صَليبُكَ 24 سبتمبر 2010 – القمص أثناسيوس فهمي جورج

كارت التعريف بالمقال

صَلِيبُكَ

صليبك موضع جدال منذ صليبك، لكنه أعجب معجزاتك الإلهية، فلولاه لَمَا بطل الموت ولا انحلت الخطية ولا انهدم الجحيم ولا انفتحت أبواب الفردوس.... صليبك هو اقتدارك ونصرتك التي أظهرتها أمام الخليقة كلها. أطراف صليبك جمعت العلو والعمق والطول والعرض ما يُرى وما لا يُرى.

صليبك هو مجدك الذﻱ به تمجدتَ وهو قمة خلاصنا ومصدر كل الخيرات، وبواسطته صرنا مقبولين بعد أن كنا منبوذين ساقطين، صرنا عارفين للحق وارتفعنا من عمق الخطية إلى قمة الفضيلة.... صليبك هو ختم حمايتنا وضمانك وصنعتك التي بها لا يمسنا مُبيد الكل، من صليبك فزعتْ الشياطين وهربت فارة، صليبك هو زينتنا وفخرنا لأنك ارتفعت عليه ليس تحت سقف ما يظللك، بل سماء. صليبك عالٍ مرتفعٌ أنرت به على الجالسين في الظلمة. سال عليه دمك الذكي الكريم فطهر كل أدناس العالم.

ذبيحتك مسكونية أدخلت بها المؤمنين بك إلى الفردوس، حالما فتحت الفردوس المُغلق وأدخلت كل لص شاطر يغتصب الملكوت، صليبك هز أركان الطبيعة، شقق الصخور وأخفى لمعان الشمس والنجوم لأنك ضياء السماء والأرض كلها وهما مملوءتان من مجدك الأقدس، صليبك مزق الذنوب وفك النفوس من قيد الأثيم القبيح وربطنا بخيط محبتك ونجانا من اللعنة والعبوس فصار لنا مرساة الرجاء، صليبك هو العمود المبارك المثلث الغبطة الذﻱ بسطت عليه جسدك لتعتق كل المائتين. صليبك هو فخر المؤمنين وجمال الرسل ومعونة كل الذين يعاينون حياتهم معلقة تجاهه، ومنه ينبُع المشروب الإلهي. إننا نرفعه رافعين أيادينا وسط أتون هذا العالم الحاضر، باسطين أيادينا في جوف الحوت برسم آلامك الخلاصية متطلعين إلى نجاتنا من أفواه الأسود ومن الذين يريدون أن يقطعوننا من أرض الأحياء.

ولا زال صليبك يُقاوَم من الكارهين لإسمك (اصلبْه اصلبْه) والذين كانوا أيضاً منذ ولادتك أتوا ليهلكوا الصبي ولا زالوا إلى الآن كارهين كنيستك ورافضين خلاصك الثمين بينما صليبك هو فعل محبتك لهم وافتقادك للعالم، وهو ليس علامة سكون لكنه علامة حركة ذراعك الأبدية المفتوحة كي تصطاد وتضم كل من يُقبل إلى دائرة خلاصك، لذا لم نَعُد نحمل صليبك فقط بل صليبك أيضًا يحملنا.

إن صليبك هو السيف القاطع لقرون الشيطان، قوته غير مقهورة وعجائبه خلاصية من الضغطة والشدائد والدينونة، إنه قوة - (ديناموس) (دينامو) - ومصدر حياتنا وطاقتنا ونمونا وهو القوة الإلهية التي تسند غربتنا منذ ولا دتنا حتى رُقادنا.

لقد أشرق نور صليبك عندما أظلمتْ الأرض، فلا عتامة ولا ظلمة ولا ضبابية ولا كتمان ولا تضليل. إنك لم تترك صليبك على الأرض بل أخذته وأصعدته معك إلى السماء لأنك ستُحضره معك في مجيئك الثاني ليضيء ثانية عندما تتزعزع قوات السموات في الدينونة.

ستأتي حاملاً صليبك المُحيي، ستُحضره معك وسيعرف الذين صلبوك ورفضوك وكذّبوك (ما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم) مقدار جحودهم وجهالاتهم وشرهم، وستنوح شعوب الأرض كلها عندما ترى جراحاتك وجنبك المفتوح وعندما ينظروا الذﻱ طعنوه.

24 سبتمبر 2010.