الطباعة الأرمينية فى مدينة القدس – د ماجد عزت إسرائيل

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
التصنيفات تاريخ الكنيسة الأرمنية, قسم التاريخ
الأماكن الأراضى المقدسة, مدينة أورشليم القدس
آخر تحديث 19 نوفمبر 2023
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
1MB

الطباعة الأرمنية فى مدينة القدس

في هذا العام 2012 احتفل العالم بمرور500 عاماُ على بداية الطباعة في أرمينيا (1512)، حيث اختارت منظمة اليونسكو مدينة “يريفان” عاصمة أرمنيا “عاصمة للكتاب العالمى هذا العام 2012م” وشمل الاحتفال تنظيم ندوة عن “ماضى وحـاضر الطـباعة الأرمنية”، وفي سبتمبر 2011 نظمت مكتبة الإسكندرية بمصر الندوة الدولية الرابعة “لتاريخ تطور الطباعة”، والـيوم تشارك جامعة القاهرة احتفالات الأرمن بالطباعة فى ندوتهـا السنوية وعنوانها “500 عاماً على الطباعة الأرمنية”.

ومن يتأمل تاريخ تطور الطباعة يلاحظ أنها تمثل أهم مقومات النهضة والحيوية، ففيها الدعامات الفكرية التي قامت عليها الحضارة ببعدها الإنساني، ومن المعروف أن الطباعة البدائية بدأت بالصين بقطعة خشبية تختم على جلود الحيوانات فى القرن الخامس عشر الميلادى، واستطاع الرحالة الأرمنى “أنطــون” نقل فكرة الطباعة من الصين وتطويرها، وبحلول عام  1512م، كانت هناك قوالب معدنية وأدوات والآت خاصة بالطباعة، ساهمت فى الاحتفاظ بالعديد من الكتب والوثائق.

ومدينة القدس من بين آلاف المدن الموجودة على سطح الكرة الأرضية،التى تأثرت بتطورالطباعة الأرمنية، على يد الجالية الأرمنية التي استقبلتهم القدس بعد نزوحهم إليها، من أرمينية ومصر، وقد اشتهروا بترابطهم وتواصلهم العرقي وحفاظهم على عاداتهم وتقاليدهم، وساعدهم في ذلك ارتباطهم بالكنيسة الأرمنية وحبهم للتملك والاستقرار وتشبثهم بلغتهم وثقافتهم وهويتهم وتميزهم فى أنماط النشاط الاقتصادى.

ولعل ذلك هو الذي دعانا إلي التساؤل عن تاريخ تطور الطباعة الأرمنية فى مدنية القدس ؟ وأثر ذلك على النشاط الثقافى بذات المدينة؟

وهل كان للطباعة الأرمنية دوًر في نشر ثقافتهم بين الطوائف والجاليات الأخرى وأصحاب البلاد؟ أم اقتصرت ثقافتهم على أنفسهم دون غيرهم؟ وما هي الكتب أو المطبوعات التي طبعها الأرمن في مطبعتهم بالقدس ومغزى اختيار مواد معينة للطباعة دون كتب أخرى ؟ وهذا ما سوف تكشف عنه هذه الدراسة في ضوء الإجابة عن التساؤلات السالفة الذكر في شيء من الإيجاز.

تاريخ الطباعة الأرمنية  فى مدينة القدس

ويرجع تاريخ معرفة الطباعة إلى أوائل القرن الحادى عشر الميلادى،فى شرق قارة آسيا على يد الصنيين ،حيث نجحوا فى تصنيع أدوات بدائية للطباعة ،عن طريق قطعة خشبية تختم بها على جلود الحيوانات وبعض المواد الآخرى ثم سرعان ما انتقلت هذه الفكرة إلى قارة أوروبا على يد أحد الرحالة الأرمن واسمه”انطون” وكانت النواه الرئيسة فى اختراع مطبعة” يوحنا جوتنبرج”( غوتنبرغ) فى عام 1439م.

ومع اوائل القرن السادس عشر الميلادى وبالتحديد عام (1552م) كان الأرمن قد توصلوا إلى قوالب معدنية وأدوات والآت خاصة بالطباعة، ونجحوا فى أدماج الحبر الأسود مع الأحمر لأول مرة فى تاريخ الطباعة، على يد “هاكوب ميغابارد”، وطباعة الكتاب الأول للصلوات الأرمنية المعروف باسم”الجمعة” وبعدها تم طبع الكتاب الثانى وهو” الكتاب المقدس”وبدأت تتوالى العديد من الكتب و المطبوعات تدريجياً.

وخلال القرن السابع عشر الميلادى تبلورت فكرة الطباعة وزادت مراكزها،  ونيجة لذلك تعددت المطبوعات والتراجم ونذكرمنها على سبيل المثال كتاب (التركيب والتفكير العقلانى) عام 1675م، وكتاب (قاموس اللغة اللاتينية والأرمنية) .

وفى خلال القرن الثامن عشر الميلادى ،ساهمت عائلة “شاهاميريان” فى (الهند) من أنشأء مدرسة و مطبعة ، ساهمت فى طبع كتاب(دفتر جديد للوعظ)(1772م)،وكتاب (كمين الكلمات) عام (1773م)

كما أنتشرت مراكز الطباعة الأرمنية فى المدن المجاورة لأرمنيا،خاصة مراكز الطباعة بمدنية القسطنطنية والمعروف باسم “كريكور مازونيتسى” وساهم فى طبع العديد من الكتب منها “تاريخ الأرمن” عام(1709م)،وكتاب”تاريخ بلاد دارون” عام (1719م)،وكتاب “الأستفسارات” عام (1720م)،أما مركز”الكاهن”فساهم بطباعة كتاب “اللـغة الأرمنيـة” عام ( 1727م) وكتاب “تاريخ الأرمن”لكاتبه “غازار ياريتسى” عام (1793م) أما مركز الطباعة الأرمنية بمدنية موسكو،فيرجع الفضل فى أنشائه إلى “كريكور خالتاريان”، تحت رعاية الأسقف الأرمنى لذات المدينة  كما ساهم مركز جولفا الجديدة (إيران) فى طباعة كتاب”المزامير”عام (1783م) ،وكان مركزإيتشميازين للطباعة الأرمنية لايقل أهمية عن مركز طباعة مدينة موسكو.

ومع اوائل القرن التاسع عشر الميلادى، كانت الطباعة الأرمنية قد انتشرت فى شتى بقاع المسكونة،بفضل المجتمعات الأرمنية التى توجد فى الشتات ،وكان للشرق العربى وخاصة فى عواصم المدن مراكز لها مثل مدينة القدس وحلب ودمشق،ويرجع الفضل إلى “رزق الله حسونة” المولد فى مدينة حلب السورية(1825ـ 1880م) فى طبع أول جريدة عربية، تعرف باسم”مرآة الأحوال”وهى التى صدرت فى مدينة اسطنبول عام (1855م) وأنتشرت فى بلاد الشام.

وكانت مدينة أورشليم (القدس) من أهم مراكز الطباعة الأرمنية فى الشرق الأوسط،ويرجع ذلك لتركز أكبر جالية أرمنية فى الشتات بها،وكانت المطبعة تابعة لبطريركية الأرمن أشئت فى عام (1833م)،وقد طبعت بها الآف الكتب بالغتين العربية والأرمنية، ولاتزال تمارس عملها حتى كتابة هذه السطور .

دورالطباعة فى النشاط الثقافي

بعد اعتناق الأرمن للمسيحية كدين رسمي للدولة في عام 301م، تم تأسيس بطريركية الأرمن في القدس لخدمة الحاجات الدينية والقومية لعدد كبير من الحجاج الأرمن الذين كونوا مجتمعاً أرمينياً محلياً كبيراً ظل قائماً دون انقطاع في الأرض المقدسة اعتباراً من القرن الخامس، وهو مرتكز في الحي الأرمني، أحد الأحياء التاريخية الأربعة للمدينة القديمة في القدس.

والبطريركية هي أقدم مؤسسة خارج أرمينية، وأرمن القدس يمثلون أقدم مجتمع قائم في المهجر الأرمني، وبفضل وجود هذه المؤسسة الدينية العريقة ازدهرت الحياة الدينية والثقافية للأرمن في القدس لقرون طويلة ، وتقع البطريركية بدير ماري يعقوب، وبها كلية اللاهوت (الإكليركية) للتعليم الديني، وكذلك مكتبة تضم أكبر مجموعة من المخطوطات والوثائق، في العالم تأسست سنة 1866م.

على أية حال، عرفت فلسطين بصفة عامة الطباعة عام 1830 م ، حين أنشأ “نسيم باق” أول مطبعة في القدس ، لطبع الكتب اليهودية باللغة العبرية ،فيما أسس الراهب النمساوي” فرتخنير” (مطبعة الفرنسيسكان) عام 1846 م، وباشرت الطباعة بالإيطالية والعربية، كما أسست جماعة من الإنكليز مطبعة بالقدس عام 1848 م ، أطلقوا عليها اسم (مطبعة لندن) ، عملت على نشر الكتاب المقدس.

وساهمت مطبعة الأرمن بمدينة القدس، و التى يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1833م، وهي على أحدث النظم الأوروبية، وكانت أداة لنشر العلم والتثقيف لدى أبناء الأرمنبالعديد من الكتب والمخطوطات، التى تقدر بنحو أربعة آلاف مخطوط وثلاثين ألف كتاب مطبوع .

كما ساهمت مطبعة القدس بدوراُ رئيساً فى تشجيع البطريركية الأرمنية في تشييد مدرستين سنة 1314هـ / 1896م، أحداهما أولية ويسمونها (تركمنشاتس) للبنين، وكانت تضم 150 طالباً، وأخرى للبنات وقد بلغ عدد تلميذاتها نحو 40 تلميذة ومكتبة كالوست غولبنجيان التي أسست سنة 1929م ومتحف إدوارد وهيلين ماردجيان للاهتمام بالتعليم كوسيلة لحفاظ الأرمن على هويتهم ولغتهم وثقافتهم وعاداتهم.

وقامت مطبعة القدس الأرمنية بطباعة كافة مقررات الدراسة،والمقرارات في المدارس الأرمينية في بلاد المهجر بصفة عامة،هي اللغة الأرمينية يومياً، واللغة الفرنسية ثلاث مرات أسبوعياً واللغة العربية والإنجليزية مرتين أسبوعياًن والحساب ثلاث مرات أسبوعياً، والجغرافية والدين والتاريخ الأرمني والموسيقى مرتين أسبوعياً، والأشغال اليدوية للفتيات يومياً، فضلاً عن الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية، وكان التعليم في هذه المدارس بالمجان شاملاً الملابس والكتب المدرسية ووجبة غذائية.

وكان لمطبعة القدس الأرمنية أثر على جمع و طبع كتب الفنون،وتشجع الأرمن وغيرهم من سكان المدينة فى الحفاظ عليها،  وتدل الفسيفساوات والمنقوشات الأرمينية في كافة أنحاء المدينة القديمة، بما في ذلك أقدم نقوش مكتوبة باللغة الأرمينية فوق أرضية كنيسة القيامة على عظمة الفنون الأرمينية، وامتداد الوجود الأرمني داخل وحول القدس منذ القرن الخامس الميلادي.

وكان لمطبعة القدس أثر، فى ظهور معالم الثقافة لدى الأرمن، على الرغم من تشتتهم والظروف العصيبة التي ألمت بهم؛ فظهر فنانين ذوى صفة تدل على طبيعتهم، ومن أشهر هولاء “داود أوهانسيان” الذى ساهموا في الحفاظ على فنون العمارة الأرمينية الحديثة في مدينة القدس، الذي كان حارساًَ أميناً على الفن الشرقي الأصيل، والذى كادت العمارة الحديثة تقضى عليه، وحين طمست نقوش قبة الصخرة تم استدعاؤه على عجل إلى القدس لإعادة النقوش إلى سابق عهدها، كما استدعاه الأمير محمد علي إلى القاهرة ليزين قاعات قصره بالمنيل، وقيل إنهم أرسلوا إليه من مكة ليرمم محراب مسجدها.

وفي كثير من مدن الشرق والغرب تجد أثراً من آثار أسرته حتى في حمام الأميرة “ماري” شقيقة ملك الإنجليز، وقصر الأميرة “لوند ندري” في اسكتلندا، والقاعة الشرقية في وزارة الخارجية الفرنسية وكنيسة بركلين بأمريكا.

وغلبت صبغة الفن على أسرة أوهانيسيان، التي عاشت أكثر من ستة قرون في كوتاهية بالأناضول، حيث أقاموا مركزاً للخزف والقيشاني والفسيفساء، ووافته منيته في منتصف القرن العشرين، وقد كان من أقواله: “إن فن الخزف وهبته مصر القديمة للعالم وأخذه عنها الشرق والغرب فأصبح فرعين منفصلين لفن واحد”.

ويرجع الفضل إلى داود أوهانسيان في إنشاء مصنع للقيشاني بالقدس وتدريب أهالي المدينة وبعض أبناء الطوائف الأخرى، للمحافظة على فن وعمارة مدينة القدس.

كما ساهمت مطبعة الأرمن في سهولة إدخال الفوتوغرافيا إلى مدينة القدس، ولفتت أعمال الفن الفوتواغرفي لدى البريطانيين في سيناء وفلسطين أرمن القدس، لاسيما رجل الدين “يسايى جرابيديان” الذي صار بطريركاً للأرمن في القدس بين عامي 1864 – 1885م) وعرف بـ (يسايى طالاستسى ، وكان جرابيديان من الأوائل في الشرق الذين اقتنعوا بجدوى الفوتوغرافيا حضارياً،  وساعده على ذلك أستخدام الأحبار بنوعيها الأسود والأحمر ،وفي عين اللحظة كان الرجل من القلائل الذين استوعبوا المغزى الاستعماري للنشاط الفوتوغرافي البريطاني، ولذا، شرع في مجابهة هذا التيار الأجنبي الوافد الغازي بتأسيس الفوتوغرافيا المحلية الوطنية ، لتكون بمثابة (درع وقائي) ولتتوافر لديه حصيلة فوتوغرافية، تمثل سجلاً اجتماعياً وتاريخياً وعملاً وثائقياً.

ولد جرابيديان في طالاس (بقيصرية) عام 1825م، وفي عام 1844م، انتقل إلى القدس للدراسة بالدير الأرمني “دير مار يعقوب” ومع نهاية خمسينيات القرن التاسع عشر، أخذ يهتم بالفوتوغرافيا، ولذا ذهب إلى الأستانة لمدة أربعة أشهر من أجل تنمية مهاراته على أيدي الإخوة “عبد الله الأرمني” وعقب عودته، أسس أقدم استديو للتصوير الشمسي في القدس، وبذا، يكون على رأس جيل الرواد والمؤسسين لهذا النشاط في القدس (أورشليم).

وفي عام 1863م، تجول في مانشستر ولندن، وباريس، للإطلاع على أحدث الأساليب في صناعة الفوتوغرافيا وفنون الطباعة، ورغم ترسيمه بطريركا لأرمن القدس في عام 1864م، فإن ذلك لم يشغله عن مواصلة نشاطه الفوتوغرافي، الذي لم يقتصر على ممارسة المهنة فحسب، بل الأهم كان تعليمها لعدد من التلاميذ الذين صاروا روادا لفن التصوير الشمسي، ليس في القدس فقط، ولكن في سائر أنحاء فلسطين وبلاد الشام ومصر كذلك، من أمثال جرابيد وكيفورك كريكوريان واللبناني خليل رعد، وصباح وخاتشيك، وليكيجيبان وشركائه ومجر آيفازيان وغيرهم.

أثر الطباعة على حركة الترجمة

وكان لمطبعة مدينة القدس الأرمنية،أثر على نمو حركة الترجمة بذات المدينة،فعندما أسست مكتبة دير مار يعقوب سنة 1929م بأموال تبرع بها الثري الأرميني غولبنكيان(جولبنكيان) ،كانت تضم أكبر مجموعة من الوثائق الأرمينية القديمة في العالم، ويعتقد أن تاريخ بعضها يرجع إلى القرون الأولى الميلادية، وقد ترجم العدد من الوثائق العربية إلى اللغة الأرمينية محدود منها من وتم طبعها في كتابان الأول بعنوان “التاريخ المتسلسل للقدس” للمؤرخ الأرميني “هوفانيسيان”، وصدر في القدس عام 1890م، والكتاب الثاني بعنوان “تاريخ  مدينة القدس” للمؤرخ الأرميني “سافلانيان”وكان لترجمة العديد من الكتب من اللغة الأرمينية إلى العربية والعكس،سهولة للتقارب ما بين الجالية الأرمنية بالقدس والجاليات الآخرى،وعرب مدينة القدس.

لقد شكل اختراع الطباعة بصفة عامة أساسا متينا للثورة المعرفية، فى تطور حركة البحث العلمي،وكانت اساساً للاتصال والتواصـل الحضاري بين المجتمعات ، وبسبب شيوع الطباعة تداعت تلك الأسوار العتيدة التي كانت تحيط بها المجتمعات سابقا عقائدها ،وتقاليدها،  وتراثها ، حيث تسلل الكتاب هـذه الأسوار،وعبر كل الحواجز، فاخترقت المـجتمعات من خـلال الكتب بسهولة ،حتى انتهى العالم أخيرا إلى منطقة واحـدة ، لما يسرته الطباعة من الاتصال ، وكذلك وسائل الاتصال الأخرى،التى توجد فى عصرنا الحالى وكان للطباعة فضل فى تقارب الأرمن واختلاطهم بالطوائف الأخرى، وتعرضهم للشتات في الأرض أن انعكس ذلك على فكرهم في الأدب والفنون، وصبغ بعض إنتاجهم الفكري بوشيجة الشعور الإنساني العام مع بروز طابعهم الشخصي، وبدا ذلك أكثر ما يبدو لدى شعرائهم، والشاعر أكثر ما يكون إحساسا بما يدور حوله بما انطبع عليه من رهافة الحس وسعة الإدراك، ولذا لم يكن بدعاً أن يظهر من الأرمن شعراء كبار يشاركون في مدار الأدب الإنساني، منذ عهد قديم من أمثال “كوغطان في العهد الوثني، و”كريكور تاريجانسي في العصور الوسطى 951- 1003م)، و”هوفانيس يزرنجاتسي 1230- 1293م” و “خاتشادور جيتشاريتسي 1260- 1331م”.

وفي القرن السادس والسابع عشر “كريكوريس أغطامارتسي” و”تاغاش هوفتاطان 1661- 1722م” وفي العصر الحديث من أمثال “باروير سيفاج 1924- 1971م” و”يغيشى تشارنتس 1897- 1937م” و “فاهان تيكييان 1878- 1945م”. وسياماطو 1878- 1915م” و”أفيد إساهاجيان 1875م” و “بدروس توريان 1851- 1872م”.

ومنهم من أخذ بفنون من العلوم الإنسانية، فظهر منهم مؤرخون من أمثال سيبيون (القرن السابع الميلادي)، وتوفما أرتزروني (القرن التاسع)، وهوفانيس تراسخانا جروتسي (القرن العاشر)، موفسيس كاغاتقاتسي (القرن العاشر)، وميخيطار أنيتسي (القرن الثاني عشر والثالث عشر)، وفارتان أريفلتسي (القرن الثالث عشر)، وجريجور تاتيغاتسي (القرن الرابع عشر) وغيرهم.

فكان لهم رغم شتاتهم سمات أثرت في الأماكن التي استوطنوها ومنها القدس وغيرها من الحواضر التي لم يدخلوها، ولكن نفذ إليها فكرهم عبر طباعة الكتاب، وهكذا يكون من اختلاف الطبائع وتوالي الأحداث التي توجه مصائر البشر، ذلك النوع الفريد في الملكات العقلية والإحاسيس الإنسانية، فيبدو للأرمن نغمة في ذلك اللحن الخالد.

ونستخلص مما سبق، أن الجالية الأرمنية في مدينة القدس، قد لعبت دورا فى نشر فنون الطباعة،مما ترك آثره على النشاط الثقافى، فبالرغم من تعرضهم لضروب من الاضطهاد، على أيدي القوى الكبرى المهيمنة على مناطق إقامتهم، مما اضطرهم إلى الشتات الذي انعكس على مفكريهم، فقد كان لهم لون خاص يعكس معاناتهم، خاصة فيما صدر عنهم من فنون وآداب وما انتهجه كبار مؤرخيهم وعلمائهم، مهد له بواعث ثقافية، حيث كانت المكتبات العامة والمدارس التي واكبت ظهور المطبعة، فكان الكثير منهم يعلمون القراءة والكتابة، ويأخذون بتثقيف أنفسهم.

ويرجع الفضل للطباعة الأرمينية في إضافة لمسات إلى فنون العمارة في القدس، كما يعود إليهم الفضل في إدخال فن الفوتوغرافيا، وإنشاء استوديوهات للتصوير في زمن وجد معارضة من جانب رجال الدين، وكان من دواعي تفردهم بطابع خاص أن صارت لهم عادات وتقاليد كانوا حريصين على الحفاظ عليها، وكان لنمو حركة الترجمة من اللغة الأرمينية إلى اللغة العربية والعكس، وبعض اللغات الآخرى؛زيادة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بين الجالية الأرمينية والجاليات الآخرى وعرب مدينة القدس، وهو ما تواصل إلى عصرنا الحديث.