبا لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ (مت  12 :  19) ، أخي الحبيب اعلم أن كل من يستخدم العنف أو الإرهاب أو الترويع أو الصياح أو الحشد هو إنسان ضعيف وصغير النفس لذلك طلب منا معلمنا بولس الرسول أن نحتمل ضعف الضعفاء وان نتأني عليهم أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ (1تس  5 :  14). يا مسيح الحق اعلن حقك للأمم وأظهر حقك بطريقتك وعلمنا وعلمهم كيف يكون الحق يا يسوع الحق .

٣- مسيح الرجاء :

قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ (مت  12 :  20) ، المسيحية هي ديانة الرجاء والمسيحي يحيا بالرجاء والمسيح نزل وتجسد من أجل المظلومين والمساكين والحزانى والمضطهدين والذين ليس لهم احد يذكرهم والعشارين والزواني والجياع والعطاش والمطرودين ، هؤلاء هم من جاء المسيح من أجلهم وهم من جلس معهم وزار بيوتهم وأكل معهم ، وقدم ومازال يقدم لهم حبه وحنانه وينفخ فيهم من روحه لتشتعل وتضئ . إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ (1كو  15 :  19) يارب نحن رجائنا فيك وأملنا فيك وكما سمعت صراخ شعبك في أرض مصر قديماً الآن اسمع صراخهم وانزل واصنع الخلاص علانية.

اليوم الحادي عشر من صوم الميلاد المجيد

5 ديسمبر – 26 هاتور

الإنجيل لو ٢١ : ١٢ – ١٩

في ثلاث كلمات عن المسيح المتجسد الذي جاز كل شئ لكي يسلمه لنا قبل مجيئه لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ (عب  2 :  18)

 ١- المسيح المتجسد مطروداً :

وَقَبْلَ هَذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ (لو  21 :  12) ، المسيح هرب إلى أرض مصر في ميلاده وفي الأيام الأولى للطفل المتجسد دخل أرض مصر وعاش فيها مطروداً من بلد إلى بلد لان التقليد يقول أنه في كل مدينة كان يدخلها كانت الأصنام تقع فيعرف أهل المدينة أنه بسبب هذا المولود وقعت الأصنام فكانوا يقومون بطرده ولذلك جال كل ربوع مصر شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً لأنه مطروداً وبعد رجوعه عاش مطروداً من مدينة إلى أخرى لأنه في كل مرة يحاولوا أن يقتلوه يتركهم ويذهب إلى مدينة أخرى . أخي الحبيب إن كنت مطروداً من الآخرين أو مطروداً من المسئولين أو من الدولة أو حتى من أقرب الناس فانت تحمل سمات وصفات المسيح المتجسد لقد جاز الطرد لكي يعطيك بركته . لاحظ أن طرده من مدينة إلى مدينة لكي يدوس بقدمه المباركة كل أرض مصر الوجه البحري والقبلي لكي يقدس كل بقعة فيها وهذا لم يحدث في أي بلد غير مصر ، هل تشك لحظة واحدة أن الأرض التي داسها بقدميه وبارك كل شبر فيها ممكن أن يصيبها ضرر .

٢- المسيح المتجسد مُسَلَمَاً :

وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي (لو  21 :  12) أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟» (لو  22 :  48) لقد سُلم الابن المتجسد من أقاربه واحباؤه وسيق أمام مجمع اليهود وكتبتها ، وأيضاً وقف أمام ولاة وملوك ( هيرودس وبيلاطس ) ، أرأيت أن الابن المتجسد جاز التسليم أمام الظالمين وأمام الملوك وأمام الذين يدعون الدين ؟؟؟؟؟؟ هذه بركة وقامة وموهبة وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ (في  1 :  29). التجسد لنا وما جازه ليس فقط لأجلنا بل نحن كنا في قلبه وفي عقله ومعه مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ.

(غل  2 :  20) أخي الحبيب إن سلمك الشيطان إلى السلطان أو الي الظلم والطرد أو إلى الصليب فطوباك لان سيدك جاز هذا ليكون لك شركة معه لان هذا هو طريق معرفتك لسيدك لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ، (في  3 :  10)

٣- المسيح المتجسد صابراً :

بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ (لو  21 :  19) لقد سيق إلى الذبح ولم يفتح فاه صابراً علي خيانة تلاميذه وصابراً علي جحود من عمل لهم معجزات وشفى أمراضهم وأشبع جموعهم وستر علي خطاياهم .. أرأيت صبراً مثل هذا . لقد وضع إقتناء النفس في فضيلة الصبر لأن الصبر هو أصل كل الفضائل والحامي لها ، أخي الحبيب الصبر هو إحتمال الشرور التي تسقط علينا من الآخرين بهدوء دون أن نحمل مشاعر سخط ضد من يسقطها علينا . وهناك وعد من هذا الصبر أنه لا تسقط شعرة واحدة لأنه ضامن هذا بتجسده الذي انت فيه ، لذلك وضع نفسه هو موضوع مقاومة العدو بتجسده لأنك أنت فيه .. إذاً أي ظلم أو إضطهاد أو إعتداء أو تسليم أو طرد إنما يقع عليه شخصياً أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ … لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ» (يو  17 :  26) ، نحن فيه وهو فينا ( بالتجسد ) لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ (اف  5 :  30) كما قال معلمنا بولس ، هل يقدر احد أن يؤذيك ؟

اليوم الثاني عشر من صوم الميلاد المجيد

6 ديسمبر – 27 هاتور

الإنجيل مر ١٠ : ٣٥ – ٤٥

في ثلاث كلمات عن كيف واجه مسيح المذود ما نواجهه هذه الأيام من خلال إنجيل اليوم :

١- المذود في مواجهة العظمة :

فَسَأَلَهُمَا: «مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَفْعَلَ لَكُمَا؟» ( لنا جميعا كبشر ) ، فَقَالاَ لَهُ: «أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِكَ وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِكَ ( العظمة ) فِي مَجْدِكَ» (مر  10 :  37) المسيح لم يولد في قصر تحيطه مظاهر العظمة ولم يباشر حكمه من فوق عرش المسيح ، ولد في مذود في أضعف حالات الانسان وافقرها ، الله عانق فقر الانسان وضعفه وعدم وجود حيلة عنده في شتاء قارص في شهر ديسمبر بالتحديد ، وُلد في غربة شديدة ( كأنه ليس في بلده ) لقد تخلى عن مظاهر القوة والعظمة التي كانت تلازمه في القديم أثناء ظهوره لشعبه وأراد ان يكون ظهوره في هذا المذود حتى يأخذ أضعف ما عندنا ليعطينا قوته وعظمته ، لم يعد حَقّاً أَنْتَ إِلَهٌ مُحْتَجِبٌ يَا إِلَهَ إِسْرَائِيلَ الْمُخَلِّصَ (اش  45 :  15) كما قال اشعياء بل الله ظهر في الجسد . أخي ان طفل المذود يصرخ ويقول لقد أعطيتكم كل حبي وكل قدرتي تعمل لحساب الانسان ومن داخله ، يعد شعور رؤوسنا ويحفظ حتي عصافيرنا فلا يقع واحد منها بدون إذنه ، يهتم بما نأكل وبما نلبس ، يشعر بالالامنا وضعفنا وظلمنا ، هذا يا اخي هو سر التجسد الذي يعرفنا سر المذود في مواجهة العظمة.

٢- الرؤساء في مواجهة المتضعين :

« أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِينَ يُحْسَبُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ وَأَنَّ عُظَمَاءَهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ

(مر  10 :  42) اسمع أنشودة العذراء عن الميلاد أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ

(لو  1 :  52) في تجسده وميلاده وضع نفسه في صورة العبد المتألم في مواجهة الرؤساء والاعزاء وأعطى وعد علي فم أمه العذراء الطاهره بأنه في وقت ميلاده سوف ينزل الأعزاء وكما قال في إنجيل اليوم الذين يحسبون أنهم رؤساء او أنهم يسودونهم فلا يكون هكذا فيكم أي ليس عليكم ، المسيح في ميلاده استبدل السيادة على رقاب الناس من فوق عرش إلى التسلل لقلوب أولاده لتحصينها ضد الضعف وضد الخوف وَلْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي الَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ ، لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، بِنِعْمَةٍ، مُتَرَنِّمِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ (كو  3 :  16)

٣- ابن الانسان في مواجهة الشيطان :

لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاًلَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ» (مر  10 :  45)

لقد وضع نفسه كأبن لكل البشرية لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ (اش  9 :  6) ، جاء ليخدم وليبذل نفسه عنا في مواجهة الشيطان وأعوانه على الأرض لذلك اول رسالة حملها وهو لازال طفلا علي ذراعي أمه ما قاله سمعان الشيخ بالروح «هَا إِنَّ هَذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ وَلِعَلاَمَةٍ تُقَاوَمُ

(لو  2 :  34) ، الشيطان وأعوانه يقاومون أبناء الله والمسيح الحامل لجسد بشريتنا على الصليب يصرخ بنا وباسمنا إلهي إلهي لماذا تركتني  ، في يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ ( كل شئ ) رُوحِي».

(لو  23 :  46) ، النتيجة سحق الشيطان وسجنه وهو على الصليب وقيامة كلها قوة ومجد ، أرأيت معني كلمة هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: (لو  2 :  10) أخي أقول لك بكل أمانة وصدق وإيمان انه سوف يسمعنا أنشودة الميلاد هذه في هذه الأيام

اليوم الثالث عشر من صوم الميلاد المجيد

7 ديسمبر – 28 هاتور

الإنجيل يو ١٦ : ٢٠- ٣٣

في ثلاث كلمات عن إرتباط الميلاد بالولادة ( اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ … وَلَكِنْ مَتَى وَلَدَتِ (يو  16 :  21)) ، وعن كلمات الله المعزية التي تأتي في موعدها وكأن الله يختار بنفسه الإنجيل لكي يطمئنا :

١- شدة تقابلها ولادة :

اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ وَلَكِنْ مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ (يو  16 :  21) من هو هذا أليس هو ابن الإنسان عمانوئيل الله معنا .

الشدة تأتي إلينا في كل الصور ( خوف ، خطية ، خطر ، إضطهاد ، مرض جسدي أو نفسي ، حرق ، ضرب ) تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ الشعور بالموت أو إقترابه في أي صورة يخيف الإنسان ولكن ولادة ابن الإنسان حولت كل هذا إلى سلام قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يو  16 :  33) ، وهذه هي أنشودة الميلاد عَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ (لو  2 :  14) ، هو خلقنا فيه وهو فينا حتى يحمل مسئولية أنيننا ويهتم بأحوالنا ولا يطيق أن يرى أولاده تحت ظلم أو سخرة أو ضيق لأنه في كل ضيقهم يتضايق جداً ومن يمسهم كأنه يمس حدقة عينه  السلام لك يا بيت لحم فقد ولدنا الله فيك لله بالمسيح يسوع وصرت لنا مكان التبني الذي حُسبنا فيه أهل بيت الله لما ولد فيك أخونا البكر المسئول عنا وعن أحمالنا وأتعابنا وأمراضنا .

٢- حزن يقابله فرح :

أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ (يو  16 :  20) ، فأنتم كذلك عندكم الآن حزن

( أنت عارف يارب ! ) وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضاً فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ

(يو  16 :  22) أخي الحبيب أن يوم ميلاد المسيح كان هو اليوم الفاصل بين الخوف والحزن والبكاء والتنهد ، وبين الفرح العظيم الذي يكون لكل الشعب ، وهو لحن كنيستنا العظيم ( هلليلويا فاي بيبي إهوؤو ) هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي صَنَعَهُ الرَّبُّ. نَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ فِيهِ (مز  118 :  24) كما يقول المزمور بروح النبوة ، هذا هو اليوم أو الحد الفاصل بين رعبة الخوف وما بين شدة الفرح فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ. أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ (لو  2 :  11) . نحن لا نحزن كالباقين الذين ليس لهم رجاء ، نحن بالميلاد أخذنا منه وعداً بالفرح الكامل لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً (يو  16 :  24) لأنه حال فينا ومعنا عِمَّانُوئِيلَ الذي تفسيره الله  معنا (مت  1 :  23) ، هذه حقيقة إيمانية .. الذي يعيش معه يختبرها كخبرة وحقيقة وحياة .

٣- ضيق يقابله غلبة :

فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يو  16 :  33) ، الضيق وعد وعطية وهبة وحادث بيننا الآن ( مينا فيليب وكرم سرجيوس وغيرهم ) تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً لِلَّهِ (يو  16 :  2) ( أليس هذا هو فكر المتطرفون ) ، نحن أمام ضيقة ، أمام الشيطان الذي يهيج أبناء الشر الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضاً(غل  4 :  29). أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. (تث  32 :  21) ، بالميلاد إنتقلنا من الغربة الكلية عن الله إلى المعية الكاملة معه . لقد صالحنا الآن في جسم بشريته لأن اسمه عمانوئيل ، أخي لابد أن الضيق يتحول إلى غلبة ، كل إنسان إستشهد أو أصيب هو الآن في غلبة ومعية مع المنتصرين .

اليوم الرابع عشر من صوم الميلاد المجيد

8 ديسمبر – 29 هاتور

الإنجيل مت ١٦ : ١٣ – ١٩

في ثلاث كلمات عن ابن الإنسان ( المسيح المتجسد ) والإلحاد والصخرة والجحيم :

١- المسيح والإلحاد :

«مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» …. «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ» (مت  16 :  16) يقول الملحد إثبت لي وجود الله بالعقل أو ابحث عن الله بطريقتك وليس كما يقول الآباء أو من قال أن كلام الإنجيل عقلياً صحيح ، يا أخي الحبيب ابن الإنسان ( المسيح المتجسد ) وضع لنا منهجاً إيمانياً أن إيماننا بالله ليس فكرة فلسفية نعشقها ولا وليد إيمان عقلاني نتقبله من لحم ودم ، إنما هو إعلان إلهي يشرق به الأب بروحه القدوس علي شعبه خلال الرسل والتلاميذ فتسلمته الكنيسة كوديعة من جيل إلى جيل ليس كتسليم بشري بل هو تقليد وعمل إلهي يشرق به الله في قلوب المؤمنين وغيرهم ، أيها الملحد المعلن الخفي هو الله نفسه ، هيهات أن اللحم والدم يستطيعا أن يعلنا لك هذا لأنهما لا يقبلان إلا الأرضيات لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ (مت  11 :  25)

٢- المسيح والصخرة :

عَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي (مت  16 :  18) ، على هذا الإيمان بأن ابن الإنسان هو المسيح ابن الله الحي ، الله يعطينا ألقابه لكي تكون لنا صلابة الصخر ( خاصة في تلك الأيام ) والمسيح قال عنه معلمنا بولس كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ وَ الصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ (1كو  10 :  4). الكنيسة هي عقيدة وإيمان ، والإيمان بالمسيا هو الأساس الذي يقوم عليه بناء الملكوت المرتفع حتى السموات ، فبالتجسد الإلهي تقدم ابن الله الحي كحجر زاوية يسند البناء كله فلا تقدر زوابع أن تحطمه ولا عاصفة أن تهز حجراً واحداً منه ، أرأيت روعة وتطابق هذا الإنجيل مع الأحداث.

٣- المسيح والجحيم :

أَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا (مت  16 :  18) ، يا إلهي ما هذا الذي ترسله لنا هذه الأيام كل صباح ، إنها البشارة المفرحة و المعزية . أخي إن العواصف العاتية التي تهب عليها أو تهددها من العالم والعدو والسيول الجارفة التي يسوقها الشيطان عليها مع قوى الجحيم المتربصة بها لن تقوى عليها وإن التجارب مهما بلغت من العنف لن تسود على الكنيسة وأولادها حتى الموت ، لأن الكنيسة لن تدخل السماء تحت موت بل سترفع حية ولن يسود عليها الموت بعد لأنها جسد المسيح الحي . إننا نقشعر من تطابق وتعزية هذا الصباح هل توجد قوة أقوى من أبواب الجحيم على وجه الأرض ؟! حتى هذه لن تقوي علينا ، أهل يوجد فينا الآن من يخاف أو يشك أو يرتعب من القادم أو من الأحداث.

اليوم الخامس عشر من صوم الميلاد المجيد

9 ديسمبر – 30 هاتور

الانجيل يو ٦ : ٥ – ١٤

في ثلاث كلمات عن العلاقة الوثيقة بين معجزة إشباع الجموع ولماذا التجسد؟ :

١- التجسد والعوز :

«مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزا لِيَأْكُلَ هَؤُلاَءِ؟» (يو  6 :  5) ، «الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى (مر  6 :  35)

لِئَلاَّ يُخَوِّرُوا فِي الطَّرِيقِ» (مت  15 :  32) هذا هو حال البشرية قبل التجسد وهذا هو حال الإنسان قبل المسيح . حالة إنحجاب الله الذي يزداد في الأسفار على ممر السنين وتخلي الله الذي يبلغ في النهاية حد القطيعة والإهمال اسمع موسي يقول له «لِمَاذَا يَا رَبُّ يَحْمَى غَضَبُكَ عَلَى شَعْبِكَ (خر  32 :  11) ، واسمع ايوب يقول فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! (اي  10 :  2) وارميا يقول أَنَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي رأَى مَذَلَّةً بِقَضِيبِ سَخَطِهِ (مرا  3 :  1) ، وحبقوق يقول حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لاَ تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لاَ تُخَلِّصُ؟ (حب  1 :  2) واشعياء يقول حَقّاً أَنْتَ إِلَهٌ مُحْتَجِبٌ (اش  45 :  15) أليس هذا هو العوز والجوع !! البشرية كانت جائعة ومتلهفة على المخلص وعلى رضا الله وظهوره وكانت تخاف منه ومن شكل ظهوره ويختمها المزمور إِلَهِي! إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي (مز  22 :  1). لذلك يقول وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ ، (غل  4 :  4) حُلت مشكلة عوز الإنسان وجوعه وإحتياجه إلى الله بالتجسد والله الظاهر في الجسد في صورة ابن الإنسان وانتهى زمن إحتجاب الله عن الإنسان .

٢- التجسد والشبع :

وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ وَوَزَّعَ… فَلَمَّا شَبِعُوا (يو  6 :  12) هذا فعل إفخارستي سري أعطي للبشريه بعد ذلك في سر الإفخارستيا ، وكلمة شبعوا في اليونانيه أصلها امتلأوا إذا الابن المتجسد اعطي جسده لنا لكي ليس فقط ليسد عوز وجوع الإنسان إليه بل أيضاً أن يمتلئ به ، نعم تجسد من أجلنا لكي يكون لنا حياة أفضل ولكي نصل إلي ملء المسيح وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ

(يو  1 :  16) أليس هذا هو معنى لماذا تجسد . نحن يا أخوة مدعوون للشبع وللملء وهو تجسد وأعطانا جسده لكي نأكله ونشبع إلى الأبد ولا نجوع إلى الأبد

٣- التجسد و الْكِسَرَ :

لا يوجد في الكنيسة أعظم من الْكِسَرَ : هي الأشخاص البعيدين والمتعبين والضعفاء والذين تظن أن ليس لهم قيمة «إجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ» (يو  6 :  12) أخي الحبيب إن خبز الإفخارستيا ليس خبز العوز والحاجة فقط بل خبز الزيادة والفضلة الكثيرة أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ (يو  10 :  10) المسيح إستودع في خزانة الكنيسة هذه الفضلات لكي يشبع منها كل محتاج ولكي يعلمنا أن الْكِسَرَ أو ما نظن أنهم كِسَرَ هم في خزانة الكنيسة وأنت مسئول عنهم والكنيسة أخذت هذا الطقس الجميل فيجتهد الكاهن والشماس معا أن يجمعوا الفتات المتبقية في الصينية ويلتقطها الكاهن بإهتمام رمزاً إلى جمع شمل المتفرقين من أولاد الكنيسة.

اليوم السادس عشر من صوم الميلاد المجيد

10 ديسمبر – 1 كيهك

الإنجيل يو ١٠ : ١ – ١٦

في ثلاث كلمات عن ماذا حمل لنا التجسد ؟ ومن خلال إنجيل الرعاية ماذا قدم لنا الراعي الصالح بتجسده ؟ :

١- بالتجسد خلصنا :

أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ (يو  10 :  9) لقد وُلد الإنسان جديداً يوم ميلاد المسيح . إذا هو أبو البشرية بالتبني كما يقول معلمنا بولس لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ (اف  1 :  10) ، المسيح المولود هو باب الخلاص إلى الحياة الفضلى على الأرض وفي السماء وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ (يو  10 :  10) ، نحن في هذه الأيام نرى ميلاداً جديداً من خلال شتاءً قارس وقسوة الإنسان على أخيه ومن خلال عوز إلى الصدق وفقر في الرحمة وصراع ديني وشعور الناس بغربتها في أوطانها ومخاض ليل طويل تجوزه مصر الآن هذه يا أخي هي الآم المخاض التي تسبق الولادة أو الميلاد الجديد أو الخلاص الذي لنا من أعدائنا كما قال زكريا الكاهن خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا وَمِنْ أَيْدِي جَمِيعِ مُبْغِضِينَا (لو  1 :  71)

٢- بالتجسد حررنا :

يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى (يو  10 :  9). الإنسان خُلق ليكون حراً والميلاد الجديد في بيت لحم أخذ روح الحرية في شخص المسيح فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ ( المولود ) فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً(يو  8 :  36) ، الإنسان الجديد في المسيح يسوع يسير نحو الميلاد والحرية بحركة سريعة تفوق وعيه والبشرية كلها يشدها إلى أعلى صوت مبهم لكي تنادي بالسلام وحقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية العبادة وحرية بناء الكنائس والمساواة ورفع الفوارق ( عيش ، حرية ، عدالة إجتماعية ) !!! هذه ليست شعارات ولكنها خصائص الإنسان الجديد التي يتعطش إليها لأنها وُهبت له لتكون جزءً حياً من كيانه من وقت ميلاد المسيح وتعبر تعبيراً خفياً عن إمتداد روح الإنسان الجديد نحو الله والتهيؤ المناسب للتلاقي معه علي مستوى ميلاد المسيح .

٣- بالتجسد رفعنا :

وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ (يو  10 :  15) ، لقد وضع نفسه كالعبد إختيارياً باتضاع عجيب ومذهل ، حتي يرفع كل العبيد إلى درجة بنوته لاَ أَعُودُ أُسَمِّيكُمْ عَبِيداً لأَنَّ الْعَبْدَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَعْمَلُ سَيِّدُهُ لَكِنِّي قَدْ سَمَّيْتُكُمْ أَحِبَّاءَ لأَنِّي أَعْلَمْتُكُمْ بِكُلِّ مَا سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي (يو  15 :  15) لقد أخلى نفسه من كل مجد ظاهر حتي يتفرغ لشركة الآلام مع الناس ، هذه الآلام التي ولد خصيصاً لكي يحملها عنا ليرفع الإنسان الذي شبع شقاءً عبر الدهور . المسيح تنازل إلى أعماق أعماق كيان الإنسان وأضاء بحبه وقداسته كل ظلام طبيعته وبدد أحزانه وقطع كل قيوده ليرفعه ويجلسه معه في السماويات وَأَقَامَنَا ( رفعنا ) مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، (اف  2 :  6) ، ولكن إن كان المكان هكذا وضيعاً والمغارة هكذا مظلمة ولكن كانت تجلس حولها الملائكة مع جمهور من جند السماء ينشدون نشيد المجد لله في علاه وعلى الأرض السلام ، أرأيت كيف بإتضاعه المذهل هذا رفع الإنسان إلى علو الله .

هل يوجد سلام ومجد وإطمئنان أعظم من هذا ، نشكرك على ميلادك في هذه الأيام لأنه يحمل لنا يومياً رسائل الحب والإطمئنان .

اليوم السابع عشر من صوم الميلاد المجيد

11 ديسمبر – 2 كيهك

الإنجيل لو ١٢ : ٣٢ – ٤٤

في ثلاث كلمات من خلال إنجيل اليوم وعلاقته بشهود الميلاد أو بمعنى أخر لمن اسُتعلن الميلاد ؟ أو لمن يستعلن المسيح نفسه  ؟ :

١- الرعاة ولا تخافوا :

أول كلمة في إنجيل اليوم «لاَ تَخَفْ أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ

(لو  12 :  32) فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ:

(لو  2 :  10) الرعاة المتبدين الذين يحرسون حراسة الليل يمثلون بساطة الروح. ( القطيع الصغير ) وأمية الجهاد والمعرفة ، والأمانه في العمل . لاتخف يقولها دائماً للبسطاء وهو لا يكلفهم جهداً في التعرف عليه . الله يا أخي يأخذ على عاتقه كل مايعوزنا فيما يختص بمعرفته وما يختص بإظهار هذا الملاك ليقول لك ليلاً ونهاراً لا تخف . ولكن يلزم الإنسان دائماً للتعرف علي الله أن يكون ضمن

( القطيع الصغير أي الرعاة المتبدين ) لأن العلامة للتعرف طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ»

(لو  2 :  12) هذه آية التعرف علي الله من خلال عمق البساطة ( طفل صغير أو قطيع صغير ) وليس بالفكر وحده ( رسالة إلى الملحدين)

٢- المجوس وكنوزهم :

لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكُمْ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكُمْ أَيْضاً(لو  12 :  34) ، مَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ

(لو  12 :  42) أليس هو هؤلاء المجوس الحكماء ، ومن هو الحكيم إلا الذي يجده سيده ساهراً على دراسة كلمة الله بدقة حتى يكشف له الله كنوز الحكمة والعلم والمعرفة ، لقد رأى المجوس في المسيح الملك ( الذهب ) واللبان ( الكهنوت ) والمر ( الآلام ) ، هذه يا أخي كنوزك للمعرفة المسيح ملكاً علي قلبك وكاهناً يطعمك جسده ودمه ويحمل خطيتك ويضعها علي دمه وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ (1يو  1 :  7) ومتألماً يشاركك الآمك .

٣- سمعان الشيخ والإنتظار :

وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ كَانَ بَارّاً تَقِيّاًيَنْتَظِرُ !!! تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ (لو  2 :  25) وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجِعُ مِنَ الْعُرْسِ حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ (لو  12 :  36) ، هذه صورة ليقين الرجاء وكيف يجازي الله أولاده برؤيا وجه الحبيب ( سوف نراه جميعا قريباً ) ، طوبى للذي يتوقع وينتظر التعزية حتماً سوف يرى وجه المسيح . أخي وأختي ما أشد الحاجة هذه الأيام إلى رؤية وجه المسيح المولود في بيت لحم حياتنا ، إن رأس مال سمعان الشيخ لم يكن شيئاً أكثر من الصلاة بيقين والتمسك بوعد الله الصَّارِخِينَ إِلَيْهِ نَهَاراً و َلَيْلاً (لو  18 :  7)

اليوم الثامن عشر من صوم الميلاد المجيد

12 ديسمبر – 3 كيهك

الإنجيل لو ١ : ٣٩ – ٥٦

في ثلاث كلمات عن وعود العذراء لنا من خلال تسبحتها العميقة في بيت أليصابات والمناسبة لنا جداً في هذه الأيام ( لاحظ تاريخ هذا اليوم فهو يحمل رقم ١٢/ ١٢ / ٢٠١٢ وهو ما ذكره دانيال النبي وإرتباطه بعدد ١٢ تلميذ ليكون العالم للرب ولمسيحه وأيضاً اليوم هو عيد دخول العذراء إلى الهيكل وهو أيضاً نسمع فيه تسبحة مريم ( لحن التعظمة  Magnificat ) كما يسميها الغرب وهو يتطابق مع لحن البركة الذي إنطلق من روح زكريا الكاهن وهي ألحان كنيستنا العظيمة في شهر كيهك وفي صلاة باكر :

١- تعظيم وإبتهاج النفس :

« تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللَّهِ مُخَلِّصِي (لو  1 :  47) هذا هو أنشودة الفرح والبهجة التي تقدمها لنا العذراء في كل صباح . العظيم يحتل هيكلها ويضبط فكرها ويحرك لسانها وهو ساكن فينا وحال داخلنا ومولود في قلوبنا ونحن نعظم ونبتهج لأننا هياكل الله وروح الله ساكن فينا .

(بِاللَّهِ مُخَلِّصِي) .

٢- إنزال الأعزاء عن الكراسي :

صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ ، أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ

(لو  1 :  52) ، نحن نسلك ومعنا قوة ذراع الرب يَمِينُ الرَّبِّ مُرْتَفِعَةٌ. يَمِينُ الرَّبِّ صَانِعَةٌ بِبَأْسٍ

(مز  118 :  16) ، الكراسي لا تدوم لأحد ( لأن الْمُلْكُ لِلرَّبِّ (عو  1 :  21). بميلاد المسيح في مذود بسيط دق أول مسمار في نعش إبليس . أخي أذكرك جيدا بما فعله الرب في فرعون وجنوده لقد أغرقهم في البحر ولكن قبلها شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ (خر  10 :  27) ( أو غبى الرب عقل فرعون ) ، الله له قصد من كل هذا ولكن إنظر إلى نهاية فرعون وما قالته أمنا كلنا وأنت تفهم كل شئ .

٣- إشباع الجياع خيرات :

أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ ، عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ ( النفس )  لِيَذْكُرَ رَحْمَةً (لو  1 :  54) نشكرك يا أمنا العذراء على هذه التعزية العميقة إذ نحن الآن جياع إلى عمل الرب ورحمته والذين يقولون علينا ظلماً ويصلبون رب المجد بأقوالهم سوف يذوقون مرارة الفراغ والعوز ، نحن ننتظر منك الخيرات الكثيرة والمشبعة لنفوسنا ولأرواحنا ونحن نثق بصلوات العذراء التي باركت أرض مصر شبراً شبراً أننا سنرى خيرات كثيرة ، هذا ليس كلاماً ولكنه خبرة ويقين وإيمان لا يقبل الشك الذي قد يحاول أن يزرعه فينا ولكن نحن نقول له يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا (رو  8 :  37)

اليوم التاسع عشر من صوم الميلاد المجيد

13 ديسمبر – 4 كيهك

الإنجيل مت ١٠ : ١ – ١٥

في ثلاث كلمات عن إرسالية الآب للابن ثم إرسالية الابن لتلاميذه التي هي نفس الإرسالية وتستمد قوتها من الابن نفسه  ” كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا ” (يو  20 :  21):

١- المسيح المولود إلى أين يكرز :

إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا ( طريق الهراطقة ) وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ ( جماعة المنشقين ) لاَ تَدْخُلُوا بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ (مت  10 :  6) ، وفي كلامه مع الكنعانية قال «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» (مت  15 :  24) ، ونحن نعرف أنه بعد صعوده دعاهم لخدمة السامرة وأقصى الأرض !!! هل هناك تناقض بالطبع لا ، المولود جاء أولاً إلى خاصته ( أهل بيته ، أورشليم ، اليهودية ) و خَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ (يو  1 :  11) ، إذاً يذهب إلى كل الأرض . الله يا أخي يحدد لك دائماً بداية الكرازة من خلال ولادة ابنه ومكانها . تبدأ أولاُ بأورشليم أي بيتك ثم أهللك ثم جيرانك ثم كنيستك ( مكانياً ) ثم وطنك ثم كل الأرض . خَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ (يو  1 :  11) وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ (يو  1 :  12) إذا نحن نكرز في أورشليم لكي يصيروا أبنائها أولاد الله هَئَنَذَا وَالأَوْلاَدُ الَّذِينَ أَعْطَانِيهِمُ الرَّبُّ (اش  8 :  18) كلنا نعبد الرب ، هذه رسالة طفل المذود .

٢- المسيح المولود بماذا يكرز :

وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ (مت  10 :  7). دخول المولود إلى العالم يعني بداية ظهور وعمل الملكوت على الأرض ، وهذه حقيقة قائمة منذ قالتها الملائكة في الميلاد ، والملكوت موجود إينما وجدت التوبة ، فبداية الملكوت توبة وبداية التوبة ملكوت «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ» (مت  4 :  17) ، الدعوة للتوبة كما تلاحظ جماعية كما فعل أهل نينوى

( من ملكها الجالس على العرش إلى الطفل الرضيع على صدر أمه حتى البهيمة في الدار ) أليست هذه صورة مطابقة للمذود ، نحن نحتاج إلى كلمات معلمنا بطرس الرسول في هذه الأيام َتُوبُوا وَارْجِعُوا لِتُمْحَى خَطَايَاكُمْ لِكَيْ تَأْتِيَ أَوْقَاتُ الْفَرَجِ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ

(اع  3 :  20)

٣- المسيح المولود بماذا يدعو :

وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقّاً فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ ْ (مت  10 :  13) السلام هنا تحية من القلب يرافقها دعاء من القلب لكي يحل سلام الله عَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ (لو  2 :  14) ، المسيح المولود دخل إلى العالم كملك السلام ، والناس لم يقبلوه لأنهم أبناء الشر والعنف والقتل لذلك هناك إستحالة لقبول هؤلاء لفكرة السلام ، طبيعة المسيح المولود من طبيعة ملكوته ( سلام ومسرة ) المسيح ما زال حتي اليوم يدعو إلى ملكوته كل القلوب التي تعيش بالسلام ( رغم الأحداث ) وبالمسرة ( رغم الضغوط ) ، أخي الحبيب إن ملكوت السلام والمسرة قائم على الأرض منذ لحظة ميلاده وحتى آخر الدهور يدعو كل المتعبين والثقيلي الأحمال لإلقاء أحمالهم وهمومهم على المسيح المولود الذي جاء خصيصاً ليحمل همومنا وإخفاقاتنا ويأسنا وإكتئابنا . هو الابن الوحيد الذي ينعقد عليه أملنا .

اليوم العشرون من صوم الميلاد المجيد

14 ديسمبر – 5 كيهك

الإنجيل مت ٢٣ : ١٤ – ٣٦

في ثلاث كلمات عن ماذا فعل الناموس في الكتبة والفريسيين حتى إستحقوا اللعنات ولهذا كان لابد من مجئ المسيح المتجسد مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ، لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ (غل  4 :  5) ونأخذ عمق الناموس ( الحق والرحمة والإيمان )   :

١- التجسد والحق :

الحق في الناموس كان غير واضح لغلاظهة قلوبهم «لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ !…

تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!

(مت  23 :  15) هذا هو مفهوم الحق عندهم ، كأن عيونهم عمياء أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ (مت  23 :  24) وكما يقول معلمنا بَلْ أُغْلِظَتْ أَذْهَانُهُمْ، لأَنَّهُ حَتَّى الْيَوْمِ ذَلِكَ الْبُرْقُعُ نَفْسُهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ بَاقٍ غَيْرُ مُنْكَشِفٍ، الَّذِي يُبْطَلُ فِي الْمَسِيحِ ( بتجسده )  (2كو  3 :  14) في ميلاده وفي حلوله فينا إنكشف الحق في داخلنا وأصبحنا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، (2كو  3 :  18) ( بدون برقع وبدون ناموس ) أخي لا تخف أنت لست في ظل الناموس الذي بالكاد يتطلع إلى الحق بصعوبة وقد يعثر ولا يرى ، بل أنت في ظل المولود في بيت لحم ليس كما أشعل الجبل في سيناء بالنار ولكنه بالتجسد أشعل قلب الإنسان والكنيسة لترى الحق القائم والمنتصر والقادر علي إبادة الظلمة لأن نار الجبل إنتهت إلى دخان أما نار الابن فهي أبدية وقوية وسوف تقضي على كل باطل على الأرض مهما كان «جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراًعَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ (لو  12 :  49)

٢- التجسد والرحمة :

الكتبة والفريسيون بالناموس ضاعت الرحمة من قلوبهم ولم يوصلهم الناموس إلى معرفة مفهوم الرحمة تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ … هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ (مت  23 :  34) أرأيتم كيف أن كل الوصايا التي حفظوها لم تستطع أن توصلهم إلى مفهوم الرحمة كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى الْمَسِيحِ، (غل  3 :  24) مؤدباً وليس موصلاً ، كان بر الناموس ينتهي عند طهارة الجسد الخارجية ( الإغتسال في المرحضة ) ولكن بر المسيح المتجسد هو الرحمة في قلب وسلوك الإنسان لأن الرحمة هي الطهارة الحقيقية في القلب . في بر الناموس لم تعرف الرحمة طريقها في قلب شاول الطرسوسي مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ (في  3 :  6) كُنْتُ أَضْطَهِدُ كَنِيسَةَ اللهِ بِإِفْرَاطٍ وَأُتْلِفُهَا (غل  1 :  13) ولكن بمجئ المسيح وتجسده عرفت الرحمة قلب الإنسان لأنه ولدت الرحمة في قلوبنا نحو الكل حتى الأعداء لأنه في شخص المسيح الرحمة والحق تلاقيا .

٣- التجسد والإيمان :

الكتبة والفريسيون كان إيمانهم ظاهرياً أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ ؟ …

تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ (مت  23 :  23) الإيمان عندهم كان مجموعة من الوصايا الحرفية كَانَ النَّامُوسُ مُؤَدِّبَنَا إِلَى ( مجئ )  الْمَسِيحِ، لِكَيْ نَتَبَرَّرَ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ بَعْدَ مَا جَاءَ الإِيمَانُ ( التجسد)  لَسْنَا بَعْدُ تَحْتَ مُؤَدِّبٍ  لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ  بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ (غل  3 :  26) إذاً الناموس كان فقط لتهذيب النفس والجسد ولكن يستحيل أن يمنح حياة داخلية أي حياة أبدية لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، (اف  3 :  17) لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ  فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا (اف  2 :  10) بالتجسد نحن خلقنا فيه وأصبح الإيمان به حقيقة كيانية داخلية أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ» إِذاًلَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ابْناً (غل  4 :  7).

أخي الحبيب بالتجسد صار لنا إيمانا ينقل الجبال ، إيمانا أننا أبناء ولسنا عبيد لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ» (غل  4 :  30) نحن أبناء الحرة وبالتجسد صرنا أبناء نتمتع برعايته وحبه وحمايته ومسئوليته عنا ، نحن أبناء فهل تنسي الأم رضيعها ؟؟ هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ (اش  49 :  15)

اليوم الحادي و العشرون من صوم الميلاد المجيد

15 ديسمبر – 6 كيهك

الإنجيل يو ١٠ : ١ – ١٦

في ثلاث كلمات عن ما هو بين شهود الميلاد والسارق والغريب والأجير وإستعلان الميلاد ورؤية المسيح :

١- بين يوحنا المعمدان والسارق :

إِنَّ الَّذِي لاَ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ إِلَى حَظِيرَةِ الْخِرَافِ بَلْ يَطْلَعُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَذَاكَ سَارِقٌ وَلِصٌّ

(يو  10 :  1) اَلسَّارِقُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ لِيَسْرِقَ وَيَذْبَحَ وَيُهْلِكَ (يو  10 :  10) نحن أمام مقابلة في غاية الروعة والجمال ، صديق العريس الذي جاء يمهد طريق الرب ، صديق العريس الذي ينادي بملكوت الله نفس نداء العريس ، صديق العريس الذي لا يسرق النفس أو المخدوم لنفسه . أن اول من اكتشف التجسد هو يوحنا المعمدان ، لقد تعرف على المسيح وهو ابن ستة أشهر يتحرك فرحاً في بطن أمه إنه يبكت القلوب القاسية والأفكار المزعجة التي تطلب المزيد من برهان التجسد وبرهان الإلوهه . يوحنا يمثل الضمير الإنساني الذي ينبغي أن يولد بميلاد المسيح ، هل يأتي إلينا المسيح ونحن في علو كبريائنا لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ» (يو  1 :  27) يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ (يو  3 :  30) ، هل يمكن أن أرى المسيح وأتهلل كيوحنا وأنا في حفرة اليأس أو الخوف ، بالطبع لا . إنما أراه من خلال أمانة يوحنا في حب النفوس وتقديمها إلى العريس .

٢- بين حَنَّةُ النبية والغريب :

وَأَمَّا الْغَرِيبُ فلاَ تَتْبَعُهُ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ لأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ صَوْتَ الْغُرَبَاءِ» (يو  10 :  5). الغريب هو الذي يعيش متغرباً عن الكنيسة وعن صوت الله أما حَنَّةُ فهي وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطِلْبَاتٍ لَيْلاً و َنَهَاراً(لو  2 :  37) ، إن إخلاصها المذهل في العبادة والإلتصاق بالله وببيت الله جعلها ترى ميلاد المسيح وتكشف ساعة الخلاص ، سر حَنَّةُ هو يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ:. (لو  18 :  1) لأنه بعد الصلاة تكون الرؤيا وتكون اللقيا مع وجه الحبيب . حَنَّةُ النبية التي عاشت مترملة ٨٤ سنة ملازمة الهيكل تعطينا صوره للرجاء الحي الذي يمكن أن ينبثق من ضيقة أو كارثة أو حزن أو إضطهاد أو فقدان الحقوق ليس مجرد رجاء بل رجاء يبلغ إلى إلتصاق كلي بالله مدى الحياة يبلغ إلى رؤية المولود ومعاينة الخلاص .

٣- بين العذراء مريم والأجير :

وَأَمَّا الَّذِي هُوَ أَجِيرٌ وَلَيْسَ رَاعِياً الَّذِي لَيْسَتِ الْخِرَافُ لَهُ فَيَرَى الذِّئْبَ مُقْبِلاًوَيَتْرُكُ الْخِرَافَ وَيَهْرُبُ فَيَخْطَفُ الذِّئْبُ الْخِرَافَ وَيُبَدِّدُهَا وَالأَجِيرُ يَهْرُبُ لأَنَّهُ أَجِيرٌ وَلاَ يُبَالِي بِالْخِرَافِ (يو  10 :  13) العذراء المخلصة والتي قبلت إختيار الرب لها فصارت عبدة مطيعة «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ».

(لو  1 :  38) ، هذا هو مسيح المذود معروض لكل البشر كل من يقبله يحل في أحشاؤه ويسكن الله هيكله الجسدي ويتحد به ليحل المسيح بالإيمان في أحشائنا . أخي الحبيب حينما نتأمل الميلاد بشغف وحينما نحب الميلاد كهدية عظمى من الله للإنسان ونذكره دائماً سوف نشاهد بالحق ميلاد المسيح فينا وحين يشرق وجه المسيح المملوء بساطة ووداعة وإتضاعاً حينئذ تتبدد كل مخاوف قلوبنا ويبطل في الحال آنيننا وحيرتنا من المستقبل ، لقد ذاق معلمنا بولس تجربة الميلاد في نفسه حتى صار قادراً أن يتمخض بآخرين يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضاً إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ (غل  4 :  19) ، إنها تجربة حمل المسيح في الأحشاء إلى أن يتصور المسيح فينا وفي أولادنا ، أرأيت ماذا يحمل لنا الميلاد في هذه الأيام المباركة .

اليوم الثاني و العشرون من صوم الميلاد المجيد

16 ديسمبر – 7 كيهك

الإنجيل لو ١ : ١ – ٢٥

كل أناجيل شهر كيهك من إنجيل القديس لوقا مرتبة وراء بعضها بحسب الترتيب الإنجيلي وكلها تخدم فكرة التجسد والميلاد والبشارات للملائكة والربط بين المسيح ويوحنا من كل النواحي وفي ثلاث كلمات عن بشارة الملاك لزكريا بيوحنا وبشارة نفس الملاك للعذراء :

١- أبناء المستحيل :

إِذْ كَانَتْ أَلِيصَابَاتُ عَاقِراً. وَكَانَا كِلاَهُمَا مُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيَّامِهِمَا (لو  1 :  7) ، «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟» (لو  1 :  34) نحن أمام إستحالة !! كيف ينجب رجل شيخ وإمرأة مسنة إنحنى ظهرهما وتوقف جهاز تناسلهما ويمشيان كل منهما يتعكز على الآخر ، نحن أمام الحياة تقتحم الموت والشيخوخة وأمام إقتحام اللازمني في الزمن وأمام العذراء التي تحبل بلا رجل أمام رفع المحدود عن محدوديته . نحن أمام الرب إله المستحيلات في ميلاد ابنه وميلاد يوحنا كما قال الملاك للعذراء وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ» (لو  1 :  37) نحن ولدنا مع المسيح ويوحنا ، نحن أبناء المستحيل الذي يحمل البركة والرجاء للإنسان . أخي الحبيب الله في ابنه إقتحم عالم الإنسان والزمن الميت والشيخوخة العاجزة والغير قادرة على عمل أي شئ ليحوله إلى زمن الشباب والقوة والحياة ، هل بعد كل هذا ممكن أن تحس بالإحباط أو الضعف أو الحزن أو العار لِيَنْزِعَ عَارِي بَيْنَ النَّاسِ» (لو  1 :  25)

٢- أبناء الصلاة :

أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ وَيُبَخِّرَ وَكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلُّونَ خَارِجاًوَقْتَ الْبَخُورِ (لو  1 :  10) وكانت أيضاً العذراء في مخدعها تصلي . نحن أمام عبادة خاشعة ومرفوعة وصاعدة إلى السماء في القديم وفي الجديد فنحن قبل تقديم ذبيحة القداس نقدم تقدمة البخور ومعها كل الأواشي أو الطلبات ( رفع بخور باكر وعشية ) نحن أمام حضور الله وسماعه لطلباتنا من خلال البخور والصلاة كل واحد وطلبته ، طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ (لو  1 :  13) ، أخي الحبيب المذبح والصلاة هما الطريق الأوحد لمعرفة الله وطلب المستحيل منه وهو كما قال الملاك لزكريا طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ. أخي نحن معنا القوة أسلحة الأرض الصلاة والمذبح ونستطيع من خلالهما أن نحقق المستحيل بكل صورة مهما كان ومهما عظم .

٣- أبناء الفرح :

وَيَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَابْتِهَاجٌ وَكَثِيرُونَ سَيَفْرَحُونَ بِوِلاَدَتِهِ (لو  1 :  14) وفي بشارة الملاك فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: (لو  2 :  10) ، وفي الظهورين نسمع الملاك يقول لاتخف ولا تخافوا  الفرح هنا ليس لكسر العقم وولادة يوحنا ولكن الفرح هنا لولادة نبي ليس لكي يتنبأ ولكن لأنه سوف يعد طريق الرب وسوف يضع يده علي المسيا ويسلمه النبوة . نحن أمام إنفتاح أبواب الفرح وعدم الخوف على الإنسان نحن في هذه الأيام ننتقل من الخوف والحزن والبكاء والتنهد الذي عاشته البشرية قبل مجئ المسيح إلى الفرح العظيم بالخلاص والحياة في وعد الملاك للبشرية هذه الأيام لاَ تَخَافُوا. (لو  2 :  10) الصورة لها مفهوم لاهوتي عميق مرتبط بالقراءات وهي أن البشارة والفرح على مذبح البخور كانت لكي تخدم وتعلن عن الحمل المولود يسوع المسيح وصديق العريس سوف يتوارى ليظهر الحمل ويكون الفرح بالحمل الذي يحمل ويغفر الخطايا .

اليوم الثالث و العشرون من صوم الميلاد المجيد

17 ديسمبر – 8 كيهك

الإنجيل لو ١١ : ٥٣ – ١٢ : ١٢

في ثلاث كلمات عن لماذا جاء المسيح إلى الأرض .. جاء ليلقي ناراً – الآماً – إنقساماً :

١- جاء المسيح ليلقي ناراً :

«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ (لو  12 :  49). المسيح جاء بنار الروح القدس لتحرق كل ما هو شر ، وهذه النار هي نار الإيمان في القلب ، الإيمان الحار أو الناري هو أعلى إختبار يذوقه الإنسان ليدرك من هو المسيح وما هو عمله وحبه ولماذا جاء إلى الأرض .

الابن ألقى هذه النار في قلب كل واحد فينا لأَنَّ إِلَهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ (عب  12 :  29) وقد خلقنا فيه وأعطانا الذي له وهي هذه النار ، اسمع معلمنا بولس يقول لتلميذه تيموثاؤس لاَ تُهْمِلِ ( فَمَاذَاُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟  ) الْمَوْهِبَةَ الَّتِي فِيكَ (1تي  4 :  14) وكأن المسيح ناراً داخل تيموثاؤس قد نعس عن النفخ فيها بالصلاة لتتقد ، نحن بالنار التي فينا قادرون وَنَحْنُ جَمِيعاً  نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ (2كو  3 :  18).

أخي الحبيب نحن بعد التجسد لا نجاهد لنأخذ صورة الله بل نجاهد لنحتفظ بتلك الصورة عينها لأنه أعطاها لنا بتجسده فينا وبنا

٢- جاء المسيح ليلقي الآماً :

وَلِي صِبْغَةٌ أَصْطَبِغُهَا وَكَيْفَ أَنْحَصِرُ حَتَّى تُكْمَلَ؟ (لو  12 :  50) هنا يكشف المسيح عن معمودية الدم ومعصرة الآلام التي سوف يجوزها . أخي الحبيب بمجئ المسيح مولوداً يحمل كل أشكال الألم

( مصلوباً منذ ولادته ) ، أعطانا هذه الهبة لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ (في  1 :  29) اسمع معلمنا بولس يقول لِذَلِكَ أُسَرُّ بِالضَّعَفَاتِ وَ الشَّتَائِمِ وَ الضَّرُورَاتِ وَ الاِضْطِهَادَاتِ وَ الضِّيقَاتِ لأَجْلِ الْمَسِيحِ. (2كو  12 :  10) لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيّاً (2كو  4 :  17) . أقول لك كلمة بمنتهى الصدق والخبرة الإيمانية أن الآلام تفقد سطوتها وتتلاشى إذا ما انفتح القلب للمسيح وأحس بقربه فيفقد الزمن ثقل وجوده وهم الدنيا وَهَذِهِ لَكُمُ الْعَلاَمَةُ: .. انظر دائماً إلى .. تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ» (لو  2 :  12)

٣- جاء المسيح ليلقي إنقساماً :

أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً (لو  12 :  51) ، مسئولية هذا الإنقسام تقع على الذين رفضوا المسيح ورسالته لأنه كيف يرث ابن الجارية مع ابن الحرة كما قال معلمنا بولس لَكِنْ مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ» إِذاً أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ (غل  4 :  31) ، إذا جاء المسيح لكي يفرز أولاده عن أولاد الشر ولا يعطي سلاماً لهؤلاء الذين ينكلون بأبناء السلام ويذيقونهم المر والهوان ، لأنه كيف يتعايش ابن الغضب مع ابن السلام ، المسيح جاء يدعو إلى السلام والملائكة بشرت الأرض بالسلام ولكن من يرفض هذا السلام يكون حاله أسوأ من حالة سدوم وعمورة يوم الدين ، هذا الإنقسام نتيجة طبيعية لهؤلاء الناس أولاد الجارية الذين ليس لهم رجاء ولا يحبون السلام بل شعارهم دائماً الحرب والسيف والإرهاب .

اليوم الرابع و العشرون من صوم الميلاد المجيد

18 ديسمبر – 9 كيهك

الإنجيل لو ١٢ : ٣٢ – ٤٤

في ثلاث كلمات عن طرق إستعلان المسيح لنا أو الطريق إلى رؤية الابن في حياتنا على الأرض أو أقصر الطرق إلى معرفة الله والشركة معه :

١- الترك والعطاء :

بِيعُوا مَا لَكُمْ وَأَعْطُوا صَدَقَةً. اِعْمَلُوا لَكُمْ أَكْيَاساً لاَ تَفْنَى وَكَنْزاً لاَ يَنْفَدُ فِي السَّمَاوَاتِ (لو  12 :  33) هل تعلم ان الصدقة في العظة على الجبل أتت قبل الصلاة والصوم لأنها تمثل المحك العملي لحب الله والمقياس الحقيقي للتدين ، انظر إليه في ميلاده العجيب ترك كل شئ وخاصة مظاهر المجد والعظمة . أعطيك أعظم شئ في العطاء قدمه لنا المسيح في ميلاده ، لقد فضل أن يولد بين البهائم ليس لأنه يكره الإنسان في شره أبدا ولكنه تنازل عن مكانه في الخان لإنسان آخر رآه أكثر حاجة . إن تركت أي شئ من أجل الله والآخرين وإن أعطيت سوف تأخذ مئه ضعف ليس في الدهر الآتي بل أيضاً على الأرض  صفة من صفات الله أنه معطي بسخاء ولايعير وأنت أخذت هذه الصفة تماماً فطوبى لك إن كنت معطاءاً بسخاء فقد صرت ابنه الحبيب .

٢- الإستعداد والسهر :

طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. (لو  12 :  37) فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذاً مُسْتَعِدِّينَ

(لو  12 :  40) مثل واضح في الرعاة الساهرين والمستعدين . والسهر هنا بمعنى اليقظة الروحية في بساطة الإيمان ، والحقيقة الغائبة عنا أن الذي يسهر علينا هو الله والمتيقظ لأحوالنا هو . السهر هنا ليس بمعناه الزمني بل هو المواظبة في عبادته أو دراسة إنجيله أو تأمل أو صلاة .. هو الإنشغال به لنحمل نور المسيح في قلوبنا وننير لمن حولنا وهذا هو الإستعداد بالمصباح المنير .

٣- الأمانه والحكمة :

فَقَالَ الرَّبُّ: «فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟

(لو  12 :  42) والوكيل بالمفهوم الآرامي يستلزم ان يكون ابن البيت الحكيم ، جاء المسيح الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ (كو  2 :  3) الْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ ً(1كو  1 :  30) الابن اول ما استعلن كان للمجوس الحكماء ، ومن هو الحكيم إلا الذي يدرس كل يوم كلمة الله مشتاقاً إلى معرفة الله بلا توقف ويتأمل صفاته ويفرح بتأديباته ويصبر لتعاليمه ويجري وراء سر الله ( كما فعل المجوس ) ، هذا هو الحكيم الذي يجلس إلى الله كل يوم ساهراً بإلحاح حتي تكشف له الحكمة كنوزها وكل كنوزها مذخرة في المسيح كما قال الكتاب.

ما أحوجنا في هذه الأيام أن نكون على إستعداد لترك أي شئ وأن نستعد ونسهر على كلمته وأن نكون أمناء وأن ننظر بحكمة إلى الأمور المحيطة بنا وأذكرك بقول القديس بطرس ١بط ٤ : ١٢ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِي بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌبَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِي آلاَمِ الْمَسِيحِ افْرَحُوا !!! لِكَيْ تَفْرَحُوا فِي اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضاً مُبْتَهِجِينَ !!!

(1بط  4 :  13)

اليوم الخامس و العشرون من صوم الميلاد المجيد

19 ديسمبر – 10 كيهك

الإنجيل يو ١٦ : ٢٠ – ٣٣

في ثلاث كلمات عن حتمية التجسد لأننا باسم يسوع نطلب ونؤمن و نغلب :

١- باسم يسوع نطلب :

اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ (يو  16 :  23). كان لابد من التجسد لنكون فيه وهو فينا ونبلغ إلى بساطة وحقيقة معرفته حينئذ تبلغ الطلبة حد الإجابة الفورية ، لأن ملء المعرفة يؤهل لصحة الطلبة . أن نطلب من الأب باسم المسيح يعني أننا نطلب في حضرته كخروف مذبوح يتراءى أمام أبيه ودمه عليه يسمع ويشفع ويطهر والصلاة التي نصليها يزكيها لتدخل إلى الله بلا لوم ، ويحمل المسيح الإستجابة مع العطية ، إذا ليس باستحقاق برنا يسمع الآب لصلاتنا بل باستحقاق دم المسيح وبره .

٢- باسم يسوع نؤمن :

لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ لأَنَّكُمْ قَدْ أَحْبَبْتُمُونِي وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجْتُ (يو  16 :  27). إن قوة الإيمان لا تكون مستمدة من قوتنا ولا متوقفة على طهارتنا وبرنا ولكن تنبع من شدة ثقتنا بصدق مواعيد الله وأمانته ومن يقيننا الذي لا يتزعزع . أخي الحبيب إن المسيح جاء ورأيناه بيننا ولنا ثقة مطلقة أنه بتجسده غطى عجزنا وأعطانا جسده لكي نأكله مَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي (يو  6 :  57) ، بالتجسد صار الإيمان بالله ليس علماً أو معرفة بل هو رفع حواجز وفوارق بين الإنسان والله واصبح الابن المتجسد طريق سهل للإيمان اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ. اَلاِبْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ (يو  1 :  18)

٣- باسم المسيح نغلب :

قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يو  16 :  33) ، لم يقل ليكون لكم سلام بل ليكون لكم فِيَّ سلام أي في المسيح يسوع ، فحينما ننهزم أمام الخطية أو التجارب أو الإضطهاد أو الظلم أو حينما نفقد السلام الذي فينا ( وهو كثير هذه الأيام ) فأنه يتبقى لنا سلام في المسيح يسوع ، سلام المسيح هو القائمة والحالة في جسدنا منذ التجسد وتخرج بقوة حينما تنتهي قدرتنا وقوتنا على إحتمال الألم أو الضيقات ، يكفي أن نلقي همنا عليه لنجد فيه سلامنا المفقود لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، (اف  2 :  14). أخي الحبيب إن الكنيسة من خلال الابن المتجسد جازت فيه كل الآلام المخاض والولادة الشاقة والعثرة في أحلك شهور السنة قسوة في شهر ديسمبر وبلا مكان أو مأوى ، مضطهدة من هيرودس ،  يجري لكي يقتل الصبي ، ولكن تحول كل هذا إلى فرح وخلاص البشرية خَلاَصٍ مِنْ أَعْدَائِنَا (لو  1 :  71) ، نحن يا أخوة لنا ميراث عملي هو سلام المسيح الذي يفوق كل عقل وغلبة ممنوحة مجاناً ، الكنيسة مرت بمحن بلا عدد وغلبت وها هي غالبة وستغلب والسر هو سلام المسيح وغلبته الذي تركه ميراثاً ثابتاً دائماً ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يو  16 :  33)