يوحنا الدمشقي

البيانات التفاصيل
الإسم يوحنا الدمشقي
التصنيفات آباء من كنائس أخري, الآباء القدامى
شخصية بحرف ي

سيرة يوحنا الدمشقي

السيرة كما وردت في كتاب قاموس القديسين

يوحنا الدمشقي اللاهوتي الأب

نشأته

ولد منصور بن سرجون بن منصور حوالي عام 676م في دمشق، عاصمة الأمَويّين آنذاك. وكان من عائلة عريقة غنية ذات حظوة، عُرفت بحبها للعلم، وبمكانتها السياسية والاجتماعية. يرى البعض أن أصل الأسرة من الروم وآخرون من العرب، لكن الغالب أنهم من أصلٍ سرياني.

كان جده موظفًا كبيرًا في المالية البيزنطية بدمشق؛ وعندما فتحها خالد بن الوليد عام 635م استبقاه العرب في إدارتهم. وفيما بعد اعتمد معاوية ابنه سرجون أو سرجيوس في إدارة شئون الخلافة، وكذلك يَزيد وعبد الملك. وقام منصور، صاحب السيرة، بخدمة الإدارة الأموية من أواخر خلافة عبد الملك حتى أواخر عهد يزيد الثاني (720 - 740م).

نال منصور منذ نعومة أظفاره ثقافة أدبية وفلسفية ودينية على يدي راهب من جزيرة صقلية من أسرى الحرب، أسره المسلمون في غزوة شنّوها على شواطئ إيطاليا وساقوه مع غيره إلى دمشق. اشترى سرجون الراهب ثم حرره وعهد إليه بتعليم ابنيه منصور وقزما (ابنه بالتبني). أتقن منصور اليونانية لغة الطبقة المتعلمة الأصلية، وقد جاءت كتاباته باليونانية. كانت الدواوين كلها باللغة اليونانية، حيث نقلت إلى العربية في عهد عبد الملك بن مروان (حوالي 705م).

قام الراهب بتثقيف منصور وقزما وتعليمهما الحساب والهندسة والفلك والمنطق والفلسفة واللاهوت والموسيقى.

حياته النسكية

إذ توفى سرجون احتل منصور مركز أبيه بينما اختار معلمه قزما وأخوه بالتبني قزما الحياة الرهبانية في دير مار سابا.

إذ بلغ منصور حوالي الثلاثين من عمره ترك مركزه، والتحق بالدير مع معلمه وأخيه. يرى البعض أنه ذهب إلى الدير بعد شفائه من قطع يده كما سنرى في الحديث عن محاربته لمقاومي الأيقونات المقدسة.

يرى آخرون أنه كان لمقاومته البدع الغربية أبعد الأثر، إذ قد أثارت نوبة من الغضب الجارف في نفس إمبراطور القسطنطينية، فبعث تحت تأثير هذا الغضب برسالة إلى الخليفة هشام أوقع فيها بيوحنا الدمشقي، وتأثر الخليفة بدوره فطرده من بلاطه. وبعد سنوات عرف الخليفة الحق وندم على طرده، فأرسل إليه يرجو منه العودة إلى بلاطه، على أن يوحنا الدمشقي شكر للخليفة عطفه ولكنه رفض العودة إلى حياة القصور، وفضل أن ينزوي في أحد جبال فلسطين حيث قضى بقية حياته كراهبٍ بسيطٍ.

قيل أنه إذ ذهب إلى الدير فرح به رئيس الدير، إذ أدرك سموه الروحي والأدبي ورفضه كرامة العالم وغناه. ولكن إذ أراد تسليمه لأحد الشيوخ رفض أغلب الشيوخ قبوله في الدير بحجة أن علمه الغزير ومركزه الاجتماعي وقدره الرفيع يعوقه عن الخضوع والطاعة. لكن أحد الشيوخ البسطاء قبله بشرط الطاعة الكاملة ونسيان كل ما تعلمه من فلسفات وعلم ومعرفة.

عاش يوحنا الراهب في طاعة كاملة لمعلمه حتى حدث أن تنيّح شيخ راهب وكان له أخ حزن عليه حزنًا شديدًا. طلب الأخ أن يكتب له ملحنة يتعزى بها (لازالت تترنم بها الكنيسة البيزنطية في جناز المنتقلين)، رفض الأب يوحنا ذلك (الطلب) طاعة لمعلمه الذي اشترط عليه نسيان كل ما تعلمه من فلسفات وعلم ومعرفة، لكنه تحت الإلحاح وشعوره بمرارة الأخ كتب الملحنة. سمع معلمه بذلك فطرده.

ذهب يتوسل إلى بعض الشيوخ لكي يشفعوا عنه لدى معلمه، لكن المعلم رفض شفاعتهم عنه. وأخيرًا تحت الإلحاح طلب تأديبه بقانونٍ، وهو تنظيفه للمراحيض.

انصرف الشيوخ وهم في غمٍ وخجلٍ، وإذ التقى بهم الأب يوحنا قالوا له في حزنٍ أن معلمه رفض شفاعتهم، وأنه سن قانونًا لتأديبه لم يسمعوا عنه من قبل. وإذ عرف بالقانون قام بسرعة بتنظيف المراحيض.

شاهده معلمه فخجل جدًا من طاعته وتواضعه، فأسرع إليه وأمسكه بكلتي يديه وقبّل رأسه وأعاده بفرحٍ شديد.

بعد أيام قليلة ظهرت السيدة العذراء لمعلمه في حلم تقول له:

"لماذا تسد الينبوع فلا يفيض ويجري؟

فإن يوحنا عتيد أن يزين كنيسة المسيح بأقواله وأعياد القديسين بتسبيحه، ويتنغم جماعة المؤمنين بعذوبة ألفاظه...

فإن الروح القدس ينطلق على لسانه ".

بالفعل قام من النوم والتقى بتلميذه وطلب منه ألا يكف عن الكتابة معتذرًا بأن فعله كان عن غباوة وعدم معرفة.

جاء في الملحنة المذكورة ما ترجمه:

"بالحقيقة إن كل ما في العالم باطل،

والعالم أيضًا كالظل والمنام،

وباطلاً يضطرب كل ترابي، كما قال الكتاب.

فإذا ما نحن ربحنا العالم،

نسكن حينئذ القبر،

حيث الملوك والفقراء معًا،

فلذلك نيّح أيها المسيح نفس عبدك المنتقل

بما أنك محب للبشر ".

محاربة مقاومي الأيقونات أو الأيقونوكلاستس

ظهرت حركة الأيقونوكلاستس حوالي عام 725م تحارب استخدام الأيقونات المقدسة. أفسدت هذه الجماعة سلام الكنيسة البيزنطية في القرن الثامن وبدء القرن التاسع، وكان لها أثرها على الغرب أيضًا. أما بالنسبة للإسكندرية فقد كانت قد أنهت علاقتها بالقسطنطينية (بيزنطة) وروما خاصة بعد دخول العرب مصر.

جاءت هذه الحركة ثمرة إساءة البعض استخدام أيقونات القديسين ورفاتهم. قام جماعة من الأساقفة يقاومون استخدام الأيقونات، التفوا حول الإمبراطور البيزنطي، لاون الثالث، يطلبون منه مساندتهم، بحجة أنها تعثر غير المسيحيين. أصدر الإمبراطور منشوره عام 726م بتحطيم الأيقونات بالقوة.

قام الجند بتحطيم صورة السيد المسيح على الباب النحاسي للقصر، كما قام قائد بضرب الصليب الذي على البلاط الإمبراطوري بالفأس، مما أثار الشعب وقامت بعض النسوة بسحب السلم الذي كان القائد واقفًا عليه لتحطيم الصليب فسقط القائد فاقد النطق وأمر الإمبراطور بإعدامهن.

في هذه الآونة نشر الأب يوحنا الدمشقي ثلاث مقالات ضد مقاومي الأيقونات موضحًا التمييز بين تكريم الأشخاص الممثلين في الأيقونة وبين السجود لله للعبادة.

اختلف الدارسون في تحديد ما إذا كان منصور بدأ دفاعه عن الأيقونات وهو عامل في الديوان أم بعد التحاقه بالدير.

قطع يده

أمر الإمبراطور لاون بقطع يده، متهمًا إيّاه بالخيانة زورًا. دخل الأب يوحنا حجرته وانطرح على الأرض أمام أيقونة القديسة مريم وطلب شفاعتها عنه أمام الرب، وألصق كفّه المقطوع بزنده. غفت عيناه ورأى القديسة مريم تخبره بشفائه. نهض فرحًا وصار يسبح الله.

وشى البعض به لدى أمير دمشق بأنه دفع أموالاً كثيرة لكي تُقطع يد شخصٍ آخر بدلاً من يده، فاستدعاه الأمير وإذ رأى أثر القطع دُهش وسأله عمن شفاه. أجاب: "مسيحي طبيب ماهر، وهو على ما يشاء قدير، ولذلك لم يعسر عليه برئي، بل سارع في إنجاز أمري". طلب منه الأمير أن يرجع ويعمل في الديوان، لكنه توسل إليه أن يطلقه. فوزع كل ماله وذهب إلى دير مار سابا ببيت القدس.

يتشكك البعض في قصة قطع يده وشفائها.

يرى البعض أن الخليفة عرض عليه اعتناق الإسلام، فقد اشتهر يزيد الثاني بتضييقه على المسيحيين في أمر تكريم الأيقونات، وربما خيّره بين جحد المسيح أو الوظيفة، فاختار ترك الوظيفة.

التحق بالدير وتغيّر اسمه إلى يوحنا.

يحتفظ الفن البيزنطي بأيقونة السيدة العذراء ذات الأيدي الثلاثة رمزًا لهذه المعجزة.

حرمانه

بعد موت الإمبراطور لاون انتهج قسطنطين الخامس (كوبرونيموس 741 - 775م) منهج أبيه. وفي عام 754م أمر بعقد مجمع في الهييرا Hiera حضرة 338 أسقفًا رفضوا تكريم الأيقونات المقدسة وحرموا أشهر المدافعين عن هذا التكريم وهم جورجيوس القبرصي وجرمانوس بطريرك القسطنطينية ومنصور. وفي عام 787م انعقد المجمع النيقاوي الثاني (لم تشترك فيه الكنائس غير الخلقيدونية) يثبت تكريم الأيقونات المقدسة، ورُفعت الحروم عن الثلاثة المدافعين عنها.

أعماله الأدبية الدينية

اعتكف يوحنا في صومعته بدير مار سابا يؤلف مع أخيه بالتبني قزما التسابيح والقوانين الكنسية. لازالت الكنيسة البيزنطية تستخدم هذه التسابيح، وتدعوه "مجرى الذهب".

أُنتخب أخوه قزما أسقفًا على مايوما، المعروفة حاليًا بميليس، بالقرب من غزة. طلب قزما من أخيه أن يرسمه كاهنًا فرفض، غير أن بطريرك أورشليم سامه كاهنًا بغير إرادته، في حوالي عام 735م.

تنيّح على الأرجح عام 749م في ديره بعد أن قضى حياة نسكية طويلة وفي الكتابة. وفي عام 1890م أعلن بابا روما لاون الثالث عشر أنه معلم المسكونة.

من أروع ما قاله ردًا على محاولة فرض الخلقيدونيين عقيدتهم بالقوة وسلطان الإمبراطور: "إن الذي يحكم بالقوة ليس أبًا ولكنه سارق، لأن الأب يستعين بالمنطق لإقناع أولاده".

كتاباته

1. ينبوع المعرفة: وهي موسوعة لاهوتية، كتبها في أواخر حياته بناء على طلب أخيه. تضم 3 أجزاء: تعريفات فلسفية وبيان الهرطقات والإيمان الأرثوذكسي أو كتاب المائة مقالة.

2. مختصر الإيمان الأرثوذكسي.

3. مقالة عن الثالوث القدوس.

4. مقالة عن الثلاثة تقديسات.

5. مقدمة عامة عن العقائد، ربما جمعها تلاميذه في أول حياته بالدير.

6 - 8. ثلاث مقالات للدفاع عن الأيقونات المقدسة.

9. مقالة ضد أسقف يعقوبي (فيه يرفض القول بالطبيعة الواحدة).

10. مقالة ضد المانوية.

11. جدال بين مسلم ومسيحي: يدافع عن التجسد، ويرفض نظرية القضاء والقدر.

12. مقالة ضد الساحرات.

13. مقالة في الطبيعة المركّبة.

14. مقالة في أن للمسيح إرادتين.

15. مقالة ضد النساطرة القائلين بأن للمسيح شخصين وطبيعتين.

16. مجادلة يوحنا الأرثوذكسي مع رجل مانوي.

17. شرح رسائل القديس بولس: استوحاه من كتابات القديس يوحنا الذهبي الفم والقديس كيرلس السكندري.

18 - 21. أربع مقالات في النسك عن: الصوم، الأرواح الشريرة الثمانية، والفضائل والرذائل، المواعظ.

22. وضع كتبًا عن الطقوس مع تسابيح وأناشيد دينية.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الثاني صفحة 378.

عظات وكتب عنه