معجزات رحلة العائلة في مصر – الأستاذ بيشوي فخري

كارت التعريف بالمقال

العجــائب والمعجـزات التي أجراهــا السيد المسيح فى مصر أثناء رحلة العائلة المقدسة.

ألتفت العالم مؤخرًا للأهمية التاريخية والروحية والسياحية لمجئ العائلة المقدسة الى مصر وهو الأمر الذى كرمته الكنيسة القبطية مبكرًا بأعتبار يوم دخول المسيح مصر عيدًا كنسيًا مقدســًافى 24 بشنس من كل عام بالأضافة لآعياد أخرى تذكارًا لمرور العائلة المقدسة فى المحطات الرئيسية وتدشين كنائس فيها مثل مسطرد ودير المحرق والوصول الى قسقام وظهور الملاك ليوسف فى أسيوط يأمره بالعودة، وهو الأمر الذي يجب أن تلفت أليه كل الجهات المعنية فى مصر لأعتبار هذا الحدث مصريًا أصيلأ سيأتى بالخير على كل المصريين إذا أوفيناه حقه سياحيًا وأثريًا وأعلاميًا.

ولكن... لماذا مصر!

كانت مصر رمزًا للهروب من الضيقة فى كثير من الأزمنة، فقد هرب ابراهيم من ضيقتة إستبقاء لحياته من المجاعة والتجأ إلى مصر (تك12: 10 - 20)، كما ألتجأ إليها يعقوب وبنوه طلبًا للنجاة وهربًا من الجوع فى أرضهم (تك46: 1 - 20)، كما أن يربعام التجأ الى مصر وهرب طالبًا النجاة من وجه سليمان الذي أمر بقتله (1مل 11: 40).. وهكذا صارت مصر رمزًا لطوق النجاة، وملجأ للهروب من وجه الشر!

كما أن مصر رائدة العالم الأممي فكانت بتعدد معبوداتها مركزًا للعبادات الوثنية، وبفرعونها رمزًا للعبودية.. وبخصب أرضها أشارة لحياة الترف ومحبة العالم...، فأراد الله أن يقّدس أرضها ويقيم وسط الأرض الأممية مذبحًا له..

ولماذا أصلاً كان الهروب؟

لم يفعل السيد المسيح ذلك إلا ليعلمنا الهروب من الشر وعدم التصدى له (لا تنتقموا لانفسكم ايها الاحباء بل اعطوا مكانا للغضب لانه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب، ولا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير) (رو 12: 19، 21). بل بمجيئه الى مصر أسس مبدأ الوداعة والتواضع والمصالحة بالهروب من الشر فقد صار مثالًا فى تحقيق المعادلة الصعبة فغلب القوة بالضعف والعنف باللطف والسلب والسرقة بالعطاء.. فهو درس للهروب من الفساد الذي فى العالم منتظرين عمل الله العجيب فينا وبنا ومعنا...

وماذا عن المعــجزات؟

من امتع الدراسات المتعلقة برحلة العائلة المقدسة فى مصر هى دراسات المعجزات والعجائب التي خصّ بها الله مصر وتمجّد بها على أرضها، فظّلت شاهدة على مباركة الله لمصرنا الحبيبة، ولم تغفل الميامر التي روت مسيرة العائلة المقدسة عن ذكر هذه العجائب مثل: (ميمر أنبا ثيوفيلس، ميمر أنبا زخارياس، ميمر أنبا قرياقوس، ميمر انبا تيموثاوس) الذين أعتبروا أهم المصادر التاريخية ومنها أستقى كل الباحثين والدارسين معلوماتهم عن مسيرة العائلة المقدسة فى مصر والأحداث المصاحبة لهم، بالاضافة لشذرات وردت فى الكتابات التاريخية مثل: تاريخ الكنيسة لسوزمين، تاريخ الرهبنة لبلاديوس فى حديثة عن الأديرة التى أنشئت فى المحطات التى مرت بها العائلة المقدسة، وكتابات أبو المكارم فى حديثه عن الكنائس والأديرة التى أصبحت مزارات وأماكن للحج الدينى المسيحي، بالأضافة لبعض المخطوطات والكتب الطقسية كالسنكسار والدفنار... ألخ.

وهناك أيضًا الأناجيل المنحولة - الأبوكريفا - التي أعتبرتها الكنيسة نصوص شعبية تخلط بين الأدب والأساطير والمبالغات اللامنطقية والفكر الغنوسي والتي أمتلئت بقصص العجائب بغرض إشباع فضول البعض لمحاولة معرفة الكثير عن حياة الرب يسوع فى طفولته وصبوته وبذلك أقتصرت قيمة هذه الكتابات على القيمة التاريخيه لهم ككتابات ترجع للقرون الأولى للميلاد، فقد نعتها العالم وستكوت: "فى المعجزات الابوكريفة لا نجد مفهومًا سليمًا لقوانين تدخلات العناية فهى تجرى لسد أعواز طارئة، أو لآرضاء عواطف وقتية، وكثيرًا ما تنافي الأخلاق، فهى إستعراض للقوة بدون داع من جانب الرب أو من جانب من عملت معه المعجزة".

وقد صنفنا هذه المعجزات والعجائب طبقًا لما ورد فى هذه المصادر تبعًا لهذه العناصر:

أولا: معجزات سقوط الأوثان:

أول ما يشّد أنتباه الدارس فى دراسته لمسيرة العائلة المقدسه فى مصر هو أرتباط معجزات سقوط الأوثان فى كل المحطات الرئيسية للعائلة والتى كانت تعتبر مراكز العقيدة الفرعونية. ويستمد كل تقليد تاريخي لتفسير سقوط أوثان مصر من النبؤة التى وردت فى العهد القديم بلسان اشعياء النبى القائل: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم الى مصر فترتجف أوثان مصر ويذوب قلب مصر داخلها" (أش1: 19)، ففي تل بسطا سقطت الأصنام أمام الطفل يسوع مما جعل أهلها يسيئوا معاملة الأسرة المقدسه ولم يقبلوا أهل المدينة فتقدموا فى مسيرتهم فى عمق مصر، وفي بابليون حدث نفس الشئ فبسبب سقوط الأصنام لم تستمر العائلة أكثر من أسبوع فسقوط المعبودات يثير دائمًا حفيظة المصريين فيهاجمون الأسرة المقدسة، وذكر مصدر من القرن الرابع أن الطفل يسوع زار مدينة منف (ميت رهينة حاليا) وسقطت أوثانها وأكمل الخبر أحد الحجاج فى القرن السادس عن تحول معبد وثني إلى كنيسة وأضاف أن باب هذا المعبد قد أقفل من تلقاء نفسه أمام الطفل يسوع عندما حضر إلى هذا المكان مع أمه العذراء مريم!

ويروي ميمر الصخره (القرن السادس / السابع) إشارة واضحة إلى تحول جبل الطير من مكان عبادة وثنية إلى مكان مسيحي مرتبط بالعائلة المقدسة.

وفى الأشمونين كان أهلها يعبدون حصانًا من النحاس يضعونه أمام مدخل المدينة لحراستها فسقط أمام جلال الرب وسقط كل أوثان المعابد، فقد روى سوزمين أن أهم حدث يذكر عن تلك المدينة هو سقوط أوثانها.

ثانيًا: معجزات مرتبطة بالأشجار:

يروي التقليد أنه فى بلبيس وأثناء مرور العائلة المقدسة من هناك أنهم أستظلوا بشجرة هناك عرفت فيما بعد بــ "شجرة مريم" وحتى الأن يدفن المسلمون حولها أمواتهم الأعزاء تبركًا بها. ويروون أن عسكر نابليون (1769 - 1821م) عندما مروا ببلبيس أرادوا أن يقتطعوا من هذه الشجرة خشبا يطبخون عليه طعامهم. فلما ضربوها بالفأس أول ضربة بدأت تدمي! فأرتعب العسكر ولم يجرؤوا بعد ذلك أن يمسوها، إلا أن الجنود بعد ذلك تباركوا منها وكتبوا أسمائهم على فروعها ومنهم من دون شفائه من مرض الرمد وبرأت أعينهم بعد ما ألتمسوا منها الشفاء!

وقد ذكر ميمر أنبا قرياقوس أن الطفل يسوع قد غرس ثلاثة عصا تحولت إلى أشجار مباركة كتذكارًا لحلوله فى البهنسا.

ويروي سوزومين أنه فى الاشمونين شجرة تسمى برسيا من نوع شجر الغار وقيل انها من شجرة اللبخ وفى اللحظة التى أقترب فيها المسيح من باب المدينة أنحنت الشجرة إلى الأرض على الرغم من علوها.. ونال الكثير بعد ذلك الشفاء من أوراقها.

ويذكر أبو المكارم (ق12م) انه فى فناء كنيسة العذراء الاشمونين شجرة سورية الأصل أنحنت لما أقترب منها يسوع، وأن حاكمًا أراد قطعها، ولكن البابا أغاثون الـــ39 (658 - 677م) وقف أسفلها. وأنه عندما تقدم شخص ليقطعها بالبلطة قفزت فى وجهه، فتركها الحاكم ولم يتم قطعها فى حينه وقد تأيدت هذه الرواية بما عثرت عليه بعثة أثريه فرنسية من مخطوطات الاشمونين 1887م.

ويروي ميمر البابا ثيؤفيلس الـــ23 (384 - 412م) عن الجميزة التي أنحنت إلى أسفل فى الاشمونين فتكلم الرب يسوع لها: "لا يكون فيك سوس الى الأبد لكنك تكوني كوصيتك علامة لكل أحد وتذكار لمجيئ الى هذه المدينة".

ويذكر مخطوط انبا زخارياس رقم643 / 36 تاريخ ببطريركية الأزبكية: أن العذراء كلمت نخلة وقالت لها: أنهضي وأنتقلي من أصلك وأمضي الى جبل الزيتون، وأثبتى فى ذلك المكان وانبعي فلابد ان تأتي الى ذلك المكان ويأخذوا اليهود الجريد الذي فى قلبك، ويأخذوا أغصان الزيتون فى أيديهم، ويمشون قدام ابني فى عيد الشعانين عند دخوله الى اورشليم الى أن ينقضي الأجل.. وفي تلك الساعه أنقلعت تلك النخلة من الموضع الذي كانت فيه وطارت فى الهواء وأنغرست فى جبل الزيتون كقول العذرى ".

ثالثًا: معجزات الإنتصار على السحرة والشيطان:

يروى أبو المكارم أنهم وهم فى النيل عند جبل الطير كادت صخرة كبيرة من الجبل أن تسقط عليهم وذلك بفعل إمرآة ساحرة وقد فزعت العذراء مريم لكن السيد المسيح مد يده ومنع الصخرة من السقوط، فأمتنعت! وأضاف ميمر الصخرة: "أن تلك الساحرة تعيش فى أحد المعابد بصحراء إطسا وهى كانت تعوق الملاحة فى النيل أمام صخرة جبل الطير وتهدد المراكب بالغرق وعند حلول العائلة المقدسة فوق تلك الصخرة حدثت المواجهة الحاسمة بين السيد المسيح الطفل وبين الساحرة وأعوانها من الشياطين، وهذه المواجهه تنتهي بأن يرسلها السيد المسيح إلى عمق النيل هى وأعوانها من الشياطين.

ويذكر سوزومين أن الشجرة التى أنحنت للطفل يسوع فى الاشمونين كان يعبدها السكان وكان يسكنها الشيطان وهرب منها وصارت تشفي المؤمنين من أمراضهم.

وفى ميمر الانبا زخارياس يأتي: "بعد مجئ السيد المسيح إلى أرض مصر وصل أهلها إلى الإيمان الحقيقي من عبادة الأوثان فصار النجس طاهرًا والساحر متعبدًا والكافر صديّقًا واللص رحومًا والضعيف قويًا".

رابعًا: معجزات طبع أقدام الرب يسوع على الصخر:

من الثابت بحسب المصادر أنه عندما يضع السيد المسيح قدمه أو كفه فى موضع، يلين الحجر كالشمع وينطبع أثر قدمه أو كفه على هذا الحجر، ففي سخا قيل أن هناك حجر من قاعدة عمود وقف السيد المسيح عليه فأنطبع أثر قدمه على الحجر فسمى المكان "كعب يسوع". ولما دخل العرب مصر خاف الآباء أن يأخذ العرب هذا الحجر فأخفوه فى مكان لا يعرفه أحد إلى أن وجد فى 27 / 9 / 1984م بجوار الكنيسة الأثرية التى بنيت فى نفس البقعة.

وفى جبل الطير أنطبع كف السيد على الصخر فصار يعرف بـــ (جبل الكف) والكنيسة التى بنتها فيما بعد الملكة هيلانة بأسم العذراء مريم صارت تعرف بكنيسة (سيدة الكهف).

خامسًا معجزات آبــار الميــاه:

فى كل مرة أثناء الرحلة فى مصر يبحثون عن مصدر للمياه ولم يجدوا كان الطفل يسوع بطريقة معجزية ينبع مصدر ماء لهم ويصير فيما بعد مزارًا روحيًا وسياحيـًا يتبارك به الكثير ففى تل بسطا أنبع نبع ماء أشار إليه البابا شنوده الثالث فى مجلة الهلال فى ديسمبر1997م: "تل بسطا وهى بالقرب من الزقازيق، دخلوها ظهرًا وأستظلوا تحت شجرة، عطش المسيح، واذا لم يجدوا، رسم بيده على الأرض، فتفجر ماء". وعن طريقة نبع الماء فى تل بسطا يروى ميمر أنبا زخاراياس "وأتفق ان عطش الطفل فلم تجد امه ماء البته ولم تجد من يعطيها من سكان القرية إذ كانت مأهولة بأناس كفرة لا تعرف الشفقة. فقام يوسف خطيبها يبحث حول الشجرة واذا بقطعة حديد كانت على الارض فأخذها وحفر بها الأرض فظهرت عين ماء صافية فشربوا منها وسبحوا المولود الخالق"... وفي رواية أخرى تقول بأن "الطفل يسوع رسم بأصبعه دائرة على الأرض وفي الحال تفّجر نبع حلو كالعسل وأبيض كالثلج وهناك وضع الرب يسوع يده الطاهرتين فى الماء وقال:" كل من يأتي ويستحم فى ماء هذا البئر فى مثل هذا اليوم من كل عام يشفى من جميع أمراضه، وليكون لعون الصحة وشفاء نفوس الذين يشربون منه ".

ويقول المسيحيون أنه فى شرقية كنيسة سمنود هناك بئرًا نبعه السيد المسيح بنفسه وباركه.. وذلك أيضـا فى المطرية وفى سخا بارك الرب يسوع نبع ماء وقال "يكون شفاء لمن يأخذ منه بإيمان".

وفى البهنسا وبالقرب من دير الجرنوس يذكر المؤرخ الأسلامي الواقدي: "وهناك بئر فى المعبد يستشفون بمائها من الأمراض وهي التي كانت مريم وأبنها يستقون منها...". كان السيد المسيح قد عطش ولم يكن ماء بالبئر فوضعت العذراء يد الطفل على البئر فأرتفع منسوب المياه!

سادسًا: معجزات المحمّـــات:

في كل موضع ذكر فيه أن السيدة العذراء أعطت حمامًا للطفل يسوع، يصير مكانا مباركًا للحجاج الذين سوف يأتون اليه فيما بعد ويكون مكانًا مقدسًا لبناء كنيسة فوقة أو بجواره، وبحسب المصادر كانت المحمة خلال طريق المجئ في تل بسطا، وفي العوده كانت في مسطرد، ويذكر طرح الواطس الذي يقال في 8بؤونه "وفي رجوعهم عبروا الى مدينة مصر وأقاموا فى المغارة المقدسة التى فى كنيسة أبي سرجة وأيضًا فى المحمه التى صنعها المسيح حيث ينبوع الماء الحى الشافي من كل مرض".

ودوّن أبو المكارم: "(المحمه) من الشرقية بها بيعة للسيدة العذرى الطاهرة ويجاورها بئر معين.... ذكر ان سيدنا المسيح ووالدته العذرى والشيخ يوسف النجار جلسوا عند هذا البئر وشربوا منه وكان الناس يأتون الى هذا البئر ويستحمون منه ويشفون منه من امراضهم..".

وفى المطرية روت بعض الكتابات ان السيده العذراء حمّت الطفل يسوع وغسلت ملابسه وصبت الماء على الارض فنبت فى تلك البقعة نبات عطرى ذو رائحة جميلة أُستخدم فيما بعد فى صنع الميرون وهى الحادثة التى ذكرها مؤرخين عرب أمثال "ابو الحسن على بن ابى بكر المشهور بالهورى (1214م) و" ياقوت الحموى (1228م) الذى صًرح فى كتابه (معجم البلدان) "أن شجرة البلسم يرجع إلى أغتسال يسوع بماء البئر هناك". ومن عجائب الزمان فى هذا المكان أن "السلطان سليم الأول" (1517 - 1520م) حاول جلب اشجار البلسم من الحجاز لاعادة إنباتها فى المطرية ولكن محاولاته باءت بالفشل. واستمر وجود طفيف لنبات البلسم لمنتصف القرن العشرين الى ان تحول المكان الى مساكن شعبية عام1952م!

سابعًا: معجــزات أخرى.

يروي "ميمر انبا زخارياس" أن الطفل يسوع وجد فى بلبيس نعشًا محمولاً لطفل لآمرآة أرملة كانت تقطن المدينة فأقامه الرب يسوع المسيح فتكلم الطفل وقال: "هذا هو الأله الحق مخلص العالم الذي أتى متجسدًا من هذه العذراء مريم" فلما سمعت الجموع تعجبت وأمنت بالسيد المسيح له المجد.

وذكر "سوزومين" انه فى الاشمونين أقام السيد المسيح الموتى وأخرج الشياطين من كثيرين وجعل العرج يمشون والعمى يسمعون والخرس يتكلمون والبرص يطهرون وفى كلمة واحدة أنه صنع هناك كل العجائب ".

وذكر "مينارودس" أن خمسة جمال سدّت الطريق فى السوق أمام العائلة المقدسة فى الاشمونين ونظر اليها يسوع فتحولت الى أجسام متجمدة كالاحجار "!.

وقيل أثناء وجودهم فى ديروط "ان نجارا كان هناك وقد دعى ديانوس عرف يوسف النجار حيث سبق ان التقى به فى اورشليم وكان له ابن به روح نجس طرحه على الأرض وقال:" ما لنا ولك يا يسوع الناصري؟ لقد جئت وراءنا لتعذبنا هنا، بعد ما تركنا لك أورشليم. فأمره يسوع المسيح أن يخرس ويخرج منه. فآمن به كثير من الحاضرين وتحطمت أوثان كثيرة هناك ".

ويذكر أبو المكارم أنه كان فى جبل قسقام حوض ملاؤه ماء فتحول الى خمر كما فى عرس قانا الجليل –المعجزة الأولى فى خدمة السيد المسيح التى وردت فى أنجيل يوحنا الاصحاح الثانى - ولعل ذلك الموقف قد يكون سببًا عندما طلبت السيدة العذراء فى عرس قانا الجليل من السيد المسيح أن يفعل شيئًا من أجل أهل العرس وكأنها تذّكرت ما تم فى جبل قسقام بمصر!

وقد تنبأ الطفل يسوع أثناء مروره بوادي النطرون عن أنه سيُبنى أماكن مقدسة وأديرة يسكنها رهبان ويُدعى ميزان القلوب (برية شيهيت) وحدث نفس الأمر فى مصر القديمة ونبؤة الطفل يسوع عن كنيسة "أبى سرجة" إذ قال المخلص لوالدته: "سيكون هنا بيعة حسنة على أسمك وتكون ميناء خلاص لكثيرين".

ويذكر أيضـا أن العائلة المقدسة أستقلت مركب للذهاب الى سمالوط أن النار أشتعلت فى المركب فأخذ السيد المسيح القليل من الماء ورشه على النار فأنطفأت ولم تترك أثرًا.

ومن العجائب التى رواها "كتاب الطفولة العربى" (المنحول): أن لصان خرجا على العائلة المقدسة ليسلبا منهم ما يملكوه ولكن لما راقبهما اللصان أنقسما فى الرأى، فندم أحدهما على ما فعله ووبخ زميله قائلا انهم أناس مسافرين ليس من الصواب ان نسلبهم ما يملكوه فلنرد لهم حاجتهم من أجل هذا الطفل النورانى ربما يكون ابن ملك. فأنزعج الآخر ووافق.. فأعاد الأول حاجتهم وسلمها لهم.. وكان السيد المسيح لهم المجد يرضع فألتفت الى أمه وفتح فاه وقال للسيدة مريم: "بعد ثلاثين عاماً، يا أُمي، سيصلبني اليهود في أُورشليم، وهذان اللصان سيُعلقان على خشبة إلى جانبَيَّ، تيطوس إلى يميني ودوماخوس إلى شمالي، وذلك اليوم سيتقدَّمني تيطوس إلى الفردوس".

ويذكر هذا الكتاب أيضًا الكثير من المعجزات منها: انه لما وصلا إلى مدينة كان يُحتفَل بعرس؛ ولكن، بسبب مكائد الشيطان الملعون وتعازيم بعض السَّحرة، كانت الزوجة قد صارت بكماء، حتى أنها لم تعد تستطيع فتح فمها. وحين دخلت السيدة مريم حاملةً في ذراعَيها ابنها، الربّ يسوع، لمحتها تلك المرأة التي فقدت النطق وعلى الفور بسطت يدَيها نحو يسوع، وحملته في ذراعيها وضمَّته إلى صدرها وأشبعته ملاطفةً. وعلى الفور تحطَّم الوثاق الذي كان يلجم لسانها وانفتحت أُذناها، وبدأت تمجَّد الله الذي شفاها وتشكره. وكان هناك تلك الليلة فرح عظيم بين سكان تلك المدينة، لأنهم كانوا يعتقدون بأن الله وملائكته نزلوا بينهم ".

كما يروي أيضـا أنهم: "أتيا شجرة جمَّيز تًدعى اليوم مَطَريَّة، ففجَّر الربّ يسوع في ذلك الموضع نبعاً غسلت فيه السيدة مريم قميصها. والبلسم الذي ينُتجه ذلك البلد آت من العَرَق الذي سال من أطراف يسوع". وهى رواية تتفق مع بعض المصادر التاريخية المعترف بها.

وفي الكتاب المنحول (الأبوكريفا) الموجود بمكتبة المتحف القبطي برقم485 / تاريخ المعروف بأسم "أنجيل الصبوة" يذكر انه عندما ظهر الملاك ليوسف النجار ليخبره بضرورة العودة الى اسرائيل حملتهم سحابة نهارا الى البحر ليستقلوا مركب وعندما ذهب يوسف لأحضار المركب رجع دون جدوى فرسم الصبى يسوع مثال مركب على الارض وللوقت صارت مركب وسارت بهم الى المعادي ثم حملتهم سحابة الى مدينة الجليل ومنها رحلوا الى مدينة الناصرة! كما أهتم هذا الكتاب بالكثير من المعجزات التى أجراها الطفل يسوع فى مصر خاصة فى مدينة الأشمونين.

وحدث مؤخرًا فى يوم الجمعة 3 برمهات الموافق 12 مارس1976م وبعد أن حضر الجمع القداس الألهي بكنيسة العذراء المعادى، ظهر كتابًا ضخمًا يعلو النيل عائمًا وهو مفتوح وبعد إنتشاله من الماء وُجد مفتوحصًا على الصفحة الوارد فيها الاصحاح التاسع عش من سفر اشعياء النبي حيث الأية المباركة: "مبـــارك شعبــي مصــر" (أش25: 19) ومازال الكتاب موجود فى دولاب زجاج مفتوح على هذه الصفحة لنوال البركة. وهذا الكتاب يؤكد مرور العائلة المقدسة بالمنطقة وهذا ما يؤكده أبو المكارم وفانسلب (1672م).