قاموس القديسين و الشخصيات حرف ف

هذا الفصل هو جزء من كتاب: قاموس القديسين و الشخصيات التاريخية.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل


ف

فابيانوس أسقف روما الشهيد

اختياره للأسقفية

جلس على كرسي روما خلفًا للقديس أنثيروس St. Antherus حوالي سنة 236م، ويقول يوسابيوس أن اختياره كان بإعلان إلهي إذ كان الإكليروس والشعب مجتمعين لاختيار الأسقف الجديد، فطارت حمامة واستقرت على رأس القديس فابيان. كانت هذه العلامة سببًا في إجماع الآراء على اختياره، مع أنه كان رجل علماني غريب عن المدينة ولم يفكر فيه أحد من قبل.

رعاية شعبه

كان هذا الأب عالمًا صالحًا مجاهدًا، فأخذ يعلّم شعبه ويقوده في طريق الكمال. وقد قاد الكنيسة حوالي أربعة عشر عامًا، ومن أعماله أنه أحضر رفات القديس بونتيان St. Pontian الأسقف الشهيد من سردينيا Sardinia، وحَرَم بريفاتُس Privatus المبتدع الذي سَبَّب مشاكل للكنيسة.

استشهاده

قام القائد ديسيوس Decius على فيلبس الملك وقتله وجلس مكانه، وأثار على المؤمنين اضطهادًا شديدًا واستشهد على يديه كثيرون.

شيّد هذا الملك هيكلاً عظيمًا وسط مدينة أفسس، ووضع فيه أصنامًا وذبح لها، ثم أمر بقتل كل من لا يذبح لها. فلما بلغه أن القديس فابيانوس يعطّل عبادة الأوثان بتعاليمه للمؤمنين وتثبيتهم على الإيمان استحضره بأفسس وطلب منه أن يقدّم الذبيحة للأصنام، فلم يقبل بل سخر بأصنامه. فعاقبه بعقوبات شديدة مدة سنة كاملة، وأخيرًا قتله بالسيف فنال إكليل الشهادة سنة 250م، كما يشهد بذلك القديسان كبريانوس وجيروم.

قال عنه القديس كبريانوس أنه كان شخصية فريدة وأن مجد استشهاده يعكس نقاوة وقداسة سيرته وحياته.

السنكسار، 11 أمشير.

Butler, January 20.

فابيوس الشهيد

استشهد في قيصرية Caesarea بموريتانيا Mauritania، وتعيِّد له الكنيسة الغربية في الحادي والثلاثين من شهر يوليو.

تقول سيرته أنه رفض التمثل بالوثنيين في حياتهم، فقُطِعت رأسه في الغالب سنة 295م تحت حكم مكسيميانوس Maximian، وذلك في الوقت الذي كثر فيه استشهاد العسكريين في منطقة شمال أفريقيا.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 444.

فابيولا القديسة

حياتها الأولى

كانت من سيدات روما الشريفات اللواتي دخلن إلى سيرة القداسة بتأثير القديس جيروم، ولكن أسلوب حياتها كان مختلفًا عن القديسات مارسيللا Marcella وبولا Paula ويوستوخيوم Eustochium، ولم تكن من ضمن الدائرة التي التفت حول القديس جيروم وقت أن كان يعيش في روما.

تسببت سلوكيات زوجها في استحالة استمرار زواجهما، بسبب الزنا حصلت على الطلاق، وبينما كان زوجها مازال حيًا ارتبطت برجلٍ آخر بدون تصريح من الكنيسة كما يبدو.

العودة إلى شركة الكنيسة

بعد فترة توفي زوجها الثاني، وإذ أرادت فابيولا العودة إلى شركة الكنيسة تقدمت إلى كاتدرائية لاتيران Lateran basilica لكي تنال عقابًا علنيًا، وهكذا عادت إلى شركة الكنيسة بواسطة البابا القديس سيريسيوس Siricius.

في رسالته إلى أوشينيوس أوضح القديس جيروم كيف عانت هذه القديسة من رجلها الأول خاصة بسبب زناه، وأن قانون الكنيسة يختلف عن قانون العالم. فالكنيسة لا تميز بين الرجل والمرأة فمن ارتكب الزنا حق للطرف الآخر أن ينفصل عنه، أما في العالم (في ذلك الحين) فكان يسمح بذلك للرجل دون المرأة. وبرّر أيضًا لها زواجها وهي مطلقة شابة من رجل آخر ما دامت غير قادرة على البقاء هكذا. ومع هذا إذ جاءت تبكي علانية في توبتها بكي الأسقف والكهنة وكل الشعب متأثرين ببكائها.

علّق القديس على توبتها قائلاً:

"إذ لم تخجل فابيولا من الرب على الأرض هكذا لا يخجل هو منها في السماء (لو 26: 9).

كشفت جرحها أمام نظرات الكل، ورأت روما بالدموع آثار الجراحات المشوهة التي حطمت جمالها.

كشفت عن ذراعيها وعرّت رأسها وأغلقت فمها.

لم تدخل بعد كنيسة الله وإنما مثل مريم أخت موسى (عد 12: 14) جلست خارج المحلة، حتى يردّها الكاهن نفسه الذي طردها.

نزلت مثل ابنة بابل من عرش شهواتها وحملت حجر الرحى وطحنت الطعام، عبرت حافية القدمين عبر أنهار الدموع (إش47: 1 - 2).

جلست على حجر النار، فصار لها عونًا (إش 47: 14 الفولجاتا).

الوجه الذي به كانت تبهج زوجها الثاني الآن تلطمه.

لقد أبغضت الجواهر، ونزعت الحُلي ولم تعد تحتمل رؤية الكتّان الثمين... استخدمت أدوية كثيرة للعلاج إذ اشتاقت إلى شفاء جرحها الواحد ".

بالرغم من أنها مطلقة بسبب الزنا وبالرغم أن من حقها كنسيًا زواجها الثاني ولكن عند قربها من السيد المسيح شعرت أنه كان من الأفضل لها أن تبقى بدون زواج، وبكت على ذلك!

مع القديس جيروم

في سنة 395م ذهبت لمقابلة القديس جيروم في بيت لحم مع أحد أقربائها يدعى أوشيانوس Oceanus، ومكثا هناك مع القديستين بولا ويوستوخيوم.

يرجع القديس جيروم بذاكرته إلى لقائه معها في أورشليم فيقول:

"بالحق إذ اَسترجع لقائنا يبدو لي إني أراها هنا الآن وليس في الماضي.

مبارك هو يسوع!

أية غيره وأي شوق كان لها نحو الكتب المقدسة!

في غيرتها لتشبع شوقها الحقيقي كانت تجري خلال الأنبياء والأناجيل والمزامير.

كانت تقدم أسئلة وتقوم بتخزين الإجابات في حضنها.

غيرتها هذه نحو الاستماع لم يقدم لها أي شعور بالاكتفاء، فكلّما زادت معرفتها زاد حزنها، وبإلقاء زيت على اللهيب كانت تشعل بالأكثر غيرتها ".

كان القديس جيروم في ذلك الوقت على غير وفاق مع يوحنا أسقف أورشليم، بسبب الخلاف مع روفينوس Rufinus حول تعاليم أوريجينوس، وجرت محاولات لاجتذاب فابيولا إلى صف الأسقف، ولكنها لم تهتز أو تتأثر في ولائها لمعلمها.

أرادت فابيولا أن تمضي بقية حياتها في بيت لحم، ولكن حياة السيدات المكرسات لم تكن تلائمها، إذ كانت تميل فابيولا إلى ممارسة أعمال الرحمة خاصة بين المرضي، وإلي الخدمة مع الحركة الدائمة، وزاد على ذلك أن غزا الهونسيون Huns سوريا وباتوا قريبين من أورشليم، وهكذا تركت فابيولا فلسطين عائدة إلى روما، بينما اعتزل جيروم وتابعيه لفترة عند شاطئ البحر، ثم عادوا بعد زوال الخطر إلى بيت لحم مرة أخرى.

أول مستشفى مسيحي لعامة الشعب في الغرب

استمرت فابيولا في آخر ثلاث سنوات من عمرها في خدمة عامة الشعب. كرّست ثروتها الكبيرة لأعمال الرحمة، فكانت تعطي بسخاء المحتاجين في روما والمناطق المجاورة، وقد عملت مع القديس باماخيوس Pammachius على إنشاء مبنى كبير في بورتو Porto لإضافة الفقراء والمرضى. وهكذا أنشأت مستشفى للمرضى الذين جمعتهم من شوارع روما وطرقاتها، وكانت تهتم بهم وترعاهم بنفسها. فكان هذا المبنى هو الأول من نوعه، وفي السنة الأولى من افتتاحه يقول القديس جيروم: "صار معروفًا من بارثيا Parthia إلى بريطانيا Britain". أما عن سخائها في الخدمة والعطاء فيقول:

"هل يوجد شخص عريان مريض على السرير لم ينل ثيابًا منها؟

هل وجد أي شخص في عوز لم تقدم له عونًا عاجلاً بلا تردد؟

فإن روما لم تسعها لتمارس حنوّها. فقد قامت بنفسها وبواسطة وكلاء عنها موثوق منهم ومحترمون يجولون من جزيرة إلى جزيرة ويحملون كرمها… "

يصف لنا القديس جيروم شوقها للعمل الدائم وخدمة المحتاجين فيقول:

"كانت تري أسوار روما كسجن، تريد أن تنطلق من العبودية إلى الحرية من مدينة إلى أخرى للعطاء... لم تترك توزيع العطاء للآخرين بل تقوم به بنفسها".

"كانت دائمًا مستعدة، لم يستطع الموت أن يجدها غير مستعدة".

واستمرت فابيولا لا تهدأ في عملها، وكانت بصدد القيام برحلة طويلة حين تنيّحت سنة 399م، فخرجت روما بأكملها لتوديع خادمتها الحبيبة. في وصفه لموكب جنازتها يقول: "الشوارع والطرقات والأسطح حيث يمكن رؤية (الموكب) كانت لا تسع القادمين لمشاهدته. في ذلك اليوم رأت روما كل شعوبها يجتمعون معًا كواحد..."

كان القديس جيروم على اتصال بفابيولا حتى النهاية، فكتب لها رسالتين: الأولى عن كهنوت هارون والرموز والمعاني السرّية للملابس الكهنوتية، والثانية عن محطات (وقفات) بني إسرائيل في التيه متأثرًا بعظات العلامة أوريجينوس عن سفر العدد، ولم يكن قد أكمل هذه الرسالة حتى وقت نياحتها، فأرسلها إلى أوشيانوس مع رسالة عن حياة فابيولا وسيرتها.

ماذا قال عنها القديس جيروم؟

فابيولا مفخرة المسيحيين، أعجوبة الأمم، أسفَ الفقراء على موتها وكانت تعزية الرهبان.

بريق إيمانها لا يزال يشع! هل أشير إلى ملابسها البسيطة التي كانت ترتديها بخطة في ذهنها، وإلى ثوبها الشعبي الذي اختارته بإرادتها، وثوب الأمَة لتخزي به الفساتين الحريرية؟

St. Jerome: Letters 64, 77, 78.

Butler, December 27.

فاروس الشهيد وكليوباترا الأرملة القديسة

اهتمامه بالرهبان المحبوسين واستشهاده

كان فاروس جنديًا في مصر، عاش في القرن الرابع في زمن الإمبراطور مكسيميانوس Maximinus. كان يزور سبعة من الرهبان المحبوسين ويُحضر لهم الطعام، ولما تنيّح أحدهم عرض أن يضع نفسه مكانه. عُذِّب بوحشية وأخيرًا نال معهم إكليل الشهادة.

اهتمام كليوباترا برفات الشهيد

اهتمّت امرأة مسيحية اسمها كليوباترا برفات الشهيد، وخبّأته في جوال، وحملته معها إلى أدرها Adraha شرق بحيرة طبرية Tiberias حيث كانت تعيش، وكان الكثير من المسيحيين يأتون للتبرّك من قبر الشهيد.

حين كبر يوحنا ابن كليوباترا وعزم على دخول الجندية، قرّرت أمه بناء كنيسة كبيرة ونقل جسد الشهيد إليها تكريمًا له، وحتى يكون الشهيد - الذي كان هو نفسه جنديًا - شفيعًا ومسئولاً عن ابنها. وفعلاً بنت الكنيسة ثم حملت هي ويوحنا ابنها عظام الشهيد فاروس إلى المقبرة الجديدة تحت المذبح.

الشهيد فاروس يعزّي كليوباترا

حدث في نفس الليلة أن مرض يوحنا مرضًا شديدًا وتوفي فجأة، فحملته أمه إلى الكنيسة الجديدة ووضعته أمام المذبح، وكانت تبكي وتعاتب الشهيد الذي تكريمًا له فعلت كل ذلك، وكانت تطلب إلى الله أن يعيد الحياة إلى ابنها. وهكذا ظلّت على هذا الحال إلى الليلة التالية، حين دخلت في سبات عميق من كثرة الحزن والبكاء، فرأت في حلم القديس فاروس يظهر لها في مجدٍ عظيمٍ ويقود يوحنا ابنها من يده وأنها ارتمت عند قدميه باكية باسترحام. فنظر إليها الشهيد وقال: "هل تعتقدي أنني نسيت كل الحب الذي أظهرتيه نحوي؟ هل تظني أنني لم أصلي إلى الله أن يعطي الصحة والنجاح إلى ابنك؟ واعلمي أن الصلاة قد اُستجيبت، فقد أعطاه الله صحة وحياة إلى الأبد، وأقامه ليكون من الذين يتبعون الحمل حيثما يذهب".

أجابته كليوباترا: "لقد قبلت واسترحت الآن، ولكن أتضرع إليك أن أكون أنا نفسي الآن معك ومع ابني". إلا أن الشهيد أجابها: "لا، اتركي ابنك معي وبعد فترة نأتي ونأخذك".

لما استيقظت كليوباترا فعلت كما أُمِرت في حلمها ووضعت جسد يوحنا ابنها بجوار فاروس، ثم عاشت حياة التكريس والوحدة سبع سنوات إلى أن تنيّحت، ودفن جسدها بجوار يوحنا ابنها والشهيد فاروس، وذلك في الكنيسة التي بَنَتها.

Butler, October 19.

فاسي الشهيدة

في عهد دقلديانوس الجاحد تعرّضت فاسي وأبناؤها الثلاثة ثاؤننس وأغابيوس وفيداله للاستشهاد. عاشت هذه الأسرة في مدينة الرُها بسوريا، وقد ترمّلت فاسي بعد إنجابها هؤلاء الأبناء الثلاثة.

أمر القاضي بتعذيب الأبناء أمام والدتهم فاسي حتى تتزعزع عن إيمانها وتطلب من أبنائها أن يجحدوا شخص السيد المسيح. استمر القاضي في تعذيبهم حتى مات الثلاثة.

وبّخ القاضي الأم واتهمها بالإجرام لأنها تسببت في عذاب أبنائها وقتلهم. أما هي فقالت له: "الآن هم في مكانٍ آمنٍ، معهم علامة الغلبة والنصرة، وأريد أن ألحق بهم".

دُهش القاضي لهذه الفلسفة التي يعتنقها المسيحيون من جهة العذابات لأجل المصلوب ونظرتهم للموت. أمر بضرب عنق الأم، فانتقلت نفسها لتستريح مع أبنائها الشهداء تحت المذبح السماوي.

فالريانا الشهيدة

استشهدت مع فيكتوريا Victoria وفيدنتيوس Fidentius، وكان الأخير أسقفًا. ويبدو أنهم كانوا ضمن العشرين شهيدًا الذين كانت لهم كنيسة في هيبو Hippo وقد مدحهم القديس أغسطينوس.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1100.

فالريانوس الأسقف القديس

أسقف أكويليا Aquileia، ويذكر اسمه لأول مرة بمناسبة حضوره مجمع روما سنة 371م. حضر أيضًا المجمع الذي عقد سنة 381م في مدينته ضد الأسقفين الأريوسيّين بالاديوس Palladius وسيكوندينوس Secundinus، إلا أنه بالكاد كان يشترك في المناقشة، والتي كان يقود جانب الكنيسة الجامعة فيها القديس أمبروسيوس.

المعروف عن حياته قليل، ولكن تحت رئاسته نَمَت في أكويليا جماعة من الأشخاص المرموقين أشهرهم إيرونيموس Hieronymus، وقد وصفهم في إحدى كتاباته كجماعة من المُبارَكين.

مع أن تاريخ نياحة القديس فالريانوس غير معروف على وجه الدقة، إلا أن الكنيسة الغربية تذكره في السابع والعشرين من شهر نوفمبر.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1102.

فالريوس وروفينوس الشهيدان

كانا ضمن مجموعة من المبشّرين الذين أُرسِلوا من روما للتبشير في بلاد الغال، واستشهدا بالقرب من سواسون Soissons نحو عام 287م.

قد وردت سيرتهما في حرف "ر" تحت: "فالريوس وروفينوس الشهيدان".

فالريوس الأسقف المعترف

أول أسقف على سَراجوسا Saragossa، ويُعَد من بين المعترفين. قُبِض عليه مع رئيس شمامسته القديس الشهير فينسنت St. Vincent، وأُحضِرا إلى فالنشيا Valencia أمام الحاكم داكيانوس Dacianus، وذلك في الغالب حوالي سنة 304م.

بعد سجن طويل وقاسٍ أُحضِرا مرة أخرى أمام الحاكم وأُمِرا بتقديم الذبائح للآلهة. كان فالريوس يعاني من ضعف في النطق فترك الرد للقديس فينسنت، وإذ اغتاظ الحاكم من رد القديس أمر بنفي الأسقف.

وقد حضر القديس فالريوس فيما بعد مجمعًا في إلفيرا Elvira في سنة 306م، وتُعيِّد له الكنيسة الغربية في الثامن والعشرين من شهر يناير.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1103.

فالنتين الأسقف القديس

لا نعلم الكثير عن القديس فالنتين، بالرغم من القصص الخيالية الكثيرة التي كُتِبت عنه. فقط نعلم أنه كان أولاً رئيسًا لدير، ثم صار أسقـفًا مبشّرًا في راهيتا Rhaetia، وأن واحدًا من تلاميذه كان يقيم دائمًا قداسَا سنويًا يوم 7 يناير تذكارًا لأبيه الروحي الذي كان قد تنيّح سنة 440م.

دُفِن في مايس Mais في تيرول، لكن رفاته نقلت إلى ترنت Trent عام 750 ثم إلى باسو Passau عام 768. كنائس عديدة في تيرول Tirol سُميت على اسمه تذكارًا له.

Butler, January 7.

فالنتين الشهيد

كان كاهنًا قديسًا في روما، وكان مع القديس ماريوس Marius وعائلته، يساعد ويشجع المعترفين والشهداء على تحمل العذابات والمعاناة، التي كانوا يقاسونها في اضطهاد الإمبراطور كلوديوس الثاني Claudius II.

اُعتقل وأُرسِل بأمر من الإمبراطور إلى حاكم روما، الذي حاول معه بوعود كثيرة أن يحوله عن الإيمان ولكنه فشل. فأمر بضربه ضربًا مبرحًا ثم قطع رأسه في الرابع عشر من فبراير حوالي سنة 270م. ويقال أن الأسقف يوليوس الأول Julius I بنى كنيسة قرب Ponte Mole تذكارًا للقديس فالنتين، وحاليًا الجزء الأكبر من رفاته موجود في كنيسة St. Praxedes.

يبدو أن عادة الغربيين في الاحتفال بعيد فالنتين في الرابع عشر من فبراير تعود إلى محاولة الكهنة الغيورين لمقاومة عادة وثنية كانت موجودة في تلك الأيام يتبادلون فيها في عيد الإلهة Februata Juno في الخامس عشر من الشهر بطاقات عليها أسماء للبنات. عمل الكهنة على تبديل تلك العادة بتبادل بطاقات عليها أسماء للقديسين في الرابع عشر من الشهر. تفسير آخر لتلك العادة هو القول الشائع الذي نجده مدونًا في كتابات شوسيه Chaucer عن بداية تزاوج الطيور في يوم عيد القديس فالنتين.

Butler, February 14.

فالنتينا وزميلتها الشهيدتان

حدث في فلسطين في عهد الوالي فرميليانوس الذي عُين بدلاً من أوريانوس، أن كانت هناك امرأة من غزة قوية الإرادة ثابتة العزيمة. ولما هُدّدت بالزنا معها هاجمت الوالي، فقُبض عليها وجلدت أولاً ثم رُفعت على خشبة ومزّق جنباها، وصار المعذبون يعذبونها بوحشية وبلا توقف كأمر القاضي.

كانت واقفة أثناء ذلك عن قرب فتاة عذراء تدعى فالنتينا من قيصرية فلسطين. فلما رأت ذلك كله صاحت قائلة: "إلى متى يستمر تعذيبكم لأختي؟" فما أن سمع القاضي صوتها حتى أمر بالقبض عليها، وأمرها أن تبخر للأوثان. رفضت ذلك فجروها عنوة ناحية المذبح، ولما رأت زميلتها الأولى ذلك رفست المذبح بقدميها بكل جرأة وشجاعة، فسقط بما عليه من نار. فزأر القاضي بجنون وصار يعذبها بشدة وعنف وخاصة في جنبيها حتى يُشبع رغبته في التطلع إلى جسدها المتسلخ. ثم أوثق الاثنتين معًا وأمر بحرقهما، فنُفذ فيهما الحكم، وصعدت رائحتهما كرائحة بخور ذكية أما العرش الإلهي.

شهيدات المسيحية، صفحة 78.

فالنتينوس الغنوصي الشاعر

أهم غنوصي عبر كل العصور

نشأته

مع أن اسمه لاتيني إلا أنه ولد في دلتا نهر النيل حوالي عام 100م وتعلم في الإسكندرية. أوجد أكاديمية للبحث الحر، كان من ثمرتها أنها أوجدت جماعات لها صبغة دينية متسيبة بلا ضوابط.

شهد له حتى مقاوموه بأنه كان معروفًا ببلاغته وعبقريته. ربما كان أكثر الغنوصيين تأثيرًا وكان له أتباع كثيرون. أقام كثير من تلاميذه مدارس خاصة بهم. من بينهم ثيؤدوتس في الشرق، وبتلماوسPtolemaeus وهيراقليون Heracleon وفلورينس Florinus ومرقس Marcus في الغرب، قاموا بنشر الغنوصية في إيطاليا والإسكندرية وبلاد الغال، انتشرت حتى نهاية القرن.

ادعى تلاميذه أنه تتلمذ على يديّ ثيؤداس Theodas تلميذ القديس بولس. عاش في روما حوالي عام 136م حتى حوالي عام 165، وكان يأمل أن يُختار أسقفًا، معتمدًا على قدراته الفكرية وبلاغته.

تعاليمه

من الغريب أن القديس جيروم - وقد نقده برقة وحنو - يرى بأنه لا يستطيع أحد أن ينسب إليه هرطقة ما، وإنما اتسم بالقدرات الفكرية الطبيعية مع مواهب من قبل الله.

حتى اكتشاف مكتبة نجع حمادي سنة 1948م كانت كل أفكارنا عن فالنتينوس مأخوذة عن مقاوميه، خاصة القديس إيريناؤس. لم يوجد أي عمل في مكتبة نجع حمادي يحمل اسمه، لكن وُجدت كتابات تتفق مع أفكاره، كما وردت في كتابات القديس ايريناؤس، مثل إنجيل الحق، إنجيل فيلبس، تفسير للنفس، مقال عن القيامة لرهجينوس Rheginus. ووجدت كتابات أخرى غنوصية معاصرة له مثل تعاليم سيلفانوس.

أهم تعاليمه

1. مثل الغنوصي باسيليدس يرى أن الله كائن مطلق لا يمكن البلوغ إليه أو التعرف عليه تمامًا، وهو الأصل الأول الذي لم يصدر عن شيء، أو هو العمق الأول. بعد عصور لا حصر لها أصدر زوجته وتدعى الرحم أو الصمت. وحدث أن هذين الاثنين قدّما أساسين ذكرًا وأنثى، أنجبا المسيح أو اللوغوس، عليه اعتمدت الأيونات (شبه أفكار أو أنصاف ملائكة)، وخلالهم وُجدت كل الأشياء والتحمت معًا.

يقول أيضًا أن الاثنين - أي العمق والسكون - أصدرا الفهم nous والحق aletheia. من هذين صدر الكلمة والحياة، والإنسان والكنيسة، وانتجا ثلاثين أيونًا، اثنين اثنين، ذكرًا وأنثى، يمثلون المفاهيم المسيحية (أو اليهودية) والفضائل التي تكمل العالم السماوي الروحي أوPleroma. آخر أيون هو الحكمةsophia، هذه الحكمة إذ اشتاقت أن تعرف الأب غير المدرك سقطت في ظلمة اليأس وأنجبت طفلاً غير ناضج ومشوّه laldabaoth (ربما Child of Chaos) به خُلقت المسكونة بكل نقائصها.

هكذا يرى أن خلقة العالم هو ثمرة سقوط الحكمة أصغر كل المولودين من الخالق Demiurge، الذي يُعرف بإله العهد القديم.

الصراع بين laldabaoth والحكمة هو السبب في المزج بين الخير والشر، الفضائل والأهواء، في العالم وفي الأفراد.

أُرسل يسوع إلى الحكمة وشكَّلها حسب الفهم ونزعها عن أهوائها وهكذا دبّر الأحداث التي تحقق الخلاص في العالم المنظور.

يقسم البشرية إلي ثلاثة فئات. إذ يتحقق الخلاص بالمسيح الذي اتحد مع الإنسان يسوع (سواء عند الحبل به أو في عماده)، لكي يهب الإنسان معرفة واهبة الخلاص نابعة منه. توهب هذه المعرفة للروحيين pneumatics فقط، (1كو 2: 14).

وأما بقية المسيحيين ويدعون نفسانيين psychics (1كو 2: 14) فينالون بالإيمان والأعمال الصالحة حالة وسطى في مملكة الخالق Demiurge.

أما بقية البشرية ويدعون جسديين hylics الذين ينهمكون في الماديات فيُسلّمون للهلاك الأبدي.

2. نظرته للزواج أنه يمكن للروحيين pneumatics أن يتزوجوا كسرّ ليس عن شهوة جسدية. أما الذين يعيشون في العالم ويتزوجون فلن يدركوا الحق.

Fr. Tadros Y. Malaty: The School of Alexandria, Book 1, 1995, p. 146 - 150

فالنتيو الشهيد

استشهد مع باسيكراتُس Pasicrates في دوروستورَم Dorostorum، بأمر الحاكم ماكسيموس Maximus وذلك أثناء حكم الإمبراطور دقلديانوس Diocletian. وقد ورد ذكرهما في سيرة الشهيد جوليوس Julius، ذلك أنه وهو يحتضر طلب منه هيسيكيوس Hesychius الذي كان هو الآخر جنديًا أن يرسل التحية نيابة عنه إلى فالنتيو وباسيكراتُس، اللّذين كانا قد استشهدا بالفعل قبله.

تذكره الكنيسة الغربية في الخامس والعشرين من شهر مايو.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1100.

فالنس الراهب

راهب مختال بنفسه

كان راهبًا من فلسطين وقد تعلم في كورنثوس. وكان مختالاً بنفسه، فلما قدُم إلى البرية (وادي النطرون) ضحكت عليه الشياطين وخدعته، حتى جعلته يعتقد أن ملائكة تظهر له.

ذات مرة كان يحيك خوصه المجدول، فسقطت الإبرة بين الخوص وبحث عنها طويلاً ولم يجدها، إلا أن الشيطان أنار له وساعده في العثور عليها، فأصبح أكثر كبرياء لدرجة أنه احتقر الأسرار المقدسة، وقرّر أن يحل محل القديس مقاريوس الكبير في رئاسة الرهبان، فذهب إليه ينصحه فلم يستجيب له.

ظهر له الشيطان في شكل ملاك قائلاً له: "إن المسيح قد أحب أعمالك وشجاعتك في أقوالك وأنه سيحضر لك، وعليك أن تسجد له عندما تراه". ومن نحو ميل ظهرت الشياطين حول رئيسهم وحولهم نار مشتعلة، فسجد له فالنس وازداد في خيلائه أكثر. فذهب إلى الكنيسة قائلاً: "إنني لست محتاجًا إلى الأسرار المقدسة لأنني رأيت المسيح ذاته!" فربطه الآباء بقيد حديدي نحو عام، كان يصلي فيه باستمرار، وأعطوه أعمالاً وضيعة حتى يُشفى من كبريائه.

بستان القديسين، صفحة 29.

فالنس الشهيد

كان شماسًا بكنيسة إيليا (أورشليم) Aelia (Jerusalem) واستشهد في قيصرية Caesarea. اشتهر بعلمه الوافر للأسفار المقدسة، وكان استشهاده مع بامفيلوس Pamphilus أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس.

تذكره الكنيسة الغربية في الأول من شهر يونيو.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1072.

فام الأوسيمي الشهيد

بتوليته

ولد الشهيد أبو فام أواخر النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي في مدينة أوسيم من أبوين تقيين هما أنسطاسيوس وسوسنة، وكان والده أنسطاسيوس رجلاً غنيًا جدًا وتقيًا محبًا للفقراء والمساكين كما كانت أمه سوسنة امرأة متعبدة تسلك في وصايا الرب بلا لوم. وما أن اشتد عود الصبي حتى أرسله والده إلى كاهن قديس يدعى أرسانيوس ليتتلمذ على يديه، وبالرغم من الغِنَى الشديد الذي كان يحيط بالصبي إلا أنه عاش حياة نسكية زاهدة. لما كبر فام فاتحه والده في أمر الزواج، إلا أن القديس كان قد وضع في قلبه أن يحيا حياة البتولية.

استشهاده

حين بدأ اضطهاد المسيحيين في عهد الإمبراطور مكسيميانوس قَبَض إريانا والي أنصنا على القديس أبي فام، وفي الليلة التي قُبِض عليه فيها ظهر له ميخائيل رئيس الملائكة وقوّاه وشجّعه على احتمال الألم. في الصباح ودَّع القديس والديه وأصدقاءه ولبس حلة بهيّة وذهب لملاقاة الوالي.

حيَّاهُ إريانا بتحية السلام إلا أن القديس ردَّ عليه بأن "لا سلام قال إلهي للأشرار". وحاول معه الوالي لكي يُقَرِّب ويبخّر لأبلّون وأرطاميس الآلهة، فأجابه القديس: "لن أسجد لآلهتك لأنها صُنِعت بالأيادي، لن أترك إلهي رب السماء والأرض الذي أحبني يسوع المسيح الذي مات من أجلي". حين سمع إريانا هذا الكلام بدأ في تعذيبه بقسوة، ثم أمر جنوده بربط القديس في مؤخرة حصان ويسحلوه في شوارع مدينة أوسيم.

أرسله إريانا إلى الإمبراطور مكسيميانوس في إنطاكية، الذي أمر جنوده بإغراقه في البحر، إلا أن الرب أرسل درفيلاً حمل القديس إلى البر أمام الحشد الكبير الواقف. عادوا بالقديس إلى الإسكندرية برسالة من الإمبراطور مكسيميانوس إلى الوالي أرمانيوس يأمره بتعذيب أبو فام بكل أنواع العذاب حتى يرجع ويبخر للأوثان، فأذاقه الوالي بشتى أنواع العذاب. في وسط آلامه ظهر له رئيس الملائكة ميخائيل وشفاه وعزّاه بكلمات طيّبة، ولما رأى أرمانيوس عجزه أرسل القديس مرة أخرى إلى إريانا ليقتله.

أذاقه إريانا ألوانًا أخرى من العذابات، فعلّقه على خشبة ثم أمر جنوده أن يخزّقوا عقبيّ القديس ويربطوهما بسلسلتين، ويجرّوه بهما على الأرض حتى سال دمه طول الطريق إلى أن وصلوا إلى شاطئ النهر. ركبوا السفينة وسارت بهم إلى أن وصلوا مدينة قاو قبالة قرية تدعى طما وهناك توقّف سير السفينة، وعبثًا حاولوا ولو بقوة السحر تحريكها، فأخذ إريانا القديس أبا فام وأمر جنوده فقطعوا رأسه بحد السيف.

حمله أهل المدينة بإكرام وهم يردّدون الألحان، ودفنوه غربيّ قرية طما، وفيما بعد بُنِيَت كنيسة في ذلك الموضع. وفي أواخر عام 1995م أثناء توسيع الكنيسة المبنية على اسمه، تم اكتشاف جسد القديس أبي فام في يمين الداخل إلى باب الهيكل.

تُعيِّد له الكنيسة القبطية في السابع والعشرين من شهر طوبة تذكارًا لاستشهاده، وأيضًا في السابع والعشرين من شهر أبيب، وهو ذكرى تدشين كنيسته في مدينة طما محافظة سوهاج، كما أن نفس اليوم يوافق ذكرى ميلاد القديس.

يُلَقَّب القديس أبو فام بالجندي مع أنه لم يكن من الضباط أو الجنود، ذلك لأنه قد عاش كجندي صالح ليسوع المسيح ملتزمًا بوصاياه.

الشهيد العظيم أبو فام الجندي الأوسيمي.

فاوستا الشريفة

فلافيا ماكسيميانا فاوستا Flavia Maximiana Fausta هي ابنة الإمبراطور ماكسيميان هيراكليوس Maximian Heraclius، والزوجة الثانية لقسطنطين الكبير. ولدت في بيزنطية وتزوجت سنة 307م، وبعد زواجها بفترة قصيرة أسْدَت لزوجها خدمة جليلة إذ كشفت له خطة والدها لقتله.

كانت فاوستا أمًا لستة أولاد: ثلاثة أبناء أصبحوا فيما بعد أباطرة، هم قنسطنطينوس Constantinus الذي ولد سنة 312م، وقنسطنطيوس Constantius الذي ولد سنة 317م، وقنسطنس Constans الذي ولد سنة 320م. وأيضًا ثلاث بنات: قنسطنطينا Constantina التي لقبها والدها أغسطا Augusta وتزوّجت أولاً من هانّيباليان Hannibalian ملك بنطس Pontus، ثم بعد ذلك تزوجت جالوس قيصر Gallus Caesar. وقنسطنطيا Constantia التي يقال أنها قد بَنَت كنيسة القديسة أجنس St. Agnes في روما، وأنها قد نذرت حياة البتولية، وهيلين Helena زوجة الإمبراطور يوليانوس Julian.

ويقال أن فاوستا قد ماتت سنة 326م بأمر من زوجها في ظروف غامضة مشكوك فيها.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 463.

فاوستا الشهيدة

استشهدت العذراء فاوستا في سيزيكُس Cyzicus أثناء حكم جالريوس Galerius، وذلك سنة 305م. كان والداها من الأغنياء، واهتمّا بتربيتها تربية مسيحية حقيقية، وتركاها يتيمة في سن الثالثة عشر. اشتهرت فاوستا بأعمالها الدينية، فأُبلِغ عنها للإمبراطور الذي أرسل لها القائد إيفيلاسيوس Evilasius لتعذيبها، إلا أنه تحول للمسيحية بسبب ثبات فاوستا أمام التعذيب وقوة منطقها وحجتها.

أرسل الإمبراطور الوالي ماكسيمينوس Maximinus لتعذيب إيفيلاسيوس وفاوستا، إلا أن بعض الكُتَّاب يقولون أنه قد آمن بالمسيح بسبب ثبات الاثنين أثناء التعذيب واستشهد هو الآخر، ويُذكر هؤلاء الشهداء في بعض السنكسارات الغربية في السابع من شهر يناير.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 463.

فاوستوس الكاهن الشهيد

كان فاوستوس شماسًا عندما اندلعت نار الاضطهاد التي أشعلها الإمبراطور ديسيوس، ورافق باباه الجليل الأنبا ديونيسيوس عندما مَثَل بين يديَّ الوالي، ولكنه ظل في الإسكندرية في الفترة الأولى من منفى البابا. وحينما أبعدوا البابا إلى المنطقة المسماة خفرو، أبعدوا فاوستوس معه حيث قضى الاثنان المدة التي كان ديسيوس فيها متوليًا الحكم، فلما مات الإمبراطور عاد البابا إلى مقر كرسيه ومعه شماسه، فداوم فاوستوس على خدمته بكل دقة وأمانة حتى أن باباه رفعه إلى كرامة الكهنوت.

قد منح الله القس فاوستوس عمرًا مديدًا إذ استمر يعمل خلال بابوية الأنبا ديونيسيوس البابا الرابع عشر إلى عهد الأنبا بطرس خاتم الشهداء البابا السابع عشر. وعلى الرغم من شيخوخته فقد أمر الإمبراطور مكسيميانوس بقطع رأسه في نفس الساعة التي قطعوا فيها رأس البابا الجليل، وفي الوقت عينه قطع الجند رأس كاهنين آخرين هما ديديوس وأمونيوس، وكان ذلك سنة 311م.

السنكسار الأمين، 29 بابه.

فاوستوس وجانواريوس ومارتيال الشهداء

استشهد هؤلاء الشهداء الثلاثة حوالي سنة 304م في مدينة كوردوفا بأسبانيا، وهي المدينة التي شهدت اعترافهم الشجاع بإيمانهم بالسيد المسيح.

قد وردت سيرتهم في حرف "ج" تحت "فاوستوس، جانواريوس ومارتيال الشهداء".

فاوستينوس وجوفيتا الشهيدان

كانا أخوين من أصل شريف من مدينة برسكيا Brescia، وقد كرزا بالمسيحية بكل شجاعة وقوة بلا خوف، واستشهدا بأمر الإمبراطور هادريان بقطع رأسيهما.

قد وردت سيرتهما في حرف "ج" تحت "فاوستينوس وجوفيتا الشهيدان".

فبرونيا العذراء الشهيدة

في الدير بنصيبين

قيل أن برين Byrene قامت بتربية ابنة أختها فيرونيا. كانت برين رئيسة دير للراهبات في نصيبين Nisibis. نمت فيرونيا جسديًّا وروحيًّا، وكانت لا تهتم بأمور العالم خارج الدير. لقد ركّزت فيرونيا على حياتها الروحية، ونموّها في الفضائل التي تُهيِّئها للتمتع بعريسها السماوي.

كانت برين حازمة في تربيتها لابنة أختها، فدرّبتها حتى صارت تأكل مرة واحدة كل يومين، وترقد على لوح رفيع من الخشب.

كانت فبرونيا تعشق الكتاب المقدس، أحبته فكانت تلهج فيه نهارًا وليلاً. صارت تقرأ الكتاب المقدس وتُفسِّره للراهبات مرة كل أسبوع، وكان كثير من النساء في المدينة يحضرن الاجتماع. كانت برين تطلب من فيرونيا أن تحجب وجهها حتى لا يراها النساء فينشغلن بجمالها، ولكي لا ترتبط هي بهن.

اضطهادها

فجأة انتهت حياة الهدوء والسلام في الدير حين بدأ دقلديانوس اضطهاده للمسيحيين، وفي نصيبين كانت الأوامر الإمبراطورية تُنفذ بكل وحشية بواسطة الوالي سيلينس Selenus. هرب الإكليروس مع الأسقف وتبعتهم كل الراهبات ماعدا برين وفبرونيا - التي كانت تمر بفترة نقاهة بعد مرض خطير - وطومايس Thomais زميلتها الراهبة والتي كتبت سيرتها بعد ذلك. وحين وصل جنود الوالي إلى الدير لم يهتموا بالقبض على الراهبتين المسنتين ولكن حملوا معهم فبرونيا.

في اليوم التالي اُحضِرت أمام سيلينس الذي طلب من ليسيماخُس Lysimachus ابن أخيه أن يحاكمها. وبدأ الشاب يفعل ذلك بكل احترام وبشيء من التردّد، إذ كان هو نفسه ابنًا لامرأة مسيحية وكان يشعر بالشفقة نحو فبرونيا. انفعل سيلينس بسبب تردّد الشاب في المحاكمة وفي لحظة انفعال عرض على فبرونيا التمتع بالحرية والثراء إذا تركت دينها وتزوجت من ليسيماخُس.

أجابته القديسة أن لها كنزًا في السماء وثروة غير مصنوعة بيد إنسان، وأنها مخطوبة لعريس لا يموت. استشاط سيلينس غضبًا من إجابتها وأمر بربطها بين أربعة أعمدة وجلدها، ثم كسروا 17 من أسنانها وقطعوا ثدييها بالرغم من صرخات اعتراض الجموع التي ملأت مكان المحاكمة. وإذ رأوا بعد كل هذا التعذيب أنها لم تمت ألقوها أمام ثور فمزقها بقرونه، وكان استشهادها حوالي سنة 304م.

وبأمر من ليسيماخُس حُمِلت أشلاء فبرونيا وعملوا لها جنازة مهيبة، وكان استشهادها سببًا في إيمان الكثير من الوثنيين الذين طلبوا نوال المعمودية، ومن بينهم ليسيماخُس نفسه الذي صار راهبًا في زمن الإمبراطور قسطنطين.

Butler, June 25.

فبرونيا الشهيدة السورية

نشأتها

وُلدت هذه القديسة في بلاد الشام في القرن الثامن الميلادي، ولما كانت محبة للّه ولكنيسته سلكت مسلك التقوى والقداسة، الأمر الذي أحياها في السيرة الملائكية عازفة عن الزواج مُفضلة حياة الرهبنة، فترهّبت بأحد أديرة أخميم للراهبات.

حرب الشيطان

حدث في ذلك الزمان اضطراب في البلاد، وكان كثيرًا ما تتعرض مناطق كثيرة للسلب والنهب. فتعرض ذلك الدير للسلب، وفيما كان الجنود يقومون بعملهم هذا وجدوا هذه الراهبة الجميلة، فأخذوها رغمًا عنها لكي يقدّموها هديّة للخليفة.

أخذوا يتشاورون فيما بينهم هل يقدموها هديّة أم يعملوا قرعة فيما بينهم لكي تصير لواحد منهم. فرفعت الراهبة قلبها إلى السماء لكي يخلصها الله من هؤلاء الأشرار.

الخدعة المقدسة

وفي الحال فكّرت الراهبة فبرونيا في طريقة لكي تتخلص منهم فطلبت رئيسهم. فلما حضر قالت له سأقول لك سر عظيم شرط أن تتركني. أما هو فوعدها بذلك.

قالت له: إن أجدادنا كانوا حكماء، وقد اكتشفوا سرًّا سلّموه لأبنائهم، وهو أنه يوجد زيت حينما يُتلى عليه بعض الصلوات ويدهن به الرقاب لا يؤثر فيه السيف. وأنتم دائمًا في حروب كثيرة، وهذا الزيت لا غنى عنه فهل تريده؟

فقال: نعم.

فأحضرت هذه الراهبة التقيّة قليلاً من الزيت، وقالت له: سأريك كم هي قوته. ودهنت رقبتها وأمرت أكبر سيّاف بضربها لكي تُثبت لهم ما زعمت به.

فضربها السياف فانفصلت رأسها عن جسدها وتدحرجت على الأرض.. فذهل القائد والجنود لمحبتها في أن تتخلص منهم، وعلموا أنها خدعة لكي تهرب منهم. وندموا على ما بدر منهم، ثم تركوا الدير وما نهبوه منه متأثرين لما حدث.

فُرتوناتوس الشهيد

فرَكتيوسُس الأسقف الشهيد

فرَكتيوسُس الأسقف الشهيد

هو أسقف تارّاجونا Tarragona التي كانت في ذلك الوقت عاصمة أسبانيا، وتميز بالغيرة المقدسة والروح الرسولية. وحين اشتد اضطهاد فالريان Valerian وجالّينوس Gallienus سنة 259م قُبِض عليه، بأمر الحاكم إيميليان Emilian مع الشماسين أوجوريوس Augurius ويولوجيوس Eulogius وذلك يوم الأحد من منتصف يناير. سار مع الحراس وهو في منتهى الفرح فألقوه مع الشمّاسين في السجن. كان فرَكتيوسُس يبارك جموع المؤمنين الذين أتوا لزيارته.

وفي يوم الاثنين عمَّد أحد الموعوظين اسمه روجاتيان Rogatian.

وفي يوم الأربعاء استمر صائمًا حتى الساعة الثالثة بعد الظهر.

وفي يوم الجمعة أي بعد أسبوع من القبض عليه أمر الحاكم بإحضاره للمحاكمة. سأله الحاكم إن كان يعلم بأوامر الإمبراطور، فأجابه فرَكتيوسُس بالنفي ولكن بِغَضَّ النظر عن هذه الأوامر فهو يعترف بمسيحيته.

قال له الحاكم: "الإمبراطور يأمر الكل بالتبخير للأوثان"، فأجابه القديس: "أنا أعبد الله الواحد الذي خلق السماء والأرض وكل ما فيهما".

سأله إيميليان: "ألا تعلم أنه يوجد آلهة أخرى؟" فلما أجابه القديس بالنفي قال له الحاكم: "سوف أجعلك بعد قليل تعلم تلك الحقيقة. ماذا يبقى لأي إنسان يرفض عبادة الآلهة والإمبراطور؟" ثم تحوّل إلى أوجوريوس طالبًا منه عدم الاكتراث بما قاله الأسقف، ولكن الشماس أكّد له أنه لا يعبد سوى الله السرمدي وحده. التفت إلى يولوجيوس الشماس الآخر وسأله إن كان هو الآخر يعبد فرَكتيوسُس فأجابه القديس: "أنا لا أعبد فرَكتيوسُس ولكن الإله الذي يعبده فرَكتيوسُس". أخيرًا أمام اعتراف الثلاثة أمر بحرقهم أحياء فورًا.

كان الوثنيون ينتحبون لرؤية القديسين الثلاثة يساقون للموت، فإنهم كانوا قد أحبوا فرَكتيوسُس لصفاته وفضائله النادرة، وسار معهم المسيحيون بمشاعر تمتزج بين الحزن والفرح، ولما قدموا للقديس فرَكتيوسُس كأس نبيذ لم يرد أن يشرب قائلاً أن الوقت لم يأتِ بعد ليكسر صومه إذ كانت الساعة لا تزال العاشرة صباحًا، مظهرًا شهوته في أن ينهي صومه هذا اليوم مع البطاركة والأنبياء والقديسين في السماء. وحين وصلوا إلى ساحة الاستشهاد تقدم الشماس أوجوستاليس Augustalis من أسقفه طالبًا منه بدموع أن يسمح بأن يخلع له حذائه، إلا أن القديس أجابه أنه يستطيع أن يفعل ذلك بنفسه وخلعهما بالفعل. ثم تقدم رجل مسيحي آخر اسمه فيلكس Felix طالبًا إليه أن يذكره في صلواته، فأجابه فرَكتيوسُس: "أنا مُلزَم بالصلاة من أجل الكنيسة الجامعة الممتدة في العالم من شرقه إلى غربه".

ويُعَلِّق على هذا الكلام القديس أغسطينوس قائلاً: "لقد قصد الشهيد أن يقول للرجل إذا كنت تريدني أن أصلي لأجلك فلا تترك أو تنعزل عن الكنيسة التي أصلي لأجلها". إذ طلب إليه أحد رعيته واسمه مارتيال Martial أن يلقي كلمة تشجيع لشعبه، التفت القديس إلى المسيحيين وقال: "يا اخوتي لن يترككم الرب كقطيع بدون راعٍ فهو أمين لكل وعوده، ولحظات ألمنا ومعاناتنا ما هي إلا قصيرة".

ربطوا الشهداء إلى أعمدة لكي يحرقوهم، ولكن النيران لم تحرق سوى الحبال فأعطتهم الفرصة لكي يمدوا أيديهم ويرفعوها للصلاة، ثم ركعوا على ركبهم وهكذا أسلموا أرواحهم للّه قبل أن تحرقهم النيران. وقد رأى خادما الملك بابيلاس Babylas وميجدونيوس Mygdonius السماء مفتوحة والقديسين محمولين إليها وعلى رؤوسهم أكاليل. وفي المساء أتى المسيحيون وحملوا أجساد الشهداء، ولما حاول الكثيرون الاحتفاظ بأجزاء منها للبركة أُعلِنوا في رؤيا أن يعيدوها ويدفنوها وهو ما نفذوه بالفعل.

Butler, January 21.

فرمليانوس أسقف قيصرية كبادوكيا

تولي فرمليانوس رعاية قيصرية كبادوكيا خمسًا وثلاثين سنة ونيف (232 – 268م)، اشتهر بالتقوى والورع واستقامة الرأي. أعجب بعلم العلامة أوريجينوس، وزاره في قيصرية فلسطين.

تعاون مع القديس غريغوريوس العجائبي في معالجة هرطقة بولس السومسطائي، فرأس مجمع إنطاكية الأول عام 264م، وتنيح وهو في طريقه للاشتراك في أعمال مجمع إنطاكية الثاني.

معمودية الهراطقة

اختلف الآباء في شأن معمودية الهراطقة والمنشقين، وكان فرمليانوس أسقف الكبادوك مع كنائس الإسكندرية وآسيا يُعيدون معمودية الراجعين إلى الكنيسة. كتب ترتليان مقالاً ضد معمودية الهراطقة. ثم نشأ شيء من النزاع في آسيا الصغرى حول هذه القضية، فانعقد مجمع في أيقونية وآخر في سنادة برئاسة فرمليانوس، تقرر فيهما عدم صحة معمودية الهراطقة.

وعقد أغريبينوس أسقف قرطاجنة مجمعًا في السنوات 217 - 223م أقرّ فيه نفس الرأي.

تجدّد هذا النزاع بعد ظهور بدعة نوفتيانوس Novatianus الكاهن بروما.

كتب اسطفانوس أسقف روما إلى فرمليانوس وكبريانوس يحرّم تعميد التائبين الراجعين إلى الكنيسة، ونشأت مشادة بين أسقف روما وأساقفة إفريقيا وأسيا. وكتب فرمليانوس رسالة إلى كبريانوس نادي فيها بالالتزام بوحدة الكنيسة وانتقد أسقف روما لتدخله في أمور غيره.

من رسالته إلى كبريانوس

إن كنا بعيدين بالجسد ومنفصلين بالحس لا نزال متحدين بالروح، كأننا مقيمون في بلدٍ واحدٍ أو عائشون في بيتٍ واحدٍ. وإني موقن هذا لعلمي أن بيت الرب الروحاني بيت واحد كما يقول النبي: "ويكون في الأيام الأخيرة جبل الله ظاهرًا وبيت الله على قمم الجبال يجتمعون فيه بسرور"...

الاجتماع معًا والسلام والاتحاد يقدم لذة عظيمة، لا للمؤمنين والعارفين الحق فقط، بل وللملائكة السماويين أنفسهم. وقد جاء في كلام الله أن فرحًا عظيمًا يكون في السماء بخاطئ واحد يتوب ويرجع إلى رباط الاتحاد.

الدكتور أسد رستم: آباء الكنيسة، القرون الثلاثة الأولي.

فرنسانسيوس الشهيد

تعتبر سيرته شهادة حيّة لعمل نعمة الله في حياة المؤمن، خاصة في فترات الاستشهاد، حيث تقدم له إمكانيات تفوق الطبيعة البشرية، لا ليتحدى الموت والألم فحسب، بل ويجد لذة وعذوبة فيهما.

نشأته

وُلد في سارغوسا بأسبانيا، وكان تقيًا محبًا للدراسة والعبادة. سامه الأسقف فاليريوس شماسًا. وإذ كان الأسقف قد طعن في السن قلّد هذا الشماس مهمة التعليم والوعظ.

اضطهاد دقلديانوس

أرسل دقلديانوس داسيانوس واليًا على هذه البلاد، وكان هذا الوالي شرسًا متوحشًا، فما أن وصل إلى سارغاسا حتى قتل كثير من المسيحيين. أدرك احترام المسيحيين للأسقف وشماسه، فقبض عليهما وأرسلهما إلى مدينة فالنسيا، وقد أساء الجند معاملتهما في الطريق. إذ بلغا المدينة ألقاهما في سجن مظلم مملوء نتانة، ومنع عنهما الطعام والشراب ظنًا أنه بذلك يظفر بهما. استدعاهما ففوجئ بأن جسديهما سليمان مملوءان قوة، فظنّ أن الجنود عاملوهما بالرحمة والشفقة. فأهان الجند ثم التفت إلى الأسقف والشماس يطلب منهما إطاعة الإمبراطور والتعبد للآلهة. وإذ كان صوت الأسقف منخفضًا خشي الشماس أن يظن الوالي أنهما خائفان، فانبرى بكل جرأة يخاطب داسيانوس قائلاً:

"لتكن آلهتك لك واذبح لها الحيوانات وأعبدها كحارسي المملكة. أما نحن فنعرف أنها أعمال أيدي بشر، عديمة الحس والحركة، لا تسمع الصلاة.

فإننا لا نعبد سوى الله الذي خلق كل البرايا من العدم، ويدبّر كل الأمور بحكمة عنايته.

هذا هو الإله الواحد الذي نؤمن به وبابنه الوحيد، الذي تجسد لأجلنا وصلب ومات من أجلنا. وإننا نشتهي أن نموت من أجلهما ".

سمع كثير من المسيحيين هذا الخطاب فتشجعوا جدًا، واغتاظ الوالي. نفى الأسقف فاليريوس ووجه كل غضبه نحو الشماس، فأمر الجند بتعذيبه. عرّى الجند الشماس وعلّقوه على خشبه عالية وربطوا رجليه بحبال وصاروا يسحبونه بكل قواهم. تطلع إليه الوالي ليسخر منه قائلاً: "هوذا عظامك قد تهشمت!" أما هو ففي بشاشة وجه وشجاعة شكره حاسبًا أن ما حدث معه هو إحسان إليه، وأنه يسرّ بأن يموت حبًا فيمن مات لأجله.

كلما شدّد الوالي على الجنود لتعذيبه كانت نعمة الله تهبه فرحًا أعظم، حتى كان وهو ملقى على سرير حديدي محمى بالنار كأنه سرير مفروش بالورود. كان من سماته الفرح والتسبيح المستمر للّه، فكانت شهادة حيّة لعمل الله فيه أمام الحاضرين.

اضطر الوالي أن يأمر بإلقائه في السجن. وإذا بنور أشرق وسط ظلمة السجن وظهرت ملائكة تتغنى بالتسابيح الإلهية. تعجب حراس السجن، خاصة وأنهم رأوه قد شفيَ من كل جراحاته، فآمن جميعهم. وإذ رأى الوالي أن كل عذاب يبعث فيه سعادة وبهجة أمر أن يضعوه على فراش ناعم ويقدموا له أطعمة ويلاطفوه. لكن ما إن رفعوه إلى الفراش حتى أسلم الروح ونفسه متهللة منطلقة إلى الفردوس، وكان ذلك في سنة 304 أو 305م.

الانتقام منه بعد موته

باستشهاده ازداد الوالي كراهية ورغبة في الانتقام منه بعد موته، فأصدر أمره بإلقاء جسده خارج المدينة طعامًا للكلاب الضارية والوحوش. قيل أن الله أرسل غرابًا يحرسه، فإذا اقترب ذئب إلى الجسد وثب على رأسه وصار يضربه بمنقاره فيهرب.

أمر الوالي بإلقائه في البحر ليأكله السمك، وإذا بالرب يرسل سيدة فاضلة على الشاطئ لتجد الجسد وتكفنه.

الأب بطرس اليسوعي: مروّج الأخيار في تاريخ الأبرار، 1877، 22 كانون الثاني.

فرومنتيوس الأسقف القديس

عند شاطئ أثيوبيا

سافر في أيام شبابه مع زميل له اسمه أديسيوس في ركاب قريب لهما هو الفيلسوف ميروبيوس. وعند شاطئ أثيوبيا جنحت بهم السفينة، فخرج سكان الساحل عليهم وقتلوهم ولم يبقوا على أحد غير فرومنتيوس وزميله أديسيوس، فإنهما كانا قد هربا خوفًا وفزعًا وجريا نحو شجرة كبيرة فركعا تحتها وأخذا يصليان طالبين من الله أن يحميهما من فتك الأهالي بهما. وبعد أن انتهى الأهالي من قتل جميع من على المركب وسلب ما فيها وكانوا في طريق العودة إلى بيوتهم حاملين غنائمهم، وجدوا الشابين فرومنتيوس وأديسيوس راكعين تحت الشجرة فأشفقوا عليهما وقدموهما هدية للملك. توسّم ذلك الملك في عبديه هذين الإخلاص والذكاء فحرّرهما وأسند إليهما أمر تربية ولديه، فقاما بما كلفهما به خير قيام حتى أصبحا موضع ثقة الملك.

الكرازة في أثيوبيا

عند موت هذا الملك عهدت الملكة إليهما بإدارة شئون المملكة بمعاونتها فكانا عند حسن ظنّها بهما، وسهرا على تثقيف الأميرين حتى بلغا سن الرشد. وفي تلك الفترة وجد فرومنتيوس وزميله أديسيوس الفرصة سانحة لنشر التعاليم المسيحية في البلاد. ولما بلغ الأميران رشدهما سلّما إليهما مقاليد الحكم ثم استأذناهما في العودة إلى بلادهما فسمحا لهما بذلك.

أول أسقف في أثيوبيا

عند ذلك ذهب أديسيوس إلى صور وعاد فرومنتيوس إلى الإسكندرية مسقط رأسه. وهناك أبلغ البابا أثناسيوس بكل ما كان طالبًا إليه أن يقيم لأثيوبيا أسقفًا ليثبّت شعبها في الإيمان المسيحي الذي نشره بها، فلم يجد البابا أثناسيوس من يليق لهذه الكرامة العظمى غير فرومنتيوس بالذات، فرسمه أسقفًا على تلك البلاد سنة 326م وزوّده بالنصائح الأبوية وودّعه بالتكريم والإعزاز.

عندما وصل فرومنتيوس إلى مقر رياسته خرج الأثيوبيون إلى لقائه بين مظاهر الفرح والتهليل، وقد أطلقوا عليه لقب "أبونا سلامة" أي "معلن النور"، ولا يزال هذا الاسم مستعملاً كلقبٍ لمطران الحبشة.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الأول صفحة 214.

فرونتاسيوس الشهيد

استشهد في بلاد الغال مع سيفيرينوس Severinus وسيفيريانوس Severianus وسيلانوس Silanus رفقاؤه. كانوا تلاميذ للقديس فرونتو St. Fronto الذي رُسِم أسقفًا لفيسونَّا Vesunna (حاليًا بيريجيو Perigueux) بيد بطرس الرسول شخصيًا.

أرسلهم فرونتو ليكرزوا بالإنجيل بين الفرنسيين، فقَبَض عليهم الرئيس سكويندو Squindo وأمر بقتلهم جميعًا، وذلك أثناء الاضطهاد الأول للإمبراطور نيرون.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 569.

فرونتو وجورج الأسقفان

كان فرونتو يهوديًا من سبط يهوذا مولودًا في ليكؤنية Lycaonia. وقد آمن بالسيد المسيح حين رأى المعجزات التي حدثت على يديه، وتعمّد بيد بطرس الرسول وصار واحدًا من السبعين رسولاً.

قد وردت سيرتهما في حرف "ج" تحت "فرونتو وجورج الأسقفان".

فرونتون القديس

جماعة مقدّسة في الإسكندرية

كان فرونتون في طليعة الذين عمَّروا الصحراء، فقد أراد أن يختبر الخلوة بالله ويعيش تلك العيشة العجيبة التي صار لها بريق خاص داخل قلوب الآلاف من أبناء مصر وبناتها.

نشأ في الإسكندرية وكان وجيهًا غنيًا مرموقًا، ولكنه كان فوق هذا كله مسيحيًا مَلَك عليه السيد المسيح، وبالتفاهم مع بعض أصدقائه الذين تزايد عددهم يومًا بعد يوم، اتفقوا على الحياة المُثلى في المدينة كما أوضحها الإنجيل المقدس. فكانوا يجتمعون معًا ليشجّعوا بعضهم بعضًا على السعيّ نحو الكمال وتمكّنوا من النمو الروحي نموًا مستمرًا.

في سكون البرية

على أن الشوق إلى العزلة أخذ يتزايد داخل نفس فرونتون، فدعا أصدقاءه وقال لهم: "لماذا الاستمرار في حياة المدينة مادمنا قد تنازلنا عن أموالنا سعيًا وراء الحياة الأبدية؟ هلموا نوزع ما تبقى لدينا ولنذهب إلى الصحراء ليخلوا كلٌ منا إلى نفسه وإلى ربّه في سكون البرّية".

تردّد صدى كلماته في قلوبهم فسارعوا إلى التنفيذ وقصدوا إلى نتريا ولم يأخذوا معهم غير أدوات الزراعة وبعض البذور والخضراوات، وقال فرونتون لأصدقائه: "لنكن مطمئنين إلى عناية الله، فقد قال اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه وهذه كلها تزاد لكم". وتعاهدوا على ذلك، فكانوا يقضون أيامهم بين الصلوات والاشتغال بالزراعة، وامتلأت قلوبهم غبطة وسلامًا، واعتبروا ذلك علامة من السيد المسيح على رضاه عنهم.

تذمر في البرية

غير أن عدو الخير لم يتركهم ينعمون بهذه الغبطة وهذا السلام طويلاً، فأخذ يصور لهم حياتهم كما كانت في المدينة مقابل الضيق الذي يعيشونه. ألَم يكونوا يسلكون بخوف الرب وفي طريق الصلاح، فلماذا كل هذا العناء؟ وهذه الوسوسة الشيطانية جعلت البعض منهم يتذمّرون.

لازم فرونتون الصمت ولجأ إلى الصلاة بحرارة على الرغم من علمه بهذا التذمر، وذات يوم جاءه مندوبون عن المتذمرين، وما أن رآهم وقبل أن يلفظوا بكلمة قال لهم: "يا اخوتي إلى متى تُضجرون الله بهواجسكم؟ ألا تعلمون أن الآب السماوي لا يترك بارًا يموت جوعًا؟ أما رأيتم كيف أنمى بذورنا وخضراواتنا؟"

ظهور ملاك لغني بالإسكندرية

في نفس الوقت وفي شامل رأفته أرسل الله ملاكًا إلى رجل سكندري غني جدًا وقال له:

"أنت تعيش في غاية من الترف، قم لفورك وأرسل خبزًا إلى خدامي العائشين في الصحراء". فلما استيقظ جمع أهل بيته وقصَّ عليهم الحلم وأعلن استعداده للتنفيذ، وأنه يجهل المكان الذين يعيشون فيه، وأعلن الجميع جهلهم به أيضًا. وتكرر الأمر السماوي في الليلة التالية، وألهم الله أحد أصدقائه بأن يقول: "أنت تملك عددًا وفيرًا من الجمال، فحمِّل البعض منها ما تريد إرساله، ودَع شخصًا واحدًا يخرج بها من المدينة وحينما يصل بها إلى مشارف الصحراء يتركها تسير كيفما تريد. فإن كان الأمر من الله فعلاً ستذهب هذه الدواب إلى رجال الله بنفسها". ووافق الجميع على هذا الاقتراح وحمَّلوا خمسة وستين جملاً مختلف الأطعمة، ثم ربطوا الجمال إلى بعضها البعض من ذيولها وركب أحد الخدم حمارًا وسار أمام القافلة، ثم سار إلى جانبها حين دخل الصحراء. وبعد أربعة أيام ركع الجمل الأول أمام مقر القديسين.

لاحظ فرونتون حركة الجمال وامتلأ قلبه شكرًا وتسبيحًا، وكان الجميع يصلّون داخل الكنيسة الصغيرة التي شيّدوها، فأراد أن يدعهم يستكملون الصلاة في هدوء، لذلك وقف عند الباب بقامته العريضة، وحالما انتهوا من تضرعاتهم أوقفهم أمام الجمال التي كانت قد جلست كلها في صف طويل ثم قال لهم: "والآن أيها الاخوة هل مازلتم في تذمركم؟ لقد أوكل الله غنيًا سكندريًا للعناية بنا، وهو قد أطاع الأمر الإلهي. فهيّا نرفع الأحمال عن ظهور هذه الحيوانات كي تستريح". وانشغل الجميع بهذا العمل وقد امتلأت قلوبهم تعجبًا أمام سهر الآب السماوي عليهم.

رأى فرونتون من باب اللياقة أن يعيد نصف التقدمات إلى صاحبها تعبيرًا له عن شكرهم، فبعدما أخذوا احتياجاتهم وضعوا الباقي على ظهور الجمال وتركوها لتعود.

مرّت ثمانية أيام دون أن يبدو أثر للقافلة، وبدأ بعض الأصدقاء يلومون الغني على تسرعه. وبينما هم في هذا اللوم إذا بصوت الجمال يتردّد على مسامعهم، فتطلّعوا من النوافذ وإذا بالقافلة تتهادى نحوهم. ولما تسلّم الغني ما أعاده إليه رجال الله أقام وليمة للفقراء، وظل مدى حياة فرونتون يرسل له ولاخوته في مواعيد محددة الأطعمة اللازمة لهم.

السنكسار الأمين، 29 بشنس.

فريسكا الرسول

كان القديس فريسكا أو أونيسيفورس من بني إسرائيل من سبط بنيامين ابنًا لأبوين حافظين للناموس، وكان من الذين تبعوا المخلِّص وسمعوا تعاليمه وشاهدوا آياته ومعجزاته، فلما أقام السيد المسيح ابن أرملة نايين من الموت كان هذا القديس حاضرًا، فتقدم بلا تردّد إلى السيد المسيح مؤمنًا به وصار أحد السبعين رسولاً.

كان مع التلاميذ في عُلّية صهيون وقت حلول الروح القدس عليهم، وبشَّر بالإنجيل في بلاد كثيرة ثم أقاموه أسقفًا على خورانياس، فعلَّم أهلها الإيمان المسيحي ثم عمّدهم. وبعد أن أكمل جهاده تنيّح بسلام وعمره سبعون عامًا، منها تسع وعشرون سنة يهوديًا وإحدى وأربعون سنة مسيحيًا، وقد ذكره بولس الرسول في رسالته الثانية إلى تيموثاوس (2تي 4: 19).

السنكسار، 25 برمهات.

فستوس الشهيد

كان شماسًا في بينيفنتُم Beneventum، وأثناء زيارته للقديس يانواريوس Januarius أسقفه في بوتيولي Puteoli قُبِض عليه من أجل المسيح، أُلقِي للوحوش ثم قُطِعت رأسه، وكان ذلك سنة 304م تحت حكم دقلديانوس ومكسيمينوس.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 507.

فلاكسيلا الإمبراطورة القديسة

هي أولى زوجات ثيؤدوسيوس الأول، يسميها البعض بلاسيديا Placidia. يقال أنها كانت أسبانية المولد، وأنها ابنة أنطونيوس حاكم بلاد الغال سنة 382م.

تزوّجت ثيؤدوسيوس في الغالب سنة 376م، إذ وُلِد أكبر أبنائها سنة 377م. أما أبناؤها فهم أركاديوس Arcadius وهونوريوس Honorius اللذان صارا إمبراطورين فيما بعد، وابنة هي بولشيريا Pulcheria التي توفّت قبل والدتها بقليل.

أما عن فضائلها فقد امتدحها كُتَّاب مسيحيون هم القديس أمبروسيوس، القديس غريغوريوس أسقف نيصص وسوزومين Sozomen، ثيؤدورِت Theodoret ونيسيفورُس Nicephorus، وبالمثل ثيميستيوس Themistius الكاتب الوثني.

يقول ثيؤدورِت أنها لم تتأثر بمركزها العالي بل جعلت من نفسها خادمة، وكانت تزور المستشفيات وبيوت المرضى وترعاهم بنفسها وتخدمهم بيديها. وكانت باستمرار تُذَكِّر زوجها بالعطايا والنعم التي أنعم بها الله عليه، وبالتالي غرست فيه بذور الخير والصلاح.

يقول ثيميستيوس أن بمشورتها وتوجيهها سامح الإمبراطور المتآمرين عليه سنة 385م، وفي هذا كما في مواقف أخرى كثيرة كانت آرائهما تتفق على الخير والرفق.

تنيحت فلاكسيلا في 14 سبتمبر سنة 385م وذلك في سكوتوميس Scotumis بتراقيا Thrace، وقد ألقى عظة الجنازة - والتي مازالت موجودة للآن - القديس غريغوريوس، وفيها امتدح حياتها وشخصيتها كنموذج للفضائل المسيحية.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 524.

فلورُس ولاورُس الشهيدان

يقال - حسب التقليد اليوناني - أنهما كانا شقيقين وكانا يشتغلان بقطع الأحجار. اشتغل الأخوان ببناء معبد للأوثان في مدينة إيليريا Illyria، وبعد الانتهاء من البناء تحوّل كل من اشتغل بالبناء - ومعهم الأخوان - إلى المسيحية، فكسّروا التماثيل الوثنية وحوَّلوا المبنى إلى كنيسة مسيحية.

قبض الوالي على الجميع وحكم على البعض بالدفن أحياء وعلى الآخرين بإغراقهم في بئر عميقة، فنالوا جميعًا إكليل الشهادة.

Butler, August 18.

فلورنتيوس الأسقف الشهيد

ثامن أسقف لمدينة فيينا استشهد سنة 253م. كان مشهودًا له في سيرته وفي تعليمه، وأنه عاش في أثناء حكم جورديان Gordian، واستمر حتى عصر جالّينوس Gallienus وفولوسينيان Volusinian حيث نُفِي ثم استشهد.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 539.

فلورنتيوس ورفقاؤه الشهداء

تحتفل الكنيسة الغربية في الخامس من شهر يونيو بتذكار استشهاد فلورنتيوس، الذي استشهد في بيروجيا Perugia مع رفقائه مارسللينوس Marcellinus وقرياقوس Cyriacus وفاوستينوس Faustinus وجوليانوس Julianus الذين استشهدوا سنة 250م أثناء حكم ديسيوس Decius.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 541.

فلوريان الشهيد

كان ضابطًا في الجيش الروماني، وتبوّأ مركزًا إداريًا كبيرًا في نوريكمNoricum وهي الآن جزء من النمسا. وقد استشهد من أجل الإيمان سنة 304م في زمن دقلديانوس.

سلّم نفسه في لورك Lorch لجنود الوالي أكويلينوس Aquilinus الذين كانت مهمتهم القبض على المسيحيين. وبعد اعترافه بالسيد المسيح جُلد مرّتين ثم سلخ جلده، وأخيرًا استشهد حين ربطوا في رقبته حجرًا وألقوه في نهر إنز Enns.

قد اهتمت بدفن جسده امرأة مؤمنة، وفيما بعد نُقل جسده إلى كنيسة القديس فلوريان بالقرب من لينز Linz، وبعدها بمدة نقل إلى روما. وفي سنة 1138م أعطى البابا ليسيوس الثالث Lucius III جزءً من رفات القديس إلى الملك كاسيمير Casimir ملك بولندا، ومنذ ذلك الوقت يعتبر القديس فلوريان شفيع بولندا بالإضافة إلى لينز ومنطقة شمال النمسا.

Butler, May 4.

فلورينا الشهيدة

استشهدت هذه العذراء في أوفيرن Auvergne في الغالب أثناء المجازر التي قام بها أليمانِّي Alemanni في بلاد الغال Gaul وذلك بين السنوات 365 و368م.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 544.

فليمون الزمار الشهيد

أمر إريانا الوالي بالقبض على كل مسيحي بالمدينة بأي ثمن، وامسكوا 37 شخصًا وقدموهم للمحاكمة. وكان من بين هؤلاء شماس يدعي أبولونيوس، فلما أحضروه أمام آلات التعذيب ارتعب وتراجع.

أبولونيوس يلجأ إلى فليمون

ولكي يحافظ أبولونيوس على حياته ذهب إلى لاعب مزمار ماهر جدًا يدعي فليمون، وقدم له أربع قطع ذهب، ورجاه أن يذهب هو ليذبح للأوثان بدلاً منه، فوافق الفنان أن يأخذ رداءه ووضع المزمار الذي كان في يديه عند أقدام أبولونيوس والقي الرداء على كتفيه وتقدم إلى المحكمة فلم يعرفه أحد.

فليمون يؤمن بالسيد المسيح

وإذ حوّلته النعمة في لحظه صرخ فليمون وقال: "أنا مسيحي ولن أذبح للأوثان"، فهدّدوه وتوعّدوه بأنه سيلاقي العذابات المريرة. ثم فكروا أن ينادوا على فليمون عسى أن تنجح أصوات مزماره الشجية في التأثير على هذا الثائر، فبحثوا عنه دون جدوى، وحينئذ استدعي الوالي أخاه الفنان تيوناس وسألوه عن أخيه، فنزع الرداء الذي يغطي وجه أخيه وقال: "ها هو، إنه أمامكم". وعند رؤيته ظن الوالي أنه يمثل ويمزح ولكن فليمون ردّ عليه وقال: "هذا ليس فكاهة، اصنع ما شئت لأن نعمة المسيح قد غمرتني وحوّلتني".

عماد فليمون

فكّر الوالي في قتله ولكنه خاف من الشعب الذي كان يحب فليمون كثيرًا. ثم تنبّه فليمون إلى أنه لم يتعمّد فرفع نظره ويديه إلى فوق وصلى لكي ينال العماد المقدس فاستجيبت صلاته واختفي في الحال. تعجب الحاضرون ولم يصدقوا أعينهم حتى ظهر فجأة في نفس المكان بعد أن نال العماد. حاول الوالي أن يستثير فيه حبه لفنه، فطلب فليمون من الرب أن يرسل نارًا من السماء تحرق مزماره، فرأي الحاضرون كرة من جمر نازله من فوق تسقط عند أقدام أبولونيوس واحترقت الآلات الموسيقية.

الوالي يفقد أحد عينيه

استدعى الوالي ثلاثة جنود وأمرهم أن يلطموا فليمون بدون شفقة فضربوه بعنفٍ، ثم حاول أن يغريه ولكنه لم يتأثر.

أمر بإحضار أبولونيوس وفليمون وأن يثقبوا كعوبهما ليُدخلوا فيها حبالاُ ويجروهم في الشوارع، ثم أحضر سهامًا ليرشقوها في جسده فعلقوه ورأسه إلى أسفل، وكان القديس يصلي من كل قلبه وسط العذاب. كانت السهام تنثني في جسده وترتد في الهواء، وعندما رفع إريانا عينيه لينظر الشهيد طاش سهم وقلع إحدى عينيه.

جن جنون الوالي وسأل القديس: "أين تعلّمت هذا السحر؟ ترى أني فقدت عيني فأعد إلى بصري وأنك تستطيع ذلك أن أردت". ردّ عليه القديس قائلاً: "إذا صلّيت إلى إلهي فإنك تعزو شفاءك إلى السحر. فبعد موتي اذهب إلى قبري وخذ من هناك بعض التراب واصنع منه طينًا ودلِّك به عينك فتشفي في الحال".

إريانا يقبل الإيمان

كان الوالي قد أمر بقطع رأسي فليمون وأبولونيوس، وبعد دفنهما هبّ إريانا إلى قبر القديسين وفعل كما قال له القديس وفي الحال عاد إليه بصره ودخل المدينة صارخًا "إني أرى. أنا مسيحي". وتجمّعت حوله الجموع يسألونه، ولما علموا بما حدث اخرجوا جسديّ الشهيدين وغسلوا جروحهما الدامية ولفوا رفاتهما المكرمة ثم دفنوهما من جديد. ثم أخرج إريانا في نفس اليوم المسجونين المسيحيين وأطلق سراحهم دليلاً على صدق تحوله.

علم بذلك دقلديانوس - الذي كان في الإسكندرية في ذلك الوقت - فاستدعاه إليه لمحاكمته، ثم أصدر قرارًا أن يربطوا يديه ورجليه ويضعوا في عنقه رحى حجر وينزلوه في البئر ثم يضعوا عليه تراب الحفر، ولكن الرب نجاه وخرج دون أن يصيبه شيئًا. ولما رأى ذلك الحراس آمنوا واعترفوا بالرب يسوع أمام دقلديانوس. ثم وضعوا إريانا والخدام المؤمنين في أكياس ورموهم في البحر فغرقوا ونالوا أكاليل الشهادة.

وما هي إلا برهة حتى طفت أجسادهم فأخذها المؤمنون ونقلوها في كتمان شديد، ودفنوا أجساد القديسين الأبطال وسط الشموع والتهليل، وكان ذلك كان سنة 305. وتعيّد له الكنيسة في السابع من برمهات.

الشهيدان فليمون الزمار وإريانا الوالي.

فليمون القديس

كان هذا القديس طاعنًا في السن، وكان متواضعًا جدًا وكان يتمتع برؤى كثيرة. وبينما كان يخدم على المذبح رأى ملاكًا ذات مرة على يمينه.

في مرات عديدة ضربته الشياطين وجلبت عليه أمراضًا شديدةً، لدرجة أنه لم يتمكن من الوقوف أمام المذبح للصلاة. ولكن بعد فترة طويلة جاء ملاك الرب وأمسكه بيده وأقامه، وفي الحال نال الشفاء التام واستردّ قوته. وكان الاخوة يتعجبون من شدة آلامه وصبره العجيب إلى النهاية، حتى تحنّن الله عليه بالمعونة والخلاص من أمراضه.

جاء في كتاب "مشاهير الآباء" للقديس جيروم:

[رأينا هذا القديس الذي كان قديسًا عظيمًا، ومتواضعًا جدًا. وكان يرى رؤى باستمرار. وعندما كان يقوم بخدمة الذبيحة للّه (القداس) رأى ملاكًا واقفًا عن يمين المذبح.

وقد اعتاد أن يكتب ويُسجّل – في كتاب – أسماء الذين كانوا يتقربون من الأسرار المقدسة. وقيل أن المتناولين باستهتار (بدون توبة صادقة) كانوا يموتون سريعًا.

وقد حاربته الشياطين وضربته بأمراض كثيرة. حتى أنه لم يقدر على الوقوف على المذبح لصلاة القداس. إلا أن ملاكًا جاء وأمسك بيده. فاستردّ قوته على الفور. وشُفيَ أمام المذبح، ورأى الاخوة أثار ضربات الشياطين في جسده وتعجّبوا مما حدث له.]

فليمون القس

في الثامن عشر من شهر كيهك، تعيّد الكنيسة لتذكار القديس فليمون القس المتوحد.

فليمون وأبفية الشهيدان

كان فليمون رجلاً ذا جاهٍ وثروة كبيرة من سكان كولوسي Colossae في فريجية Phrygia. تحوّل إلى المسيحية في الغالب على يد بولس الرسول، ويبدو أنهما قد صارا صديقين حين كرز الرسول في أفسس، وكان منزل فليمون مكان اجتماع المؤمنين.

كان أُنسيمُس Onesimus عبدًا عند فليمون، ويبدو أنه لم يتعلم كثيرًا من نموذج الحياة المثالية الموجودة في المنزل، فقد سرق سيده وهرب إلى روما، حيث تقابل مع بولس الرسول - الذي كان مسجونًا هناك في ذلك الوقت - وبسبب محبة الرسول وعطفه تحوّل العبد السارق إلى ابن روحي له.

كان بولس يودّ أن يبقى أُنسيمُس المتحوّل إلى المسيحية معه ليكون خادمًا له، ولكن فليمون كانت له دعوى ضده، فأعاده الرسول إلى كولوسي برسالة وهي الموجودة في الكتاب المقدس باسم الرسالة إلى فليمون. في هذه الرسالة يكتب بولس بلين شديد وقوة إقناع في آنٍّ واحد. ويدعو فليمون "المحبوب والعامل معنا"، وأبفية "المحبوبة". ثم يتوجه بالطلب إلى فليمون أن يسامح أُنسيمُس ويقبله "لا كعبد فيما بعد بل أفضل من عبد، أخًا محبوبًا ولاسيما إليّ فكم بالأحرى إليك في الجسد والرب جميعًا". ولسنا نعرف نتيجة طلب بولس الرسول هذا، ولكن التقليد المسيحي يذكر أن فليمون منح أُنسيمُس حريته وسامحه على جريمته وجعله خادمًا للإنجيل.

يقول التقليد أنه صار أسقفًا على كولوسي أو غزه Gaza، وأنه استشهد إما في كولوسي أو أفسس. ففي زمن الإمبراطور نيرون هجم الوثنيون على الكنيسة في يوم عيد الإلهة ديانا، وقبضوا على فليمون وأبفية. وبأمر الحاكم أرتوكليس Artoclis جُلِدا ثم دُفِنا حتى منتصف جسديهما ثم رُجِما حتى نالا إكليل الاستشهاد.

تحتفل الكنيسة القبطية بتذكار استشهادهما في الخامس والعشرين من شهر أمشير.

Butler, November 22.

فهد بن إبراهيم الشهيد

كاتم سرّ الحاكم بأمر الله

كان من أراخنة الأقباط في عهد الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي. عيّنه الحاكم كاتبًا له وكاتم سرّه ومنحه ثقته، وكان ذلك وسط الجو غير المستقر بالبلاد وكثرة حوادث القتل. فلما اغتيل برجوان الصقلي الذي كان مستأثرًا بالسلطة بتدبير الحاكم نفسه أرسل في طلب فهد بن إبراهيم وخلع عليه أحسن الحلل وقال له: "لا تقلق أبدًا لما حدث"، وعيّنه وزيرًا وأوصى كتاب الدواوين والأعمال بطاعته. ثم قال الحاكم لفهد أمام الجميع: "أنا حامد لكَ وراضٍ عنكَ، وهؤلاء الكتاب خدمي فاِعرَف حقوقهم واحسن معاملتهم واحفظ حرمتهم، وزِد في واجب من يستحق الزيادة بكفايته وأمانته". لذلك اشتهر باسم "الرئيس أبو العلا فهد بن إبراهيم".

اغتياله

لما وصل فهد القبطي إلى هذه المكانة وحاز ثقة الخليفة الحاكم، صار هدفًا للدسائس ممن يبغضون النصارى، فبدأت الوشايات ليضعفوا ثقة الحاكم فيه. والعجيب أن الحاكم رغم فهمه مغزى الشكاوى التي قُدمت ضد فهد، لكن تمشيًا مع التيار سمح باغتيال فهد بعد أن استمر في خدمته ست سنوات، وأفهم حاشيته أنه إنما أصدر أمره هذا تحت ضغط شديد! ولتغطية الموقف أرسل الحاكم في طلب أولاد فهد الذي قُتل وأنعم عليهم، وأمر ألا يمسّهم أحد بسوء.

لم تكن هذه الشكاوى والاحتجاج بقتل فهد إلا ذرًا للرماد في العيون، فيُذكر أن سبب قتل الحاكم بأمر الله لفهد هو أن الحاكم طلب إليه اعتناق الإسلام، فلما لم يوافقه أمر بقطع رأسه وحرق جسده لمدة ثلاثة أيام، ومع ذلك لم يحترق جسده بل بقيت يده اليمنى وكأن النار لم تقربها!

أما السبب في ذلك فقيل عن فهد هذا أنه كان رحيمًا جدًا ولا يرد سائلاً تنفيذًا لوصية السيد المسيح: "كل من سألك فأعطهِ". ويده اليمنى التي كانت تمتد بالخير هي التي ظهرت فيها المعجزة أكثر من بقية جسمه، إذ بدت وكأن النار لم تقربها. وقد دُفن جسده بدير الأنبا رويس. وتُعيِّد له الكنيسة في اليوم التاسع عشر من شهر برمودة.

باقات عطرة من سير الأبرار والقديسين، صفحة 201.

فوتينا ورفقاؤها الشهداء

التقليد الروماني

بحسب التقليد الروماني، كانت فوتينا امرأة سامرية واستشهدت مع ابنيها يوسف Joseph وفيكتور Victor والقائد سبستيان Sebastian واناتوليوسAnatolius وفوتيوس Photius والأخوات فوتيس Photis وباراسكيف Parasceve وكيرياكا Cyriaca، وذلك حين اعترفوا بإيمانهم بالسيد المسيح.

التقليد اليوناني

حسب التقليد اليوناني فوتينا هي المرأة السامرية التي تكلم معها المسيح عند البئر، وبعد أن كرزت في أماكن كثيرة ذهبت إلى قرطاجنة حيث استشهدت بعد حبسها ثلاث سنوات بسبب الإيمان. وفيكتور الذي كان قائدًا في الجيش الإمبراطوري صار واليًا في بلاد الغال، واستطاع أن يحوّل سبستيان إلى الإيمان. أُحضِر الشهداء إلى روما حيث أُحرِق بعضهم أحياء، بينما قُطِعت رؤوس الآخرين بعد تعذيبهم بوحشية.

التقليد الأسباني

يذكر التقليد الأسباني عن فوتينا أنها كانت سببًا في إيمان ومعمودية دومنينا Domnina ابنة نيرون مع مائة من خادماتها.

فوتينوس

من أهل غلاطية، تتلمذ على يديّ مارسيللوس أسقف أنقرا، صار شماسًا ثم كاهنًا على الكنيسة. انتقل إلى سيرميام Sirmium ربما عندما أُستبعد مارسيللوس من إيبارشيته عام 336م، وصار يجول ما بين روما والقسطنطينية.

لم يخفِ التعاليم التي تسلمها من معلمه، بل ونجح في إيجاد من يستمعون إليه.

هاجمه اليوسابيون في إنطاكية، معتبرين إياه في جماعة معلمه. هوجم أيضًا في ميلان ثم في العاصمة.

كان أسقفًا على Sirmium (من حوالي عام 344 إلى351م)، مات عام 376.

عزل عن أسقفيته بسبب آرائه الخاصة بشخص السيد المسيح.

إذ لا يوجد أي عمل له الآن يصعب أخذ قرار دقيق فيما يخص آرائه، وتبقى أخطاؤه غامضة. غالبًا ما تربط شخصيته بسابيليوس الذي أنكر حقيقة الثالوث، حاسبًا أنه لا يوجد ثلاثة أقانيم إلهية، وإنما ثلاثة أشكال أو أسماء ظهر خلالها الله.

كان متعلمًا، متدربًا على الخطابة، ملمًا باليونانية واللاتينية. كتب ضد الهراطقة والوثنيين.

بقى تأثيره حتى بعد نفيه، بل وبعد موته.

دين في مجمع القسطنطينية عام 381م، وفي عام 428م بواسطة ثيؤدوسيوس الثاني.

Socrats: Ecc. His 2: 18,19,30; Sozomen: E. H. 4: 6; Epiphanius; Panarion, 71.

فوزية اسحق البارة

حياتها

كانت من الأقصر وعاشت أواخر سنين حياتها بالإسكندرية، وهي زوجة وأم أولاد تمتاز بصفاء روحي ونقاء قلبي، غير مهتمة بأباطيل هذا العالم وزخرفته الكاذبة، تحيا حياة بسيطة في شكلها وموضوعها إلى أن سمح لها الرب أن تُجرب بمرض السرطان مع شلل نصفي، وفي السنتين الأخيرتين قبل انطلاقها للسماء عانت من الآلام ما لا طاقة للبشر على احتماله.

شخص يكذب!

في أول يوم من ذهابها إلى الجامعة بالقاهرة عادت وصارت تبكي، وكان والدها يسألها عن سبب بكائها فلم تجبه. وفي حوالي الحادية عشر مساءً إذ ضغط عليها والدها قالت له: "تخيّل، لقد كذب شخصًا غير مسيحي في الكلية! شخص يكذب!"

دُهش والدها كيف أن ابنته لم تكن تتصور وجود أي إنسان يكذب! نادى اخوتها وقال لهم: "انظروا ماذا تقول أختكم؟ كيف يمكنها أن تعيش في وسط العالم؟!"

هكذا كانت بساطتها العجيبة ونقاوة قلبها حتى أنها لا تتصور إنسانًا يكذب قط!

البابا كيرلس السادس قد تنيح!

حباها الرب بنقاوة قلب غير عادية وشفافية كشفت أمامها أمورًا يُتعجب لها، اعتادت أن ترى رؤى الله وتُدرك ببصيرة روحية جلائل الأمور قبل حدوثها.

مثال ذلك ما حدث فجر يوم الثلاثاء 9 مارس سنة 1971م حين أيقظت زوجها وهي في غاية التأثر وأخبرته بأن البابا كيرلس السادس قد تنيح. وكانت وقتها تسكن في مدينة الأقصر على بعد كبير من مدينة القاهرة. ولما سألها: كيف عرفتِ؟ أجابت بأن والدتها المنتقلة قد أتت إليها في نصف الليل وأخبرتها بأن البابا كيرلس وصل عندهم. ولما قالت الأم ذلك، قالت لها فوزية: "إننا محتاجين إليه". أجابت الأم بأنه قد تعب كثيرًا، يكفيه تعبًا ". وفي الصباح سمعوا في النشرة الإخبارية في الراديو إن البابا قد انطلق فعلاً.

انفتحت أبواب السماء

في الأسبوع الأول من صوم الرسل إذ كنت في زيارتها روت لي ما حدث معها في يوم أحد العنصرة. فقد جاء أخوها كمال لزيارتها بعد غيبة أسبوعين آو ثلاثة خارج الإسكندرية. جاء بشوقٍ شديدٍ يريد أن يجلس معها، أما هي فسألته: "أي يوم الآن؟" أجابها: "الأحد". قالت "أي أحد؟" قال أحد العنصرة ".

عندئذ قالت له: "كيف تترك صلاة السجدة وتأتي لزيارتي؟ أرجوك خذ أنسي والأولاد واذهبوا إلى الكنيسة (الملاك ميخائيل، بجوار المنزل)". وأصرت أن يذهب الكل، وأن تبقى وحدها (وهي مصابة بالسرطان وشلل النصف الأسفل كله).

قالت لي: "ما أن أُغلق الباب حتى انفتحت لي السماء وعشت فيها حتى عادوا، إذ رُفعت السماء عندما وضعوا المفتاح في الباب".

حاولت بكل وسيلة أسألها عما رأته فكانت تتحدث في أمور أخرى.

مرضها

مرضت بالسرطان وعولجت في البداية على أنه روماتزم، أما هي فكانت تُصر أنه سرطان، وأُصيبت أيضًا بشلل نصفي.

وكانت أثناء الليل وهي بين النوم واليقظة، لأنها كانت لا تعرف طعم النوم بمعناه الطبيعي من فرط آلامها الشديدة والمستمرة، إنما كانت تحت مفعول المسكنات والمنومات تذهب في إغفاءة خفيفة من النوم تتكلم فيها بكلمات بسيطة وواضحة وعميقة تصوّر فيها مشاعرها، وتُعلنها في صورة تأملات وأحيانًا نصائح وإرشادات، وأخرى إعلانات لما تراه من رؤى روحية وسماوية.

هناك من هذه الإعلانات ما يوضح ويؤكد أنها كانت لها لقاءات مع الرب يسوع الذي سمح في تنازل محبته أن يتراءى لها مرات عديدة معلنًا لها ذاته، بل وناشرًا حولها نوره وجماله ويدخل معها في حوار يمدّها من خلاله بالرجاء والمعونة والتعزية، فيخفف عنها آلامها لتحتملها بشكر بل وتفرح بها أيضًا.

لم يكن السيد المسيح له المجد يتركها في وسط آلامها، بل وأكثر من ذلك كان يأخذها وينطلق بها لفترات خارج جسدها وخارج هذا العالم، ليعطيها فترات راحة وسعادة وتعزية، على مثال ما أخذ بولس الرسول إلى السماء الثالثة بعد أن رجموه في مدينة لسترة وكاد أن يموت، فأخذه ليقويه ويعزيه ويشدده. ففي إحدى المرات كانت الطبيبة التي تأتي لخدمتها في حيرة من تشخيص حالتها، فقالت للزوج إنها لم تكن في غيبوبة مرضيّة، بل طبيعية جدًا. وبعد محاولة لإيقاظها قالت لزوجها لماذا فعلتما هكذا، ولم تتركاني عند المسيح؟

وحينما سألته أن يسجل لها مناجاتها للسيد المسيح أثناء نومها، قال: مرة بدأت في ذلك فكانت تستيقظ وتنقطع عن المناجاة العميقة الشهيّة بينها وبين حبيبها.

اهتمامها بالجيل الجديد

إذ كنت أفتقدها في مرضها القاسي كانت تردد: "لا تخف عليّ، هذا الوقت أولى به الشباب، فهم محتاجون إلى الرعاية".

بدلة الإكليل

قبل نياحتها إذ كنت في زيارتها كالعادة بعد أن اشتد بها المرض قالت لي: "أريد أن أخبرك بوصيتي". نادت زوجها الدكتور أنسي وقالت: "عندما أرحل لتكن جنازتي في كنيسة المدافن، ولا يحضر فيها غير الكاهن والشمامسة وأنسي والأولاد. أرجو ألا تخبروا أحدًا عن الجنازة". ثم التفتت إلى أنسي وقالت له: "ترتدي بدلة الإكليل في الجنازة".

تسللت الدموع من عينيه، فنظرت إليّ وقالت: "أنظر، لماذا يبكي؟ إنه يوم عرسي".

هكذا كانت مشاعرها حتى اللحظات الأخيرة من حياتها على الأرض، إذ كانت تترقب رحيلها لكي تُزف مع عريسها السماوي.

نياحتها

حدّد لها الرب ميعاد انطلاقها من العالم بطريقة مذهلة، ففي يوم 4 يناير سنة 1984م في الصباح الباكر وإذ كانت يومها مثقلة بالآلام فوق الطاقة، قالت لزوجها:

[أنا الليلة كنت مع المسيح، وقال لي: أنتِ كفاية خالص أخذتِ آلامك كلها، والإكليل تجهز لِك أيضًا، وإذا كنتِ تحبِ تأتي عندي الآن أنا مستعد، فقلت له: معلهش يا يسوع صحيح الآلام دلوقتي فوق طاقتي وشديدة خالص لولا ما أنت ساندني، لكن أنت تعرف مقدار حبي لأولادي ومستعدة أحتمل من أجلهم، ونفسي يعيدوا لك عيد الميلاد وعيد الغطاس كمان، وبعد ما ينبسطوا مع زملائهم في الكنيسة في إجازة نصف السنة، أحب أكون عندك آخر يوم في الإجازة يعني يوم الجمعة 27 يناير، علشان يدخلوا الأولاد كلياتهم تاني يوم. ويسوع وافقني على هذا الكلام ووعدني أنه يتممه معي، فأنا يوم الجمعة آخر إجازة نصف السنة سأذهب للسماء.]

قد كمّل الرب وعده فعلاً معها وأطلقها من سجن الجسد بسلام في يوم الجمعة 27 يناير في اليوم والساعة التي اتفقت مع حبيبها عليها.

فوستينا الشهيدة

هي زوجة القيصر ماكسيميان الثاني، والتي ترد سيرتها في حرف "ك"، تحت "كاترينا وفوستينا الشهيدتان".

فوسكا الشهيدة

استشهدت هذه العذراء في رافينّا Ravenna في الثالث عشر من شهر فبراير سنة 250م أثناء حكم الإمبراطور ديسيوس Decius، واستشهدت معها ممرضتها مورا Maura وذلك بأمر من الرئيس كوينكتيانوس Quinctianus.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 588.

فوشيان، فيكتوريكوس وجنتيان الشهداء

كان فوشيان وفيكتوريكوس مبشرين رومانيين أتيا إلى بلاد الغال للتبشير بالمسيحية، وذلك في نفس الوقت الذي أتى فيه القديس كوينتينوس St. Quintinus.. جعل فيكتوريكوس مقره في بولونيا Boulogne بينما جعل فوشيان مقره في ثيروان Therouanne بالقرب من قرية هيلفوت Helfaut. حيث بنى كنيسة صغيرة. وقد لقي كلاهما مقاومة من الوثنيين الغاليين والرومان، ومع ذلك استطاعا تحويل العديد إلى المسيحية.

بعد مدة ذهبا معًا لزيارة القديس كوينتينوس، وحين وصلا إلى أميان Amiens وجدا الاضطهاد شديدًا ضد المسيحيين، فعبرا إلى سانس Sains واستقرّا عند رجل عجوز اسمه جنتيان. ومع أن جنتيان كان وثنيًا إلا أنه كان منجذبًا للمسيحية، فكلّمه المبشران عن الإيمان المسيحي وعلما منه عن استشهاد القديس كوينتينوس منذ ستة أسابيع مضت.

حين سمع الحاكم ركتيوفارُس Rictiovarus بوجود اثنين من الكهنة المسيحيين في سانس، قام على رأس كتيبة من جنوده حيث تقابل أولاً مع جنتيان. وقف أمامه جنتيان مدافعًا عن الرجلين معلنًا استعداده للموت من أجل الإله الحقيقي، ففي الحال استل ركتيوفارُس سيفه وقطع رأسه. ثم ساق الحاكم فوشيان وفيكتوريكوس مكبّلين بالأغلال إلى أميان، ولما رفضا ترك إيمانهما بالرغم من العذابات الشديدة قُطِعت رأسيهما ونالا إكليل الشهادة.

Butler, December 11.

فوكاس البستاني الشهيد

البستاني التقي

لا نعرف عن هذا الشهيد إلا ما رواه عنه أستييروس أسقف أماسا Astenius of Amasea.

عاش الشهيد فوكاس بالقرب من سينوب Sinope على البحر الأسود، وكان يشتغل بزراعة بستان. وفي عمله البسيط هذا كان متمثلاً بحياة الآباء القديسين الأولين، بل وحياة أبوينا الأوَلَيّن في جنة عدن.

وكان القديس يمزج عمله بالصلاة، حتى تحول بستانه إلى معلم له ومصدر مشبع للتأملات في الخالق المبدع، وفتح بيته للغرباء والمسافرين ليستضيفهم. ولما كملت ثمرة محبته وخدمته للفقراء وجده الله مستحقًا أيضًا أن يقدم حياته من أجل المسيح.

استشهاده

يرى Combefis أنه استشهد في السنوات الأخيرة من حكم تراجان. أما Tillemont فيحسبه استشهد\ مؤخرًا في عهد ديسيوس أو دقلديانوس، وهو يرجح الأخير.

استضافته للجنود قاتليه

حين ثار اضطهاد على المسيحيين، اُتهِم فوكاس كمسيحي وعُقِدت محكمة صورية حكمت بقتله أينما وُجِد. خرج الجنود لتنفيذ الأمر حتى وصلوا بالقرب من سينوب. وإذ لم يستطيعوا دخول المدينة، توقفوا بمنزله دون أن يعرفوه وقبلوا دعوته بالمكوث عنده.

قدم لهم مائدة وأثناء الطعام أعلموه بهدف مهمتهم، وسألوه عن مكان تواجد المدعو فوكاس، فأجابهم بأنه يعرف الرجل معرفة وثيقة، وأنه سيخبرهم عن مكانه في الصباح. بعد أن نام الجنود خرج فوكاس وحفر لنفسه قبرًا وأعد كل شيء لتكفينه ودفنه، ثم أمضى الليل في إعداد روحه للساعة الأخيرة.

شجاعته

في الصباح ذهب إلى ضيوفه وأعلمهم أن فوكاس موجود وتحت أمرهم ليقبضوا عليه متى شاءوا، ولما سألوه عن مكانه أجاب القديس: "إنه هنا، أنا هو الرجل". ذُهل الجنود من حبه وكرمه وشجاعته وثباته. وفي البداية لم يعرفوا ماذا يفعلون مع هذا الرجل الذي استضافهم بِكَرَم شديد، وإذ رأى حيرتهم أجابهم قائلاً أنه يعتبر موته من أجل المسيح أعظم خدمة يقدمونها له.

أخيرًا بعد أن أفاقوا من ذهولهم وحيرتهم أطاحوا برأسه، وفيما بعد بنى المسيحيون في المدينة كنيسة كبيرة تحمل اسمه.

وهبه الله عمل العجائب خلال رفاته حتى دُعي بالصانع العجائب Thaumaturgus.

نُقل جسده إلى القسطنطينية في أيام القديس يوحنا ذهبي الفم، وقد ألقى القديس عظة بهذه المناسبة. أقيم دير في الموقع الذي وضعت فيه رفاته.

قيل أن جزءً من رفاته نُقل إلى كنيسة الرسل في فينّا. ويُعتبر القديس المحبوب لدى البحّارة اليونانيين الذين يحسبونه شريكًا معهم في الطعام، فيجنّبون جزءً من ثمن طعامهم لاسمه، ويقومون بتوزيعه عند وصولهم إلى الميناء بسلام.

يحتفل به اليونانيون المعاصرون في 22 يوليو و22 سبتمبر.

يدعوه القديس غريغوريوس النزينزي: "تلميذ المسيح المتجدّد".

Butler, September 22.

فيبي الشماسة

تكاد تكون فيبي أشهر أنثى ورد اسمها في رسائل الرسل. لا نعرف عنها شيئًا غير ما دوّّنه القديس بولس في أول الإصحاح الأخير من رسالته إلى كنيسة رومية. والعجيب أيضًا أن التاريخ الكنسي لا يسجل عنها أي شيء.

يكاد الإصحاح الأخير من الرسالة إلى رومية يقتصر على أسماء بعض الأشخاص الذين يبعث بولس تحياته إليهم، ويذكر على رأس هذه القائمة الطويلة كلها - قبل الرجال - "فيبي خادمة الكنيسة التي في كنخريا". يقول معلمنا بولس: "أوصي بأختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي في كنخريا، كي تقبلوها في الرب كما يحق للقديسين، وتقدموا لها في أي شيء احتاجته منكم، لأنها صارت مساعدة للكثيرين ولي أنا أيضًا" (رو 16: 1 - 2).

واسم "فيبى" يعنى "بهيّة" أو "منيرة"، ومن اسمها نستنتج أنها كانت أممية متنصّرة. ففيبي في الأساطير اليونانية كان هو اسم أرطاميس إلهة القمر، فلم يكن والداها يهوديين. كما يدل الاسم أيضًا على أن المتنصرين من الأمم لم يحسّوا بأي حرج إن ظلّوا على أسمائهم السابقة لإيمانهم. وكانت فيبي هي المرأة الوحيدة بين أصدقاء بولس التي يدعوها أختنا.

يبدو أن فيبي كانت متبتلة، وكانت تقوم بخدمة فعَّالة في الكنيسة في منطقة كورنثوس. كما يبدو أنها كانت تخدم كشمّاسة في كنيسة كنخريا، إحدى مواني كورنثوس في بلاد اليونان. فالرسول بولس يذكرها على أنها diakonos وهي الكلمة التي تُطلق على من يقوم بخدمة الشمّاسية سواء كان ذكرًا أم أنثى. ولابد وأن فيبي كانت تمارس عمل الشمّاسية النسائية، وفضلاً عن ذلك فقد كانت كاتبة الرسالة إلى رومية بناء على إملاء الرسول بولس. بل وحملت هي نفسها هذه الرسالة إلى رومية.

ليس من السهل أن نسلِّم بأن مهمة فيبي كانت مجرد توصيل الرسالة التي كتبها القديس بولس إلى كنيسة رومية، بل لابد أن يكون الرسول قد كلّفها بمهمة خاصة، وجد أن من الحكمة عدم الإفصاح عنها، وكل ما فعله أنه أوصى الكنيسة بتسهيل مهمتها. ولا شك أن تلك المهمة كانت شيء يتعلق بخدمة الكرازة.

باقات عطرة من سير الأبرار والقديسين، صفحة 82.

فيتاليس وأجريكولا الشهيدان

في سنة 393م أعلن يوسابيوس أسقف بولونيا Bologna أن جسديّ شهيدين مسيحيين هما فيتاليس وأجريكولا يرقدان في مقابر اليهود في المدينة. فتم الكشف عن رفاتهما وأُخرِجا، وكان القديس أمبروسيوس أسقف ميلان شاهدًا على هذا الحدث.

كان أجريكولا من سكان بولونيا، محبوبًا من الكل بسبب فضائله وتقواه، وكان فيتاليس عبدًا له تعلم المسيحية منه. استشهد فيتاليس أولاً في المسرح الكبير بعد أن عُذِّب حتى أنه لم يُترَك جزء من جسمه بدون جروح، وتأجل تعذيب أجريكولا على أمل أن رؤيته لتعذيب فيتاليس قد يُضعف ثباته. ولكن على العكس كان ذلك سببًا في شجاعته وثباته بالأكثر، إذ رأى ثبات عبده وشجاعته، فعُلِّق على صليب وطعن في كل أجزاء جسمه حتى نال إكليل الشهادة.

Butler, November 4.

فيتاليوس

اتجاهه للأبولينارية

أسقف إنطاكية للأبوليناريين.

نشأ في أنطاكية في الإيمان الأرثوذكسي، وكان ذا شخصية قوية، سيم كاهنًا بواسطة ميليتوس (ثيؤدوريت 5: 4). وبسبب غيرة زميله الكاهن فلافيان حدث شرخ بينه وبين الأسقف، فانحاز فيتاليوس إلى أبولليناريوس وتبنّى أفكاره.

في روما

بلغت أخبار انحرافه عن الإيمان إلى روما، فقام فيتاليوس برحلة إلى روما عام 375م ليبرر نفسه أمام دماسوس أسقف روما لكي يقبله في الشركة.

استخدم فيتاليوس عبارات غامضة تحمل معانٍ كثيرة فأقنع دماسوس بأرثوذكسيته. على أي الأحوال لم يقبله دماسوس في الشركة إنما أعطاه رسالة إلى بولينوس وأعاده إلى إنطاكية، حيث حسبه الغرب أثناء الانشقاق الميلاتي هو الأسقف القانوني لأنطاكية.

ما أن ترك فيتالوس روما حتى أرسل دماسوس رسالة أخرى إلى بولينوس تحوي قانون الإيمان حيث دان تعاليم أبولليناريوس دون الإشارة إلى اسمه، سائلاً إياه أن يطلب من فيتاليوس التوقيع على القانون الإيماني هذا كشرط لقبوله في الشركة (ثيؤدوريت 5: 11).

رفض فيتاليوس التوقيع، واستفحل الشرخ بينه وبين بولينوس تمامًا.

سيامته أسقفًا

سام أبولليناريوس فيتاليوس أسقفًا على كنيسته المنشقة، وإذ اتسم بالقداسة في السلوك والغيرة في الكرازة كسب كثيرين إلى صفّه، وصار أتباعه يدعون الفيتاليون Vitalians (سوزومين 6: 25).

مع انحرافه الأبولليناري كان له تقديره لدى كثير من القيادات الأرثوذكسية فيما عدا في الفكر الأبوليناري.

حثّ القديس أبيفانيوس القديس باسيليوس الكبير أن يفتقد إنطاكية ويعالج هذه الجراحات. وبالفعل التقى بفيتاليوس الأسقف وطلب منه أن يرجع إلى الكنيسة ويتحد معها. فقد تبادل فيتاليوس وبولينوس الاتهامات، كل منهما يدّعي أن الآخر غير أرثوذكسي في إيمانه.

طلب القديس أبيفانيوس عقد مؤتمر، وقد أظهر فيتاليوس في البداية عبارات تبدو أرثوذكسية تمامًا. فقد أعلن مثل بولينوس أن المسيح إنسان كامل له جسد بشري ونفس، لكنه عاد فقال بأن اللاهوت احتل مركز العقل. بهذا فشلت محاولات القديس أبيفانيوس تمامًا. بهذا صار بإنطاكية ثلاثة مجموعات بجانب الأريوسيين، مجموعة مع ميليتس والأخرى مع بولينوس والثالثة مع فيتاليوس، والكل يدّعي أرثوذكسية المعتقد.

Henry Wace & William Piercy: A Dictionary of Early Christian Biography, 1999.

فيتُس ورفيقاه الشهداء

قبوله الإيمان

كان فيتُس الابن الوحيد لأحد نبلاء صقلية Sicily الوثنيين اسمه هيلاس Hylas.

تحوّل الصبي إلى المسيحية في سن السابعة أو الثانية عشر بواسطة مربيته كريسنتيا Crescentia وتعمَّد بدون علم والديه.

مقاومة والده مع الحاكم له

كثرة المعجزات التي جرت على يديّ فيتُس وتحوّل الكثيرين من أهل المدينة لَفَت انتباه فالريان Valerian حاكم صقلية، فسعى مع هيلاس إلى تحويل إيمان الصبي. حاولا بالوعود ثم بالتهديد وأخيرًا بالتعذيب مع الصبي، ولكن كل هذا لم يزعزع إيمان الصبي وثباته.

في إيطاليا

بتوجيه إلهي هرب فيتُس من صقلية مع مربيته كريسنتيا وزوجها مودستُس Modestus، وقاد مركبهم ملاك حتى وصلوا بسلام إلى لوكانيا Lucania في جنوب إيطاليا حيث مكثوا مدة يكرزون بالإنجيل إلى أهلها، وكان الرب يعولهم بطعام يرسله لهم بواسطة نسر.

ثم ذهبوا إلى روما، وهناك شفى القديس فيتُس ابن الإمبراطور دقلديانوس من روح شرير كان يعتريه، ولكن لأنه رفض الذبح للآلهة اعتُبِر أن ما قام به كان بتأثير قوة خفية.

استشهاده

أُلقي في زق مليء بالرصاص المذاب والقار ولكن القديس دخل وخرج منه كما من حمام منعش، فألقوه بعد ذلك إلى أسد جائع فأتى أمام القديس وأخذ يلحس قدميه. أخيرًا ربطوا فيتُس مع مودستُس وكريسنتيا إلى الحصان الحديدي حتى تخلَّعت أطرافهم ونالوا إكليل الشهادة، وكان ذلك حوالي سنة 300م.

في ألمانيا يكرّمون الشهيد فيتُس ويعتبرونه أحد شفعائهم، ويعتبر أيضًا شفيعًا وحاميًا لمرضى الصرع ومنجيًا من العواصف ومن عقر الكلاب والأفاعي، ولذلك يظهر الشهيد في الصور وبصحبته أحد الحيوانات.

الكنيستان الّلتان على اسمه في Ulm وRavensberg صارتا مشهورتين، إذ يأتي إليها سنويًا المصروعين لينالوا الشفاء.

Henry Wace & William Piercy: A Dictionary of Early Christian Biography, 1999.

Butler, June 15.

فيتّيوس إيباغاثوس الشهيد

مع بداية زمن الاضطهاد شعر المسيحيون أنه من الظلم الشديد أن يُضطَهَد الإنسان ويُسَلَّم إلى الموت لمجرد إعلانه أنه مسيحي، وبدون أي تحرِّي أو بحث عمّا إذا كان في العقائد أو الطقوس المسيحية أي شيء مناقض للأخلاق والفضيلة.

وقد حدث في أكثر من مرة أثناء محاكمة المسيحيين أن يتقدم أحد الحاضرين ويضغط على القاضي طالبًا منه ضرورة هذا التحري، مما يثير شك الحاكم فيسأله عما إذا كان هو بدوره من المسيحيين. وعند اعتراف الشخص بمسيحيته، كان الحاكم يرسله لملاقاة نفس مصير هؤلاء الذين كان يحاول الدفاع عنهم.

كان فيتّيوس إيباغاثوس من مشاهير المواطنين المسيحيين في مدينة ليون Lyons أثناء اضطهاد سنة 177م، واشتهر بكونه المدافع عن أوائل المسيحيين الذين قُبِض عليهم، ولذلك أُخِذ هو أيضًا ضمن "جماعة الشهداء".

وكلمة "شهيد" كما استخدمت في هذه الفترة الأولى لم تكن بالضرورة تعني أن الذي اعترف بالمسيح قد ختم اعترافه بالموت.

هناك رأيان عن فيتّيوس: الأول يقوله رينان Renan أن فيتّيوس كان يملك كل مقومات الاستشهاد دون أن يموت شهيدًا، ودليله على هذا أنه لم يرد أي ذكر عن تعذيبه ضمن جماعة المسيحيين في ساحات التعذيب. أما الرأي الآخر فيقول أنه كان رومانيًا وبالتالي فقد مات مستشهدًا بقطع رأسه وليس بالتعذيب في تلك الساحات.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1117.

فيث العذراء الشهيدة

محاكمتها

عاشت في القرن الثالث الميلادي، وبسبب مسيحيتها وقفت لتُحاكم أمام الحاكم داكيان Dacian في آجن Agen. رسمت نفسها بعلامة الصليب طلبًا للقوة، ثم التفتت إلى داكيان الذي سألها: "ما اسمِك؟" أجابته: "اسمي فيث (أي إيمان) وأجاهد لكي يكون لي الذي أتسمى به". سألها الحاكم: "ما هو ديانتكِ؟" أجابته العذراء: "منذ طفولتي وأنا أخدم السيد المسيح وله كرّست نفسي".

حاول داكيان أن يكون متعاطفًا معها وودودًا فقال لها: "تعالي يا ابنة وتذكّري شبابكِ وجمالكِ. اتركي عنكِ دينكِ وقدّمي قرابينكِ للإلهة ديانا التي هي من نفس جِنسكِ وسوف تمنحكِ كل العطايا والهبات الحسنة"، ولكن القديسة أجابته قائلة: "إن آلهة الوثنيين شريرة، فكيف تعتقد أنه يمكنني أن أقرِّب لها؟" أجاب الحاكم غاضبًا: "كيف تتجاسرين على تسمية الآلهة شريرة؟ إما أن تقدمي قرابينكِ للآلهة حالاً أو تموتين بالتعذيب". فصرخت نحوه القديسة: "إني مستعدة أن أحتمل أي شيء من أجل السيد المسيح واشتاق أن أموت من أجله".

تعذيبها

أمر داكيان بربطها على سرير نحاسي وأشعل تحته النار، ولكي يزيد من قسوة النار أضاف عليها زيتًا.

من قسوة العذاب اعترض بعض المشاهدين على الحاكم قائلين: "كيف يعذب إنسانة بريئة بهذه القسوة لمجرد أنها تعبد الله؟ ‎" لكن داكيان قبض على بعضهم، وحين رفضوا الذبح للأوثان قطع رؤوسهم مع القديسة فيث.

Butler, October 6.

فيجيليوس الأسقف الشهيد

أسقف ترنت

كان رومانيًا بالمولد ويبدو أنه ولد في ترنت Trent حيث اكتسبت عائلته حق المواطنة من طول مدة إقامتهم هناك. تعلّم في أثينا Athens، ولسنا نعلم أي شيء آخر عن حياته في تلك الفترة إلى أن عاد إلى مدينته، حيث اختير سنة 385م أسقفًا لترنت في سن صغير للغاية.

ما زالت إلى الآن إحدى الرسائل التي وجهها له مطرانه القديس أمبروسيوس رئيس أساقفة ميلان موجودة، وفيها يحثه أن يقاوم بشدة الرِبا، وزواج المسيحيين من الوثنيين، وأن يمارس إضافة الغرباء وبالذات الحجاج.

استشهاد ثلاثة مبشرين

كان ما زال في قرى إيبارشية ترنت عدد كبير من الوثنيين، فذهب إليهم القديس فيجيليوس بنفسه ليكرز لهم بالإنجيل، وساعده القديس أمبروسيوس فأرسل له ثلاثة مبشرين هم القديسين سيسينيوس Sisinnius ومارتيريوس Martyrius وألكسندر Alexander الذين نالوا إكليل الاستشهاد في 29 مايو سنة 395م.

وقد كتب فيجيليوس رسالة إلى القديس سيمبليساين Simplician خليفة أمبروسيوس يخبره عن سيرة هؤلاء المبشرين وظروف استشهادهم، كما كتب رسالة مطوَّلة بنفس المضمون إلى القديس يوحنا ذهبي الفم، الذي يبدو أنه تعرف عليه أثناء دراسته في أثينا. وفي هاتين الرسالتين يتكلم عن اشتياقه للحصول على المجد الذي ناله هؤلاء الشهداء، ولكن عدم استحقاقه حرمه من مشاركتهم استشهادهم.

استشهاده

الإكليل الذي اشتهاه ناله بعد قليل، ففي إحدى رحلاته التبشيرية في وادي رِندِنا Rendena المنعزل تحرك بغيرة روحية فألقى بتمثال الإله ساترن Saturn إلى الأرض، فأمسك به الوثنيون ورجموه حتى الموت، وكان استشهاده سنة 405م. ويقال أن رفاته موجود في ترنت بالإضافة إلى القديسين ماكسنتيا Maxentia وكلوديان Claudian وماجوريان Majorian الذين يقال أنهم أمه وأخويه.

Butler, June 26.

فيدنتيوس الشهيد

من شهداء حكم دقلديانوس وماكسيمينيان سنة 304م، وكان ذلك في تودِرتوم Tudertum بأمبريا Umbria.

يقال أنه ولد في كبادوكيا ثم ذهب إلى روما، وهناك تحوَّل إلى المسيحية. وحين ثار الاضطهاد على المسيحيين قُبِض عليه وعُذِّب ثم حُكِم عليه بالموت.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 511.

فيدنتيوس الأسقف الشهيد

استشهد مع عشرين آخرين، في الغالب سنة 304م أثناء حكم دقلديانوس. ويقال أنهم كانوا من هيبو Hippo بأفريقيا حيث بُنِيت كنيسة كبيرة تكريمًا لهم بعد ذلك بحوالي قرن، وكان القديس أغسطينوس يقرأ سيرتهم ومعجزاتهم علانية في الكنيسة.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 511.

فيديليس الشهيد

أثناء اضطهاد مكسيميان Maximian كان الضابط فيديليس يزور المسيحيين المحبوسين في سجون ميلان. استطاع فيديليس إطلاق سراح خمسة منهم، وأخذهم وهرب بهم إلى جبال الألب مع جنديين آخرين هما كاربوفوروس Carpophorus وإكزانتُس Exanthus. لكن قُبِض عليهم قرب كومو Como وأُعدِم الخمسة مع الجنديين في الحال، بينما نجا فيديليس ووصل إلى ساموليتو Samolito على الناحية الأخرى من البحيرة، ولكن تبعه جنود وقبضوا عليه وجلدوه ثم قطعوا رأسه، وذلك حوالي سنة 303م.

Butler, October 28.

فيرموس الشهيد

استشهد في التاسع من أغسطس سنة 304م، مع روستيكوس Rusticus في فيرونا Verona. كان فيرموس ينحدر من أسرة شريفة من بيرجامو Bergamo، مما جعل ثباته وتمسكه بالإيمان المسيحي أكثر استفزازًا وإثارة للإمبراطور ماكسيميان Maximian الذي كان في ذلك الوقت يقوم باضطهاد عنيف في شمال إيطاليا إذ كان مقيمًا في ميلان.

قُبِض على فيرموس، واقتيد مع قريبه روستيكوس أمام الإمبراطور الذي سلمهما للوالي أنولينوس Anulinus الذي أخذهما إلى فيرونا، وهناك أمر بقتلهما فنالا إكليل الشهادة.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 523.

فيرميليانوس الأسقف القديس

هو أسقف قيصرية كبادوكيا وكان من أعظم أساقفة زمانه، كان صديقًا لأوريجينوس ومساوٍ للقديس ديوناسيوس الكبير Dionysius the Great، ومشهودًا له بواسطة كبريانوس ومعارضًا للبابا اسطفانوس.

في سنة 232م وهي السنة العاشرة لمُلك ألكسندر ساويرس كان أوريجينوس قد ترك مصر، فحثه فيرميليانوس على زيارة Climata بكبادوكيا وهناك كان يزوره لفترات طويلة ليستزيد منه في تعلّم الأمور اللاهوتية.

ثم في سنة 256م أرسل له كبريانوس رسالة - فُقِدت الآن - ليسأله عن نظام الكنيسة في آسيا بالنسبة لتعميد الذين تعمّدوا قبلاً بواسطة الهراطقة. وفي ردّه الطويل يقول فيرميليانوس أنه لا يمكن أن يضيف الكثير عما قاله كبريانوس من قوة المنطق في هذا الموضوع، وكان ردّه في الواقع عبارة عن شرح واستيعاب لهذه الرسالة.

ترأّس فيرميليانوس سنة 266م أول مجمع في إنطاكية لمحاكمة بولس الساموساطي، وقد زار إنطاكية مرتين لهذا الغرض. وإذ أراد منح بولس فرصة أخرى بعد وعوده بالتراجع نجح في تأجيل اتخاذ قرار ضده. ولكن حين دعت الضرورة لعقد مجمع ثالث سنة 272م، توفي فيرميليانوس وهو في طريقه لطرسوس Tarsus لترأّس هذا المجمع، وكان هذا في يوم 28 أكتوبر.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 521.

فيرمينوس الأسقف الشهيد

كان من سكان بامبيلونا Pampeluna، ونال نعمة الإيمان المسيحي على يد القديس هونيستوس St. Honestus، الذي كان تلميذًا للقديس ساتورنينوس الذي من تولوز St. Saturninus of Tolouse.

بعد ذلك رُسِم أسقفًا ليكرز ببشارة الإنجيل في أطراف بلاد الغال Gaul. حين وصل إلى أمينز Amiens، أسس فيها القديس فيرمينوس كنيسة من المؤمنين المُخْلصين، ثم نال فيها إكليل الاستشهاد وذلك في القرن الرابع الميلادي. وقد بُنيت كنيسة بعد ذلك فوق موضع جسده على اسم العذراء مريم.

Butler, September 25.

فيرمينوس ورفقاؤه الشهداء

كان فيرمينوس ورفقاؤه الستة من العسكريين، واستشهدوا في الرابع والعشرين من يونيو في أرمينيا Armenia تحت حكم الإمبراطور ماكسيمينوس Maximin وذلك في سنة 312م.

قبل ذلك بفترة قصيرة كانت أرمينيا - نتيجة تعاليم القديس اغريغوريوس Gregory the Illuminator - قد اعتنقت الإيمان واحتضنته بكل حماس، وحين أثار الإمبراطور ماكسيمينوس في مايو سنة 311م اضطهادًا عامًا ضد المسيحيين في الشرق، هبَّ الأرمينيون حاملين السلاح دفاعًا عن اخوتهم المطحونين، واستطاعوا هزيمة الإمبراطور وألحقوا به خسارة شديدة. ويبدو أن استشهاد فيرمينوس ورفقاؤه كان أثناء هذه الحملة.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 522.

فيرونيا العذراء الشهيدة

راجع: فبرونيا الشهيدة السورية.

فيرونيكا القديسة

"فيرونيكا" معناها "الأيقونة الحقيقية".

تقول القصص المتوارثة في التقليد أن القديسة فيرونيكا مسحت وجه السيد المسيح - حين وقع تحت ثقل الصليب - بدافع من حبّها له وإشفاقها عليه. وعند عودتها إلى منزلها وجدت أن صورة وجه السيد المسيح قد ظهرت علي هذا المنديل، وقد ظهرت الآلام علي ملامحه.

يقول التقليد الغربي أن فيرونيكا ذهبت إلى روما وشَفَت الإمبراطور طيباريوس بقوة المنديل الذي تحمله، وأنها عند نياحتها تركته للبطريرك القديس إكليمنضس.

بحسب التقليد في فرنسا فيرونيكا هي "زوجة زكا" (لو 19: 2 - 10)، خرجت هذه السيدة مع رجلها زكا العشار الذي باع كل ما يملك وذهبا ليبشرا بالسيد المسيح حتى بلغا إلى فرنسا. بشّرا بالإنجيل ونشرا المسيحية في منطقة جنوب فرنسا. وهناك قصص أخرى غير مؤكدة تجعل من فيرونيكا نفسها مرثا أخت لعازر، وابنة المرأة الكنعانية، والمرأة نازفة الدم.

في أوائل القرن الخامس عشر تمّ تحديد منزل فيرونيكا كأحد محطات مراحل طريق الصلبوت في أورشليم، وبعدها تدريجيًا صارت حادثة فيرونيكا - مع غيرها من الحوادث - إحدى المراحل الثابتة في هذا الطريق. ويقال أن المنديل مازال موجودًا في كنيسة القديس بطرس في روما، مما يشهد بصحة التقليد.

Butler, July 12.

فيرينا القديسة

كانت هذه العذراء من مدينة كركوز بمركز قوص محافظة قنا، والتحقت كممرضة بالكتيبة الطيبية في إرساليتها إلى أوروبا، كما أنها كانت قريبة للقديس فيكتور أحد أفراد هذه الكتيبة.

بعد استشهاد أفراد الكتيبة بأمر الإمبراطور مكسيميانوس أتت فيرينا إلى أجونَم Agaunum للتبارك من أجساد الشهداء وتبحث عن رفات القديس فيكتور. استقرت في سولوثورن Solothurn في سويسرا حاليًا، وسكنت في كهف يقال أنه مازال موجود حتى الآن. وكانت تخرج من هذا الكهف إلى القرى المحيطة لتقدم أعمال الرحمة والمحبة للفلاحين والفقراء، وكانت تهتم اهتمامًا خاصًا بتعليمهم أصول النظافة الشخصية. ويقال أنها قضت بقية حياتها في مغارة بُنِيت لها في زُرزاخ Zurzach، وكان لقداستها أبعد الأثر في النفوس فلما تنيحت بسلام بنى أهالي زُرزاخ كنيسة فوق قبرها، حيث رُسِم على قبرها صورة لها وهي تحمل مشطًا وابريق ماء للدلالة على عملها.

وقد تهدّمت الكنيسة مع البلدة كلها حين اجتاحتها القبائل الجرمانية، وفي القرن التاسع شُيد دير للبنديكتين مكانها.

ما تزال القديسة فيرينا تنال كل الاحترام والتقدير في جميع أنحاء سويسرا.

Butler, September 1.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الأول صفحة 140.

فيريولُس الشهيد

من شهداء القرن الثالث، كان واليًا رومانيًا يعيش في فييِّن Vienne ببلاد الغال، وكان مسيحيًا في السر.

وقفه عن العمل

حدث أن أتى القديس جوليان St. Julian of Brioude الذي كان من سكان المدينة، واعترف بمسيحيته في منزل فيريولُس. ولما بدأ الاضطهاد وقُبِض على القديس جوليان وسيق إلى الموت، أمر كريسبين Crispin - حاكم تلك المنطقة من بلاد الغال - بوقف فيريولُس عن العمل لاتهامه بالتقصير في القبض على المسيحيين، ثم قال له أنه بما أن راتبه يُدفَع بواسطة الدولة فالواجب عليه أن يكون نموذجًا جيدًا للطاعة. ردّ عليه فيريولُس بكل حزم قائلاً: "إن المال لا يعنيني في شيء، ويكفيني أن أحيا خادمًا للّه. وحتى إذا رأيت أن هذا كثير عليَّ فأنا مستعد أن أبذل حياتي كلها ولا أنكر إيماني".

استشهاده

أمر الحاكم بجلده ثم ألقاه في السجن الداخلي، وفي اليوم الثالث انفكت السلاسل من يديه ورجليه بقوة الله، وهرب من السجن حيث سبح في النهر إلى أن وصل قرب مدينته فييِّن، لكن قُبِض عليه مرة أخرى وقُطِعت رأسه على ضفاف النهر.

أتى المسيحيون من المدينة وأخذوا جسده ودفنوه بإكرام جزيل، وقد بنيت كنيسة فوق قبره فيما بعد، ثم نُقِلت عظامه ودفنت في كنيسة بُنيت داخل فييِّن وذلك سنة 473م.

Butler, September 18.

فيريولُس وفيرّوتيو الشهيدان

رسم القديس إيريناؤس Irenaeus أسقف ليون Lyons، القديس فيريولُس قسًا والقديس فيرّوتيو شماسًا، وأرسلهم للتبشير بالإنجيل في بيسانكون Besancon والمناطق المحيطة بها.

يقال أنهما كانا أصلاً يونانييّن، ولكن الاحتمال الأكبر أنهما مواطنان من الغال، وقد درسا في الشرق حيث تأثّرا بالمسيحية وآمنا بها، ويقال أن الذي عمّدهم هو القديس بوليكاربوس Polycarp.

بعد أن خدما بنجاح لمدة ثلاثين سنة أُعتقلا بسبب إيمانهما وتعرّضا لعذابات شديدة، وأخيرًا قُطِعت رأسيهما حوالي سنة 212م وذلك خلال حكم كاراكالا Caracalla.

عُثِر على جسديهما في بيسانكون سنة 370م، حيث قام الأسقف إنيانوس Anianus بدفنهما بإكرام في أيام القديس غريغوريوس من تورز St. Gregory of Tours، والذي أكّد أن زوج أخته قد نال الشفاء من مرض خطير بشفاعتهما.

Butler, June 16.

فيفيان الشهيدة

نشأتها

وُلدت فيفيان التي يعني اسمها "المملوءة حياة" من والدين مسيحيين على جانب كبير من الثراء والمركز الكبير المرموق. فكان والدها فلافيان حاكمًا في روما ووالدتها دافروسا من النساء الشريفات في روما. ولم يغرِهما المال أو المركز العالمي عن البحث عن الطريق الكرب والباب الضيق، فكان الكتاب المقدس هو عزاؤهم كل يوم يقرأون فيه ويتعزّون بكلامه، وتعلّقوا جميعًا بقلوبهم بالملكوت الحقيقي فظهرت أعمالهم وتقواهم جلية.

القبض على فلافيان والدها

لما مَلَك يوليانوس الجاحد قبض على فلافيان وأمره بطاعة أوامره بالسجود للأوثان، وتوعّده بأشرّ أنواع العذاب بعد أن رَغَّبه في مجد العالم، ووعده بأن يعطيه حكم كل روما ويزيده في تملك المال والجاه. ولكن فلافيان احتقر كل هذه الوعود الفانية، وبَكَّت الملك الكافر على تركه لإيمان القديسين وعبادة الله الحقيقي، إلى عبادة الأحجار والأوثان المصنوعة بأيدي البشر، وأجابه بأنه يود أن يملك مع المسيح في فقر من أمور العالم، أحسن من ذهابه إلى الجحيم بعد تمتع وقتي قصير بأمور زائلة فانية.

استشاط يوليانوس غضبًا وأمر بالقبض على فلافيان وعائلته وزج بهم في السجن، وأمر بأن يعامل معاملة العبيد، ثم نفاه إلى تورين بمقاطعة توسكان، وأمر بالتضييق عليه في أساليب المعيشة حتى تنيّح في 22 ديسمبر سنة 362م.

استشهاد دافروسا الأم

أما دافروسا الأم وفيفيان وديمترا العذراوتان فقد أمر الطاغية بأن يغلق عليهن جميعًا منزلهن حتى يمتن جوعًا، إلا أنه بعد وقت قصير عرض عليهن التبخير للأوثان أو التعذيب بأشد أنواع العذاب، ولكن كانت الأم القديسة تثبتهما وتشجعهما على احتمال عذاب قليل للفوز بالنعيم الأبدي والملكوت الحقيقي. فرأى يوليانوس أن يقتل تلك الأم القديسة حتى يسهل عليه إغراء ابنتيها والفوز بهما، فأمر بالقبض عليها وأن تساق إلى خارج أسوار روما لعلها تخور في الطريق وتئن عليها أحشاؤها لفقدان ابنتيها، ولكن القديسة دافروسا رفعت يديها للسماء وقالت: "يا ربي يسوع المسيح إلهنا الحقيقي في يديك أستودع بنتيَّ بل أستودع حياتي وحياتهن". وسارت مع العسكر إلى خارج أسوار روما، وهناك ذُبحت بحد السيف ونالت إكليل الشهادة في 4 يناير سنة 363م.

القبض على فيفيان وديمترا

أما فيفيان وديمترا فقد أمر الطاغية يوليانوس أن يُسَلَما لجابي الضرائب، وكان يدعى أبرونيان الذي كان على جانب كبير من الشر والخبث والجشع. فصادر أموالهما وألقى القبض عليهما، وزجَّ بهما في سجن ضيق، ومنع عنهما الطعام والشراب حتى يغير الجوع والعطش ثباتهما. إلا أن الله قد أعطاهما قوة في جسديهما حتى أنهما لم تعبئا بجوعٍ أو عطشٍ. ودهش أبرونيان إذ وجدهما في صحة تامة وثبات جأش. ولكنه لم يعبأ بهذه المعجزة بل زاد في تهديدهما بالعذاب والموت المهين والبشع إذا لم يخضعا لإرادة الإمبراطور، أما إذا أطاعتا فإنه سوف يعيد إليهما أموالهما ويزيد عليها من الخيرات الوفيرة، إلا أن القديستين كانتا ثابتتين في إيمانهما، متذكرتين تعاليم والديهما والقدوة الحسنة التي غرسها فيهما والداهما، فلم تخيفهما التهديدات ولم تبهرهما الاغراءات بل أجابتا بشجاعة وقوة بأن هذا العالم وما فيه لا يغريهما، بل أنهما على استعداد للموت ألف مرة من أن تنكرا السيد المسيح.

شدد أبرونيان العذاب النفسي والبدني على القديستين، فسقطت ديمترا وأسلمت الروح أمام شقيقتها فيفيان ونالت إكليل الشهادة في 21 يونيو سنة 363م.

أما فيفيان التي استطاعت بنعمة الله أن تثبت غير مزعزعة أمام كل هذه الأحداث فقد بقيت وحيدة، ومع كل ذلك كانت توبخ الرجل الظالم القاسي وتؤنبه على شروره، وتطلب منه أن ينظر إلى آخرته، وكيف ستكون مظلمة كغلاظة قلبه.

تسليم فيفيان إلى يد امرأة شريرة

احتال أبرونيان على جعل فيفيان ترضخ لميوله الفاسدة كي تُرغِبها في كل أنواع اللذة سواء بالحيلة أو بالقوة، وفعلاً استخدمت تلك المرأة الشريرة كل الوسائل من ملاطفة وتهديد.

ولما لم تنفع كلها مع القديسة اشتد الغيظ بالطاغي أبرونيان، وشعر أنه هُزِم أمام تلك الفتاة، فجرّدها وربطها في عامود، وأمر الجلادين بجلدها بسوط من الرصاص، حتى أسلمت روحها الطاهرة في يد عريسها الحقيقي السيد المسيح، وذلك في 2 ديسمبر سنة 363م.

قد بقيت جثة الشهيدة متروكة في مكان تعذيبها بدون دفن معرضة لالتهام الكلاب والحيوانات المفترسة، إلا أن الرب حفظ جسدها ولم يقترب منه أي حيوان مفترس.

بعد يومين استطاع كاهن قديس يدعى يوحنا أن يأخذ الجسد ويدفنه بجوار شقيقتها ديمترا ووالدتهما دافروسا، وبنيت لهن كنيسة صغيرة بأسمائهن في نفس مكان قصر والدهما فلافيان. قامت ببنائها سيدة رومانية قديسة هي أوليمبيا، نقلت إليها أجسادهن ووضعتهن تحت المذبح وضمّت إلى الكنيسة العامود الذي رُبِطت فيه القديسة فيفيان.

وفي التقليد الغربي يتخذ من الشهيدة فيفيان شفيعة للكف عن شرب الخمور، وكذلك في حالات الصرع وآلام الرأس.

الشهيدات فيفيان، كريستين، جوليا، جوليت، أوجيني. صفحة 10.

فيكتريكيوس الأسقف القديس

القديس فيكتريكيوس أسقف روان Rouen من أشهر أساقفة بلاد الغال في القرن الرابع. ولد حوالي سنة 330م، وكان والده جنديًا رومانيًا، وفي سن السابعة عشر صار جنديًا وبعدها بقليل تحوّل إلى المسيحية.

اعفاؤه من الخدمة العسكرية

في ذلك الوقت كانت بعض الآراء تدعو المسيحيين إلى عدم استخدام السلاح، ففي أحد الأيام ترك القديس فيكتريكيوس أسلحته وطلب إعفاءه من الجندية. ولأن فترة خدمته بالجيش لم تكن قد انتهت بعد اعتُبِر هذا الطلب خرقًا للنظام وحُكِم عليه بالضرب والجلد، وأمام ثباته رغم الألم حُكِم عليه بالموت، ولكن حدثت معجزة منعت تنفيذ الحكم فأُطلِق سراحه هو ومجموعة من المسيحيين معه وأُعفوا من الخدمة العسكرية.

أسقف روان

لا نعرف عن حياته بعد ذلك أي شيء سوى أنه اُختير أسقفًا لروان حوالي سنة 386م، وكانت الوثنية منتشرة فيها في ذلك الوقت فعمل بغيرة على نشر المسيحية.

ومن أعماله أنه أدخل نظام الرهبنة والوحدة، وإن كانت في صورتها الأولى البدائية.

كما أحضر من القديس أمبروسيوس في ميلان كثير من رفات القديسين التي استقبلها الشعب بفرحٍ شديدٍ وأودعوها بتكريم في الكنيسة.

وقد عمل على بناء الكنائس في قرى إيبارشيته لأن انتشار المسيحية كان بطيئًا وسط أهل القرى، ولكن للأسف هُدِم الكثير من المراكز التي أنشأها بفعل الهجمات البربرية في القرن الخامس.

امتد صيت حكمته وقداسته إلى إنجلترا، فدعاه أسقفها حوالي سنة 396م للنظر في بعض الخلافات هناك وإبداء الرأي. وقرب نهاية حياته اتهمه البعض بالهرطقة، فسافر إلى روما للدفاع عن نفسه، وتم له ذلك بدون أية صعوبة، وأخيرًا تنيّح بسلام حوالي سنة 407م.

Butler, August 7.

فيكتور الأب

متوحد من مصر وكان صديقًا للقديس البابا كيرلس الكبير، بطريرك الإسكندرية الرابع والعشرين. اتهمه النساطرة بعدة جرائم قبل مجمع أفسس المسكوني الذي انعقد سنة 431م، ولكن بكل كرامة ثبتت براءته منها جميعًا.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1121.

فيكتور الأول أسقف روما

كان مواطنًا من أفريقيا، وخَلَف القديس ايليوثيريوس Eleutherius في رئاسة كرسي روما حوالي سنة 189م، في أيام كوموديوس Commodus وساويرس Severus، وتمتع بفضائلٍ كثيرةٍ هيأته لهذا المنصب كخليفة للرسل.

بعد سيامته مباشرة حرّم ثيؤدوتوس البيزنطي Theodotus of Byzantium الذي جاء إلى روما وعلّم أن المسيح كان إنسانًا مجردًا (يوسابيوس 5: 28).

في أيامه أيضًا ظهرت حركة المونتانية Montanism في آسيا الصغرى ويبدو أنه بعث برسائل من أجل سلام الكنيسة هناك.

عانى من مصاعب كثيرة في زمن رئاسته، منها ما ذهب إليه بعض المسيحيين بأن يحتفلوا بعيد القيامة في أيٍّ من أيام الأسبوع دون التزام بأن يكون يوم أحد. هدّد الأسقف بالقطع والحرمان كل من يفعل ذلك، ولكن القديس إيريناؤس من ليون St. Irenaeus of Lyons اعترض قائلاً: أن الاختلاف في النظام والطقس لا يستدعي أو يستحق التضحية بحياة الشركة المسيحية، وقد وافق الأسقف على هذا الرأي مع إصراره على حفظ الاحتفال بالقيامة في كنيسته يوم الأحد.

ومن المشاكل الأخرى التي قاومها الهرطقة التي نادى بها تاجر من بيزنطية اسمه ثيؤدوتُس Theodotus، ادعى فيها أن السيد المسيح لم يكن إلهًا إنما إنسان من طبيعة خاصة.

قد تنيّح الأسقف فيكتور سنة 199م قبل اضطهاد الإمبراطور الوثني سابتيميوس ساويرس، والبعض يحسبه من مصاف الشهداء، بسبب غيرته وصبره في احتمال الضيقات والاضطهادات التي تعرّض لها.

يقال أنه أول من صلّى باللغة اللاتينية في روما، ويقال أيضًا أنه أول من أرسل بعثات تبشيرية إلى إسكتلندا.

Butler, July 28.

فيكتور الشهيد1

كانت الكنائس في مارسيليا Marséilles ببلاد الغال من أكثر الكنائس كثرة وازدهارًا، ولكن بنهاية القرن الثالث الميلادي عندما وصل الإمبراطور ماكسيميانوس Maximian إلى مارسيليا أثار الرعب والذعر في نفوس المسيحيين هناك.

خلال هذا الذعر العام، كان فيكتور الضابط المسيحي في الجيش الروماني يخرج ليلاً يتنقّل بين البيوت، ويزور المسيحيين، ويشجّعهم ويحثّهم على الاستشهاد من أجل المسيح.

أمام الإمبراطور ماكسيميانوس

عندما أُكتُشِف عمل فيكتور أُحضِر أمام الواليين أستيريوس Asterius وأوتيكيوس Eutychius، ونظرًا لأهمية رتبته أرسلاه للإمبراطور ماكسيميانوس نفسه.

لما لم يستطِع أن يؤثّر على القديس غضب الإمبراطور أو ثورته أو تهديداته أمر الطاغية أن يُربَط القديس ويُسحَل في شوارع المدينة، فتخضَّب جسمه كله بالدماء.

عاد ووقف في محاكمة أخرى أمام الواليين اللذين حاولا الضغط عليه لعبادة آلهتهم. امتلأ القديس من الروح القدس ونطق معبرًا عن احترامه للإمبراطور مع احتقاره للآلهة الوثنية، وأضاف قائلاً: "أنا احتقر آلهتكم واعترف بالرب يسوع المسيح، وتستطيعان أن تعذباني كما يحلو لكما".

تعذيبه

أمر أستيريوس الوالي أن يُمَدد القديس على آلة التعذيب بطريقة وحشية، فأخذ القديس يصلّي طالبًا المعونة من الله، فظهر له السيد المسيح ممسكًا بصليبٍ في يده وأعطاه السلام قائلاً له أنه يتألم مع خدامه ويكلِّلهم بعد انتصارهم. خفّفت هذه الكلمات من آلام فيكتور وثبّتت إرادته. وأمر الوالي بإلقائه في زنزانة بعد أن تعب معذبوه وشعروا بإرهاق شديد.

ظهور السيد المسيح له في وسط ملائكته

في منتصف الليل ظهر له السيد المسيح في وسط ملائكته وسمعهم القديس وهم يسبحونه، وامتلأ السجن بنور أبهى من ضوء الشمس، وعندما رأى الجنود الثلاثة الذين كانوا يحرسون السجن هذا النور، فزعوا بشدة وألقوا بأنفسهم عند قدمي القديس يسألونه العفو، وطلبوا منه أن يصيروا مسيحيين.

أرسل فيكتور في طلب الكهنة نفس الليلة وذهبوا جميعًا إلى الشاطئ حيث تعمّد الجنود الثلاثة، ثم عاد معهم إلى السجن مرة أخرى. عندما علم ماكسيميانوس بذلك هاج هياجًا شديدًا وأرسل ضباطه ليحضروا الأربعة أمامه، وفي الطريق كانت الجموع تصرخ فيهم طالبة من القديس أن يعيد الجنود إلى إيمانهم الأول، فأجابهم قائلاً: "لا أستطيع أن أُبطِل ما أُحسِن عمله". وقد ثبت الجنود الثلاثة في إيمانهم بالمسيح حتى نالوا إكليل الشهادة.

بدءوا في جَلد القديس فيكتور، ثم أودعوه مرة أخرى في السجن حيث بقي هناك ثلاثة أيام أُخَر. بعد ذلك طلبه ماكسيميانوس ليحاكمه، فوضع أمامه تمثال للإله جوبيتر Jupiter، وأمر القديس أن يبخر له، فذهب فيكتور إلى المذبح وركل التمثال بقدمه مما جعل الإمبراطور يأمر ببتر رجليه في الحال. ثم أمر بوضعه بين حجري رحى وسحقه حتى الموت، فأدار الجلادون الحجر وعندما بُتِر جزء من جسمه توقف الحجر عن الدوران وإذ كان الشهيد ما زال حيًا بعد، قطعوا رأسه بحد السيف. ثم ألقوا بجسده مع الجنود الثلاثة في البحر.

وُجِدَت الأجساد على الشاطئ فيما بعد، فأخذها المسيحيون ودفنوها في مغارة، وظهرت من أجسادهم معجزات كثيرة، وكان استشهادهم حوالي سنة 290م.

Butler, July 21.

فيكتور الشهيد2

شهيد من جيرونا بأسبانيا Geronaفي أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 1120.

فيكتور مورُس الشهيد

كان من أهل موريتانيا Mauretania وتسمى مورُس تمييزًا له عن معترفين آخرين باسم فيكتور.

كان جنديًا مسيحيًا منذ شبابه، وقُبِض عليه بسبب إيمانه وهو شيخ كبير. بعد تعذيبه بشدة استشهد بقطع الرأس أثناء حكم ماكسيميانوس Maximian في ميلان سنة 303م، ودُفِن جسده بأمر الأسقف ماتيرنوس Maternus بجوار إحدى الغابات، وبُنِيت بعد ذلك كنيسة فوق قبره، وقد كرَّمه الله بحدوث عدة معجزات من قبره.

قد نُقِلت رفاته فيما بعد سنة 1576م إلى كنيسة جديدة في مدينة ميلان مازالت تحمل اسمه.

Butler, May 8.

فيكتور الأفريقي

أسقف أفريقي ومؤرخ، كان غيورًا في دفاعه عن الكتب الثلاثة "Three Chapters" لثيؤدور أسقف الميصة وثيؤدورت أسقف قورش وهيبا أسقف الرُها، التي حرّمها مجمع القسطنطينية الثاني عام 553م (بعد الانشقاق الذي حدث بسبب مجمع خلقيدونية)، وهي تحمل طابعًا نسطوريًّا.

احتمل مضايقات كثيرة بسبب تمسكه بهذا منذ عام 556 حتى عام 567م في إيبارشيته وفي مصر.

كتابه عن التاريخ

كتب عمله ليؤرخ منذ الخليقة حتى عام 566م، ولم يبقَ من هذا العمل سوى ما يخص الفترة من 444 إلى 566م التي تعالج الهرطقة الأوطاخية والصراع حول "الكتب الثلاثة". كما يحدثنا عن الاضطهاد الفندالي كأحداث في ذاكرته في صباه. وقدم بعض القصص عن الأريوسية.

لهذا العمل أهميته في تقديم صورة عن الحياة الاجتماعية والدينية في القرن السادس.

Henry Wace & William Piercy: A Dictionary of Early Christian Biography, 1999.

فيكتوريا وأناتوليا الشهيدتان

حين رفضت أناتوليا الزواج من أوريليوس Aurelius، ذهب الشاب إلى أختها فيكتوريا طالبًا منها إقناع أناتوليا بالزواج منه. لم تنتهِ محاولة فيكتوريا فقط بالفشل، بل أنها اقتنعت بوجهة نظر أختها وفسخت خطبتها من الشاب يوجينيوس Eugenius. حاول الشابان إخراج الأختين من جو مدينة روما لعلهما تغيران من تفكيرهما، ولكن المحاولة باءت بالفشل.

أخيرًا اُتهمت أناتوليا بأنها مسيحية، وبعد أن شَفَت الكثيرين في مقاطعة بيسنَم Picenum من أمراض مختلفة آمنوا على أثرها بالسيد المسيح، أمر القاضي فوستينيان Faustinian بمعاقبتها بعدة وسائل.

سلطوا عليها أفعى سامة فلم تؤذِها حتى أن الحارس أوداكس Audax آمن بالسيد المسيح بسبب ذلك، وأخيرًا وبينما القديسة أناتوليا ترفع يديها بالصلاة طُعِنت بالسيف فنالت إكليل الشهادة.

مرَّت فيكتوريا بنفس ظروف أختها في الغالب عند تريبولانو Tribulano، فرفضت الزواج من يوجينيوس أو الذبح للأوثان، وبعد أن صنعت العديد من المعجزات التي آمن بسببها الكثير من الشعب، طُعِنت هي الأخرى بالسيف بطلب من خطيبها السابق، فنالت أيضًا إكليل الشهادة.

Butler, December 23.

فيكتوريا وأكيسكْلَس الشهيدان

كان أكيسكْلَس وشقيقته فيكتوريا مسيحيين يعيشان في قرطبة Cordova في القرن الرابع الميلادي. أُلقيا في السجن بتهمة المسيحية وضُرِبا وعُذِّبا حتى ينكرا الإيمان. ولما فشلت كل أنواع التعذيب معهما حُكِم عليهما بالموت في المسرح الكبير، أكيسكْلَس بقطع رقبته وفيكتوريا بالضرب بالسهام، وكان ذلك أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس.

اهتم بجسدهما أحد الوجهاء اسمه مينسيانا Minciana، حيث دفنهما في منزلهما الذي تحول إلى كنيسة، وحيث دُفِن شهداء كثيرون بعد ذلك أثناء الاضطهاد العربي.

Butler, November 17.

فيكتورينوس الأسقف الشهيد

كثيرون من آباء الكنيسة ومشاهير الكنيسة يحملون اسم فيكتورينوس، من بينهم:

1. فيكتورينوس أسقف Pettau أو Petauio، من رجال القرن الثالث.

2. فيكتورينوس المدعو غايوس ماريوس Caus Marius أو ماريوس فابيوس Marius Fabius، كما يدعى Afer إذ وُلد بمدينة أفير.

3. يورد لنا جيناديوس كاتبين مسيحيين يحملان اسم فيكتورينوس.

كان في الأصل خطيبًا يونانيًا قبل أن يصير أسقفًا على بيتوه Pettau. وقد مدحه كثيرًا القديس جيروم واقتبس أيضًا من كتاباته العديدة التي كتبها تعليقًا وشرحًا لأسفار العهدين القديم والجديد. يدعوه البعض فيكتورينوس مفسر سفر الرؤيا.

يقول القديس جيروم أنن فيكتورينوس اقتبس كثيرًا من أوريجينوس. وللأسف لم يبقَ من كتاباته إلا القليل جدًا وربما لا يوجد أية كتابات باقية إذ يعتبر الدارسون أن ما هو منسوب إليه ليس أصيلاً.

قاوم هذا القديس العديد من الهرطقات التي ظهرت في عهده، وإن كان يقال أنه هو نفسه قد سقط في بدعة المُلك الألفي للسيد المسيح على الأرض Millenarianis. وقد أنهى حياته شهيدًا في زمن الإمبراطور دقلديانوس في سنة 303م.

Butler, November 2.

فيكتورينوس أو غايوس ماريوس

تحوّّله إلى الإيمان المسيحي

وردت قصة تحوّّله إلى الإيمان المسيحي في كتاب "الاعترافات" للقديس أغسطينوس. إذ سمع عنه القديس أغسطينوس وعرف أنه قبل الإيمان المسيحي بسماعه عن الأنبا أنطونيوس القبطي خلال كتاب البابا أثناسيوس عنه، فتأثر جدًا وقرر التوبة والرجوع الكنيسة ونوال العماد (الاعترافات 8: 2 - 5).

درس الكتاب المقدس وكتابات الآباء المسيحيين في سن متأخر جدًا بغيرة متقدة فاقتنع بالحق المسيحي.

التشكك في إيمانه

سمع سيمبلشيان Simplician الذي صار فيما بعد أسقف ميلان أنه قد صار مسيحيًا، فرفض أن يحسبه هكذا حتى يراه في الكنيسة. سأله سيمبلشيان: "أية جدران لمبان تجعل الناس مسيحيين؟"

واضح أن بعض أصدقائه تشككوا في البداية في أمر مسيحيته، لكن زال هذا الشك عنهم، فقد سجل نفسه في سجل الموعوظين لمدة قصيرة ثم نال العماد وأعلن قبول قانون الإيمان علانية.

يخبرنا القديس أغسطينوس عن الفرح الذي اجتاز الأوساط المسيحية في روما بتحوله إلى الإيمان المسيحي.

حدث هذا حتمًا قبل نهاية مُلك قنسطنطيوس عام 361م وبقي حتى سنة 362 يعلم البلاغة في روما عندما أصدر جوليان أمرًا بمنع قيام أي مسيحي بممارسة التعليم العلني، فانسحب فيكتورينوس من هذا العمل.

تفرغه للكتابة

لا نعجب أننا لم نسمع عنه شيئًا بعد ذلك، فقد انسحب من التعليم العام وكرّس وقته للعبادة مع كتابة مقالات مسيحية وتفاسير للكتاب المقدس.

أما كتاباته المسيحية فأهمها:

1. مقال ضد أريوس Generatione Verbi Divini de يعالج فيه لاهوت الكلمة ويرد على كانديدوس Candidus الأريوسي.

2. عمله الضخم ضد الأريوسية Adversius Arium.

3. ملخص للعمل السابق.

4. ثلاثة الحان في شكل صلوات.

فيكتورينوس ورفقاؤه الشهداء

كان فيكتورينوس وفيكتور Victor ونيسيفورُس Nicephorus وكلوديان Claudian وديسقورُس Dioscorus وسيرابيون Serapion وبابياسPapias مواطنين من كورنثوس Corinth، واعترفوا الاعتراف الحسن بإيمانهم في بلدتهم أمام الوالي ترتيوس Tertius عام 249م، في بداية مُلك الإمبراطور ديسيوس.

ذهبوا إلى مصر بعد تعذيبهم، ولم يُذكَر إن كانوا قد نُفُوا إلى هناك أم ذهبوا إلى هذا النفي باختيارهم، وقد أكملوا طريق جهادهم في ديوسبوليس Diospolis عاصمة طيبة Thebaid على يد الحاكم سابينوس Sabinus في مُلك نوماريان Numerian.

بعد أن امتحن الحاكم ولاءهم بربطهم وجلدهم بالسياط أمر بضرب فيكتورينوس على ساقيه وقدميه قائلين في كل ضربة: "خلِّص نفسك. تستطيع الهروب من هذا الموت بإنكار إلهك الجديد". لكن القديس ثبت على إيمانه رغم التعذيب، ففقد الحاكم صبره وأمر بتحطيم رأسه إلى أجزاء.

هددوا فيكتور بتعذيبه بنفس طريقة الموت، فأجابهم بأن أمنيته الوحيدة هي الإسراع بإعدامه مشيرًا إلى مكان التعذيب قائلاً: "الخلاص والفرح ينتظرانني هناك"، وفي الحال ألقي إلى هناك وضربوه حتى استشهد.

قفز نايسيفورُس الشهيد الثالث طوعًا إلى موضع الاستشهاد، فأثارت شجاعته الحاكم وأمر جنوده بضربه، وفي نفس الوقت أمر بتقطيع كلوديان الشهيد الرابع إربًا إربًا، ونال إكليل الشهادة بعد قطع قدميه ويديه وذراعيه وساقيه.

قال الحاكم للثلاثة الآخرين مشيرًا إلى الأطراف المقطوعة والعظام المبعثرة حولهم: "الأمر متروك لكم لتجنب هذا العقاب"، فأجابه الشهداء بصوت واحد: "نحن الذين نطلب منك أن توقع بنا عذابًا أشد من العذاب الذي تستطيع أنت أن تخترعه. لن ننكر يسوع المسيح مخلّصنا لأنه هو إلهنا الذي منه وجودنا وله وحده اشتياقنا". فأمر الطاغية بأن يُحرَق ديسقورُس حيًا ويعلق سيرابيون من كعبيه وتقطع رأسه، أما بابياس فقُذِف في البحر بحجر مربوط في رقبته ونال إكليل الشهادة غرقًا.

كانت أحداث استشهادهم في سنة 284م، وتعيد لهم الكنيسة الغربية يوم 25 فبراير، بينما تعيد لهم الكنيسة اليونانية في 21 يناير.

Butler, February 25.

فيلاستريوس الأسقف

نشأته

فلاستر أو فيلاستريوس أسقف بركسيا أو بريسكيا، من رجال القرن الرابع.

كان خلفه يقيم احتفالاً سنويًا في 18 يوليو ذكري نياحة فلاستر وقد حُفظت كلمته في الاحتفال الرابع عشر، حيث يقدم لنا معلومات عن حياته وأعماله.

من غير المعروف تحديدًا المدينة التي نشأ فيها هذا القديس، ولكن ما نعلمه عنه أنه قد خرج وترك البيت الذي ورثه عن أسلافه متشبهًا بأبينا إبراهيم، لكي يحل نفسه من رباطات العالم.

اهتمامه باستقامة الإيمان

تجوّل في أماكن كثيرة مُظهرًا غيرة شديدة نحو الحفاظ علي الإيمان المستقيم، فدخل في حوار مع اليهود والوثنيين والهراطقة، وخاصة الأريوسيين الذين انتشرت هرطقاتهم في كثير من الكنائس، وتحمّل عذابات كثيرة في سبيل الدفاع عن ألوهية السيد المسيح، فكان يحتمل الألم والتعذيب بفرحٍ وشجاعة إيمان. في ميلان قاوم بشدة أوكزنتيوس Auxentius الأريوسي الذي كان يسعى لتفتيت الكنيسة والمؤمنين بهرطقاته، كما قام بالوعظ في روما ذاتها مجادلاً الهراطقة. ثم ذهب بعد ذلك إلى بريسكيا or Brixia Brescia حيث اختير ليكون أسقفًا لها، فكان يبذل ذاته بكل حب من أجل شعبه، وكانت حياته نموذجًا للتقوى والفضيلة والتواضع والتفاني في خدمته الرعوية، منذرًا ومحذرًا شعبه من أخطاء الإيمان.

أعماله الكتابية

ومن أعماله أنه كتب كتابًا أسماه "فهرس الهراطقة" شرح فيه المعاني اللاهوتية للكلمات، وشرح آراء الهراطقة والرد عليها. وأيضًا كان محبًا لشعبه عطوفًا عليهم، فكان يعطي كل المحتاجين منهم بسخاءٍ مسيحيٍ.

يعتبر هذا العمل مرجعًا هامًا للمهتمين بالكتابة عن الهراطقة. فقد نسخ القديس أغسطينوس جزءً منه. وعندما سأله كوادفولتديس Quodvultdeus أن يكتب مقالاً عن الهراطقة أشار إليه في إجابته إلي أعمال ابيفانيوس وفيلاستراباس (رسالة 222). الأول عدد 20 هرطقة قبل مجيء المسيح و60 بعد صعود السيد المسيح أما الثاني فيعدد 28 هرطقة قبل مجيء المسيح و128 بعد مجيئه.

لقد رفض القديس أغسطينوس اعتبار أن الأول يجهل إحدى الهرطقات، ويعلل الاختلاف في العدد يرجع إلى الاختلاف في مفهوم الهرطقة. كمثال اعتبر الأخير أن الذين دعوا أيام الأسبوع بأسماء وثنية عوض ما ورد في الكتاب المقدس: اليوم الأول والثاني والثالث حتى السابع نوعًا من الهرطقة.

عندما تحدث القديس أغسطينوس عن الهرطقات ذكر الستين هرطقة التي حدثت بعد مجيء السيد المسيح ووردت في أبيفانوس ثم ذكر 23 هرطقة إضافية أخذها عن فيلاسترياس حاسبًا أنها ليست هرطقات بمعنى الكلمة.

يري كثير من الدارسين أن فيلاسترياس كتب مستقلاً عن أبيفانيوس ولم يعتمد عليه. وأن ما جاء متشابهًا بينهما إنما لأنهما اعتمدا أحيانًا علي ذات المصادر.

في الفصل 88 أشار فيلاستر أنه لم تُدرج قراءات من سفري الرؤيا والرسالة إلى العبرانيين ليس لأنهما غير قانونيين، وإنما لأن الكنيسة لا تريد قراءتهما على العامة من الشعب. في الفصل 60 اعتبر إنكار قانونية سفر الرؤيا هرطقة، وفي الفصل 69 اعتبر إنكار نسبة الرسالة إلى العبرانيين إلى الرسول بولس هرطقة.

طُبع عمله هذا أولاً فيBasle عام 1539م، ظهر بعدها عدة طبعات هامة منها بواسطة فابريكيوس Fabriciusعام 1721م تحوي تنقيحًا للنص مع تعليقات هامة، وبواسطة جاليردس Galeardusعام 1738م.

وقد تقابل القديسان أغسطينوس وأمبروسيوس معه في ميلان حوالي سنة 384 وتنيّح فيلاستريوس حوالي سنة 397م قبل مطرانه أمبروسيوس، فأقام تلميذه جودنتيوس Gaudentius على كرسي بريسكيا مكانه.

Henry Wace & William Piercy: A Dictionary of Early Christian Biography, 1999.

Butler, July 18.

فيلاستورجيوس

نشأته

وُلد حوالي عام 368م فيBorissus بكبادوكية Cappadocia Scunda. وفي العشرين من عمره ذهب إلي القسطنطينية حيث قضي معظم حياته.

إعجابه بأنوميوس ودفاعه عنه

وضع عمله "تاريخ الكنيسة" ما بين عامي 425 و433م، في 12 كتابًا حيث أرخ للفترة ما بين سنة 300 و425م.

في الظاهر وضع هذا العمل كتكملة لكتاب يوسابيوس القيصري إلا أنه في الواقع يمثل دفاعًا عن أريوسية أنوميوس الذي كان معجبًا بشخصه.

جاء كتابه يُهين المستقيمي الإيمان مثل القديسين غريغوريوس النزنيزي وباسيليوس الكبير ويمجد الأريوسيين.

بدأ كل كتاب بحرف من حروف اسمه الاثني عشر.

فيلبس الأسقف ورفقاؤه الشهداء

هو أسقف مدينة هراكليا Heraclea عاصمة إقليم تراقيا Thrace. استشهد سنة 304 م أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس. وكانت المنطقة يحكمها حاكم يُدعى باسوس Bassus، ونظرًا لأن زوجته كانت مسيحية فقد كان غير ميالٍ إلى اضطهاد المسيحيين بقسوة وعنف على النحو الذي كانت تطلبه الأوامر الإمبراطورية. ومن ثمَّ فقد ظلّت اجتماعات المسيحيين تُُعقد فيها وبدون تدخل السلطات، حتى بعد صدور منشورات الاضطهاد التي أصدرها دقلديانوس بسنة.

نشأته

كان فيلبس أسقف هراكليا رجلاً وقورًا. بدأ خدمته شماسًا ثم كاهنًا، ثم ارتفع إلى كرسي الأسقفية، فكان يرعى الكنيسة بأمانة وفضيلة حين هزتها عاصفة الاضطهاد. في خدمته اهتم بحياة التلمذة لأولاده حتى أن اثنين من أشهر تلاميذه رافقاه إلى استشهاده ونالا الإكليل معه. الأول ساويرس Severus الكاهن والثاني هِرمس Hermes الشماس، وكان هِرمس في الأصل أول حاكم للمدينة، ولكن بعد ارتباطه بخدمة الكنيسة عمل بيديه حتى يكسب معيشته، وعلَّم ابنه أن يفعل نفس الشيء.

رفضه أن يتخلى عن شعبه

حين أصدر دقلديانوس أوامره الأولى ضد المسيحيين، عند حلول عيد الظهور الإلهي نصح الكثيرون الأسقف أن يترك المدينة، لأنهم شعروا أن يوجد ضغط مستمر على باسوس الوالي من السلطات العليا لتنفيذ المنشورات الإمبراطورية. لكن الأسقف رفض أن يتخلى عن شعبه، وقال لهم أن الرب سيدبّر وسيلة للخلاص من الأعداء. وأخذ يشجع أولاده على الثبات والصبر.

القبض على الأسقف

في أحد الأيام أتى الجنود بأمر الحاكم وأغلقوا باب الكنيسة وختموه، فقال القديس فيلبس لقائدهم: "هل تظن أن الله يسكن بين الجدران وليس بالأحرى في قلوب الناس؟" فكان يصلي مع الشعب خارج الكنيسة.

لم يمضِ وقت طويل على ذلك حتى زار باسوس مدينة هراكليا، ووجد الأسقف فيلبس مع شعبه مجتمعين خارج أبواب الكنيسة المغلقة لخدمة القداس الإلهي دون اكتراث. جلس الحاكم وأحضر أمامه بعضهم باعتبارهم معتدين على القانون، ولما سألهم باسوس: "من منكم معلم المسيحيين؟" أعلمه فيلبس بشخصيته، فقال الحاكم: "أنت تعلم أن الإمبراطور قد منع اجتماعاتكم، فاعطني الآن آنية الذهب والفضة التي تستخدموها والكتب التي تقرأون فيها". أجابه الأسقف: "سوف نعطيك الأواني لأنه ليس بالمعادن الثمينة ولكن بأعمال الرحمة والمحبة نمجد الله. أما عن الكتب المقدسة فليس من حقك أن تطلبها أو من حقي أن أسلمها لك".

تعذيب الأسقف فيلبس في أيام باسوس

أمر الحاكم بإحضار الجلادين وأمر أحدهم بتعذيب الأسقف فيلبس الذي احتمل التعذيب في شجاعة. تقدم هِرمس في شجاعة إلى الحاكم قائلاً: "ليس في سلطانك أن تدمّر كلمة الله حتى ولو أخذت كل الكتب المكتوبة"، وكان رد باسوس عليه أن أمر بجلده. ثم أمر بإحضار فيلبس وبقية المسجونين إلى الساحة حيث حضر أحد كهنة الأوثان استعدادًا لتقديم ذبيحة.

حاول باسوس إجبار فيلبس للمشاركة، فأجابه القديس أن التماثيل المنحوتة لا تملك أن تساعد أو تؤذي أحدًا. فالتفت الحاكم إلى هِرمس محاولاً إقناعه لآخر مرة، إلا أن القديس أجابه بأنه مسيحي ولن يذبح للأوثان، فأمر باسوس بإلقائهم في السجن مرة أخرى، وفي الطريق كانت الجموع من الوثنيين يدفعون فيلبس حتى وقع على الأرض، وحين وقف والابتسامة تعلو وجهه تأثر الكثير منهم بصبره ووداعته، وكان الشهداء يسيرون مترنّمين بمزامير وتسابيح الشكر للّه حتى وصلوا للسجن.

تعذيب الأسقف فيلبس في أيام جوستين

في تلك الأثناء أنهى باسوس خدمته وخلفه جوستين Justin أو يوستينوس في الحكم، وكان هذا التغيير سبب حزن المسيحيين لأن باسوس كان يميل أكثر إلى استخدام المنطق والعقل كما أن زوجته كانت مسيحية، بينما كان يوستينوس عنيفًا. أُحضِر فيلبس أمام يوستينوس الذي أعاد على مسمع القديس أوامر الإمبراطور وحاول إجباره على الذبح للأوثان، فأجابه القديس: "أنا مسيحي ولا يمكنني عمل ما تطلبه. يمكنك معاقبتنا لرفضنا، ولكنك لن تستطيع إجبارنا على شيء". هدّده يوستينوس بالتعذيب فرد عليه: "يمكنك تعذيبي ولكنك لن تهزمني، فليس هناك قوة تجبرني على الذبح للأوثان". أمر يوستينوس جنوده فربطوه من قدميه وجروه فوق أرض صخرية حتى تهرّأ جسمه وامتلأ بالكدمات، فحمله المسيحيون وأحضروه للسجن.

كان الجنود يبحثون لمدة طويلة عن ساويرس الكاهن الذي أخفى نفسه، وبإرشاد من الروح القدس سلّم نفسه أخيرًا لهم فقادوه للسجن، وهكذا ظل فيلبس وهِرمس وساويرس محبوسين 7 شهور في مكان سيئ، إلى أن وقفوا مرة أخرى أمام يوستينوس.

أمر الحاكم فضربوا فيلبس حتى تهرّأ لحمه، وكان احتماله للعذاب مثار دهشة لمعذبيه بما فيهم يوستينوس نفسه الذي أمر بإعادته للسجن. ثم جاء الدور على هِرمس الذي عومِل معاملة حسنة بسبب منصبه السابق كحاكم لهراقليا ولأن شعبيته كانت كبيرة، ولكن في محاكمته ظل ثابتًا في الإيمان فأعادوه للسجن مرة أخرى.

بعد ثلاثة أيام أعاد يوستينوس محاكمتهم في محاولة أخيرة لتغيير رأيهم، ولما فشل أمر بحرق فيلبس وهِرمس أحياء حتى يكونا عبرة للآخرين. سار القديسان بفرح إلى مكان الاستشهاد، وكانت قدما فيلبس مجروحتين حتى أنه لم يستطِع المشي عليهما، وكان هِرمس أيضًا يمشي بصعوبة، فقال للأسقف: "يا سيدي دعنا نسرع للذهاب إلى الرب. لماذا نبالي بأقدامنا فإننا لن نحتاجها بعد ذلك". ثم التفت إلى الجموع التي كانت تسير وراءهما وقال: "لقد أعلن لي الله أنني لابد أن أتألم. في نومي رأيت حمامة بيضاء أنصع من الثلج استقرت على رأسي، ثم نزلت إلى صدري ومنحتني طعامًا حلو المذاق، فعلمت أن الرب قد دعاني وشرّفني بالاستشهاد".

حين وصلا إلى مدينة أوريانوبوليس مكان الاستشهاد وُضِع الشهيدان في حفرة حتى رُكَبِهما ورُبطت أيديهما خلفهما. وقبل أن يشعل الجنود النار نادى هِرمس على أحد أصدقائه المسيحيين وأوصاه قائلاً: "أستحلفك بمخلصنا يسوع المسيح أن تخبر فيلبس ابني على لساني أن يسدّد أية التزامات كانت عليَّ حتى لا أكون مرتكبًا أي خطأ حتى ولو بحسب قوانين العالم. واخبره أيضًا أن يشتغل بيديه - كما كان يراني أفعل - حتى يكسب قوته، وأن يسلك سلوكًا حسنًا مع كل الناس". ثم أشعل الجنود النار فظل الشهيدان يسبحان الله ويشكرانه إلى أن فقدا القدرة على الكلام، وكان ذلك في 22 أكتوبر سنة 304م.

وقد حفظ الله جسديهما حتى أن القديس فيلبس - الذي كان شيخًا - بدا كما لو أنه قد استعاد شبابه وكانت يداه مبسوطتين كما في وضع الصلاة. أمر يوستينوس بإلقاء جسديهما في النهر، إلا أن بعض المؤمنين نزلوا في مراكب واستعادوهما بواسطة شِباك.

حين أُخبِر ساويرس الكاهن - الذي تُرِك وحيدًا في السجن - باستشهاد فيلبس الأسقف وهِرمس الشماس، تهلّل فرحًا لنوالهما إكليل المجد، وأخذ يتضرع إلى الله أن يجده مستحقًا أن ينال نفس المجد، بما أنه قد اعترف باسمه القدوس معهما قبل ذلك، وقد قبل الرب طلبته واستشهد في اليوم التالي.

يشير التاريخ الروماني إلى أنهم استشهدوا في زمن يوليانوس الجاحد.

Butler, October 22.

فيلبس الرسول

ولد في بيت صيدا (يو 1: 44) ويبدو أنه عكف منذ صباه على دراسة الكتب المقدسة، فنجده سريعًا لتلبية دعوة الرب حالما قال له اتبعني، ونجد في حديثه إلى نثنائيل: "قد وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء، يسوع..." (يو 1: 45) ما يدل على الانتظار والتوقع.

لم يرد ذكره كثيرًا في الأناجيل. ذُكر اسمه في معجزة إشباع الآلاف من خمس خبزات وسمكتين، حينما سأله الرب سؤال امتحان: "من أين نبتاع خبزًا ليأكل هؤلاء؟" فكان جواب فيلبس: "لا يكفيهم خبز بمائتيّ دينارًا ليأخذ كل واحد منهم شيئًا يسيرًا" (يو 6: 5 - 7). وجاء ذكره في يوم الاثنين التالي لأحد الشعانين حينما تقدم إليه بعض اليونانيين الدخلاء وسألوه أن يروا يسوع (يو 12: 20 - 22). وجاء ذكره أيضًا في العشاء الأخير في الحديث الذي سجله لنا القديس يوحنا، حينما قال للرب يسوع: "أرنا الآب وكفانا"، فكان جواب الرب عليه: "أنا معكم زمانًا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس؟ الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أرنا الآب؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ؟" (يو 14: 8 - 10).

حمل بُشرى الخلاص إلى بلاد فارس وآسيا الصغرى خاصة إقليم فريجيا، وانتهى به المطاف في مدينة هيرابوليس المجاورة لكولوسي واللاذقية بآسيا الصغرى حيث استشهد مصلوبًا، بعد أن ثار عليه الوثنيون.

ويخلط البعض بينه وبين فيلبس المبشّر أحد السبعة شمامسة في بعض الروايات.

الكنيسة في عصر الرسل، صفحة 321.

فيلبس الشماس

هو أحد السبعة شمامسة الذين أقامهم الآباء الرسل للخدمة (أع 6: 5).

كان من أهل قيصرية فلسطين، ولما عبر السيد المسيح بتلك الجهة وعلّم بها سمع هذا القديس تعليمه وتبعه في الحال. ولما اختاره الرب من الذين تبعوه سبعين رسولاً وأرسلهم يكرزون ويشفون المرضى، كان هذا التلميذ أحدهم، ثم اختاره التلاميذ الاثني عشر واحدًا من السبعة الشمامسة الذين أقاموهم للخدمة.

بشّر في مدن السامرة وعمّد أهلها، وهو الذي عمّد أيضًا سيمون الساحر الذي أراد أن يقتني موهبة الروح القدس بالمال. وبشـّر أيضًا الخصي الحبشي وزير الملكة كنداكة وعمّده (أع 8: 26 - 40).

وطاف بلاد آسيا وكرز فيها، وكان له أربع بنات يبشّرن معه. وردَّ كثيرين من اليهود والسامرة وغيرهم إلى حظيرة الإيمان ثم تنيّح بسلام.

السنكسار، 14 بابه.

فيلبس الشهيد

هو شقيق القديس أباكير الشهيد، وردت سيرتهما في حرف "أ" تحت "أباكير ورفقاؤه الشهداء"، وتعيّد لهم الكنيسة في الرابع عشر من شهر بؤونة.

فيلبس المقاري القس

ولد في الربع الأخير من القرن التاسع عشر بمدينة طهطا، وانتظم في سلك الرهبنة بدير أنبا مقار ببرية شيهيت. ثم ذهب إلى القدس بصحبة أب اعترافه القمص تادرس المقاري، وأقاما بجوار نهر الأردن، وقد آلمه هناك أنه رأى المُقدِّسين وهم ينزلون النهر للبركة ولا يجدون مكانًا لخلع ولبس ملابسهم، فطلب من الرب فأعطاه مالاً بنى به حجرتين بجوار نهر الأردن لهذا الغرض.

وبعد انتقال أبونا تادرس المقاري توجّه أبونا فيلبس إلى أريحا حيث اشترى منزلاً هناك، وتبين له فيما بعد أن هذا هو بيت زكا العشار الذي زاره السيد المسيح. وفي أحد الأيام بعد عودته من السوق وجد ثلاثة رجال في المنزل، فلما استفسر عن سبب وجودهم أخبروه أن يحفر في إحدى الحجرات وسوف يجد كنزًا ثم اختفوا عنه، فعلم أنهم ملائكة. بدأ الحفر باحثًا عن الكنز فوجد أجساد ستة قديسين منهم جسد القديس تدّاوس الرسول، ثم وجد ذهبًا وفضة ونقودًا كثيرة وفي النهاية وجد لوحًا مكتوبًا عليه أن هذا منزل زكا العشار وتاريخ المنزل وكان ذلك مكتوبًا بالعربية والعبرية واليونانية.

كانت خدمته وغيرته المقدسة واضحة جدًا، فقد بنى كنيسة كبيرة ومضْيَفة حيث كان المطران يلتقي بالزائرين، وأقام بستانًا كبيرًا في مساحة كان اشتراها وزرع فيها فاكهة وخضراوات مختلفة. كما كان يقيم ولائم كبيرة في يوم شم النسيم وكان أيضًا يقيم ولائم بمناسبة زيارة السيد المسيح لبيت زكا، وكان يحرص أن يشرب زواره من البئر التي عنده والتي شرب منها السيد المسيح. كان تقشفه يزيد بازدياد ماله وكان يعتني بالفقراء والمساكين، وكان يردّد أنه "بوسْطجي" عند ربنا ليس له شيء.

حاول أبونا بولس الأنبا بيشوي الذي عاصر أبونا فيلبس المقاري لمدة ثمانِ سنوات أن يعرف أي شيء عن عبادته ولكنه لم يعرف إلا القليل، فقد كان حريصًا على تتبع أسلوب الخفاء كوصية السيد المسيح. وقد اُختير أبًا لاعتراف معظم الرهبان في القدس، وكان يجد لذة في فض المشاجرات بين الجميع حتى أنه اُختير عضوًا في لجنة الصلح والسلام بين المواطنين فقد كان رجل سلام. كان يتميز بالبساطة والتواضع، قال عنه أبونا بولس الأنبا بيشوي أنه كان يخلع عمامته ويلقيها على الأرض ثم يلبسها دون أن ينفض التراب عنها، كما كان يخدم نفسه بنفسه. وعاش أبونا فيلبس حوالي مائة سنة وتنيّح في أواخر السبعينات.

قديس معاصر: أبونا فيلبس المقاري.

فيلبس ورفقاؤه الشهداء

في أول هاتور تحتفل الكنيسة بتذكار استشهاد القديسين مكسيموس ونوميتيوس وبقطر وفيلبس، الذين استشهدوا في أيام دسييوس الملك.

وقد وردت سيرتهم تحت "بقطر الروماني الشهيد".

السنكسار، 25 أمشير.

فيلكس الأسقف الشهيد1

في بداية اضطهاد دقلديانوس قام عدد من المسيحيين بتسليم الكتب المقدسة لأيدي المُضطَهِدين الذين قاموا بحرقها. كان فيلكس أسقفًا في أفريقيا proconsular Africa، وكان بعيدًا عن أن يتخلى بسهولة عن أمانته وتدقيقه.

مطالبته بتسليم كتب الكنيسة ومخطوطاتها

استدعاه ماجنيليان حاكم ثيبيوكا Magnilian magistrate of Thibiuca وأمره بتسليم كتب الكنيسة ومخطوطاتها لكي يحرقها حسب أوامر الإمبراطور. أجابه القديس بأن أوامر الله يجب أن تطاع قبل أوامر الإنسان، فأرسله ماجنيليان إلى حاكم قرطبة Carthage.

حاول حاكم قرطبة معه ولكنه صُدِم من ردوده الحادة ورفضه الشديد، فحبسه تسعة أيام في جب كريه، ثم أرسله مكبلاً بالحديد في قاع سفينة إلى ماكسيمينوسوس في إيطاليا. ظل الأسقف ملقى أربعة أيام في السفينة بين أقدام الخيل وبدون طعام أو شراب حتى وصلت المركب إلى أجريجنتم Agrigentum في صقلية Sicily، حيث استقبله المسيحيون في الجزيرة وفي كل المدن التي عبر عليها بكل احترام وتبجيل.

حين وصل فيلكس إلى فينوسا Venosa في أبوليا Apulia فك القائد عنه الحديد وسأله إن كان يملك كتبًا مقدسة ولماذا لا يريد تسليمها، فأجاب القديس بأنه فعلاً يملكها ولكنه لن يسلمها لهم أبدًا. وبدون أي تردّد أمر القائد بقطع رأسه، فصلى القديس شاكرًا الله من أجل مراحمه ثم مدَّ رأسه للسياف مقدمًا نفسه ذبيحة للّه. وكان استشهاده في سنة 303م، وكان له من العمر إذ ذاك 56 سنة، وكان من أوائل الذين استشهدوا في عصر دقلديانوس.

وتقول بعض المصادر أن الشهيد لم يسافر إلى إيطاليا بل عذَّب واستشهد في قرطبة وأن رفاته ما تزال مدفونة هناك.

Butler, October 24.

فيلكس الأسقف الشهيد2

أسقف باجاي Bagai في نوميديا Numidia وكان حاضرًا المجمع السابع في قرطاجنة Carthage برئاسة كبريانوس والذي عُقِد سنة 256م، وهو ثالث مجمع يناقش موضوع المعمودية.

كما أنه أحد الأساقفة التسعة الشهداء في مناجم سيجوا Sigua.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 488.

فيلكس الأسقف القديس

رُسِم أسقفًا على مدينة ترير Triér سنة 386م، وحضر المجمع الذي انعقد في مدينته والذي كان القديس مارتان Martin حاضرًا فيه. وكان فيلكس رجلاً قديسًا محبًا وكريمًا على الفقراء، وقد بنى ديرًا وكنيسة على اسم السيدة العذراء وشهداء الكتيبة الطيبية Theban Legion ووضع فيه رفات أحد قواد الكتيبة واسمه ثيرسِس Thyrses وتسعة شهداء آخرين.

ولأنه انتُخِب للأسقفية بواسطة بعض المسئولين (الحكوميين) عند موت بريسكيليان Priscillian رفض القديسان أمبروسيوس وسيريسيوس Siricius الشركة الكنسية معه، ولعل ذلك كان السبب وراء اعتزاله الأسقفية في سنة 398م وذهابه إلى الدير الذي كان قد بناه، والذي سميّ فيما بعد باسم القديس بولينوس Paulinus. وقد تنيّح سنة 400م وحدثت معجزات كثيرة عند مكان قبره.

Butler, March 26.

فيلكس ورفقاؤه الشهداء

استشهد في أوتون Autun مع أندوكيوس Andochius الكاهن وثيرسوس Thyrsus الشماس، وذلك أثناء حكم ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius الذي امتد من سنة 161 إلى 180م، في الغالب في نفس زمن استشهاد شهداء ليون Lyons سنة 177م.

وتُعيِّد له الكنيسة الغربية في الرابع والعشرين من شهر سبتمبر.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 502.

فيلكس أسقف روما

ولد هذا القديس من أبوين مسيحيين في رومية سنة 210م فربّياه تربية مسيحية، وتدرج في الرتب الكهنوتية، فقد رسمه أسطاسيوس أسقف رومية شماسًا ورسمه أسقف رومية يسطس قسًا نظرًا لِما رأى فيه من الفضيلة والتقوى.

ولما تنيّح الأب ديوناسيوس أسقف رومية، الذي كان في زمان القديس ثاؤناس بابا الإسكندرية أُختير هذا الأب لأسقفية رومية فرَعى رعيّة المسيح أحسن رعاية. ولما ملك أوريليانوس قيصر أثار الاضطهاد على المسيحيين وعذبهم بعذابات شديدة حتى استشهد الكثيرين منهم، ولما لحق هذا الأب منه شدائد عظيمة وضيقًا زائدًا ابتهل إلى الله أن يرفع هذا الضيق عن شعبه، فمات الملك في السنة الثانية من ملكه.

ولما ملك دقلديانوس واضطهد أيضًا المسيحيين وبدأ في تعذيبهم، صلى هذا الأب إلى الله ألا يريه عذاب أحد من المسيحيين، فتنيّح في أول سنة من مُلك دقلديانوس بعدما جلس على الكرسي الرسولي خمس سنوات ونصف، تاركًا أقوال ومصنفات كثيرة بعضها في الوعظ والتعاليم المفيدة وبعضها في العقيدة.

السنكسار، 6 هاتور.

فيلكس الثاني أسقف رومية

بوجد خلاف كبير في الرأي حول شخصية هذا الأسقف، فالرأي الأول يقول أن فيلكس هذا كان كبير شمامسة روما في زمن الإمبراطور قسطنطين الكبير، وحين نُفِي الأسقف ليبِريوس Liberius إلى ميلان بسبب تأييده للبابا أثناسيوس، أخذ فيلكس مكانه وجلس على كرسيه، بعد أن أقامه ثلاثة أساقفة من أتباع أريوس، وواضح أن هذه القصة تتنافى مع حياة شخص كُرِّم على أنه أسقف وقديس وشهيد.

الرأي الثاني يقول أن هذا الأسقف نُفِي من كرسيه بواسطة الإمبراطور قسطنطين بسبب مقاومته لبدعة الأريوسية، وقُتِل سرًا بحد السيف في توسكاني Tuscany سنة 365م. ومن ذلك المكان نقل رجال الدين جسده إلى كنيسة القديسين قزمان ودميان. وقد وجد البابا جريجوري الثالث عشر جسده بعد ذلك تحت المذبح، مع رفات بعض الشهداء مما يرجح محاولة تحريف سيرته وصدق الرأي الثاني.

Butler, July 29.

فيلكس أو فيليكوس القديس

روى سيرته القديس بولينس من نولا St. Paulinus of Nola الذي عاش بعده بأكثر من قرن من الزمان.

كاهن بنولا

كان القديس فيلكس مواطنًا من نولا في إيطاليا، وهى مستعمرة رومانية في كومبانيا Compania التي تبعد 14 ميلاً من نابولي Naples.

كان أبوه سرياني الأصل يدعى إرمياس قائد في جيش القياصرة، كان لديه ابنان: فيلكس وهرمياس Hermias، اختار هرمياس العمل بالجيش بينما اختار فيلكس أن يكرس حياته لخدمة الله ويتبع ملك الملوك يسوع المسيح. فوزّع معظم أملاكه التي ورثها عن أبيه على الفقراء. أحبه الشعب جدًا بسبب طهارة سيرته ورصانة عقله، فزكّوه لدى مكسيموس أسقف نولا الذي جعله قارئًا. وهبه الله عطية إخراج الشياطين التي كانت ترتعب منه ولا تطيق الوقوف أمامه. ورُسِم كاهنًا على يد القديس مكسيموس، الذي عُرف بفضيلته وفطنته وصار يده اليمنى في تلك الأوقات المضطربة، واعتبره خليفته المنتظر. كان مهتمًا جدًا بخلاص النفوس بجانب اهتمامه بخدمة المرضى وافتقاد المحتاجين ومساعدتهم.

اضطهاد الملك ديسيوس

في عام 250م بدأ الإمبراطور ديسيوس اضطهاد الكنيسة. صارع الأسقف مكسيموس بين حنينه للانطلاق إلي المسيح وبين شعوره بضرورة الاختفاء لمساندة النفوس الضعيفة والاهتمام برعاية الشعب. قال في نفسه:

"إن الحياة تحت أخطار الموت ليست بحياة بل هي موت مستمر، أما العذاب الذي يعبر سريعًا فيُحتمل بسهولة.

إذا تقدمت إلى المغتصب المنافق يقتلونني سريعًا، ويفتحون لي باب الفردوس، ويحوّلونني إلى الحياة الحقيقية.

وإذا اختفيت فلابد لي من الهروب إلى الجبال حيث لا أجد راحة لأني أسكن حينئذ بين الوحوش الضارية. ولا أجد هناك في شيخوختي من يسعفني.

فخير لي الموت وسفك دمى لأجل يسوع ربى. غير أني قد أنفع رعيتي في غربتي، فلماذا أفضل نفعي على نفع رعيتي؟

لقد قال سيدي: إذا اضطهدوكم في مدينة فاهربوا إلى أخرى. لذا يجوز لي الفرار، غير أني بسبب الأمور الجارية لا نفع لرعيتي أن أتغرب واختفى.

فيجب عليّ إذن أن أتغاضى عما يفيدني لكي أهتم بما ينفع رعيتي، وإن كنت اشتهى الموت حبًا بالمسيح فلتطل حياتنا قليلاً إكرامًا للّه الذي سيؤهلنا أن نموت في زمن آخر لأجله ".

قال هذا ثم استدعى الكاهن فيلكس واستودعه رعية المسيح وانطلق إلى الجبال واختفى هناك، ليس بسبب الخوف من الموت ولكن لخدمة قطيعه.

بدأ الكاهن فيلكس يسند الشعب ويثبتهم في الإيمان. فأرسل الحاكم الجنود للقبض عليه الذي كان غيورًا على رعاية الإيبارشية في غياب الأسقف. طالبه الشعب بكل لجاجة أن يهرب فرفض.

في جب

التقى بالحاكم الذي بدأ بملاطفته ثم بتهديده. قال له فيلكس الكاهن: "إني مستعد أن أطيع الملك في كل شيء إلا ما يضاد إيماني، فإني لن أجحد إلهي، ولن أكفر بمخلصي، ولو أمرني بذلك جميع ملوك الأرض، وأنت قادر أن تفصل نفسي عن جسدي، ولكنك لا تقدر أن تفصلها عن محبة سيدي يسوع المسيح، فهذا المطمع لا سبيل إليه".

التهب قلب الحاكم بنار البُغضة وأمر الجنود بضربه، فعرّوه ومزّقوا جسمه الطاهر بالضربات ثم القوه في جب، حيث كانت الأرض مليئة بقطع زجاج مكسور وكسر حجارة حادة بحيث لا يوجد مكان للقديس ليقف أو يرقد. وقيّدوه بأغلال حديدية حتى لا يتحرك؛ أما هو فكان يحتمل العذابات بوجهٍ باشٍ وفرحٍ.

خروجه من السجن

في إحدى الليالي إذ كان الكاهن فيليكوس يصلى داخل السجن من أجل أن يحفظ الله رعيته ظهر ملاك وملأ السجن بنور برّاق، وأمر القديس بالذهاب لمساعدة الأسقف الذي كان في محنة عظيمة.

إذ رأى السلاسل قد سقطت والجراحات برئت وأبواب السجن انفتحت تبع الملاك مرشده، ووصل إلى المكان حيث كان القديس مكسيموس مشرفًا على الموت يرقد في جوعٍ وبردٍ فاقد الوعي غير قادر على الكلام أو الحركة، ذلك لأنه في اشتياقه لقطيعه والمحنة في وحدته كان قد قاسى بشدة أكثر من عذابات الشهيد.

ظن الكاهن أنه في حلم وإذ أدرك أنه حقيقة بكى إذ لم يكن معه طعام أو شراب يقدمه لأسقفه. صرخ إلى الله يطلب نجدة فرأى بجواره عناقيد عنب، فكان يعصرها في كفّه ويفرغّها في فم الأسقف الشيخ شيئًا فشيئًا. فتح الأسقف عينيه وأفاق واتفق الاثنان على الرجوع إلى المدينة ليلاً.

حمل القديس على كتفيه حتى بيته في المدينة قبل طلوع الفجر حيث اعتنت به سيدة عجوز تقية ناسكة.

اختفاؤه

أما فيلكس فظل مختبئًا يصلى من أجل الكنيسة بدون انقطاع حتى موت ديسيوس عام 251م. ولم يظهر في المجتمع بسبب غيرته، فاغتاظ الوثنيون ومضوا بأسلحتهم ليلقوا القبض عليه في بيته فلم يجدوه. وإذ رأوه في الطريق لم يعرفوه. سألوه إن كان يعرف فيليكوس فأجابهم أنه لا يعرفه بالوجه، إذ لم يكن قد رأى وجهه قط. وعندما اكتشفوا خطأهم ورجعوا للبحث عنه فكان القديس قد بَعُد بمسافة وزحف داخل فتحه في جدًار متهدم وكانت الفتحة مليئة بخيوط العنكبوت. وعندما لم يعثر عليه أعداؤه حيث أنهم لم يتخيّلوا أن أحدًا من الممكن أن يكون قد دخل رجعوا بدونه. أما فيليكوس فقد عثر على بئر نصف جاف بين بيتين وسط الأنقاض، فاختبأ هناك لمدة 6 شهور وكانت تقوته امرأة مسيحية متعبدة. وعندما ساد السلام في الكنيسة خرج فيليكوس من البئر واستُقِبل بفرح في المدينة.

رفضه الأسقفية

بعد قليل تنيّح القديس مكسيموس، وكان الجميع يريدون انتخاب فيلكس أسقفًا، لكنه ترجّاهم أن يختاروا بدلاً منه كوينتُس Quintus، الذي كان أقدم منه في الكهنوت بسبعة أيام.

كانت بعض ممتلكات القديس التي تبقاها قد صودرت أثناء الاضطهاد ونُصِح بأن يتمسك بحقه القانوني كما فعل آخرون واستعادوا ما أُخِذ منهم. أما هو فأجاب بأنه في فقره سيضمن اقتناء المسيح. ولم يكن يقبل حتى أخذ ما عرضه عليه الأغنياء، بل استأجر قطعة أرض صغيرة لا تتعدى ثلاث أفدنة وزرعها بيديه ليأخذ منها احتياجاته وما يفيض يقدمه صدقة، فكان يعطي بسخاء للفقراء فمتى كان عنده معطفان كان يتصدق بالأفضل، بل وغالبًا ما كان أيضًا يبدل المعطف الآخر بملابس أحد الفقراء.

تنيًح في شيخوخة صالحة في أواخر القرن الثالث في يوم 14 يناير سنة 260م قبل تولي دقلديانوس الملك. وقد ذكر بولينوس أن الله شرّف هذا القديس بعد موته بصنع عجائب كثيرة. هذا ما أكّده أيضًا القديس أغسطينوس.

الأب بطرس اليسوعي: مروج الأخيار في تراجم الأبرار 1877، 15 كانون الثاني.

Butler, January 14.

فيلكس الكاهن الشهيد

كان كاهنًا تقيًا بمدينة روما، استشهد في عهد دقلديانوس حوالي سنة 304م، مع شاب مسيحي اسمه أداكتيوس.

قد وردت سيرتهم في حرف "أ" تحت "أداكتيوس الشهيد".

Butler, August 30.

فيلكس وفرتناتوس الشهيدان

شقيقان من سكان فيسنزا Vicenza، وفي زمن اضطهاد دقلديانوس وماكسيميانوس للمسيحيين قُبض عليهما وأُحضرا إلى أكويليا Aquileia..

عُذِّبا بشدة بأن وُضعت مشاعل ملتهبة في جنبيهما ولكن بقوة إلهية انطفأت النار، ثم صُبَّ زيت مغلي عليهما ولكنهما ثبتا معترفين بالسيد المسيح، فقطعت رأسيهما حوالي سنة 296م.

أخذ المسيحيون في أكويليا جسديهما ودفنوهما بإكرام، ولكن المسيحيين في فيسنزا أرادوا أخذ الجسدين باعتبار الشهيدين من أهل بلدهم. واتفقوا على أن يأخذ أهل فيسنزا جسد الشهيد فيلكس بينما ظل جسد فرتناتوس في أكويليا.

Butler, June 11.

فيلكس وكبريانوس ورفقاؤهما الشهداء

في أفريقيا في سنة 484م، أثار الملك الأريوسي هونِريك Huneric اضطهادًا على الكنيسة كان ضحيته 4966 معترفًا وشهيدًا، منهم أساقفة وكهنة وشمامسة وجموع من المؤمنين، وكان من بينهم الأسقفان المباركان فيلكس وكبريانوس، سيقوا إلى برية قفرة وموحشة من أجل تمسكهم بالإيمان المستقيم.

في هذه البرية عوملوا بوحشية وقسوة من المورز Moors. يصف شاهد عيان وهو الأسقف الأفريقي فيكتور Victor of Vita القصة بأكثر تفصيل. قام الملك هونِريك بنفيهم بالمئات إلى الصحراء الليبية، حيث فنوا من جراء الأهوال البربرية الشديدة التي لاقوها.

كانوا يوضعون بأعداد كبيرة في مبانٍ صغيرة، حيث زارهم الأسقف فيكتور، وبعد مدة طويلة صدرت الأوامر باقتيادهم في الصحراء فخرجوا يترنمون بالمزامير.

كان القديس فيلكس أسقف أبِّر Abbir رجلاً كهلاً مصابًا بشلل نصفي، فلما قيل للملك هونِريك أن من الممكن ترك هذا الشيخ ليموت في منزله أجاب أنه إذا لم يمكنه ركوب الخيل يمكنهم ربطه من رجليه وجرّه، وكانت النتيجة أن الشيخ القديس أكمل الرحلة البشعة مربوطًا على ظهر جحش.

ومن قسوة الرحلة لم يستطع الكثيرون - منهم شباب وأشداء - إكمال الرحلة والوصول إلى النهاية، إذ كانت تُلقَى عليهم الحجارة ويُدفَعون بأسِنّة الحراب لدفعهم على المشي، فهلك الكثير منهم من الوهن والإعياء.

وكان القديس كبريانوس الأسقف يقضى وقته وجهده وماله في العناية بهؤلاء المعترفين وتشجيعهم، حتى قُبِض عليه هو الآخر واستشهد من جراء العنف والقسوة التي عاناها.

Butler, October 12.

فيلكس ونابور الشهيدان

امتدح القديس إمبروسيوس هذين الشهيدين جدًا، وذهبت جموع غفيرة من الناس إلى ميلان لتكريمهما.

يقول التقليد أنهما كانا جنديين Moorish في جيش ماكسيميانوس هركيلاس Maximian Herculeus، وكانا يعسكران في ميلان، وأنهما قُطِعت رأسيهما من أجل الإيمان.

Butler, July 12.

فيلو الأسقف

هو أسقف فارس الذي استشهد على يد ملك الفرس لأنه لم يقبل أن يعبد النار أو يسجد للشمس. فعذّبوه بكل أنواع العذاب وقطعوا رأسه بحد السيف، فنال إكليل الشهادة.

السنكسار، 10 أمشير.

فيلوباتير مرقوريوس الشهيد أو أبو سيفين

✥ مرقوريوس، كما لْقب بأبي سيفين لأنه ظهر له ملاك الرب وأهداه سيفًا بجوار سيفه العسكري، وكان هذا السيف هو سّر قوته.

✞ نشأته:

ولد بمدينة اسكنطس من أعمال مقدونية في شمال بلاد اليونان حوالي سنة 224م من أبوين وثنيين سمّياه فيلوباتير أي المحب لأبيه، وكان أبوه ياروس ضابطًا رومانيًا وفيلوباتير جنديًا ناجحًا وشجاعًا حتى نال لقب Primicerius.

✞ ياروس صياد الوحوش:

كان والده ياروس وجدّه فيروس يصيدان الوحوش من أسود ونمور ويقدمانها للملوك والأمراء مقابل مكافأة يعيشان منها.

ذات يوم إذ كان الاثنان في الغابة وقد نصبا شباكيهما وعلّقا الأجراس حتى إذا ما سقط فيها دقت الأجراس اختفيا بالقرب من الشباك ينتظران الصيد. بعد فترة طويلة فجأة دقت الأجراس فانطلقا نحو الشباك وكانت المفاجأة أنهما رأيا وحشين غريبين سقطا في الشبكة لكنه بقوة مزّقا الشباك وانطلقا نحوهما. افترس الوحشان الجدّ فيروس أما ياروس فسقط مغمى عليه، إذ لم يحتمل أن يرى والده بين أنياب الوحشين.

انطلق الوحشان إليه، وإذ فتح عينيه ورآهما ارتعب جدًا، لكنه سمع صوتًا من السماء يقول بأن يسوع المسيح يقدر أن ينزع عنهما طبعاهما الوحشي فيكونا كحملين وديعين. قال السيد المسيح لياروس:

"يا ياروس أنا هو الرب يسوع المسيح إلهك الذي أحبك وأنقذك من هذين الوحشين...

وإني أدعوك إلى نور الإيمان، ستكون إناءً مختارًا لي، واخترت ابنك ليكون لي كشجرة مثمرة، يحمل اسمي أمام ملوك وولاة كثيرين...

وسوف يتألم بعذابات متنوعة لأجل اسمي. لا تخف ولا تضطرب فإني أكون لك ترسًا ومنقذًا... "

إذ عاد ياروس إلى بيته بعد غياب ثلاثة أيام سألته زوجته عن سبب غيابه فروى لها ما حدث. وكم كانت دهشتهما فإنها قد سمعت ذات الصوت وتمتعت بدعوة السيد المسيح لها لكي تؤمن به.

✞ عماد ياروس وأهل بيته:

اعتمد ياروس وزوجته وابنه على يد الأسقف الذي أعطاهم أسماء جديدة. فدعا ياروس نوحًا وزوجته سفينة وفيلوباتير مرقوريوس [ وهو الكوكب عطارد وهو في نفس الوقت هو عند الرومان اله الحذق والبراعة والفصاحة والدهاء، ومانح الرخاء، والمشرف على الطرق، والهادي لأرواح الموتى إلى مقرها الأبدي]، ومنذ ذلك الحين أخذت عائلة القديس في السلوك في جميع وصايا الرب وأحكامه بلا لوم وكانت تكثر من عمل الصدقة.

✞ أسر نوح:

شاع خبر اعتناق الأسرة للمسيحية حتى بلغ مسامع الأمير الذي أرسل في استدعائه مع عائلته، فأمر بإلقائهم للوحوش، ولكن الرب أنقذهم وسد أفواههم فلم تجسر أن تؤذيهم حتى اندهش جدًا هو وجميع جنوده، فدعاه واستسمحه وولاّه رئاسة الجند.

وحدث أن أغار البربر على الروم فقام نوح وقاتلهم بشجاعة ولكنهم أسروه مدة سنة وخمسة أشهر، نال خلالها نعمة في عينيَّ ملكهم حتى ولاّه على المملكة من بعده. وبعد هذه المدة دبّر الرب عودته لمدينته حيث التقى بأسرته مرة أخرى، ومضت مدة قصيرة على لقاءهم ببعض ثم تنيّح بسلام.

✞ أبو سيفين:

بعدما انتقل الأمير نوح والد القديس قام ديكيوس Decius الملك (201 ـ 251 م) بتوْلية ابنه مرقوريوس عوضًا عنه، ولم يكن مرقوريوس قد تعدى العشرينيات من عمره، إلا انه قد ورث من أبيه شجاعته وجرأته ومقدرته الحربية والعسكرية، وحدث أن أغار البربر على مدينة روما وهدّدوها حتى خاف الإمبراطور وانزعج، إلا أن القديس طمأنه وشجّعه ثم قام بنفسه بقيادة الجيش الإمبراطوري.

ظهر له ملاك الرب بلباس مضيء واقترب منه وهو حامل بيده اليمنى سيفًا لامعًا وناداه قائلاً: "يا مرقوريوس عبد يسوع المسيح لا تخف ولا يضعف قلبك بل تقوّ وتشجّع، وخذ هذا السيف من يدي وامضِ به إلى البربر وحاربهم ولا تنسى الرب إلهك متى ظفرت. أنا ميخائيل رئيس الملائكة قد أرسلني الله لأعلمك بما هو مُعد لك، لأنك ستنال عذابًا عظيمًا على اسم سيدنا يسوع المسيح له المجد، ولكني سأكون حافظًا لك وسأقوّيك حتى تكمل شهادتك، وستسمع كل المسكونة عن جهادك وصبرك ويتمجد اسم المسيح فيك".

فتناول القديس السيف من يد الملاك بفرحٍ، وما أن أمسكه حتى شعر بقوة إلهية تملأه، ثم مضى بالسيفين (سيفه الخاص والسيف الآخر الذي سلّمه له الملاك) وهجم على البربر فأهلكهم مع ملكهم.

✞ منشور إمبراطوري:

في الوقت الذي وهب الله فيلوباتير نصرة على الأعداء، كان عدو الخير يهيئ حربًا ضد الكنيسة، حيث امتلأ قلب ديكيوس بالشر وبعث منشورًا إلى جميع أنحاء الإمبراطورية في سنة 250 لميلاد المسيح جاء فيه:

"من ديكيوس إمبراطور روما إلى جميع أنحاء الإمبراطورية. ليكن معلومًا أن آلهة الآباء والأجداد كتبت لنا النصرة. فيلزم على الجميع أن يسجدوا للإله ابولون ويتعبدوا للإلهة ارطاميس. وقد أصدرت أوامري للجميع بتقديم البخور لها، وكل من يطيع أوامري ينال كرامة، أما من يخالف أوامري فيْعذب ويقتل بالسيف". (من الإمبراطور ديكيوس ـ صدر في روما في السنة التاسعة من حكمه السعيد).

على أثر هذا المنشور الذي بعث إلى كل أنحاء الإمبراطورية ارتد البعض عن الإيمان، لكن كثيرين شهدوا للرب، دخلوا السجون واحتملوا الآلام، واستشهد كثيرون.

✞ احتفالات الجيش المنتصر:

بعد هذا النصر العظيم لاحظ ديكيوس غياب مرقوريوس عن حفل تقديم قرابين الشكر للآلهة، وحين استدعاه لسؤاله عن سبب غيابه ألقى القديس بلباسه العسكري في وجه الإمبراطور قائلاً: "لن أنكر إلهي يسوع المسيح".

أمر ديكيوس بالقبض عليه وتعذيبه في السجن بتمزيق جسده بالدبابيس والأمواس الحادة ووضع جمر نار على جانبيه ليحرق وهو حيّ.

✞ العناية الإلهية وسط الآلام:

أرسل الله له رئيس الملائكة ميخائيل الذي شفاه من جراحاته وشجّعه وعزّاه وأعطاه السلام ثم انصرف عنه. في الغد اندهش الملك إذ رآه سليمًا معافى، فازداد غضبه وحقده على القديس، فأمر بطرحه على حديد محمى بالنار، ثم علّّقه منكس الرأس وربط في عنقه حجرًا كبيرًا كي يعجّل بموته، ولكن رئيس الملائكة ظهر له مرة أخرى وشفاه من جميع جراحاته.

وإذ خاف ديكيوس من غضب أهل روما أرسله إلى قيصرية عاصمة كبدوكية (بتركيا) حيث أمر بقطع رأسه بحد السيف بعد أن يجلد بالسياط، وكتب قضيته هكذا: "حيث أن الأمير مرقوريوس عميد الجيوش أنكر الآلهة الكرام ورفض إطاعة الأوامر الملكية وعظمتها، نأمر أن يمضي به إلى قيصرية الكبادوك لتؤخذ رأسه هناك بحد السيف".

✞ استشهاده:

حين وصلوا إلى مكان الاستشهاد بسط القديس يديه ووقف يصلي بحرارة راجيًا من الرب يسوع أن يقبله.

وبينما هو قائم في الصلاة إذ به يبصر نورًا عظيمًا والرب يسوع في مجده مع ملائكته قد وقف أمامه وأعطاه السلام وباركه، فسجد القديس للرب، وبعد ذلك التفت إلى الجند وطلب منهم أن يعجّلوا في تنفيذ ما أُمِروا به. ثم أمال رأسه فضربها الجندي بحد السيف، وكان ذلك في الخامس والعشرين من شهر هاتور سنة 250م. وكان جسد القديس يضيء وقت استشهاده كما حدثت عجائب كثيرة ساعة دفنه.

✞ بعد انتهاء عصر الاستشهاد سمحت إرادة الرب بظهور جسده، فحمل الشعب الجسد المقدس بإكرام عظيم إلى الكنيسة التي بداخل مدينة قيصرية ووضعوه هناك إلى أن شيّدوا له كنيسة على اسمه.

✞ القديس باسيليوس يطلب صلواته:

يقول التقليد الشرقي أن القديس باسيليوس الكبير البطريرك تشفّع بالقديس مرقوريوس ضد الإمبراطور يوليانوس الجاحد (331 ـ 363 م). فكان القديس هو وسيلة الانتقام الإلهي من هذا الجاحد، فبينما كان الإمبراطور يحارب في بلاد الفرس ظهر القديس من السماء في زىّ جندي ممسكًا بسيف وحربة غرسها في صدر الإمبراطور فمات وهو ينادي المسيح حانقا "لقد غلبتني أيها ألجليلي!". ذلك لأن الإمبراطور يوليانوس قبل ذهابه إلى الحرب كان قد ألقى القديس باسيليوس في السجن، وكان القديس لشدّة حبه لأبي سيفين يحمل أيقونة الشهيد معه أينما ذهب. وفي أحد الأيام بينما كان قائمًا يصلي في السجن أمام الأيقونة أخذ يتأملها ويستشفع بصاحبها، وإذ بصورة الشهيد تغيب من الأيقونة فاندهش باسيليوس وظل يمعن النظر في الأيقونة وبعد برهة وجد أن الصورة عادت إلى ما كنت عليه غير أن الحربة التي كانت بيد الشهيد ملطخة بالدماء. ومن بين من أوردوا هذه القصة Delacy O Leary ; THE SAINTS OF EGYPT

* يوجد دير باسم أبى سيفين للراهبات بمصر القديمة يلتجئ إليه الألوف من النفوس المتألمة للتمتع بالبركات الإلهية.

✞ وفي اليوم الخامس والعشرين من هاتور (4 من ديسمبر) تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية في مصر باستشهاد هذا القديس، وأما كنائس الروم فتعيد لذكراه في الخامس والعشرين من شهر تشرين ثاني (نوفمبر)، ولهذا القديس في كنيستنا عيدان آخران: احديهما في 9 بؤونة (16 يونية) عيد وصول عضو من جسده إلى مصر في عهد الأنبا يوحنس البابا الرابع والتسعين بمساعدة مكروني مطران دير الأرمن بالقدس، ووضع هذا العضو الطاهر في كنيسة القديس أبي سيفين الأثرية بمصر القديمة التي صارت مركزا للكرسي ألبطريركي فترة من الزمن، وقد رسم فيها (14) أربعة عشر بطريركا. والعيد الثاني عيد تكريس الكنيسة التي دشنت باسمه ويقع في 25 أبيب (أول يوليو).

الشهيد العظيم أبو سيفين، إصدار كنيسة مار جرجس بإسبورتنج بالإسكندرية، مقالة للمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدراسات العليا اللاهوتية والبحث العلمي بجريدة وطني 5 ديسمبر 2004 م.

Butler, November 25.

فيلوثاؤس بغدادي صالح القمص

أحد الآباء الكهنة المشهورين الذين وقفوا بجوار البابا ديمتريوس الثاني يسندونه في جهاده، خاصة في الحفاظ على الإيمان الأرثوذكسي والنهضة بالتعليم.

نشأته

ولُد بمدينة طنطا سنة 1837م، وتعلم في الكُتّاب القبطي، وأجاد اللغة القبطية وأيضًا الإيطالية، كما تمرّن على الأعمال الحسابية والتجارية.

إذ زار سعيد باشا طنطا قابله أراخنة الأقباط وسألوه أن يسمح لهم ببناء كنيسة، لأن كنيستهم القديمة تهدّمت فصرّح لهم. لكن السلطات المحلّية وضعت العراقيل عند التنفيذ. أُنتخب المعلم فيلوثاؤس مع المعلم عوض صليب لمقابلة سعيد باشا بمعونة المعلم فيلوثاؤس بشاي كاتب الوالي لتقديم شكواهم، وقد نجحا في مهمتهما.

اشتغل في قلم العرضحالات بمديرية روضة البحرين التي ضمت مديريتي الغربية والمنوفية. وإذ ذهب مع صديقه المعلم عريان مفتاح في القاهرة لنوال بركة البابا كيرلس الرابع أُعجب به البابا. وطلب منه الالتحاق بالمدرسة الكبرى، فأطاع.

عيّنه البابا ناظرًا على المدرسة التي أنشأها في المنصورة، واضطر إلى تركها بعد استشهاد البابا كيرلس.

عُين مدرسًا للغة القبطية في المدرسة الكبرى ومدرسة حارة السقايين.

سيامته كاهنًا

سيم كاهنًا بطنطا سنة 1863م حيث تعاون مع القمص تادرس عوض صليب البيراوي. وقد برع في الوعظ فذاعت شهرته في أنحاء مصر، فاستدعاه البابا ديمتريوس الثاني لمرافقته في رحلته بالوجه القبلي سنة 1867م، فأظهر اقتدارًا عظيمًا في الوعظ المرتجل وبراعة في الدفاع عن العقائد الكنسية القبطية. وقد نبغ في الوعظ حتى طبقت شهرته الآفاق، ولم يقتصر نشاطه على طنطا فحسب، بل امتد من القدس إلى السودان، وكان يلقي عظاته في الأراضي المقدسة وفي بيروت ودمشق فأعجبوا به.

في سنة 1874م انتخبه المجلس الملّي راعيًا للكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، ورئيسًا لمدرسة الرهبان. وقد كانت له أعمال عظيمة ومؤلفات كثيرة، وكان ينوب عن البابا كيرلس الخامس في مقابلة الحكام، وكانوا يحبّونه ويكرّمونه لفصاحته وحسن أسلوبه وسعة إطلاعه، وقد حصل على نياشين من الخديوي توفيق والخديوي عباس حلمي الثاني، وكان أباطرة أثيوبيا يكرّمونه إكرامًا عظيمًا فكتب إليه النجاشي يوحنا سنة 1882م رسالة كلها تبجيل استهلها بقوله: "إلى الأب المعظم مستقيم الرأي والضمير، كنز الحكمة واسع العقل وطويل الروح، الراعي والحافظ أمانة الإسكندرية"، وطلب فيها صلواته. كما وصله خطاب آخر سنة 1899م من النجاشي فيليك يطلب فيها كتبه لترجمتها إلى الإثيوبية ويهديه نيشان النجمة.

من أروع الخطابات التي وصلت إليه رسالة كتبها إليه القديس الأنبا إبرآم أسقف الفيوم ورسالة أخرى من القديس القمص عبد المسيح المسعودي.

لما حدثت منازعات بين البابا كيرلس الخامس والمجلس الملي اقتصر عمل القمص فيلوثاوس على الرعاية الكهنوتية وترك مشروعات الكنيسة العامة.

رقد في الرب في أول برمهات 1620ش الموافق 10 مارس 1904م

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية، ص 129 - 130.

فيلوثاؤس البابا الثالث والستون

اختير من بين رهبان دير أبي مقار ورُسِم سنة 979م، وعاصر الخليفة العزيز بالله والحاكم بأمر الله. ولم يرد في سيرة هذا الأب البطريرك ما يستحق الذكر، وإن كان قد عاصر ما يقرب من ثمانِ سنوات من حكم الطاغية الحاكم بأمر الله، لكن لم يُذكَر شيء عن أي معاناة من الحاكم.

تأديبه

يذكر تاريخ البطاركة أنه انتهى إلى نهاية سيئة، وذلك أنه لم يكن يحيا الحياة النسكية التي تليق بطقسه كراهبٍ وبطريركٍ، فقد دخل إلى كنيسة مارمرقس الإنجيلي بالإسكندرية ومعه جماعة من الأساقفة ودخل إلى الهيكل ليقدس الأسرار، فلما رفع القربان سكت ولم يقدر أن ينطق بكلمة فجلس وأكمل القداس الأنبا مرقس أسقف البهنسا. وحملوا البطريرك إلى بيت أحد الأقباط وظل صامتًا تسع ساعات من النهار، فلما سألوه عن السبب امتنع عن الكلام ونتيجة إلحاح السائلين قال أنه لما قدّم القربان وقبل أن يرشم عليه بعلامة الصليب رأى شرقية الهيكل قد انشقت وخرجت منها يد وصلَّبت اليد على القربان فانشق في يده وأصيب هو بالصمت. ولما قال هذا جف منه عضو وبقى جافًا، وبعد قليل تنيّح هذا البطريرك سنة 1003م بعد أن ظل على الكرسي البطريركي أكثر من أربع وعشرين سنة ونصف.

انتشار السيمونية

للأسف لم يعارض هذا البطريرك عادة التسرّي الذي استقبحها وقاومها سلفه.

كما انتشرت في عهده السيمونية، فلم ينل أحد درجة الأسقفية في عهده إلا بعد دفع مبلغ كبير. قيل عن أهله أنهم وجدوا عنده مالاً عظيمًا من جملة ما جمعه في بطريركيته وقسموه فيما بينهم وكانوا أربعة اخوة. لكن هذا المال نفذ ورأى كاتب السيرة أحدهم وهو يتسوّل.

ومن القديسين المعاصرين له: الواضح بن أبو الرجاء المعترف، ومار جرجس المزاحم الشهيد.

مطران أثيوبيا

تلقى هذا الأب رسالة من أثيوبيا بعد الانقطاع الطويل الذي حدث بين الكنيستين، فيه طلب الملك من خلال جرجس ملك النوبة من الأب البطريرك أن ينقذ أثيوبيا من حالة الانحطاط الديني بسبب عدم سيامة مطارنة لها، وقد اعترف الملك بأن ما حلّ بأثيوبيا هو تأديب إلهي لما اقترفته أثيوبيا ضد الكنيسة القبطية.

أسرع البابا وسام الراهب دانيال من دير أبي سيفين مطرانًا على أثيوبيا، فاستقبله ملكها الشاب الشرعي، وكانت سيدة قد اغتصبت منه المُلك، فأجلسه المطران على عرش أجداده وحرم السيدة المغتصبة، فأنزلها الشعب عن الكرسي وحكم بإعدامها.

كتاباته

يقدم لنا كتاب "اعتراف الآباء" نصيّ الرسالتين اللتين وجههما البابا فيلوثاؤس للبطريرك أثناسيوس الأنطاكي 61. جاء في الرسالة الأولى بعد مقدمة تفيض حبًا وتكريمًا إجابة على تساؤل البطريرك بخصوص عدم مفارقة اللاهوت لا للنفس ولا الجسد عند موت السيد المسيح فقال:

[اعلم أن الله الابن الكلمة بتجسده خلق له جسدًا في بطن العذراء، واتحد به، وكان ذا نفسٍ ناطقة عاقلة، وهو البشر التام الذي اتخذه واتحد به الكلمة باتحاد أقنومي لا ينحل حسب تعليم غريغوريوس النيسي في ميمر الفصح... "ذلك البشر الذي جعله الكلمة واحدًا معه كان ذا نفسٍ عاقلة أيضًا، فكان أحد أجزاء هذا المجموع وهو الجسد قابلاً الآلام والموت، لأن اللاهوت والنفس البشرية لا يتألمان ولا يموتان..."

القول بآلام أو موت اللاهوت حتمًا هو قول فاسد ورديء وكُفر، لأن طبيعة اللاهوت بسيطة روحية غير هيولية، منزهة عن المادة وغير مركّبة، وبالتالي غير محدودة ولا مدركة، وهي طبيعة الآب والابن والروح القدس، لذلك فهي غير قابلة الألم والموت.

وإنما موت المسيح كان بمفارقة نفسه لجسده فقط، بحيث أن لاهوته لم يُفارق أحدهما طرفة عين ولمح البصر. فكان اللاهوت ملازمًا الجسد على الصليب وفي القبر، كما كان ملازمًا النفس حال نزولها إلى عالم الأرواح البارة...

وقال غريغوريوس أسقف نيصص في ميمر الميلاد: "إن اللاهوت في وقت تدبير الآلام لم يفارق كلاً من الجسد والنفس المتحد بهما دائمًا. الذي مات وفتح أبواب الفردوس للص نفسه وكان هذان الاثنان أعني الجسد والنفس ذي قدرة في زمنً واحدٍ...]

ختم الرسالة بتكريمه للوفد الذي بعثه البطريرك إليه مع الرسالة، وأنه قد أصدر منشورًا إلى كل الكنائس في مصر لذكر اسمه الكريم في الطلبات، وفي كل قداس كالمعتاد.

بعث أيضًا رسالة ثانية إلى بطريرك إنطاكية نفسه تشبه الأولى، بعد أن زاد عليها استقامة اعترافه بسرّ الثالوث القدوس ووحدة جوهره.

وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها، صفحة 105.

القس منسى يوحنا: تاريخ الكنيسة القبطية.

فيلوثاؤس الشهيد1

اشتياقه نحو معرفة الله

وُلد بمدينة إنطاكية من أبوين وثنيين سمّياه فيلوثاؤس، أي محب الإله. وكان أبواه يعبدان عجلاً اسمه زَبَرجد، ولما بلغ فيلوثاؤس العاشرة من عمره دعاه أبوه أن يسجد للعجل فلم يقبل، فتركه ولم يرد أن يكدّر خاطره لمحبته له ولأنه وحيده.

أما فيلوثاؤس فلصغر سنه ولجهله بمعرفة الله ظن أن الشمس هي الله، فوقف أمامها مرة قائلاً: "أسألكِ أيتها الشمس إن كنتِ أنتِ هو الإله فعرفيني،. فأجاب صوت من العلاء قائلاً:" لست أنا إلهًا، بل أنا عبد وخادم للإله الذي سوف تعرفه وتسفك دمك لأجل اسمه ".

ولما رأى الرب استقامة الصبي أرسل إليه ملاكًا فأعلمه بكل شيء عن خلقة العالم وتجسّد السيد المسيح لخلاص البشر. فسُرّ فيلوثاؤس بذلك وابتهج وصار من ذلك الوقت يصوم ويصلي ويتصدق على المحتاجين.

بعد سنة من ذلك التاريخ صنع أبواه وليمة لبعض الأصدقاء وطلبا ولدهما ليسجد للعجل قبل الأكل والشرب. فوقف الصبي أمام العجل وقال له: "أأنتَ الإله الذي تُعبد؟" فخرج منه صوت قائلاً: "إنني لست الإله، وإنما قد دخل فيَّ الشيطان وصرت أضل الناس". ثم وثب على أبوي الصبي ونطحهما فأماتهما في الحال، أما القديس فأمر عبيده بقتل العجل وحرقه وتذريته، وصلى إلى الله من أجل والديه فأقامهما الرب من الموت، وبعد ذلك تعمّد هو وأبواه.

نواله موهبة شفاء المرضى

أعطاه الرب موهبة شفاء المرضى، فذاع صيته وبلغ مسامع دقلديانوس فاستحضره وأمره أن يقدم البخور للأوثان فلم يفعل، فعذّبه بكل أنواع العذاب. ولما لم ينثنِ عن عزمه عاد الملك فلاطفه وخادعه، فوعده القديس بالسجود لأبولون كطلبه. ففرح الملك وأرسل فأحضر أبولون وسبعين وثنًا مع سبعين كاهن، ونادى المنادون في المدينة بذلك فحضرت الجماهير الكثيرة لمشاهدة سجود فيلوثاؤس لأبولون. وفيما هم في الطريق صلى القديس إلى السيد المسيح فانفتحت الأرض وابتلعت الكهنة والأوثان وحصلت ضجة عظيمة، حتى آمن خلق كثير واعترفوا بالسيد المسيح. فغضب الملك وأمر بقطع رؤوسهم فنالوا إكليل الشهادة. ثم أمر بقطع رأس القديس فيلوثاؤس فنال إكليل الحياة.

السنكسار، 16 طوبة.

فيلوثاؤس الشهيد2

كان من أهالي درنكة بمحافظة أسيوط، ولقد حاول أمير المنطقة أن يدفعه إلى جحد إيمانه بالسيد المسيح، ولما فشلت محاولاته أمر بتعذيب الشهيد، فكان فيلوثاؤس يُذكِّر نفسه بقول السيد المسيح: "من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص". وتشدّد قلبه بهذه الكلمات الإلهية، فاحتمل كل العذابات بصبرٍ ورضى. وقطعوا رأسه فنال الإكليل المُعد للأوفياء سنة 1096ش الموافق سنة 1380م، أي في عهد المماليك.

السنكسار الأمين، 3 مسرى.

فيلوثاؤس وهيبّارخوس الشهيدان

استشهدا في ساموساطا Samosata سنة 297م، وذلك حين كان الإمبراطور جالريوس Galerius في المدينة يقيم احتفالاً على نهر الفرات بمناسبة انتصاره على الفرس، فرفض هيبّارخوس وفيلوثاؤس اللذان كانا من أشراف المدينة الاشتراك معه في تقديم ذبائح الشكر للآلهة.

قُبِض عليهما وجُلِدا وسُجِنا لمدة ستة أسابيع، ولم يكن كل ذلك ليحوِّلهما عن ثباتهما في إيمانهما، فحُكِم عليهما بالصلب ومعهما خمسة شبان آخرين آمنوا هم أيضًا بالمسيح. كان هيبّارخوس أصلع الرأس، وحين عُرِض عليه فرصة أخيرة للذبح للأوثان أجاب: "ليس قبل أن ينمو الشعر مرة أخرى في رأسي!"، فسخر منه الإمبراطور وأمر بربط فروة ماعز على رأسه ثم أمر بقتلهم جميعًا.

ومن المحتمل أن يكون استشهاد هؤلاء القديسين ليس في زمن جالريوس بل في زمن ماكسيمينوس داجا Maximinus Daja سنة 308م.

The Penguin Dictionary of Saints, page 168.

فيلوجونيوس البطريرك القديس

في حياته الأولي كان متزوجًا وله ابنة واشتغل بالمحاماة واستطاع أن يعمل لنفسه اسمًا مرموقًا في هذا المجال. وإذ توفت زوجته ترهب ولتزايد فضائله ووفرة علمه ونسكه وورعه، اختير سنة 319م ليجلس على كرسي إنطاكية Antioch بعد نياحة فيتاليس، فرعى رعية السيد المسيح أحسن رعاية وحرسها من الذئاب الأريوسية ومن شيعة مقدونيوس وسابيليوس.

عاش فترة رئاسته عيشة الزهد والنسك، ولم يقتنِ فيها درهمًا ولا دينارًا ولا ثوبًا زائدًا، ويذكر القديس يوحنا ذهبي الفم حالة الانتعاش التي اختبرتها كنيسة إنطاكية في عهده كدليل على غيرته وقيادته الممتازة. وأثناء العواصف التي اجتازتها الكنيسة في عهد ماكسيمينوس وليسينيوس Licinius اعترف فيلوجونيوس اعترافًا حسنًا بالإيمان فسُجِن. وقد تنيح في سنة 324م، وفي 20 ديسمبر سنة 386م احتُفِل بعيده في إنطاكية، وفي هذا الاحتفال تكلم القديس ذهبي الفم عنه ذاكرًا ومُعدّدًا فضائله، ثم تكلم إن حالة السلام التي يعيشها القديس الآن في السماء حيث لا صراعات ولا اضطهادات، وليس من يقول "أنا" و“أنت”، تلك الكلمات التي تملأ العالم بالحروب والعائلات بالخلافات والأفراد بالاضطراب والحسد والحقد.

وتعيِّد له الكنيسة القبطية يوم 24 من شهر كيهك.

Butler, December 20.

فيلوروموس الشهيد

من كبار موظفي الدولة في مصر، استشهد سنة 306م أثناء اضطهاد الإمبراطور دقلديانوس. تذكره الكنيسة الغربية في الرابع من شهر فبراير.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. IV, page 390.

فيلياس الأسقف الشهيد

قبول الإيمان بالمسيحية

كان سليل أسرة عريقة في المجد والجاه والثروة، متفقهًا في العلوم الدينية والفلسفية. كان فيلسوفَا، يجيد الشعر، ويهتم بالفن والعلوم المختلفة. وكان مرهف الحس، سريع البديهة، وقد تأثر جدًا بتعليم السيد المسيح فآمن بالمسيحية بفرح. ونظرًا لمكانته عينته الدولة واليًا فأحبه الشعب، وقَبِل هو هذه المهمة لأنه وجد فيها فرصة لخدمة شعبه. كرّس وقته للخدمة فقدموا له الولاء.

اختياره أسقفًا

لما خلت الأسقفية أجمع الشعب على اختياره فترك الولاية واستلم الإبيارشية، فتحول من خدمة الدولة إلى خدمة الكنيسة.

في أثناء الاضطهاد الذي بدأه دقلديانوس وأكمله جاليريوس ومكسيمينوس وأعوانه، سافر فيلياس إلى الإسكندرية للتشاور مع البابا بطرس خاتم الشهداء فيما ترتب على الاضطهاد، ومن هناك بعث برسالة شيقة إلى شعبه - بقى الجزء الأكبر منها - وذلك قبيل استشهاده بوقت قصير. جاء فيها:

[سلك الشهداء مسلك سيدهم الذي أطاع حتى الموت موت الصليب، ففضّلوا العذابات بنفس راضية عن أن ينكروا مسيحيتهم.

كانوا ثابتين في إيمانهم، كاملين في محبتهم، فتلاشي بذلك كل خوف من قلوبهم.

وإني إن حاولت أن أصف لكم بطولتهم لظننتم أنها أشبه بالأساطير. ولكن حقيقة هذه البطولة أعجب بكثير من كل خيال حتى أن الذين شاهدوها من المؤمنين تشدّدوا وتعزّوا. أما غير المؤمنين فلم يؤمنوا فحسب، بل أعلنوا عن إيمانهم جهرًا أيضًا فانضموا بدورهم إلي صفوف الشهداء...]

وقد وصف فيها كيف كان صحبة من الشهداء يقوّون أنفسهم بالتأمل في الأمثلة والوعود الواردة في الإنجيل خاصة مثال الرب يسوع. ثم يقول: "فالشهداء إذ حملوا المسيح داخلهم اشتهوا بشغف أفضل العطايا واحتملوا كل الضيقات والإهانات، ليس مرة واحدة بل مرارًا. وعلى الرغم من أن الحرّاس تباروا فيما بينهم لإرهابهم بالأفعال كما بالكلمات، فإنهم لم يتخلّوا عن معتقدهم، لأن محبتهم الكاملة طرحت عنهم الخوف".

القبض عليه

ولما علم الرومان بالرسالة التي بعثها الأنبا فيلياس إلى شعبه ألقوا القبض عليه وطرحوه في السجن.

لما مثل فيلياس أمام كلسيانوس Calcianus استنكر أن يعامل الأسقف العالم معاملة المجرمين العاديين. وقد حاول الوالي معه بكل الطرق لكي يضحي للآلهة ففشل، ثم حاول أن يسترضيه أو يؤثر عليه بأن يثير فيه محبته لشعبه، فقال أنهم إن فقدوه فقدوا شجاعتهم وإيمانهم، لكنه مع كل ذلك ظل ثابتًا مؤكدًا للوالي أن موته سيزيد الشعب شجاعة وتماسكًا. وكان كلسيانوس في قرارة نفسه يريد أن ينقذ فيلياس، لذا أمر المحامين أن يساعدوا فيلياس ذا الشخصية العظيمة، أملاً في أن يجدوه في لحظة ضعف فيقرّب ذبيحة ويطلق سراحه، لكن إجابات فيلياس مع الوالي خيّبت أملهم. ورغبة في إنقاذه - وعلى الرغم منه - صاح المحامون: "أيها الوالي العظيم لقد قدم سابقًا ذبائح في قلب الملعب"، فقاطعهم فيلياس بصوت جهوري: "أبدًا لم يحدث، ولكني قدمت إلى الإله الحقيقي". لكن المحامون في يأس قالوا: "إن موكّلنا الجزيل الاحترام يطلب فرصة للتفكير"، فأجاب الأسقف: "هل تعتقد إني سوف أتردّد لحظة؟ لن يكون ذلك. لقد فكرت منذ زمن بعيد ولا يحتاج اختياري إلى ما يثبته. إني أتألم وأموت لأجل المسيح".

محاولة إنقاذه

هنا ترك أقاربه وأصدقاؤه القدامى وكبار موظفي مدينة الإسكندرية أماكنهم وأحاطوا بالمنصّة التي كان يقف عليها الأسقف، ورجوه وطلبوا إليه بدموع أن يتظاهر على الأقل بإطاعة الأوامر الإمبراطورية، وألقوا بأنفسهم عند قدميه، غير أنه رفض كلماتهم فكان كالصخر تلاطمه الأمواج دون أن تنال منه أو تزحزحه، إذ به يتجه بكل عقله إلى السماء ويوجّه بصره إلى الله ويقول: "إن واجبه أن يفكر في الشهداء الأبرار والرسل كأصدقائه وذوي قرباه".

كان من بين الشخصيات الحاضرة شخص يدعى فيلورومس Philoromus، قيل أنه كان وزير الخزانة في مصر، وربما كان موفدًا من قبل الإمبراطور ذاته إلى الإسكندرية بقصد تنظيم أمور هامة. هذا رأى فيلياس غير مكترث لدموع أحبائه وتوسلاتهم ولأسئلة الوالي، فنهض وصاح: "هذا المشهد القاسي قد امتد طويلاً. لماذا تريدون أن تختبروا صلابة الرجل أكثر من ذلك؟ لماذا ترغبون في تحويل إنسان مخلص عن الله بقصد إرضائكم؟ ألم تلحظوا أن عينيه لم تعد ترى دموعكم وآذانه لم تعد تسمع أنّاتكم؟ إن هذا يكفي، اتركوا هذا الرجل بسلام".

إذ لم يستطع الوالي استرضاء الأسقف بجميع الوسائل أخيرًا لجأ إلى محاولة إقناعه بحوار ديني، فقال له: "كيف تستسيغ صلب إلهكم؟" فأجابه الأنبا فيلياس: "إن محبة إلهنا التي لا تُحد هي التي دفعته إلي الصلب".

وإذ يئس الوالي قال له: "أتعرف إنني أود إكرامك ولا أريد أن ألحق بك الأذى من أجل كرامة عائلتك وما اتصفت به من جاه؟ فالأفضل لك أن تبخر للآلهة بدلاً من أن أحكم عليك بالموت الشنيع". أجاب فيلياس: "إن أردت أن تكرمني فقل لجنودك أن يعذبوني قبل أن يميتوني".

إزاء ذلك امتلأ كلوسيان غضبًا وحكم على الأسقف فيلياس وفيلورومس بقطع رأسيهما بحد السيف، كما حكم على كثير من الضحايا الآخرين بنفس الحكم.

توجّه الموكب إلى مكان إعدام الشخصيات الهامة، وفي الطريق حاول شقيق الأسقف محاولة أخيرة، فصاح أثناء مرور الوالي: "يا سيدي الوالي إن أخي فيلياس ينادي". إذ كان يخشي ثورة الشعب أسرع كلوسيان نحو الشهيد قائلاً: "هل ناديت حقًا؟" أجاب فيلياس: "أبدًا. لا تعرْ هذا الصوت التفاتًا. أما بالنسبة لي فإني لا أملك أن أقدم إليك وإلى الأباطرة أيها الحاكم إلا الشكر لأنكم ستجعلونني وارثًا لملكوت السماوات".

نودي على فيلياس ليقدم رأسه، لكنه توسّل أن يصلي أولاً. مع فرحه الشديد بالانطلاق نحو مسيحه السماوي كان قلبه متسعًا لكل شعبه مشتاقًا أن يتمتعوا معه بالمجد لذا بعد صلاته قدم وصية وداعية لشعبه قبيل استشهاده مباشرة.

وصيته الوداعية

مد ذراعيه على شكل الصليب وصاح بصوت عالٍ موجهًا الكلام لخاصته:

"يا أولادي الأحباء واخوتي الأعزاء يا من تعبدون الإله الحقيقي، اسهروا جيدًا على قلوبكم لأن الشيطان يحاول أن يستولي عليها.

افرحوا لأنه في هذه الساعة سنصبح جميعًا تلاميذ حقيقيين لسيدنا يسوع المسيح الذي له المجد الدائم إلى الأبد ".

بانتهاء صلاته استسلم فيلياس للسياف وكذا فيلورومس، وقُطِعت رأساهما في لحظة واحدة، وكان ذلك في الرابع من فبراير سنة 306م.

الاستشهاد في المسيحية، صفحة 100.

فيليب أو فيلبس المؤرخ الكنسي

نشأته

وُلد فيلبس في صيدا ببمفيلية Pamphylia في أوائل القرن الخامس. سامه القديس يوحنا الذهبي الفم شماسًا في القسطنطينية حيث صارا صديقين حميمين. سيم بعد ذلك قسًا.

بعد موت أتيكيوس Atticus عام 425م رُشّح في عام 426م القس فيلبس Phillippus للبطريركية وكان يعضده كثيرون (سقراط 27: 7)، لكن تفضيل سيسينس عنه سبّب له مذّلة شديدة عكست عليه نوعًا من الهجوم علي سيسينيس ومختاريه خاصة من الشعب.

يري سقراط أن الاتهامات التي قدّمها حملت مرارة وتهورًا وما كان يجب ذكرها في كتابه عن التاريخ المسيحي.

رشح مرة أخري بعد نياحة سيسينس عام 428م، ومرة ثالثة بعد عزل نسطور عام 431م ولم يُختر في كل المرات.

التاريخ المسيحي

نال شهرة فائقة بعمله التاريخ المسيحي، قام بوضعه ما بين سنة 434 و439م في 36 كتابًا، وفي حوالي 1000 فصلاً، لم يصلنا منه إلا شذرات قليلة. لكن كلاً من سقراط وفوتيوس قدّما لنا بعض المعلومات الهامة عنه.

1. ضمّ هذا العمل تاريخًا منذ خلقة العالم حتى عام 426م.

2. لم يقف عند التاريخ بل تحدث عن الجبر والفلك والحساب والموسيقي والجغرافيا، فصار متشعبًا في مواضيع كثيرة أفقدت أهميته.

3. قدم سقراط بعض الأخطاء التاريخية التي وقع فيها فيليب من حيث الترتيب الزمني للأحداث.

يري Tillemont أن فيليب أراد أن يقلد القديس يوحنا الذهبي الفم في بلاغته وخطابته وليس في فضائله، فجاء تقليده له فقير جدًا.

كتاباته الأخرى

يذكر سقراط أن فيليب كتب أعمالاً أخري عديدة، محاولاً أن يدحض كتابات الإمبراطور يوليانوس الجاحد ضد المسيحيين.

فيليسيتاس الشهيدة

استشهدت في كابوا Capua في الغالب أثناء اضطهاد ديسيوس Decius حوالي سنة 250م، والبعض الآخر يعتبرون أن استشهادها كان أثناء اضطهاد فالريان Valerian حوالي سنة 257م.

ويقال أن القديس كبريانوس قد شجّعها على الثبات في رسالة كتبها، إلا أنها قد فُقِدت.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 478.

فليستي أو فيليستياس الشهيدة

سبق أن تحدثنا عن فيليستي Felicity الشهيدة أثناء حديثنا عن صاحبتها الشهيدة بِرْبِتْوا وكان معهما ثلاثة شهداء آخرون.

تبقى سيَر هؤلاء العظماء من رجال ونساء شهادة حيّة لإمكانية المسيحي أن يمارس الحياة السماوية المفرحة في أمرّ اللحظات.

H. Musurillo: The Acts of the Christian Martyrs, Oxford 1972, p. 106 - 131.

فيليسيتي وأبناؤها الشهداء

كانت فيليسيتي أرملة مسيحية من أصل شريف، وبعد وفاة زوجها عاشت تخدم الله وكرست حياتها للصلاة وأعمال الرحمة، فكانت حياتها وحياة أسرتها نموذجًا أثَّر في الكثير من الوثنيين فتحولوا إلى المسيحية.

أثار ذلك غضب الكهنة الوثنيين فاشتكوها للإمبراطور أنطونينوس بيوس Antoninus Pius بتهمة تحويل الكثيرين عن عبادة الآلهة الخالدة، التي ستغضب على المدينة بل على الإمبراطورية بأسرها. أثارت الشكوى الإمبراطور فأرسل إلى بابليوس Publius حاكم روما يطلب منه القبض على فيليسيتي وأبنائها السبعة وإحضارهم أمامه.

وقفت القديسة أمام الإمبراطور الذي حاول الضغط عليها بكل قوة لتضحي للآلهة حتى لا يضطر إلى الالتجاء للعنف معها ومع أبنائها، ولكنها أجابته: "لا تظن أنك تخيفني بتهديداتك أو تميل قلبي بحسن حديثك، لأن روح الله الذي في داخلي سوف يقوّيني ويثبّتني حتى أنتصر على تهديداتك". أجابها الإمبراطور: "يا لكِ من امرأة تَعِسة، إذا كنتِ ترغبين في الموت فلماذا تدّمرين أبناءكِ معكِ؟" أجابته القديسة: "أولادي سوف يعيشون إلى الأبد إذا كانوا مخلصين، ولكنهم سوف يموتون إلى الأبد إذا ضحُّوا للأوثان".

في اليوم التالي أرسل الحاكم يستدعي فيليسيتي وأولادها أمامه قائلاً: "أشفقي على أولادِك يا فيليسيتي فإنهم في عنفوان شبابهم". أجابته الأم: "إن إشفاقك خادع وكلماتك شريرة" ثم التفتت إلى أولادها قائلة: "يا أولادي انظروا إلى السماء حيث يسوع المسيح وقديسوه ينتظرونكم. كونوا أمناء في محبته وحاربوا بشجاعة من أجل أرواحكم".

أمر بابليوس بضربها قائلاً: "كيف تتجاسرين على نصحهم في وجودي مخالفة أمر الأمير؟" ثم أمر بإحضار أولادها الواحد تلو الآخر، محاولاً معهم مرة بالوعود ومرة بالتهديد لكي يعبدوا الأوثان، ولما رفضوا جميعهم أمر بجلدهم ثم ألقاهم في السجن.

قدم الحاكم الدعوى أمام الإمبراطور فأمر بقتلهم بطرق مختلفة: جانواريوس جُلِد حتى الموت، فيلكس وفيليب بالضرب الشديد، سيلفانوس أُغرِق في النهر، ألكسندر وفيتاليس ومارتيال قُطِعت رؤوسهم، وفي النهاية قطعوا رأس الأم فيليسيتي.

قد امتدح القديس أغسطينوس والأب اغريغوريوس (الكبير) هذه الشهيدة وأولادها في الاحتفال بتذكار استشهادهم الذي كان في القرن الثاني الميلادي.

Butler, July 10.

فيليستياس الشهيدة

راجع: فيليستي Felicity الشهيدة والشهيدة بِرْبِتْوا.

فيليسِّيسيموس المعترف

كان رجلاً علمانيًا ومن أوائل المعترفين في قرطاجنة، وذلك في أثناء الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور ديسيوس Decius.

يعتبره بعض الدارسين الغربيين مثل بيد Bede من الشهداء.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 477.

فيليشيان الأسقف الشهيد

هو أسقف فولينو Foligno وأول من بشر في أمبريا Umbria. كان تلميذًا مخلصًا لأسقف روما إليوثيريوس Eleutherius الذي رسمه كاهنًا وكان الاسقف يرسله في بعض المهام الكرازية، ثم كصديق لفيكتور الأول Victor I أسقف روما رسمه أسقفًا على فولينو.

في الاضطهاد الذي أثاره ديسيوس Decius قُبِض عليه لرفضه تقديم القرابين للآلهة وعذّبوه وضربوه بالسياط. وأثناء حبسه في السجن كانت ترعاه وتهتم به سيدة اسمها ميسالينا Messalina التي بسبب إخلاصها له قُبِض عليها وعُذِّبت حتى الموت. ثم صدرت الأوامر بسفر القديس فيليشيان إلى روما لقتله هناك، ولكنه استشهد في الطريق على بعد ثلاثة أميال فقط من فولينو نتيجة للتعذيب الشديد والحبس، وكان ذلك في سنة 254م وكان له من العمر أربعة وتسعون عامًا، قضى منها ستة وخمسون في الأسقفية.

Butler, January 24.

فيليشيان وبريموس الشهيدان

أخوان من النبلاء الرومان، اعتنقا المسيحية ووهبا نفسيهما لأعمال الرحمة، خاصة زيارة المسيحيين المعترفين في السجون. وبالرغم من حماسهم إلا أنهما هربا من الاضطهاد لعدة سنوات، ولكن حوالي سنة 297م في أيام حكم الإمبراطورين دقلديانوس وماكسيميانوس قبض عليهما.

إذ رفضا أن يضحيا للأوثان سُجنا وضُربا بالسياط ثم أُرسِلا لمدينة نومنتام Nomentum، التي تبعد عن روما 12 ميلاً، وهناك قُدِما للمحاكمة أمام الحاكم بروموتاس Promotus، وعندما ظلا ثابتين قام بتعذيبهما مرة أخرى وأصدر حكمه بقطع رأسيهما.

بعد أن قطعوا رأس بريموس الذي كان له من العمر في ذلك الوقت ثمانين سنة، حاولوا أن يهزّوا ثبات فيليشيان بقولهم أن أخيه قد رضخ لهم وجحد المسيحية، ولكن القديس لم ينخدع بحيلتهم ونال إكليل الشهادة بفرح في نفس اليوم.

بُنيت كنيسة فوق مكان دفنهما، ولكن في سنة 640م قام ثيؤدور Theodore أسقف روما بنقل جسديهما إلى كنيسة أخرى، ويقال أنها كانت أول مرة يتم فيها نقل أجساد قديسين من كنيسة بنيت على أسمائهم خارج المدينة إلى أخرى داخل أسوار مدينة روما.

Butler, June 9.

فيليكيولا الشهيدة

فلاكوس يطلب الزواج من بترونيلّلا

ارتبط اسم الشهيدة فيليكيولا بالقديسة بترونيلّلا St. Petronilla. عاشت القديستان في روما نحو نهاية القرن الأول الميلادي.

تقدم أحد الأمراء ويدعى فلاكوس Flaccus إلى بترونيلّلا التي التف حولها كثير من العذارى، وكانت صديقتها فيليكيولا صديقتها الخاصة وكاتمة أسرارها. بحكمة طلبت منه مهلة ثلاثة أيام إذ خشيت أن ترفض فيرسل جنوده إلى البيت ويُسيئون إلى العذارى صاحباتها.

بعد انصراف الأمير صارحت بترونيلّلا صديقتها فيليكيولا بكل مخاوفها. تحدثت معها الأخيرة وطمأنتها أن يد الله حتمًا تتدخل لما فيه بنيان الكل. أما بترونيلّلا فكانت تبكي بمرارة وتصلي إلى الله أن ينقذها هي وأخواتها من هذه التجربة. في اليوم الثالث انتقلت بترونيلّلا فجأة إلى الفردوس. حزن الكل عليها، وإذ جاءت بعض النساء من قِبل الوالي لكي ترافقن بتونيلّلا إلى القصر، سمعت بخبر انتقالها المفاجئ فحزن جدًا وعُدن إلى الأمير يخبرن إيّاه بما حدث.

فلاكوس يطلب الزواج من فيليكيولا

لم يترك عدو الخير هؤلاء العذارى أن يعشن في سلام، إذ تقدم الأمير للزواج من فيليكيولا. أجابته أنها قد كرّست حياتها للرب وأنها تعيش عروسًا للسيد المسيح. عرض عليها الاختيار بين قبول الزواج منه أو الذبح للأوثان.

سجنها

وحين رفضت الاختيارين سلمها إلى أحد المسئولين الذي حبسها في سجن مظلم سبعة أيام بدون طعام أو شراب. ولما قدموا لها بعد ذلك طعام مما ذُبِح للأوثان رفضت أن تلمسه مفضلة الصوم، وهكذا صامت سبعة أيام أخرى. استدعاها الوالي ظانًّا أنها حتمًا ستكون منهكة القوة تمامًا تكاد تقترب من الموت، لكنه فوجئ بها أنها في نشاطٍ وقوة. أخذ يعدها بهبات جزيلة لكي تنكر إيمانها فرفضت بكل شجاعة.

أمام إصرارها عُذِّبت بشدة. أمر الوالي بجلدها حتى تهرأ لحمها، لكنها لم تغير فكرها. أمر الوالي بوضع خل في جراحاتها، وكان الرب يقويها ويرسل لها ملاكًا يسندها ويشفيها. أُلقيت في أحد مجاري المدينة فماتت مختنقة فيه، وهكذا نالت إكليل الاستشهاد. واستطاع أحد الكهنة واسمه نيقوميدس Nicomedes انتشال جسدها ودفنها.

وقد ادعت عدة كنائس في روما أنها تحوي جزء من رفاتها، إلا أنه غير معروف المكان الحقيقي الموجود فيه جسدها.

Butler, June 13.

فينسنت الشهيد1

كان شماسًا في مدينة جاسكوني Gascony، عاش حوالي نهاية القرن الثالث الميلادي. ويبدو أنه قد اعترض أحد الاحتفالات الوثنية، فقُبِض عليه في آجن Agen وأُحضِر أمام الحاكم. أمر الحاكم فألقوه ممددًا على الأرض وشُدَّت أطرافه وثُبِتت في الأرض بأربع أحجار ضخمة، وفي هذا الوضع جُلِد بشدة ثم قُطِعت رأسه ونال إكليل الشهادة.

في القرن السادس والسابع كان مدفنه مزارًا للكثيرين من كل أنحاء أوروبا.

Butler, June 9.

فينسنت الشهيد2

ثباتهما

سامه القديس فاليرياس Valerius أسقف ساراجوسا شماسًا له، وأرسله بالرغم من صغر سنه ليعظ ويرشد الشعب. وكان حاكم أسبانيا في ذلك الوقت واسمه داكيان Dacian رجلاً شريرًا.

حين أصدر الإمبراطوران دقلديانوس وماكسيميان المرسومين الثاني والثالث ضد المسيحيين في سنة 303م، قام داكيان بقتل ثماني عشر مسيحيًا في ساراجوسا كما اعتقل القديسان فاليرياس وفينسنت.

بعد فترة قصيرة أرسلهما إلى فالنسيا Valencia وهناك أرسلهما الحاكم إلى السجن حيث عانوا من الجوع الشديد والتعذيب والإهانة، واعتقد الحاكم أن هذه العذابات سوف تهز ثباتهما، ولكنه دهش عندما أحضروهما أمامه إذ رآهما ثابتين في فكريهما وجسديهما، مما جعله يعاقب حراسه على عدم قسوتهم معهما كما أمرهم، ثم أخذ يهدّد ويتوعّد حتى يجعل السجينين يضحيان للآلهة.

شجاعة فينسنت

صمتَ فاليرياس وأما فينسنت فقال له: "أبي إذا أمرتني بذلك فسوف أتكلم". أجاب فاليرياس: "يا ابني كما ألزمتك بنشر كلمة الله، فها أنا أطلب منك الآن أن تتكلم لتدافع عن إيماننا".

تكلم فينسنت مع الحاكم بكل شجاعة وثبات وأخبره بأنهما على استعداد أن يتحمّلا أي شيء من أجل الإله الحقيقي، فلن ينتبها لأي تهديد أو وعد منه لهما.

أمر داكيان بنفي فاليرياس وأما بالنسبة لفينسنت فقد أراد تغيير تصميمه بكل وسيلة شريرة وعنيفة، ويقول القديس أغسطينوس عن ذلك أن القديس فينسنت تحمل عذابات كثيرة لا يستطيع أحد احتمالها إلا إذا كان مسنودًا بقوة إلهية، وبالرغم من هذه الآلام فقد كان يحتفظ بهدوئه وسلامه مما أدهش مضطهديه، بينما كان الغضب والكدر الذي يشعر به الحاكم واضحًا في رجفة أطرافه ولمعان عينيه وعدم ثبات صوته.

تعذيب القديس فينسنت

علّقوا القديس على خشبة وأخذوا يقطعون لحمه بخطاطيف حديدية، فكان فينسنت يبتسم ويقول لهم أنهم ضعفاء وقلبهم ضعيف، وكلما ازداد عنف تعذيبهم كلما ازداد ثبات قلبه وسلامه الداخلي. وكان الحاكم حين يرى الدم يجري من جسده ويرى علامات التعذيب عليه يظن في نفسه أن شجاعة رجاله ستهزم القديس، ثم أمر بوقف التعذيب وقال لفينسنت أنه إن لم يقدم القرابين للآلهة فعلى الأقل فعليه بتقديم الكتب المقدسة ليحرقها حسب أوامر المرسوم الإمبراطوري، فأجابه القديس أنه لا يخشى هذه العذابات ولن يطيع أوامره. أثار هذا الرد غيظ داكيان فأمر بتعذيب القديس بأكثر وحشية وأمر بوضعه فوق سرير حديدي محمى بالنار، ومسحوا جراحه بالملح حتى يزيد من آلامه، ولكن اللهب - كما يقول القديس أغسطينوس - كما لو كان قد أعطاه حياة وشجاعة.

إيمان السجّان

ألقوه في زنزانة وتركوه ملقى على الأرض يعاني من جراحه ومدّوه على خشبة وشدّوا رجليه متباعدتين وتركوه بلا طعام حتى يهلك، ولكن الله أرسل له ملائكة لتعزيته. وإذ رأى السجّان من خلال القضبان نورًا يملأ السجن وفينسنت يمشي ويسبح الله آمن لوقته، وحين وصلت هذه الأخبار لداكيان بكى من الغيظ والغضب. ولكنه أمر ببعض الراحة للسجين، وعندئذ سمح للمؤمنين بزيارته فجاءوا لمداواة جروحه وكانوا يغمسون ملابسهم ومناديلهم في دمائه ليحتفظوا بها بركة لهم ولأولادهم من بعدهم، وأحضروا له سريرًا ليستريح عليه، ولكن الله أراحه إلى الأبد قبل أن ينام عليه، وكان استشهاده في سنة 304م.

حين علم داكيان بموته أمر بإلقاء جسمه في وسط المستنقعات، ولكن غراب حمى الجسد من الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة. ويقال أيضًا أن جسده وضع في شوال وأُلقي في البحر ولكن اثنين من المسيحيين وجداه وأخذاه إلى الشاطئ.

Butler, January 22.

فينيريوس الأسقف القديس

كان أحد شمامسة القديس إمبروسيوس أسقف ميلان، وقد صار أسقفًا للمدينة سنة 400م بعد نياحة القديس سيمبلشيان Simplician الذي خلف القديس إمبروسيوس في الأسقفية. لا نعرف عن سيرته سوى القليل، ومنها أنه كان من المتعاطفين بشدة مع القديس يوحنا ذهبي الفم أثناء معاناته، وحين اجتمع أساقفة أفريقيا في قرطاجنة سنة 401م أرسلوا له رسالة تأييد وتشجيع.

قد تنيح القديس فينيريوس سنة 409م.

Butler, May 4.

المحتويات

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

قاموس القديسين و الشخصيات حرف ق

قاموس القديسين و الشخصيات حرف غ

قاموس القديسين و الشخصيات حرف ف
قاموس القديسين و الشخصيات حرف ف

المحتويات