المعجزات والظهورات الفيسبوكية هل تخدم الإيمان أو تُفيد المؤمنين – الأستاذ شريف رمزي

كارت التعريف بالكتاب

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
1MB

لست هنا بصَدَد التَشكيك في فكرة “المُعجزة” في حد ذاتها، إنما هى محاولة لاستعادة الوعي المسيحي الذي يَقيس المعجزات ويُقَيمَّها بحسب قواعد الإيمان المُستقرة والمرجعية الكتابية التي أضحَت في جانب، بينما العقل الجمعي في جانب آخر بعيد جدًا مُنساقًا وراء مفاهيم مُشوهة أفرزتها وسائل التواصل الاجتماعي في صورة تعكس كيف أساء البعض استخدام التكنولوجيا فحولوها من آداة للتنوير إلى آداة لتغييب العقول وإظلام النفوس!

لكني مُضطر هُنا لإعلان كشف حساب “إيماني” مُقدمًا في مواجهة أصوات أثق أنها ستتعالي لتهاجمني وتلعنني وتطعن في صحة إيماني المسيحي أو صِدق عقيدتي الأرثوذكسية.

المُعجزات حقيقة أقرها الكتاب المقدس، مُقدِمًا عشرات الأمثلة لمعجزات صنعها السيد المسيح، لم تتوقف عند مجرد شفاء مريض أو إقامة ميت، إنما وصلت إلى حَد “الخَلق”، وهو ما يتجلى في معجزات شفاء المولود أعمي”، تحويل الماء لخمر، وإشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين.

يا أخي، حتى إخواننا المسلمون يؤمنون بأن السيد المسيح كان صانعًا للمُعجزات، وكان قادرًا أن يخلق من الطين كهيئة الطير (سورة آل عمران).

لكن ومع ذلك، ينبغي لكل ذي عقل أن يفهم ويستوعب أن الله – تبارك اسمه- ليس من هواة الاستعراض بالخوارق، ولا توجد لديه أدنى رغبة في تحقيق شو إعلامي، أو الحصول على تشجيع من الجمهور، كما هو الحال بالنسبة لـ “ديفيد كوبر فيلد” الساحر الأشهر في العالم.

الله يحب خليقته، وهو من وضع لهم ناموس الطبيعة، هو من يسمَح بالأمراض وهو من يُلهم الأطباء بالعلاج، والمعجزة ليست إلا اسثناء، حدث عارض ونادر الحدوث، وله دوافع قوية تستلزمها حاجة البشر في مواقف لا تفيد فيها الحلول البشرية.

بهذا المنطق، لا يُقبل أبدًا ولا يُفهم سلوك البعض ممن أدمنوا المعجزات والخوارق والظهورات، وحين لا تحدث يتخيلونها، وأحيانًا يُفبركونها!

حقًا وصِدقًا، ليس لديَّ تفسير لهذه الظاهرة..

لكن ما يُدهشني بالأكثر، هو حالة الشغف لدى الكثيرين، ومن بينهم أباء كهنة وخُدامًا مُباركين، لتصديق كل ما يُروَج من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عن مُعجزات وظهورات وهمية، لا فائدة روحية تُرجى منها ولا غاية إلهية يُمكن أن تتحقق من خلالها، فضلًا عن عدم اقترانها بأي اعتراف كنسي، وهو الاجراء المُتبع في مثل هذه الحالات!

الكتاب المقدس يوصينا بصريح العبارة: “أيها الأحباء، لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح: هل هي من الله؟” (1 يو 4 : 1)، ويؤكد أيضًا بصريح العبارة أن: “الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور” (2 كو 11 : 14)، ونحن بسذاجتنا وانسياقنا خلف كل حدثٍ زائف، نكسر الوصية، ونخالف تعاليم الكتاب.

نأخذ مثالًا، إحدى الظهورات الفيسبوكية..

إحدى الصفحات الكبيرة على فيسبوك، والتي تحمل صورة كاهن معروف، (لعله لا يديرها بنفسه أو ربما الصفحة لا تخصه أصلًا)، نشرت مقطع فيديو قبل عام عن “الظهور الأجمل والأوضح للسيدة العذراء”!

وعلى مدار عام كامل، انتشر المقطع بشكل مُذهل، وتشاركه عشرات الآلاف فضلًا عن الإعجابات والتعليقات التي تصب كلها في خانة الإيمان والتصديق بصحة الظهور المزعوم!

والواقع أن مقطع الفيديو الذي روجته تلك الصفحة والعشرات غيرها، بوصفه ظهورًا حقيقيًا، ليس إلا جزء مقتع من عمل درامي يُجسد سيرة القديس الأنبا رويس.

الصورة رقم (1) لمنشور يُروِج للظهور الوهمي، وهذا هو رابط المقطع على فيس بوك، (على أمل أن تقوم الصفحة بحذفه والاعتذار عن الخطأ).

والصورة رقم (2) عبارة عن لَقطة من العمل الدرامي وهو موجود على يوتيوب، وفي الصورة إشارة لتوقيت هذه اللقطة لمن يرغب في مراجعتها لعمل مقارنة بين المقطعين، وهذا هو الرابط.

“أيها الأحباء، لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح: هل هي من الله؟” (1 يو 4 : 1)