الأصل في أسبوع هرقل – الأغنسطس حسام كمال عبد المسيح

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب الأغنسطس حسام كمال
الشخصيات الإمبراطور فلافيوس أغسطس هرقل
التصنيفات أصوام الكنيسة القبطية, الصوم الكبير المقدس, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي, عقيدة, قسم التاريخ, موضوعات تاريخية
آخر تحديث 22 أكتوبر 2023
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
2MB

مقدمة

يقول مثلث الرحمات البابا شنوده الثالث في كتابه عن الكاروز الشهيد مارمرقس الرسول :

” أننا في كل مرجع نأخد الحق الذي فيه وإن وجدنا ما يخالف الحق نتركه أو نرد عليه أذا لزم الأمر ، لأننا لسنا مقيدين بكل ما نقراه في الكتب”

أختلفت مراجع التاريخ الكنسي والطقس حول تحديد سبب إضافة الأسبوع الأول للصوم المقدس والذي يسمي أيضاً بالصوم السيدي لأن السيد المسيح هو الذي صامه بنفسه ويسمي أيضاً بالصوم الكبير وذلك لأنه أهم الأصوام الكنسية كما أنه من أصوام الدرجة الأولي ” والتي غير مسموح فيها بتناول السمك ” وبالتالي لا توجد أجابة واضحة لأن بعض المراجع ذكرت سببان متناقضان لسبب إضافة هذا الأسبوع ،والتي تنحصر في ثلاثة أسباب وهي كالآتي :

– صوم أسبوع كفارة عن قتل الملك هرقل لليهود الذين أضطهدوا المسيحين

– هو إستعداد للصوم حيث التدرج في النسك والعبادة.

– هو بدل السبوت حتي يكون الصوم 40 يوماً لأنه بعد إسقاط السبوت والأحاد يكون 36 يوماً وليس أربعين كما نسميه بالأربعيني.

وفيما يلي نعرض كل الأراء التي قيليت عن سبب إضافة هذا الأسبوع إلي الصوم المقدس بدون تحيز لأياً منها حتي نستطيع المقارنة بينهم ومعرفة السبب الأصلي لإضافته ،وهذا البحث أهداء للأخ العزيز بيتر رمزي .

الله قادر أن يجعل هذا البحث سبب للأستفادة بشفاعة أمنا كلية الطهر القديسة العذراء مريم ورئيس الملائكة ميخائيل .

الفصل الأول

الرأي الأول / أسبوع هرقل

– من هو هرقل ؟

هو فلافيوس أغسطس هرقل وهو أمبراطور الأمبراطورية البيزنطية وولد في عام 575م في كبادوكيا وتولي السلطة عام 610 م بعد ان قام بثورة قد الأمبراطور ” فوقا ” أو ” فوقاس ” وتولي الحكم في الفترة ما بين 5أكتوبر 610م و 11فبراير 641م ومات وعمره مابين 66-65 سنة .

– أول من ذكر هذا السبب ” ساويرس بن المقفع ” إذا قال :

( فالأسبوع الأول ليس من الأربعين يوم الصوم بل نحن نصومه عبادة من أجل هرقل الملك لما قتل اليهود وفسخ العهد الذي كان عاهدهم به ) وقد ذكر أيضاً في المقالة الثامنة من كتابه ” الدر الثمين في إيضاح الدين ” حيث يقول : ( وذلك أن الأسبوع الأول ليس من الأربعين يوماً الصوم ، بل نحن نصومه عبادة من أجل هرقل الملك لما قتل اليهود ، وفسخ العهد الذي كان عاهدهم به ،فهو خبر مشهور في أخبار هرقل ولا حاجة إلي ذكره هنا ) كما يقول في موضع آخر في نفس المرجع ( وأما اليونان وأهل القسطنطية الذين نسميهم الروم ….فإنهم يصومون من أول الأسبوع الثاني الذي هو بدء صوم الأربعين يوماً .فأما أسبوع كفارة هرقل فلا يصومون …)

– يتحدث قطمارس الصوم الكبير ” تم طبعه في عهد البابا يوساب الثاني عام 1953م / 1669 ش ” عن صوم ثمانية أسابيع في الكنيسة القبطية، شاملاً أسبوع هرقل وذلك نقلاً عن ابن كبر وهذا طبقاً لمخطوط رقم 203 عربي بالمكتبة الأهلية بباريس ” وهو كتاب مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة ” وهو منسوخ في حبرية البابا يؤانس العاشر ، كما يستند ايضاً إلي ما كتبه ” سعيد بن بطريق ” .

– في كتابات ابن كبر يقول :

( والفرض علي جميع النصاري هو : صوم الأربعين التي صامها المسيح له المجد ،المتصل آخرها بجمعة الفصح ،ثم جمعة الصلب،وذلك يصام إلي آخر النهار ،ولايؤكل فيه حيوان ولاهو من حيوان دموي ،ثم الأربعاء والجمعة من كل أسبوع ،غير أيام الخمسين وعيدي الميلاد والظهور إذا أتفقا فيهما ويصامان إلي التاسعة علي ما شرح ، والأصوام الزائدة علي ذلك المستقرة في البيعة القبطية ،منها ما يجري مجري الصوم الكبير في التأكيد ،وهي جمعة هرقل التي قد صارت مقدمة الصوم الكبير وسببها ما تضمنته سير الآباء البطاركة ، أن هرقل لما ملك علي الروم حاصره كسري ملك فارس بالقسطنطية ست سنين متوالية ،خرج هرقل وتحيل وتوجه إلي بلاد كوشي وهو مشغول بحصار بلاد الروم ،وقتل أهل مملكته ونساء جيشه وفعل ما فعل وتغلب عليه ورحله عن بلاده ،وحضر هرقل إلي بيت المقدس فوجده خراباً ،وقد هدم اليهود الكنائس والقبر المقدس والإقرانيون وغيرها ،واحرقوا النصاري بالنار فسأله أهل القدس قتل جميع اليهود فاعتذر لهم بالأمان والإيمان الذي تقدم بها لهم ،فقالوا له : أما الأمان ،فقد علم كل أحد انهم احتالوا عليك فيه ،واما اليمين فنحن وجميع النصاري بكل الأقاليم نصوم عنك أسبوعاً في كل سنة علي ممر الأيام إلي أنقضاء الدهر ،فأمرهم هرقل بقتل اليهود ،فقتل منهم ما لا يحصي ،ولم يبق منهم إلا من اختفي وهرب إلي الجبال ، وكتب البطاركة والأساقفة إلي جميع البلاد بصوم اسبوع ،وهو الأسبوع الأول من الصوم ، وكان ذلك الوقت البطريرك علي الأسكندرية ” اندرانيكو السابع والثلاثون من البطاركة فأستقر هذا الحكم في الكنيسة القبطية إلي يومنا هذا )

– بعض التوضيحات للنص السابق :

– لم يرد في سير البطاركة أو تاريخ البطاركة والذي ينسب خطاً إلي ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين ما كتبه ابن كبر بخصوص صوم جمعة هرقل .                                                                                                                     – الملك الذي حاصر هرقل هو كسري الثاني 622-590م وهو ملك الفرس.

– يخطئ ابن كبر أو الناسخ لهذه المخطوطة بقوله : توجه إلي بلاد كوشي ولكن المقصود بلاد كسري ،وقد وردت كلمة كوشي في سائر المخطوطات.

– لما أحتل الفرس بلاد الشام انتهز اليهود هذه الفرصة فتنكلوا بالمسيحين الموجودين بالقدس ،ولما تمكن هرقل من هزيمة الفرس وردهم خاف اليهود نتيجة سوء فعلهم فأرسلوا إلي هرقل قبل أن يصل القدس لكي يعاهدهم علي حقن دمائهم وحفظ اموالهم ، فعاهدهم علي ذلك بدون أن يعلم بما صنعوه بالمسيحين ، فلما أجتمع المسيحين بهرقل اعلموه بما فعله اليهود وطلبوا إليه أن يقتل جميع اليهود .

– البطريرك اندرانيكو هو : البابا أندرونيكوس 623-616 م السابع والثلاثين من بطاركة الكنيسة القبطية ، والجدير بالذكر أنه لم يرد في سيرته أو البطريرك الذي يليه وهو البابا بنيامين الأول أية إشارة لصوم أسبوع هرقل.

– كما يذكر ابن كبر في كتاب ” مصباح الظلمة ” في حادثة استرجاع الأمبراطور هرقب لخشبة الصليب والتي بسببها عرف صوم الأسبوع الأول من الصوم الكبير وهو اسبوع هرقل وقد ورد ذكره ايضاً في كتاب ” المجموع الصفوي ” لابن العسال .

– في كتابات الصفي بن العسال :

نقرأ في المجموع الصفوي : (والأصوام الزائدة علي ذلك المستقرة في البيعة القبطية ، منها ما يجري مجري الصوم الكبير في التأكيد ،وهي جمعةهرقل مقدمة الصوم الكبير ) .

– في كتاب ” نظم الجوهر ” :

هذا الكتاب لسعيد بن بطريق940-877 م وهو من ابرز البطاركة الملكانين في مصر ،وكان طبيباًومجادلاً ومؤرخاً ويذكر عن جمعة هرقل ما يلي :

( وأهل مصر القبط يصومونها ” يقصد هنا جمعة هرقل ” إلا الشام والروم الملكية ،فإنهم بعد موت هرقل رجعوا يأكلون في هذه الجمعة ببضاً وجبناً وسمكاً )

– كما ورد ذكر أسبوع هرقل في كتابات :

ورد ذكر هذا الأسبوع في كتابات ” جرجس بن المكين ” في القرن الثالث عشر وهو جرجس بن أبي الياسر أبي المكارم بن أبي الطيب والمعروف بإبن العميد وهو يشتهر أيضاً بابن المكين وقد ولد في مصر عام 1205 م ومات في دمشق عام 1273 م وله من الكتابات :                                                                                         – المجموع المبارك : وهو في جزئين الأول عن تاريخ العالم حتي الهجرة والثاني تاريخ المسلمين حتي موت الخليفة المستنصر عام 1118 م .

– مختصر البيان في تحقيق الإيمان : وهو المعروف بالحاوي .

وقد ورد ذكر هذا الأسبوع في كتاب ” بدع الطوائف ” للأنبا بطرس أسقف مليج والذي لقبوه بالجميل ،وهو من علماء القرن الرابع عشر.

– ذكر أسبوع هرقل في كتابات المقريزي:

حيث يذكر المؤرخ المقريزي عن هذا الأسبوع مايلي :

( ثم سار هرقل وأوقع اليهود وقيعة شنعاء أبادهم فيها حتي لم يبق منهم    إلا من فر وأختفي ،فكتب البطاركة والأساقفة إلي جميع البلاد بإلزام النصاري بصوم اسبوع في السنة،فالتزموا بصومه إلي اليوم وعرفت عندهم بجمعة هرقل ) .

– كتاب تاريخ الكنيسة القبطية

يذكر المتنيح ” القس منسي يوحنا ” في كتابه تاريخ الكنيسة القبطية في سيرة الأنبا إبرام ابن زرعة ال62 في بطاركة الأسكندرية حيث يقول عنه :

( ومن مآثر البابا آبرام انه ادخل في الكنيسة القبطية فرض صوم نينوي الذي يصومه السريان وذلك لما حل اول الصوم الكبير صامت الكنيسة القبطية اسبوع هرقل فجاراهم البطريرك إذ لم يره لائقاً ان يكون فاطراً وأولاده صائمين ،ولما جاء ميعاد صوم نينوي فاقتدي به بنوه )

– كتاب الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة

ينتقد المتنيح الأسقف الأنبا إيسذوروس رئيس دير البراموس ” وقد ولد في حمص بسوريا وهاجر مع خاله القمص إشعياء السرياني إلي مصر ، ثم صار خاله وكيلاً لبطريركية الأسكندرية في عهد ثورة عرابي سنة 1880 م والتحق بدير البراموس في 12 يناير 1885 م ثم أصبح رئيساً للدير في 17 اكتوبر 1897 م ثم تنيح في 19 يناير 1942 م ” صوم هذا الأسبوع حيث يقول في الجزء الثاني من كتابه : ( وقال الأساقفة إنك أيها الملك في حل من هذا اليمين الذي أقسمته بخداع اليهود وسلامة النية ،ولكي تكون غير قلق البال ومرتاح الضمير من جهته ،نحن نأمر المسيحين أن يصوموا  عنك اسبوعاً في أول الصوم الكبير إلي مدة أربعين سنة ،فاقتنع الملك بذلك ، وقد أبطلت كل الكنائس صوم هذا الصوم ماعدا الأقباط الأرثوذكس )

– كتاب فتح العرب لمصر

يذكر ألفريد بتلر في كتابه ” فتح العرب لمصر ” ان الأسبوع الأول من الصوم الكبير عند الأقباط لازال اسمه ” أسبوع هرقل ” فيقول ما يلي :

( ومازالوا به حتي أزالوه عن رأيه ،إما بعلو ضجيجهم ،وأما بالتماس الحجج لإحلاله من عهده ،ولعل الأمرين قد اجتمع علي ذلك.فأمر أن يجلي اليهود عن بيت المقدس ويمنعوا أن يعودوا بعد ذلك إلي ما بعد أسوار المدينة بثلاثة أميال .ولكن ذلك النفي لم يكن أشد عقوبة نزلت بهم ،فأنه  يلوح لنا ان هرقل قد أجاب المسيحيين من رعيته إلي كل ما طلبوه من الانتقام .وهناك وقعت في اليهود قتلة تشبه أن تكون عامة ولكن البطريق   ” البطريرك ” ومطارنته أرادوا أن يزيلوا وساوس الإمبراطور وان يطيبوا نفسه ،ويطمنئوا نفوسهم إلي ما كان ،فبعثوا في المدائن جميعها كتباً يأمرون فيها أن يصوم الناس اسبوعاً ،وأن تكون تلك سنة ابد الدهر ،ومازالت تلك السنة باقية إلي يومنا هذا .فإن أول اسبوع من الصوم الكبير عند القبط لايزال اسمه صوم هرقل . ويمكن ان نقول إن القبط اشتركوا في تلك المقتلة ” المذبحة ” لما كان بهم من نحل موجدة علي اليهود منذ ايام فتح الفرس للأسكندرية )

– تعليق علي النص السابق

العبارة الأخيرة التي يذكرها ” ألفريد بتلر ” من عنده ،ويحاول بها ان يبرر سبب إحتفاظ الأقباط وحدهم بهذا الأسبوع دون بقية الكنائس الشرقية ،فكان استنتاج خاطئاً وذلك لانه ليس في كتب التاريخ ما يدعم رأيه هذا ،كما انه قد شرح سبب احتفاظ الأقباط وحدهم بهذا الأسبوع وغيره من التقاليد القديمة الأخري ،فيشهد للأقباط في أحد مؤلفاته بقوله :

( إن الأقباط هم الذين يحفظون التقليد القديم ولا يفرطون فيه أبداً .المصريون يضيفون ولا يحذفون )

– القمص صموئيل تواضروس السرياني

يضيف قائلاً ( وقد ألحق اسبوع هرقل بالصوم الأربعيني المقدس وظلت الكنائس تمارسه إلي زمن بعيد إلي ان اسقطته آخيراً من حسابها ولم تحتفظ به إلا الكنيسة القبطية)

– القمص يوحنا سلامة

يقول ( أما الجمعة الأولي فالبعض يقول عنها أنها فرضت تذكاراً لخلاص مؤمني أورشليم بواسطة هرقل ) ثم يعلق علي ذلك قائلاً ( والأصوام الذين صموها لأجل ملكهم لا يصومونها تماماً بل جعلوها جمعة بياض )

– العالم الليتورچي الألماني ” بومشتارك ”

هذا الأسبوع غير معروف عند السريان الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس أيضاً ، اما الروم الأرثوذكس وما يتبعهم من الكنائس فقد تم تخفيف صرامة صوم هذا الأسبوع ،وفي ذلك يقول العالم الليتورچي ” بومشتارك ” :

( وفي زمان هرقل فإن الشرق اليوناني حاول التوفيق بين الممارسة العادية للصوم – اي أربعين يوماً صوماً – وبين التشدد الرهباني الذي حدده رهبان فلسطين للصوم الكبير بثمانية أسابيع ،وذلك بإنشاء ما عرف في الطقس البيزنطي بإسم ” ما قبل الصوم ” أو ” تمهيد الصوم ” وهو صوم مسموح فيه في التقليد البيزنطي بأكل الجبن ،حيث خففت صرامة الصوم في هذا  الأسبوع عن باقي الأسابيع التالية له ) .

هذا كان عرض لما ورد في المراجع التاريخية والطقسية حول سبب وجود اسبوع الاستعداد ونسبته لحادثة هرقل مع اليهود ، وننتقل إلي الراي الثاني وهو الأستعداد للصوم والتدرج في العبادة والنسك

الفصل الثاني

الرأي الثاني / أستعداد للصوم

لم ترد فكرة صوم أسبوع كأستعداد للصوم الأربعيني منذ بداية الكنيسة وحتي القرن العشرين ، فلم ترد إشاراة في كتاب الدسقولية أو في تعاليم الرسل أو في قوانين الأباء الرسل ولا في رسائل احد البطاركة ولا في قوانين الصوم التي وضعها البابا ” خريستوذولوس ” .

ولكن لأول مرة ترد إشارة عابرة لذلك في قوانين ابن العسال في القرن الثالث عشر كأسبوع هرقل ولكنه صار مقدمة للصوم الكبير إذ يقول :

( جمعة هرقل التي صارت مقدمة للصوم الكبير ) وبعد ذلك لم ترد عند ابن سباع أو ابن كبر في القرن الرابع عشر أو غيرهم من العلماء أو البطاركة إلا ان بدأت الأشارة إليه كاسبوع استعداد للصوم الكبير في القرن العشرين ،ولكن ليست كتأكيد بل لمجرد الإشاراة فيقول القمص يوحنا سلامة :

( واما الجمعة الأولي فالبعض يقول أنها ……… والبعض الآخر يقول أنها استعداد وتأهب للصوم وحباً في الزهد والعفاف ومقدمة الصوم الكبير ) .

– رأي القس ” ميخائيل مينا ” والأرشدياكون” بانوب عبده ”

يعرض كل من القس ميخائيل مينا والأرشدياكون بانوب عبده عدة أراء ومن بينها الرأي القائل بإن الأسبوع الأول للصوم الكبير هو إستعداد وتأهب للصوم ومقدمة له كتدريب المؤمن ليستقبل الصوم بطهارة نفس ونقاوة قلب .

– رأي مثلث الرحمات الأنبا ” غريغوريوس ”

كتب لنا مثلث الرحمات الأنبا ” غريغوريوس ” أسقف الدراسات العليا والبحث العلمي عن عظمة الصوم الأربعيني وانه يجب ان يكون صوم بنسم وزهد ، فأشفاقاً علي المؤمنين وجب أن يستعد له بأسبوع للتدرج في الصوم فيقول :

( فأشفاقاً علي المؤمنين كان من اللائق أن يدخل المستعدون إلي ذلك الصوم بأسبوع يتدرج به الصائم مكتفياً بالأنقطاع عن الطعام إلي ما هو في حدود قدرته من دون إرهاق شديد بعد فترة فطر ولهذا التدبير حكمته لصحة الروح والنفس والبدن ).

وهنا نلاحظ أن اخواتنا من الروم الأرثوذكس ومن يتبعونهم يصومون هذا.  الأسبوع الإضافي والمسمي بمقدمة الصوم الكبير علي علي البياض أي الأمتناع عن اللحوم ولكن مسموح بتناول البيض واللبن والجبن.

– قراءت أحد الرفاع / الأستعداد في الكنيسة القبطية

– أحد الرفاع : وتدور قراءته حول أركان العبادة المقبولة وهي ( الصلاة – الصوم – الصدقة ) ” مت 18-1:6″.

الفصل الثالث

الرأي الثالث / بدل السبوت

يعتقد أصحاب هذا الرأي أن الكنيسة مع بداية القرن السابع الميلادي أن الصوم يحمل إسم الصوم ” الأربعيني ” ولكن هذا الإسم لا يناسبه تماماً لأن عدد ايام الصوم الفعلي لا تصل إلي أربعين يوم بعد إسقاط السبوت والأحاد

مدة صوم الكنيسة الغربية حالياً

تصوم الكنيسة الغربية ستة اسابيع بما فيهم أسبوع الآلام ،وفي كل أسبوع ستة ايام وذلك بعد إسقاط ايام الأحاد فقط لأنهم يصومون السبت وذلك   لأن السيد المسيح دفن يوم السبت في القبر فتصبح أيام الصوم إجمالياً 36 يوم ،فقاموا بإضافة 4أيام لتكميل أيام الصوم الفعلي وتبدأ من الأربعاء السابق له مباشرة ،والذي يسمي يوم ” الرماد ” ويرجع السبب في هذه التسمية لأن الأكليروس والشعب يضعون رماداً علي رؤوسهم علامة التوبة . وهذه الأربعة أيام السابقة عن الصوم في طقس روما تشبه الأسبوع السابق علي الصوم في التقليد البيزنطي ،والذي يسمي بأسبوع ” الأستعداد ” .

+ ملحوظة : يري العالم الليتورچي ” بومشتارك ” أن الأربعة ايام السابقة علي الصوم المقدس،والتي حددها الغرب بأربعة ايام قد وضعت لسوء فهم.

– مدة الصوم في الكنيسة الشرقية

كانت الكنيسة تصوم ستة أسابيع ( بدون أسبوع الآلام ) وفي كل أسبوع 5 أيام بعد إسقاط السبوت والأحاد فتكون أيام الصوم الفعلي 36 يوم فعلياً ،فأضافت الكنيسة أسبوع كامل فأصبح الصوم ثمانية أيام بما فيهم أسبوع   الآلام .

– طبيعة صوم هذا الأسبوع

لا يختلف هذا الأسبوع عند الأقباط الأرثوذكس عن أيام الصوم في النظام ونوع الطعام والقراءت ، وأما الروم فجعلوه أسبوع ” بياض ” أي الأمتناع عن تناول اللحم فقط مع تناول الجبن واللبن والبيض.

– هل يوجد سند تاريخي لهذا الرأي ؟؟

لم يرد في مراجع التاريخ والطقس الكنسي ذكر لسبب إضافة هذا الأسبوع وهو انه يصام لكمال الأربعين يوم إلا في القرن الرايع الميلادي ،إذا يقول ابن سباع ( وعلي ذلك رتب الأباء أن يصام في كل سنة أربعون يوماً خمسة أيام في كل اسبوع …. لأن سبت النور الذي كان فيه الرب مقبوراً ولايصام .     الأحد لأنه فرح روحاني منذر بالقيامة ) .

– وبعد ان نسب ابن كبر هذا الأسبوع إلي هرقل فقد اضاف قائلاً

( فتمام ايام الصوم بعد ترك السبوت والحدود منها إلي يوم الأحد من الخميس ” يقصد خميس العهد ” وهو يوم الفصح أربعون يوماً ويوم الجمعة والسبت يومان من أيام الصلب والدفن ويوم الأحد يوم البعث والقيامة فليس تعد هذه الأيام في الصوم ) .

– وبعد أن عرض كل من القمص يوحنا سلامة و الأرشدياكون بانوب عبده  الأراء التي ترجع هذا الأسبوع لهرقل أو كأستعداد للصوم الكبير يضيفان أن البعض يقول أنه اضيف لكمال أيام الصوم ثمانية أسابيع حتي يكون أربعين يوماً بإعتبار الأسبوع خمسة أيام بعد إسقاط السبوت والأحاد

الفصل الرابع

رأي الأغلبية

بعد أن قمنا بعرض كل الأراء والأسانيد المدعمة لكل منهم نعرض في هذا الفصل الرأي المرجح لدي أغلبية الدراسين والباحثين :

الرأي الاكثر غالبية هو أن هذا الأسبوع هو أسبوع هرقل

وذلك للأسباب الأتية

– قدم الشهادات المدعمة لهذا الرأي وثقل وزن القائلين به في المجال الكنسي مثل الأنبا ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين والصفي بن العسال وابن كبر والمؤرخ المقريزي .

– ما ذكرته الكتب الطقسية للكنيسة مثل القطمارس .

– هذا الأسبوع ليس أستعداد للصوم الكبير ،لأن الأستعداد لا يكون بالصوم المباشر بل يكون بتناول أطعمة دسمة ثم أقل دسامة ثم اقل حتي نصل للصوم الكامل .

– من يذكره كاسبوع أستعداد يذكره كأسبوع هرقل أولاً ثم صار مقدمة للصوم الكبير وأستعداد له .

– ليس لإكتمال الأربعين يوم أو بدل السبوت ولو كان الأمر كذلك لصامته بقية الكنائس من أرثوذكس وكاثوليك ،والواقع انه لا تمارسه سوي الكنيسة القبطية ، كما تعتبره الكنيسة اليونانية انقطاع عن اللحوم فقط وتطلق عليه ” أسبوع هرقل ” .

الفصل الخامس

الأسبوع الذي نصومه الآن

من الواضح أن حادثة قتل هرقل لليهود بسبب ما فعلوه بالمسيحين واقعة تاريخية ثابتة ورد ذكرها في أكثر من مرجع مسيحي وغير مسيحي وعلماء الكنيسة الذين ذكروا هذه الحادثة لا مصلحة لهم في تضليلنا او الكذب علينا بل سجلوا الحقيقة كما هي ، ولذلك ان كان هذا هو سبب إضافة هذا  الأسبوع للصوم المقدس فنحن لا ننكر ذلك ولا نلوم علي أجدادنا الذين طلبوا هذا الأمر منا مقابل قتل هرقل لليهود لما فعلوه بهم قديماً .

ولكن الأسبوع الآن وإن كان سبب وضعه في الطقس غير مشروع وغير مقبول ، فكنيستنا القبطية الأرثوذكسية حولته من عادة تقليدية إلي فائدة روحية حيث أعتطه إسم أسبوع الإستعداد ووضعت له قراءت تلائم هدف الصوم الكبير وهو الجهاد الروحي كما نصومه مثل أيام الصوم وليس  كالكنائس الأخري التي تسمح فيه بتناول الجبن واللبن والبيض ومنعت تناول اللحوم ونصليه بنفس طقس الصوم الكبير والألحان .

فنحن الآن لا نصوم كفارة للملك هرقل ولكننا نصومه كتوبة وكفارة عن خطايانا نحن تجاه الله ، حيث يعد كإنذار للمؤمنين يعلن لهم أقتراب ربيع السنة وهو الصوم الكبير وهو أفضل وقت لتنقية القلب والعقل حتي يسكن فيهم الله .

فالكنيسة لا تتمادي في أخطاء السابقين بل تحول من طبيعة العادة لتصبح سبب بركة ونعمة له

نطلب من الله ان يحفظ لنا كنيستنا ويبعد عنها كل قوي الشر بشفاعات امنا العذراء مريم ورئيس الملائكة ميخائيل .

آمين

المراجع

– الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة – الأنبا إيسذوروس

– الدر الثمين في إيضاح الدين – الأنبا ساويرس – إصدار كنيسة الملاك ميخائيل بطوسون .

– مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة – ابن كبر -مكتبة المحبة

– تاريخ الكنيسة القبطية – القس منسي يوحنا – مكتبة المحبة

– كنيستي الأرثوذكسية ما أجملك – القس الدكتور بيشوي حلمي.

– صوم نينوي والصوم الكبير – القس أثناسيوس المقاري.

– فتح العرب لمصر -ألفريد بتلر – تعريب محمد فريد.