كارثة الأقباط المحتجزين في ليبيا – القمص أثناسيوس فهمي جورج

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب القمص أثناسيوس فهمي جورج
التصنيفات الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي, تعليقات على الأحداث, قضايا مسيحية عامة
آخر تحديث 12 مايو 2020

كَارِثَةُ الأقْبَاطِ المحْتَجَزِينَ فِي لِيبيَا

قامت مجموعة إرهابية ليبية بإختطاف عدد كبير من الأقباط؛ قيل أنهم حوالي مئة قبطيًا من المقيمين في لبييا، وقد وردت الحادثة وسط ضبابية وتضارب حول أسباب وأعداد المأسورين وسبب احتجازهم، لكن ما أُذيع حول هذه الكارثة أن السبب في احتجازهم هو الزعم بأنهم متهمون بالتبشير بالمسيحية؛ بينما هم في حقيقة الأمر من الباحثين عن لقمة العيش؛ لكن أحوال بلادهم المنكوبة والمنهوبة هي التي دفعتهم إلى الغربة؛ بحثًا عن فرصة عمل شريفة توفر لهم رمق معيشتهم – شأننا جميعًا – لكن المسيحي لكي يُسمح له بالحياة؛ عليه أن يخلع صليبه؛ وأن يتخلص من أي علامة أو إشارة أو مقتنيات خاصة به تدل على مسيحيته.

فهؤلاء الأقباط المخطوفون في ليبيا؛ مجرد مواطنين مسيحيين شرفاء؛ ذهبوا في هذه الظروف العصيبة وراء لقمة العيش والطموح في مستقبل كريم؛ لكن القتلة الذين خطفوهم افتروا واستقووا عليهم؛ لأنهم مسيحيون ومستباحون في وطنهم أولاً ثم في غربتهم، لذلك هم حاملون عار المسيح؛ فإما أن يتهموا بإزدراء الإسلام أو بالتبشير بالمسيحية أو بكليهما، فهم متهمون على كل الأصعدة، ودمهم وأعراضهم وأموالهم حلال بلال.

وكأن المسيحية سُبة مَعيبة في نظر هؤلاء المتخلفين الجهال؛ الذين ابتكروا هذه الجريمة واتهموهم بالتبشير؛ بينما لا توجد جريمة تسمى (جريمة التبشير)؛ ولا توجد عقوبة تجرم من يدين بالمسيحية، وإلا حُوكم مليارات البشر على مستوى العالم.. لكنها على ما يبدو أصبحت جريمة في هذه البقعة من العالم؛ التي عاث فيها الظلاميون فسادًا؛ فأرغموا هؤلاء الأقباط العُزل المسالمين والغرباء على التنازل عن سلاسلهم وصلبانهم وكتبهم المقدسة الخاصة بهم وكل ما يشير إلى مسيحيتهم. فمنذ فترة ليست ببعيدة هدموا قبور الأموات وفجروا الكنيسة؛ ثم قبضوا على الأحياء واحتجزوهم وحلقوا رؤوسهم؛ وحرقوا وشم الصلبان الذي على أياديهم بمواد كيماوية حارقة؛ وإمعانًا في التوحش والتشفي ولذة الحرق بالنيران وضعوهم في جمعية أنصار الشريعة ببلدة (بنغازي)؛ على اعتبار أن تعذيب الأبرياء شأن اعتيادي وواجب مقدس بحجة حماية دين الله؛ بينما ما يحدث هو ضد الله وضد الدين وضد أي أخلاق؛ وهو بكل المقاييس فضية بجلاجل.

لقد صارت التجارة بالأديان تجارة رائجة في مجتمعات التخلف؛ فكلما تحكّم الجهل تغلف الباطل والظلم بغلاف الدين؛ فلا وجود لسُلّم القيم ولا للفهم أو العدل... والمأساة الكبرى أن السلطات المصرية فلا حياة معها لمن ينادي؛ والأقباط الذين هم الأصل؛ يتعرضون الآن لأشر هجمة مسعورة تنوء بها الجبال الرواسي من غير الأصيل الذي أصر على البغضة وأوغل في الفتك في طول البلاد وعرضها... والآن نعوِّل على القادر على كل شيء بأن يفك قيود هؤلاء الأبرياء المحتجزين؛ ونعول على أصوات ونداءات المسلمين الشرفاء الذين تأسفوا كثيرًا لما يحدث ولما هو حادث. والله الذي لم يعطنا روح الفشل يرحم البشر جميعًا من غضبة الأشرار كي يبقى العالم في سلام وتعاطف..