الأرخن جبران نعمة الله- القمص أثناسيوس فهمي جورج

كارت التعريف بالمقال

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب القمص أثناسيوس فهمي جورج
الشخصيات الأرخن جبران نعمة الله
التصنيفات أدب مسيحي, سير قديسين وشخصيات
الأماكن كنائس الإسكندرية
الزمن القرن العشرين الميلادي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2019

الأرخن جبران نعمة الله

عندما عُيِّن الأنبا يؤانس وكيلاً للكرازة المرقسية – قبل أن يجلس على كرسي مارمرقس – اهتم أن يكون لكل كنيسة جديدة أوقاف خاصة للصرف من رِيعها عليها . وضمَّ أطياناً للبطريركية بالإسكندرية ، كذلك اهتم بالعلم والتعليم حيث صارت المدرسة المرقسية الكبرى من أكبر مدارس الثغر السكندري . وبعد أن تم تجليسه في ١٦ديسمبر ١٩٢٨م أنشأ مدرسة عليا للرهبان في حلوان ، واهتم بالبعثات وازداد الاهتمام بتدريس الدين المسيحي للأطفال والفتيان بتشجيع البابا يؤانس ال١٩ البطريرك ١١٣(١٩٢٨-١٩٤٢) .
كانت الكتاتيب الملحقة بالكنائس مدارس أولية وبمثابة سور يحمي الكنيسة والشعب القبطي من الأُمية والجهل والفراغ في التعليم الكنسي. لذلك شغل هذا الاهتمام تفكير أذهان كثير من رواد الشعب القبطي السكندري وقادة العمل الكنسي والاجتماعي في الجمعيات والهيئات القبطية ، فمنهم الذين قاموا بالنهضة النفسية وإعداد الروح المعنوية والإقناع ؛ ومنهم من قاموا بالتخطيط الروحي والمتابعة وحُسن اختيار المعاونين ، والتغلب على العقبات والإصرار على المواصلة ، ببذل الذات والتلمذة والعطاء وقدوة السلوك المسيحى الحسن .

كان من أشهرهم (الأرشيدياكون اسكندر حنا – الأرخن جبران نعمة الله – الأرخن اسكندر إبراهيم – الواعظ يوسف أفندي مجلي ” القمص يوسف ” – الأرشيدياكون عياد عياد – الواعظ صبحي سعد ” القمص ميخائيل ” – الواعظ يسى منصور ) وقد أعطاهم السيد الملك حسب يد صلاحه ، ليبنوا الأسوار بوعي ثابت عميق نحو غاية خدمتهم ؛ وحتى ينشروا حيوية الإيمان المسيحي بمعرفة ؛ و لا يتراجعوا أمام المعطِّلات والتجارب والتحديات المتنوعة ، فذكرهم الرب بالخير قدامه ، وجعلهم بذاراً ونَبَتَات وغروساً في عمل حقله المتسع ؛ بعد أن دخلوا إلى العمق وألقوا شباك الصيد على كلمته الغنية وحدها ؛ والتي بها صار اصطياد السمك الكثير والوفير .

ويُعتبر الأرخن جبران نعمة الله (١٨٧٠- ٦ اكتوبر١٩٤٢) هو مؤسس مدارس أحد الإسكندرية عام ١٩٢١م وهو ناظر المدارس المرقسية . كان يعمل مفتشاً للغة العربية بالمدارس الإيطالية ، وشارك فى تأسيس أقدم الجمعيات القبطية الأرثوذكسية آنذاك “جمعية الثبات والاتحاد القبطية – جمعية ثمرة السلام القبطية” وكان يُجيد اللغة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية واليونانية والقبطية ، كذلك كتب مؤلفات كثيرة أهمها كتاب “اللؤلؤة البهية في شرح الطقوس الكنسية والتسابيح” مشتركاً مع والد زوجته القمص يوحنا جرجس الكبير راعي الكنيسة المرقسية في ذلك الزمان .

وفي سنة ١٩١٨م كان قد تم تشكيل “اللجنة العليا لمدارس الأحد” لإدارة التدريس والتعليم والمناهج والدروس في مدارس الأحد القبطية الأرثوذكسية ، وإعداد لائحتها وافتقاد فروعها ، ومن بين هذه الفروع بدأ فرع الإسكندرية كنبتةٍ صغيرة ، على يد الخادم جبران نعمة الله ناظر مدارس الأقباط عام ١٩٢٠ ؛ ومعه ومن بعده الأرشيدياكون اسكندر حنا ، وصبحي سعد “القمص ميخائيل” والإكليريكى منصور رزق والمقدس يوسف حبيب والواعظ يسى منصور والصيدلي جورجي اسكندر والدكتور منير شكري والاستاذ وديع جرجس ( القس سمعان راعي كنيسة أنبا اثناسيوس السيوف بالاسكندرية . وكثيرون ممن لا نعرفهم وقد خدموا في إنكار ذات ؛ وهم أغنياء عن الذكر بالقيام الآن حول عرش المجد الإلهي . بعد أن دخلوا حقل بناء وربح النفوس التي اقتناها المسيح بدمه ؛ ودعاها لبناء خدمة التعليم والتربية والتلمذة الكنسية القبطية . تحت عنوان ( لاتنسَ الشروط الروحية ) :- ١ ) التضحية من أجل اسم الرب . ٢) المواظبة على الصلاة وقراءة الكتاب المقدس .٣) التناول بمواظبة من الأسرار الإلهية . ٤ ) ترويض النفس بالصلوات والتداريب الروحية .

هذا و يسجل التاريخ بدايات الخدمة في الثغر السكندري بالكنيسة المرقسية الكبرى ، ثم انتشار فروع مدارس الأحد في الجمعيات القبطية لتربية النشئ ؛ ونشر كلمه الله والوعظ بمدارس الأقباط . حتى بناء وتكريس كنيسة العذراء مريم -بمحرم بك – في الثلاثينات لتكون هي قاطرة النهضة والانتشار “أم الاولاد الفرحة” .

كذلك مجهودات جمعية السيدات القبطية لتربية الطفولة ؛ والتي قامت بإنشاء المدارس بفضل أتعاب الأرشيدياكون عبد المسيح ” المتنيح القمص جرجس رزق الله ” ؛ والواعظ ” يونان ” القمص بطرس رياض .. ثم توالىَ الاهتمام من المجالس الملية ؛ مدعومة ببركة وتعضيد باباوات الإسكندرية . التي أثْرَتْ عالم خدمة مدارس الأحد بالمدينة العظمى ؛ وحددت ماهيَّتها وما ينبغي أن يتحلىَ به متطوعوها وخدامها ؛ ورؤية الخطة التربوية التي تجمع بين الأسرة القبطية وخدمة التربية الكنسية كأشابين للنشئ القبطي على مدي الأجيال .

كذلك اتخذ خدام مدارس الأحد شعارهم : ( ١ – أبانا الذي في السموات . ٢- وكنيستنا التي في التاريخ.)؛ ففي مؤتمر الإسكندرية سنة ١٩٤٩ طَوَّبَ الحاضرون مدارس الأحد عندما قالوا : ( طوباكِ يا مدارس الأحد + الله عن يمينِكِ والطفل عن يسارِكِ ) … الأمر الذي يعكس لنا قدر الغيرة والإيمان بالرسالة التي خدمها هؤلاء الرواد الذين بدأوا وثبَّتوا وطوَّروا وأبدعوا وسلمونا الطريقة كي نسلك على دَرْبهم ؛ ولكي لا نتورط ونكتفي بمخاطبة العقول ( كمدرسين ) فقط ؛ بل نخاطب النفوس والقلوب ( كخدام ) … حسب ما عَهِدَتْه مدارس الأحد في قديسها المؤسس الأرشيدياكون حبيب جرجس ؛ الذي كانت حركته محسوبة لخلاص النفوس الثمينة ؛ ليكون كل الخدام حُرَّاس لإخوتهم حتى لا تسودهم روحُ قايين الذي قال ( أَحَارِسٌ أنا لأخي ؟) .. فتسير المسيرة وتصبح طاقة النور في مستقبل كنيستنا القبطية المجيدة ؛ ليلتفَّ حولها الشباب والأطفال والأراخنة والكهنة وأعضاء المجالس الملية وأساتذة التربية وعلم النفس واستراتيجيات التعليم والفنون ؛ كحركة جادة واعية الأهداف والوسائل ( أغراضها – أيامها – نظامها – إعدادها – فروعها – مواردها – لجانها – أطوارها – مراحلها – أعلامها ومجلاتها ومطبوعاتها ) ..

هكذا كان الرعيل الأول الغيورون لمجد الله يعملون بإقتناع ليخدموا إخوتهم بلوغاً إلى كنيسة الغد . فتتسع مدارس الأحد ( كَمِّيّاً ) بإنشاء الفروع الجديدة عددياً ؛ وتتعمق خدمتها ( كَيْفيّاً ) بحفظ المحبة والأغابي ؛ مع استخدام وتوظيف المواهب الروحية للخير والبناء الكنسي ؛ خادمين البيعة الطاهرة بالاستقامة والسهر ؛ وهكذا على هذا المنوال تسلَّمَ الشعلة من الخادم جبران نعمة الله ؛ روادٌ جُدُد وأجيال جديدة في التربية الكنسية و تاريخها بالإسكندرية ؛ لتنتشر أُفُقيا ورأسياً بالمعونة الإلهية .