تفسير الآية – صانع السلام وخالق الشر – المهندس مكرم زكي شنوده

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب المهندس مكرم زكي شنوده
آخر تحديث 11 أكتوبر 2019

1 –  كلمة الشر هنا فى اللغة اليونانية القديمة ، هى ” كاكا ” أو  ” كاكيا “، وتعنى الشيئ الردئ بوجه عام . وهى تختلف عن كلمة الشر بمعنى الخطية ، التى هى : ” أمارتيا “، وكذلك عن كلمة إثم : ” آنوميا ” .

فإنها هنا تعنى البلايا والكوارث ، كالأمراض والأوبئة والزلازل والبراكين …. إلخ .

ولذلك ، فقد قيلت ، نفس هذه الكلمة ،عن لعازر المسكين ، المضروب بالبلايا الكثيرة ( لو16: 25 ).

كما يشتق منها كلمة : ” كاكوس ” ، بمعنى مريض أو سقيم ، أو ردئ أو سيئ ( مت4: 24 ، 8 : 16 ،، 9: 123 ، مر 1: 32 ، 2: 17 ، 6: 55 ، لو5: 31 ، 7: 2 ، يو18: 23  …. إلخ ).

كما يشتق منها كلمة : ” كاكوسيس ” بمعنى : مشقة ( أع 7: 34 )

2 – وسياق الآية ، هو : [  أنا الرب ، لاإله سواى …. ليس غيرى ، أنا الرب وليس آخر ، مصور النور وخالق الظلمة ، صانع السلام وخالق الشر ، أنا الرب صانع كل هذه  ] أش 45 : 5- 7 .

أى أن الهدف هو تأكيد وحدانية الخالق ، لكل ما فى الوجود بلا إستثناء ، لنفى الإدعاء – الذى كان يقوله الوثنيون بوجود عديد من الخالقين ، كل منهم يخلق نوعية معينة من الظواهر الطبيعية .

3 – وبنفس المعنى –  لنفى تعدد الآلهة –  مكتوب :-  [ هل تحدث بلية فى مدينة ، والرب لم يصنعها ] عا 3: 6 .

4 – وقد كانت – وما زالت – عبادة الآلهة العديدة منتشرة فى العالم ، فكانوا يظنون أن كل إله يخلق عنصراً من عناصر الطبيعة ، فإله يخلق النور  وآخر يخلق الظلام  ، وإله يخلق الماء  وآخر يخلق النار، وآخر خالق الريح ، وآخر خالق الحجر ( ويسكن فيه) ، وآخر خالق التخصيب ( وكانوا يعبدونه بطقوس جنسية وبالتزاوج الجماعى المختلط ، فى ساحات عبادته) ، ، وآخر خالق البراكين ، وخالق الزلازل ، والزوابع …… إلخ  .

5 – وقد تسللت هذه الأفكار الوثنية ، من الشعوب المحيطة بشعب الله القديم ، إلى تفكيربعض  الناس من شعب الله .

فكان لابد من مقاومتها وإبطالها فوراً  ، بمثل هذه الآيات التى أرسلها الله على فم أنبيائه .

ومن الأمثلة على ذلك ، أن الأراميين إعتقدوا أن إله شعب الله ، هو إله جبال فقط  ( بعدما إنهزموا هناك ) وقرروا أن يحاربوهم فى السهول ، حيث سيعجز إله شعب الله عن التصرف .

فأرسل الله أحد أنبيائه ، إلى الشعب وإلى أخاب الملك ، فقال لهم : [ هكذا قال الرب : من أجل أن الأراميين قالوا أن الرب إنما هو إله جبال وليس إله أودية ، لذلك ، أدفع كل جمهورهم العظيم ليدك ، فتعلمون أنى أنا الرب ] 1 مل 20 : 28 . وهو ما حدث فعلاً ، فسقط إدعاء الوثنيين ، الذين كل عباداتهم هى من الشيطان ، وكل أفكارهم – أيضاً- منه  .

6 – وقد كان هدف الشيطان من الإدعاء بوجود خالقين عديدين ، بعضهم يخلق الإيجابيات ، وبعضهم يخلق السلبيات — هو أن يفصل بين الناس وبين الله . لكى يمنعهم عن الربط بين خطاياهم  التى يريدهم الله أن يتوبوا عنها – وبين عقوبات الله التأديبية .

بل إن الشيطان كان يجعل الناس يظنون أن إرضاء هذه الآلهة ، لمنع الكوارث ، يكون بتنفيذ العبادات النجسة ، كالزنى والشذوذ والقتل ، بل وحرق أطفالهم أحياءً ، للبعل ولمولوك

( 2 مل16: 3 ، أر 19: 5 ، حز 20 : 31 ) .

بل ويشير الكتاب المقدس لشيئ غريب ، قد يكون شيئاً آخر غير حرق أطفالهم ، وهو عبادة الصنم ، بإعطاء الرجل من زرعه للصنم ، بالزنى مع الصنم ( راجع : لا 20: 2- 5 ، بالمقابلة مع : لا 18 : 20 و21 )

7 – فكل الفظائع ، كانت تتم بحجة إرضاء هذه الآلهة ( الشياطين ) التى تدعى أنها تتحكم فى الماء والنار والخصب والريح والكوارث والإنتصارات فى الحرب  … إلخ .

ولذلك ، فإن الله كان يشدد جداً ، على أن هذه الإدعاءات هى أكاذيب ، وأنه لا يوجد خالق آخر غيره ، لأى شيئ فى الوجود . مثبتاً أقواله بأفعاله ، مثلما أوقف المطر بصلاة إيليا النبى ، لثلاث سنوات وستة أشهر ، حتى تاب الناس ، فصلى إيليا النبى ، فأنزل الله فوراً- أنهاراً من المطر  ففى ذلك أظهر أنه هو الإله الوحيد ، الذى يمنع ويمنح .