مظاهر الكريسماس في الغرب – القمص أثناسيوس فهمي جورج

كارت التعريف بالمقال

مَظَاهِرُ الكريسماس فِي الغَرْبِ

في احتفال عيد الميلاد بالغرب، نرى مغارة مصنوعة من قش ناعم معطر وشجرة مزينة وديكورًا فخمًا للمذود... لذلك أصبحت مناسبة عيد الميلاد أو ما اصطُلح عليه (كريسماس) مجرد ألوان وأنوار وزينات وهدايا، غاب عنها جوهر ومعنى الحدث الخلاصي. غاب عنه إخلاء وفقر المسيح الذﻱ صار فقيرًا كي نغتني نحن بفقره وغناه وقداسة مجده. فقد أُلصقت بالمناسبة سطحيات حوّلتها إلى موسم للتسويق وقياس الحالة الاقتصادية والاستهلاك.

اكتفَى الغرب بالتعييد للميلاد بهذه المظاهر السطحية، كذلك غاب تمامًا وبهت الاحتفال بعيد القيامة، لأن الثقافة الغربية تتعامل مع الموت بطريقة هاجسية... فمع تراجع فكرة المقدس وتحول الإيمان إلى موضة قديمة وإلى دافع إضافي لاستلاب الإنسان من خلال استخدامه التجاري، الأمر الذﻱ جعل فكرة الموت مجرد فكرة فلسفية وعبثية... اقتربت أكثر فأكثر إلى أن الموت مجرد حدث طبيعي بيولوچي. فالموت لا قيمة له إلا إذا كنت مؤمنًا وتمارس الإيمان... وبالرغم أن موت المسيح وقيامتة هو عمل التدبير الخلاصي، لكنه في الغرب صار أقل أهمية وغاب تمامًا؛ لأن فكرة الموت بهتت وفقدت معناها، إذ يراد الهروب من التأمل أو التفكير فيها أو حتى تذكُّرها.

في حقيقة الأمر نحتفل في عيد الميلاد بتجسد الله الكلمة، وهو صاحب العيد الذﻱ وُلد لنا ومن أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا. وُلد في اسطبل حقير للبهائم كي يبارك طبيعتنا فيه، ويهذِّبها ويرقّيها. لذا نحن مدعوون أن نأتي إليه؛ لأنه هو أتى إلينا، ساهرين مع الرعاة لنحرس أمر خلاصنا بحراسات الليل؛ كي يشرق علينا مجده ونتبعه مع جمهور جند الرب، وإنْ راعَيْنا إثمًا في قلوبنا فسيسطع علينا نور وجه المولود بغفرانه وغناه الذي لا يستقصىَ.

إننا في عيد الميلاد نعيّد لميلاده كي يأتي ويموت ويقوم من أجلنا، فلننتقل من مرعىً إلى مرعىً؛ كي نجد مقر الحمل الالهي المولود، نحمله في داخلنا بعيدًا عن كل المظهريات، لأننا سفراؤه ولا عبرة عندنا للأزمنة من غير ولادته فينا، فألف سنة في عينيه كيوم أمس الذي عبر، وهو الذﻱ يملأ أعمارنا بضياء طهارته وخلاصه ورحمته الأبدية (مجدًا في الأعالي؛ وسلامًا على الأرض ومسرة للناس) في عيده نتبع النجم لنقدم هدايانا (قلوبنا وحياتنا وسلوكنا وكل ما لَنَا).

مسيحنا المولود هو شجرة حياتنا وزينتنا وفرحتنا وهديتنا وعطية جميع العطايا، الذي يخلصنا من الرائحة البهيمية وحيوانية الشهوة، لأنه مشير عجيب وهو أبو كل الدهور، نسجد له مع كل الكون ونعيّد له بثياب التسبيح مع كل الخليقة التي تهللت بمجيئه.

نعيد له لأنه هو هدف التاريخ ومحوره، وهو مركز حياتنا وحضورنا... هو فرحنا في المسرات، وتعزيتنا في الأحزان، ومعونتنا في التجارب، وهو الذي جعل لحياتنا معنىً وقد صار لنا خلاصًا وفصحًا مقدسًا.. فردوسه هو أملنا وصار لنا حصنًا برحمته التي بها أحيا كل الأرواح وفتح العيون ومنحنا البيعة الحلوة، المجد لميلاده بسر التقوى العظيم.