أعتراضات ضد سقوط أريحا – الأغنسطس حسام كمال عبد المسيح

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الأغنسطس حسام كمال
التصنيفات الكتاب المقدس, دراسات في العهد القديم
الأسفار العهد القديم
الأماكن مدينة أريحا
آخر تحديث 19 نوفمبر 2023
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
0.714MB

سقوط أريحا

حقيقة تاريخية أم أسطورة ؟

 

المقدمة

” بالإيمان سقطت أسوار أريحا بعدما طيف حولها سبعة أيام ” (عب 30:11)

كلمة ” أريحا ” تعني ” مكان الروائح العطرية ” بسبب كثرة أشجار الفواكه مثل ( البرتقال – الموز ) والورد (سي 18:24) وأشجار الجميز (لو4:19) والبلسم إيضاً، أو ” مدينة القمر ” وذلك لأنها كانت تتعبد قديماً لإله القمر وهي مشتقة من الكلمة العبرية “ياروخ” والتي تعني باللغة العربية “القمر” ،ودعيت إيضاً ” بمدينة النخل ” وذلك بسبب كثرة النخيل بالمدينة كما شهد بذلك الكتاب المقدس (تث 3:34)،(قض16:1)(قض13:3)،(2أخ15:27).

وتقع أريحا غربي نهر الأردن بنحو ثمانية كليومترات في منطقة تنخفض عن سطح البحر بنحو 250متراً ،وتبعد عن البحر الميت بنحو 15 كليومتر وتبعد عن أورشليم بنحو 17ميلاً ،وتقع مقابل جبل نبو وكانت محاطة بسور ولها بوابة تغلق ليلاً ،وتقع وسط سهول محاطة بجبال وكانت في العهد القديم من نصيب سبط بنيامين ،وتقع المدينة القديمة حالياً عند تل السلطان وهي علي بعد ميل واحد من غرب المدينة الحديثة .

وكان الطريق بين أريحا وأورشليم خطراً جداً بسبب اللصوص (لو 30:10) ،كما أن هيرودس الكبير قد بني لنفسه قصراً كبيراً علي هيئة قلعة ،وقد ذكر العهد القديم أحداث مرتبطة بها مثل : أنها أول مدينة وقعت في يد بني إسرائيل في طريقهم لأرض الموعد (يش 6)، وقد لعن يشوع كل من يحاول بناءها (يش 26:6) وتمت النبوة عندما حاول أحيئيل بناء المدينة فعندما وضع أساساتها مات بكره وعند نصب أبوابها مات الآخر ، وفيها إيضاً أقام رسل داود إلي حانون بن ناحاش ملك العمونيين حتي نبتت لحاهم (2صم 5:10)،وفي أريحا إيضاً تولي أليشع النبوة من إيليا (2مل 19:2) ،وفيها إيضاً قبض نبوخذنصر علي صدقيا الملك قبل أن يمضي لأورشليم (2مل 5:25).

وفي العهد الجديد نجد المسيح يعتمد في نهر الأردن الذي يمر في أريحا(مر 9:1) وفيها قضي مدة  الأربعين المقدسة التي صامها علي الجبل(مر 13:1) وفيها إيضاً شفي المخلص برتيماوس الأعمي(مر 46:10) وفيها إيضاً التقي مخلصنا بزكا العشار (مر 1:19) ويرد ذكرها في مثل السامري الصالح (لو 30:10).

وقد تعرضت قصة سقوط أريحا في عصر يشوع لكثير من الإنتقادات والإعتراضات من جانب الكثير بهدف التشكيك في صحة الكتاب المقدس وبالتالي فإنه يستهدف زعزعة الإيمان المسيحي والذي نستمده من الكتاب المقدس ،ولذلك سنتناول فيما يلي أهم الإعتراضات التي توجهها مدارس النقد الكتابي لحقيقة سقوط أريحا في عهد يشوع والرد عليها بالأستناد لما ذكره التاريخ وعلم الآثار والحفريات ومدي توافقها مع الكتاب المقدس ،الرب يجعله سبب بركة بشفاعة أمنا كلية الطهر السيدة العذراء مريم ورئيس الملائكة ميخائيل آمين .

 

الإعتراض الأول

علم الآثار يثبت مبالغة التوارة فيما ذكرته عن مدينة أريحا

– الإعتراض

يقول ” فولتير ” عن أريحا : ( لم تكن محصنة في يوم من الأيام ،فقد كانت عاصمة لشعب لا تجربة له في الميدان العسكري ،وإلا لما بني عاصمته في واد مفتوح ، الأمر الذي أفقده إمكانية حمايتها ) .

ويقول ” ناجح المعموري ” : ( وتضخيم التوارة قوة وحصانة المدن الكنعانية التي تم إحتلالها ولكن الآثار كشفت النقاب عن مواقع غير محصنة حيث وجدت في أحيان كثيرة مباني قصر الحاكم وليس مدناً حقيقية تناقض المكتشفات الأثرية النصوص التوارتية ،لأن مدن كنعانية لم تكن ضخمة ولم تكن محصنة ولم تكن رؤوسها في السماء كما ذكرت التوراة )

ويقول ” ليوتاكسل ” : ( لم يكن لليهود في أي حقبة من تاريخهم 48 مدينة حصينة ،وبالكاد كان لدي هيرودس مثل هذا العدد من المدن وهو الملك اليهودي الجبار الوحيد ، ففي زمن     داود كانت أورشليم هي المدينة الوحيدة التي سكنها اليهود ، أما لأئحة أسماء المدن والتي جاءت في كتاب يشوع فهي كذب وتضليل )                                                                       وهذا ينفي ما ذكره الكتاب المقدس عن المدينة ؟

– الرد

حتي نستطيع الرد علي هذا الإنتقاد يجب أن نستعين بعلم الآثار والحفريات والذي كشف لنا الآتي :

+ إن الإكتشافات الأثرية قد أيدت ما ورد في الكتاب المقدس في سفر يشوع وبخصوص مدينة أريحا ففي عام 1930م عثر عالم الآثار “جارستانج” علي عدة طبقات أثرية في موقع أريحا القديمة وكشف أن جدران المدينة سقطت في مكانها وبيوتها كانت مقامة ملاصقة     للأسوار من الداخل مثل بيت راحاب ،وأكتشف أن للمدينة مدخل واحد فقط وأنها محروقة بالنار وإيضاً وجد مخزون الغلال والبصل والبلح في صوامع من الطين وهذا يثبت أن يشوع لم ينهب المدينة كما ذكر الكتاب المقدس .

+ في سنة 1900ق.م تعرضت المدينة لزلزل مدمر ثم تم إعادة بناءها ولكنها تعرضت للهجوم والحرق علي يد الهكسوس عام 1550ق.م ،وتم العثور علي الحصن الهكسوسي والذي يعد من أعظم الحصون في ذلك الوقت ،ثم أعيد بناء المدينة وترميم أسوارها فعادت المدينة للإزدهار قبل أم تسقط في يد بني إسرائيل بقيادة يشوع .

+ أثبت علم الآثار أن المدينة ظلت لعدة قرون خربة ومهجورة من السكان وهذا بوافق ما ذكره الكتاب المقدس عن نبوة يشوع (يش 26:6) ولعنة كل ما يحاول بناءها والتي تمت في عهد أخاب الملك (1مل 34:16) .

+ قام البروفسير ” سيلين ” بعمليات التنقيب في أريحا والتي أظهرت مدي توافق ماورد بالكتاب المقدس حيث أكد أن أساسات الأسوار التي بناها الكنعانيون حول مدنهم يمكن التعرف عليها بسهولة ، لأنهم إستخدموا الحجارة المربعة الجوانب ولا تزال حطام أسوار أريحا محفوظة ويوجد منزل علي السور إرتفاعه ستة أقدام قائماً .

 

الإعتراض الثاني

أسوار أريحا تعرضت للسقوط قبل عصر يشوع

– الإعتراض

يري ” كوسيدوفسكي ” ( أن هناك أحتمالاً أن تكون أسوار أريحا قد سقطت علي يد شخص آخر يدعي يشوع قبل يشوع بن نون بمائة عام ،ولم يكن يشوع بن نون هو الذي أحتلها أبداً ،علي ضوء هذا برزت فرضية تقول أن أريحا هدمت من قبل قبائل عبرية قديمة تحت قيادة شخص عاش قبل يشوع بن نون بكثير لكنه كان يحمل نفس الإسم وتم جمع الشخصيتان في شخصية واحدة فيما بعد في واحدة ) .

ويقول الخوري ” بولس الفغالي ” ( في زمن يشوع كانت أريحا دماراً ،مع بقايا بيوت هنا وهناك ).

وفي عام 1952م قامت عالمة الآثار ” كاثلين كينون ” بعمل حفريات علي رابية مرتفعة في منطقة أريحا لمدة خمس سنوات متواصلة ،ثم أكدت أن الأسوار تهدمت في القرن 16 ق.م ؟

– الرد

– لو كان هناك شخص آخر باسم يشوع هو الذي دمر أريحا غير يشوع بن نون لذكر الكتاب المقدس هذا صراحة .

– والقول بأن هذا الشخص عاش قبل يشوع بن نون بمائة عام وقاد القبائل العبرانية لتدمير أريحا لا يوافق التاريخ والكتاب المقدس لأن العبرانيون كانوا قبل دخول أريحا بمائة عام في مصر تحت نير العبودية ولم يكن هناك عبرانيين في فلسطين ،ولو كان هذا الشخص حقيقي فلماذا لم يذكره التاريخ ؟

– معظم الأراء التي تنادي بسقوط أسوار أريحا قبل عصر يشوع بن نون تعود للباحثة ” كاثلين كينون ” والتي أكدت قبل موتها عام 1978م بأنه لا يوجد دليل علي سقوط أريحا في أيام يشوع ،والحقيقة أنها قامت بأعمال حفر محدودة (26قدم مربع) بينما التنقيب الأثري الحديث الذي قام به ” برايانت وود ” أكد أن أريحا سقطت أيام يشوع وأثبت الحقائق الأتية :

+ أن أريحا كانت مدينة محصنة وقوية أيام يشوع وهذا يطابق سفر يشوع (يش5:2) ، وأن المدينة كانت محاطة بسور حجري إتفاعه 12قدم وبداخله سور من الطوب اللبن بارتفاع 18قدم وأن هناك بيوت كانت ملاصقة للسور .

+ هناك أدلة علي سقوط المدينة في موسم الربيع بعد الحصاد وهذا يطابق ماورد في (يش 10:5،25:3،6:2) وأن الحصاد كان وفيراً فأمتلات المخازن من الحبوب وهذا يؤكد أن يشوع لم ينهب المدينة (18-15:6) .

+ سقطت الأسوار فوق بعضها وليس للداخل مما يسهل العبور للمدينة وهذا يطابق ما جاء في سفر يشوع (يش 20:6) وهناك أدلة توكد إحتراق المدينة (يش 24:6).

– أكد الباحث ” چون جارستانج ” أن أسوار المدينة سقطت عام 1400ق.م بدليل وجود جعارين مدون عليها إسم فرعون مصر في ذلك الوقت بالإضافة لأدلة أخري تم التوصل إليها بإستخدام الكربون المشع 14 من مواد مدينة أريحا .

 

الإعتراض الثالث

سقوط الأسوار كان بفعل الألغام الموضوعة أسفلها

– الإعتراض

قال ” زينون كوسيدوفسكي ” ( بفضل الوثائق المسمارية نعرف أن عملية زرع الألغام تحت أسوار القلاع واحدة من أقدم الطرق التقنية التي عرفها البشر لحصارالقلاع ،إذ يقوم المقاتلون تحت جنح الظلام بالحفر حتي يصلوا إلي أساسات التحصينات ،ويضعوا هناك جذوع الأشجار التي يشعلوها في لحظة ما فتسقط الجدران في الحفر بهدف زراعة الفوضي في صفوف المحاصرين ،وفاتحة طريق للمدينة في وجه المهاجمين ،يمكن إفتراض أن مثل تقنية الحصار تلك أستخدمت في أريحا ولكي يبعد المهاجمين أنظار المحاصرين عن أعمال الحفر أستخدموا خطة ذكية وهي دورانهم حول السور بموكب عسكري ترافقه أصوات الأبواق وهذه النظرية تتفق مع دمار المدينة بالحريق ) .

الرد

– يعترف زينون أن هذه الفكرة ما هي إلا إفتراض أي قد تكون صحيحة أو خاطئة .

– قال زينون أن للتغطية علي أعمال الحفر قام يشوع بخطة ذكية وهي الدوران بموكب عسكري حول المدينة ترافقه الأبواق والصيحات وهذا غير واقعي لما يأتي :

+ الدوران حول المدينة لم يكن خطة ذكية بل أمر إلهي ليشوع وللشعب.

+ يذكر زينون أن عملية زرع الألغام تتم ليلاً في حين أن الدوران حول المدينة كان في النهار وفي وضوح الشمس.

+ طاف الموكب ستة أيام وفي اليوم السابع سبع مرات في صمت لم تصدر صيحة مقاتل واحد بل أن الهتاف صدر بعد سماع صوت القائد يشوع بعد إنتهاء الدورة الأخيرة ” أهتفوا لأن الرب قد أعطاكم المدينة ” (يش 16:6) .

+ لو سقطت الأسوار الضخمة بفضل الألغام المزروعة فبلا شك أنها كانت ستطفئ هذه النيران وذلك لأن الأسوار سقطت مكانها ولم تسقط للداخل .

 

الإعتراض الرابع

سقطت أسوار أريحا بفعل الذبذبات الهوائية الصادرة عن هتاف الشعب والأبواق

 

– الرد

+ كان عرض السور نحو أربعة أمتار وطوله نحو خمسة أمتار ومعني هذا أنه سور قوي وليس من السهل تحطيمه وهذا السور الذي يقترب طوله من عرضه في جو مفتوح مستحيل أن يسقط بفعل الذبذبات الهوائية .

+ سقطت الأسوار للخارج وليس للداخل وذلك حتي لا تخفي شئ من آثار المدينة وهذا سهل عبور المقاتلين .

+ لم يسقط السور بالكامل بل ظل جزء معين وهو الذي فيه بيت راحاب وذلك بهدف  حمايتها من الموت .

+ جاء في كتاب رحلة أنطونيوس الشهير والذي كتب عام 570م أن بيت راحاب مازالت آثاره باقية وتم أقامة معبد للعذراء في الغرفة التي أخفت فيها راحاب الجاسوسين .

وبهذا نكون قد تمكنا من الرد علي أهم الإنقادات التي وجهتها مدارس النقد الكتابي لقصة سقوط أريحا وأثبت علم الآثار والحفريات صحة كتابنا المقدس وتوافقه مع التاريح

 

الخاتمة

المعاني الروحية لسقوط أريحا

كان أسلوب إمتلاك أريحا أسلوباً فريداً من نوعه ولم يتكرر فيما بعد وقد رسمه الله بدقة  لكي يعمق ويرسخ في نفوس الشعب وهي أن إمتلاك الأرض هو ثمرة الإيمان قبل كل شئ وهذا ما أكده القديس بولس الرسول (عب 30:11) :

– ترمز أريحا لمحبة العالم بكل ما فيها من بساتين وروائح عطرية وترمز لمحبة الذات بكل أسوارها العالية المتشامخة وأبوابها المغلقة علي نفسها  .

– إلتفاف الشعب ودورانه حول أريحا يرمز لمحاصرة الشر وإبادته حتي لا ينتشر وسط الجماعة .

– كان سبعة من الكهنة يضربون من الأبواق فكان يسمعها بنو إسرائيل فيتهللون ويزدادون حماساً وفرحاً، وكان يسمعها سكان أريحا فتهتز قلوبهم خوفاً ورعباً وهذا ما تفعله كلمة الله مع بنو الملكوت وبنو الهلاك .

– وجود تابوت العهد في وسط الجماعة وهم يدورون حول أريحا كان يشير لإشتراك الله في إبادة الشر مع شعبه .

– دوران الشعب حول أريحا في اليوم السابع هو يوم الرب سبع مرات وكان إشارة إلي أن يوم الرب ليس هو يوم الأسترخاء والكسل بل علي العكس هو يوم الجهاد والتعب الحقيقي مع الرب سواء بصلوات أو قراءت روحية .

– بسقوط أسوار أريحا تم حرمها بحد السيف وحرقها بالنار وذلك إشارة إلي وجوب إبادة الشر تماماً وعدم ترك جذوره حتي لا ينمو من جديد .

 

ولإلهنا المجد الدائم

أمين